المقامات الفلسطينية إرث تاريخي وديني

  يعود تاريخ المقامات الدينية والتاريخية في فلسطين إلى حقب تاريخية متعددة إبّان فترات الحكم الإسلامي المتعاقبة، لكن العهدين المملوكي والفاطمي شهدا الانتشار الأوسع لها. ومن جهة أخرى، لا بدّ من التفريق بين المقام والضريح العادي، فالثاني هو القبر المتعارف عليه، بينما المقام غرفة أو أكثر وقد يضمّ ضريحاً داخله أو يُبنى من دون قبر، تبرّكاً أو علامة على مرور الشخص من المكان أو تكريماً له. وعامة، تُنسَب المقامات في الضفة المحتلة خاصة، وفلسطين عامة، إلى أنبياء أو علماء أو أولياء صالحين، فيما تكون مقامات الأنبياء والصحابة أقدم عمراً من البقية الأقلّ شهرة، طبقاً للموروث الديني والتاريخي، وأحياناً الشعبي.

ورغم أهمية المقامات في الحفاظ على الهوية والتاريخ الفلسطيني إلا اننا نجد هناك تحديات للحفاظ عليها في ظل قصور القوانين والتشريعات الفلسطينية للحفاظ عليها إلى جانب التهويد الاسرائيلي ومحاولته لتهويد تلك المقامات الممتدة على اراضي الضفة الغربية .

ومؤخراً  استطاعت  وزارة الاوقاف وشرطة السياحية ورواق مركز المعمار الشعبي ومجلس قروي قيرة منع هدم المقام الديني “ستي نفيسة” الموجود في قرية قيرة منذ مئات السنين، وكذلك مقبرة الشهداء المحاذية له. هذا وزادت الدعوات المجتمعية لحماية المقامات الدينية والاثار والمقابر التاريخية من العبث والهدم، من خلال إبلاغ المؤسسات الرسمية المتمثلة في وزارتي الاوقاف، والسياحة والآثار، ومركز رواق للفن الشعبي.

وحول أهمية هذه الخطوة قال فريد طعم الله من مؤسسي مجموعة”حكي القرايا” و الخبير في التراث خلال حديث لـ”نساء إف إم” : إن مقام ” ستي نفسية ”  أحد المقامات المهمة في سلفيت وعمره الاف السنين ويضم بمحاذاته مقبرة وشجرة بلوط حيث أن كل مواصفات المقام متوفرة فيه وعادة ما تكون المقامات الدينية في فلسطين للذكور ولكن هذا المقام  هو من المقامات القليلية التي تكون لسيدة ورعة و صالحة .

واشار طعم الله الى أن هذا  المقام الذي يوجد على اراضي قرية قيرة في محافظة سلفيت يوجد منذ مئات السنين وقديماً كانت الامهات يوقدن الشموع من الكاز والزيت في داخل القصر بهدف التبرك وهي ممارسات ظلت  سائدة حتى نهاية السبيعان والثمانينات من القرن المنصرم  .

ونوه طعم الله أن قدسية المقامات نابعة انها جزء اصيل من التراث الفلسطيني والهوية التي  يجب الحفاظ عليها كجزء من التاريخ والارث للفلسطينيين ، مناشداً الجهات الرسمية بوضع وتبني خطة واستراتيجية وطنية للحفاظ على المقامات المتبقية ومنع التصرف بها من قبل الاشخاص ومالكي الاراضي التي يقام  عليها المقام .

هذا و يوجد في محافظة سلفيت 39 مقاما، 26 مقام منها بُني داخل حدود القرى، و13 مقاما خارجها لكنها تتبع ملكيتها للقرية، وتعد الزاوية وكفر الديك أكثر القرى التي تحتوي على المقامات وتليها سلفيت وكفل حارس وبديا.

و يطلق المقام عادة  على المكان الذي فيه ضريح لأحد الأولياء من أهل الصلاح والتقوى حتى تبقى ذكرى صاحب المقام خالدة في وجدان الناس، ولهذه المقامات أهمية عسكرية ودينية واجتماعية، كانت مكان للزيارات الطيبة ولعمل الختان للأطفال، والإحتفال بمولدهم، وكانت تقام فيها الاحتفالات وتذبح الذبائح وتقدم الأطعمة، واحياء الطقوس الدينية بعمل حلقات الذكر وإقامة الصلاة الجماعية، إضافة الى أهمية عسكرية كإرسال الإشارات بين الجنود بالدخان نهاراً والمشاعل ليلاً.

______________________________

*نقلًا عن موقع إذاعة ” نساء إف إم” – رام الله.