أعلام وأقطاب

العارف بالله الشيخ ماء العينين

العارف بالله الشيخ ماء العينين

 

هو محمد المصطفى بن الشيخ محمد فاضل بن مامين حيث يتصل نسبه الشريف بإدريس الأكبر ثم بابنه إدريس الأزهر فاتح المغرب ثم بعبد الله الكامل فالحسن المثنى، فالحسن السبط بن علي وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولد الشيخ ماء العينين في رحاب بيت اشتهر بالعلم والصلاح والورع والمآثر المتوارثة عن أسلافه، فوالده الشيخ محمد فاضل كان إماما من أئمة المسلمين وعلما من العلماء العاملين ذائع الصيت، محل تقدير عند العامة والخاصة وكان من أقطاب الصوفية في زمنه ومن العارفين بالله وإليه تنسب الطريقة الفاضلية في موريتانيا والمغرب وسينغال وغيرها. في كنف هذا الشيخ الجليل وتحت عنايته تربى ولده الشيخ ماء العينين كانت ولادته في أقصى بلاد الجنوب المغربي بعاصمة الحوض من بلاد شنقيط وذلك يوم الثلاثاء شعبان 1246ه موافق للحادي عشر من شهر فبراير من سنة 1831م.

نشأ الشيخ ماء العينين وتربى في كفالة والده بين إخوته وعشيرته، وتتلمذ على أبيه في السلوك والعلوم الشرعية فلازمه واجتهد في الأخذ عنه والاستضاءة بنور مشكاته ونهل من علومه ومعارفه.

حفظ القرآن برواية ورش وهو ابن عشر سنين على السيد عبد الباقي بن أحمد بن علي مولود المسومي، الذي كان معلما للقرآن في محلة الشيخ محمد فاضل، ثم أعاد حفظه تجويدا بالقراءات السبع عليه، وأخذ الاجازة في القرآن ولما يبلغ الحلم، ثم جد في طلب العلم على والده، وعلى أستاذه الثاني محمد فاضل بن لحبيب اليعقوبي الذي أخذ عنه بعض الأبواب من مختصر خليل، وبعض النصوص الفقهية، ثم صرف وقته في تحصيل العلم حتى صار من الراسخين فيه ومن جهابذة أهل النظر والتبصر، وأتقن دراسة العلوم المتداولة في زمنه إتقانا أهله لمرتبة الإمامة فيها، ثم تصدر للتدريس والافتاء في مدرسة والده برهة من الزمن بعد أن استبطن دخائل العلم وغاص في أسراره واستجلى غامضه، واستخرج مخبأه، وأحاط بأصوله وفروعه، وشهد له العلماء بذلك وهو لايزال مع والده.

يقول مريده الشيخ محمد العاقب بن مايابى :” ولما قرأ جميع المتون وتفنن في العلم، انتصب للإقراء والتعليم بحضرة أبيه.

وقد ساعده على التبحر في العلم ذكاء حاد، وذهن موقد وذاكرة قوية، فقد كان رحمه الله حديد الفهم سريع الحفظ ملتهب الذكاء، يقول عنه مريد والده العلامة محمد فاضل بن الحبيب اليعقوبي ما نصه: “ومما شاهدته فيه-يعني الشيخ ماء العينين- من سرعة الحفظ وجودة الفهم ووعي العلم ما شاء الله لا قوة إلا بالله رأيته كتب عشرين قفا من ابتداء ثمن المختصر الأخيرإلى منتهى أحكام الحدود عند ابتداء أحكام العتق وحفظه في يوم واحد، وكتب من الغد آخر الكتاب وحفظه أيضا ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

عقب الشيخ محمد العاقب بن مايابى على ما ذكر محمد فاضل بن الحبيب اليعقوبي قائلا:” فعلى هذا يصح أن يستكمل المختصر في مقدار ستة عشر يوما، فتبارك لله وأحسن الخالقين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فهذه هي الأذن الواعية الحافظة لما تسمع.

ومن المعلوم عند طلبة العلم أن أسلوب مختصر خليل معقد صعب الحفظ. فالأذكياء النجباء من أجاود الطلبة في بلادنايحفظون متنه خلال سنة، أما غيرهم من المتوسطين فلا يمكنهم حفظه إلا خلال أربع سنوات.

وعن سرعة حفظ الشيخ ماء العينين يقول مريده العلامة الفقيه الشيخ محمد عبد الله بن تكرورالموسوي اليعقوبي:” أنه قرأ تفسير نظم سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم “مراقي السعود” و”الجوهر المكنون” كليهما في بعض يوم ويوم كامل وبعض ليلة، وذلك أنه ابتدأ في قراءة هذه الكتب بعد عصر يوم الأربعاء ومكث آخر النهار ويوم الخميس وبعض ليلة الجمعة فأتمها حفظا ليلة الجمعة. ويقول تلميذه السالف الذكر وكانت تخرق له العادة في حال تعلمه خرقا عجيبا.

وهناك شواهد كثيرة تثبت تميز الشيخ ماء العينين وسرعة حفظه وسعته… يرجع إليها في مظانها لمن أراد الاستزادة من ذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى