14 توصية لمؤتمر الجمعيَّة الفلسفيَّة ودار الإفتاء في مصر
14 توصية لمؤتمر الجمعيَّة الفلسفيَّة ودار الإفتاء في مصر
إعادة النظر في تهميش تدريس مادَّة الفلسفة
د.نظير عياد مفتي الجمهورية ود.مصطفي النشار رئيس الجمعية الفلسفية المصرية خلال المؤتمر
أعلن الدكتور مصطفى النشار، رئيس الجمعية الفلسفية، 14 توصية لمؤتمر «الفلسفة الاسلامية حضارها ومستقبلها في العالم» والذي عقد بالتعاون بين الجمعية الفلسفية المصرية ودار الافتاء المصرية، وذلك بمشاركة 58 باحثا يمثلون ثماني دول عربية وأوربية، وبحضور الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، مشيرا إلى إن توصيات المؤتمر سيتم رفعها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقال النشار، إن المؤتمر استخلص بمنهجيته العلمية واقع الفلسفة الإسلامية وحاضرها في العالم، وكذلك مستقبلها في عالم الغد متسارع الخطوات، وذلك على مدار ثلاث عشرة جلسة علمية استمرت ثلاثة أيام كاملة، تحت رعاية الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر، الرئيس الشرفي للجمعية الفلسفية، والدكتور أسامه الأزهري، وزير الاوقاف، مشيرا إلى إن المشاركون أوصوا باستمرار التعاون البناء بين الجمعية الفلسفية المصرية وبين مؤسسات الدولة الدينية في إقامة هذا المؤتمر وأن يكون ملتقى دوريًا ثابتًا تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأضاف أن التوصيات اشارا إلى ضرورة إنشاء رابطة فلاسفة العالم الإسلامي للعناية بالفلاسفة المشتغلين بها وبقضايا الفلسفة الإسلامية وتنشيط دورها في ترسيخ فكر التعايش والتسامح والتعددية والمواطنة، وضرورة إعادة النظر في مسألة تهميش تدريس مادة الفلسفة في المرحلة الثانوية وإعادة تدريسها وتطوير مقرراتها كما ينبغي أن يكون عليه، والعناية بإنشاء مقرر تعليمي للتربية النقدية للأطفال والتفكير الفلسفي للإسهام في مشروعات بناء الإنسان وترسيخ الهوية والانتماء والولاء الوطني، وإقامة مؤتمر للتسامح يقوم بشكل عاجل باستخلاص مقرر تعليمي للتسامح يتم تدريسه للمراحل السنية المختلفة.
إلى جانب الاهتمام بترجمة الأعمال المهمة للمفكرين والفلاسفة العرب من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى مثل الانجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، وذلك من خلال تأسيس صندوق لدعم الترجمة وتمويلها والترجمة يقوم بها مترجمون من البلد المستهدف بها، وإحياء فلسفة القوة العادلة، فلسفة تستمد جوهرها من حكمة الإسلام وتجربته التاريخية التي أرسَت مبادئ العدالة والسلام في العالم. هذه الفلسفة تعيد تعريف القوة لا كوسيلة للهيمنة والاستبداد، بل كأداة للحفاظ على حقوق الأفراد والمجتمعات، مقاومةً لأفكار الظلم والقهر التي تسعى إلى تفتيت المجتمعات الإسلامية وإخضاعها. إنها فلسفة توازن بين القوة والعدل، بين الحزم والرحمة، مستندةً إلى مبادئ الحق الذي لا يخبو نوره مع مرور الزمن.
وأوضح النشار، أن المشاركون أوصوا بإحياء فلسفة الاستغراب، التي تجعل من دراسة الحضارات الأخرى شرطًا لا غنى عنه لفهم العالم واستشراف سُبل التفاعل معه. إن دراسة الأديان والثقافات والسياسات والهياكل الاجتماعية للحضارات الأخرى يُمكّن العقل الإسلامي من رصد نقاط القوة والضعف، واستكشاف سبل الإبداع والتطوير بما يخدم الأمة الإسلامية. هذه الفلسفة هي الردّ المنهجي على مشروع الاستشراق الذي وُلِد في كنف الاستعمار، فتصبح الفلسفة الإسلامية قادرة على مواجهة الاستغلال المعرفي بمنهجية واعية.
بالاضافة إلى إحياء فلسفة الروح والعاطفة والوجدان، في زمن اجتاحته الفلسفات المادية التي قادت إلى جفاف الروح وتآكل القيم الإنسانية. إن الإنسان، في جوهره، ليس مجرد آلة تفكر؛ إنه كائن يحمل مشاعر وأحاسيس متقدة تحتاج إلى تغذية. هذه الفلسفة تعيد للعاطفة دورها الأصيل في توجيه الإرادة البشرية نحو الخير والتفاعل مع الآخرين بروح المحبة والتعاون، ما يعيد بناء جسور التواصل الاجتماعي التي أضعفتها المادية البحتة.
وشدد النشار ايضا على إحياء فلسفة الأمل والمستقبل والحياة، في مواجهة الفلسفات العدمية التي سلبت من الإنسان معنى وجوده وأثقلت قلبه بحالات اليأس والإحباط. إن الفلسفة الإسلامية تنبني على أن للحياة معنى وهدفًا، وأن السعي لتحقيق الخير والجمال هو محور الوجود الإنساني. إنها فلسفة ترفض الاستسلام لعدمية الوجود، وتبثّ في النفوس يقينًا بأن غدًا يحمل إمكانية الإصلاح والبناء.
وإحياء فلسفة اقتصادية تعزز قيمة الحلال والحرام، وتدعو إلى استثمار يحقق التكافل الاقتصادي ويعتمد على الذات. في مواجهة الفلسفات الرأسمالية التي أرهقت الفقراء، والشيوعية التي أهدرت جهود الأفراد المبدعين، تقدم الفلسفة الإسلامية نموذجًا متوازنًا للتوزيع العادل للثروات والفرص، يدعو إلى احترام الخبرة والكفاءة ويوظفها لبناء مجتمع مزدهر قائم على الإنصاف.
وإحياء فلسفة صوفية تركّز على العمل والحقيقة، بعيدًا عن التواكل والخرافات التي اختزلت التصوف في رموز ورسوم. التصوف الأصيل يُذكّر الإنسان بحقيقة وجوده، ويُحفّزه للعمل من أجل إعمار الأرض بروح نقية متصلة بالحق. هذه الفلسفة تصون النفس من الانحرافات التي سلبت التصوف جوهره، وأحالت منهج التأمل إلى طقوس خاوية.
______________________
*نقلًا عن صحيفة ” المصري اليوم”.