مشاهد ومراقد

ضريح ابن سيرين.. أحلام ترقد في مصر القديمة

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

ضريح ابن سيرين.. أحلام ترقد في مصر القديمة

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

تلتصق العجوز بالحاجز الزجاجي، تهمهم بأدعية وتُمسك غصنا من النعناع بيدها اليمنى تلوح به لصاحب الضريح، وما إن تنهي طقوسها حتى تبدأ في التحرك كي توزع رائحة المسك على الزائرين ثم تنصرف بهدوء.

هكذا كل أسبوع، تأتي عواطف أحمد صاحبة 66 عاما بعد صلاة الجمعة إلى ضريح الإمام محمد بن سيرين، تقرأ الأدعية وتشارك باقي الزائرين فيما تعتقده تبركا بصاحب المقام.

العشرات غيرها يتوافدون يوميا على مرقد ابن سيرين أحد علماء الإسلام الكبار والذي يعتبر أشهر مفسري الأحلام في التاريخ الإسلامي.

‪صندوق نذور داخل ضريح ابن سيرين

 

صغير كالحلم

باللونين الأبيض والأخضر طُليت جدران ضريح ابن سيرين الواقع على إحدى نواصي شارع الأشرف الشهير بحي الخليفة في منطقة مصر القديمة وسط القاهرة.

مساحة الضريح صغيرة كالحلم القصير، وتتوسطه قبة المقام مكسوة بالأخضر ومحاطة بمربع خشبي يتخلله لوح زجاجي، يمكن أن تمر من خلاله أيادي الزائرين لملامسة المقام ووضع الزهور وأغصان النعناع.

السقف مصنوع من الخشب، وعلى الجدران آيات قرآنية وأدعية وصندوق صغير للنذور، وهناك نافذة حديدية يمكن من خلالها أن يطل المارون بشارع الأشرف على الضريح.

السيد إمام مصري بسيط يعمل بنّاء، يقول إنه يواظب على زيارة الضريح كل جمعة بعد أن يصلي في مسجد السيدة نفيسة الذي يقع غير بعيد عن بداية شارع الأشرف.

يضيف أنه يتبرك بـ “مولانا” فهو يكفيه شر الأحلام المزعجة، ولديه قناعة بأن زيارة الضريح لها دورها الفاعل في تحقيق أحلامه السعيدة.

قبل سنوات، كان هناك حارس للضريح يلقب بـ “خادم المقام” يسمه أهل المنطقة “الشيخ نبيل” وكان يتولى تفسير أحلام الزائرين.

يعود إمام ليقول “كان الشيخ نبيل يقرأ كثيرا في كتب تفسير الأحلام. ومن لديه حلم يقوم بتفسيره، والبعض يقول إنه امتلك قدرة من الله على تفسير الأحلام استمدها كهبة من صاحب الضريح، الله أعلم فصاحب المقام وخادمه بين يدي الله الآن”.

قبلة الزوار

أما السبعيني محمد حسين أحد أبناء شارع الأشرف، فيقول إنه نشأ وتربى في مقام ابن سيرين، فطالما لعب في صباه مع أقارنه أمام الضريح وواظب على زيارته للتبرك وخدمة للأتباع الصالحين وروادهم.

يقول إن الضريح يأتيه الزائرون من مختلف المحافظات بل وكثير من الزوار من البلدان المختلفة، موضحا أن الإقبال الكبير يكون خلال الموالد المشهورة التي تستقطب عشرات الآلاف من أحباب أولياء الله الصالحين وآل البيت.

ومن هذه الموالد مولد السيدة نفيسة، والسيدة سكينة، والسيدة رقية، حيث إن أضرحتهن قريبة من مرقد ابن سيرين.

وهناك من يقصد ابن سيرين باعتباره أحد أولياء الله الصالحين دون معرفة حتى باسمه، مثل بسمة التي جاءت مع والدتها لزيارة “أضرحة الأولياء” في شارع الأشرف ومرت على ابن سيرين لتقرأ الفاتحة “واكتشفنا أنها لا تعرف حتى كيفية نطق اسمه”.

طافت بسمة مع أمها حول الضريح وقرأت الفاتحة ودعت في سرها، وعندما سألتها عن اسم صاحب المقام لم تعرف، وقالت إنها وجدت الناس يدخلون للزيارة فدخلت معهم.

يُذكر أن ابن سيرين اشتهر بالترحال، ويرى بعض المؤرخين أنه الحال استقر به أخيرا في مصر ليدفن في شارع الأشرف الذي يضم مراقد عدد من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، ويؤكد آخرون أن دُفن في البصرة بالعراق ويقع ضريح له في مبنى مرقد الحسن البصري.

لا أحد يعرف حقيقة مكان الدفن، لكن المؤكد أن مصريين كثيرين يحرصون على زيارة ضريح ابن سيرين بشارع الأشرف، حتى ولو كان جثمانه غير موجود هناك.

___________________________

*نقلًا عن موقع ” الجزيرة نت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى