مشاهد ومراقد

“زيارة” الضّريح بأفريقيّة مطلع العصور الوسطى

عمار عامري

“زيارة” الضّريح بأفريقيّة مطلع العصور الوسطى

عمار عامري

 

ملخّص:

احتلّ موضوع الزّيارة / الحجّ مكانة بارزة في الثّقافة الدّينيّة لإفريقيّة منذ العصور الأولى. إنّه موضوع مثير، ذلك أنّ وزنه العقائديّ وطقوسه المختلفة كادت أن ترتفع به إلى مرتبة ركن من أركان التّديّن.

لا شكّ أنّ موسم الزّيارة / الحجّ كان ولا يزال يتميّز في المقام الأوّل بتواتره: إنّه حدث واسع الانتشار في معظم الأديان. وأوقاته ليست سوى تكرار لذلك الجزء من الزّمن البدائيّ، وهو “الزّمن العظيم”: تعليق القديم وإقامة زمن جديد. إنّ زيارة الضّريح في إفريقيّة هي قبل كلّ شيء عمل من أعمال التّقوى. فقد جثمت طقوسها على تفكير الأفارقة، من وثنيّين وجلين ومسيحيّين متديّنين ومسلمين خاشعين، واحتوت عاداتهم وتقاليدهم وأفعالهم وأقوالهم. واعتبرت في سياقاتها إحدى الطّرق الّتي يجب أن يعيش عليها هؤلاء معتقداتهم.

الكلمات المفاتيح: زيارة، ضريح، أمازيغ، مسيحيّون، مسلمون، تديّن، تقوى.

Abstract:

The theme of pilgrimage has occupied a prominent place in African religious culture since the earliest times. In fact, it is an interesting issue due to its religious weight and rich rituals, which have almost elevated it to be one of the pillars of religiosity.

Undoubtedly, the pilgrimage season was and is still characterised primarily by its frequency: it is a wide-spread event in most religions and beliefs, and its schedules are only a recurrence of that part of the “primitive time” which is “the great time”: represented by the suspension of the old and the establishment of a new age(time).

Visiting the shrine in Africa is first and foremost an act of piety, as its rituals have dominated the thinking of Africans from fearful pagans, religious Christians and devout Muslims.

Over time, the rituals of pilgrimage have included their customs, deeds and sayings. These rituals, in their contexts, were considered one of the methods by which these religious people should live their beliefs.

Key words: pilgrimage, shrine, amazigh, amazigh, christians, muslims, religiosity, piety.

1- مقدّمة:

يعدّ موضوع الزّيارة أو ما يسمّى الحج[1] peregrinus في ثقافة أفريكا الدّينيّة القديمة، خصوصا في العصور الأولى، موضوعًا مثيرا لما له من ثقل عقديّ ولما فيه من معتقدات متنوّعة كادت ترتقي به إلى مصاف الرّكن الواحد للتّديّن. وتبعا لتنوّع هذه المعتقدات وعمقها، فإنّ الزّيارة الدّينيّة باتت من المواضيع الّتي أثقلت مهمّة المؤرّخين والأركيولوجيّين حتّى يمكن استكشافها بالكامل. ويعود ذلك إلى ندرة المصادر المكتوبة[2] واندثار جزء من الأثر المشيّد بفعل الزّمن.

لا شكّ أنّ موسم الزّيارة كان يتميّز أساسًا بتواتره ولايزال: فهو حدث سائد في أغلب الدّيانات، بل هو حدث من الصّعب أن يتجافاه كلّ دين ويرتفع عنه كلّ معتقد. إنّه موسم أسطوريّ وقديم متعلّق بظهورات إلهيّة théophanies، أو نزول وحي revelatum، أو تجسيد معجزةmiraculum ، أو موت قدّيسmartyrium ، وغيرها من المواقيت ذات مرجعيّة تقويّة صرفة. وفي تحقيقها يتمّ إحياء الوقت الّذي تشكّل فيه الحدث واستقرّ رمزه، فيقدّم الحدث نفسه مرة أخرى بصورة أكثر عمقا وأجلّ قداسة، ويكون موسم الحجّ وصيّا أبديّا على هذا العمق وهذه القداسة. فليست مواقيت الحجّ إلّا تكرارا لهذا الجزء من الزّمن البدائيّ، ألا وهو “الزّمن العظيم”: تعليق الزّمن القديم وتأسيس زمن جديد.

والزّيارة في أفريكا هي أوّلا وقبل كل شيء عمل من أعمال التّقوى، مقدّس، فيه استوفت القداسةُ شروطها جميعا حتّى لا مجال لرجّها أو صدّها. وقد فعلت القداسة فعلها في الحجّاج والزّائرين كما فعلها في الحجر الّذي استقام عليه المعبد وتهيّأ به الضّريح. جثمت على فكر الأفارقة وعاداتهم وتقاليدهم وأفعالهم وأقوالهم، كما جثمت على الحجر كما هُيّئ للضّريح المقدّس، وصبغته بلونها كذلك عند العبّاد والصّلحاء الوثنيّين والمسيحيّين الوجلين والمسلمين المتبتّلين الورعين. فالزّيارة تعتبر إحدى الطّرق الّتي يجب أن يعيش عليها الوثنيّون والمسيحيّون والمسلمون دياناتهم.

2- في الزّيارة: صيانة الوثن[3] والاحتفاء بالكاهن:

وصف كودفلتدوس القرطاجنّيّ Quodvultdeus (ت.±450م) زيارة معبد Caelestis بقرطاج، قائلا: “كَانَ بِهَا مَعْبدٌ ضَخْمٌ للغايَةِ، تُحيطُ بِهِ أَضَاحي لِكُلّ الآلِهَةِ، وتُغطّي أَرْضيّةَ السّاحَةِ المُحيطَةِ به فُسيفُسَاءُ، وأعْمِدةٌ وجُدُرانُ رَاقيةٌ”[4].

ليست الزّيارة الدّينيّة في أفريكا الأمازيغيّة حدثا اعتياديّا، وإنّما كانت لتجديد العهد مع الوثن وإثارة الشّعور الدّينيّ وتحفيزه. ويتّضح ممّا سبق من هذه الشّهادة التّاريخيّة أنّ الزّيارة عند الأمازيغ كانت للاحتفاء بأصنامهم عبادة واعتقادا، في دعم علاقتهم به في حلّهم وترحالهم. فهم يعتدّون بهذه العبادة الموسميّة الّتي تسلّيهم في الأوقات العصيبة وتجمعهم في المواقف الصّعبة وتوحّدهم في الاضطرابات الّتي تلحقهم. فهي تهبهم الحياة وتسلّيهم لحظة شعورهم قهر الزّمن وهول التّفكير في الموت، حتّى بمجرّد التّفكير فيهما. لقد جدّد الأمازيغ عهدهم بالوثن أثناء الزّيارة، فكان لابدّ للوثن بدوره أن يمنحهم الطّمأنينة ويضفي على حياة العبّاد قيمة روحيّة حيّة ورجاء دائما، فبدونه تستحيل الحياة بطلانا، وينأى أملهم بعيدا. ويبدو أنّ العلاقة الوطيدة بين الوثن والأمازيغيّ هي الأساس لاجترار الشّوق إلى الحياة الأبديّة، بل إنّ زيارته بين الحين والآخر هي تعقيم للخطايا وكبح للشّرور.

تَدَعّم هذا الانسجام بين الزّائر والوثن بحضور الكهّان مراسم الزّيارات. فهم يُعتَبَرون أوصيّاء على المفاهيم[5] الّتي تستقيم عليها عقائد المجتمع الأمازيغيّ، ولهذا كانت طقوسهم مرتبطة بكلّ طبقات المجتمع وهياكل الدّولة، فهم يمثّلون حماة المجتمع والمجال. وليس إشرافهم على تأدية القربان المقدّس زمن الزّيارات إلّا لقوّة وساطتهم مع الآلهة وتدخّلهم السّافر في محو ذنوب المذنبين.

في حضرة الزّوّار، لابدّ أن تقام الشّعائر الأمازيغيّة على المنوال الّذي يرتضيه الزّائر ويختاره الكاهن. يقول الشّاعر الملحميّ فلافيوس Flavius(ت.ق.6م) واصفا شعيرة القربان الأمازيغيّ: “[…] بَعْدَ تَقْدِيمِ الذَّبَائِحِ، وَسَيَلَانِ دِمَائِهَا عَلَى الأَصْنَامِ، كَانَتْ الكَاهِنَةُ تَسْتَقْرِئُ الأَحْشَاءَ وَتَسْأَلَهَا، ثُمّ تَضَعُ قِطَعَ اللَّحْمِ فَوْقَ لَهَبِ النَّارِ المُتَوَهِّجَةِ وَفِي جَوِّ مَهِيبٍ كَانَتْ تَغْمِسُ السَّكَاكِينَ فِي أَجْزَاءِ جِسْمِهَا فَيَنْتَصِبُ شَعْرُهَا كَمَا تَبْرُزُ عَيْنَاهَا. ثُمّ تَنْهَضُ تَدُورُ حَوْلَ نَفْسِهَا وَجِسْمُهَا يَتَمَايَلُ، فَيَكْسُو وَجْهَهَا اِحْمِرَارٌ رَهِيبٌ مِنْ تَأْثِيرِ إِلْهَامِهَا، بَيْنَمَا تَنْبَعِثُ مِنْ أَعْمَاقِ صَدْرِهَا أَصْوَاتٌ حَادَّةٌ، وَتَمْتَمَةٌ غَامِضَةٌ بِكَلِمَاتٍ مُتَدَاخِلَةٍ وَزَهِيقٌ يَمْلَأُ أَحْشَاءَهَا”[6].

زمن الزّيارة، كان لابدّ أن يُقامَ هذا الطّقسُ كغيره من الطّقوس الموسميّة واليوميّة للكاهن/ للكاهنة حتّى يحتفظ الكون بنظامه في تصوّر الأمازيغ. ولمّا كان من الصّعب على أيّ أحد القيام بهذه الطّقوس بسبب انشغاله بالقوت اليوميّ أو بالسّعي، نابت عنه الكاهنة/ الكاهن بكلّ ثقلها (ه) الدّينيّ، فهي الوسيطة أو الوسيط بين السّكان والمعبود، لتؤدّي وظيفتها المقدّسة.

ولن تدوم الزّيارة ولن يتجدّد عهدها إلّا إذا حافظ الأمازيغ طيلة حياتهم على مناقب كاهنهم وهو يؤدّي مناسك الزّيارة. فقد أضحت له سلطة ممتدّة عبر الزّمان والمكان. ولن تكون مناقبه الّتي رواها كلّ زائر عن نائر إلّا عناوين تعكس قدرته على غمر الزّمن بطاقته الفعّالة، وتبرز تملّكه كلّ المهارات الّتي تمكّنه من الارتقاء في أذهان أتباعه الزّائرين المدثّرين والتّأثير فيهم. هناك شهادتان على قدر غير هيّن من الأهمّيّة والدّقّة تتناسب فيهما البراعة والحكمة في أفعال الكاهن الأمازيغيّ:

الشّهادة الأولى وردت على لسان الدّبّاغ وهو أحد الهجيوغرافيّين القيروانيّين المتأخّرين (ت.699ه)، ورغم أنّها شهادة متأخّرة في الزّمن، فهي مثقلة بالمعاني والرّموز. يقول الدّبّاغ في شأن كاهنة البربر: “إنَّهَا أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهَا بِالكَهَانةِ[7]“. بمعنى أنّها اكتسبت جميع المهارات للعمل بصرامة في القضايا الّتي لها معنى للوجود وإعطاء الحقيقة الدّينيّة المكانة الّتي تحتاجها في كلّ سياقات العبادة من نذر وتقريب وتلقين وإذكاء نور الإيمان والتّقوى.

أمّا الشّهادة الثّانية فهي لمحمّد الطّالبي، مؤرّخ معاصر، قال: “شأْنَهَا شأْنَ “المَلِكَاتِ العَرَبِيَّاتِ” اللَّوَاتِي اِسْتَشْهَدَ بِهِنَّ توفيق فهد فِي كِتَابِهِ “الكهانة العربيّة “، كَانَتْ [الكاهنة] بِلَا شَكٍّ “مُنْتَشِيَةً”. فِي لَحْظَةِ الإِلْهَامِ، كَانَتْ تَدْخُلُ فِي حَالَةٍ مِنَ الإِثَارَةِ الشَّدِيدَةِ، وَتُرْسِلُ شَعْرَهَا وَتَضْرِبُ صَدْرَهَا. وَمَارَسَتْ كَذَلِكَ تِقْنِيَّاتِ العِرَافَةِ الأَكْثَرَ تَقْلِيدِيّةٍ، مِثْلَ قِرَاءَةِ المُسْتَقْبَلِ فِي الحَصَى، وَلَا شَكَّ أَنَهَا تُدِينُ بِجُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْهَا”[8].

تحتوي أفعال الكاهنة على طائفة من العناصر تستخدمها أثناء أداء الطّقس التّعبّدي: فمنها ما هو قائم على اللّغة كالتّفوّه ببعض الكلمات، ومنها ما هو قائم على الحركات الّتي تبدو غريبة وغير معتادة بالنّسبة إلى الحضور مثل الضّرب على الصّدر، وهدفها التّأثير المطلوب لحظة الأداء، ومنها الاستعانة ببعض الموادّ الطّبيعيّة الّتي تتوفّر في المحيط الطّبيعيّ.

يمكن أن نستشعر أهميّة هذه الممارسات الّتي تأسّس عليها إجماع المجتمع الأمازيغيّ. إذ تبدو لنا كغيرها ممّا سبق ذكره، حاضرة في زيارات الأمازيغيّ كما في عموم حياته وموته، في سلمه وحربه، في الزّواج والولادة، في الزّراعة والحصاد. إنّها تقع في النّفوس وتُنقَشُ في الذّاكرة لحضورها المكثّف في الحياة الرّوحيّة للمجتمع[9] وتكرارها حتّى تستحيل تقليدا درج عليه المجتمع الأمازيغيّ عبر التّاريخ.

والظّاهر أنّ الكاهنة، بجملة طقوسها اليوميّة والموسميّة وتعاويذها أثناء تأدية القربان وتراتيلها المبهمة لحظة التّوق، تكون قد آثرت الخلاص مع أتباعها في صخب الزّيارة، وجمعتهم على الوفاء الجمعيّ للإيفاء بحقوقها والاعتراف لها بالكفاءة والقوّة وضمانها الغفران. وهو اعتراف يمكّنها من أن تكون وصيّة أبديّة، ليس فقط على الوثن الّذي تباشره لحظ الزّيارة، وإنّما كذلك على كلّ الزّائرين المؤمنين به والمعتقدين في تقواها في سائر الزّمن.

وبفعل الزّيارة، يبدو أنّ صيتها قد ذاع لحظة تدرّجها في مراتب الوصاية، فاعتلت أشرف المراتب وذلك بتربّعها على عرش قبيلة جراوة بجبال الأوراس. ولهذا اقتضى دورها، حسب نظرنا في هذا السّياق السّلطويّ، مواجهةَ اختبارات الحياة وذلك بالتّجرّد بما يحول دون نذور الفقر، والتّحلّي بدور البطل وربّما استدراج الأتباع إلى منطق البطولة، كما يعتقد الباحث أ. ساباتييه A. Sabatier  (ت. 1817م) بقوله: “إِنَّ الوَثنيَّ يَتُوقُ إلَى المَجْدِ الّذِي يُمثِّلُ شَغَفًا قَويًا بالنّسْبَةِ إلَيْهِ، حَتَّى فِي العَالَمِ الآخَرِ”[10].

ليس هناك قوانين وشروط عليها التّقيّد بها حتّى تستفيد من هذه السّلطة الّتي حظيت بها. كلّ ما في الأمر، أنّها تملك حكمة الحكيم وأناة الفطين وتبتّل التّقيّ وورع الورع لترشد أتباعها إلى عدم الشّعور بهشاشة الكيان وبالفراغ الرّوحيّ، وتخفّف عنيهم من وطأة عاديات الزّمن وعدواء الشّوق الأبديّ. فهي في نظر الأتباع حكيمة عليمة وبطلة لا يُشقّ لها غُبار وقدّيسة ورعة وجلة مفعمة بالإيمان في آن. وهذه الصّفات لا تستند إلى مرجعيّة أو وصاية، فتلك هي مهابة[11] كما يجب أن تكون، وإلّا سقطت في تجربة الانهزام والأفول.

لن يستطيع الأمازيغّيّ الوثنيّ أن يسكن دون قنوت عقب أداء هذه الطّقوس المتعلّقة بالزّيارة، خاصّة إذا نزلت به نازلة كقحط أو وباء أو وجل يصيبه من انعدام الأمن. ولن يفوت المجتمع الأمازيغيّ كذلك أن يعي أفعال الكاهنة أو الكاهن في مدارج الزّيارة، حتّى لا يصيبه حرج. وربّما يكون القنوت وهذا الوعي الحادّ بأداء الطّقوس من أدوات نفخ روح الورع والتّقوى في قلوب أفراد المجتمع الزّائرين وتثبيت أفئدتهم وإضاءة أرواحهم وأرواح أجدادهم. ولكن هل انتهى هذا المنزع التّقويّ عند الأمازيغ بمجرّد وفاة الكاهنة؟

لا ينتهي المنزع التّقويّ لدى الأمازيغ بغيابها، بل يحضر الإبداع الخياليّ ليلهم رواية سير الكهنة وهم في جلبة الزّيارة المقدّسة. وتدعوهم ضرورات التّقديس والاخلاص إلى صياغة القصّة تلو الأخرى وكلّها قادرة على اكتساح التّاريخ، لأنّها مفرطة في النّموّ. لقد جعلها الخيال البشريّ قصصا “مفيدة للنّفس[12]” لأنّها من النّاحية العقديّة تجعل من الكاهن المقدّس موافقا دوما للأنموذج الإلهيّ الأصليّ[13] في مخيال الأمازيغ.

يزداد الإبداع في رواية سير الكهّان المقدّسين في نفس الوقت الّذي تصبح فيه صورة أحدهم من فواعل ذاكرة الزّيارة. ويمكن لهذه السّير أن تكون جزءًا من ثقافة الذّاكرة وجذوة السّرد، المكتوب أو الشّفويّ، ومناسب في جوهره لإنتاج الرّواية الهجيوغرافيّة: فالذّاكرة تسمح لنفسها بملء الفجوات في مراسم الزّيارة وتّقاليدها من خلال عمليّات مختلفة (التّنميط، إعادة العمل، الإصلاح، الاستيفاء والتّفعيل)، بحيث تجعل فنون الذّاكرة الّتي تعنيها قادرة على سحب صورة القدّيس على كلّ ما يتعلّق بالحياة، خصوصا الزّيارة. بل إنّ نوع المديح ذاته الّذي يفترضه الاحتفال بسير القدّيسين يشجّع الاختراع الأدبي، ويدعم الاتّصال المرجعيّ بالأساطير، ومحتواها التّاريخيّ والهجيوغرافيّ.

3- الحج التعبّدي: من قداسة القدّيس المسيحيّ إلى قداسة المعلم:

تعتبر كلمة “الحجّ” في العصور الوسطى الأولى من الكلمات الّتي لها جذور يهوديّة مسيحيّة وتوراتيّة[14]. فالكلمة اللّاتينيّة peregrinus تعني في الأصل “غريب[15]“، أي من ترك وطنه وحلّ بغيره لا يعرفه وجهل تقاليده. أو يمكن أن يحيل على البعد عن الموطن الأصل والنّفي بعيدًا عن منزله. وهكذا فإنّ من بين معاني الحجّ نجد معنى النّفي والإبعاد[16].

على الجملة، أسوة باليهوديّ، يعتبر المسيحيّ كذلك مهاجرا، أو هو الرّجل الرّاحل/المسافر والغريب على الأرض. بل إنّ المسيحيّة تعتبر أنّ الشّعب المسيحيّ بأكمله في المنفى هنا على الأرض، على المكان الأدنى، وهو مستمرّ في الطّريق إلى ملكوت المسيح، إلى أورشليم السّماويّة. إنّها “نازلة من السّماء من عند الله” في تصوّر المسيحيّين،‏ ومن خلالها سيتولّى المسيح إدارة شؤون الأرض.‏ وهذا ما يبرز في سفر رؤيا يوحنّا[17]‏. وتربط عبارات الآيتين بين أورشليم الجديدة والملكوت الّذي سيتمِّم مشيئة الله “لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ عَلَى الأَرْضِ كَمَا هِيَ فِي السَّمَاءِ”[18].‏ فهمي المدينة ذات البركات الكثيرة الّتي ستُغدَق على البشر جميعهم.

وتدريجيّا تطوّر هذا المعنى الأصليّ والأساسيّ لكلمة peregrinus، وتمّ العمل على إثرائه بمعان جديدة مستحدثة. وكان أوّل تغيير لمعنى الكلمة يكمن في تسميّة الحاجّ “بالغريب”ـ وهو نفي طوعيّ بموجبه ينتقل من مكان إلى آخر. لم يعد الأمر مجرّد منفى، بل منفى طوعيّا أصبح في نفس الوقت تمرينًا في حدّ ذاته، من خلال حقيقة تفيد أنّ المنفيّ قد ترك محيطه المألوف لمواجهة مجتمع غير معروف وأحيانًا معاد، وغالبًا ما لم يكن يفهم لغته، كما أنّه وجد فرصة للزّهد والعيش مع الله دون سواه.

وهكذا، فإن عملية الحجّ كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدّعوة الدّينيّة وقبل كلّ شيء بحياة النّاسك: لقد كانت قطيعة مع العالم الّذي يمكن للبعض أن يذهب إلى أبعد من ذلك، إلى الاستشهاد. ومنه نشأت الزّيارة للتّزوّد بالزّاد التّقويّ بما يمكّن العابد من تأصيل عقيدته، ويجدّد العهد الّذي لم ينكثه القدّيسون الشّهداء، هؤلاء الّذين تواترت أضرحتهم في إفريقيّة الرّومانيّة عبر الزّمن. نجد في القرن الثّاني شهداء السّيليوم[19] Cillium (مدينة القصرين حاليّا) والّذين يمثّلون مفخرة الكنيسة في إفريقيّة، وممّن وقفوا ضدّ أعداء “الكلمة الحقّ”. ويشهد ضريح فلافيي Flavii على انتخابهم وتبجيلهم[20]. وتتمثّل هذه اللّائحة في سبعة قدّيسين وخمس قدّيسات: Spératus, Nartzalus, Cittinus, Veturius, Felix, Aquilinus, Laetantius. أمّا القدّيسات، فهنّ على التّوالي: Januaria, Generosa, Vestia, Donata, Secunda.

وقد تواترت أسماؤهم في لوائح شهداء إفريقيّة زمن الاضطهاد[21] الإمبراطوريّ. وتمّ إعدامهم بتهمة الزّندقة[22] سنة 180م في قرطاج بأمر من قائد شمال إفريقيا، فنالوا بذلك إكليل الشّهادة. وقد عدّت أضرحتهم المتواترة في إقليم السّيليوم وجهة دينيّة لحجيج الإقليم وملاذا للمسافرين على الطّريق المؤدّية إلى أميدرة (قرية حيدرة حاليّا) زمن حكم نيرون Nero Claudius (ت.68م).

ثم تليها لائحة القرن الثّالث الميلاديّ، حيث نجد على رأس القائمة امرأتين: بيربيتي Perpétue وفيليستي Félicité وأتباعهما. حوكموا بالإعدام سنة 203م، وتُعتبر محنتهنّ من أبرز مواضيع النّصوص الهجيوغرافيّة الّتي خلّدها التّاريخ. ثم نجد قودّان امرأة قدّيسة حوكمت بالإعدام في نفس السّنة أي 203م، أمام سبتيم سيفار Septime Sévère (ت.211م) قائد إقليم قرطاج. ثم تلاهم سيليرينا Celerina وأونياتوس Egnatus  ولورانتينيانوس Laurentianus وسيليرنيوس Celerinus سنة 250م. وتطول القوائم عبر التّاريخ[23].

لم تكن الزّيارة أو السّفر بالمفهوم الدّينيّ في أفريكا عملا تقويّا فحسب، بل كانت للزّائر أو الحاجّ فيهما مآرب أخرى، أبرزُها العلاج والرّاحة. وتعجّ أفريكا بالفضاءات المقدّسة كوجهات للزّيارة والعلاج، بما في ذلك أيضًا الأمكنة الّتي استقرّت فيها المجتمعات الرّهبانيّة. وتدريجيّا أصبحت هذه الأماكن “مقدّسة” على أساس التّشابه في الإرث أو على أساس التّواصل: في هذه الأماكن عاش قدّيس معالج، أو حدثت معجزة شفاء، أو حدث ظهور أو بُنيت كنيسة وفقًا للإرادة الإلهيّة، إلخ. وقد تضاعفت الأماكن المقدّسة الّتي يمكن للمؤمنين زيارتها والاحتفال فيها، والحصول على العلاج أو الغفران وإلغاء خطاياه. وفي قرطاج، أصبحت السّاحات العموميّة مثل، السّاحة الكبيرة، مسرحا للاحتفال الدّينيّ أو مكانا من أماكن الحرم القرطاجنّي.

لا تفيدنا المصادر المتعلّقة بتاريخ الأديان أنّ الأماكن المقدّسة يتمّ اختيارها مسبّقا بشكل عامّ، بل يتمّ اكتشافها، حيث يكتشف المؤمنون أنّ مكانًا ما أصبح مقدّسًا بعد حدوث معجزة أو ظهور إلاهيّ أو تجسيد كرامة أو أنّ هذا المكان أو ذاك كان مهد اجتماع المؤمنين لقرون خلت.

وتدريجيا سيكتشف كلّ مؤمن في المكان المقدّس “مركز العالم” بل “بيت الله”، ذلك المكان الغنيّ بالتّأثيرات العلاجيّة للجسد والرّوح. يقول سان سيبريان[24] Saint Cyprien: “يَجِبُ عَلَيْنَا تَوظِيفُ رِعايتِنَا وَعِلْمِنَا بِشَفَاءِ المرْضَى، للجَرْحَى المَحْرُومِينَ مِنَ الحيَاةِ، فَهُمْ نِصْفُ مَوْتَى، هَؤلَاءِ الّذِينَ نَرَاهُمْ ممدُودِينَ عَلَى الأَرْضِ[25]“. ويضيف قائلا: “وبِقَدْرِ مَا هُوَ رَحبٌ وعَاءُ إِيمَانِنَا، بِقَدْرِ مَا كَانَتِ النّعْمَةُ تَغْمُرُنَا بِفَيضِهَا، بعِفّةِ الرّوحِ القُدُسِ، بالصّوْتِ النّقِيِّ، وبالفَضِيلَةِ الصّادِقَةِ، فَهْيَ الّتي تَمنَحُنَا القَوّةَ لِشَفَاءِ المرْضَى وتَدْمِيرِ قُوّة السّمُومِ”[26].

وفي ذروة الزّيارات، لن يتوانى القائمون على الضّريح عن توسيع الفضاء حتّى يتكيّف مع أعداد كبيرة من الزّوّار والحجّاج، وتوفير فرص الاتّصال، وترتيب أنظمة الخدمة المسداة لفائدة الزّائرين. يصل الزّوّار إلى هذه الأماكن الّتي يقصدونها للحجّ والزّيارة من خلال الرّحلة نحو “مكان آخر” باتّباع سلسلة من الطّقوس تتراوح بين الدّعاء والمجاهدة والإقبال على ترديد الإنجيل، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالتّحضيرات قبل الوفود على المزار. إنّها سلسلة من “العناصر الميثولوجيّة الأولى” mythologèmes [27] المعقّدة الموجودة في جميع الأديان والمجتمعات.

ليست أماكن العبادة في قرطاج وغيرها من الحواضر إلّا حرمات مباركة وهدى للسّكّان وأمانا لهم ولكلّ من دخله متقرّبا أو طائفا أو متعبّدا أو معالجا. هي أمكنة محدّدة ومهيّأة بوسائل العبادة. وقد تمّ العثور على العديد من المعابد الحضريّة في أماكن مختلفة من قرطاج وضواحيها وفي أقاصي الحواضر التّابعة لها. وبالتّالي فإنّ مواقعها لا تخضع لقاعدة محدّدة. إلّا أنّ المهمّ في توزيعها هو أنّ بعضها وخصوصا تلك الّتي تطلّ على البحر قد استفاد من اتّصال الأجانب والرّحّالة البحّارة المسافرين بها. فقد استنفدت قرابينهم ex-votos وفازت بتبرّعاتهم ونالت عطاياهم وعمرت بزياراتهم.

في شأن ضريح القدّيس قبريانوس[28] مثلا، هناك مكانان على الأقل حدّدتهما النّصوص التّاريخيّة لزيارته لتؤصّل له وقارا مبكرًا في قرطاج: هما البازيليكا الّتي استشهد فيها والبازيليكا الّتي بنيت على المكان الّذي دفن فيه. وقد روى فيكتور دي فيتا Victor di Vita أنّه تمّ تكريس اثنين من البازيليكات الكبيرة إلى القدّيس قبريانوس: واحد في المكان الّذي استشهد فيه، والمكان الآخر الّذي دفن فيه، يسمّى مابا Mappa[29]. في حياته، وبعد مماته، لم يتوان قدّيسو قرطاج عن تشجيع زيارة ضريحه ودعم الزّائرين، أسوة بوعظه في إحدى رسائله[30].

إنّ القيمة المثاليّة للحجّ – أوّل العصور الوسطى – مرتبطة بالفعل بالشّهادة ؛ فهو استمرار لها والعكس، لأنّه قبل انتهاء اضطهادات الكنيسة كان هذا الحجّ/السّفر هو الضّرب في البراريّ ضريًا. فهو طريقة لتحلّ محلّ الاستشهاد الدّمويّ. بهذه المراوحة نستطيع فهم هروب الصّلحاء والنّسّاك إلى الصّحراء وشرحه، خصوصا في القرنين الثّالث والرّابع ميلاديّا. وقد عجّت روايات الهجيوغرافيّين بروايات السّفر والامتحان في الصّحارى القاحلة في الشّرق المسيحيّ. وفي وجع هذا النّفي الطّوعيّ وضنكه ومخاطره، كان هناك شكل جديد من الاستشهاد لم ينتج إراقة الدّماء، ولكنّه أنتج تاريخا مفعّما بالخوف والوجل والرّهبة.

3- 1- الحجّ الى الأضرحة للحصول على المعجزات:

إذا كان الحجّ بالنّسبة إلى أغلب العبّاد القانتين فرصة قبل كل شيء ليطهّروا أرواحهم ويساهموا في تحقيق خلاصها، فإنّ بعض الدّراسات تذهب إلى أنّ أغلب الحجّاج الّذين زاروا البقاع المقدّسة في القرون الوسطى الأولى كان هدفهم الرّئيسيّ أكثر واقعية، أي ذا ميزة مادّيّة، أكثر من غيرها وهي في كثير من الأحيان شفاء الجسم.

من المؤكّد أنّ هذا النّوع من الحجّ ليس من سمات العصور الوسطى الأولى فقط، ولم يكن البتّة من نتائجه. بل كان حاضرا سابقا في العصور القديمة اللّاتينيّة، إذ كانت هناك ملاذات لطبّ أسكليبيوسAsclepius  إله الطّب[31] في اليونان القديمة. فقد جذب المرضى الّذين أرادوا الحصول على بلسم، وأمّن لقاءهم وجهّز لهم العقّار ووفّر لهم العلاج النّاجع.

ومع ترعرع المسيحيّة واعتكاف المتعبّدين في محاريب قدّيسيهم، وتطوّر خيارات العبادة، واستفحال الولاء المقدّس للقدّيسين واعتصامهم بتجارب الأوّلين من شهداء المسيحيّة، أصبحت الصّلاة من أركان العبادة المهمّة. وقد ارتبط الحجّ من بدئه بصلاة المريض، ولن تتحقّق الاستجابة الرّبّانيّة بشفاء المريض إلّا إذا كان المكان يحوي آثارا مقدّسة Reliques لقدّيس ما.

لذلك فإنّ ولادة عبادة الآثار هي أحد الأسباب الرّئيسيّة لتطوّر هذا النّوع من الحجّ. حيث الاتّفاق على مبدأ حرمة مقابر القديسين وآثارهم مبرم ومتّفق عليه. وقد تمّ تقسيم بقايا القدّيسين الأموات – ابتداء من القرن الرّابع الميلاديّ على الكنائس الشّرقيّة. ونفس الإجراء اتّخذ في كنائس الغرب منذ القرن السّابع ميلاديّا. وليس لهذا الإجراء من هدف إلّا لتمكين جلّ الكنائس – وعددها متزايد – من الفوز بآثار القدّيسين المهمّين. ذلك لأنّ صاحب نظريّة القرن الخامس الميلادي ثيودورس أو تيودوراي دي سير Théodoret de Cyr (ت.458م) أقرّ بأنّ القطعة الصّغيرة من آثار القدّيس لها نفس قوّة الجسم كلّه[32].

وكان لتوزيع آثار القدّيسين Reliques أثر على أماكن الحجّ الّتي تزايد عددها، وبالتّالي تزايد أعداد المرضى. فيمكن للضّعيف أن يدنو من الآثار المقدّسة القريبة ويتبرّك بها، لأنّه كان هناك خير في كلّ منطقة من الغرب المسيحيّ تحتوي ذخائر في شكل عظام ثمينة للقدّيس. وقد أُضيف إلى الشّهداء، قدّيسون آخرون، معترف بهم من الدّوائر الكنسيّة، فقد أصبحت مقابرهم ومقاماتهم نقاط جذب لا تقلّ أهميّة عن أورشليم.

أدّى تطوّر هذه المزارات العديدة – الّتي تحتوي على آثار مقدّسة – وانتشارها بشكل عامّ إلى اختصار المسافات وتقريب الوجهات: فالمرضى الّذين كان من الصّعب جدّا عليهم حلّ مشكلة النّقل بالنّسبة إليهم، بإمكانهم أن يزوروا ويؤدّوا فريضة كانت حكرا على من كان قريبا، بل أصبحوا يفضّلونها باعتبارها أقرب الأماكن المقدّسة. ويبدو أنّ قرار تيودوراي دي سير بتقسيم آثار القدّيسين على كنائس الشّرق والغرب ساهم في تحفيز ممارسة الحجّ والزّيارة، لأنّ العديد من المرضى لم يعودوا حينئذ مضطرّين للتّغلّب على عقبة المسافة ووعث السّفر للفوز بزيارة آثار القدّيسين والتّبرّك بها.

4- الحجّ بين المقدّس والمدنّس:

لن يكون الحجّ أو الزّيارة إلّا من بين الممارسات الاتّصاليّة في فضاء دينيّ مفعّم بالتّلبية ومشهود بالاستجابة. فهما موعدان متجدّدان لإعادة نسج رابط بين الدّين والدّنيا، بين الجسد والرّوح، بين العالم المرئيّ والعالم اللّامرئيّ. ولكن ما طبيعة هذا الرّابط المتجدّد؟ هل هو رابط معطّل ولا يمكن فكّه وإعادته إلّا بالزّيارة أو الحجّ؟ هل كانت الكنيسة الضّعيفة قد أعادت اكتشاف فضائل وسائل الاستقطاب القديمة لإنجاز عودة إلى المقدّس أو عودة المدنّس ذاته، من طريق القدّيس المبجّل، وهي شخصيّة يمكن فهمُها بشكل مباشر أكثر من يسوع نفسه، بل، هي شخصيّة أكثر تجريديّة وأقرب واقعيّة في آن؟

لابدّ لنا من توضيح مفهوم الزّيارة أو الحجّ – اللّذين وصفناهما على نطاق متواضع بداية تحليلنا – دعونا نتذكّر أنّهما، من حيث المبدأ، عملان تطوّعيان. ويبدو أنّهما الملاذّ في أغلب الحالات: طلب الشّفاء أو التماس النّعمة، وهي طلبات تنعش الزّوّار وتثيرهم، وتملأ قلوبهم، كطقوس ولادة جديدة أو حتّى كإشادة واعتراف بخير، أو وفاء بوعد في قربان نذره. فالزّيارة تقرّب، ولحظتها قرب مباشر مع القدرة المطلقة الّتي تمّ استدعاؤها.

4- 1- الزّيارة / الحجّ عبادة:

عندما يقترب الحاجّ الزّائر من وجهته المقدّسة الأخيرة، فإنّه يميل إلى التّوقّف عند كل محطّة رئيسيّة حيث يقوم بالتّكفير عن الذّنب. يؤدّي مراسم عباداته تدريجيّا. ويستعدّ للذّروة المقدّسة، أي دخول الضّريح المركزيّ بكلّ وجل. عندما يعود، لن يكون هدفه سوى العودة إلى المنزل في أقرب وقت ممكن واحساسه هو احساس سائح أكثر من كونه مخلصًا. لقد حرّر نفسه من ذنوبه، ويمكنه الآن الاسترخاء والاستمتاع برحلته إلى الوطن بينما ينتظر التّرحيب المرغوب من أحبائه. وهكذا، فإنّ الطّريق الّذي يسلكه لم يعد واحدًا، بل اثنين؛ “الاستعارة المناسبة هي أنّ رحلته خطّ منحي وليست خطّا مستقيما”[33].

ليس موسم الحجّ، إذن، إلّا تجربة محدودة في الزّمن، ولكنّها خارقة. وتتّسم فرائضه باختراقها زمن الحاجّ نفسه. إنّها في جزء كبير منها تختبره في لحظات معيّنة من الحياة الفرديّة والجماعيّة، إنّه وقت غير عاديّ: إنّه زمن المقدّس الّذي من أجله حلّ الحاجّ، فدفن وراءه الحياة اليوميّة. وتتضمّن كلّ رحلة حجّ صفات القيد المميّزة لطقوس العبور: التّحرّر من هيكل الحياة اليوميّة والتّأهّب للولادة الجديدة، والانتقال من المجال الدّنيويّ إلى المجال المقدّس، وتجريب التّضحية والمحنة، وترك أواصر المجتمعات، والانتباه إلى خطورة السّلوك واللّباس المحرّم، والتّفكير في القيم الدّينيّة والثّقافيّة الأساسيّة، وتنفيذ طقوس العبادة، وبلوغ أركان الزّيارة، واستنفاد الطّواف والافاضة في المناسك.

4- 2- الزّيارة راحة جسديّة:

بعيدا عن التّقوى الّتي ترافق نفس الزّائر وتغشى قلبه، للجسد نصيب وافر من المتعة والدّعة والاسترخاء. فقد أشارت الدّراسات المتخصّصة إلى البعد العلاجيّ للحجّ باعتباره تجربة راحة للجسم والعقل. ولئن كانت في أنموذج كلّ رحلة ولا تزال مدّة الشّفاء من الأمراض المختلفة قائمة، فإنّ العواطف المترتّبة عن الحجّ وتقديم القربان وأداء المناسك تحت عرصات المعبد تنتج أيضًا عملًا علاجيًا حقيقيّا. كان الحجّاج، عند حلولهم الأماكن المقدّسة، يتوقّعون آثارًا إيجابية على أجسداهم وأرواحهم، حتّى إذا ما فازوا بشفاء عاجل، فإنّهم يدركون أجله، فقد اختبروه بمزيد من الهدوء وقوة أكبر لحظة التّكفير عن الذّنب ولحظة البوح بخطيئتهم. وتعتبر رحلة الحجّ والزّيارة فبالنّسبة إليهم علاجيّة بطبيعتها والمكان المقدس مصدر للشّفاء. في هذا السّياق، يعدّ السّقام أكثر من مجرد مشكلة تحتاج تدخّلا طبّيّا: إنّه مشكلة أخلاقيّة كذلك، وليست الأماكن المقدّسة للحجّ إلّا مهادا يستفيد فيها الحجيج الفقراء من فحوصات “أطبّاء الفقراء”. وقد كان بعض القدّيسين المسيحيّين في العصور الوسطى من داعمي الفقراء علاجا وتطبيبا. ولم يتوان هؤلاء الفقراء بعد نجاح علاجهم من تكريمهم المرابطين بالضّريح[34].

5- الضّريح الاسلاميّ وفتنة الزّيارة:

ورد في معاجم اللّغة العربيّة ما يفيد أنّ الضّريح لغة هو من فعل “ضرح” والضّريح للميّت يضرحه ضرحًا أي: حفر له ضريحًا، وسُمّي الضّريح في القبر ضريحًا؛ لأنه انضرح عن جالي القبر فصار في وسطه[35]. أمّا مادة (ق.ب.ر) في لسان العرب فتفيد فعل الدّفن ومواراة الميّت بالتّراب. فالقبر مكان حكر على الميّت. أو هو مقرّ الميّت. وعلى عكس لفظ “ضريح” الّذي لم يرد في النصّ القرآنيّ البتّة، فإنّ لفظ “قبر” قد تواتر ستّ مرّات[36] حافظ في أغلب جريانه على المعنى اللّغويّ نفسه.

أمّا على المستوى الاصطلاحيّ، فلا يخرجان عن معناهما اللّغويّ، أي “المكان الّذي يدفن فيه الميّت”، أو “الحفرة الّتي يستقرّ بها الميّت”. فالضريح “هو الشّقّ في وسط القبر، وقيل: الضّريح القبر كلّه، وقيل: هو قبر بلا لحد[37]. ويبدو من خلال هذه التّدقيقات اللّغويّة، أنّ هناك فرقا أثير بينهما: فالقبر يطلق على كل مدفن للميّت، أمّا الضّريح فيطلق على القبر كلّه والشّقّ وسطه.

ويظهر من خلال هذا الفرق الأثير بين الضّريح والقبر أنّ الأوّل يقترب من الكلمة اللّاتينيّة mausoleum الّتي شاعت حديثا في اللّغة وتعني نصبا جنائزيّا[38] مزخرفا بشكل مثير بالمنحوتات، وأحيانًا الفسيفساء والأعمدة، شُيّد ليدفن فيه رفات شخصيّة مهمّة بين الجدران الرّخاميّة الأربعة، ثمّ يسحب عليه الباب الحديديّ للضّريح[39].

لم تندثر الأضرحة في إفريقيّة طيلة تاريخها التّليد وتعاقب حضارات شتّى. بل تواصل الاحتفاء بها، ويشهد بذلك الضّريح اللّوبي البونيّ[40] الّذي يعتبر أقدم معلم دينيّ في شمال إفريقيا. ولم يقتصر تشييد الأضرحة على مكان بعينه، بل شمل أغلب المناطق الحضريّة وحتّى الرّيفيّة، يؤمّها الحجيج من كلّ صوب. وخلال هذه المواكب، يصبح المكان المحيط بالضّريح مقدّسا كلّه: ترابه، أحجاره، ونباتاته حتّى يستحيل “مَكانًا للتَّكْثِيفِ[41]” مفعما بالعواطف الدّينيّة والمشاعر الرّوحيّة.

وليست مدينة القيروان عاصمة الفاتحين المسلمين، على سبيل المثال، إلّا منوالا لهذا المكان المقدّس في أذهان العامّة والخاصّة، حيث ضمّت ضريح أبي زمعة البلويّ (ت.34ه)، هذا الّذي ضمّ بدوره “بَعْضَ جَسَدِ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللّهُ عَليه وَسَلَّمَ[42]” ممثّلا في “الشَّعَرَاتِ[43]“. ولأهمّيته، لم يتردّد الدّبّاغ في وصف الضّريح قائلا: “بُنِيَتْ عَلَيْهِ قُبّةٌ مُثمّنَةُ الوَضْعِ، وجَعَلَ لها حَرَمٌ يَدُورُ بِهَا مِنْ جِهَاتِهَا الأَرْبَعِ مُصَانٌ بالبِنَاءِ والغَلْقِ، وجَعَلَ فِي تِلْكَ القُبّةِ – حَيْثُ كَانَ العَمُودُ عنْدَ رَأْسِهِ – لَوْحٌ مِنْ رُخامٍ رُسِمَ فيه اسْمُهُ[44]“. وبفعل تأثير هذا الضّريح، أصبحت القيروان من “المدَائِنِ المدْفُوعِ عَنْهَا[45]” بل، من “المُدُنِ المعْصُومَةِ[46]” وترتبط هويّتها بالضّريح المقدّس، هذا العابر للزّمان والمكان.

في سياق السّلطة الدّينيّة، يبدو أنّ ضريحه قد فاز بالمهمّة الّتي أنيطت بعهدته منذ تشييده. فقد ربط الأرض بالسّماء وبقدرة ساكنه أصبح الاتّصال بين العالمين ساريا، والرّدّ على طلبات زوّاره فوريّا، والتّلبية آنيّة، وذلك من خلال النّور المنبعث من الضّريح. حدّث أبو العرب قال: “حَدّثَنِي أَنّ بَعْضَ الصّالحِينَ رَأَى نُورًا فِي لَيَالِ مُتعدِّدَةٍ صَاعِدًا مِنْ ذَلِكَ الموْضِعِ إِلَى السّمَاءِ”[47].

حدّث المالكيّ في سياقه خوضه في مناقب أبي يونس[48] المتعبّد بقصر الطوب، قال: “وكَانَ رَجُلًا صَالحًا فَاضِلًا مُتعبّدًا مُسْتجَابًا قَليلَ الهيْبَةِ للسُّلطَانِ، سَكَنَ قَصْرَ الطّوبِ وَبِهِ مَاتَ. قَبْرُهُ أَمَامَ القَصْرِ يُتبرَّكُ به – رضي الله عنه –”[49].

لن يكون ضريح هذا المتعبّد، كغيره من الأضرحة الإسلاميّة بإفريقيّة، إلّا ملاذا للخافقين الّذين وجدوا في محرابه أناة وهدنة يستكين فيها لحظة انعدام الأمن أو إحساس بضعف. وليس التّبرّك إلّا تلك الطّقوس الّتي تؤدّى في محراب الضّريح وتتكوّن من إيماءات ودعوات مرجوّة وذكر أفعال مغفورة آنيّا وغالبًا ما نأخذها كأمر مسلّم به، ومعتقد فيه وفي قدرة الوليّ الرّاقد في قبره على التّوسّط في المغفرة وفي قضاء الحوائج. ولئن كان التّبرّك، يعبر التّاريخ ويتعالى عن الزّمن، فهو متعدّد المعاني وكثيف الدّلالات الّتي لها جذورها الممتدّة في تاريخ التّدّيّن بإفريقيّة. بل إنّ مجرّد ذكر أخبار الوليّ يعتبر من أدوات التّبرّك.

حدّث المالكيّ عن بعض الرّواة قال: “كُنَّا عِنْدَ الشّيخِ أَبِي إسْحَاق بِنِ شَعْبَانَ[50] فَكَانَ يَحْكِي لَنَا مِنْ كَرَامَاتِ الصّالحِينَ شَيْئًا كَثيرًا، وَيَتَبَرّكُ بِذِكْرِ أَخْبَارِهِمْ، وَيَتَأسَّى بِطَرِيقِهِمْ[51]“. بل إنّ رواية الكرامات ونقل الرّقائق والأخبار المتعلّقة بأفعالهم وأقوالهم من سبيل الإيمان أو هي زيادة في الإيمان. حدّث المالكيّ في شأن عبد الله بن الفتح المرجيّ (ت.334 هـ)، قال: “وكَانَ أبُو عَبْدِ اللّه بن الفتح المؤدَّب المرْجِيّ مِنْ أَهْلِ التّحْقيقِ فِي التّصْدِيقِ بِكرَامَاتِ الأَولِيَاءِ. وكَانَ يَقُولُ: مَنْ أَنْكَرَ الكَرامَاتِ فَليْسَ مِنْ أَهْلِ المدِينَةِ وَلَا كَرامَة، لأنّهَا زِيادَةٌ في الإيمَانِ وَجمَالِ المذْهَبِ، والقَوْلُ بها رَدٌّ عَلَى المعْتَزِلَةِ وَبُغْضٌ فِيهُمْ، وَمَا أَدْركْتُ أَحَدًا اِقْتدَى بِهِ فِي (دِينِي) بالمشْرِقِ وَلَا المغْرِبِ إلّا وَهْوَ يَقُولُ بالكرَامَاتِ ويَتزيّنُ بِذِكْرِهَا فِي كلِّ الأوقَاتِ”[52].

داخل الضّريح، يمكن أن تأخذ كلمة “بركة” في المفردات الدّينيّة معاني مختلفة: فهي النّماء في الدّعة والزّيادة في النّعمة والخير والرّفع والسّعادة. وسواء كانت نعمة تلقّاها، أو طلب حماية فاز بها أو كلمات لطيفة سمعها، فهي في جميع الحالات علامة من علامات الحضور التّقوي في النّفوس، كما تظهر صيغها في النّصّ القرآني[53]. والبركة هي أيضًا شكل من أشكال “ثُبُوتِ الخيْرِ الإلهيِّ فِي الشَّيءِ وَدَوامِهِ. ويَتَرتّبُ عَليهَا سَعادَةٌ فِي الدُّنيَا، وَوفْرةٌ ثَوابٍ فِي الآخِرَةِ[54]“. وغالبًا ما يضمن الوليّ هذه البركة، فهو الّذي يشكره ويطلب من الرّبّ أن يأتي ويبارك لحظة من اللّحظات أو عملًا معيّنًا أو شفاء مريض أو غيره بما يعكس تطلّع الزّائر. أو أن يكون حاضرا في المكان. فمع تعدّد الأضرحة بإفريقيّة، لا حاجة للزّائر أن يضرب في الأرض، بل تكفيه المقربة حتّى يستأثر بأقرب ضريح فيرتاده كلّما ثقلت عليه مهمّة الحياة.

في مناسبات معيّنة، وفي حضرة الضّريح يمكن أن تكون الأماكن أو الأشياء مباركة. إنها ليست مسألة طلب حماية خير مادّي أو تقديس شيء في حدّ ذاته، بل التماس الله أن يكون حاضرًا في لحظات معيّنة من الحياة: مثلا، مباركة أكل الطّعام قبل كل وجبة، مباركة عمل، أو مباركة فعل مهني فلاحيّ أو صناعيّ. من خلال هذه الأفعال، يُسأل الله أن يبارك عملا. ومن المعتاد أيضًا أن تبارك حماية شخص عندما يصيبه مكروه. هكذا في منظور العبّاد، يصلّي الوليّ إلى الرّبّ ليحمي النّاس الّذين يعيشون على أطراف الضّريح وليكون دائمًا حاضرًا في قلب كلّ متعبّد.

داخل الضّريح، حتّى شرب الماء الموضوع في آنية قرب الضّريح يعتبر من واجبات الزّيارة المباركة، وربّما لا تكتمل طقوسها إلّا به. ويعمد الزّائر إلى تفقدّ المكان بكلّ وجل، حتّى يتأكّد من استنفاد كلّ الحركات ذات البعد التّقويّ وتأديّة الأفعال الّتي لا يمكن التّغاضي عنها. فحتّى النّوم على درجات مدرج الضّريج يعتبر من دواعي الدّعة والاستمرار في محراب الفناء الرّوحيّ. بل، إنّه مجلبة لسرحان الخيال الجامح، يرى فيه ما لا عينه رأت في واقعه، فلم تخب حينئذ أمانيه في رؤية التّقاة الأوائل مثل رؤية أويس القرنيّ، الّذي قال فيه الذّهبيّ: “القُدْوةُ الزّاهِدُ، سيِّدُ التّابِعينَ فِي زَمَانِهِ، كَانَ مِنْ أَولِيَاءِ اللهِ المتَّقِينَ، وَمِنْ عِبادِهِ المخْلِصِينَ”[55].

قال أبو بكر التّجيبيّ: قال أبو سراج البنّاء في مجلس القاضي عبد اللّه بن هاشم: قَصَدْتُ أَنَا وَصَاحبٌ لِي قبرَ البهلول (ت. 183ه) نُصَلّي عِنْدَه، فَألْفيْنَا عِندَه رَجُلًا نَائمًا، فَحرّكْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: مَا الّذِي أَتَى بِكَ؟ قَالَ: صَلّيتُ ركْعَتينِ ثُمّ أَخَذَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ نَوْمةً رَأيْتُ فِيهَا عَجَبًا، إِذَا رَجُلٌ أَقْبَلَ فَسَألْتُهُ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنَا أُويْسُ القَرَنيُّ، جِئْتُ أَزُورُ هَذَا الشّيخَ”[56].

يظهر من خلال هذه الشّهادة أنّ البهلول قد ارتقى بفعل ورعه وتقواه وزهده[57] في أذهان العامّة، حتّى أصبح ضريحه وجهة للزّائرين الباحثين عن الهدوء، وللمصلّين. فقد أصبح ضريحه مكانا يذكر فيه اللّه ويجتمع فيه النّاس، معدّا للصّلاة وربّما تقام فيه الحدود. لا مانع من ذلك، فقد ضاهى ضريحه المسجد وضارع الجامع.

6- خاتمة:

ما يمكن الاستئناس به من نتائج متواضعة تمثّل في صمود شعائر الزّيارة عبر التّاريخ، إذ في البدء كانت الزّيارة، ولا شيء وضعها في الأفول وأسقطها في الذّبول. فقد حافظت مجتمعات إفريقيّة عليها وضمنت دوامها. وساهمت شعائرها بكل ما تحمله من معان تقويّة وإنسانيّة في تتويج تجربة الإفريقيّ الرّوحيّة. فقد أتاحت لكلّ زائر ايجاد نفسه واحياء علاقتها بخالقها. إنها موسم للعودة إلى زمن البدايات وإعادة بنائه. وتضمّنت، بفعل اتّصالها بالضّريح، “تجربة” جسديّة مخصوصة. سمحت لنا التّذكير بأن الإيمان لا يحدث فقط على المستوى الفكريّ، وإنّما يشمل قبل كلّ شيء كامل الذات، سواء ببعدها الوثنيّ أو المسيحيّ أو الاسلاميّ.

قائمة المراجع:

  • الأزهري، تهذيب اللغة، تح. محمد عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001.
  • أسامة عدنان يحيى، السحر والطب في الحضارات القديمة، أمواج للطباعة والنشر، عمّان، 2015.
  • الإنجيل، ترجمة الآباء اليسوعيين انطوان اودو وصبحي حموي ورنيه لافنان، الآباء اليسوعيين، بيروت، 1987.
  • أبو البقاء الكفوي، الكلّيات، لبنان، مؤسسة الرسالة ناشرون، 2012.
  • الدّباغ، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله الأنصاري الأسيدي، معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، طبعة دار المنار، تونس، د. ت.
  • ابن سيده، المحكم والمحيط الأعظم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000
  • عبد القادر النفاتي، “مدرسة الزهد بالقيروان: البهلول بن راشد أنموذجا”، أعمال ندوة “موقع القيروان في الثقافة الاسلامية من تاريخ التأسيس إلى اليوم، جامعة الزيتونة، مركز الدراسات الاسلاميّة بالقيروان – تونس، 2010.
  • ابن فارس، مجمل اللغة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986
  • محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الكتب المصرية، 1945.
  • ميكيافلّي، الأمير، تاريخ الإمارات الغربية في القرون الوسطى، ت. محمد لطفي عيسى، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2020
  • المالكي، رياض النّفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية تح. الطيب البكوش ومحمد العروسي المطوي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1984.
  • نايتون أندريه وإدغار ويند وكارل غ. يونغ، الأصول الوثنية للمسيحية، ترجمة: سميرة الزين، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، د.م، د.ت.
  • يوسف عيبش، الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة لبلاد المغرب أثناء الاحتلال البيزنطيّ، أطروحة دكتورا في تاريخ وآثار المغرب القديم، جامعة منتوري – قسنطينة، الجزائر، 2006- 2007.
  • يونس عباس نعمة، تاريخ الكنيسة في عصر الاضطهاد، مجلة كلية التربية للعلوم الانسانية، العراق، عدد 3، مجلد 28، 1-20، 2021.
  • Antoine Sabatier de Castres, Les siècles païens, ou Dictionnaire mythologique, héroïque, politique, littéraire et géographique de l’antiquité païenne, Paris, Motard, M. DCC.
  • Anton M. Paszos, Translating the Relics of St James: From Jerusalem to Compostela, Routledge, London, 2017.
  • Charles de Boeck, Le préteur pérégrin, Paris, A. Durant & Pedone-Lauriel, 1882.
  • Cyrille d’Alexandrie, « De translatione reliquiarum martyrum Cyri et Joannis », in Patrologia Greaca, éd. P. Migne, V. 87, cols. 1099-106.
  • Dictionnaire de la langue du XIXe et du XXe siècle(1789-1960), France, Éditions du Centre national de la recherche scientifique, 1971.
  • Félix Gaffiot, « Peregrinus », Dictionnaire latin français, Paris, Hachette, 1934.
  • Flavius Cresconius Corippus, Johannide III, Paris, Belles lettres, 1985.
  • Frances Yates, L’art de la mémoire, Paris, Gallimard, 1987.
  • Gilbert Durand, ‏Danièle Chauvin, Champs de l’imaginaire, Ellug, Université Stendhal, 1996.
  • Groupe de Recherches sur l’Afrique Antique, Les flavii de Cillium, Ecole française de Rome, Boccard, 1993.
  • Hippolyte Delahaye, The legends of the saints: An Introduction to hagiography, trans. Virginia Mary Crawford, New York: Longmans, Green, 1907.
  • -M. Lassere, “Mappalia”, Encyclopédie berbère, 30, 2010, 4568-4573.
  • Les Martyrs Scillitains – traduction du texte Latin publié dans : Von Gebhardt, Acta martyrum selecta, Berlin, 1902.
  • De Macedo, Pèlerinage aux lieux saints, Librairie internationale, Paris, 1867.
  • Marcel Leglay, Saturne africain, Paris, E. de Boccard, 1966.
  • Maurice Halbwachs, La topographie légendaire des évangiles en Terre sainte, Paris, Presse Universitaire de France, 1971.
  • Mohamed Talbi, « Un nouveau fragment de l’Histoire de l’Occident Musulman (62-196/682-812), l’épopée d’al-Kāhina », Cahiers tunisiens, N°73, 1971.
  • Paul Monceaux, La vraie Légende dorée, Paris, Payot, 1928.
  • Pierre Chabat, La brique et la terre cuite, Paris, Morel, 1881.
  • Pierre Chabat, La brique et la terre cuite, Paris, Morel, 1881.
  • Quodvultdeus, Livre des promesses et des prédications de Dieu, III, XXXVIII, introduction, texte latin, traduction et notes par René Braun, Paris, Cerf, 1964, p. 44-45, II, S. C, N°102.
  • Sabatino Moscati, « Il sacrificio punico dei fanciulli : realtà o invenzione ? », Problemi attuali di scienza e di cultura, N° 261, éd. Académie des Lyncéens, Rome, 1987.
  • Saint Cyprien, Correspondance, 2 tomes, collection des Universités de France, texte établie et traduit par le chanoine Bayard, 1924-1925. Donat, 3, 4.
  • Saint Cyprien, Selectae sancti cypriani epistolae, (lettres choisies de saint Cyprien), Traduit avec le texte en regard par L’Abbe Gaume et all., Paris, Gaume Frères Librairie, 1856.
  • Silvio Moreno, Saint Cyprien de Carthage: Quelques notices historiques et archéologiques sur le Pontife africain, Eglise de saint Cyprien, Londres, 2020.
  • Stéphane Gsell, Histoire ancienne de l’Afrique du nord, Paris, Hachette, 1914-1920.
  • Théodoret de Cyr, Correspondance, Paris, Cerf, 1955.
  • Victor et Edith Turner, Among the Healers: Stories of Spiritual and Ritual Healing around the World(Religion, Health, and Healing), Oxford, Oxford university press, 2006.
  • Victor Saxer, Morts Martyrs Reliques en Afrique chrétienne aux premiers siècles, Paris, Beauchesne, 1980.

[1]– M. A. De Macedo, Pèlerinage aux lieux saints, Librairie internationale, Paris, 1867.

[2]– Cf. Stéphane Gsell, Histoire ancienne de l’Afrique du nord, Paris, Hachette, 1914-1920.

[3]– مثّلت الوثنيّة المعتقدَ الّذي يُدين به أغلب الأمازيغ، خاصّة بعض القبائل في المغرب الأوسط والأقصى. وقد ساهمت المصادر التّاريخيّة الاستشراقيّة الحديثة في استجلاء بعض مظاهرها كعبادة بعل Saturne أو كايلستيس.Caelestis.  وقد اعتبر لقلاي Leglay  (ت. 1992م) أنّ هذه المعتقدات هي امتداد لعبادة أمونAmmon وتانيت Tanit، آلهتين عُرِفَتْ بهما قرطاجُ في العصرين الفينيقيّ والبوني، انظر:

Marcel Leglay, Saturne africain, Paris, E. de Boccard, 1966, pp. 34, 431, 442 et sq.

[4]– يوسف عيبش، الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة لبلاد المغرب أثناء الاحتلال البيزنطيّ، أطروحة دكتورا في تاريخ وآثار المغرب القديم، جامعة منتوري – قسنطينة، الجزائر، 2006- 2007، ص149، نقلا عن:

Quodvultdeus, Livre des promesses et des prédications de Dieu, III, XXXVIII, introduction, texte latin, traduction et notes par René Braun, Paris, Cerf, 1964, p. 44-45, II, S. C, N°102, p. 574-579.

[5]– نايتون أندريه وإدغار ويند وكارل غوستاف يونغ، الأصول الوثنية للمسيحية، ترجمة: سميرة عزمي الزين، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، د.م، د.ت، ص163.

[6]– يوسف عيبش، الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة لبلاد المغرب أثناء الاحتلال البيزنطيّ، م. س.، ص263، نقلا عن:

Flavius Cresconius Corippus, Johannide III, Paris, Belles lettres, 1985.

[7]– الدّباغ، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله الأنصاري الأسيدي، المشهور بالدباغ (605-696هـ)، معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، طبعة دار المنار، تونس، د. ت.، ج1، ص64.

[8]– M. Talbi, « Un nouveau fragment de l’Histoire de l’Occident Musulman (62-196/682-812), l’épopée d’al-Kāhina », Cahiers tunisiens, N°73, 1971.

[9]– Sabatino Moscati, « Il sacrificio punico dei fanciulli : realtà o invenzione ? », Problemi attuali di scienza e di cultura, no 261, éd. Académie des Lyncéens, Rome, 1987.

[10]– Antoine Sabatier de Castres, Les siècles païens, ou Dictionnaire mythologique, héroïque, politique, littéraire et géographique de l’antiquité païenne, Paris, Motard, M. DCC. LXXXIV, V. 3, p. 95.

[11]– يقول ميكيافلّي: “ينبغي أن يكون الأمير محبوبا مهابا، وحيث يصعب الجمع بين الحالتين، فإذا احتاج لإحداهما فالأفضل أن يُهاب”. الأمير، تاريخ الإمارات الغربية في القرون الوسطى، ت. محمد لطفي عيسى، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2020، ص91.

[12]– Maurice Halbwachs, La topographie légendaire des évangiles en Terre sainte, Paris, Presse Universitaire de France, 1971, p. 63.

[13]-Frances Yates, L’art de la mémoire, Paris, Gallimard, 1987.

[14]–  ويعتبر النبي إبراهيم الحاج الأول في هذا السياق، باتّفاق أغلب النّصوص التّوراتيّة بعهديها القديم والجديد. فهو الذي ترك موطنه الأصليّ ليضع نفسه في طريق الأرض التي وعده بها يهوه. وهو موضوع كتاب سفر الخروج ـ Exodus . كان خروج الشعب اليهودي من مصر إلى أرض الميعاد مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالحج. وليس من قبيل المصادفة أن كلمة “عبريّ” تعني أصلاً “مهاجرا” و”راحلا”.

[15]– Félix Gaffiot, « Peregrinus », Dictionnaire latin français, Paris, Hachette, 1934, p. 1145.

[16]– Charles de Boeck, Le préteur pérégrin, Paris, A. Durant & Pedone-Lauriel, 1882, V. 1, p. 73.

[17]– رؤيا يوحنّا، 1، 2: “ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً لَا بَحْرَ فِيهَا، لأَنَّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ الْقَدِيمَتَيْنِ قَدْ زَالَتَا. وَأَنَا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ، نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، مُجَهَّزَةً كَأَنَّهَا عَرُوسٌ مُزَيَّنَةٌ لِعَرِيسِهَا”: الإنجيل، ترجمة الآباء اليسوعيين انطوان اودو وصبحي حموي ورنيه لافنان، الآباء اليسوعيين، بيروت، 1987.

[18]–  الإنجيل، ن.، م.، متّى، 6، 10.

[19]– Paul Monceaux, La vraie Légende dorée, Paris, Payot, 1928.

[20]– Cf., Groupe de Recherches sur l’Afrique Antique, Les flavii de Cillium, Ecole française de Rome, Boccard, 1993.

[21]– حول تاريخ الاضطهاد وأسبابه وأطواره، ينظر في: يونس عباس نعمة، تاريخ الكنيسة في عصر الاضطهاد، مجلة كلية التربية للعلوم الانسانية، العراق، عدد 3، مجلد 28، 1-20، 2021.

[22]– Cf., Les Martyrs Scillitains – traduction du texte Latin publié dans : Von Gebhardt, Acta martyrum selecta, Berlin, 1902, p. 22-27.

[23]– أمّا القرن الرابع الميلادي، فالقائمة تعد 19 شهيدا وفي القرن الخامس فيعدّون بالآلاف، انظر:

Victor Saxer, Morts Martyrs Reliques en Afrique chrétienne aux premiers siècles, Paris, Beauchesne, 1980.

[24]– من أصل وثني، قبريانوس أو Cyprian Thascius Caecilius Cyprianus (ت.259م). درس البلاغة والقانون. بمعنى أنّه امتلك مهارة الخطاب الّتي تؤهّله ليكون من وعّاظ الزمن. ولا شك في أنه بحكم منصبه كقاض، كان ينتمي إلى المجتمع القرطاجي الرّاقي. إنه رجل ثريّ ودنيويّ. قبل ذلك بفترة وجيزة، أظهرت له العناية الإلهية طريقًا آخر: التّوجّه إلى المسيح. وكان ذلك بإيعاز من كاهن كاثوليكي من قرطاج، كاسيليانوس Caecilianus، الذي نصحه بقراءة الكتب المقدسة. وبعد اهتدائه نذر العفة وأعطى ثروته لفقراء قرطاج. انظر:

Silvio Moreno, Saint Cyprien de Carthage: Quelques notices historiques et archéologiques sur le Pontife africain, Eglise de saint Cyprien, Londres, 2020, p. 20 et sq.

ولا يسع مؤرّخي مناقب قدّيسي شمال إفريقيا إلّا أن يصوّروا شخصياتهم مبجّلين مكرّمين في لائحة التّاريخ الاجتماعيّ والدّينيّ. وصوّروا القديس قبريانوس على أنّه كان من أجمل شخصيات الأساقفة في تاريخ المسيحية. إنه بلا شك، ثاني اثنين بعد القديس أوغسطين، أحد أعظم شهود عقيدة الكنيسة اللاتينية في القرون المسيحيّة الأولى. في بعض رسائله، كان يخوض في نعمة الله منتصرا لها: يشرح اهتداءه، ويظهر أثر نعمة الله الذي يغير قلوب الناس وحياتهم ولا يضيّع إيمانهم. انظر:

Saint Cyprien, Correspondance, 2 tomes, collection des Universités de France, texte établie et traduit par le chanoine Bayard, 1924-1925. Donat, 3, 4.

[25]– Saint Cyprien, Selectae sancti cypriani epistolae, (lettres choisies de saint Cyprien), Traduit avec le texte en regard par L’Abbé Gaume et all., Paris, Gaume Frères Librairie, 1856, p.167.

[26]– S. Cyprien, Selectae sancti cypriani epistolaeopcit., p.11.

[27]– Unité de signification minimale commune à plusieurs mythes, chaque mythe naissant de l’association de divers mythologèmes, voir Gilbert Durand, ‏Danièle Chauvin, Champs de l’imaginaire, Ellug, Université Stendhal, 1996.

[28]– ومن سبل تعظيم محنته، لم تتوان النصوص الهجيوغرافيّة عن ذكر تفاصيل إعدامه، وهي تفاصيل مهمّة لأنّها مجلبة للشّفقة، والشّفقة هي “عناية مختلطة بخوف” ووجل، كما يقول الرّاغب الاصفهاني في مفرداته، وقد تكون لصرف الهمّة إلى تخليد مناقب القدّيس في نفوس المؤمنين. فبعد قطع رأسه، تم نقل جثمانه إلى مكان غير بعيد من ساحة الإعدام لتتوارى عن فضول الحاضرين. ولمّا نشر الليل أجنحته، جاؤوا ليأخذوه على ضوء الشّموع والمشاعل وحُمل بعيدا وسط صخب الصلوات وانتشاء بانتصار عظيم، إلى مقبرة القائد ماكروبيوس كانديداتوس Macrobius Ambrosius Theodosius (ت.430م) الّتي تقع على الطريق المؤدية إلى المساكن المتنقلة Mappa بالقرب من حمامات السباحة، قرب قرطاج.

[29]– J.-M. Lassere, “Mappalia”, Encyclopédie berbère, 30, 2010, 4568-4573.

[30]– كتب سان سيبريان إلى صديقه ما يلي: “عسى أن تكون الأرامل والمرضى وكل الفقراء، محلّ اهتمامك ورعايتك، أتوسل إليك، حتى الأجانب الذين قد يجدون أنفسهم في حاجة بما يكفي للعيش على أموالي التي استلمتها من بين يدي كاهننا. وأخاف أن هذه الأموال ربما لم يتمّ توزيعها بالكامل بالفعل، أنه يمكنك مساعدة أولئك الذين يعانون كثيرا”. انظر:

  1. Cyprien, Selectae sancti cypriani epistolaeopcit., p.119.

[31]– ينظر في: أسامة عدنان يحيى، السحر والطب في الحضارات القديمة، أمواج للطباعة والنشر، عمّان، 2015.

[32]– Théodoret de Cyr, Correspondance, Paris, Cerf, 1955.  Voir aussi : Cyrille d’Alexandrie, « De translatione reliquiarum martyrum Cyri et Joannis », in Patrologia Greaca, ed. J. P. Migne, vol. 87, cols. 1099-106. Et: Hippolyte Delahaye, The legends of the saints: An Introduction to hagiography, trans. Virginia Mary Crawford, (New York: Longmans, Green, 1907), 132-133.

[33]– Victor et Edith Turner, Among the Healers: Stories of Spiritual and Ritual Healing around the World (Religion, Health, and Healing), Oxford, Oxford university press, 2006, p.63.

[34]– مثل ما وقع في ضريح سانتياغو دي كومبوستيلا، انظر:

Anton M. Paszos, Translating the Relics of St James: From Jerusalem to Compostela, Routledge, London, 2017.

[35]– الأزهري، تهذيب اللغة، تح. محمد عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001، ج4، ص12.

[36]– محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الكتب المصرية، 1945، ص529.

[37]– ابن سيده، المحكم والمحيط الأعظم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000، ج3، ص6. ويقال للقبر: جدث وجدف، انظر: ابن فارس، مجمل اللغة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986، ج1، ص18.

[38]– وتذهب بعض المصادر الجغرافيّة والتّاريخيّة أنّ أوّل نصب جنائزيّ كان قد شُيِّدَ في روما، وهو الّذي بناه القيصر أغسطس Augustine (ت.27م) إمبراطور رومه لنفسه ولعائلته. كان هذا النصب، وفقًا لسترابون Strabon (ت.27م)، برجًا مرتفعًا مكوّنًا من ثلاثة طوابق متّحدة المركز، وانتهى بتخميد يدعم التّمثال البرونزيّ للإمبراطور. انظر:

Pierre Chabat, La brique et la terre cuite, Paris, Morel, 1881, p.360.

[39]– Dictionnaire de la langue du XIXe et du XXe siècle (1789-1960), France, Éditions du Centre national de la recherche scientifique, 1971.

[40]– جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دراسات عن المسكن والمدفن في الوطن العربي، إدارة الثقافة، 1987.

[41]– مصطلح يُعرَّف على أنه إطار لتجربة جماعية يرسّخ المجتمع من خلالها قيمه ويسمح لنفسه بأن يُرى من خلاله، انظر.

Bernard Debarbieux, « Le lieu, le territoire et trois figures de rhétorique », L’Espace géographique, Paris, Belin, N° 24, V.2, 1995, pp. 95-112.

[42]– الدّباغ، معالم الايمان، م. س.، ج1، ص13.

[43]– المرجع نفسه، ص98.

[44]– المرجع نفسه، ص99.

[45]– المرجع نفسه، ص14.

[46]– المرجع نفسه، ص21.

[47]-المرجع نفسه، ص99.

[48]– نصير(ت.304هـ)، وهو ابن مائة (سنة) وثماني سنين. نفر النّاس لحضور جنازته ودفن [في] اليوم الثّالث من موته.

 [49] رياض النفوس، ج2، ص123.

[50]– قيروانيّ مالكيّ من أهل مضر، ت.355ه.

[51]– رياض النّفوس، ج2، ص384.

[52]– المالكي، رياض النّفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية تح. الطيب البكوش ومحمد العروسي المطوي، ج2، ص314.

[53]– وردت كلمة البركة وصيغها في القرآن الكريم 32 مرة، انظر: محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، مرجع سابق.

[54]–  أبو البقاء الكفوي، الكلّيات، لبنان، مؤسسة الرسالة ناشرون، 2012، ج2، ص101.

[55]– سير أعلام النبلاء، لبنان، مؤسسة الرسالة ناشرون، 2020، ج4، ص19.

[56]– الدّباغ، م. س.، ج1، ص271.

[57]– انظر: عبد القادر النفاتي، “مدرسة الزهد بالقيروان: البهلول بن راشد أنموذجا”، أعمال ندوة “موقع القيروان في الثقافة الاسلامية من تاريخ التأسيس إلى اليوم، جامعة الزيتونة، مركز الدراسات الاسلاميّة بالقيروان – تونس، 2010، ص261-281.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى