أعلام وأقطاب

العارف بالله الشيخ عبد الجواد الدومي

العارف بالله الشيخ عبد الجواد الدومي

 

هو العارف بالله الشيخ عبد الجواد بن محمد حسين الدومي هو أحد مشايخ الصوفية ومؤسس الطريقة الدومية الخلوتيه، ولد الشيخ عبد الجواد الدومى في شهر شعبان من عام 1300 هجرياً في قرية “أم دومة” التابعة لمركز “طما” بمحافظة سوهاج وتوفي عام 1362 هجرياً.
تنحدر أسرته من قرية “بناويط” مركز “المراغة” بمحافظة سوهاج، ورحل جده الحاج حسين الدومي إلى قرية أم الدومة وهو شاب وما زالت أسرته في تلك القرية حتى وقتنا هذا، وأسرته متوسطة الحال يغلب عليها التمسك الدينى والبساطة في المعيشة.
يروي والده الحاج محمد الدومي أنه رأى في منامه فقصها على الشيخ عبد الجواد المنسيفسي الذي كان يزور القرية في هذا الوقت والذي أكد له أن الله سيرزقه بمولود ذكر فقيه وعالما ينفع دينه ودنياه بعلمه وأخلاقه، وبالفعل بعدها بقليل من الوقت رزقه الله بولد فأسماه “عبدالجواد” تيمنا بالشيخ عبد الجواد المنسيفسي.

نشأته وتعليمه:
اهتم والده من صغره بتحفيظه القرآن الكريم فبدأ الحفظ في كتاب القرية وعمره “خمس سنوات”، وأتم الحفظ قبل أن يتم العشر سنوات. بعد ذلك تتلمذ على يد الشيخ “عبد الجواد المنسيفسي” والذي أخذ منه الصوفية وتعلم مبادىء الطريقة الخلوتية “وتعلم منه الآداب والتربية وطريقة السير والسلوك والآداب القويمة، ووقتها أوصاه الشيخ وصية طلب منه أن تكون لزاماً عليه مادام حياً حيث قال له “أن قراءة القرآن هي وردك في الطريق الآن”.
عندما بلغ سن الثالثة عشرة وفى شهر ربيع الثاني عام 1313 هجرياً رحل إلى الأزهر الشريف ليتعلم علوم الفقه والشريعة، وهناك تتلمذ على يد كل من: الشيخ سليم البشري والشيخ محمد السمالوطي والشيخ يوسف الدجوي والشيخ عنتر المطيعي. وقد عرف عنه شغفه الشديد لتحصيل العلم ومداومة المذاكرة.

حياته العلمية:
بدأ الشيخ عبد الجواد الدومي محاضراً وإماماً للناس وهو في سن السابعة عشرة من عمره بعدما أدى شعائر الحج ويقال في تلك النقطة خاصة وهى توجهه للحج حيث ذكر أنه “وهو جالس لمطالعة الدرس وقد أخذته سنة من النوم أن شخصًا أسمر اللون نحيف البدن طويل القامة حمل إليه بطاقة على صورة برقية من حضرة النبى صلى الله عليه وسلم، كتب فيها: عبد الجواد محمد. إحضر حالاً. فقال له: ومن أنت، قال: بلال، فانتبه من سنته فرحًا مسرورًا، وقام لوقته يشدُّ الرحلة لتلبية هذه الدعوة “وبعدها أذن له مشايخه في الانطلاق لهداية الناس وتعليمهم أمور دينهم.
تزوج الشيخ عبد الجواد الدومى وأقام في القاهرة وأنجب ولداً ذكراً وهو الشيخ “محمد عبد الجواد الدومي”. أشاد به علماء عصره، وأكدوا أنه عالم ومحدث وإمام وفقيه ومدرس ومفسر أحب الناس وأحبوه. عمل في عدد من مساجد ومنها مسجد السليمانية ببولاق الدكرور وانتقل بعدها إلى مسجد العدوية في نفس المنطقة.
عندما بلغ عمره الثلاثين انتقل إلى مسجد “الزينى” في السبتيه ببولاق أبو العلا حيث استقر فيه ما يقرب من 25 عاماً يعلم الناس ويؤمهم ويخاطبهم. وحاضر كثيراً من الناس في كل البلدان تقريباً وأصبح له تلاميذ من كل مكان.

تفسير القرآن:
كان الشيخ يعتزم تفسير القرآن كاملاً إلا أن المرض حجب عنه أن يتم ما اعتزمه. وفي تفسيره للقرآن اعتمد على أساسين هما: “النبويات والتفسيرات عامة”. النبويات ويقصد بها الآيات الواردة في حق الأنبياء والرسل عليهم السلام. التفسيرات العامة وتعني الآيات التي تثبت البعث والحضر بعد الموت وآيات تدل على مظاهر القدرة الإلهية وخلق الإنسان وأطواره وغير ذلك. كان الشيخ عبد الجواد الدومي قبل أن يخوض في التفسير ينظر إلى ركنين أساسيين هما حق الألفاظ وحق العصمة أشار إلى أن حق الألفاظ ويعنى بها حق مراعاة معانيها اللغوية التي وضعت لها، وحق العصمة ويعنى بها وضع سياج من الحيطة والحصانة للأنبياء والرسل والذين حفظهم الله من الوقوع في المنهيات والأخطاء ولذلك فهم قدوة للبشر ونور للهداية.

التصوُّف:
يقول الشيخ عبد الجواد الدومي: “التصوف هو العمل بالعلم” كما أكد أنه “الصراط المستقيم وصراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين”. وكان يرى أن غاية التصوف هو “يقظة القلوب” وجعل موضوعه هو الإنسان نفسه، إشارة إلى أنه مقتضى الفطرة الإنسانية وثمرة العقل الذي يميز الإنسان به عن سائر الموجودات.

كان الدومى يظهر أنيقًا متسقًا يرتدى أحسن ما يمكن من الثياب لأنه هكذا فهم التصوف على أنه لا يتنافى مع الزينة والجمال.

مؤلفاته:
ألف عبد الجواد الدومى كتابين وهما:
1. تفسيرات الدومى
2. نفحات الدومى
وله كتابات عدة في الآداب والأحكام والفضائل.

أقواله:
1. الطاعة تجمعنا والمعصية تفرقنا.
2. اجعل رأس مالك مسامحة إخوانك.
3. دستور الصداقة يقوم على حسن الأدب ورقة الإحساس.
4. الحياة ميدان يوم لك ويوم عليك والعاقبة للمتقين.
5. وكان يوصى أتباعه ومريديه بحسن العشرة مع الناس عامة، ومراعاة حقوق الأهل والعيال، وقيام كل منهم بحق وظيفته أو صنعته، ويخبرهم بأن ذلك كله من دواعى ترقيهم في الطريق وقبولهم عند الله.

وفاته:
كما ذكر من قبل فقد عزم الشيخ عبد الجواد الدومى على تفسير القرآن كاملاً وبدأ في تفسير النصف الأخير منه حتى أنهاه وبدأ في تفسير النصف الأول حتى وصل إلى الآية ” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” (سورة النساء)،  إلا أن المرض حجب عنه إكمال التفسير ولازمه المرض أربع سنوات متتاليات حتى لقي ربه في نهاية عام 1362 هجرياً، ودفن في الضريح الكائن بالطحاوية في الجهة الشرقية من ضريح الإمام الشافعى رضي الله عنه.
من تلاميذه الشيخ محمد سليمان سليمان، الشيخ محمد أحمد الرملي، الشيخ محمد أحمد الطاهر الحامدي، الشيخ محمد مرسي الطنطاوي، الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد، الشيخ علي عثمان عزوز وغيرهم.

المصادر:
1. كتاب “السلسة الذهبية في تراجم مشايخ الخلوتية” بقلم السيد بن إبراهيم الغريزي.
2. “سيدي عبد الجواد الدومي” بقلم محمد المنطاوي.

_______________________

*نقلًا عن موقع ” الإشراقات المحمدية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى