مؤتمرات وندوات

الأكاديمية المغربية للبحث الفلسفي العبر-مناهجي تنظم المؤتمر الدولي الأول في العالم العربي للدراسات الفلسفية العبر-مناهجية

الأكاديمية المغربية للبحث الفلسفي العبر-مناهجي تنظم المؤتمر الدولي الأول في العالم العربي للدراسات الفلسفية العبر-مناهجية، تحت شعار:

“العبر-مناهجية وتجاوز الوضعانية الساذجة“.

تؤكد الأبحاث الفلسفية المعاصرة على ضرورة تبني منظورٍ عبر-مناهجي (Transdisciplinary) في مقاربة الإشكاليات الكبرى التي تواجه تعقيد الوجود الإنساني، وذلك استجابةً للتعقيد المتزايد للمعرفة وتشابك التخصصات. وقد تجسدت هذه الدعوة في أعمال عدد من المفكرين البارزين، من بينهم إدغار موران (Edgar Morin) في مؤلفه متعدد الأجزاء La Méthodeدار النشر: Seuil، الطبعة الأولى 1977) وباساراب نيكوليسكو (Basarab Nicolescu) في كتابه Manifesto of Transdisciplinarity (دار النشر: State University of New York Press، 2002). كما شهدت الأوساط الأكاديمية المرموقة – مثل جامعات هارفارد (Harvard)، وبرنستون (Princeton)، وطوكيو (University of Tokyo) – اهتمامًا متزايدًا بهذا التوجه المعرفي، حيث نُشرت أبحاث ودراسات تسعى إلى دمج الحقول العلمية والإنسانية بهدف خلق طفرة نوعية في التفكير المعاصر.

وفي ظل هذا التوجه، لعب العديد من المثقفين العرب دورًا في إثراء هذا الإسهام؛ ومن أبرزهم المفكر المغربي إدريس هاني وعمله الموسوم “المعرفة والاعتقاد؛ مقاربة عبر-مناهجية”. يسعى مؤتمرنا الدولي هذا إلى بلورة رؤية فلسفية نقدية تتجاوز الحدود التقليدية بين التخصصات، وتُعيد النظر في مناهج البحث وآلياته. ومنطلقين من فكرة مفادها أن العبر-مناهجية لا تكتفي بتداخل التخصصات (Interdisciplinarity) فحسب، بل تدعو إلى إعادة صياغة الأسس المعرفية ذاتها، بما يتيح إدماج العلوم الطبيعية والإنسانية والفنون في نسق فكري مرن ومتفاعل. ومن هنا، يتجلى الهدف الأسمى للمؤتمر في استكشاف السبل الكفيلة بإقامة حوار نقدي خلّاق يجمع ممثلي المراكز البحثية والفكرية، ويُحفّز على التفكير المشترك في قضايا الإنسان المعاصر.

إن التجارب التاريخية والمعاصرة في هذا المجال تشهد على أن العبر-مناهجية ليست مجرد استراتيجية أكاديمية، بل هي مجموعة من القيم والمبادئ التي تنادي بالانفتاح على كل من يسهم في إثراء الحوار المعرفي. فقد أظهر مفكرون مثل إدغار موران وباساراب نيكوليسكو وغيرهما، من خلال أعمالهم، كيف يمكن لفلسفة النقد الذاتي أن تفتح آفاقًا جديدة للتأمل والتحليل. وقد أكدت الدراسات المنشورة في مؤسسات علمية مرموقة – مثل جامعات هارفارد وبرنستون وطوكيو – أن التداخل بين مختلف المجالات ليس مجرد ميزة تنافسية، بل هو متطلب أساسي لتطوير الفكر الإنساني في مواجهة التحديات الراهنة؛ إذ يستلزم هذا التداخل منهجًا قادرًا على تجاوز الانقسامات التقليدية، ليصل بنا إلى مستوى جديد من التفكير يتسم بالمرونة والعمق.

ومع إيماننا بأن المعرفة لا تكتمل إلا بتكامل النظريات والممارسات، نعتبر أن هذا المؤتمر الدولي يشكل فرصة علمية فريدة تهدف إلى إعادة صياغة الأفكار الراسخة وتجاوزها نحو منظور شامل يُثري الحوار بين مختلف المجالات. إن استضافة ممثلي مراكز الدراسات البحثية والمفكرين من مختلف أرجاء العالم خلال ثلاثة أيام من الحوار المتواصل تُعد فرصة لتوليد طاقة فكرية جديدة تُعيد إلى الواجهة أهمية الجمع بين النقد التحليلي والرؤية المستقبلية. وسيكون هذا الحدث بمثابة ملتقى للتفكير الثوري، حيث تُعرض الأفكار في صور متعددة: نصوص مكتوبة، ومحاضرات مسموعة، وعروض مرئية تُسلّط الضوء على التجارب الناجحة في تطبيق المنهج العبر-مناهجي.

على مدى ثلاثة أيام، سيستقبل المؤتمر نخبةً من الأكاديميين والباحثين والمفكرين من جامعات ومراكز دراسات مرموقة، لمناقشة قضايا معرفية متعددة، من أبرزها:

  1. إعادة تعريف الحدود بين التخصصات: كيف يمكن للعبر-مناهجية أن تسهم في إعادة صياغة هذه الحدود بشكل يتيح تكاملاً فعليًا بين المجالات العلمية والأدبية والفنية؟
  2. تطبيقات العبر-مناهجية: ما هي أبرز التجارب التطبيقية الناجحة في ميادين البحث والتطوير (R&D)، خاصة في ظل التطور التقني المتسارع؟
  3. التحديات الأخلاقية والمعرفية: كيف نتعامل مع قضايا الأخلاقيات، والهوية، والعدالة الاجتماعية في إطارٍ عبر-مناهجي يتسم بالمرونة والانفتاح؟
  4. دور المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث: كيف يمكن لمثل هذه المؤسسات أن تتبنى سياسات تشجع على الانخراط في مشاريع بحثية مشتركة تسهم في بلورة رؤية عبر-مناهجية؟
  5. المثقف العضوي: ما هي مسؤولية المثقف النقدي في ظل هذا التوجه، وكيف ينعكس دوره على تطوير الوعي الجمعي؟

سيناقش المؤتمر العديد من الإشكالات، من بينها:

  • هل يمكن للعبر-مناهجية أن تتجاوز مجرد التكامل بين التخصصات لتصبح إطارًا نقديًا يُعيد صياغة الفكر الإنساني برمّته؟
  • إلى أي مدى يُسهم الانفتاح على الآداب والفنون في إثراء البحوث العلمية والتقنية؟
  • كيف يمكن لمؤسسات التعليم العالي ومراكز الأبحاث أن تتبنى مناهج جديدة تُشرك الدارسين في حوارٍ عابر للتخصصات، بدلًا من حصرهم في مسارات معرفية ضيقة؟
  • ما هو دور الفلسفة النقدية في بناء رؤية أخلاقية وإنسانية للعبر-مناهجية، خصوصًا في ظلّ التحديات العالمية الراهنة؟

مراجع للاستئناس:

  • Morin, E. (1977-2004). La Méthode (6 Vols). Seuil.Morin ، E. (1977-2004). La Méthode (6 مجلدات). Seuil.
  • Nicolescu, B. (2002). Manifesto of Transdisciplinarity. State University of New York Press.نيكوليسكو ، ب. (2002). بيان عبر الانضباط. مطبعة جامعة ولاية نيويورك.
  • Klein, J. T. (1989). Interdisciplinarity: History, Theory, and Practice. Wayne State University Press.Klein ، J. T. (1989). التخصصات: التاريخ والنظرية والممارسة. مطبعة جامعة واين ستيت.
  • منشورات مراكز البحوث في جامعات هارفارد وبرنستون وطوكيو حول مشاريع العبر-مناهجية (2005-2025).

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى