مزارات ومقامات الأنبياء في الشرق الأوسط
مزارات ومقامات الأنبياء في الشرق الأوسط
عمران عبد الله
يوقن المسلمون بأن النبي محمد عليه الصلاة والسلام دفن بالمدينة المنورة في ضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول 11 هجريا، في بيت السيدة عائشة في مكان وفاته، ويتفق المسلمون مع المسيحيين واليهود في الاعتقاد بدفن إبراهيم عليه السلام في مدينة الخليل بالضفة الغربية إلى الجنوب من مدينة القدس المحتلة، لكن بخلاف ذلك لا تعرف مزارات وقبور بقية الأنبياء على وجه اليقين.
وتتوزع مزارات للأنبياء ومقاماتهم في سوريا والأردن وفلسطين واليمن والعراق وتركيا وغيرها.
الخليل ومقام النبي إبراهيم
يقع المسجد الإبراهيمي في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وينسب المسجد -الذي يطلق عليه أيضا اسم الحرم الإبراهيمي- إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام المدفون فيه قبل أربعة آلاف عام.
وسميت مدينة الخليل باسمه، وفيه قباب مغطاة تقول بعض المصادر التاريخية إنها قبور للأنبياء إبراهيم وزوجته سارة، وإسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وزوجاتهم عليهم السلام.
ويعد الحرم الإبراهيمي أقدم بناء ديني ومكان للعبادة، وبُني فوق المغارة التي يقال إن النبي إبراهيم دفن فيها ابنه إسحاق.
ويزيد عمر المدينة القديمة بالخليل على ستة آلاف عام، وتعاقبت عليها الحضارات الإنسانية، وبنيت الأسوار والأضرحة على قبور الأنبياء إبراهيم وولديه وزوجاتهم عليهم السلام.
هل دفن موسى في الأردن؟
يوجد مزار منسوب للنبي موسى عليه السلام فوق قمة جبل نيبو بمحافظة مأدبا الأردنية (جنوب عمان)، وفي سفر تثنية الاشتراع تقول التوراة “صعد النبي موسى من أرض مؤاب إلى جبل نبو إلى قمّة الفسحة تجاه أريحا، فأراه الرّب جميع الأرض، وقال له إلى هناك لا تعبر”.
وفي حديث للبخاري عن أبي هريرة أن موسى سأل ربه “أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر”.
لكن المزار المنسوب للنبي موسى على قمة الجبل المطل على البحر الميت تحيط به الشكوك، واختلف المفسرون المسلمون حول المقصود “بالكثيب الأحمر” في الحديث النبوي؛ فبين قائل إنه بجبل نيبو، ومن اعتبر أنه أقرب لبيت المقدس. وذكر الطبري في تاريخه عن ابن عباس أن القبر بأرض التيه، بينما اعتبر ابن عساكر وابن منظور أن القبر ربما يقع ناحية دمشق.
واعتبر بعض الباحثين أن تحليل لغة التوراة يشير إلى مكان قبر النبي موسى بمحافظة حضرموت في الشمال الغربي لمدينة شبوة اليمنية، ويتسق هذا الرأي مع القائلين إن موسى عليه السلام بُعث ودفن بالجزيرة العربية.
أضرحة منسوبة للأنبياء
توجد مزارات كثيرة حول العالم من الهند لوسط آسيا، وحتى في بلدان عربية منسوبة لآدم أبي البشر، والنبي نوح عليهما السلام، لكن لا يبدو أن أيًّا منها صحيح.
ورغم كثرة الأضرحة المنسوبة للأنبياء لدرجة وجود أكثر من ضريح للنبي نفسه في بلد واحد، لا يجزم الباحثون في الأديان والتاريخ بصحة أغلبها، ويشير بعضهم إلى الخلط بين “الضريح” و”المقام” في أذهان العامة؛ إذ لا يشترط للمقام أن يكون قبراً لنبي، بل هو إشارة أو مكان مرور لا يلزم أن يكون صاحب المقام قد توفي فيه.
وتوجد قبور كثيرة منسوبة “للخضر” حول العالم؛ ففي الأردن يوجد أكثر من مقام منسوب إليه، وكذلك يوجد مقام منسوب للخضر في بيروت وبعلبك اللبنانيتين، وفي بغداد، وفي تركيا، وغيرها.
وفي الأردن أيضاً توجد أضرحة منسوبة للنبي نوح في سفح جبل الكرك، والنبي شعيب في وادي شعيب قرب السلط، التي يوجد فيها ضريح للنبي يوشع أيضاً، ويوجد ضريح النبي هارون في البتراء (جنوبي البلاد).
وفي سوريا يوجد مقام للنبي يحيى بن زكريا في الجامع الأموي بدمشق والقدس، ويوجد ضريح منسوب للنبي زكريا في الجامع الأموي بحلب، وفي قرية جماعين والقدس بفلسطين.
وتشتهر تركيا بمقامات الأنبياء، خاصة في جنوب وشرق البلاد؛ إذ يوجد مقام للنبي إبراهيم في أورفا، ومقامان للنبي أيوب والنبي شعيب عليهما السلام.
وفي مدينة ديار بكر توجد مقامات للأنبياء هارون وإلياس واليسع وذو الكفل عليهم السلام.
وتوجد مقامات وضرائح منسوبة للنبي هود في حضرموت وحتى في العراق والأردن، ويعتقد البعض أن النبي صالح مدفون في القرية التي تحمل اسمه بفلسطين.
____________________
*نقلًا عن موقع “الجزيرة”.