مشاهد ومراقد

تعرَّف على مقامات وقبور الأنبياء في ديار بكر – تركيا

محمد عثمان

تعرَّف على مقامات وقبور الأنبياء في ديار بكر – تركيا

محمد عثمان

تعتبر  ديار بكر مدينة تركية ذات أهمية دينية عالية إلى جانب أهميتها السياحية، فكانت تعتبر من قبل مركزاً لالتقاء القوافل التجارية القادمة من الشمال والجنوب، كما كانت تستقبل الكثير من الأنشطة الثقافية والدينية عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، وقد حافظت على أهميتها هذه قبل الإسلام وحتى اليوم.

يوجد في المدينة الكثير من قبور الأولياء الصالحين، وعدد من مزارات الأنبياء، وأبرزهم: سيدنا هارون وابن أخيه ومساعده رويام، وسيدنا إلياس وابن عمه هرمز وسيدنا ذو الكفل عليهم الصلاة والسلام.

في هذا التقرير، نعرض أبرز الآثار الدينية الموجودة في المدينة:

 

قبر ومقام النبي ذو الكفل عليه السلام

حسب المصادر التاريخية فإن ذا الكفل هو أحد أبناء سيدنا أيوب واسمه الحقيقي هو بِشْر، أرسله الله كنبي وأمره بدعوة الناس إلى “عقيدة التوحيد” أي الإيمان بالله وحده لا شريك له.

يقول ربنا عز وجل في سورة الأنبياء عن قصة سيدنا أيوب عليه السلام: (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين، وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين، وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين).

يقع قبر سيدنا ذي الكفل عليه السلام في منطقة أييل بالقرب من تربة سيدنا هارون عليه السلام، وقد كان قبره مع قبر سيدنا إلياس في منطقة سد بحيرة دجلة، لكن قرّرت إدارة الشؤون الدينية بالتعاون مع الإدارة المحلية لمحافظة أييل نقل قبريهما إلى تربة سيدنا هارون عليه السلام وذلك في تاريخ 13-16 سبتمبر 1955. كما أن له مقاماً في منطقة أرجائي في مدينة ديار بكر.

 

وقد لاقى العاملون على نقل القبر صعوبة كبيرة في فتحه وذلك بسب استخدام حجر الكلس القوي في بنائه، كما تم نقل قبر سيدنا ذي الكفل بعد قبر سيدنا إلياس عليهما السلام إلى تربة كالاه محلسي.

وقد روى الكثيرون من الذين شاركوا في نقل القبر أن جثة سيدنا ذي الكفل لم تكن متحللة أبدا، وهذا مصداق حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال بأن جثث الأنبياء لا تتحلل بعد موتهم.

 

 

قبر النبي اليسع عليه السلام

ذكر الله عز وجل سيدنا اليسع في سورة الأنعام الآية 86 فقال: (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا). وكذلك في الآية 89 فقال: (أولئك الذين آتينهم الكتاب والحكمة والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين). كما وذكرهم الله تعالى في سورة ص الآية 48: “واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار.“

وقد اقتصرت المصادر الإسلامية على ذكر شيء بسيط من شجرة عائلته حيث يُعرف فقط بأنه بعث في زمن النبي إلياس بن يعقوب، وتفيد المصادر التاريخية أن النبي اليسع قام بدعوة بني إسرائيل إلا أنهم لم يؤمنوا به على الرغم من طول الفترة التي قضاها معهم وسلّطوا عليه الآشوريين ليؤذوه ويعذبوه، ومن المتوقع أن يكون النبي “اليشا” المذكور في التوراة هو نفسه النبي اليسع الموجود في القرآن الكريم، وبحسب ما جاء في التوراة فإن النبي اليسع هو بن شفاف، والذي عاش في مملكة إسرائيل في القرن الثامن قبل الميلاد، وقد تم اختياره خلفاً للنبي إلياس بناء على أمر الله، وقد استمر في دعوة الناس إلى توحيد الله بعد وفاة النبي الياس عليهما السلام.

كما تذكر التوراة أن رسالة النبوة نزلت على سيدنا اليسع في مدينة أريحا في فلسطين وكان لديه الكثير من المعجزات، ومات في عهد الملك يوعاش، كما يذكر الكتاب أن النبي اليسع دفن في منطقة إييل في مدينة ديار بكر جنوب تركيا، وأن السكان لديهم إيمان بوجوده قبره هناك، مع وجود ادعاءات من بعض الباحثين أنه موجود في قرية السميراية في ولاية شانلي اورفا بجانب قبر سيدنا أيوب.

وروى باحثون أن عملية نقل قبر النبي اليسع من منطقة ديار بكر إلى جانب قبر سيدنا أيوب عليه السلام في شانلي أورفا تمت بسبب أعمال بناء سد مائي، حيث استمرت عملية النقل يومين في عام 1995، وأكّدوا “بقاء الأجساد على ما هي عليه وعدم تحللها برغم مرور قرون عديدة على القبر”.

 

 

مقام النبي إلياس عليه السلام

ذُكر سيدنا إلياس عليه السلام مرتين في القرآن الكريم، على أنه أحد العباد الصالحين الذين كافحوا عبادة الأصنام وقام بالدعوة الحسنة في سبيل ذلك، لكن هناك الكثير من التفاصيل في الروايات المختلفة الموجودة في كتب التفسير وقصص الأنبياء، تذكر أن شجرة عائلته هي: “إلياس بن ياسين بن فينهاس بن إيراز بن هارون بن عمران أو إلياس بن عازير بن إيراز بن هارون بن عمران”.

وإلى جانب المصادر الإسلامية فإن هناك العديد من المصادر الدينية اليهودية التي تتحدث عن النبي إلياس، وحسب الروايات الموجودة فإنه عاش في زمن الملك أحاب وابنه أخازيا، وحسب الروايات المتعلقة بالموضع فإن أحاب كان يعبد الأصنام وكان يجبر قومه على ذلك فدعاهم سيدنا إلياس إلى ترك الأصنام والتوحيد، ويقال إن الملك أحاب استجاب إلى الدعوة وترك عبادة الأصنام.

إلا أن الروايات تذكر أن زوجة الملك أحاب قامت بقتل جارتها فوكّل الله عز وجل إلى النبي إلياس للنظر في هذه القضية، وقام بنصح الملك أحاب، فغضب الملك وعاد إلى عبادة الأصنام، ويقال إنه حاول قتله فلجأ إلى مغارة للعبادة والإقامة، ويقال إنها     موجودة في منطقة سور في ديار بكر، ورغم التغييرات الكثيرة التي حصلت إلا أن الكهف حافظ على جوهره وما زال يُعرف بمقام النبي إلياس.

 

 

 

قبر النبي هارون الصافي عليه السلام

سيدنا هارون عليه السلام هو أخو النبي موسى عليه السلام ووزيره، وقد أرسلهما الله إلى بني إسرائيل، ويذكر الكتاب المقدّس أنه توفي وعمره 123 عاماً.

ورغم عدم معرفة مكان جبل الخور إلا أن الكلمة التي استخدمت في التوراة قد تدل على قبيلة هوري الموجودة في منطقة ديار بكر، ومن المعلوم أن سيدنا هارون عليه السلام قد توفي قبل دخول الأرض المقدسة ودفن بعيداً عنه، لذا من المرجّح أن يكون القبر الموجود في منطقة أييل هو قبره الموجود قرب قبر نبيناذي الكفل عليه السلام، وتسمى القمة الموجودة عليها هذه القبور قمة الأنبياء.

 

 

 

 قبر النبي هالاك عليه السلام

تذكر بعض المصادر العثمانية أن هالاك هو نبي مرسل وقبره موجود في منطقة اييل بجانب شجرة بلوط ومحاطة ببعض الأشجار، إلا أن هناك الكثير من المصادر التي تقول إن هذا القبر هو قبر صحابي، وليس قبر نبي، وخاصة أنه لا توجد غير المصادر العثمانية التي تنقل لنا أن هذا المكان هو قبر رسول.

 

 

قبر النبي هاروت عليه السلام

توجد في الوثائق العثمانية العائدة إلى أوائل القرن العشرين بوجود نبي اسمه هاروت في منطقة وقبره موجود في مدينة ديار بكر، ولا يوجد إلى جانب ذلك أية معلومة خاصة بحياته وبعثته وموته، ويوجد قبره في حي هاجيان البعيد عن منطقة اييل 4 كم، وقد كان موجوداً بجانب قبر النبي ذي الكفل إلا أنه وبعد بناء السد تم نقل قبر سيدنا ذي الكفل وبقي قبر النبي هاروت إلى جانب دجلة.

 

 

                              قبر النبي انوش عليه السلام

تفيد بعض المصادر التاريخية أن النبي “انوش” هو ابن النبي “شيث” عليهما السلام، ولكن دون أن تذكر معلومات تفصيلية عن حياته.

وفي الوثائق العثمانية المؤرّخة بتاريخ 1898 الخاصة بديار بكر تذكر أن النبيان “انوش” و “شيث” قد عاشا في مدينة ديار بكر وقبرهما موجود في قرية “اوتلوجا” بجانب قبور الصحابة والأولياء الكرام، كما وتدّعي بعض الوثائق أنه ليس نبيا بل مجرد حاكم، ولا توجد أية وثائق غير الوثائق العثمانية تبيّن أنه نبي، وأنَّ قبره في ديار بكر.

 

 

                                          مقام يونس عليه السلام

يعتبر النبي يونس من الأنبياء الذين مرَّ ذكرهم في القرآن الكريم حيث ذُكر 4 مرات في القرآن بشكل واضح، مرتان بمناسبة واقعة الحوت وبمصطلحين هما: “صاحب الحوت” و “ذا النون”.

ويذكر القرآن الكريم أن يونس عليه السلام أُرسل إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام، وأمره الله بدعوتهم لعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، وتذكر الوثائق التاريخية أن النبي يونس عليه السلام أرسل إلى الآشوريين الذين كانوا يقطنون شرق نهر دجلة في عاصمة تسمى نينوفا، كما تذكر المصادر الإسلامية أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يذكر أن قرية النبي يونس هي نينوى.

وعلى الرغم من أن النبي يونس دعا قومه لمدة 33 عاماً إلا أنه لم يؤمن به إلا اثنان من قومه، وبعد هذه النتيجة اعتقد سيدنا يونس أن قومه لن يؤمنوا أبداً، فتركهم  وهو في غضب شديد، وانزوى في حياة منعزلة عنهم.

وتشير المصادر إلى أن المكان الذي انعزل إليه النبي يونس هو كهف “فيس” أسفل قلعة ديار بكر اليوم، ويذكر هذه القصة الرحالة التركي “أولياء شلبي” إذا يقول إن سيدنا يونس عليه السلام كان قاطناً مع قومه في مدينة الموصل ودعا قومه إلى الإيمان، ولكن لم يؤمن معه إلا اثنان، فانعزل عنهم إلى كهف فيس الموجود في مدينة ديار بكر.

 

 

 

 ____________________________________

 

 

 *عن موقع (ادويت)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى