الفلسفة تعريفها وأهميَّتها
الفلسفة تعريفها وأهميَّتها
ما هي الفلسفة؟ هو سؤال يراود كل المبتدئين القرّاء و أي مستمع لهذه الكلمة وحتّى الذين تقدّموا أشواطًا مهمّة في دراستها حيث انتابهم أنّ العديد من العلماء والمفكّرين جعلوا لهذا المفهوم معنى ذا هدف واضح ومفهوم للجميع، وهنا في هذا السياق سنتاول مفهوم الفلسفة وما الغاية منها؟ نظرًا لأنّ لكل فرد فلسفة خاصة به ولكلّ دين أو حتى مؤسسة فلسفة تتبناها.
أوّلًا: الفلسفة في اللغة:
هي كلمة مشتقة من مصطلح يوناني وهو فيلوسوفيا، فيلو تعني الحب، وسوفيا تعني الحكمة، أي حب الحكمة، وكلمة فيلسوف مشتقة من مصطلح فيلوسوفوس أي مؤثّر الحكمة.
ثانيًا: الفلسفة اصطلاحًا:
مفكرون وعلماء كثر عرّفوا الفلسفة ومنهم أفلاطون الذي عرّف الفيلسوف بأنه الشخص الذي يسعى للوصول إلى معرفة الأمور الأزلية وحقائق الأشياء، وعرَّفها راسل “الفلسفة وإن كانت غير قادرة على أن تخبرنا بيقينٍ عن الجواب الصحيح للشكوك التي تثيرها ، فإنها قادرة على اقتراح إمكانات عديدة، توسّع من آفاق فكرنا وتحرّر أفكارنا من سلطان العادة الطاغي. فبقدر ما تقلل من شعورنا باليقين في ما يتعلق بحقيقة الأشياء، تزيد كثيراً من معرفتنا بما عسى الأشياء أن تكون وتزيل التزمّت المتعالي الموجود عند أولئك الذين لم يسافروا في منطقة الشك المُحرر، وتنعش إحساسنا بالعجب والدهشة وذلك باظهارها الأمور المألوفة بمظهر غير مألوف”. عرَّفها ثمّ جيل دلوز بأنها إبداع المفاهيم، أما الفارابي فقال بأنها العلم بالموجودات بما هو موجودة، بينما قال الكندي إنها هي علم الأشياء بحقائقها الكلية.
رغم التعاريف المختلفة التي طرحت إلّا أنه يمكن القول والإتفاق بأن الفلسفة هي الطريق الرئيسي للمعرفة وكسبها وتحصيلها، ففي القرون الوسطى ظهرت فكرة أنها الرغبة الطبيعية في طلب المعرفة لذاتها، ومنها انطلق اسمها على كل علم يصل إليه العقل عن طريق النظر الفكري بعكس العلم الإلهي الذي يصل إليه الإنسان عن طريق الوحي، ومنها صار معنى الفلسفة العلم العقلي المنّظم.
الفلسفة توصف بأنَّها أم العلوم، أي الأساس الذي انبثقت منه العلوم بشتى أنواعها، وقد يذهب البعض إلى أنَّها لم يعد لها أيّ فائدة أو أهمية في العصر الحديث طالما أنَّ كلّ علم قد استقل بذاته وبنى له نظريات خاصة يفسِّر من خلالها الظواهر المتعددة، ولكن ما يجب أن يُعلم أنَّ هذا الاعتقاد خاطئ وقاصر تمامًا، خاطئ نتيجة الجهل بماهية الفلسفة، وقاصر بسبب عدم فهم الفلسفة على حقيقتها، من خلال الفلسفة تتوسَّع مدارك عقولنا، وتنمو لدينا مهارة البحث والتأمل وإثارة التساؤل، وبها نعرف الحقائق ونُميَّز ونقارن وننقد ونخطئ ونصيب، ونحمي عقولنا ونُمسك بزمامها، فلا يتمكَّن أيّ أحد أن يضع فيها ما يريد ويوجهنا وفق هواه، ونسبح من خلالها في بحرٍ متلاطم من التأملات والآراء والاتجاهات بمختلف مشاربها. ويمكن القول أنَّ عدم إدراك قيمة الفلسفة في مجتمعنا يقف خلفه عدم إدراك لأهمية علم النفس تحديدًا والعلوم الإنسانية، ونتيجةً لهذا الضعف لدينا في تطوير العلوم الإنسانية والارتقاء بها نتج عنه بالضرورة إقصاء كلي للفلسفة.
تبرز أهمية الفلسفة من خلال الموضوعات التي تبحث فيها وتهتم بها، فهي تبحث في الوجود والإنسان والحياة والمعرفة والحقيقة وغيرها من الموضوعات والمسائل، بالإضافة إلى كونها تجعل الفرد في طريق لا نهاية له من البحث عن حقائق الأمور، وتلك الميزة تكفي لإبراز الدور الكبير للفلسفة في حياة الإنسان.
وجاء في تعريف كريستيان وولف:الفلسفة هي العلم بالممكن من حيث ما يمكن تحققه بالفعل.
وفي تعريف كانت:الفلسفة هي المعرفة النظرية المستمدة من التصورات.
وفي تعريف فيخته:الفلسفة هي علم المعرفة.
وفي تعريف هيغل:الفلسفة هي البحث في المطلق.
وفي تعريف أوبرفج:الفلسفة هي العلم بالمبادئ.
وهذا التعريف يوافق عليه الكثير من فلاسفة العصر الحديث، حيثُ يرون أنَّ مبحثي المعرفة والمنطق يجب أن تقتصر عليهما.
أهمية الفلسفة:
1 – من خلال الفلسفة تتحدد المعايير الأخلاقية كما يرى لوك.
2- في أيّ مجتمع تُحارب فيه الفلسفة، يصبح بيئةً خصبةً لنمو الأيديولوجيا، وإن كانت الفلسفة تهدف إلى إعادة الإنسان إلى إنسانيته كما يرى ريكور، فإنَّ من يحاربها يحارب الإنسانية.
3- الفلسفة تحرِّر العقل، وعندما يتحرَّر العقل تجد هذا الإنسان يخرج من القطيع، حيثُ أنَّ غيابها يؤدي إلى كثرة القطعان التي تنقاد إلى قائدها الذي يرعاها وينظِّم سيرها ويوجِّهها كيفما يشاء، مستخدمًا عصا الأيديولوجيا ليهش بها على قطيعه.
4-الفلسفة تجعل الإنسان في طريق مستمر من البحث؛ لأنَّها تولِّد لديه الشغف نحو البحث والمعرفة.
5-الفلسفة تجعل الإنسان يدرك الأمور وينظر إليها نظرةً شموليةً.