النّقد الداخلي للاستشراق من خلال النظريَّات الغربيَّة في جمع القرآن الكريم
د.محمد حسن زماني - د. حيدر الساعدي
النّقد الداخلي للاستشراق من خلال النظريَّات الغربيَّة في جمع القرآن الكريم
د.محمد حسن زماني – د. حيدر الساعدي
ملخّص:
من المميّزات المهمّة في المدرسة الاستشراقيّة الألمانيّة هي ميزة النّقد الدّاخليّ للنظريّات التي قدّمها المستشرقون في مجال الدّراسات القرآنيّة، وعلى الرّغم من أهميّة هذا الجانب لم نرَ من ركّز عليه في الدّراسات الاستشراقيّة. ويمكن للمتابع للدراسات الألمانيّة حول القرآن الكريم -وبخاصّة المعاصرة- أن يلمس أشكالًا مختلفةً من النّقد الدّاخلي للاستشراق، ومن ضمن الأبحاث التي ركّزت عليها الدّراسات القرآنيّة في ألمانيا وظهرت فيها ميزة النّقد الدّاخلي هو موضوع جمع القرآن، إذ يُعتبر البحث في هذا الموضوع ممّا امتاز بطرقه الاستشراق الألماني، وقدّم وجهات نظر متعدّدة فيه، على مستوى إنتاج النظريّات من جانب ونقد النظريّات الأخرى من جانب آخر.
وبعد التّمحيص فيما أوردته المدرسة الألمانيّة في جمع القرآن يتبيّن عدم اطّلاع الباحثين الغربيّين على التراث الشيعي بشكل عام وما قدّمه الشيعة في التراث القرآني بشكلٍ خاصّ. الأمر الذي يشكّل نقطة فراغ في أعمال المستشرقين العلميّة.
المقدّمة:
يحاول هذا المقال عرض النظريّات المعتمدة في الدّراسات الغربيّة فيما يتعلّق بتاريخ جمع القرآن الكريم، وتسليط الضوء على ما قدمّته المدرسة الألمانيّة من نقد وطريقة تعاملها معها. ونهدف من ذلك بيان ميزة النّقد الداخلي للاستشراق في المدرسة الاستشراقيّة الألمانيّة في الدّراسات القرآنيّة. وهذا جانب مهمّ تفتقر إليه الجهود التي قدّمتها المكتبة العربيّة والإسلاميّة، على أنَّه عاملٌ مهمّ في نقد الدراسات الاستشراقيّة حول القرآن الكريم وبخاصّة المعاصرة منها. وبذلك يكون منطلق نقدنا لما قدّمه الاستشراق بشكلٍ عام ليس إسلاميًّا أو شرقيًّا فقط، بل مطعّم برؤى نقديّة استشراقيّة أيضًا، فهناك من المستشرقين من ينطلق من منطلقات غير منطلقاتنا الفكريّة لكنَّه يصل إلى نتائج في البحث العلمي أو النقد تقترب من نتائجنا ونقدنا أو تطابقها في بعض الأحيان، وهذا يعطي قوّة علميّة ومنهجيّة لأبحاثنا ويطوّر من مناهج البحث والنقد في دراساتنا للاستشراق، بالإضافة إلى الاطّلاع على ما توصّلت إليه الأبحاث الغربيّة حول تاريخ جمع القرآن الكريم.
أوّلًا: النقد الداخلي للاستشراق:
يمكننا أن نلاحظ جانبين في تعامل المستشرقين مع آراء ونظريّات أيّ مستشرق في مجال الدّراسات القرآنيّة:
الجانب الأوّل: هو جانب القبول وتلقي ما يطرحه بنظرة إيجابيّة، وكثيرًا ما يتطوّر ذلك إلى البناء عليه إذا كانت فيه جنبةٌ جديدة وابتعادٌ عن أدبيّات ومناهج ونتائج الباحثين المسلمين.
وربما لا نكون مخطئين إذا قلنا إنَّ هذا الجانب ما زال سائدًا في الدراسات الاستشراقيّة عمومًا والقرآنيّة بشكل خاصّ. فنلاحظ -مثلًا- سيطرة النظرة السلبيّة تجاه النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) لفترة طويلة على البحث الاستشراقي، وهذا النوع من التعامل مع القرآن الكريم ونظرة الازدراء له هما اللذان سادا في هذا المجال من الدراسات. ومن الأمثلة المعاصرة سيطرة الاتجاه التشكيكي تجاه التراث الإسلامي، إذ برزت تيّارات مختلفة تنتهج منهج الشكّ في تعاملها مع الروايات والتراث الإسلامي، وسيطرت تلك التيّارات في مدارس استشراقيّة مختلفة على طريقة البحث الاستشراقي في الدراسات القرآنيّة.
الجانب الثاني: جانب النّقد والنّظرة الشكّيّة تجاه ما يطرحه مستشرقون آخرون، بمعنى الوقوف عند رأي أيّ مستشرق، ودراسته دراسة علميّة وفحص أداته وتقييمها مهما ذاع صيته وسيطرته على الأجواء العلميّة. وهذا النّوع من تعامل المستشرقين مع التّراث الاستشراقي هو ما نقصده بالنّقد الداخلي للاستشراق. وهذا يعني أنّ الباحث الغربيّ في الدّراسات القرآنيّة ينقد باحثًا آخر من صنفه.
ويلاحظ المتتبّع لدراسات المستشرقين الألمان في الدّراسات القرآنيّة ممارستهم للنقد الداخلي بشكل لافت، حتّى يمكننا عدّ ذلك سمة بارزة في المدرسة الألمانيّة في الدّراسات القرآنيّة. ويمكن أن نرجع ذلك إلى أسباب عدّة:
– محوريّة الجانب العلمي في الدراسات الاستشراقيّة الألمانيّة وتطور الدراسات الاستشراقيّة فيها. وهذا لا يعني بالطبع عدم وجود دراسة مغرضة هدفها تشويه سمعة الإسلام.
– السّعي لترسيخ محوريّة البحث الألماني، وجعله محورًا في الدّراسات الاستشراقيّة كما هو النفس الألماني في المجالات العلميّة الأخرى.
– تماس الدّراسات الألمانيّة بالدّراسات الإسلاميّة واهتمامها بها، إذ ما زال الاهتمام الألماني بالدراسات الشرقيّة واضحًا للعيان، فقد تمّ تأسيس كليّات ومعاهد تهتمّ بالدراسات الإسلاميّة في الجامعات الألمانيّة، ولها تخصّصها ومجالاتها كما هو الحال في المجالات العلميّة الأخرى.
ثانيًا: جمع القرآن الكريم:
شكّل البحث في تاريخ تدوين النصّ القرآني المقدّس نقطة ثقل اهتمام واضحة في أبحاث المستشرقين القرآنيّة، وإذا كان ثقل الدراسات الغربيّة حول القرآن الكريم أخذ يتجّه نحو دراسة المحتوى، فإنَّ تاريخ جمع كتاب الله العزيز أساس تلك الدّراسات ومنطلقها. وإذا راجعنا رؤية الباحثين الإسلاميّين في هذا الجانب نجدها تنحصر في رأيين، يؤمن الرأي الأوّل بأنّ النبي الأعظم ترك النصّ القرآني ككتاب على ما هو عليه اليوم من نصّ بين الدفّتين، ويرى الرأي الثاني أنَّ عمليّة جمع القرآن الكريم ككتاب بين الدفّتين تعود إلى ما بعد وفاة النبي الأكرم.
وحينما نراجع نظريّات الباحثين الغربيّين في هذا المجال نجد هناك أكثر من نظريّتين في هذا المجال، تتّحد بعضها مع ما هو مطروح في السّاحة الإسلاميّة من نتائج، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، وبعضها بعيد عنها من حيث المقدّمات والنتائج.
نستعرض فيما يلي تلك النظريات، ونركّز على نقد المدرسة الألمانيّة لها فيما إذا توفّر ذلك؛ لنرى كيف مارس الباحثون الألمان في الدراسات القرآنيّة النقد الداخلي لأقرانهم من مستشرقين ألمان وغيرهم.
1- جمع القرآن في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):
ذهب جمع من علماء الإسلام إلى أنَّ القرآن الكريم تمّ جمعه في زمن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنَّ القرآن الموجود بين أيدينا الآن هو عينه الذي كان في زمن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم). وقد ذهب إلى هذا الرأي السيّد المرتضى[1] والسيّد الخوئي[2]، والسيّد الحكيم[3] وآخرون[4]. واستدلّ السيّد الخوئي على رأيه بأمور عدّة[5]: تناقض الأخبار الدالّة على أنَّ جمعه كان بعد زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بينها، وتعارضها مع القرآن الكريم والعقل، وجود روايات تدلّ على أنَّ جمعه كان في زمن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنَّها مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبة من أنَّ القرآن لا طريق لإثباته إلا التواتر[6].
ويقوم استدلال السيّد الحكيم على أساس ما أسماه بـ «طبيعة الأشياء»، إذ يقول: إنَّ (طبيعة الأشياء) تدلّ بشكل واضح على أنَّ القرآن قد تمّ تدوينه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)[7]. ونقصد بطبيعة الأشياء: مجموع الظروف والخصائص الموضوعيّة والذاتيّة المسلّمة واليقينيّة التي عاشها النبي والمسلمون والقرآن أو اختصوا بها، ممّا يجعلنا نقتنع بضرورة قيام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بجمع القرآن في عهده. ويحدّد تلك الظروف بخمس نقاط هي: «أهميّة القرآن الكريم، والخطر في تعرضه للتحريف بدون التدوين وإدراك النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الخطر، ووجود إمكانات التدوين، وحرص النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) على القرآن والإخلاص له».
أما الروايات الدالّة على جمع القرآن بعد وفاة النبي الأكرم، فيرى أنَّها ساقطة عن الحجيّة لتعارضها فيما بينها[8]. ثم فسّر وجود روايات كهذه بأمرين:
الأوّل: أنَّ هذه الروايات جاءت بصدد الحديث عن جمع القرآن بشكل (مصحف) منتظم الأوراق والصفحات، الأمر الذي تمّ في عهد الصحابة، وليست بصدد الحديث عن عمليّة أصل تدوين وجمع القرآن بمعنى كتابته عن بعض الأوراق المتفرّقة أو صدور الرجال كما تشير إليه بعض هذه الأحاديث.
الثاني: أنَّ هذه الروايات إنَّما هي قصص وضعت في عهود متأخّرة عن عهد الصحابة لإشباع رغبة عامّة[9] لدى المسلمين في معرفة كيفيّة جمع القرآن[10].
إنَّ الرأي أعلاه يبدو لنا هو الرأي الأقوى بين الآراء التي طُرحت في هذا المجال، بإضافة أنَّ النّصوص التي ذكرت في جمع القرآن بعد زمن النبي يمكن أن نحملها على تغييراتٍ شكليّةٍ وليست بمعنى جمعه في مصحف، تتمثّل في الحثّ على الالتزام بالمصحف الرسمي وجمع الناس حوله.
ويرى المستشرق الإنجليزي جون برتون[11] أنَّ القرآن الفعلي كان قد جمع في زمن النبي الأكرم، وأنَّ الروايات الحاكية عن جمع القرآن بعد زمن النبي الأعظم روايات موضوعة من قبل بعض فقهاء المسلمين، إذ أنَّهم أرادوا التمسّك لآرائهم الفقهيّة بالقرآن الكريم فدخلوا من مدخل النسخ وتعدّد المصاحف لينتهوا إلى إلغاء دور النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في جمع القرآن[12]. وفي الإطار ذاته يرى غريغور شولر[13] أنَّ القرآن ككتاب شفهي كان قد تمّ في زمن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، لكنَّه لم يتحوّل إلى كتاب إلا بعد وفاة النبي[14].
2- جمع القرآن في زمن الخلفاء الثلاثة:
تؤمن النظريّة المشهورة بين المسلمين بأنَّ النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) رحل ولم يجمع القرآن الكريم في كتاب، كما هو عليه اليوم، بل كان القرآن حين رحيل نبي الهدى عبارة عن نصوص متفرّقة على القراطيس المتعارفة آنذاك وفي صدور المسلمين، وبعد وفاة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) تمّ الجمع الأوّل للقرآن الكريم على يد أبي بكر، فجُمع القرآن كلّه في كتاب واحد. وبعد عشرين سنة تقريبًا وحّد عثمان بن عفان المصاحف، وأُرسل المصحف الرسمي إلى الأمصار، وتم إتلاف كل المصاحف الأخرى.
لاقت هذه الرواية القبول عند نُلدكه، ونجده يستعرض تفاصيل الجمع الأوّل والجمع الثاني، ويقدّم احتمالًا بأن يكون الجمع الأوّل من عمر[15]. هذا ما نجده في النسخة التي كتبها نُلدكه وهي النسخة غير المعدّلة لكتاب تاريخ القرآن المتداول.
من جهته يرى شولر الرأي نفسه، ويرى أنَّ مراحل تدوين القرآن مرّت بثلاث مراحل:
الأولى: كتابة الآيات من دون نظام ولا قاعدة معيّنة على أدوات الكتابة السائدة آنذاك، وكان ذلك في حياة النبي.
الثانية: إعداد مجموعات منظّمة ذات صفحات متساوية القياسات، وتمّ الاحتفاظ بتلك المجموعات على أنَّها نسخ خاصة بالأشخاص، ووفقًا للروايات الإسلاميّة أنَّ القرآن تمّ تدوينه كمصحف في زمن أبي بكر باقتراح من عمر[16]، لكن هذه النسخة بقيت نسخة كنسخ مصحف عمر وابن مسعود وأبي، وكان ذلك بعد وفاة النبي بقليل.
الثالثة: إعداد نسخة رسميّة موحّدة بأمر عثمان (تقريبًا سنة 29) وإعداد مصحف يحتوي على نصّ صامت خالٍ من الحركات والنقط وإرساله إلى المدن الكبيرة[17].
ويرى -كما هو الحال في الروايات الإسلاميّة وعند مشهور العلماء الغربيّين- أنّ القرآن حين وفاة النبي لم يكن مدوّناً بشكل كتاب بين الدفّتين[18]. وما كانت هناك حاجة لأن يكون هناك مصحف مدوّن؛ لأنَّه كتابٌ عباديٌّ، وكانت تقرأ منه بعض الآيات في العبادات والأدعية. بل إنَّ كتابة القرآن ككتاب ما كانت ممكنة؛ لأنَّ الوحي كان ما زال في حالة نزول، وكانت الأحكام الشّرعيّة تنسخ في بعض الأحيان، وما كان يكتب آنذاك عبارة عن مذكّرات تساعد الحافظة، وهذا المقدار كان كافيًا. وحينما يعبّر القرآن عن نفسه بأنَّه كتاب، فمعنى ذلك أنَّه كتابٌ عباديٌّ وليس معناه كتاب بالمعنى المتعارف[19].
هارالدموتسكي في مقال مهمّ جدًّا في الدراسات الاستشراقيّة القرآنيّة ناقش آراء الباحثين الغربيّين في روايات جمع القرآن وفق المناهج المعاصرة وتوصّل إلى أنَّ لروايات الجمع الأوّل والثاني جذورًا أقدم ممّا افترضه البحث الغربي[20]، غير أنَّ الروايات المتعلّقة بتدوين المصحف الرسمي على عهد عثمان في المصادر المتقدّمة أقلّ من الروايات الحاكية عن جمع أبي بكر، وأنَّ روايات الجمعين ينتهيان إلى حلقة مشتركة متمثّلة بالزهري، ويمكن أن يكون الزهري ناقلًا لما انتقل عن طريق الأجيال السابقة من خلال رواة أُخر، مثل خارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسالم بن عبد الله بن عمر، لكنَّه من جهة أخرى يؤكّد أنَّه ليس معنى ذلك أنَّ الزهري نقل ذلك عن الرواة المتقدّمين بشكل حرفي، ولا يمكن إثبات أنَّ تلك الأخبار تعود إلى شهود عيان تلك الوقائع بالدقّة، ولا أنَّ ما تحكيه تلك الروايات هو عين الواقع[21].
نويفرت أيضًا تميل إلى النظريّة المشهورة بين أهل السنّة من المسلمين، لكنَّها ترى أنَّ تلك الروايات غير خالية من التوجّهات الخاصّة[22]. وتناقش رأي شوالي كما يأتي بعد قليل[23].
لكنَّ شوالي عندما عمل على كتاب تاريخ القرآن غيّر من الأمر، وذهب إلى أنَّ الروايات التي تدل على جمع القرآن في زمن أبي بكر روايات موضوعة في فترة متأخّرة، الهدف منها إضفاء صفة اعتبار على جمع عثمان الذي جُوبه بالرفض من قبل بعض الفرق الإسلاميّة.
ويتلخّص رد شوالي لروايات جمع أبي بكر في جهات عدّة:
الجهة الأولى: وهي ربط مسألة جمع القرآن بالشهداء الذين وقعوا في معركة اليمامة (معركة عقرباء)، لخلوّ قائمة قتلى المسلمين من حفظة القرآن، وفي الأساس فإنَّ عدد من تنسب لهم معرفة كهذه في صفوف هؤلاء قليل جدًّا؛ لأنَّ أغلبهم كان حديث عهد بالإسلام. وعلى هذا الأساس ليس من الصحيح ما جاء في تلك الروايات من سقوط عددٍ كبيرٍ من حفظة القرآن في تلك المعركة. على أنَّ وفاة هؤلاء لا يبرّر الخوف على ضياع الوحي؛ لأنَّ النبي اهتمّ في حياته بتثبيت النصّ، بالإضافة إلى وجود أدلّة تشير إلى وجود نسخ متداولة عند بعض المسلمين تختلف من حيث الحجم[24].
الجهة الثانية: كيف يمكن أن تنتقل تلك المجموعة القرآنيّة من عمر إلى ابنته حفصة؛ لأنَّ الوثيقة الرسميّة ذات الصفة العامّة لا تورّث في العادة إلى أي من الأقرباء، ولم تتحوّل إلى نسخة عامّة، ولم تحقق نجاحًا في الوسط الإسلامي مثلما حقّقته نسخة أُبي وعبد الله بن مسعود، وذلك إن دلّ على شيء فإنَّما يدلّ على أن تلك النسخة كانت ملكًا خاصًّا[25].
الجهة الثالثة: إنَّ مدة حكم أبي بكر التي دامت سنتين وشهرين قصيرة بالنسبة لعمل كبير متمثّل بجمع النصوص المتناثرة كما تصفه الروايات، بخاصّة إذا نظرنا إلى أنَّ العمل بدأ بعد معركة اليمامة[26].
ويرجع سبب ذلك التغيير الذي أجراه شوالي -كما يرى موتسكي[27]– إلى شكوك الباحثين الغربيّين في الروايات التي يرجع زمنها إلى عصر النبي الأعظم وصدر الإسلام، تلك الشكوك يعود سببها إلى دراسة جولدزيهر، إذ يرى أنَّ الروايات التي يدعى انتسابها إلى الفترة الزمنية المرتبطة بعصر النبي والتأريخ المبكّر للإسلام تعود في الحقيقة إلى النقاشات التي دارت في وقت لاحق في العصر الأموي والعباسي.
3- جمع القرآن في زمن عبد الملك بن مروان[28]:
ذهب إلى هذا الرأي المستشرق الفرنسي باول كازانوا[29] وتبعه على ذلك المستشرق البريطاني العراقي الأصل ألفونس مينگنا[30] بإضافات جزئيّة، إذ ذهبا إلى أنَّ روايات الجمع الرسمي للقرآن في زمن عثمان غير معتبرة من الناحية التاريخيّة، ولم يتمّ جمع القرآن ونشره بشكل رسمي قبل خلافة عبد الملك بن مروان، وفي خلافة الأخير تمّ جمع القرآن على يد الحجّاج بن يوسف الثقفي[31].
ويتلخّص رأي مينگنا أنَّ أقدم مصدر لروايات جمع القرآن هو كتاب طبقات ابن سعد، وهذه الروايات وُلدت في فترة متأخرة عن وفاة النبي بحوالي مئتي سنة، ولا يوجد دليل شفاهي موثّق يمكننا الاعتماد عليه قبل ذلك. ولم ينقل ابن سعد ما يشير إلى جمع عثمان ولا أبي بكر، بل وردت روايات تشير إلى جمع القرآن في زمن النبي وأخرى في زمن عمر، وما يوجد من روايات حول جمع عثمان ورد في منقولات البخاري، وهو متأخر عن ابن سعد بحوالي ربع قرن. يضاف إلى ذلك أنَّ تلك الروايات بحدّ من الاضطراب والتناقض ما لا يمكن للباحث أن يستخرج المعتبر منها. ونتيجة لذلك يبحث مينگنا عن طريق إثبات من خارج النقل الإسلامي، فيبحث في المصادر السريانيّة المسيحيّة؛ بسبب تقدّمها على المصادر الإسلاميّة. ويصل إلى نتيجة مؤدّاها عدم وجود إشارات في روايات تلك المصادر عند حديثها عن المسلمين تدلّ على وجود كتاب مقدّس للمسلمين في القرن الأوّل الهجري (القرن السابع الميلادي). وأقدم تلك الإشارات تعود إلى نهاية الربع الأوّل من القرن الثامن الميلادي، وعليه لا يوجد نصّ رسميّ للقرآن قبل القرن السابع الميلادي[32].
ويقول نيكولاي سيناي[33]: أوّل من أثار الجدل حول إمكانيّة الاعتماد على صحّة هذه الرواية التاريخيّة هما باول كازانوا وألفونس مينگنا. وكتبا عام 1911، 1915-1916 بأنَّ جمع القرآن جاء بمبادرة من عبد الملك بن مروان، وأمير العراق آنذاك الحجّاج بن يوسف الثقفي[34]. وفي المقابل ذهب شوالي في تنقيحه لكتاب نُلدكه إلى اعتبار الرواية التاريخيّة التي ترجع جمع القرآن الكريم إلى زمن عثمان بن عفان، وبقيت هذه النظرة هي الحاكمة على الساحة العلميّة حتّى عام 1977 إذ تمّ التشكيك بهذه الرؤية من قبل الأمريكيّة الدانماركيّة الأصل باتريشا كرون[35] والبريطاني مايكل كوك[36]. إذ ذهبا إلى أنَّ القرآن جمع في فترة متأخرة تعود إلى القرن الثامن[37].
4- القرآن لم يجمع قبل نهاية القرن الثاني الهجري:
بعد انتشار نزعة الشكّ تجاه الروايات الإسلاميّة والتي تأسّست على يد جولدتسيهر وشاخت، ونضجت على يد باتريشا كرون ومايك كوك، بدأت نظريّات وتحليلات متعددة تبدو في أفق الدراسات القرآنيّة في الغرب، ومن أشهر تلك الآراء وأكثرها تطرّفًا ما ذهب إليه جون وانزبرو[38] من أنَّ القرآن لم يكن مجموعًا قبل نهاية القرن الثاني الهجري، ويرى أنَّ القرآن بشكله الفعلي نتيجة روايات مختلفة، والحذف والتكرار فيه بحد لا يمكن أن نقول بأنَّ هذا الكتاب تمّ تأليفه بصورة منظّمة ودقيقة من قبل مؤلّف أو جماعة منظّمة، بل إنَّه حاصل تطوّر روايات مستقلّة عن بعضها عبر مدّة طويلة[39].
وقد وصف الباحث الألماني نيكولاي سيناي كلام وانزبرو بأنَّه مغالطة يسهل ردّها، والتاريخ الذي فرضه وانزبرو واهٍ يتعذّر الدفاع عنه[40].
ثالثًا: تمحيص المدرسة الألمانية للآراء في جمع القرآن:
بعد هذه الجولة في الآراء والمناقشات في هذا الموضوع، تبيّن لنا أنَّ المدرسة الألمانيّة ركّزت على الرأي المشهور بين المسلمين، واتّفقت معه أو اقتربت منه في الغالب، لكن ربيبها جولدتسيهر -حيث درس وتعلّم في ألمانيا- وابنها شاخت بنيا أُسسًا لعبت دورًا محوريًّا في تكوّن آراء وتصوّرات مغايرة فيما يرتبط بمسألة جمع القرآن والروايات المتعلّقة به. وبما أنَّ ترجيح رأي على آخر يتطلّب أوّلًا إبطال الرأي المخالف وتقوية الرأي المختار، قدّم المستشرقون الألمان انتقادات عدّة لآراء مستشرقين آخرين على مستوى المناهج والآليّات، الأمر الذي يهمّنا التركيز عليه في هذا المقال.
نبدأ من نقد المدرسة الألمانيّة لنفسها، وهي نقطة مركزيّة في باب التطوّرات التي حدثت على المدرسة الألمانيّة، إذ إنَّها لعبت دورًا مهمًّا في ممارسة النقد الداخلي للاستشراق، فقد جوبهت رؤية شوالي بانتقادات عدّة من قبل باحثين ألمان بارزين في الدّراسات القرآنيّة.
غريغور شولر وجّه لهذه الرؤية انتقادًا بقوله: بعد شوالي ادّعى الباحثون الغربيّون بأنَّ الأخبار المرتبطة بالجمع الأوّل فيها مبالغة وميول إلى تأكيد الجانب الإعجازي للقرآن. والحال أنَّ مجموعة من الروايات تؤكّد هذا الجانب وتدلّ بوضوح على وجود بعض الصفحات، والتي تدلّ على الكتابة المستمرّة للسورة الطوليّة، وهذه الأخبار لم يطّلع عليها شوالي[41].
ويضيف شولر: لا يوجد مبرّر لعدم الاعتماد على تلك الروايات، بل من الطبيعي أن نذهب إلى كون الظاهرة الخارقة للعادة، وهي القرآن الذي هو أوّل كتاب فعليّ عربيّ مرتبط بالنبي، وتمّ جمعه في حياة النبي، بخاصّة إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود أشخاص كانوا يكتبون الوحي آنذاك[42].
وفي مجال الحديث عن تاريخ تلك النّصوص وتأثير نزعة جولدتسيهر الشكيّة بشكل عام، يمكننا القول بأنَّها نُقدت من باحثين ألمان عدّة، ويهمّنا هنا المرور بعجالة على رأي غريغور شولر في مسألة تاريخ كتابة المدوّنات والتراث الروائي، فيرى أنَّ تلك النّصوص لا تعود إلى القرن الثاني، ولا يمكننا اعتبار هذا التاريخ تاريخ ولادتها، بل لها أساس شفاهيّ وكتابيّ. فتلك النّصوص وصلت إلى هذه الفترة الزمنيّة من خلال النقل الشفهي والكتابي لها، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار طرق التعليم والدراسة في العصور الإسلاميّة الأولى. وهنا جمع شولر بين أنصار القائلين بالأساس الكتابي للنصوص، والقائلين بالنقل الشفهي لها، حيث ذهب إلى عدم الفصل بين الأمرين، وأنَّ التقليد آنذاك كان قائمًا عليهما[43].
وفي هذا المجال تناول موتسكي تحليل ونقد الآراء التي طُرحت في مسألة جمع القرآن، ويرى: أنَّ نظرية نُلدكه -الموافقة للبحث الإسلامي- ورأي شوالي استمرّا في السيطرة على الساحة الغربيّة حتى جاء شاخت فتغيّر الأمر[44]. إذ ذهب إلى أنَّ الروايات ذات الطابع الفقهي المنسوبة إلى النبي والصحابة هي في واقعها موضوعة، ووضعت في القرن الثاني فما بعد، مقارنة باستنتاجات المسلمين الفقهيّة. وبعد نشر هذا الكتاب أصبحت نزعة الشكّ في الروايات الإسلاميّة هي السائدة في الساحة الغربيّة.
من جهته صرّح برتون بأنَّ الباحثين الغربيّين أعادوا اعتبار الرواية الإسلاميّة في التاريخ من خلال اعتمادهم على كتاب تاريخ القرآن لنولدكه[45].
ويرى موتسكي أنّ تحليل شوالي رغم أنَّه قائم على تحليل الروايات ومحاولة فرزها لكنَّه تعامل بانتقائيّة، فمثلًا يرى شوالي أنَّ روايات الجمع الأوّل متناقضة فيما بينها، فذهب إلى رفضها وقبول أنَّ مصحف حفصة -الذي شكّل الأساس لمصحف عثمان- ثابت من ناحية تاريخيّة رغم تناقض رواياته، فلماذا يتمّ رفض روايات جمع أبي بكر ويتمّ قبول روايات جمع عثمان، رغم أنَّ الروايات في كلّ واحد من الجمعين متضاربة من وجهة نظر شوالي؟[46].
وينتقد برتون أيضًا، ويرى أنَّه لم يذكر فيما إذا كان هناك مصادر تدلّ على مدّعاه لإثبات مسألة تكامل الروايات في القرن الثالث، ورجّح الاعتماد على مصادر متأخّرة مثل الإتقان في علوم القرآن[47].
كما أنَّه وجّه نقدًا لمينگنا أيضًا، إذ رأى أنَّه يعتمد على الدليل القائم على السكوت، فمثلاً يقول بما أنَّ المصادر المسيحيّة المتقدّمة لم تشر إلى قرآن المسلمين فإذًا لم يوجد آنذاك شيء اسمه قرآن. كما أنَّه يعتمد على رواية عبد المسيح الكندي التي ورد فيها أنَّ القرآن جمع في زمن عبد الملك بن مروان، إذ تشير الروايات إلى أنَّ المصحف الفعلي جمع بأمر الحجّاج وأنَّه حذف جزءاً أساسيًّا منه، ثمّ أمر بإرسال ست نسخ منه إلى الولايات. في حين يحتمل أن تكون هذه الرواية اختصارًا محرّفًا للرواية الإسلاميّة، كما أنَّ تحليله التاريخي للروايات غير صحيح[48].
من حيث تاريخ وجود الرواية في المصادر القديمة، يشير إلى أنَّها ليس كما هو مشهور في العالم الغربي من أنَّها متأخّرة، وأقدم مصدر لها هو البخاري المتوفّى 241، بل شهرة هذه الرواية تعود إلى ما قبل القرن الثاني الهجري[49].
وبهذا التحليل أسقط نظريّة وانزبرو وبرتون؛ لأنهما يذهبان إلى أنَّ تلك الروايات لا يمكن أن تعود إلى ما قبل القرن الثاني الهجري. إلا أن يقال إنّ تلك الرّوايات وضعت على أيدي التلامذة المتأخّرين ونسبوها إلى شخصيّات معروفة، وهذا ما أجاب به وانزبرو بالفعل[50].
يصل موتسكي بعد التحليل السندي والنصّي لروايات جمع القرآن إلى نتيجة مؤدّاها أنَّ رواية الجمعين والتي تلقّاها علماء الإسلام بالقبول تعود إلى الزهري، ويمكن أن نحدّد تاريخها بالربع الأوّل من القرن الثاني الهجري، وعلى ذلك تكون وفاة الزهري النهاية الزمانيّة لهذه الرواية[51].
لكن هل هذا هو الكلام الفصل؟ يعود موتسكي من جديد ليقول إنَّه وفقًا لتحليل شاخت فإنَّ الحلقة المشتركة في الروايات[52] هو الزهري، وعليه يعتبر هو من جاء بها، لكن موتسكي يرى أنَّه من الممكن أن يكون هو من أوائل المدوّنين للأحاديث بشكل منظّم ومرتّب، ولا يمكن رفض روايات لمجرّد وجود الحلقة المشتركة ما لم تقم قرائن على وجود أغراضٍ خاصّة تدعو للوضع[53].
ثم يُقيّم بعض القرائن فيقول: لا يوجد دليل يدلّ على أنّه لم يسمع الروايات من تابعين أقل شهرة، مثل عبيد بن سباق، وعبيد بدوره لم يسمع من أنس بن مالك. ويؤيد ذلك أيضًا أنَّ روايات الزهري الأخرى في باب جمع القرآن فيها إضافات وبعض الاختلافات أيضًا، وجاء في سندها بأنَّه روى تلك الروايات وأخذها عن رواة آخرين، مثل: خارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعلى هذا الأساس فالرواية انتقلت إليه من جيل سابق، وإذا اعتبرنا وفاة أنس الأساس التاريخي فإنَّ هذه الروايات لا بدّ أن يعود تاريخها إلى العقود الأخيرة من القرن الأوّل الهجري[54].
وهذه الرؤية تقترب من رأي شولر الذي يرى بأنَّ الرابط المشترك أو الحلقة المشتركة في السند لا تعني بالضرورة نشأة وضع الحديث أو الرواية منها[55].
غير أنَّ الباحث الهولندي غوتير يوينبل[56] يرى أنَّ الأصل التاريخي للروايتين محل خلاف من وجهة نظر الباحثين المحايدين[57].
رابعًا: كلمة أخيرة في روايات جمع القرآن:
يرى غوتير يوينبل أنَّ روايات جمع القرآن رغم تلقّيها من قبل الباحثين المسلمين بإيجابيّة، إلا أنَّهم بشكل عامّ لم يخضعوها لبحث دقيق، يقول في هذا المجال: تمّ الاعتماد على روايات جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان بلا نقد جاد، وأُخذت أخذ المسلّمات[58].
لكنَّ الحقَّ أنَّ هذه الكلمة فيها مسامحة؛ لأنَّ جملة من علماء الإسلام وقفوا عند هذه الروايات وقفة متأمّل، فالسيّد الخوئي -مثلًا- وتلميذه الشهيد الصدر وقفا موقف الناقد لها، وانتهيا إلى عدم ثبوتها من الناحية العلميّة كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك في بداية البحث[59]. وهذا يعني عدم اطّلاع الباحثين الغربيّين على التراث الشيعي بشكل عامّ، وما قدّمه الشيعة في التراث القرآني بشكل خاصّ. الأمر الذي يشكّل نقطة فراغ في أعمال المستشرقين العلميّة.
والنقطة التي انتهى إليها البحث الألماني والغربي عموماً هي مسألة انتهاء هذه الروايات إلى فرد واحد وهو الزهري، لذا لا بدّ من التأمّل في هذه الروايات، ويمكن أن نختصر تلك التأمّلات فيما يلي:
– إنَّ حدثًا مهمًّا كجمع القرآن لا يعقل أن يرويه راوٍ واحد في طبقة معيّنة، بل لا بدّ من أن يكون مشهورًا أو على الأقل عدم انحصاره في شخص واحد.
– لا يمكن أن ينعدم احتمال الغرض الخاصّ في هذه الروايات، فمحمّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري معروف بعلاقته وقربه من الأمويين وارتباطه بهم[60]، وعليه يمكن أن يدّعي أنَّه وضع ما قيل في جمع القرآن ليثبت بذلك منقبة للخلفاء الثلاثة، وبخاصّة أنَّ الجهاز الحاكم آنذاك كانت سياسته قائمة على حشد الفضائل في ذلك الاتّجاه. وممّا يؤكّد هذا التشكيك أنَّ السلسلة تصل إلى الزهري وهو الراوي الوحيد للحادثة. وأما ما ذكره موتسكي من قرائن فلا يمكن الاستناد إليها؛ لأنَّه لم يحل مشكلة الزهري.
– لو فرضنا أنَّه لم يكن السند ولا المتن موضوعين، فلا يمكن إثبات قضيّة تاريخيّة بهذا الحجم من خلال طريق كهذا، وبخاصّة إذا عرفنا أنَّ الزهري روى روايات أخرى بتفرّد، ولم ترو عن طريق غيره[61].
– وبذلك نصل إلى رأي السيّد الخوئي والسيّد الشهيد الصدر من أنَّ جمع القرآن الكريم تمّ في زمن النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم). وهذا لا يعني التشكيك أو رفض التراث الروائي في هذا المجال، بل التعامل مع الروايات والنصوص القرآنيّة تعاملًا علميًّا كما هو المعمول به في أبواب علميّة أُخرى، وترجيح الروايات والنّصوص التاريخيّة الدالّة على إكمال جمع القرآن الكريم قبل رحيل منقذ البشرية عليه وآله آلاف التحية والثناء. يصرّح السيّد الخوئي بقوله: وإنَّ المتصفّح لأحوال الصحابة، وأحوال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يحصل له العلم اليقين بأنَّ القرآن كان مجموعًا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنَّ عدد الجامعين له لا يستهان به[62].
خامسًا: جمعُ الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام):
- واقع الجمع:
وكذلك غاب بشكلٍ كاملٍ عن دراسات المستشرقين ذكر الروايات التي تتحدّث عن جمع الإمام علي(عليه السلام) للقرآن، إذ كان(عليه السلام) أوَّل مَن تصدّى لجمْع القرآن بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة وبوصيّةٍ منه، حيث جلس في بيته مشتغلًا بجمْع القرآن وترتيبه وفق نزوله، مع إضافة شروحات وتفاسير لمواضع مبهمة من الآيات، وبيان أسباب النزول ومواقع النزول والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ…، فقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام): قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ(عليه السلام): يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه، كما ضيّعت اليهود التوراة، فانطلق علي(ع)، فجمعه في ثوب أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء؛ حتّى جمعه. قال: وقال رسول الله: لو أنّ الناس قرأوا القرآن كما أنزل الله ما اختلف اثنان[63].
وعن الإمام الباقر(عليه السلام): «ما من أحد من الناس يقول إنَّه جَمع القرآن كلَّه كما أنزلَ الله إلاّ كذّاب، وما جمَعه وما حَفظه كما أنزل الله إلاّ عليّ بن أبي طالب[64]».
وروى محمَّد بن سيرين عن عكرمة، قال: لمّا كان بدْء خلافة أبي بكر، قعَد عليّ بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن، قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أُنزل الأوَّل فالأوَّل؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يؤلِّفوه هذا التأليف ما استطاعوا. قال ابن سيرين: تطلَّبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه[65].
وقال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مفرَّقًا في الصّحُف وفي صدور الرجال، فلمّا توفّي جَمَعه عليّ بن أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجِد مصحفه لكان فيه عِلم كبير، ولكنَّه لم يوجد[66].
ب. خصائص الجمع:
يمتاز المصحف الذي جمعه الإمام علي(عليه السلام) عن سائر المصاحف التي جمعها الصحابة بمميّزات عدّة، أبرزها:
– ترتيب سوره على أساس ترتيب نزول القرآن.
– إثبات النصّ القرآني من دون نقص أو زيادة.
– إثبات قراءته وفق قراءة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم).
– اشتماله على شروحات وتوضيحات جانبيّة على هامش النصّ القرآني، تعرّض فيها لبيان مناسَبات النزول، ومكان النزول، ومصاديق مَنْ نزلت فيهم، وفي مَنْ تجري، وعلى مَنْ تنطبق، وبيان المحكم والمتشابه من الآيات، وناسخها ومنسوخها، وظاهرها وباطنها، وتنزيلها وتأويلها…
عن الأصبغ بن نباتة، قال: قَدِم أمير المؤمنين(عليه السلام) الكوفة، صلَّى بهم أربعين صباحًا يقرأ بهم (سبّح اسم ربِّك الأعلى)[67]، فقال المنافقون: لا والله ما يُحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة! قال: فبلَغ ذلك عليًّا(عليه السلام) فقال: «ويلٌ لهم، إنّي لأعرِفُ ناسِخه من منسوخه، ومحكَمه من متشابهه، وفصْله من فِصاله، وحروفه من معانيه، والله ما من حرفٍ نزل على محمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّي أعرف في مَنْ أُنزل، وفي أيِّ يوم وفي أيِّ موضع، ويلٌ لهم أما يقرأون: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)[68]؟ والله عندي، ورثتهما من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أنهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من إبراهيم وموسى (عليهما). ويلٌ لهم، والله أنا الذي أنزلَ الله فيَّ: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)[69]، فإنَّما كنّا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فيُخبرنا بالوحي، فأعيَه أنا ومَن يعيَه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفًا[70]؟».
وعن سليم بن قيس الهلالي: سمعت أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: «ما نزلت آية على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا أقرأَنيها وأمْلاها عليَّ، فأكتبها بخطّي، وعلَّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومُحكَمها ومتشابهها، ودعا الله لي أن يعلِّمني فهْمها وحِفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا عِلمًا أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي ما دعا، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علم أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما ترك شيئًا علّمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهى كان أو لا يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفًا واحدًا، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونورًا لم أنس شيئًا، ولم يفتني شيء لم أكتبه»[71].
ج. مصير الجمع:
روى سُليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي (رض)، قال: لمّا رأى أمير المؤمنين(عليه السلام) غَدْر الناس به لزِم بيته، وأقبل على القرآن يؤلِّفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتّى جمَعَه، وكان في الصحُف، والشظاظ[72]، والأسيار[73]، والرقاع وبعثَ القوم إليه ليبايع، فاعتذر باشتغاله بجمْع القرآن، فسكتوا عنه أيّامًا حتّى جمعه في ثوب واحد وختَمه، ثمَّ خرج إلى الناس -وروى بعضهم أنّه أتى به يحمله على جمل[74]– وهم مجتمعون حول في المسجد، وخاطبهم قائلًا: «إنّي لم أزل منذ قُبِضَ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مشغولًا بغُسله وتجهيزه، ثمَّ بالقرآن حتّى جمَعته كلَّه في هذا الثوب الواحد، ولم يُنزِل الله على نبيِّه آية من القرآن إلاّ وقد جمعتها، وليس منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلَّمني تأويلها؛ لئلاّ تقولوا غدًا: (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)!» فقام إليه رجُل من كِبار القوم، فقال: يا عليّ، اردُده فلا حاجة لنا فيه، ما أغنانا بما معَنا من القرآن عمّا تدعونا إليه، فدخل عليّ(عليه السلام) بيته[75].
وعن الإمام الصادق(عليه السلام): «أخرجه علي(عليه السلام) [أي القرآن] إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله عزّ وجلّ كما أنزله [الله] على محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وقد جمعته من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدًا، إنّما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه[76]».
خاتمة:
أبدت المدرسة الألمانيّة في الدّراسات القرآنيّة جهدًا واضحًا في نقد الاستشراق من الداخل، وتُعتبر هذه النقطة -النقد الداخلي للاستشراق- نافذةً للدراسات الجادّة للنظريّات والآراء التي سادت في الدراسات الاستشراقيّة. ويمكن تطوير حركة النّقد العلمي هذه إلى مناهج وأسس علميّة من خلال تقويم عملية النقد وإرجاعها إلى حوار مشترك. فلا توجد ضرورة في دراسة آراء الباحثين الغربيّين تفرض نقد آرائهم من منطلقاتنا ومناهجنا التي اعتدنا عليها في البحث الداخلي الإسلامي، بل يمكن الانطلاق من أسسٍ علميّةٍ تؤدّي إلى نتائج رصينةٍ، ولكن تنتهج أُسسًا ومناهج أخرى. وهذا ما تحتاجه الساحة العلميّة في الحركة الفكريّة المعاصرة.
تؤمن المدرسة الاستشراقيّة الألمانيّة بأنَّ القرآن تمّ جمعه بعد زمن النبي، وتعتمد في ذلك النظريّة المشهورة بين المسلمين بأنَّ القرآن جمع في زمن الخلفاء الثلاثة، وناقشت الآراء التي ترى بأنَّ القرآن الكريم تمّ جمعه في فترةٍ متأخّرةٍ عن ذلك. هي صاحبة قدم السّبق في مجال تأريخ القرآن، إذ اهتمّ كلّ من فايل ونُلدكه وشوالي وموتسكي ونويفرت بهذا الجانب.
تتلخّص أهمّ نقطة ضعف في البحث الألماني في مجال تاريخ القرآن بإهمال الاهتمام الشيعي في دراسة روايات جمع القرآن، وعدم الوقوف عند مسألة جمع القرآن في زمن النبي بشكل جديّ.
دلّت مجموعة من الأدلّة على أنَّ القرآن قد جمع في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
تؤكّد مجموعة من الروايات من مصادر متعدّدة على أنَّ الإمام علي(عليه السلام) لم يخرج من بيته بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى جمع القرآن الكريم.
لائحة المصادر والمراجع:
أوّلًا: المصادر والمراجع العربيّة:
ابن جزي، محمد بن أحمد: التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق: عبد الله الخالدي، لاط، بيروت، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، لات.
الزركشي، بدر الدين: البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، لام، دار إحياء الكتب العربيّة؛ عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1376هـ.ق/ 1957م.
العيّاشي، محمد بن مسعود: تفسير العيّاشي، تحقيق وتصحيح وتعليق: هاشم الرسولي المحلاتي، لاط، طهران، المكتبة العلميّة الإسلاميّة، لات.
الكليني، محمد بن يعقوب: الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، ط4، طهران، دار الكتب الإسلاميّة؛ مطبعة حيدري، 1365هـ.ش.
الهلالي، سليم بن قيس: كتاب سليم بن قيس، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، ط1، إيران، نشر دليل ما؛ مطبعة نگارش، 1422هـ.ق/ 1380هـ.ش.
اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب: تاريخ اليعقوبي، لاط، بيروت، دار صادر، لات.
معرفة، محمد هادي: التمهيد في علوم القرآن، ط3، قم المقدّسة، مؤسّسة التمهيد؛ مطبعة ستاره، 1432هـ.ق/ 2011م.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، أنوار الهدى، قم المقدّسة.
الحكيم، محمد باقر، علوم القرآن، مجمع الفكر الإسلامي، قم المقدّسة، 1417.
العاملي، جعفر مرتضى، حقائق هامّة حول القرآن الكريم، دار الصفوة، لبنان، 1992.
مجلّة علوم الحديث، العدد 5، السنة الثالثة، 1420.
ثانيًا: المراجع الفارسيّة:
مجله تاريخ وتمدن إسلامي، دوره 8، شماره 1 (پیاپی 15 بهار وتابستان 1391).
گریگور شولر، شفاهي ومكتوب در نخستين سدهاي إسلامي، ترجمه نصرت نيل ساز.
ثالثًا: المراجع الإنجليزيّة والألمانيّة
Burton, John, The Collection of The Quran, COMbridge University Press, 1979.
Encyclopaediaof the Qurān General Editor Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Leiden 2001.
Harald Motzki, The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, in: Der Islam 78 (2001).
Nicolai Sinai,when did the consonantal skeleton of the Quran reach closure, in: Bulletin of the School of Oriental and African Studies 2014 / Vol. 06.
Grundriß der arabischen Philologie. Literaturwissenschaft. Hg. Helmut Gätje. Wiesbaden: Reichert, 1987.
- wansbrough, Quranic Studies, Foreword, Translations, and Expanded Notes by ANDREW RlPPIN, Prometheus, Prometheus Books, 2004.
Neuwirth, Angelika: Der Koran als Text der Spätantike. Ein europäischer Zugang. Berlin: Verlag der Weltreligionen, 2010.
Nöldek, Theodor, Geschichte des Qorâns. Göttingen,Verlag der Dieterichschen Buchhandlung, 1860.
Weil,Gotthold, Festschrift Eduard Sachau; zum siebzigsten Geburtstage gewidmet von Freunden und Schülern, Berlin 1915.
The Muslim World, 1917, Vol. 7.
—————————————
[1]– نقله عنه الطبرسي في مجمع البيان، ج1، ص43.
[2]– الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، ص247ـ 256.
[3]– الحکیم، محمد باقر، علوم القرآن، ص115.
[4]– العاملي، جعفر مرتضى، حقائق هامّة حول القرآن الكريم، ص63.
[5]– يذهب أصحاب هذا الاتّجاه إلى أنَّ المصحف الذي بين أيدينا بنظمه وترتيب سوره مطابق للمصحف المجموع في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي:
أ. الدليل الأوّل: إنَّ القرآن كان يُدَرَّس ويُحفظ جميعه من قِبَل مجموعة من الصحابة في حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّهم كانوا يعرضونه ويتلونه عليه(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن هؤلاء الصحابة: عبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وغيرهما. وكلّ ذلك يدلّ بأدّنى تأمّل على أنّه كان مجموعًا مرتّبًا غير مبتور ولا مبثوث.
ب. الدليل الثاني: تناقض أحاديث جمْع القرآن بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ هذه الأحاديث متناقضة ومتضاربة فيما بينها، ففي بعضها تحديد زمن الجمع بعهد أبي بكر، وفي آخر بعهد عمَر، وفي ثالث بعهد عثمان، كما أنَّ بعضها ينصّ على أنَّ أوّل مَن جمَع القرآن هو زيد بن ثابت، وآخر ينصّ على أنَّه أبو بكر، وفي ثالث أنَّه عمَر، إلى أمثال ذلك من تناقضات ظاهرة.
ج. الدليل الثالث: معارضة أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بأحاديث دلَّت على أنَّ القرآن كان قد جُمِعَ على عهده(صلى الله عليه وآله وسلم)، منها: حديث الشعبي، قال: جَمَع القرآن على عهده ستَّة: أُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد. وفي حديث أنَس أنَّهم أربعة: أُبَي، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، وأمثال ذلك.
د. الدليل الرابع: مخالفة الجمع بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مع حُكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بجمْعه وضبطه عن الضياع والإهمال.
و. الدليل الخامس: مخالفة الجمع بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مع إجماع المسلمين، حيث يَعتبرون النصَّ القرآني متواترًا عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، في حين أنَّ بعض هذه الروايات تشير إلى اكتفاء الجامِعين بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة رجُلين أو رجُل واحد!
[6]– الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، ص247ـ 256
[7]– الحکیم، محمد باقر، علوم القرآن، ص115.
[8]– م.ن، ص118 وما بعدها.
[9]– الحکیم، محمد باقر، علوم القرآن، ص118 وما بعدها.
[10]– المصدر نفسه.
[11]– :John Burton أستاذ في جامعة سانت أندروز في إنجلترا ولد عام 1929 وله عدّة أبحاث في الدراسات القرآنيّة والأبحاث الفقهيّة، صدر كتابه جمع القرآن عام 1977.
[12]– John Burton, The Collection of The Quran, pp.231- 240.
[13]– Gregor Schoeler.
من الباحثين المعاصرين الألمان ولد عام 1944 يعمل أستاذًا للدراسات الإسلاميّة في جامعة بازل في سويسرا، تتركّز اهتماماته في علوم الحديث، ومن الباحثين الذين نقدوا آراء الجيل السابق من المستشرقين.
[14]– گریگور شولر، شفاهي ومكتوب در نخستين سدهاي إسلامي، ترجمه نصرت نيل ساز، ص247.
[15]– Geschichte des Qorâns, Göttimgen, 1860.S.189.
[16]– گریگور شولر، شفاهي ومكتوب، ص250.
[17]– م.ن، ص256.
[18]– م.ن، ص160.
[19]– گریگور شولر، شفاهي ومكتوب، ص258.
[20]– حيث ذهب البعض إلى أنها وجدت في مصادر متأخرة نسبيًّا كما سيتضح.
[21]– The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, p.31.
[22]– Der Koran als Text der Spätantike. EineuropäischerZugang, S.243.
[23]– Neuwirth, Koran, in Gätje (ed), 1987, vol 2, p.103.
[24]– Friedrich Schwally, Betraclitungeuüber die Koransauimluiig des Abu Bekr. In: Weil, Gotthold, Festschrift Eduard Sachau; zum siebzigsten Geburtstage gewidmet von Freunden und Schülern, S.322.
[25]– Ebd. S.323- 324.
[26]– Ebd.
[27]– The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, p.32.
[28]– للتفصيل أكثر حول هذا الموضوع اُنظر:
Nicolai Sinai, When did the consonantal skeleton of the Quran reach closure, in: Bulletin of the School of Oriental and African Studies 2014/ 06 Vol. 77.
[29]– paul Casanova مستشرق فرنسي ولد عام 1863 وتوفّي عام 1923. ولد في الجزائر، سافر إلى باريس سنة 1879م وتعلّم بمدرسة اللغات الشرقيّة. درّس في الكوليج دي فرانس، وحاضر في الجامعة المصريّة 1925م. توفّي بالقاهرة. من آثاره: «محمّد ونهاية العالم» بالفرنسيّة، وترجمة «خطط المقريزي» بالاشتراك مع أ. بوريان (باريس 1893 – 1920).
[30]– Alphonse Mingana كلداني عراقي، اسمه الحقيقي الأول هرمز، وولد في 1878 بقرية شرانس التابعة لقضاء «زاخو» شمال العراق، قضى بعض شبابه في دير للآباء الدومنيكان بالموصل، حيث درس اللاهوت وكان ملمًّا بالسريانيّة والعربيّة والفارسيّة والكرديّة والعبريّة واللاتينيّة والفرنسيّة، أصبح في 1902 كاهنًا بالدير الذي اشتغل فيه بالتدريس طوال 10 سنوات، وتوفّي عام 1937 في برمنجهام، هاجر إلى إنجلترا عام 1913 ودرّس هناك اللاهوت واللغات. ارتبط اسمه بجمع مخطوطات قيّمة من الشرق وإرسالها إلى برمنجهام، للمزيد: موقع جامعة برمنجهام تحت عنوان: History of the Mingana Collection
[31]– THE TRANSMISSION OF THE KORAN, in: The Muslim World, 1917 Vol. 7.
[32]– See: Alphonse Mingana, THE TRANSMISSION OF THE KORAN. TRANSMISSION OF THE KUR’AN ACCORDING TO CHRISTIAN WRITERS part 2: in: The Muslim World, 1917 Vol. 7.
[33]– Nicolai Sinai.
[34]– Nicolai Sinai, when did the consonantal skeleton of the Quran reach closure, in: Bulletin of the School of Oriental and African Studies 2014/ 06 Vol. 77, Part I.p.2.
[35]– Patricia Crone.
[36]– Michael Cook.
[37]– Nicolai Sinai, when did the consonantal skeleton of the Quran reach closure, in: Bulletin of the School of Oriental and African Studies 2014/ 06 Vol. 77, Part I.p.2.
[38]– John Edward Wansbrough جون إدوارد وانسبرو (1928–2002) مؤرّخ أمريكي درّس في جامعة لندن، كلية الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة. ركّز وانسبرو على نقد الروايات التقليديّة للإسلام.
[39]– J. wansbrough, Quranic syudies, p.47.
[40]– Nicolai Sinai, when did the consonantal skeleton of the Quran reach closure, in: Bulletin of the School of Oriental and African Studies 2014/ 06 Vol. 77, Part I.p.2.
[41]– شولر، گریگور، شفاهي ومكتوب، ص163.
[42]– شولر، گریگور، شفاهي ومكتوب، ص163.
[43]– للتفصيل نظريّته ونقده للاتجاه الشكّي انظر بالفارسية: گریگور شولر، شفاهي ومكتوب در نخستين سدهاي إسلامي، ترجمه نصرت نيل ساز.
[44]– The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, p.10.
[45]– EQ, Collection of the Qurān, Vol. 1. p.351.
[46]– The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, p.14.
[47]– Ibid. p.15.
[48]– Ibid. p.14.
[49]– Ibid. p.20.
[50]– Ibid. pp.20- 21.
[51]– Ibid. p.29.
[52]– يستخدم هذا المصطلح على لسان بعض الباحثين الغربيين في علوم الحديث، ويقصد به مدار الحديث، أي الرأي الذي تعود إليه سلسلة الحديث. للمزيد: انظر: آقايي، علي، حلقه مشترك وبيوند آن با اصطلاحات حديثي، مجله تاريخ وتمدن إسلامي، سال8، ص59.
[53]– The collection of the Quran a Reconsideration of western Views in Light of Recent Methodological Developments, pp.29- 30.
[54]– Ibid. pp.30- 31.
[55]– اُنظر بالفارسية: گریگور شولر، شفاهي ومكتوب در نخستين سدهاي إسلامي، ترجمه نصرت نيل ساز.
[56]– G.H.A. Juynboll.
[57]– EQ, Collection of the Qurān, Vol. 1.p.354.
[58]– Ibid. p.459.
[59]– لا ينبغي أن نغفل عن النقد الذي وجهه الشيخ معرفة لأستاذه السيّد الخوئي وبما أنّ تناول ذلك يخرجنا عن دائرة البحث أعرضنا عنه. لمعرفة التفاصيل راجع: معرفة، محمد هادي، التمهيد ج1، ص288.
[60]– للمزيد عنه انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج5، ترجمة: الزهري؛ وانظر: الحوثي، بدر الدين، الزهري أحاديثه وسيرته، مجلّة علوم الحديث، العدد 5، ص49 فما بعد.
[61]– انظر: الحوثي، بدر الدين، الزهري أحاديثه وسيرته، مجلّة علوم الحديث، العدد 5، ص49 فما بعد.
[62]– الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، ص250.
[63]– القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
[64]– الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة (عله)…، ح1، ص228.
[65]– انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص161-162.
[66]– انظر: ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، م.س، ج1، ص12.
[67]– سورة الأعلى، الآية 1.
[68]– سورة الأعلى، الآيتان 18-19.
[69]– سورة الحاقّة، الآية 12.
[70]– انظر: العيّاشي، تفسير العيّاشي، م.س، ج1، باب في علم الأئمّة (عله) بالتأويل، ح2، ص14.
[71]– انظر: العيّاشي، تفسير العيّاشي، م.س، ج1، باب في علم الأئمّة (عله) بالتأويل، ح2، ص14.
[72]– بمعنى العيدان المتفرّقة.
[73]– الأسيار جمع السير؛ وهو قدّة من الجلد مستطيلة.
[74]– انظر، اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص135.
[75]– انظر: الهلالي، كتاب سليم بن قيس، م.س، ص146-147.
[76]– الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح23، ص633.