المعتقدات والطقوس الخاصَّة بالأضرحة في الجزائر خلال الفترة العثمانيَّة
نفيسة دويدة
نتناول في هذا المقال دور وأهميـة الأضرحـة في الجزائر باعتبارها أماكن للدّفن ومبعثا للحياة في بعدهـا اللامادي والروحـي، على مستوى الحياة الاجتماعية والدينية. تسمح قراءة بعض الطقوس والاعتقادات من تحليل نموذج ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي (مدينة الجزائر العاصمة). لقد عرفت الجزائر في العهد العثماني تعدّدا وتنوّعا في مرافقها الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والدينيّة والعمرانية، مما انعكس على المنشآت الدينية مثل المساجـد والزوايـا والمدارس والأضرحة التي استفادت هي الأخرى من محيط الانفتاح الديني والتعايش المذهبي والعقائدي السائد آنذاك.
فهرس الكلمات المفتاحية :
ضريح، طقوس، معتقدات، العهد العثماني، سيدي عبد الرحمان الثعالبي، الجزائر.
مقدمة
لا يزال تاريخ الجزائر في الفترة العثمانية، لاسيما في جوانبه الثقافية والسوسيو- أنثروبولوجية، مجالاً خصبـًا للبحث والإثراء، خاصة عندما يدرس ويحلل العلاقة بين الإنسان ومحيطه المكاني وكذلك وفق السّياق الزمني، ويؤرخ لتأثيرات تلك العلاقة وما ينجم عنها على مستوى البناء الثقافي.
والبحث في مجالات التفاعل بين الإنسان والمكان يمكن أن يكشف عن الدلالات الرمزية والبنيوية للأماكن المخصصة للذكرى والطقوس المرتبطة بالموت، ومنها على وجه الدقة تلك المؤداة في الأضرحة باعتبارها جزءًا مهمـًا من علاقة التواصل بين الأحياء وماضيهم.
اخترنا في هذا المقال دراسة الطقوس والممارسات المرتبطة بالأضرحة في الجزائر خلال فترة الحكم العثماني. لقد حاولنا الإجابة على الأسئلة التالية: ما هي ملامح الحياة الاجتماعية خلال هذه الفترة والتي أطرت هذه الطقوس والممارسات المتعلقة بالأضرحة؟ ما هي مكانة وأدوار هذه الأضرحة؟ وماهي المعتقدات المرتبطة بها؟
بعد تعريف بعض المصطلحات، حاولنا الإجابة على هذه الأسئلة بالاستناد إلى المصادر التاريخية المتوفرة وبعرض حالة ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي باعتباره نموذجا ممثلا للعديد من الأضرحة في تلك الفترة من التاريخ الجزائري.
إن الحيز الزمني لفترة الحكم العثماني للجزائر، والذي امتد لقرابة الثلاثة قرون، يجعل من الصعب عرض كل المصطلحات المتعلقة بالموضوع في هذا المقال (وقد أحصينا أزيد من ثلاثين مفردة)، لذلك اكتفينا بعرض المصطلحات الثلاثة التالية:
الضريح لغة هو الشق الذي يكون وسط القبر، وقيل هو القبر كلّه. أما اصطلاحًا فيطلق على البناء المشيد على القبر (أي فوقه). ويتميز ببساطة الشكل والتصميم عادة، ولا يرقى إلى شكل العمارة الدينية كالمساجد، ولا العمارة المدنية كالقصور والمنـازل1.
وتعلو الضريح في الغالب القبة التي تكبر أحيانــًا وتتسع فتشمـل الضريح، ويسمى بقبة فلان. وتمثّل بدورهـا رمـزًا ذا قداسة، وقد تكون مفتوحـة أو مغلقـة. كما تختلف أحجام وأشكال وتركيبة الضريح والقبّة على السواء، فتكون كبيرة أو صغيرة، مربّعة أو أسطوانية، رخامية أو حجرية، إلخ2.
ولا يقتصر الضريح على قبر واحد في مكان واحد إذ يمكن أن نجد عدة أضرحة لشخص واحد في أماكن متفرقة. ويمثل الضريح في العرف الشعبي رمز التقوى والصّلاح، وهو مكان لالتماس البركة والخير والدعاء المستجاب. وتنقسم الأضرحة إلى أنواع: منها ما يضم رفات صاحبه؛ ومنها أضرحة الرؤيا، وهي تلك التي تم تشييدها بعد رؤية أحد الأولياء الصالحين في المنام في موقع معين؛ والأضرحة “الوهمية” وهي التي لا تحتوي على رفات، وتمّ إنشاؤها تبعا لرغبات سياسية أو دينية.
حسب التعاريف المتداولة، الولي هو العارف بالله وبصفاته، المواظب على الطّاعات، المجتنب للمعاصي، المُعرٍض عن الانهماك في اللّذات والشهوات المباحة، المحافظ على السنن والآداب الشرعية. سمي وليًا لأنه يتولّى عبادة الله على الدوام، أو لأن الله تولاه بلطفه وعنايته. إنه الشخص التّقي الصالح الذي يحظى في حياته، وحتى بعد مماته، بتقدير واحترام الناس. ويكون من أصحاب الدين والعلم والزهد والعمل الصالح. وينقسم الأوليـاء حسب البعض إلى: مرابطين شرفاء بالنسب ينتهون إلى آل الرسول الكريم؛ وأولياء من ذوي الكرامات3. ويمثّل الأوليـاء الجانب المقدس في الضريح، أي البعد الروحي المرتبط بصاحب الضريح4.
الكرامة في سجل التصوف هي الفعل “الخارق للعادة” وغير المألوف في الحياة المعهودة، يظهره الولي الصالح، ويقابلها لدى الأنبياء المعجزة. والاعتقاد السائد بأنها لا تزول بعد وفاة صاحبها، بل تلزم قبره وتكون سببــًا في التواصل بينه وبين الناس، ولذلك يلجأ إلى التبرك بكل ما وجد بالضريح أو بجواره، بدءًا بالخرق المعلقة، والأعلام المزينة، والشموع،وأنواع البخور، والمصابيح5
بعض ملامح الحياة الاجتماعية بالجزائر في العهد العثماني
دام الحكم العثماني بالجزائر قرابة الثلاثـة قـرون (1518-1830) عرف خلالهـا الجزائريون تغيّـرات على مستـوى البنية الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن التحولات السياسية والعسكرية. وإذا كانت المصـادر التاريخية تتباين كثيرًا بخصوص التحديد الديمغرافي للسكان الجزائريين في الإيالة، وفي كل مدينة/ قرية أو بايلك على حدى، خاصة في بعض الفترات (كمواسم الزلازل والجفاف وغيرها)6؛ فإن أية دراسة اجتماعية تتناول تفاصيل الحياة اليومية للجزائريين آنذاك لن تكون دقيقة. وهذا ما يطرح أمام الباحـث، في موضوع زيـارة الأضرحة، إشكالاً جوهريـًا يتعلق بنسبة المواظبين على تلك الزيارات، وذلك لمعرفة طبيعة العلاقـة بين المتغير البشري (السكـان) والمتغير المـادي (الأضرحة)7.
إن كلاً من الوازع الديني، والحالة الصحية، والمستوى المعيشي، والاستقرار السياسي، وتغيرات المجال البيئي والمناخي (بالإضافة لعوامل أخرى)؛ تمثل مجتمعة مفاتيح لتقدير وتقييم الحالة الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع الجزائري في العهد العثماني، لاسيما في مجال الطقوس، والممارسات التعبدية، والاعتقادات المتداولة بشأن الأضرحة والمقابر. وتجدر الإشارة أن ارتباط الجزائريين بالدين الإسلامي، وتمسكهم بتعاليمه واحترامهم لمؤسساته، قد اتخذ وتيرة منتظمة إذ لم تشهد الجزائر، خلال فترة الحكـم العثمـاني، أية ثورات ذات طابع ديني (عدا تلك المنسوبة لبعض قادة الطرق الصوفية، والتي ارتبطت في الواقع برفض الأعباء الضريبية، كثورة ابن الأحرش والدرقاوي)؛ ولم تعرف أيضــًا الفتن المذهبية، ولا الحركات المتطرفة. لقد ساد عمومــًا الانسجام والتوافق بين المذهبين: الرسمي الحنفي والشعبي المالكي، بل إن التسامح الديني امتد حتى للطوائف الأخرى كاليهود والمسيحيين.
أما فيما يتعلق بالعادات والتقاليد ذات العلاقة بموضوع الأضرحة، فقد ارتكزت أساســًا على جانبين رئيسيين هما: أولاً، الاحتفاظ بالتراث الثقافي (في بعديه المادي واللاّمادي) والذي طالما توارثته الأجيال حتى قبل العهد العثماني. وثانيــًا، المنظومـة الاجتماعيـة التي غلب عليها الطابع القبلي، مما أفرز تجذرًا لفكرة أو مبدأ الولاء والخضوع لسلطة شيخ القبيلة وتقديس الأولياء (الصالحين والمرابطين والشرفاء…)8.
ومن الملفت للانتباه أن السلطة العثمانية بالجزائر تذبذبت في اهتمامها بالمجال الصحي للسكان، فلم تكن هناك مستشفيات بالمفهوم المتعارف عليه آنذاك، وكان الأطباء في الأغلب من الأجانب سواءً المستقدمين خصيصـًا للعلاج، أو من الأسرى والأرقـاء. وكثرت الأمراض طيلة القرنين السابع عشر والثامن عشر، لاسيما منها الأوبئة كالطاعون والدفتيريا، وأنواع الحمـى، والأمراض التنفسية وغيرها9. كما سادت المجاعـة خلال فترات الجفاف خاصة في نهاية القرن السابع عشر. وتفيدنا المصـادر مثلاً عن هلاك نسبة 10 %من السكان سنة 1648، وكانت تسمى “سنة الشّر”، عند انتشار الطاعون (حيث كان يودي عادة بحياة ما بين عشرة إلى عشرين ألف شخص)10. وقد ذكرت كتابات الرحالة والمغامرين وزوار الجزائر حينها استغرابهم من ذلك الوضع المزري11.
تُعدّ زيارة الأضرحة عادة متوارثة لا يعرف بالضبط تاريخ ظهورها في العالم الإسلامي عامة وفي الجزائر بالأخص. لكن المؤكد هو انتشار الأضرحة في كافة القطـر الجزائري، ولا تكاد تخلو قرية أو مدينة من ضريح وقبـة أو أكثر، وعُدَّت المنطقة الخالية منهما مغضوبــًا عليها، وتنقصها البركـة. لكن الاختلاف في هذا الجانب يكمن في تفاوت أهمية شخص الولي الصالح صاحب الضريح، ومستوى كراماتـه، وحجم الاهتمام والعناية التي يلقاها ضريحه من القائمين عليه من زاويـة وأوقاف وغيرها، وكذا بالنظر للأغراض المتوخاة من الزيارة12.
لقد شكّلت زيارة الأضرحة، في تقدير بعض الأنثربولوجيين، متنفسًا وخروجًا عن العالم المادي إلى العالم الروحي، ممثلاً في رمز الولي الصالح، واعتبرت محاولة للهروب من الحياة الدنيوية إلى الخيال المقدس. كمـا أن هذه الظاهرة مثّلت تواصلاً بين الماضي (الجميل) والحاضر (المفزع) عند استذكار فضائل وكرامات أصحاب الأضرحة. وفي ذلك أيضــًا استحضار لذكرى الأجداد والأولين واستلهامــًا لبطولاتهم وأمجادهم بشكل غير مباشر. كل ذلك من شأنه إضفاء بعض الإشراق والفرح على الواقع المر، وشحن الناس بالطاقات الايجابية ومواجهة مشاكل الحياة العصيبة13.
وقد أرجع إدموند دوتي (E. Douté) أسباب ظاهرة زيارة الأضرحة، وتمسك المجتمعات المغاربية عمومــًا بها، إلى رغبتهم الكبيرة في التمسك بدينهم، وقدم تفسيرًا لذلك يكمن في أن عدم وجود وسيط بين الإنسان وربه في الدين الإسلامي يجعل الإنسان يبحث عن سبل لنيل مرضاة الله، ويتقرب إليه، وأنه يجد ضالته في زيارة الولي الصالح باعتبار مكانته ومستواه من التقوى والصلاح14.
كما اعتبر وجود الأولياء الصالحين (الأحياء والأموات)، ومن شابههم من شيوخ الطرق الصوفية والمرابطين وحتى الأئمة والخطباء أحيانــًا، ضروريــًا للجوء إليهم في أمورهم الدينية والدنيوية، لأنهم كما قال حمدان بن عثمان خوجة (1745- 1840) “كانوا يعلمون الناس الأخلاق، ويفسرونها بقدر المستطاع، كما يعلمونهم الصلاة، ويهدونهم إلى مكارم الأخلاق. ومقابل ذلك يجنون الطاعة المطلقة. ويعتقد السكان أن كل دعائهم مقبول عند الله، الذي يؤمنون بقداسته وجلاله”15. وعليه كثيرًا ما سميت المدن والقرى والأحياء بأسماء الأولياء (كسيدي بلعباس، وسيدي موسى بالجزائر العاصمة، وسيدي غيلاس…). وارتبط البعض الآخر بتلك الأضرحة “المعالم” حتى صار جزءًا منها كما هو حال مدينة الجزائر وضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي، الذي يعد الضريح الأشهر والأبرز ربما على مستوى الوطن بأكمله، والذي رصدت له المصادر المحلية والأجنبية حيزًا مهمــًا عند حديثها عن المدينة16.
ومن جهة أخرى مثّلت الأضرحة ملجأ للغرباء وعابري السبيل، وحتى الفارين من العدالة أحيانــًا لأنها لطالما تمتعت بالحرمة والهيبة بحيث يصعب فيها اللجوء لاستعمال القوة والعنف في تنفيذ حكم ما، أو إجبار شخص غريب على المغادرة وخلاف ذلك17. وارتبط الأمر بطهارة وقداسة المكان في نظر الزوار وإيمانهم بقدرة الولي صاحب الضريح على القصاص والانتقام من أي ظالم18، ونذكر من ذلك مثلا هروب المزوار الحاج سعدي سنة 1829 وطلبه النجاة من غضب الداي حسين، واختبائه بضريح الثعالبي19.
والجديد الذي عرفته الجزائر خلال فترة الحكم العثماني، في مجال زيارة وتقديس الأضرحة والأولياء الصالحين، هو تزايد الظاهرة بشكل ملفت يدعو للدراسة والبحث في العلاقة بين السلطة الحاكمة (باعتبارها المسؤول الأول عن متابعة الوضع الديني عمومــًا)، والأهالي (كفاعلين ومتفاعلين)، بالإضافة إلى دور الوسطاء الآخرين خاصة الطرق الصوفية (المشرفة على صيانة وتأطير الأضرحة والمزارات).ونشير هنا إلى أهمية الحضور الصوفي والمرابطي، إلى غاية اليوم، وتوطد علاقة عموم الناس به أكثر من السلطة الرسمية، وتفسير ذلك يكمن أساســًا في تفاوت مستويات إبداء الولاء والالتزام الذي طبع علاقة الحكام بالجزائريين في المجالات الأخرى، وتراوح تلك العلاقة بين الهدوء والثورة وفق التذبذبات الحاصلة على مستوى الحكم المركزي نفسه.
ولابد من القول أن العثمانيين بالجزائر قد أوجدوا لأنفسهم حيزًا مهمــًا في مجال الممارسات الدينية، وذلك لأن السلطنة العثمانية بالأساس قامت على الدعوة الدينية. كما أن الحكام بالجزائر أدركوا منذ البداية دور وأهمية حضور الأولياء الصالحين وغيرهم في أذهان ونفوس الجزائريين، وهذا ما دفعهم لاستمالة أصحاب الطرق، وأوجدوا فئة الأشراف التي لعبت أدوارًا مؤثرة مثلاً في مجال تهدئة المنتفضين، وتوجيه الرأي العام، وتبليغ أوامر السلطة، إلخ20. ولكنهم في الوقت نفسه أوقفوا نشاط المعارضين لهم، وراقبوا المشكوك في أمرهم. أي أن السلطة وظفت المؤسسة الدينية بكل مكوناتها البشرية والإدارية لصالحها، تمامــًا كما كان الحال عليه في باقي أرجاء الدولة العثمانية، وهذا ما يعني تداخل الديني والسياسي في تلك الفترة21.
هكذا أصبحت زيارة الأضرحة والقباب مشهدًا يوميــًا مألوفــًا في مختلف المناطق الجغرافية ومن طرف مختلف الفئات الاجتماعية، ترعاها السلطة متى استطاعت ورغبت، وتتجاذبها الزوايــا والمرابطين وأطراف أخرى. لكن بالرغم من ذلك يصعب إحصاء عدد الأضرحة والمزارات الموجودة بالجزائر إحصاءً دقيقــًا يمكن أن يفتح مجال البحث لكل واحد على حدى22، ومرد ذلك، في نظرنا، هو تعاقب كلّ من العاملين الزمني والبشري: فالأول أدّى لانهيار أو اندثار بعض تلك المعالـم، والعامـل الثاني أسهم في انتقال وتغير أماكن البعض الآخر23.
زيارة الأضرحة بين المعتقد والممارسة24
إن حصر مجمل الممارسات والطقوس التي دأب الجزائريون على تأديتها عند زيارة الأضرحة (خلال فترة الحكم العثماني) تعد مهمة صعبة لعدة أسباب لعل أبرزها هو كثرة الأضرحة نفسها، تنوعها، تباينها، وتعدد الأهداف المرجوة من الزيارة. كما أن تقديم الاعتقادات المفسرة لتلك الطقوس يعد بدوره مجالاً واسعــًا لفهم المخيال الشعبي، وإدراك المكنونات الذهنية والنفسية، وتفهم الحاجـات المختلفة.
غير أن الملاحظ في هذا الشأن هو تعلق الجزائريين آنذاك ومواظبتهم على أداء تلك “الفروض” الإلزامية، والمتمثلة في الزيارات الدورية لأضرحة الأولياء والصالحين: زيارات أسبوعيـة، شهريـة أو سنويـة؛ وعدم إهمالهم لتقديم ما يتوجب عليهم من أضاحي وهدايا وغيرها. بالإضافة إلى أن هذه المظاهر اتخذت طابعــًا حـرًا في الممارسة لم يكن يُرجَع فيه لرجال الديـن أو لرجال السلطة كما هو الحـال مثلاً بالنسبة للجوانب الدينية الأخرى كالفتاوى والديات، أو الجوانب العمليــة كالمواريث والزكاة، إلخ25. كما أن كـل الفئـات الاجتماعيـة تقريبــًا كانت تقوم بزيارة الأضرحة: ذكور وإناث، شباب ومسنون، متزوجون وعزاب، متعلمون وأميون، أغنيـاء وفقـراء.
أما عن الأهداف المرجوة من القيام بزيارة الأضرحة فيمكن تقسيمها إلى:
تتمثل عـادة في الشفاء من الأمراض المختلفة، وتحصيل الصحة والسلامة الجسدية، وقهر الكسل والخمول. وقد يختص ضريح ما بهذا النمط كما هو حال ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي، وسيدي والي داده، وسيدي امحمد بو قبرين، وسيدي بو القدور، وسيدي منصور، وغيرهم.
يأمل صاحبها في الحصول على الراحة والهدوء الداخلي، واتقاء الشرور، وإبعاد العين والحسد، ونيل الخير والبركة، واستجابة الدعاء. وتشترك فيها تقريبــًا كل الفئات، وترتبط إجمالاً بأغلب أماكن الزيارة.
تتعدد بين طلب العون والقوة، طلب الحماية والأمان، تأمين حاجة الغرباء وعابري السبيل، وإبداء التكافل الاجتماعي. ونذكر من الأضرحة التي ارتبطت بهذا الأمر: سيدي عبد الرحمان الثعالبي، وسيدي بوجمعة، وسيدي الكتاني، وسيدي السعدي، وسيدي عبد القادر الجيلاني، إلخ26.
تتمثل في تحقيق الاستقرار الروحي والسعادة في الدارين الدنيا والآخرة، والتقرب إلى الله عن طريق وليّه الصالح.
27 الوسيط الذي وبخصوص الوسائل والأساليب التي تحقق هذا التواصل بين الأحياء والأموات أصحاب الأضرحة، فبدورها تنوعت كما أسلفنا سابقــًا، وتوزعت في طقوس خاصة نذكر منها ما كان مباشـرًا لا يتطلب وسيطــًا مـا، مثل طلب الاستشفاء بالشرب والاغتسال من بئر أو عين “مباركة” قد تكون تابعة للضريح، ومضغ ثمار وأوراق الأشجـار المحيطة به وشرب منقوعها مثلا… ومنها ما كان بحاجة لتدخل وسيط يلبي رغبة وحاجة الزائر عن طريق منحه بركة الولي الصالح صاحب الضريح ممثلة في أشكال مختلفة كالخلطات والتمائم والتعازيم والأحجبة، إلخ27. وهناك طقوس تمارس بصفة فردية كإشعال الشموع، ونشر البخـور لطرد الأرواح الشريرة والشياطين (باعتبار أن الضريح مكان مقدس وطاهر)، والبكاء، وإطلاق الزغاريد… وقد تكون الطقوس ذات طابع جماعي كإقامة حلقات الذكر والدعاء، وترديد الأوراد والمدائح والأناشيد28.
وتعتبر “الزْيارة” عنصـرًا أساسيــًا وضروريــًا في إحداث العلاقة بين الطرفين (الزائر والمزار)، وهي كل ما يمنحه الزائر للضريح من نقود وغيرها مقابل حصوله على مراده. وهي بمثابة “ضمان” لتحقيق الغايـة من الزيـارة. وعلى الرغم من افتقار غالبية الجزائريين حينها، إلا أنهم لم يبخلوا على الأضرحة بالهدايا والهبات النقدية والعينية، وعلى رأسها الذبائح باختلاف أنواعها من غنم وبقر ودواجن وغيرها. والملاحظ أيضا أن “الزْيارة”، رغم كونها طوعية، إلا أنها اتخذت بحكم العرف طابعــًا إلزاميــًا.
وارتبطت “الزْيارة” أيضــًا بـ “الوَعْدة”، والتي تعني وعدًا بالتعهد بتقديم هدية عند تحقـق أمنية الزائر، وهي بمثابة نذر يلزم صاحبه بالعودة ثانيــة للضريح حاملاً ما وعد به (في حال الاستجابـة أو عدمها)، وتقديمه لمرة واحدة، أو بالمواظبة على ذلك عدة مرات أو بشكل دوري29.
وكمثال عن أهمية الحصول على بركة الأولياء الصالحين في العهد العثماني ندرج المثال التالي: لقد صادف قيام دولة الدانمارك بهجوم بحري ضد مدينة الجزائر سنة 1771 احتفال الجزائريين بيوم المولد النبوي الشريف، ولذلك أوقدوا الشموع حتى أضاءت المدينة بأكملها، واعتقد المهاجمون أنه استعداد للمواجهة، فقصفوا المدينة إلى أن نفذت ذخيرتهم وعادوا خائبين. وقد اعتقد السكان آنذاك أن بركة الأولياء الصالحين هي التي حمت مدينتهم وقاطنيها، وتغنوا بذلك في أشعارهم30.
وكان حضور فكرة الاعتقاد ببركة وقدرة الأولياء الصالحين واضحــًا جدًا في كل مناحي الحياة اليومية وراسخــًا في أذهانهم لدرجة استحضارهم لاسم أحدهم في الأحاديث والتجمعات العادية والخاصة، والقسم به (حق سيدي فلان، بجاه سيدي فلان…)، والدعاء على الخصوم باسمه أيضــًا. بل إن المتسولين كثيــرًا ما رددوا عبارة “صدقة بجاه سيدي فلان”31. ولم تخل الكتابات على مختلف المنشــآت كالمساجد والمدارس والزوايا وحتى على شواهد القبور من جملة “نفعنا الله ببركة سيدي فلان”. وكثيرًا ما تداولت وثائق المحاكم الشرعيـة (في الجانب المتعلق بالأوقاف) هذه العبارات أيضــًا عند منحها إياه لصالح ضريح معين. فقد جاء مثـلاً في وقفية الحاج علي بن ناصح (1809) الجملة التالية: “(…) يرجع ذلك وقفــًا على ضريح الولي الصالح القطب الرباني سيدي عبد الرحمان الثعالبي نفعنا الله به آميــن”32
وكانت التوصية بالدفن قرب أحد الأضرحة منتشرة كثيرًا في تلك الفترة حيث يعمد الشخص الراغب في ذلك أحيانــًا إلى شراء قطعة أرضية محاذية للمكان، ويوصي بضرورة دفنه فيها. أو يتم تخصيص وقف لقراءة القرآن على المكان والمدفونين فيه، ولصيانة القبور33.
إن ظاهرة زيارة الأضرحة تنم في جزء كبير منها عن تقديس لقوى خفية “خارقة”. لكنها أيضــًا مثلت فضـاءً حـرًا للتنفيس عن الضيق النفسي، ومجالاً للتواصل مع الناس بواسطة إقامة الحفلات والسهر والرقص (خاصة في المواسم حين تكون الزيارة جماعيـة)34. وكانت مناسبـة لاستحضار مــآل الإنسان في حال استقامة سلوكه وقيامه بالعمل الصالح، حيث سيبقى ذكره خالـدًا رغم فناء جسده، وهي فرصـة للترحـم على الأجداد والتنويه أحيانا بخصالهم الحميدة. ثم إن طبيعة تلك السلوكات عكست تمامًـــا مستويات الإدراك النفسي والعقلي وأنماط التفكير الجمعي للجزائريين حينهـا. وكان للخرافة حيز مهم في الذاكرة الجماعية المرتبطة بتقديس القوى الخارقة، من ذلك مثلا انتشار فكرة مرافقة الدراويش للريّاس في غزواتهم البحرية كنوع من التفاؤل بهم. ولكن في كثير من الأحيان كانوا يعودون بحكايات وروايات عن رحلاتهم تلك، وتدريجيــًا تتسع دائرة الحديث عن كرامات هؤلاء الدراويش في تلك الرحلات35.
ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي
يعد ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي مثاليــًا لدراسة العلاقة القائمة بين السكان و الأولياء الصالحين، حيث حظي صاحب الضريح في حياته بالاحترام والتبجيل والمكانة العالية في مجالات العلم والقضاء والتأليف وغيرها. وبعد مماته تعاظم شأن ضريحه واحتل موقعــًا رئيسيــًا، ليس فقط بالنسبة للجزائريين، بل أصبح عنوانــًا لمدينة الجزائر، وذكره لا يفارق السكان المحليين، وكذا الأمر بالنسبة للزوار والسواح والوافدين. وقد تناولته المصادر التاريخية بالذكر والإشارة في أكثر من مؤلف وأكثر من مناسبة (على غرار التمغروتي في النفحة المسكية، وأبي راس الناصري في عجائب الأسفار وغيرهما).
سنعطي في البداية لمحة موجزة عن شخصية الثعالبي، ومن ثمة نتعرض لمجمل الطقوس والاعتقادات المرتبطة بضريحه في الفترة العثمانية (والتي لا تختلف كثيرًا عما هو سار اليوم).
هو أبو زيد عبد الرحمان بن مخلوف، ينتهي نسبه إلى جعفر بن أبي طالب، ويكنّى بالثعالبي نسبة لقبيلته “الثعالبة” التي استقرت بمدينة الجزائر قبل الدخول العثماني إليها. ولد حوالي سنة 1385م بمدينة يسّر، وتلقى تعليمه متنقلا بين الحواضر العلمية ومنها خاصة الجزائر وبجاية وقسنطينة وتلمسان. ثم زار تونس سنة 1407م ومكث بها طالبــًا للعلم، ومنها انتقل إلى مصر وعدد من عواصم المشرق العربي مثل مكة المكرمة، ودمشق، وبغداد والقدس. وتمكّن من التزود بعلوم العصر حينها في رحلة دامت قرابة عشرين سنة36.
وبعد العودة إلى الجزائر تولّى الثعالبي التدريس والقضاء، وتفرغ للتأليف أيضــًا، وكان له تأثير كبير على معاصريه واللاحقين بهم، وخلف جيلا من التلاميذ ذائعي الصيت، والكثير من المؤلفات والرسائل، فقد “كان نموذجــًا للعالم الزاهد الذي استعمل علمه، لا لنقد أحوال الناس المعاشية، والتنبيه لنقاط الخطر في المجتمع، بل لدعوة هؤلاء الناس للهروب إلى الآخرة، والصبر على ظلم السلطان وسوء الأحوال”37
واستمر الثعالبي على هذا الحال إلى غاية وفاته سنة 1479م، ودفن بضريحه الذي اختلفت الآراء بشأن تاريخ بنائه. لكن بحكم المكانة التي حظي بها، رُجح أن يكون قد تم تجهيزه وتشييده بعد وفاته مباشرة38 إذ ضم مسجدًا وقبة وزاوية، بالإضافة إلى الضريح، وبالقرب منه قبور لبعض أفراد الأسرة مثل ابنته عائشة، وكذا قبور عدد من الشخصيات العامة الأخرى كقدور باشا (ت 1605م)، ويوسف باشا (ت 1687م)، وعلي خوجة (ت 1818م)، وأحمد باي (ت 1848م)، وقبر الولي داده (ت 1554م) الذي تم نقله في الفترة الاستعمارية39.
وأصبحت زاوية الثعالبي وضريحه مقصدًا للزوّار، وملتقى الزائرين، ومجمع طلاب البركة والشفاء، وكانت مجمعــًا للذكر وإقامة “المولديات”، وإلقاء الموشحات الدينية. وحظيت بأوقاف كثيرة؛ سواء من طرف السكان40، أو من قبل السلطة العثمانية التي باركتها لشهرتها وحظوتها واعتدالها41.
وقد تزايدت أعداد الوافدين للمكان مع مرور الزمن حتى نسي الناس خصال الرجل، ومناقبه، وتآليفه، واستحضروا خاصة كراماته ورؤاه. وبخصوص هذه الأخيرة فقد نسبت للثعالبي كثيرًا منها من ذلك مثلا رؤيته للنبي الكريم إذ روى الثعالبي نفسه أنه رأى الرسول (ص) عدة مرات أثناء كتابته لمؤلفه الجواهر الحسان في تفسير القرآن. وروى أنه قاسمه أكله، وزار بيت كتبه، ودعا له. ولذلك نصح تلاميذه والعامة بقراءة واستذكار كتاب تفسيره، والعمل به لتحصل البركة لمن فعل ذلك. وأخبر أيضــًا أن كتابه قد أصبح معروفــًا ومقروءًا بكثرة في حياته لأنه يحتوي على أسرار صوفية لا يدركها إلا أربابها من أهل الذوق الصوفي. ومما قال: “إني رأيت لكتابي هذا المسمى بالجواهر الحسان في تفسير القرآن. عجائب وأمورًا مباركة، لا يمكنني الآن استيفاء جمعها، وبعضها (كذا)، وأخشى ما يكون من باب إفشاء (كذا) أسرار الله، التي لا يمكن ذكرها، إلا بإذن من أهلها أهل الذوق”42.
ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي
وتجدر الإشارة إلى أن فنون الشعر الشعبي والمدائح وغيرها قد رافقت ظاهرة زيارة الأضرحة وسجلت حضورها وتأثيراتها على نفوس الجزائريين وسلوكاتهم، وأثرت المخيال الشعبي المتداول عن بطولات الأولياء الصالحين وكراماتهم وبركاتهم على مرّ السنين. ولاشك أن الدارس لتلك النصوص (وخاصة القصائد المنظومة منها) يجد فيها الكثير من الدلائل التاريخية على العلاقة الوطيدة التي ربطت أفراد المجتمع وجذبتهم إلى عالم الأموات- الأحياء، وحضورهم المستمر وكأنهم يعيشون ويتقاسمون معهم انشغالاتهم وهمومهم43.
ويلاحظ أيضــًا في هذا الخصوص أن كل الخصومات تزول داخل المكان المقدس للضريح، وتذوب الفوارق الاجتماعية بين الناس، ويتساوى الكل أمام حضرة صاحب الضريح، على الرغم من اختلاف المقاصد والأهداف والممارسات بينهم. ولم تسجل المصادر أي نوع من أنواع التخاصم والتنابز والشجار داخل الضريح. ومن ناحية أخرى كانت زيارة سيدي عبد الرحمان الثعالبي مشروعة ومتاحة، ولم يكن ممكنــًا لأي شخص أن يغضب من تأخر أهله مثلا عند زيارة الضريح، أو عند تخصيصهم الهبات له، وكأن الأمر كان بديهيــًا بل وحتميــًا.
لقد حاولنا في هذا المقال تقديم فكرة عن المعتقدات والطقوس المرتبطة بالأضرحة في الجزائر خلال الفترة العثمانية. وكان هدفنا، ليس تقديم تحليل أنثروبولوجي للعلاقة بين مستويات البناء الثقافي من خلال دراسة الأضرحة، أي المستويات الدينية، الاجتماعية، السياسية وحتى الاقتصادية؛ بل كان عرض وصف تاريخي وإثنوغرافي للمعتقدات، العادات والتقاليد التي مارسها السكان الجزائريون أثناء زيارتهم لأضرحة الأولياء. والجدير بالذكر أن الكثير منها لا زال يمارس اليوم كما أشرنا إلى ذلك عند عرض حالة سيدي عبد الرحمان الثعالبي.
والجدير بالذكر أيضا هو تلك العلاقة بين السلطة السياسية الحاكمة وزيارة الأضرحة والعناية بها. فهذه العلاقة كانت وطيدة خلال فترة الحكم العثماني بالجزائر أو على الأقل لم تغفل السلطة الحاكمة عن هذه الأضرحة وظلت تحت أعينها كآلية لـ”تأطير” السكان مثلما كان الأمر في الجهات الأخرى للسلطنة العثمانية.
وكما أشرنا في مقدمة المقال، لا زال مجال البحث واسعا في تاريخ الجزائر خلال الفترة العثمانية ويمكن تناول مواضيع أخرى تتعلق بالأولياء والتصوف والزوايا وزيارة الأضرحة، من ذلك القيام بدراسات مونوغرافية لأولياء آخرين كالولي سيدي امحمد بو قبرين والولي سيدي الكتاني والولي داده التركي وغيرهم، ومن ذلك أيضا دراسة التراث الشفهي المرتبط بهؤلاء الأولياء كالقصص الشعبي والشعر الملحون. وكل هذه الدراسات تتطلب التعاون العلمي الوثيق بين مختلف مؤسسات البحث ومختلف التخصصات الأكاديمية.
المصادر والمراجع:
- الكتب
بن حموش، مصطفى (2010)، مساجد مدينة الجزائر وزواياها وأضرحتها في العهد العثماني من خلال مخطوط ديفولكس والوثائق العثمانية، الجزائر، دار الأمة، ط.02.
خوجة، حمدان (1982)، المرآة، ترجمة وتحقيق محمد العربي الزبيري، الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.
زيغور، علي (1979)، الكرامة الصوفية الأسطورة والحلم، لبنان، دار الطليعة.
عزوق، عبد الكريم (1996)، القباب والمآذن في العمارة الإسلامية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.
سامي، محمد نوار (2002)، الكامل في مصطلحات العمارة الإسلامية من بطون المعاجم اللغوية، مصر، دار الوفاء.
سعد الله، أبو القاسم (1990)، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، بيروت، لبنان دار الغرب الإسلامي، ج.1.
سعد الله، أبو القاسم، (2007)، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزائر، دار البصائر، ج.04، ج.5،ج.02.
صالح لمعي، مصطفى (د.ت)، القباب في العمارة الإسلامية، بيروت، دار البهجة.
مروش، المنور (2009)، دراسات عن الجزائر في العهد العثماني: العملة، الأسعار والمداخيل، الجزائر، دار القصبة للنشر، ج.01.
منديب، عبد الغني (2006)، الدين والمجتمع: دراسة سوسيولوجية للتدين في المغرب، دار إفريقيا الشرق.
وولف جون ب (2009)، الجزائر وأروبا (1500- 1830)، ترجمة وتعليق أبو القاسم سعد الله، عالم المعرفة، الجزائر، طبعة خاصة.
Beraud, H. (1891), La mosquée de Sidi Abderrahman, Alger.
Shaw, (1830), Voyage dans la régence d’Alger, Trad. J. Mac Carthy, Paris, éd. Merlin.
De Paradis Venture, (1898), Alger au XVIIIème siècle, Alger, éd. Adolphe Jourdan.
Devoulx, A. (1870), Les édifices religieux de l’ancien Alger, Alger, éd. Typographie Bastide.
Douté, E. (1900), Notes sur l’islam maghrébin, Paris, éd. Ernest Leroux.
Golvin, L. (1988), Palais et demeures d’Alger à la période ottomane, Paris, éd. Édisud.
Panzac, D. (1985), La peste dans l’empire ottoman (1700-1850), Belgique, éd. PEETERS LOUVAIN.
Rinn, L. (1884), Marabouts et khouan : étude sur l’islam en Algérie, Alger, éd. A. Jourdan.
- المقالات
بن احمد، أحمد (2001)، “الوعدة بين الضوابط الدينية والممارسات الشعبية”، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة تلمسان.
بلحميسي، مولاي (1972)، “غارة شارل الخامس على مدينة الجزائر 948هـ/ 1541م بين المصادر الإسلامية والمصادر الغربية”، الأصالة، العدد. 08.
بودريعة، ياسين (2013)، “المعتقدات في كرامات الأولياء بمدينة الجزائر في العهد العثماني”، مجلة العلوم الإنسانية، العدد 40، جامعة قسنطينة 01، (ديسمبر).
عمارة، علاوة وموساوي، زينب (2009)، “مدينة الجزائر في العصر الوسيط”، إنسانيات، العدد. 44-45.
القشاعي، فلة (2001)، “وباء الطاعون في الجزائر العثمانية: دوراته وسلم حدته وطرق انتقاله”، مجلة دراسات إنسانية، كلية العلوم الإنسانية، جامعة الجزائر، العدد. 12.
Ben Choaïb, A.-A. (1907), « Les Marabouts Guérisseurs », in Revue africaine.
Devoulx, A. (1863), « Les édifices religieux de l’ancien Alger, in Revue africaine.
Devoulx, A. (1870), « Les édifices religieux de l’ancien Alger », in Revue africaine, V. 14, p. 292-298.
Fagnan, E. (1894), « Un chant algérien du XVIII siècle», in Revue africaine, t. 38.
Filali, K. (1997), « Sainteté maraboutique et mysticisme (contribution à l’étude du mouvement maraboutique en Algérie sous la domination ottomane », in Insaniyat, n° 3.
- الرسائل والأطروحات الجامعية
بن بلة، خيرة (2008)، المنشآت الدينية بالجزائر خلال العهد العثماني، دكتوراه في الآثار الإسلامية، معهد الآثار بجامعة الجزائر.
بوخضرة، معمر (2012)، الولي في المخيال الشعبي: الطريقة القادرية في الغرب الجزائري، دكتوراه في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان.
الزين، محمد (2010)، الأوضاع الاجتماعية والصحية في الجزائر العثمانية (1518- 1830)، دكتوراه في التاريخ الحديث، جامعة سيدي بلعباس.
القشاعي، فلة (2004)، الصحة والسكان في الجزائر أثناء العهد العثماني وأوائل الاحتلال الفرنسي (1518-1871)، دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، جامعة الجزائر 02، الجزائر.
بن شامة، سعاد (2009)، المنشآت المعمارية الأثرية بمدينة البليدة في العهد العثماني (المساجد، الأضرحة، المساكن والحمامات)، ماجستير في الآثار الإسلامية، جامعة الجزائر.
بن عون، بن عتو (2002)، الجذور التاريخية لظاهرة التبرك بالأولياء في المجتمع الجزائري، ماجستير في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان.
بوحجرة، عثمان (2015)، الطب والمجتمع في العهد العثماني (1519- 1830م): مقاربة اجتماعية، ماجستير في التاريخ الحديث، جامعة وهران01.
حماش، خليفة (1988)، العلاقة بين الإيالة الجزائرية والباب العالي من 1798 إلى 1830، مذكرة ماجستير في التاريخ، جامعة الإسكندرية، مصر.
دحماني، محمد (2006)، حكايات كرامات الأولياء في منطقة الشلف، ماجستير في الأدب الشعبي، كلية الآداب واللغات، جامعة الجزائر.
سراج، جيلالي (2015)، زيارة الأضرحة وأثرها في المعتقدات الشعبية: ضريح سيدي يوسف الشريف نموذجا، ماجستير في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان.
السراج، خالد (2000)، المقدس ودلالته في المجتمع الجزائري: الضريح بمنطقة عين تموشنت نموذجا، ماجستير في الفنون الشعبية، جامعة تلمسان.
حواشي:
1 نوار، سامي محمد (2002)، الكامل في مصطلحات العمارة الإسلامية من بطون المعاجم اللغوية، دار الوفاء، مصر، ص. 112، وانظر: بن حموش، مصطفى (2010)، مساجد مدينة الجزائر وزواياها وأضرحتها في العهد العثماني من خلال مخطوط ديفولكس والوثائق العثمانية، الجزائر، دار الأمة.
2 عزوق، عبد الكريم (1996)، القباب والمآذن في العمارة الإسلامية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ص. 54، وانظر: صالح، لمعي مصطفى (د.ت)، القباب في العمارة الإسلامية، بيروت، دار البهجة، ص. 23.
3 أنظر: أبو القاسم، سعد الله (2007)، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزائر، دار البصائر، ج 04، ص. 10. وأيضا:
Douté, E. (1900), Notes sur l’islam maghrébin, éd. Ernest Leroux, Paris, p. 32
4 أنظر: معمر، بوخضرة (2012)، الولي في المخيال الشعبي: الطريقة القادرية في الغرب الجزائري، دكتوراه في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان، ص .55.
5 انظر: دحماني، محمد (2006)، حكايات كرامات الأولياء في منطقة الشلف، ماجستير في الأدب الشعبي، كلية الآداب واللغات، جامعة الجزائر، ص. 16 وما بعدها. وكذلك: أبو القاسم، سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، المرجع السابق، ج 04، ص. 11.
6 انظر الأرقام التي جمعها وعرضها الأستاذ وولف في كتابه، والتي لخصت مجمل ما تناقلته المصادر عن الموضوع، وذلك منذ القرن 16 وحتى القرن 19:
جون ب. وولف (2009)، الجزائر وأروبا (1500- 1830)، ترجمة وتعليق: سعد الله، أبو القاسم، عالم المعرفة، الجزائر، طبعة خاصة، ص. 156-157.
7 يبدو أن هذا الجانب التقني يشكل إحدى إشكالات البحث الأنثروبولوجي في تاريخ الجزائر في الفترة العثمانية. وهو على الأهمية بمكان لفهم التطور البنيوي للمجتمع، وتفسير حركات الهجرة والنزوح، وتحديد نسب الوفيات والمواليد، وتقدير المستوى المعيشي بالنسبة للتطور الديمغرافي، إلخ. للاطلاع أكثر أنظر:
Golvin, L. (1988), Palais et demeures d’Alger à la période ottomane, Paris, éd. Edisud Chaudoreille, p. 62
8 Devoulx, A. (1870), Les édifices religieux de l’ancien Alger, Alger, éd. Typographie Bastide, p. 122.
9 Panzac, D. (1985), La peste dans l’empire ottoman (1700-1850), Belgique, éd. PEETERS LOUVAIN, p. 212.
وانظر أيضا: القشاعي، فلة (2001)، “وباء الطاعون في الجزائر العثمانية: دوراته وسلم حدته وطرق انتقاله”، مجلة دراسات إنسانية، كلية العلوم الإنسانية، جامعة الجزائر، الجزائر، ص. 134. وانظر: الزين، محمد (2010)، الاوضاع الاجتماعية والصحية في الجزائر العثمانية (1518- 1830)، دكتوراه في التاريخ الحديث، جامعة سيدي بلعباس، ص. 52
10 وولف، المرجع السابق، ص. 158.
11 لم يكن حال باقي العلوم (كالحساب والفلك والعمارة والفنون، إلخ) بأحسن من حال مجال الطب والتمريض.
لأكثر تفصيل؛ انظر كتابات شو Shaw ودوتاسي Detassy وشالر Shaler وغيرهم في:
Shaw, T. (1830), Voyage dans la régence d’Alger, Traduit par MacCarthy, J., Paris, éd. Merlin
Venture de Paradis J.-M. (1898), Alger au XVIII° siècle, Alger, éd. Adolphe Jourdan
12 انظر: سراج، جيلالي (2015)، زيارة الأضرحة وأثرها في المعتقدات الشعبية: ضريح سيدي يوسف الشريف نموذجا، ماجستير في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان، ص. 16.
13 السراج، خالد (2000)، المقدس ودلالته في المجتمع الجزائري: الضريح بمنطقة عين تموشنت نموذجا، ماجستير في الفنون الشعبية، جامعة تلمسان، ص. 22.
14 Douté, E, op.cit., p. 23.
وللتوسع انظر:
Filali, K. (1997), « Sainteté maraboutique et mysticisme (contribution à l’étude du mouvement maraboutique en Algérie sous la domination ottomane », in Insaniyat, n° 3, p. 117- 140
وانظر: بن عون، بن عتو (2002)، الجذور التاريخية لظاهرة التبرك بالأولياء في المجتمع الجزائري، ماجستير في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان، ص. 25
15 خوجة، حمدان (1982)، المرآة، ترجمة وتحقيق الزبيري محمد العربي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ص. 57.
16 انظر مثلا: قسوم، عبد الرزاق (د.ت)، عبد الرحمان الثعالبي والتصوف، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر.
Marçais, G. (1941), « Sidi Abderrahmane patron d’Alger et son tombeau », Extrait des Feuillets d’el –djezair, publié par le comité du vieil Alger, p. 44
17 كانت الأضرحة أيضــًا ملجأ للمشردين الذين لا منازل لهم ولا عائلة، ومع مرور الوقت تعاظم شأن بعضهم فأصبحوا يتصرفون مع زوار الضريح كموكلين نيابة عنه. ومن هنا نشأت فكرة الدروشة والدجل وأنواع السحر الذي انتشر في الجزائر في العصر الحديث، وارتبطت مظاهره خاصة بممارسات هؤلاء، ونسبت خطأ للضريح. أنظر من باب المقارنة:
حسن رشيق (2010)، سيدي شمهروش الطقوسي والسياسي في الأطلس الكبير، ترجمة، جحفة، عبد المجيد والنحال، مصطفى، المملكة المغربية، دار إفريقيا الشرق، ط02، ص. 23.
18 أنظر:
Devoulx, A. (1863), « Les édifices religieux de l’ancien Alger », in Revue africaine, p. 181
19 وبالمقابل نجد أنه عند مقتل أحد المرابطين ، ويدعى سيدي محمد الغراب، ببايلك قسنطينة بأمر من صالح باي، سرعان ما تحولت جثة القتيل إلى غراب مخيف تطير منه الباي، فأمر ببناء قبة في ذلك المكان تفاديــًا لسوء العاقبة…
انظر: أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ص. 271.
20 أوجدت السلطة العثمانية بالجزائر منصب “نقيب الأشراف” الذي كان بمثابة همزة وصل بين الأجهزة الإدارية المختلفة والسكان. ومن الأسماء المهمة التي تقلدت هذا المنصب في المراحل المتأخرة مثلاً أحمد الشريف الزهار (1781- 1872).
21 انظر: حماش، خليفة (1988)، العلاقة بين الإيالة الجزائرية والباب العالي من 1798 إلى 1830، مذكرة ماجستير في التاريخ، جامعة الاسكندرية، مصر، ص. 116 وما بعدها.
22 أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ص. 422. وقد أورد ديفو (Devoulx, A.) رقم 56 ضريحـًا في دراسته القيمة عن المنشآت الدينية. انظر:
Devoulx, A. (1870), « Les édifices religieux de l’ancien Alger », in Revue africaine, V. 14, p. 292-298
23 لقد حدث أن تدخلت السلطات ونقلت رفاة الولي الصالح سيدي بن عبد الرحمان امحمد من ضريحه بمنطقة القبائل إلى الجزائر العاصمة (الحامة)، بعد تزايد أعداد زواره، والتخوف من إمكانية حدوث أية انزلاقات غير محمودة، ولذلك سمي لاحقــًا بـ “بو قبرين”.
24 هناك عدة دراسات وأطروحات أكاديمية (في التاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والآثار وعلم النفس والفلسفة) تخص مختلف الطقوس والممارسات المرتبطة بمختلف الأضرحة الموزعة عبر تراب الجزائر، وتفيدنا إجمالا عن الجوانب المادية والروحية في كل منطقة، وتعكس لنا صورة الاحتياجات النفسية والبعد السوسيولوجي للظاهرة باختلاف التجمعات البشرية بين المدن والأرياف، في الشرق والغرب والجنوب… نذكر من تلك الدراسات مثلا:
بن بلة، خيرة (2008)، المنشآت الدينية بالجزائر خلال العهد العثماني، دكتوراه في الآثار الإسلامية، معهد الآثار بجامعة الجزائر.
بن شامة، سعاد (2009)، المنشآت المعمارية الأثرية بمدينة البليدة في العهد العثماني (المساجد، الأضرحة، المساكن والحمامات)، ماجستير في الآثار الإسلامية، جامعة الجزائر.
ولذلك اكتفينا في هذا العنصر بذكر بعض الطقوس بصفة عامة دون تحديد لضريح بعينه
25 انظر: أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ج 04، ص. 399.
26 Ben Choaïb, A.-A. (1907), « Les Marabouts Guérisseurs », Revue africaine, V. 51, p. 252-253, et voir aussi : Rinn, op.cit., p. 176.
27 الوسيط الذي سمي غالبا بـ “الطالب”، واعتبر ذو مكانة مهمة فاقت في بعض الأحيان مكانة صاحب الضريح نفسه. انظر:
Rinn, L., op.cit., p. 455
28 أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ج 04، ص. 20.
29 أنظر: ابن احمد، أحمد (2001)، “الوعدة بين الضوابط الدينية والممارسات الشعبية”، مجلة الآداب والعلوم الانسانية، جامعة تلمسان، ص. 14. وكذا: بن عون، بن عتو، المرجع السابق، ص. 55.
30 من ذلك مثلا الأبيات التالية:
باسم الله نبدا على وفا ذا القصبة تعــــيانا
قصة ذا البونبة المتلفة كيف جابوها اعـدانا
نقلا عن: أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ج 02، ص. 314.وانظر:
Fagnan, E. (1894), « Un chant algérien du XVIII siècle », in Revue africaine, t. 38, p. 166
31 Rinn, L. (1884), Marabouts et khouan : étude sur l’islam en Algérie, Alger, éd. A. Jourdan, p. 452.
32 وثائق الحاكم الشرعية، العلبة 6/2، وثيقة رقم 20. في: بودريعة، ياسين (2013)، “المعتقدات في كرامات الأولياء بمدينة الجزائر في العهد العثماني”، مجلة العلوم الإنسانية، العدد 40، جامعة قسنطينة 01، (ديسمبر)، ص. 370.
33 بلحميسي، مولاي (1972)، “غارة شارل الخامس على مدينة الجزائر 948هـ/ 1541م بين المصادر الإسلامية والمصادر الغربية”، الأصالة، العدد 08، ص. 24.
34 تطورت تلك الطقوس أحيانــًا إلى القيام بتصرفات شاذة كالرقص والبكاء حتى الإغماء، وتفسير ذلك بخروج الروح الشريـرة التي تسكن صاحبها بعد سقوطه أرضــًا. وإلى نبش رفات الأولياء في أضرحتهم، ورمي عظامهم تلك في البحر اتقاءً لخطر قادم… أنظر: بودريعة، ياسين، المقال السابق، ص. 369.
35 انظر: سعد الله، أبو القاسم (1990)، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ج.1، ص. 196.
36 سعد الله، ابو القاسم ، تاريخ الجزائر الثقافي، المرجع السابق، ج 01، ص. 92 وما بعدها. وكذا: علاوة، عمارة، وموساوي، زينب (2009)، “مدينة الجزائر في العصر الوسيط”، إنسانيات، ع 44-45، ص. 25- 42.
37 نقلا عن: سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، المرجع السابق، ص. 49.
38 سعد الله، المرجع نفسه، ص. 93. وانظر:
Marçais, op.cit., p. 44
39 كان ضريح الولي داده قائمــًا بذاته قبل أن يتم تحويله إلى وظائف أخرى من طرف السلطة الاستعمارية الفرنسية، وتنقل رفاته الى جانب ضريح الثعالبي. أنظر: بلحميسي، مولاي، المقال السابق، ص. 110.
40 تمامــًا كما فعلت السيدة دومة بنت محمد التي خصصت أوانيها النحاسية الخاصة بالطبخ وقفــًا لضريح الثعالبي، على أن يكون إصلاحها من مدخول آخر تملكه. أنظر المرجع نفسه، ص. 237.
41 وذكر البعض أن تونس قد أغدقت الأوقاف على ضريح الثعالبي، وذلك بتوجيه حمولة زيت كبيرة كل سنة.
انظر: أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، المرجع نفسه، ص. 243.
42 نقلا عن: أبو القاسم سعد الله، المرجع نفسه، ص. 122-123.
43 أنظر: أبو القاسم، سعد الله، المرجع السابق، ص. 205-206.