الجمالية في الصحيفة السجّاديّة وأصولها في القرآن والحديث والنهج
الشيخ نبيل طالب الحلباوي
الجمالية في الصحيفة السجّاديّة وأصولها في القرآن والحديث والنهج
الشيخ نبيل طالب الحلباوي
(عضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)
الجمالية وصف لإضمامة من القيم الأسلوبية تتحقق في الفنون ولاسيما الأدب بما هو فن جميل، وقد قصرها بعضهم على المفردة والتركيب والصورة الأدبية ولكنها تتعدى ذلك إلى خصائص في الموضوعات والمعاني فتشمل الأسلوب بمعناه الأوسع إذ يعبر عن صاحبه وبتعبير أحدهم (الأسلوب هو الرجل).
ولا يتطاول هذا المقال إلى أكثر من أن يكون مدخلاً إلى دراسة هذه الظاهرة في أجمع كتاب للدعاء أبدعه نجم متألق من آل محمد الطيبين وعترته الطاهرين عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم فكان مدرسة للإسلام المحمدي في أفقه النبوي وامتداده الإمامي وبما يستلهمه ويستجيب له من الجمال القرآني.
وسيقتصر بالتالي على رسم خطوط عريضة لهذه الجمالية في الصحيفة السجادية تتناول أسسها الإنسانية ومصادرها المرجعية ومعالمها الفنية مؤيدة بالشواهد على أن يُعهد لأبحاث أكثر تفصيلاً وتحليلاً وعمقاً وإحاطة لِتُلمّ بهذه الظاهرة من سائر وجوهها وجوانبها.
وعسى أن تكون هذه المساهمة المتواضعة على قصر باعها وضيق اتساعها تعبيراً عن حب لجمال معنوي وحسن تعبيري امتاز بهما الإمام زين العابدين عليه السلام في صحيفته السجادية.
ولأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فهي دعوة إلى النهل من هذا السحر الحلال والماء الزلال الفياض بحب الجميل المطلق والتوجه إليه والتعلق به والتعويل عليه من خلال الدعاء والابتهال استجابة لقوله جل جلاله:(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ) (الفرقان 77).
أولاً- الأسس الإنسانية: تستند الجمالية في أدعية الصحيفة السجادية إلى ركائز متينة و دعائم راسخة تضرب في عمق إنسانية الإنسان وعلى صعد مختلفة وأهمها:
1- على الصعيد الفلسفي:
– معرفة وتوحيد للجميل في ذاته، مِن كلُّه جمال وهو أصل الجمال وجمال الجمال ومنبع كل الجمال، هذا الجمال الذي كان يناغيه ويناجيه الإمام الصادق عليه السلام في دعاء البهاء بقوله: ((اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل اللهم إني أسألك بجمالك كله)) ولذا يؤول كل حب إلى حبه ويندغم فيه:(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ…) (البقرة 165).
– الجميل في صفاته، فله كل صفات الجمال والجلال وكمال الكمال بما تعبر عنه أسماؤه التي قال عنها سبحانه في الذكر الجميل (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ…) (الأعراف 180) (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) (الرحمن 78).
– والجميل في فعله فلا يصدر عنه إلا الجميل وبتعبير القرآن الكريم (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ) (السجدة 7).
هذا الجمال المتجلي تكوينياً في عوالم الغيب والشهادة وخلق الملائكة والجن والإنس وتسوية السماوات والأرضين وما فيهما على أحسن نظام (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنين 14).
والمتجلي تدوينياً في هذا القرآن الذي قال عنه ربه (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ) (الزمر 23).
والمتجلي في هذا الإنسان المعجزة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين 4)، والمتجلي فيما شرع لهذا الإنسان من منهج هو الأحسن والأجمل والأكرم والأقوم، (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) (الزمر 55)
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة 50).
والمتجلي فيما أعد لعباده الصالحين من ألوان الجمال الأخروي الخالد (مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن 76)
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ) (الكهف 88)
(أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) (الفرقان 24).
هذه المعرفة التوحيدية الجمالية لله عز وجل أساس ومرتكز ومنبع لهذه الجمالية التي تغشي هذه الصحيفة السجادية، ولنستمع إلى طرف من هذه المناجاة الملحقة بالصحيفة و المسمات بمناجاة العارفين:(إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجمالك وعجزت العقول عن إدراك كنه جمالك وانحسرت الأبصار دون النظر إلى سبحات وجهك ولم تجعل للخلق طريقاً إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك، إلهي فاجعلنا من الذين ترسخت أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم فهم إلى أوكار يأوون وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون ومن حياض المحبة بكأس الملاطفة يكرعون وشرايع المصافاة يَرِدون).
هذه المعرفة النظرية العقلية القلبية بل الوجودية الإنسانية تُختزن في كلمة التوحيد التي وصفت في القرآن بالكلمة الطيبة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ) (إبراهيم 24-25).
وأما أكلها فهو التوحيد العملي الذي يبدأ بالعبادة إلى الاستعانة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الحمد 5) إلى التوكل (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ) (الطلاق 3) إلى الرجاء (أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ) (البقرة 218) إلى الخوف (وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ) (الأحزاب 39) إلى قمة هذا التوحيد العملي وهي الحب الذي ينبثق منه كل حب (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ) (البقرة 165).
وهو في الحقيقة رجع واستجابة لحب الله الذي لم يكن لولاه خلق ولا كون ولا إنسان (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق).
ومن دعاء له عليه السلام:(اللهم صل على محمد وآل محمد وفرّغ قلبي لمحبتك واشغله بذكرك… وهب لي الأنس بك).
هذا الحب الإنساني لله الجميل يتدفق منه لمحٌ للناس جميعاً وحدب على المخلوقات كلها وتعاطف مع الكون بأجمعه وهو ما سيظهر من استعراضنا فيما بعد لموضوعات الصحيفة السجادية.
وفي دعاء للإمام عند دخول شهر رمضان ((اللهم اشحنه بعبادتنا إياك وزين أوقاته بطاعتنا لك وأعنا في نهاره على صيامه وفي ليله على الصلاة والتضرع والخشوع لك والذلة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة ولا ليله بتفريط اللهم واجعلنا في سائر الشهور والأيام كذلك ما عمّرتنا واجعلنا من عبادك الصالحين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون والذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)).
2- على الصعيد النفسي: من الميول الفطرية الإنسانية التي تشير إليها الآية القرآنية (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ) (الروم 30) والتي لا تتبدل ولا تتغير من الميل إلى الجمال وقد أشبعه الله بجمال ذاته وصفاته وفعله وتشريعه وثوابه كما أسلفنا، وجعله منطلقاً إلى تذوق الجمال والتأثر به وانبثاق لون من ألوان الإبداع البشري المسمى الفن. ومن هنا كانت التوءمة بين الفن والجمال في وصف الفنون بالجميلة.
وكان الأدب من بينها، بما له من حسن وتفوق في البيان وجمع بين خصائص الفنون المختلفة متميزاً بخصوصية نوّه بها الله في سورة الرحمن ممتناً على الإنسان (الرَّحْمَٰنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ*الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ*وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ*) (الرحمن 1-2-3-4-5-6).
ونلمح في هذا المطلع القرآني الجمال يبدأ من الخالق الموصوف بالرحمن. والرحمة الرحمانية من صفات الجمال ومن أشمل صفات الأفعال ثم ينطلق إلى القرآن المعجزة التكوينية الإلهية إلى الإنسان المعجزة التكوينية إلى البيان بما له من جمال فني إلى الشمس والقمر والنجم والشجر وهي من معجزات عالم التكوين وتجليات جمال الله في السماوات والأرضين.
هذا الميل إلى الجمال يشفعه ميل فطري إلى الحق والحقيقة هو سر الاستطلاع والبحث والظفر بالمعرفة بكل ألوانها من فلسفية وعلمية وفي الحقيقة جمال.
وميل فطري إلى الخير هو منبع الأخلاق والآداب والسير في معارج تهذيب النفس وتحليتها بالفضائل وتخليتها من الرذائل ونفع الناس والخروج من الذات إلى الآخر بذلاً وعطاء وتكافلاً، وفي الخير جمال.
والله وحده الجميل المطلق والحق المطلق والخير المطلق (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) (الحج 62) (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (المؤمنون 116).
ومن هذه الميول الإنسانية التي لم تفارق الإنسان خلال تاريخه الميل التعبدي ففي داخله ميل إلى أن يعبد قوة يستند إليها ويستمد منها ويخضع لها ويقوم نحوها بمراسم وشعائر.
وقد يخطئ في تشخيص المصداق فيعبد نجماً أو شمساً أو قمراً وقد يمثل معبوده في نار أو حجر أو تمر وقد يخضع لفرعون متجبر مستكبر متربب وقد يعبد ما يعتبره ولداً لله، ولكن هذا الشعور لا يُشبَع حق إشباعه إلا بعبادة الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وقد سلم أعدى أعداء الإيمان بالله بهذه الحقيقة فهذا (كونت) حين رفض كل الفكر الديني والميتافيزيقي وبشر بعصر العلم لم يستطع إغفال هذا البعد التعبدي في الإنسان ولكنه جعل المعبود هو الإنسان نفسه ودعا إلى تشييد معابد لعبادة الإنسان.
ولا شك في أن هذه الميول لم تكن من صنع الإنسان بل هي لا تصنع ولا تصطنع فهي إذن مما أودعه خالق الإنسان فيه ليدله على خالقه وربه وليتعبد له (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات 56) وفي الإنسان إذن حاجة حقيقية إلى عبادة ربه عن وعي واختيار وتناغم مع فطرته ليرقى في معارج إنسانيته فيكون أجمل ما يكون وأكمل ما يكون.
ومن فقرات بعض أدعية الصحيفة السجادية في هذا السياق: ((أسألك يا رب سؤال من لا رب له غيرك))، ((الحمد لله على ما عرفنا من نفسه وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته ودلنا عليه من الإخلاص له في توحيده))، ((ولو دلّ مخلوق من نفسه على مثل الذي دللتَ عليه عبادك منك كان موصوفاً بالإحسان ومنعوتاً بالامتنان ومحموداً على كل لسان)).
ثانياً- المصادر والمرجعية:
- القرآن الكريم:
لم ينزل الله الجميل قرآنه الجميل على مصطفاه الجميل إلا ليجعله مصدر المصادر في فكر الإنسان وحياته وعلاقاته وآية ذلك أن الدعاء وهو الحبل الصاعد من العبد إلى ربه رسمت له نماذج في القرآن ليقتدي بها الداعي في دعائه ومنها (…فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف 101)
(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل 19).
(…رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة 201) (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران 8)
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم 41).
ويظهر تأثر الإمام السجاد (عليه السلام) بالقرآن الكريم بصورة عديدة منها:
1- أنه يمتح من معين هذا الجمال الثرّ على صعيد الموضوعات والمعاني والمفردات التركيبات.
2- أنه يوشح أدعيته بالعديد من الآيات كما في دعاء وداع شهر رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فقد عطره وزاده حسناً وجمالاً بالاستشهاد بثماني آيات قرآنية.
3- أنه يتعامل مع الآية القرآنية ألطف معاملة ويوظفها دعائياً كما في قوله من دعاء التوبة:((أنت الذي فتحت لعبادك باباً وسميته التوبة وجعلت على ذلك الباب دليلاً من وحيك لئلا يضلوا عنه فقلت تبارك اسمك (تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم 8).
4- أنه يخصص لختم القرآن دعاء يقول فيه: ((اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نوراً وجعلته مهيمناً على كل كتاب أنزلته وفضلته على كل حديث قصصته وفرقاناً فرّقت به بين حلالك وحرامك وقرآناً أعربت به عن شرائع أحكامك وكتاباً فصلته لعبادك تفصيلاً ووحياً أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه وآله).
- المدرسة النبوية:
بمحمد (صلى الله عليه وآله) الذي قال فيه ربه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 107) افتتحت أعظم مدرسة لتعليم الإنسانية الحقة التي تختار خط الاحتياج إلى الله والسير إليه والعلاقة به واللياذ بمعيته بعد أن فهمت وأفهمت أن قوام أمر كل مخلوق أنه احتياج إلى ربه. لينطلق الإنسان منسجماً مع الكون المسبِّح بحمد الله على المنهج الأمثل الأجمل الذي يتزاوج فيه الجسد والروح، والدنيا والآخرة، والفردي والجماعي، والمادي والمجرد، والشهود والغيب، والملك والملكوت، وما قائد مسيرة الكون التسبيحية والتجسيد الأكمل لذلك المنهج إلا أجمل الخلق محمد، وهو في ذاته وصفاته وأفعاله أفضل وأجمل تجلٍّ للجميل المطلق الذي يقدمه ربّه في القرآن في منغومة عاشقة محبة يدعو المؤمنين إلى الانضمام إليها في قوله تعالى(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (الأحزاب 56).
ومحمد هو الجميل في بيانه وفصاحته بحيث يقول وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى ((أنا أفصح العرب بيد أني من قريش)) وهذا فخر على فخر لا يحق إلا له ولا يصدق إلاّ عليه، وإذا كان هذا الرسول الأكرم هو المدرسة لكل إنسان فكيف لا يكون مدرسة لآله وعترته وخاصته وحامته من الخلق يتعلمون في مدرسته جمالية الفكر والتعبير.
ومن أدعية الرسول ليلة النصف من شعبان قوله ((اللهم أقسم لنا من خشيك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به رضوانك ومن اليقين ما تهون علينا به مصيبات الدنيا اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا ونصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا يا أرحم الراحمين)).
ومما كان يقول في سجوده في تلك الليلة: ((أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السماوات والأرضون وانكشفت به الظلمات وصلح به أمر الأولين والأخرين من فجأة نقمتك ومن تحويل عافيتك ومن زوال نعمتك، اللهم ارزقني قلباً تقياً نقياً ومن الشرك برياً لا كافراً ولا شقياً)).
ومن أدعية الرسول (صلوات الله عليه وآله) دعاء (المجير) ودعاء (يستشير) ودعاء (الجوشن الكبير) في أسماء الله الحسنى.
وحين يتتلمذ الأئمة عليهم السلام عليه فكيف لا يغدون أساتذة الحب لله ورسوله ومن فقرات للإمام زين العابدين في أدعيته ((اللهم فصل على محمد أمينك على وحيك ونجيبك من خلقك وصفيك من عبادك إمام الرحمة وقائد الخير ومفتاح البركة)) وقوله ((اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة)) وقوله ((اللهم فارفعه إلى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة ولا يكافأ في مرتبة ولا يوازيه لديك ملك مقرب ولا نبي مرسل)).
- نهج البلاغة وأدعية الأئمة السابقين عليهم السلام:
إنها مسيرة الطاهرين المطهرين المتحدرين من أهل البيت هم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً في محكم كتابه وجعلهم أئمة يهدون بأمره لما صبروا لتتصل مسيرة الإمامة بمسيرة النبوة وتكون العترة توءم الكتاب كما في نص حديث الثقلين الذي يوصي فيه الرسول الأمة بهذين الحبلين المتضافرين اللذين تركهما لها لتتمسك بهما فتأمن من مزلات الضلال((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) ليحافظ بهما على الإسلام ولتقدم للبشرية قيادة معصومية تتناغم مع معصومية القرآن والرسول وتستمر إلى يوم القيامة وكما في الحديث نفسه ((وإن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
وقد كان لهؤلاء قصب السبق في جمال إيمانهم وأخلاقهم وأفعالهم وإلى جانب ذلك في جمال بيانهم وكما يقول علي (عليه السلام) ((وإنا لأمراء الكلام، فينا تنشبت عروقه وعلينا تهدلت غصونه)) ومن هنا وسمت كلمات الإمام على (عليه السلام) وخطبه ورسائله بنهج البلاغة وشهد لها خصومه فهذا معاوية يقدم عليه أحد أتباعه من الكوفة فيسأله من أين جئت؟
فيقول: جئتك من عند أعيا الناس، فيرد عليه معاوية قائلاً: ويحك فوالله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره.
وهذا الكاتب الذي قيل فيه: ((بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد)) يقول ((ما بلغتُ ما بلغت حتى حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت)).
وقد حفظت للإمام علي (عليه السلام) أدعية ذات أفق سام هي في الذروة من الجمالية الدعائية ومنها دعاء كميل الذي علمه تلميذه كميل بن زياد ومنه قوله:(يا سيدي يا من عليه معولي يا من شكوت إليه أحوالي يا رب يا رب يا رب. قوَّ على خدمتك جوارحي واشدد على العزيمة جوانحي وهب لي الجد في خشيتك والدوام في الاتصال بخدمتك حتى أسرح إليك في ميادين السابقين وأسرع إليك في المبادرين وأشتاق إليك في المشتاقين وأدنو منك دنو المخلصين وأخافك مخافة الموقنين وأجتمع في جوارك مع المؤمنين). والمناجاة الشعبانية التي رواها ابن خالويه وقال عنها الإمام الخميني (رض) إنها مما لا ينهض بتفسيره إلا عارف كامل ومنها:
((إلهي أقمني في أهل ولايتك مُقام من رجا الزيادة من محبتك إلهي وألهمني ولهاً بذكرك إلى ذكرك واجعل همتي في رَوح نجاح أسمائك ومحل قدسك، إلهي بك عليك إلا ألحقتني بنور عزك الأبهج حتى أكون لك عارفاً وعن سواك منحرفاً)).
ومنها ((إلي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك)).
ودعاء الصباح ومنه ((يا من دلّ على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته وجلّ عن ملاءمة كيفياته يا من قرب من خطرات الظنون وبعد عن لمحات العيون وعلم بما كان قبل أن يكون)). وللإمام الحسين (عليه السلام) وهو أبو الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء نفحات ما أجملها منها ما جاء في دعاء عرفة: ((إلهي ترددي في الآثار يوجب بُعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر إليك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيباً)).
ومن فقرة دعاء عرفة للإمام زين العابدين (عليه السلام) في ذكر الأئمة من أهل البيت عليهم السلام: ((رب صل على أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك وجعلتهم خزنة لعلمك وحفظة دينك وخلفاءك في أرضك وحججك على عبادك وطهّرتهم من الرجس والدنس تطهيراً بإرادتك وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى جنتك)).
ومن فقرة أخرى من الدعاء نفسه ((اللهم إنك أيّدتَ دينك في كل أوان بإمام أقمته علَماً لعبادك ومناراً في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذّرتَ من معصيته وأمرت بامتثال أوامره والانتهاء عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر عنه متأخر فهو عصمة اللائذين وكهف المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين)).
ثالثاً- المعالم الفنية:
تتجلى هذه الجمالية بصور متعددة على أننا سنكتفي بإلقاء بعض الضوء على ما يتعلق منها بالموضوع ونمثل لبعض الجماليات المتنوعة:
أ- فيما يتعلق بالموضوع: تظهر هذه الجمالية في:
1- الشمول والاستيعاب: فأدعية الصحيفة السجادية تغطي أبواباً شتى صنّفها بعضهم إلى تسعة عشر باباً ينفتح من كل منها أبواب عديدة وهي تتناول الإسلام وأصوله من توحيد وعدل ونبوة وإمامة ومعاد وجانبه العبادي وجانبه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري والصحي والزمان والكون والإنسان والعلم والتاريخ.
2- التنوع والتلوين: ففي باب علاقة الإنسان بربه نجد دعاء في الاعتذار، ودعاء في طلب العفو، ودعاء في الرهبة، ودعاء في التذلل لله، ودعاء في التضرع والاستكانة، ودعاء في طلب الستر والوقاية، ودعاء في الاشتياق، ودعاء في اللجوء إلى الله تعالى و….
3- التنسيق والترتيب: فثمة أدعية تشمل دوائر تندرج ابتداء من الإنسان إلى من حوله فدعاء لنفسه وخاصته ودعاء لأبويه ودعاء لجيرانه وأوليائه ودعاء لأهل الثغور.
وفي باب الزمان أدعية لأوقات اليوم كدعاء الصباح والمساء ودعاء السحر ودعاء صلاة الليل وأدعية لكل يوم من أيام الأسبوع ودعاء لدخول شهر رمضان ووداعه ودعاء ليوم عرفة ودعاء للعيدين.
ب- أمثلة لجماليات مختلفة:
1- الجمالية الصوتية: ومن نماذجها في دعائه بخواتيم الخير ((يا مَنْ ذكرُه شرف للذاكرين ويا من شكره فوز للشاكرين ويامن طاعته نجاة للمطيعين صل على محمد وآل محمد واشغل قلوبنا بذكرك عن كل ذكر وألسنتنا بشكرك عن كل شكر)) فهذه الشين بترددها وتكرارها تشي بكل ما في النفس من اشتياق وانشداد إلى الله تعالى والكاف تجعل كل شيء في إطار هذه العلاقة التي تغني عن الكل.
وفي دعائه عند الصباح والمساء ((أصبحنا في قبضتك يحوينا ملكك وسلطانك وتضمنا مشيتك ونتصرف عن أمرك ونتقلب في تدبيرك ليس لنا من الأمر إلا ما قضيت ولا من الخير إلا ما أعطيت وهذا يوم حادث جديد وهو علينا شاهد عتيد إن أحسنا ودّعنا بحمد وإن أسأنا ودعنا بذم)) ففي التنويع بين ما يتعدى بنفسه وما يتعدى بحرف جر وفي التوازن بين الجمل وفي الفواصل المتناغمة والمقابلة وتكرار الضاد ألوان من التنسيق الصوتي.
وفي دعائه لوالديه ((اللهم خفِّض لهما صوتي وأطيب لهما كلامي وألن لهما عريكتي واعطف عليهما قلبي وصيرني بهما رفيقاً وعليهما شفيقاً اللهم اشكر لهما تربيتي وأثبهما على تكرمتي واحفظ لهما ما حفظا مني في صغري)) فهذه الجمل المتتابعة المتنوعة ومشتقات الخفض والطيب واللين والعطف وتساوي الفاصلتين رفيقاً وشفيقاً والترادف المعنوي بين اشكر لهما وأثبهما ألوان من الجماليات الصوتية.
2- الجمالية اللغوية: ومنها في دعائه في الاستسقاء ((سحاباً متراكماً هنيئاً مريئاً طبقاً مجلجلاً غير مُلِثَّ ودقه ولا خلب برقه. اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً ممرعاً عريضاً واسعاً غزيراً تردّ به النهيض وتجبر به المهيض)) فقد حشدت الكلمات حشداً مما يلائم الإلحاح في الطلب.
وفي دعائه لأهل الثغور ((اللهم صل على محمد وآل محمد وحصِّنْ ثغور المسلمين بعزتك وأيِّدْ حماتها بقوتك وأسبغ عطاياهم من جِدَتك، اللهم صل على محمد وآل محمد وكثّر عِدتهم واشحذ أسلحتهم واحرس حوزتهم وامنع حومتهم وألف جمعهم ودبر أمرهم وواتر بين مِيَرِهم وتوحد بكفاية مؤنهم واعضدهم بالنصر وأعنهم بالصبر والطف لهم في المكر)).
وفي هذا الدعاء من اللغة الجزلة المختارة ما يشحن نفوس المجاهدين المرابطين بالقوة وما يملأ قلوب أعدائهم بالرعب.
3- الجماليات التركيبية: وتبدو في مظاهر عدة منها:
أ- مطالع الأدعية: إذ تفتتح غالباً بصيغ من مثل (الحمد لله) (اللهم) (يامن) (اللهم صل على محمد وآل محمد).
ب- وفي تراكيب رقمية: كما في دعائه في الاعتراف (اللهم إنه يحجبني عن مسألتك خِلالٌ ثلاث وتحدوني عليها خلة واحدة، يحجبني أمر أمرتَ به فأبطأت عنه ونهي نهيتني عنه فأسرعت إليه ونعمة أنعمت بها علي فقصرت في شكرها وتحدوني على مسألتك تفضلك على من أقبل بوجهه إليك ووفد بحسن ظنه عليك إذ جميع إحسانك تفضل وإذ كلّ مِنّك ابتداء).
ت- وقي التنويع بين الخبر والإنشاء: كما في دعائه للاشتياق ((اللهم وإنك من الضعف خلقتنا، وعلى الوهن بنيتنا ومن ماء مهين ابتدأتنا فلا حول لنا إلا بقوتك ولا قوة لنا إلا بعونك فأيّدنا بتوفيقك وسددنا بتسديدك وأعم أبصار قلوبنا عما خالف محبتك ولا تجعل لشيء من جوارحنا نفوذاً في معصيتك).
4- الجماليات التصويرية: ومن نماذجها في دعائه بالتوبة:
((هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب وقادته أزمّة الخطايا واستحوذ عليه الشيطان…. حتى إذ انفتح له بصر الهدى وتقشعت عنه سحائب العمى أحصى ما ظلم به نفسه وفكر فيما خالف به ربه فرأى كبير عصيانه كبيراً وجليل مخالفته جليلاً)).
وفي دعائه في دفع كيد الأعداء: ((وكم من سحائب مكروه جلّيتها عني، وسحائب نعم أمطرتها عليّ وجداول رحمة نشرتها وعافية ألبستها وأعين أحداث طمستها وغشاوة كربات كشفتها)).
وفي دعائه لوالديه: ((واجعل طاعتي لوالديّ وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان وأثلج لصدري من شربة الظمآن)).
5- الجماليات المعنوية: ومن نماذجها في دعائه عند المرض أنه يحمد الله على الحالين من المرض والصحة بتخريجات لطيفة وتحليلات شفيفة ومن ذلك قوله: ((اللهم لك الحمد على ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني ولك الحمد على ما أحدثت بي من علة جسدي فما أدري يا إلهي أيّ الحالين أحقّ بالشكر لك وأيّ الوقتين أولى بالحمد لك أوقت الصحة التي هنأتني فيها طيبات رزقك ونشطتني بها لابتغاء مرضاتك وفضلك وقويتني معها على ما وفقتني له من طاعتك؟ أم وقت العلة التي محّصتني بها والنعم التي اتحفتني بها تخفيفاً لما ثقل به على ظهري من الخطيئات وتطهيراً لما انغمستُ فيه من السيئات)).
وفي دعائه في الاستقالة رقم (16) إذ يُبَيّن جهل الإنسان في رشده وغفلته عن حظه عصياناً واتباعاً للشيطان: ((فمن أجهل مني يا إلهي برشده، ومن أغفل مني عن حظه ومن أبعد مني من استصلاح نفسه حين أنفق ما أجريتَ علي من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك؟ ومن أبعد غوراً في الباطل وأشد إقداماً على السوء مني حين أقف بين دعوتك ودعوة الشيطان فأتبع دعوته على غير عمى مني في معرفة به ولا نسيان من حفظي له وأنا حينئذ موقن بأن منتهى دعوتك إلى الجنة ومنتهى دعوته إلى النار)) ومنها في دعاء مكارم الأخلاق الذي يقدم منظومة رائعة لها اعتبره رسول الله (صلى الله عليه و آله) غاية بعثته إذ قال: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) ومن الجماليات المعنوية لهذا الدعاء الرائع عليه السلام قوله: ((وسدّدْني بأن أعارض من غشّني بالنصح وأجزي من هجرني بالبِرّ وأثيب من حرمني بالبذل و أكافي من قطعني بالصلة وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيئة)).