الرؤية الصوفيَّة للعالم والتأويل
د. عبد الصمد غازي
رئيس مركز الرصد والدراسات الاستشرافيَّة بالرابطة المحمديَّة للعلماء
ترنو هذه المداخلة إلى تناول الفكر الصوفي من زاوية ما أصبح يصطلح عليه في الأدبيات العربية بـ”رؤية العالم” وهي ترجمة للمصطلح الألماني weltanschauung؛ إذ تروم مثل هذه المقاربة الوقوف على اختبار مدى الاتساق في الفكر الصوفي، وقوته التفسيرية من خلال معرفة دعائمه المعرفية والوجودية والتأويلية.
مفهوم رؤية العالم
وجد مفهوم رؤية العالم في سياق النهضة الأوروبية عند المثاليين الألمان، ولم يعرف تحديدا في مضمونه، ولا توحيدا في ترجمته؛ لارتباطه بأسئلة المابعد post التي عرفها الفكر الغربي، حيث خضعت مقومات الفكر الحداثي للمراجعة والفحص والنقد والتشريح والتفكيك والتجاوز، ومن ثم تبلور المصطلح في تيارات فكر ما بعد الحداثة، وما بعد الكولونيالية وما تعلق بهما من إشكالات التعددية الثقافية، وفي علمي اجتماع المعرفة والنفس، وفي فلسفة الدين. ولم تقتصر أجرأة مفهوم رؤية العالم على العلوم الإنسانية، بل عرف إعمالا قويا بخصوص التصورات العلمية الجديدة.
ومما زاد مفهوم رؤية العالم غموضا أنه ورد في كل من موسوعة روتلدج لـ”تاريخ الفلسفة الغربية” وموسوعة “ستانفورد للفلسفة” في معرض تحليل التصورات الفلسفية والعلمية بشكل عام، وافتقدت الموسوعتان إلى تعريف شامل يخص مفهوم رؤية العالم نفسه([1]). بل وحتى الفلاسفة الذين اشتغلوا به قدموا تعاريف مختلفة زادته التباسا، منها تعريف كانط، وهيجل، وكيركيغارد، ودلتي، وهوسرل، وياسبرز، وهايدغر، وليو أبوستل، ويان فان دير فيغن([2]).
كما هاجر مصطلح رؤية العالم من موطنه الأصلي إلى مجالات جغرافية مختلفة، ومن ثم عرف جهودا كبيرة سعت إلى تقريبه وفق مجالاتها التداولية، وتكييفه بحسب انتماءاتها الهوياتية مادام مفهوم رؤية العالم نفسه يمنح الوسع الإبستيمولوجي للتعدد الحضاري. ويكاد يجمع الدارسون على أن أصل استخدام مصطلح رؤية العالم يرجع إلى “إيمانويل كانت” (1724-1804م)، والذي ورد عنده في أصله الألماني Weltanschuung([3])، وترجم إلى الإنجليزية، بـ: Worldview وإلى الفرنسية بـVision du monde. ثم توالى إعمال المصطلح عند المفكرين الألمان، فحصا وبحثا، وشرحا وتأثيلا ([4]).
ويعتبر الفيلسوف الألماني وليلهام دلثاي (1833-1911)، أبرز من اشتغل برؤية العالم، وأظهرها في عناوين كتبه ومقالاته. كما ظهر مفهوم رؤية العالم في سياق الأبحاث اللغوية التي اتجهت إلى التفكير في علاقة اللغة بالفكر وتشكيل اللغة لعالم المتكلم بها، مع الفيلسوف الألماني فريدريك فلهيلم فون همبولت (1767-1853)، والذي أنمت أبحاثه عن اتصال كبير بقضايا الإنسان ولغته([5]) وسلوكه وتربيته وتعليمه من خلال رؤية تؤمن بالتعدد والتنوع الإنساني([6])، فاعتُبر بذلك من رواد واضعي أسس تطوير العلوم الإنسانية. فالفكر تابع للغة، واللغات ليست مجرد وسائل لتمثيل الحقيقة المعروفة بشكل مسبق فقط، بل هي كذلك وسائل لاكتشاف الحقيقة المجهولة، فالتنوع اللغوي ليس تعددا للأصوات والعلامات بل هو تنوع لرؤى العالم([7]).
ولذلك يمكن رصد أجرأة مفهوم رؤية العالم في المجال الفكري الألماني قبل دلتاي، وتعلقه بهواجس الحفر في حقيقة التصورات والسلوكات الإنسانية من خلال علاقتها باللغة، فكلما كان البحث إلى شؤون الإنسان أقرب، كلما بدت معالم نحت مفاهيم تسعى إلى الإحاطة بالخريطة الإدراكية للإنسان أجدى وأنفع، وليس مفهوم رؤية العالم إلا إحدى تجلياتها الكبرى. ومن ثم نجد الإيمان بالتعدد المعرفي والتصوري للوجود من خلال اللغة التي يسكنها الإنسان وتسكنه، فلا معنى لمقاربة علموية تتعامل مع الحياة الإنسانية بجمود؛ إذ ما يتقرر قانونا عاما كما هو الحال في الطبيعيات، سرعان ما يكذبه الواقع المتغير للإنسانيات.
ارتبط مفهوم رؤية العالم بمجالات التفكير في الأسس التي تميز الإنسان في منظومة الوجود، والبحث في طبيعة معرفته وإدراكه وطريقة تشكيل تصوراته واعتقاداته ونظرته للواقع، وعلاقة كل ذلك بالسؤال الكبير حول المغزى والمقصد من الوجود، والذي يتجاوز الحدود الحسية إلى آفاق المعنى، فكان المصطلح بذلك شديد التعلق بعلوم الفهم والتاريخ والتأويل وكيفيات تشكيل المعنى الإنساني، قبل أن ينتقل إلى ميادين العلوم الطبيعية والحقة.
ومن ثم فرؤية العالم هي التصورات القبلية التي بها يُنظر إلى الوجود ويتم من خلالها النظر والعمل، أو هي الإطار الشامل للمعتقدات الأساسية حول عناصر الوجود كلها: عن الله، والعالم، والإنسان، والتاريخ، والموت، وغير ذلك من التفاصيل الحياتية التي يمتزج فيها الشعوري بالعقلاني ويكون بمثابة المعنى والقيمة التي بها يحيا الإنسان.
فرؤية العالم، (رؤية للحياة) تقوم على معتقدات نهائية تحدد اتجاه ومعنى الحياة. وهي التي تعطي تماسكا يمكن الأفراد من العيش داخل المجتمع، إنها روابط ليست بالضرورة مدونة، بل هي نتاج تراكم كبير للخبرة الإنسانية يمكن للدارس أن يمسك بخيوطها ويحفر في ترسباتها الموغلة في الوعي واللاوعي. فرؤية العالم ليست نظرية نسقية كالفلسفة، أو اعتقادا كلاميا متأولا للدين، بل هي أشمل من ذلك؛ إذ تتفاعل فيها عناصر التاريخ والجغرافيا وجماع الخبرة الحياتية، وبالتالي فإطار المعتقدات الأساسية يمكن تحليله نظريا، وليس هو في حد ذاته نظرية.
وبالتالي لا مناص من امتلاك الإنسان لرؤية للعالم؛ إذ يذهب ريشر إلى أن قوته تكمن في قدرته على اكتساب معارف عن العالم وفي استخدام تلك المعارف([8])، فالإنسان بسعيه الدائم لتلبية حاجاته النفسية والاجتماعية يشكل ويطور رؤيته للعالم. فجل الأبحاث الاجتماعية تقرر أن مشاعر فقدان الأمان والثقة تكون شديدة الأثر لدى الأشخاص الأقل اعتقاداً برؤية دينية أو فلسفية للعالم([9]).
وهكذا فمفهوم رؤية العالم يمكن اعتباره مفهوما بنيويا يتأسس على الاعتقاد بمفهومه العام، لتتفرع عنه بنيات مفاهيمية “تتركب بشكل أساسي من الكيفية التي ندرك بها العالم، سواء كانت دينية أو فلسفية أو علمية؛ ومن العناصر الأساسية في هذه البنية المفاهيمية مفهوما المعنى والغرض، فرؤية العالم هي مفهوم إنساني؛ ولذلك إذا لم يحمل هذا المفهوم كشفا أو إيضاحا للمعنى والغرض من “العالم” فلن يكون له معنى بالنسبة إلى الإنسان([10])“.
تعبر رؤية العالم عن “الشبكة” التصورية للتفكير والاعتقاد؛ إذ هي مجموعة من المعتقدات النهائية عن الله، والإنسان، والعالم، إنها “رؤية للحياة” في إطار مجموعة من اليقينيات الأساسية التي تمنح المعنى وتحدد الاتجاه، وانطلاقا من هذا المفهوم البنيوي لرؤية العالم، سوف نحاول إبراز الرؤية الصوفية للعالم باعتبارها بنية جزئية داخل الرؤية الكلية الإسلامية، وعلاقتها بالتأويل باعتباره صيرورة فهمية وتفهيمية لا تنفصل عن محددات رؤية الوجود التي تؤطره.
الرؤية الصوفية للعالم والتأويل
تقوم الرؤية الصوفية للعالم أو الوجود على تصور يصنف الوجود إلى ثلاثة موجودات، هي القرآن والعالم والإنسان، فالقرآن عالم متلو، والعالم موجود منظور، والإنسان عالم أصغر انطوى فيه العالم الأكبر؛ إذ تتميز هذه الموجودات بخاصية التناظر، حيث إن كلا منها صورة للآخر حسب صيغته الخاصة، كما أن كلا منها خطاب إلهي، والمقصود بهذا الخطاب هو الإنسان؛ على اعتبار أن له خصوصيتين: أولاهما؛ أنه الكلمة الإلهية الجامعة لمعاني الخطابين الآخرين (العالم والقرآن)، وثانيتهما؛ أنه مزود باستعداد خاص لتحصيل معاني هذين الخطابين، ثم توصيل هذه المعاني إلى غيره([11])، فكل الموجودات أو العوالم في الرؤية الصوفية ناطقة بأسلوبها الخاص الذي يُمَكِّن الإنسان من أن يصيخ بالسمع إليها ويشهدها ببصره وبصيرته؛ لأنه الجامع بين وظيفتي التحصيل والتوصيل.
إن القرآن وحي إلهي تنزل بلغة الإنسان لكي يستطيع فهم معانيه ويدرك مقاصده، فهو “برزخ بين الحق والإنسان”، ولذلك فالإنسان عند الصوفية مهيأ بالفطرة لتلقي الرسالة الإلهية وفهم الخطاب الإلهي، فالقرآن في الرؤية الصوفية جامع للوجود، ويرمز إلى حقائق الإنسان والعالم. فهو كلمات الله المرقومة التي توازي الموجودين وتناظرهما، وهو ذو جهتين مثل الإنسان والعالم: جهة باطنة كلياً وهي جمعيَّته من حيث هو قرآن تنزَّل على قلب النبي، صلى الله عليه وسلم، وجهة ظاهرة من حيث هو كتاب متلو باللسان، ومنطق هذا التناظر بين الموجودات الثلاثة ينعكس على فهم الصوفية للوجود برمته وطبيعة تأويلهم للقرآن؛ إذ الصوفي أو العارف أو الإنسان الكامل يقرأ في القرآن الوجود بأسره، كما يقرأ فيه نفسه ومعارفه. إذ الوجود كلمات الله، والعارف، أو الإنسان الكامل، هو كلمة الله الجامعة([12]).
والعالم باعتباره موجودا يندرج عند الصوفية ضمن ما يصطلحون عليه بالسوى، أو ما سوى الله، فهو حديث الظهور، وله كذلك ظاهر من خلال صوره في الأعيان الظاهرة، وباطن من خلال معاني الألوهية الباطنة فيها، فهو “كلمات الله” التي لا تنفد، ومن ثم فالعالم عند الصوفية مصحف كبير يحتوي حروفا مرقومة في رق الوجود المنشور، ولا تزال الكتابة فيه دائما أبدا لا تنتهي، وليست تلك الكلمات مرقومة لذاتها، وإنما هي رسائل موجهة إلى الإنسان([13]) الذي يعتبر في الرؤية الصوفية “كلمة” إلهية من كلمات العالم، ولكنه يناظره من جهة ويمتاز عليه من جهة ثانية؛ فمناظرته للعالم تتجلى في أنه نسخة صغرى من حيث يجتمع في الإنسان (وهو عالم أصغر) ما تفرق في العالم الأكبر من الملك والملكوت، الشهادة والغيب، الظاهر والباطن، فعالم الملك يناظر جسمانية الإنسان، وعالم الملكوت يناظر روحانيته، فيعتبر الإنسان إذن مجموع العالم الذي هو تفصيل للإنسان، ومن ثم كان لهذا الإنسان جميع المراتب؛ لأن فيه قوة كل موجود في العالم([14])، فهو الجامع بين الحقائق الإلهية وبين حقائق العالم، يقول ابن عطاء الله السكندري: “جعلك في العالم المتوسط بين ملكه وملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته([15]).”
وتأويل العالم سواء كان هذا العالم مسطورا أو منظورا يتم من خلال إلحاقه بالموجد جل وعلا، شهودا وعيانا، وليس تخمينا وتخيلا، من أجل الاقتراب من حقيقته والرجوع إلى أصل معناه. يقول عبد الكريم الجيلي: “فما ثم شيء من الموجودات إلا وهو حي؛ لأن وجوده عين حياته، وما الفرق إلا أن يكون تاما أو غير تام، بل ما تم إلا من حياته تامة؛ لأنه على القدر الذي تستحقه مرتبته، فلو نقص أو زاد لعدمت تلك المرتبة، فما في الوجود إلا من هو حي بحياة تامة، ولأن الحياة عين واحدة، فلا سبيل إلى نقص فيها، ولا إلى انقسام لاستحالة تجزئ الجوهر الفرد..
فالحياة جوهر فرد موجود بكامله لنفسه في كل شيء، فمشيئة الشيء هي حياته، وهو حياة الله التي قامت الأشياء بها، وذلك هو تسبيحها له من حيث اسمه الحي؛ لأن كل شيء في الوجود يسبح الحق من حيث كل اسم، فتسبيح الموجودات لله من حيث اسمه الحي هو عين وجودها بحياته، وتسبيحها له من حيث اسمه العليم هو دخولها تحت علمه، وقولها له: يا عالم هو كونها أعطته العلم من نفسها بأن حكم عليها أنها كذا وكذا. وتسبيحها له من حيث اسمه القدير هو دخولها تحت قدرته، وتسبيحها من حيث اسمه المريد هو تخصيصها بإرادته على ما هي عليه، وتسبيحها من حيث اسمه السميع هو إسماعها له إياه كلامها وهو ما تستحقه حقائقها بطريق الحال، لكنه فيما بينها وبين الله بطريق المقال، وتسبيحها له من حيث اسمه البصير هي كونها تحت بصره مما تستحقه حقيقتها، وتسبيحها له من حيث اسمه المتكلم هي كونها موجودة عن كلمته.
وقس على ذلك باقي الأسماء: فإذا علمت ذلك فاعلم أن حياتها محدثة بالنسبة إليها قديمة بالنسبة إلى الله؛ لأنها حياته، وحياته صفته وصفته ملحقة به، ومتى أردت أن تتعقل ذلك فانظر إلى حياتك وتقييدها بك فإنك لا تجد إلا روحا مختصا بك وذلك هو الروح المحدث، ومتى رفعت النظر عن حياتك من حيث اختصاصها بك وذقت من حيث الشهود أن كل حي في حياته كما أنت فيها وشهدت سريان تلك الحياة في جميع الموجودات علمت أنها الحياة الحق لله التي قام بها العالم، وتلك هي الحياة القديمة الإلهية فافهم…([16])“.
أما عن علاقة التأويل الصوفي برؤية الصوفية للعالم فسوف نقتصر في بيانه على نموذج ابن عربي الحاتمي صاحب الموسوعة الصوفية الكبرى، الفتوحات المكية، التي جمعت علوم الصوفية ومعارفهم واصطلاحهم ولخصت مناهجهم التأويلية.
وقبل ذلك نشير إلى أن التأويل في اللغة (من ﻤﺎﺩﺓ ﺃﻭل)، ويعني ﺍﻟﺭﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸيء، جاء في ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ: “ﺃﻭل الكلام ﻭﺘﺄﻭﻟﻪ: ﺩﺒﺭﻩ ﻭﻗﺩﺭﻩ… ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﺒﺎﻟﺘﺄﻭﻴل، ﻨﻘل ﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﻠﻔﻅ ﻋﻥ ﻭﻀﻌﻪ ﺍلأﺼﻠﻲ، ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺩﻟﻴل ﻟﻭﻻﻩ ﻤﺎ ﺘﺭﻙ ﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﻠﻔظ([17])”.
ﻭﻴﻌﻨﻲ في التأويليات المعاصرة: “ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ ﺒﺎﻟﺭﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻅﺎﻫر([18])”، والقصد من الجهد ﺍﻟﺘﺄﻭﻴلي الوصول إلى الفهم الناجح كما اصطلح عليه غادامير، وهو المعنى الكامل ﺍﻟﻤﺘﺭﺍﺒﻁ ﻤﻊ البنية ﺍﻟكلية ﺍﻟﻅﺎﻫﺭة، وهو فعل تتداخل فيه عوامل متعددة “يتكيف ﻓﻴﻬﺎ كل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻀﺭ… ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬﻡ نكوﻥ ﻓﻌﻼﹰ ﺠﺯﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ، ﻭﻤﻭﻀﻭﻋﺎﹰ ﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻩ ﺍﻟﺫﻱ يكشف ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ﻷﻋﻴﻨﻨﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠي([19])”.
ﻭبالرغم من ذلك لا يستوفي العمل التأويلي مداه الكامل؛ لأنه يبقى عاجزا عن الدخول في النص باعتباره عالما يعبر عن رؤية ذات حية في الماضي بالوقوف على كلماته المرقومة، ولذلك لا يمكن لأي تأويل للنص “ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩ بناء ﺃﺤﺠﺎﺭﻩ كما ﺭﺼﻔﺘﻬﺎ ﺃﺤﺩﺍﺜﻪ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ فكل ﺘﺄﻭﻴل ﻫﻭ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﻭل ﻭﺍﻟﻨص([20])”. فإذا كانت هذه العوائق التأويلية بالنسبة للنص البشري، فكيف يمكن التخلص منها بالنسبة للكلام الإلهي؟
هكذا تتبدى العملية التأويلية عند الصوفية ومن خلال “تنظير” ابن عربي تخليا عن ما تراكم وترسب من فهوم لتبدأ عملية الفهم عن الله من خلال الكشف عن مراده من كلامه، وليس البحث عن “مراد” المؤول غير المؤهل لدخول عوالم الكلام الإلهي المندرج ضمن رؤية وجودية ومعرفية شاملة تتطلب التأهيل الروحي، وتشغيل عدة منهجية من طبيعة أخرى يعتبر الكشف والبصيرة دعامتها الكبرى([21]).
لقد ارتبط التأويل عند ابن عربي بتلك الرؤية الصوفية للعالم بالمفهوم الواسع، والتي تشمل الموجودات باعتبارها عوالم متناظرة من بينها الإنسان الذي هو محل للظهور أو التعين أو التقييد للأسماء الإلهية. فكل موجود في العالم إنما يظهر بتقيد وتعين الأسماء فيه، ومن ثم فحقيقة التأويل عند الشيخ الأكبر هي الفهم باعتباره قدرة إدراكية للحقيقة في كليتها، ولا يتصدى إليه إلا الخواص من الأفراد، المكاشَفون بالحقائق، المقصودون بنص الآية القرآنية بالراسخين بالعلم، يقول عز وجل: “هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (آل عمران: 7)؛ إذ يذهب ابن عربي في تفسير الراسخين في العلم إلى أنها معطوفة على الله، ليشترك الراسخون والحق جل وعلا في العلم بالتأويل الصحيح: “يعلمون تأويله”. فالراسخون في العلم يريدون الوقوف على المراد الإلهي من كلامه تعالى، مما يفتح تعددية في الفهم لا نهائية، حيث أنها “لا تشبه احتمالات أهل التأويل العقلي الذين يقولون، ربما هذا المراد الإلهي وربما هذا، بل احتمالات يفتحها النص ذاته دون إسقاط مقولاتنا عليه.
يقول ابن عربي إن من يقرأ أية آية من القرآن ويفهمها الفهم ذاته مرتين فهو لم يفهم القرآن أبدا، إن كل قراءة تقتضي فهما جديدا، وبالتالي فإن فهم الحقيقة بوصف هذا الفهم هو إدراك لوحدة المتناقضات، لوحدة التعين واللاتعين، أمر لا يمكن قوله مرة واحدة ولا الكشف عنه في تجربة واحدة([22])”. ومثل هذا العمل التأويلي الباحث عن مراد الله، والفهم عنه، جل وعلا، مرتبط بمفهوم آخر هو التدبر، “التدبر من الله هو عين التفكر في المفكرين منا، فالتدبر يميز العالم بعضه عن بعض ومن الله، وبالتفكر عرف العالم ذلك، ودليله الذي فكر فيه هو عين ما شاهده في نفسه ومن غيره… إن التدبر مثل الفكر تدبير بلا نظر فأخلص الفكر”. حيث يجب معرفة الوحدة في الاختلاف والكثرة، ذلك أن معرفة العالم على التفصيل، ثم معرفة دلالته، هو معرفة وحدة المفاهيم المتقابلة.
فالتدبر فعل تمييزي بين الأشياء بعضها عن بعض، كما هو فعل تفكري يشمل النص والعالم مادام القصد النهائي هو الفهم، فكل شيء في العالم هو دلالة على الحق والخلق الإنساني، من خلال إدراك التفصيل وفهم دلالاته، “ومن أجل أن يكون هذا التدبر طريقا صحيحا نحو الحقيقة، فإنه يجب الاعتقاد بأن أوضح دلالة للشيء هي دلالته على نفسه، والعالم والنص لا يخرجان عن كونهما أدلة على الله، ومن أجل ذلك قال: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ﴾، حتى يتبين لهم أن ذلك المرئي هو الحق.
وعلى هذا الأساس يكون الفرق بين فهم لغة النص وفهم حقيقته، فشتان بين من كان طلبه لغويا، وبين من كان قصده معرفة المراد الإلهي من النص، وهذا هو عين الفهم. يقول ابن عربي: “واتقوا الله يعلمكم، معناه أن يفهمكم الله معاني القرآن، فتعلموا مقاصد المتكلم به؛ لأن فهم كلام المتكلم ما هو بأن يعلم وجوه ما تتضمن تلك الكلمة بطريق الحصر مما تحوي عليه مما تواطأ عليه أهل ذلك اللسان، وإنما الفهم ما قصده المتكلم بذلك الكلام، هل قصد جميع الوجوه التي يتضمنها ذلك الكلام أو بعضها، فينبغي لك أن تفرق بين الفهم للكلام أو الفهم عن المتكلم، وهو المطلوب([23])”.
فالتأويل فهم وتدبر في العالم وفي النص، ولا يتجنى على الدلالة الحقيقية للاسم أو للشيء، فلابد من معرفة دلالات الأسماء الواردة في النص، إذا كان النص مقصودا من أجل الظفر بالمعنى المراد، كما يجب معرفة دلالات الكثرة الحقيقية على الوحدة، “وكذلك الآيات التي فيها النظر… مثل قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾، ومثل قوله: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وكذلك ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾، وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾، وكذلك آيات التدبر من هذا الباب، مثل قوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ﴾، واجعل بالك إذا ذكر الله شيئا من ذلك بأي اسم ذكره، لا تتعدى التفكر فيه من حيث ذلك الاسم إذا أردت الإصابة للمعنى المقصود لله([24])”.
إن المراد الإلهي باعتباره الحقيقة المطلوبة لا يتوسل إليها بالعقل بقدر ما هي محكومة بالفهم، يقول صاحب الفتوحات: “والتأويل عبارة عما يؤول إليه ذلك الحديث الذي حدث عنده في خياله، (…) فهو ينقله من خيال إلى خيال؛ لأن السامع يتخيله على قدر فهمه، فقد يطابق الخيال الخيال، خيال السامع مع خيال المتكلم، وقد لا يطابق، فإذا طابق سُمي فهما وإن لم يطابق فليس بفهم([25])”. و”من موقع الفهم الذي يعتقد الشيخ أن عليه أن يطابق مراد المتكلم، ينتقد العقل وأدلته، ويبدي خصومته مع التفكير العقلي إذا تجاوز حدوده الخاصة في معرفة الحقيقة؛
ذلك أن محاولة البرهنة على وجود الله بالعقل هي محاولة لجعل الله مطابقا لحدود العقل الإنساني، وهو أمر بالنسبة للشيخ فيه الكثير من التجديف والإشراك. إننا نعرف الحق من خلال كشفه لنا عن نفسه فقط، لأننا بدون ذلك سنرغمه على أن يطابق مقولاتنا التي هي أقل حقيقية. فالمسألة بالنسبة لابن عربي هي أن الحق ليس غامضا بذاته ولا مجهولا، ولكن طريقتنا في فهمه هي الغامضة، بمعنى أننا نحن من يغطي الله ويحجبه بمقولاتنا وفرضياتنا غير المختبرة والتي نعتقد أنها يقينية([26]).
فالعالم والإنسان هما موطن أحكام وآثار الصفات الإلهية، هما المواضع التي تتعين بها الصفات وتنتقل بذلك من كونها معقولة وكلية إلى وضعية التقيد في الأشياء مع بقائها كلية، فقبول النص على ظاهره من غير تأويل هو مدخل لا غنى عنه لفهم الله فهما حقيقيا، ذلك أن قبولنا لظاهر النص يعني أننا ندرك أن الموجودات في العالم هي مظاهر إلهية، وأن الإنسان هو أكثر المحال الذي تجتمع فيه أسماء الله.
رؤية ابن عربي للعالم، إذن، تقوم على الإيمان بالظاهر والباطن معا، وتعطي للإنسان مكانته الكونية.
تقوم تأويلية الشيخ الأكبر ابن عربي على الجمع بين الظاهر والباطن في فهمها وتدبرها للقٍرآن، بدون ترجيح وجه الظاهر على الآخر الباطني والعكس وبالعكس في تجاوز تام للجمود الظاهري والإغراق الباطني، فالظاهر والباطن اسمين من أسماء الله تعالى.
ليس القرآن إلا وجود يتم تأويله معرفيا ووجوديا تبعا لخصيصة التناظر القائمة بينه وبين الموجودات الأخرى؛ فالأصل الإلهي والإيجادي لها واحد، فالقرآن كلمات مسطورة من خلال الحروف والآيات، والوجود كلمات منظورة من خلال الأشياء والممكنات.
ومن ثم فإن “القرآن من حيث ما هو كلام الله تعالى، لا من حيث ما تدل عليه الآيات من الأخبار والأحكام([27])” مما ينعكس على اللغة الواصفة للكلام الإلهي والتي تتماهى مع قواعده وقوانينه دون الجمود عند حدود الوضع والاصطلاح؛ بمعنى أن لغة الكلام الإلهي هي الأصل التي يعود إليها الاجتهاد اللغوي البشري.
وعليه فلا فصل بين اللفظ والمعنى لَمَّا كان الحق هو الظاهر والباطن، ولا عبرة بمعنى لا يقوم الحرف دليلا عليه، يقول ميشال شودكفيتش: “يمكننا أن نعتبر عمل ابن عربي، بدون أي تعسف، أنه بأكمله تعليق قرآني. وهو عمل يكشف عن منهج في التأويل لا يبحث عن ما وراء الحرف خارج الحرف، وإنما يبحث عنه في الحرف نفسه([28])”.
فالقرآن الكريم يعلم من وجوه أربعة، وهي الظاهر والباطن والحد والمطلع، يقول ابن عربي: “ما من شيء إلا وله ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر منه ما أعطتك صورته، والباطن ما أعطاك ما يمسك عليه الصورة، والحد ما يميزه عن غيره، والمطلع منه ما يعطيك الوصول إليه، إذا كنت تكشف به، وكل ما لا تكشف به فما وصلت إلى مطلعه”، وقال: “لا فرق بين هذه الأمور الأربعة لكل شيء وبين الأربعة الأسماء الإلهية الجامعة. الاسم الظاهر وهو ما أعطاه الدليل، والباطن وهو ما أعطاه الشرع، والأول بالوجود والآخر بالعلم([29])”.
فابن عربي يطرح منهجية معرفية وجودية تعتمد الدعامات الأربع لقراءة الوجود بموجوداته الثلاث: الوجود، والقرآن، والإنسان. فظاهر الوجود والقرآن والإنسان، هو عالم الملك والشهادة، وصورة الإنسان الحسية، والكلام الصورة. أما الباطن فهو الأرواح المدبرة للصور الحسية في الوجود، وهي أرواح تأتي من عالم الغيب والملكوت، كما أن الباطن هو الكلام الماهية. أما الحد فهو ما به يتميز الوجود عن الموجود، وما يتميز به الإنسان عن باقي المخلوقات. إن الحد هو الأعراف الذي هو سور فاصل بين الجنة والنار، وبين السعادة والشقاء. وهو عالم البرزخ والجبروت. الحد هو أيضا الضابط لحضرة العزة وهي حضرة تحول دون وحدة الوجود التي تذوب فيها كل الأطراف. فالحد مانع وحاجز يحول دون الانصهار والذوبان.
يقول ابن عربي عن الاسم العزيز وحضرة العزة: “والضابط لهذه الحضرة الحد المقوم لذات كل شيء محدود، لكنه من المحدود ما يعلم حده وما لا يعلم حده. فكل شيء لا يكون عين الشيء الآخر كان ما كان، فذلك المانع أن يكون عينه هو المسمى عزا وعزة. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل([30])”. أما المطلع، فيشير إلى الغاية في الوجود، وفي الإنسان، وهي التخلق بالأسماء الإلهية والتعلق بها والتحقق بها أيضا، ولذلك كان المطلع هو عالم الأسماء الإلهية.
إن البحث في رؤية العالم لمجتمع أو فكر معين هو سعي نحو اكتشاف التصورات التي تخص نظرته للذات والأشياء والطبيعة والقصد من الوجود الإنساني والتاريخ وتأويله لمعنى ذلك كله.
والتصوف فكر إسلامي استطاع أن يبلور رؤية للعالم تشمل عالمي الغيب والشهادة، مبرزا مكانة الإنسان ومرتبته الوجودية، متوسلا في ذلك بمنهج تدبري اقتدر به على بناء تأويل لآي القرآن الكريم باعتباره أصل الحقائق الجامعة مما هو في حاجة إلى مزيد بيان بحول الله تعالى.
الهوامش
[1]. يسجل غياب مفهوم رؤية العالم كذلك عند ديفيد كوبر في موسوعته فلسفات العالم: مقدمة تاريخية
.David Cooper, World Philosophies: An Historical Introduction (OxFord: Blackwell, 1996)
[2]. خصص ديفيد نوغل دراسة طويلة ومستقلة لمفهوم رؤية العالم، وقدم تاريخا مفصلا لنشوء المصطلح وتطوره التاريخي في مختلف البيئات العلمية والجغرافية تتبع فيها حضوره في مختلف العلوم، ولو أن بحثه الهام كان بهواجس تأسيس رؤية مسيحية للعالم فإن الكتاب يعتبر دراسة قيمة أحاطت بالجوانب المختلفة لرؤية العالم.
David Naugle ,Worldview: The History of a Concept (Grand Rapids, Mich.: Eerdman’s, 2002).
[3]. إمانويل كانت، نقد الحكم. ديتزنغن، ريكالم 1790. الجزء الأول، الكتاب الثاني، الفقرة 26.
.[4] David Naugle ,Worldview: The History of a Concept, op.cit.
[5]. يعتبر همبولد أساس التفكير الذي اشتهر بـ«ﻓﺮﺿﻴﺔ وورف» Whorf hypothisis، وﻗﺪ أﺧﺬت اﺳﻤﻬﺎ ﻣﻦ اﺳﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮﻳﻬﺎ ﻗﻮة، وقد تأثر همبولدت كما يقول الدارسون بهـﻴﺮدر Herder، وتعتبر هذه النظرية أساس تفكير ﺳـﺎﺑﻴﺮ أﺳﺘﺎذ وورف ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، وﺗﺮى ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ أن اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ وﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻟﻐﺎت وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ، يجب أن ﻧﺴﻠﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﺰﺋﻴﺎ، أو ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻢ ﻓﻬﻤﺖ وﺑﻨﻴﺖ، ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷوروﺑﻲ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ المعتاد ﻟﻠﻤﻴﺮاث اﻷوروﺑي اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ، وأن ﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪﻳﺔ. انظر: ر. ﻫ. روﺑﻨﺰ، ﻣﻮﺟﺰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ (ﻓﻲ اﻟﻐﺮب)، ﺗﺮﺟﻤﺔ: أﺣﻤﺪ ﻋﻮض، سلسلة عالم العرفة، ط3، 1997، ص134-135.
.[6] Gerd Hohendorf, “Wilhelm von Humboldt, 1767-1835”, Perspectives: revue trimestrielle d’éducation comparée (Paris, UNESCO: Bureau international d’éducation), vol. XXIII, n° 3-4, 1993, p: 685-696.
[7]. Chabrolle-Cerretini, Anne-Marie, La vision du monde de Wilhelm von Humboldt: Histoire d’un concept linguistique , ENS Editions,2007, p:69.
[8]. ريشر، التفكير الفلسفي، دراسة في منهجية الفلسفة، بلاكويل، 2001، ص6-10.
[9]. إلشاردوس، Wantrouwen en Onbehagen، بروكسل، VUB Press، 1998.
[10]. سمير أبوزيد، العلم والنظرة العربية إلى العالم، مركز دراسات الوحدة العربية، ط:1، 2009، وقد تناول بالتفصيل مفهوم رؤية العالم وعالج مشكلة العلوم في الثقافة العربية، وقدم اجتهادات رائدة في هذا المجال تأثيلا وتجديدا، وقد حصل به على جائزة أهم كتاب عربي.
[11]. محمد المصطفى عزام، المصطلح الصوفي بين التجربة والتأويل، ط1، 2000، ص21.
[12]. انظر تفصيل ذلك في: نصر حامد أبو زيد، فلسفة التأويل، دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي، بيروت: دار التنوير، 1993.
[13]. محمد المصطفى عزام، المصطلح الصوفي بين التجربة والتأويل، م، س، ص: 23.
[14]. المرجع نفسه، ص27.
[15]. أحمد بن عجيبة الحسني، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، مصر: مطبعة البابي الحلبي، ط3، 1982م، ص417.
[16]. عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، تحقيق أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، بيروت: دار الكتب العلمية/ لبنان، ط 1997، ص79.
[17]. ﺍﺒﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ، ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ، مادة: أول.
[18]. ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ، ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭﺍلأﻟﻔﺎﻅ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ، تونس: ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ، ص126.
[19]. ﺭﻭﺩﻴﺠﺭ ﺒﻭﺒﻨﺭ، ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍلأﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ، ﺘﺭﺠﻤﺔ: ﻓﻭﺍﺩ ﻜﺎﻤل، بغداد: ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻭﺅﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، 1987، ﺹ86.
[20]. ﻤﻁﺎﻉ ﺼﻔﺩﻱ، إستراتيجية ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ، بيروت: ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﻤركز ﺍﻹﻨﻤاء ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ، 1986، ﺹ293.
[21]. فطريق الكشف هو المنهج التي تدرك به حقائق التوحيد في الرؤية الصوفية، ولذلك ينبغي التعامل معها في شموليتها “النسقية” بدون اجتزاء عنصر من عناصرها؛ لأن في ذلك خللا منهجيا وعلميا بان عواره في كثير من المقاربات القديمة والحديثة، ولذلك صرح الجيلي: “وقد وجدنا في ما أعطانا الكشف جميع ذلك فإيماننا اليوم بالغيب إيمان تحقيق لا إيمان تقليد، ولا غيب عندنا إلا من حيث نسبة الموطن، وإلا فغيبنا هو شهادتنا، وشهادتنا هو غيبنا… فافهم وتأمل ترشد إن شاء الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل…”. عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، م، س، ص80.
[22]. عبد الحكيم أجهر، سؤال العالم، المركز الثقافي العربي، ط1، ص282.
[23]. الفتوحات المكية، دمشق: دار الفكر، د. ت، ج3، ص128.
[24]. المرجع نفسه، ج 2، ص230.
[25]. المرجع نفسه، ج3، ص454.
[26]. سؤال العالم، م، س، ص272.
[27]. ابن عربي، العبادلة، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، القاهرة، ط1، 1969.
[28]. شودكفيتش، بحر بلا ساحل، ص45.
[29].ابن عربي، الفتوحات المكية، ج4، الباب 559، ص411.
[30]. المرجع نفسه، الباب 558، ص207.
*نقلًا عن موقع ” الرابطة المحمدية للعلماء ” في المملكة المغربية.
________________________________________