الدراسات والبحوث

الإنتلجنسيا القلقة حالة المثقف العربي في مرحلة ما بعد الكولونيالية

محمد عبد الله عبد العال أحمد

الإنتلجنسيا القلقة حالة المثقف العربي في مرحلة ما بعد الكولونيالية

محمد عبد الله عبد العال أحمد

تحاول هذه المقالة مقاربة الإشكاليات الداخلية التي تعيشها النخب العربية وهي تتصدى للتحولات التي طرأت على الوضع العالمي وعبرت عنه النيوليبرالية في الغرب بجملة من المفاهيم والنظريات التي تسوغ للإخضاع، وتظهر كترجمة صريحة وصارخة للمرحلة ما بعد الاستعمارية.

إلى ذلك يرصد الباحث اتجاهات النقاش في العالمي العربي والإسلامي في ضوء تلك المفاهيم التي أدت إلى تشكيل بيئات محلية تشاطرها الرأي بل وتعيد إنتاج مفاهيم السيطرة الاستعمارية بطرق ومناهج متعددة داخل المجتمعات الأهلية والثقافية. وفي هذا السياق يعمل البحث على إعادة تأصيل مصطلح الإنتلجنسيا العربية لمعرفة مدى تطابقه مع ما جرت عليه الأحوال في الزمن المابعد استعماري.

المحرر

مع بداية القرن الحادي والعشرين عاد السؤال ليُطرح مجدداً وعلى نحو أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى: هل حقّاً انقشع ضباب الاستعمار عن سماء الأوطان العربية، أم أن ما يعكسه المشهد العام هو على النقيض من ذلك؟.

مثل هذا السؤال يحتاج بطبيعة الحال إلى ترتيب وتصويب ورعاية، بعدما انصرم زمن مديد على انشغال النخب العربية على وجه الخصوص والنخب الإسلامية عموماً، بمواجهة الأطروحة الاستعمارية في ميادينها المختلفة. السؤال نفسه يتضاعف حدة وحيوية في أزمنتنا الحاضرة وهو يواجه الأوهام المتجددة التي يحملها شطر واسع نسبيّاً من المثقفين العرب ويحفظونها عن ظهر قلب. إذ إن من أبرز تلك الأوهام ما يشاع في السنوات الأخيرة عن أن الآلة الاستعمارية الما بعد حديثة هي ضرورة للتخلص من الاستبداد المحلي وإقامة النظام الديمقراطي. مع ذلك فإن وهماً كهذا ما لبث أن تهاوى جراء التحولات العاصفة التي شهدها العالم العربي منذ نهاية القرن الماضي، مروراً بما يسمى بثورات الربيع العربي، وما ترتب عليها من آثار كارثية على وحدة البلاد العربية ومجتمعاتها.

تعيين حدود المفهوم

في مستهل الحديث عن الإنتلجنسيا العربية نرانا في حاجة لنلقي الضوء على ماهيتها ودورها من أجل أن يشكل ذلك مدخلاً لمقاربة مواقفها في المرحلة ما بعد الكولونيالية. والحقيقة أن ثمة صعوبة بالغة في تحديد هويتها وحدود تعريفها، حتى يكاد لا ينعقد اتفاق دقيق حول معناها»[1]. في وقتنا الراهن شاع استخدام كلمات مثل المثقف والأديب والعالم والمتعلم والفنان للدلالة على المعنى نفسه، وعلى الجانب الآخر من العالم وفي اللغات الأوروبية الحديثة استخدمت كلمات شتى أيضا منها على سبيل المثال: المتعلم «Educated» والمثقف «Cultured» والمثقف النشيط «Intellectual» وتلك الكلمة وإن كانت هي الأكثر رواجاً وقرباً إلى المصطلح العربي، إلا أنها تتداخل في اللغات الأوروبية مع المصطلح الذي نحن بصدده الآن «Intelligensia». في هذا المضمار يرى عالم الاجتماع الأميركي إدوارد شيلز أن المثقف هو الشخص المتعلم الذي لديه طموح سياسي، إما بصورة مباشرة من خلال السعي ليكون حاكماً لمجتمعه أو بصورة غير مباشرة عبر السعي إلى صياغة ضمير مجتمعه. ويشير إلى أنه بسبب العدد الفقير نسبيّاً للمثقفين في الدول النامية فإن الأشخاص ذوي التعليم المتقدم يجب أن نعتبرهم طبقة مثقفة[2]، أما نظيره لويس فويير «Feuer» فقد بيَّن أن «المثقف هو المتعلم والمهني من الطبقة الوسطى الذي يختلف عمن يعمل بالصناعة والتجارة من الطبقتين العليا والدنيا»[3].

الإنتلجنسيا إذاً، هي قيمة مفهومية ذات مدلول تاريخي – اجتماعي يشير إلى المتعلمين تعليماً عالياً وحديثاً[4]، ونستطيع أن نقول باختصار أن الذين ينتسبون إليها هم طبقة اجتماعية تشارك في عمل ذهني معقد يهدف إلى التوجيه والنقد والتقويم، أو لعب دور قيادي في تشكيل ثقافة المجتمع وسياسته»[5]. وهنا قد تشمل الإنتلجنسيا الفنانين ومعلمي المدارس، والأكاديميين والكتاب والصحفيين وغيرهم ممن يُطلق عليهم بشكل واسع، صفة مثقفين. أما دورهم في تنمية المجتمع فهو محط جدلٍ واسع. ففي حين لم يكن إيجابيّاً في حالات تاريخية كثيرة، فإنهم يساهمون في المقابل بدفع المجتمع إلى مستويات تقدم كبيرة، وقد يلعبون دوراً في تعزيز حركاته المختلفة[6]. وقد ظهرت هذه الطبقة بمعناها الاجتماعي في بولندا في خلال عصر تقاسمها. ثم ظهر المصطلح في أعمال الفيلسوف الألماني هيغل في أربعينيات القرن التاسع عشر لوصف فئة متعلمة ومهنية من البرجوازيين الوطنيين الذين أصبحوا قادة روحانيين في بلد خاضع لقوى أجنبية.

لا شك بأن ضبط حدود هذا المصطلح بالعربية يعني الفئة المثقفة أو النخبة المثقفة، التي هي محور بحثنا. لكن المسألة هنا لا تتوقف على الجانب الاصطلاحي، والكيفية التي قارب فيها العقل الثقافي العربي تعريف الحقل الذي يعمل فيه. ذلك أن محور الإشكالية هو تأثر البنية الفكرية للإنتلجنسيا العربية ببقايا الاستعمار في فترة الكولونيالية الجديدة وما بعد الكولونيالية. ذلك لأن أي تأثر بالثقافة الاستعمارية هو دليل على حضور المستعمِر داخل البنية الثقافية العربية، وعلى دوره الوازن في التأثير والتوجيه معرفيّاً ثقافيّاً وفكريّاً واقتصاديّاً.

أما في ما يتصل بمفهوم «(ما بعد الكولونيالية / post-colonialism/ postcolonialism) وكيفية التعاطي معه معرفيّاً من جانب النخب العربية المعاصرة، فنستطيع القول أن النخب المشار إليها انساقت في الغالب الأعم إلى سَيْل التعريفات التي صدَّرتها التيارات النقدية الغربية خلال القرن العشرين المنصرم. ففي المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية كان للدولة ما بعد الكولونيالية، أثرٌ تاريخي تسلسلي واضح على نخب البلدان المستعمرة، وعلى هذا الأساس راح النقاد يستخدمون هذا المصطلح في أواخر السبعينات من القرن الماضي لمناقشة الآثار الثقافية المتعددة للاستعمار[7]. هناك بالطبع تعريفات عدة حاولت رسم حدود مصطلح ما بعد الكولونيالية وفقا لأطر وتجارب تاريخية متفاوتة. فقد عرفه دوغلاس روبنسون بأنه «دراسة جميع الثقافات/ المجتمعات/ البلدان/ الأمم من حيث علاقات القوة التي تربطها بسواها من الثقافات/ المجتمعات/ البلدان/ الأمم؛ أي الكيفية التي أخضعت بها الثقافاتُ الفاتحة الثقافاتِ المفتوحةَ لمشيئتها؛ والكيفية التي استجابت بها الثقافات المفتوحة لذلك القَسْر، أو تكيّفت معه، أو قاومته، أو تغلّبت عليه. وهنا تشير الصفة «ما بعد الكولونيالية» إلى نظرة النخب النقدية في أواخر القرن العشرين إلى علاقات القوة السياسية والثقافية، أما الفترة التاريخية التي تغطيها فهي التاريخ كلّه»[8]  وحسب دوغلاس أيضاً، فإنّ النظرية ما بعد الكولونيالية هي: دراسة مستعمرات أوروبا السابقة بعد استقلالها؛ وكيف استجابت لإرث الكولونيالية الثقافي، أو كيف تكيّفت معه، أو قاومته، أو تغلّبت عليه. ومما يبدو للقارئ فأن المصطلح انضم إلى مصطلحات «الما بعديات» مثل مصطلحات «ما بعد الحداثة» و«ما بعد البنيوية» و«ما بعد النسوية» و«ما بعد الاستقلال»، والتي تُنْبِئُ باستمرارية الالتصاق بالفترة ذاتها، وتعامل معها كما لو أنها فترة لم تنته.

ما بعد الكولونيالية في تعاملات النخب العالم ثالثية

تُظهر القراءات التاريخية أن الإنتلجنسيا العربية قد تأثرت تأثّراً كبيراً بالكولونيالية بصيغتها الكلاسيكية، وكذلك المستحدثة. وهو ما يبدو بوضوح في ما نشهده اليوم من تبعيات بيِّنة للخطاب الغربي في مستوياته وتجلياته الفكرية والمعرفية المختلفة. في مقابل ذلك سوف نشهد بصورة مبكرة على محاولات جادة بادرت إليها نخب عانت بلادها ومجتمعاتها من تسلط استعماري بعيد الأثر، سواء عبر الاحتلال المباشر أو عبر الوسائط الثقافية والأكاديمية والاقتصادية المختلفة.

من النخب المنتسبة إلى ما سمي ب «العالم الثالث» كان أول من دخل السجال بقوة لمناقشة مصطلح الكولونيالية الجديدة (neo-colonialism )، هو «كوامي نكروما» الرئيس الأول لغانا المستقلة. والمعروف أن نكروما هو من أبرز الدعاة للوحدة الإفريقية بحسب ما جاء في كتابه «الكولونيالية الجديدة : المرحلة الأخيرة للإمبريالية، 1965». وقد شاع بين الأوساط الثقافية، ما طرحه في كتابه المذكور حيث قدم تعريفاً مطوراً للإمبريالية باعتبارها المرحلة الأخيرة للرأسمالية. فقد ذهب نكروما إلى نقد الإمبريالية الجديدة التي سعت إلى الإبقاء على هيمنتها على البلدان المستقلة في أفريقيا وآسيا، حيث أن بقايا القوى الكولونيالية السابقة والقوى العظمى الجديدة الصاعدة على المشهد العالمي، ظلت تلعب دوراً حاسماً في مصائر هذه الدول عن طريق تثبيت الأسعار في الأسواق العالمية، والشركات متعددة الجنسيات، والاتحادات الاحتكارية، إضافة إلى تنويعة من المؤسسات التعليمية الثقافية الموجهة. ويكشف «نكروما عن حقيقة أن الكولونيالية الجديدة كانت أكثر دهاءً وأبرع تخفيّاً وأصعب في الكشف عنها وتحديد معالمها ومقاومتها من الكولونيالية الصريحة، الأقدم، وبذلك فإن الكولونيالية الجديدة هي الشبح الخفي للإمبريالية، ورمز لإستمرارية الهيمنة والسيطرة من تلك القوى[9].

ازدواجية العقل النخبوي العربي

الاستعمار في ثوبه الجديد في مرحلة ما بعد الكولونيالية هو استعمار بديل عما سبقه من أنماط استعمارية إلا أنه لم يقطع مع هذه الأنماط. ولعل ميزته اليوم أنه غزو فكري وثقافي لتشكيل منظومة محلية ذات جاذبية فكرية ومعرفية تتولى الإنتلجنسيا نفسها تسويق ثقافة الهيمنة الاستعمارية وهي على قناعة بما تصنع. تلك اللعبة الإمبريالية تبدو في ظاهرها شديدة الحرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث لا يستطيع كل من يراها مقاومة خطابها وآليات عملها، فهذا هو الأسلوب الجديد لاستمرارية الاستعمار الماكر ذي الدهاء الفائق، لفرض السيطرة على جميع المستويات  الثقافية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.

ثمة من يذهب إلى القول تبعاً لواقع الحال أن مصطلح ـ ما بعد الكولونيالية ـ لم يرسخ بعد في أوطاننا. فنحن على الحقيقة ما زلنا في حالة احتلال، اختلفت الأدوات والغزو واحد، ذلك بأن الهيمنة لم تنته كما توهمنا بل نحن ما زلنا في حال متأرجحة من الازدواج الوجداني بين رفض بعض الإنتلجنسيا العربية و قبول البعض الآخر من «طبقة الوكلاء». ولهذا تتأتى إلزامية دور الإنتلجنسيا العربية لكي تقوم بمهمتها بمهارة وحنكة. إما أنها تعي هذا الوضع الخطير حقّاً أو أن تستغرق بذلك الضباب الكولونيالي الجديد.

وقد يبدو أثر (الازدواج الوجداني: The Ambivalence) واضحاً على الإنتلجنسيا العربية. الأمر الذي يعكسه بقوة ذاك المزيج المركب من الانجذاب والنفور الذي يسم العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر. ومثل هذا الوصف الذي أدخله «هومي بابا»[10] إلى نظرية الخطاب الكولونيالي حيث وصف «بابا» هذه العلاقة بأنها متأرجحة، لأن الذات المستعمَرة ليست مناهضة للمستعمر ببساطة وبكل معنى الكلمة على طول الخط، بل هي تجمع بين الاعتراض والتواطؤ، وهكذا يوحي مصطلح الازدواج الوجداني بأن التواطؤ والمناهضة يتساوقان في علاقة متأرجحة داخل الذات الكولونيالية. ويبدو من هذا المصطلح أن الآثار المترتبة على ظهوره ذات اتجاهين: فالأول يعكس خطورة هذا المصطلح الذي  يخلخل السلطة القاطعة الخاصة بالهيمنة الكولونيالية، والثاني يفصم عُرى العلاقة البسيطة بين المستعمِر والمستعمَر. على ذلك فالازدواج الوجداني هو ملمح غير مرغوب فيه داخل الخطاب الكولونيالي بالنسبة للمستعمِر . وهكذا تكمن مشكلة  الخطاب في أنه يريد خلق متلِّق سهل الانقياد بحيث يكون خاضعاً، يعيد إنتاج المستعمِر وعاداته وقيمه. لكن بدلا من ذلك، أنتج الخطاب الكولونيالي تابعين مزدوجي الوجدان لا ينأى تقليدهم له كثيراً عن الاستهزاء. إن هذه العلاقة المتأرجحة بين التقليد والاستهزاء التي يسببها الازدواج الوجداني تؤدي إلى إرباك الهيمنة الكولونيالية، حيث إن الأسلوب الذي يُعرض به هذا المصطلح وارتباط الخطاب الكولونيالي بالذات المستعمَرة، قد يكون استغلاليّاً وإنمائيّا في الوقت عينه، لذا «ينظر إلى هذه العلاقة على أنها علاقة (متكافئة القوة:ambi-valent) (ازدواجية السلطة: dvoevlastie ).  ويكمن تأثير هذا الازدواج الوجداني – الانجذاب المتساوق مع النفور – في توليد خلخلة عميقة لسلطة الخطاب الكولونيالي.» [11] وهذا أيضاً يوضح الفارق بين الذوات المناهضة وتلك المتواطئة من الإنتلجنسيا العربية لجهة تأثرها بالخطاب الكولونيالي وما إذا كان لا يزال مستمرّاً  إلى فترة ما بعد الكولونيالية. ذلك على الرغم من أن هذا الازدواج الوجداني بما استثاره من قضايا جدالية عند «هومي بابا»، أفسح المجال لبروز تلك القضية المقترحة (proposition)، حيث يحتج «بابا» بأن الخطاب الكولونيالي مدفوع لأن يكون ازدواجيّاً، لأن الخطاب لا يرغب حقّاً في أن يكون الشعب المستعمَر نسخة طبق الأصل من المستعمِر. فلإن حدث هذا لكان برأيه أمراً باعثاً على الشعور بالتهديد إلى حد بعيد. ففي هذه الحال يصير المهمَّش يفكر بعقلية المركز وهذا في حد ذاته يناقض النظرية الإمبريالية، فيؤدي إلى ما يسمى بالإزاحة والخلخلة للمركزية. وفي هذا ما يشكل إضعافاً للهيمنة والسيطرة ويؤكد على إنتاج ثنائية سلطة. لذا كان الاتجاه الآخر لمفهوم – الازدواج الوجداني – مقصوداً من قِبَل المستعمِر حتى لا تصل النتائج إلى زحزحة المركز وقوته الإمبريالية المتمكِّنة. هنا يذكر «هومي بابا» مثالاً على «تشارلز جرانت» الذي أراد في عام 1792 م أن يغرس الديانة المسيحية في عقول الهنود، غير أنه أعرض عن ذلك لأن القلق ساوره من أن يدفعهم ذلك إلى أن يتحولوا إلى «مشاغبين لأجل الحصول على الحرية»[12]. لقد انتهى جرانت إلى حل مفاده مزج العقائد المسيحية بالممارسات الطبقية الهندية (caste) المسببة للشقاق حتى تثمر «إصلاحاً جزئيّاً» لا متكاملا، والذي يمكن أن يُحدث تقليداً فارغاً للعادات الإنجليزية، حيث يبقي على بعض من الفوضى التي تشغلهم عن مساعي التنمية والإصلاح المتكامل. فالإبقاء على ذلك الجزء من الفوضى هو مطلب أساسي سياسي للإمبريالية حتى لا يُنقل الصراع إلى داخلها بما يؤدي حتما إلى تقوُّضها، وعليه ستكون مدفوعة لأن تخلق وضعا ازدواجيّاً تخفي من خلاله ادّعائها بشأن سلطتها المنيعة، معلنة الوهن المستمر للمستعمَر .

عبر تلك الازدواجية الوجدانية تأثر القطاع المناهض للكولونيالية من الإنتلجنسيا العربية  في فترة ما بعد الكولونيالية، فالمناهض العربي كان على طول الخط منفعلاً بحجم المؤامرات التي تحاك لبلاده. لقد بدت له السيطرة الإمبريالية المستمرة في أثواب عدة، تعكس حالة مركبة لا ينفصم عراها من الفعل الكولونيالي، فوجد نفسه أمام إمبريالية مثلثة الأضلاع تهيمن عليه دفعة واحدة: الكولونيالية والكولونيالية الجديدة وما بعد الكولونيالية. إن المناهضين قد تنبَّهوا لما كان واضحاً وجليّاً في طيات حديث المبعوث البريطاني في مصر عام 1859 «ألفرد سكاون»*. يومذاك قال سكاون مخاطباً مجموعة المؤتمر الوطني المصري: «احذروا منا فإننا لا نريد لكم شيئاً من الخير. لن تنالوا منا الدستور ولا حرية الصحافة ولا حرية التعليم ولا الحرية الشخصية. وما دمنا في مصر فالغرض الذي نسعى إليه من البقاء فيها هو أن نستغلها لمصلحة صناعتنا القطنية في مانشستر، وأن نستخدم أموالكم لتنمية مملكتنا الإفريقية في السودان… لم يبق لكم عذر إذا انخدعتم في نياتنا بعد أن وضح الأمر فيها وضوحاً تامّاً. فاحذروا أن تنساقوا إلى الرضى باستعباد بلادكم ودمارها».[13] هذا الكلام لسكاون يختزل أحد المعاني الحقيقية للهيمنة الكولونيالية، حيث يظهر مدى الخطورة التي تقع على كاهل الإنتلجنسيا العربية ودورها الذي يجب أن يحتل المكانة المركزية من أجل المقاومة للحد من تلك الهيمنة التي تطوق البلاد اقتصاديّاً وثقافيّاً. وذهبت النخب الوطنية إلى صياغة خطابها على النحو الذي يجعل إزالة الاستعمار بأشكاله كافة في أمر اليوم. وهذا مما يظهر مدى تغلغل تلك الهيمنة والسيطرة على المستوى الثقافي في بلادنا العربية، ويؤكد على خطورة ودقة موقف الإنتلجنسيا العربية في التصدي لتلك الأشباح الإمبريالية الخفية وتأثيرها العميق في ثقافتنا العربية والاسلامية.

لكن الوجه الآخر الأشد خطورة يكمن في تماهي قطاعات تاريخية وأزمنة من الانتلجنسيا العربية مع التوقف الكولونيالي والتواطؤ مع تيار الهيمنة الإمبريالية. وهؤلاء هم ما يمكن أن نسميهم  بـ ( طبقة الوكلاء : comprador). هذا المصطلح الذي تم تطويره بطريقة أشمل في مرحلة ما بعد الكولونيالية ليشمل طبقة من الأكاديميين والكتاب الإبداعيين والفنانين – ممن يتنازلون عن استقلالهم الوطني باعتمادهم على القوة الإمبريالية ويجعلون رهانهم معها. لم يُعد الأمر مقتصراً على أفراد البرجوازية المحلية الذين يدينون بأوضاعهم المتميزة للاحتكارات الأجنبية، ومن ثمّ يحافظون على مصلحتهم الراسخة في بقاء الاحتلال الكولونيالي. تلك الفكرة عن طبقة الوكلاء والتي تفترض وجود هيكل تراتبي واضح ومتسلسل من العلاقات الثقافية والمادية غير مسلم بها. وعليه «فالافتراض الذي يذهب إلى أن طبقة الوكلاء متمايزة بالضرورة وبصورة يسهل تحديدها عن بقية المجتمع، هو افتراض محل جدلٍ وشكٍّ نسبيّاً ممن يحافظون على مقدرة أكثر تطوّراّ في انخراطهم في الممارسات التواصلية الدولية التي تطرحها الهيمنة الكولونيالية، وممن قد يظهرون ميلاً أقل، بحكم ذلك، للنضال من أجل الاستقلال الثقافي والسياسي»[14]. من الممكن التدليل على أمر كهذا من ملاحظة جد هامة وهي أنه ما من أحد في مجتمع مستعمَر يمكن أن يتجنب بالكلية تأثيرات النفوذ الثقافي الكولونيالي بأطواره وأشكاله المختلفة. في مجتمعات ما بعد الكولونيالية ليست الطبقة البرجوازية وحدها، بأي حال من الأحوال، هي الطبقة الوحيدة التي امتلكت «القدرة على النفاذ» إلى الوسائط الثقافية الشعبية مثل التلفاز أو المنتجات الاستهلاكية. إن الخضوع التام والتبعية المطلقة هما وحدهما ما خَلَقَا طبقة الوكلاء، حيث النضال من أجل الاستقلال الثقافي والسياسي والاقتصادي لم يعد ذا أهمية لدى أفرادها كما هو الحال من الاستفادة الشخصية من الممارسات التواصلية والانتفاع بما تطرحه الهيمنة الإمبريالية في مرحلة ما بعد الكولونيالية، وبهذا تصبح ( النَّفْعِيَّة :  Utilitarianism) هي القاعدة الأصيلة لديهم، والمنحى البراغماتي هو أصل يرتكزون عليه، ليقع كامل الضرر على المجتمع عموماً والمواطن بعينه بشكل خاص، حيث إن العَواقب الفِكْرِيَّة لطبقة الوكلاء تحركها الأنانية بغض النظر عن إيذاء الأخر وما يقع عليه من أضرار سواءاً كان هذا الآخر متمثلا في مجتمع أو فرد أو وطن بما يحتويه. وما من ريب في أن هذا التوسع الخطير للنفعية في مجتمعات ما بعد الكولونيالية، أدى من ناحية إلى تشيؤ الذات ونزعها من بعدها الإنساني الأخلاقي، ومن ناحية ثانية إلى إضعاف السمات العامة للهويّة الوطنية وخلخلة مفهومها في المجتمع، ليصبح مطلب النفعية مذهباً ومسلكاً سائداً وبذلك يساهم تمكين تلك القوى، وزيادة هيمنتها، وتوسيع رقعة السيطرة الإمبريالية..

مع حضور ذلك الاستحواذ في الخطاب ما بعد الكولونيالي، بدا الصراع الداخلي للإنتلجنسيا العربية يأخذ مداه بين «المناهضين» لاستمرارية الهيمنة في مرحلة ما بعد الكولونيالية و«طبقة الوكلاء». والاستحواذ (appropriation) مصطلح «يستخدم لوصف الطرق التي من خلالها تستحوذ مجتمعات ما بعد الكولونيالية على تلك المظاهر الخاصة بثقافة القوة الإمبريالية ولغتها وقوالب الكتابة لديها وأفلامها ومسرحها، بل وحتى على نماذج التفكير وطرق إدارة النقاش علّها تخدمها في صوغ هويّاتها الاجتماعية والثقافية الخاصة. كما تستخدم هذه العملية أحياناً لوصف الاستراتيجية التي تسعى من خلالها القوة الإمبريالية إلى دمج المنطقة أو الثقافة التي تستكشفها وتغزوها بوصفها منطقة أو ثقافة مملوكة لها»[15]، وبهذا بات الصراع يحمل عبء الخبرة المتجددة التي استمدتها الإنتلجنسيا العربية من اختبارات «المناهضين» و «طبقة الوكلاء» وتحولت إلى نمط ثقافي سائد في المجتمعات العربية. وما بين استكشاف الطرق التي تتمكن من خلالها الثقافة المقهورة أو المستعمَرة من توظيف أدوات خطاب تلك القوة المسيطرة والمهيمنة من أجل استخدامها لمقاومة استمرارية سيطرتها سياسيّاً وثقافيّاً، فقد تحول استخدام تلك الأساليب والطرق ليكون مادة خصبة في الصراع الداخلي بين شرائح الإنتلجنسيا العربية. فقد بدت تلك الطرق ذات فعالية بيِّنة في نطاق اللغة ونطاق النصيّة. ففي هذين النطاقين تشكّلت القوالب الخطابية من أجل التعبير عن خبرات ثقافية متباينة على نحو واسع، وإقحام هذه الخبرات في الأساليب السائدة للتمثيل حتى بلغت أوسع نطاق من التلقين. وباستحواذ الإنتلجنسيا العربية على السيف الذهبي أو الدرع الإمبراطوري متمثلاً في لغة القوة الإمبريالية، «وأشكالها الخطابية، وأساليبها في التمثيل تصبح مجتمعات ما بعد الكولونيالية قادرة، في مثل هذه الحال على الدخول بسهولة أكبر في الخطاب السائد، أو إقحام مفردات واقعها الثقافي، في اللغة السائدة لوصف ذلك الواقع لجمهور واسع من القراء»[16]. من هنا سنلاحظ أربعة أوجه لظاهرة الاستحواذ، فالمناهض لاستمرارية الهيمنة الإمبريالية يوجه خطابه حيناً ضد الهيمنة وحيناً آخر ضد طبقة الوكلاء، باعتبارها الشريحة التي تتولى تسويق الخانة الإمبريالية. وعلى النقيض من ذلك فإن «طبقة الوكلاء» توجه خطابها بالمنطق نفسه ضد الإنتلجنسيا العربية المناهضة، ساعية إلى نقض ثقافتها، وترسيخ الهيمنة الإمبريالية بوصف كونها كومبرادوراً معرفيّاً. وبهذا قد تم استخدام الاستحواذ في خطاب ما بعد الكولونيالية داخليّاً وخارجيّاً، ومع استمرارية الهيمنة واطفاق الصراع الداخلي للإنتلجنسيا العربية لعبت الثنائية (binarism) دورها الأخطر في التصعيد بين اتجاهات الإنتلجنسيا العربية، ما أدى إلى ضربٍ من عدم الاستقرار في المجتمعات المستعمَرة.

التشظي المعرفي للانتلجنسيا العربية

لو عرجنا قليلاً نحو معرفة آفاق وأبعاد التناقض الحاصل بين الاتجاهات الرئيسية للانتلجنسيا العربية، سوف نجد أنه يعكس أهم الدلائل على استمرارية الهيمنة الإمبريالية وتعميق سيطرتها وقوة تأثيرها في المجتمعات العربية ومجتمعات العالم الثالث في مرحلة ما بعد الكولونيالية،» ويعدّ المنطق الثنائي للإمبريالية تطوراً في ذلك النزوع الذي يبديه الفكر الغربي بوجه عام نحو رؤية العالم في ضوء التقابلات الثنائية التي تؤسس علاقة هيمنة وتسيّد. ويمثل التمييز البسيط بين الثنائيات – (المركز / الهامش، المستعمِر / المستعمَر، الإمبراطورية / عاصمة المستعمَرة، متحضّر / بدائي) –  بفعاليّة كبيرة التسلسل الهرمي الجائر الذي تقوم عليه الإمبريالية وتخلّده. تتصل المتقابلات الثنائية بنيوياً بعضها  ببعض، وفي الخطاب الكولونيالي قد يكون هناك شكل مختلف للثنائية الجذريّة الواحدة – مستعمِر / مستعمَر – حيث يعاد التعبير عنها في أي نصّ معين بعدد من الطرق مثل: المستعمِر: المستعمَر، أبيض: أسود، متحضّر: بدائي، ..إلخ»[17] وبناء على هذا المنطق الثنائي يبدو هذا المفهوم مع إمكانية قراءة هذا البنيان من اليمين إلى اليسار أو من أعلى إلى أسفل ليمهد الفكرة نفسها للمتلقي ويؤكد عليها،  وهكذا تصبح كلمات مثل ( المستعمِر، والأبيض، والإنساني، والجميل )، جملة ضد (المستعمَر، والأسود والوحشي، والقبيح). لذا فإن صناعة العنصرية، وخلق التمايز بين الفرد والآخر هي في جوهرها صناعة إمبريالية محضة، فكانت رمز التطرف في عين الآخر، ليحتلّ المفهوم الثنائي أهمية كبرى في تشكيل المعاني الأيدولوجية بصفة عامة، ويعدّ مفيداً للغاية في بنية الإيديولوجيا الإمبريالية.

ولعل ظهور موجة نهاية المفاهيم مثل: «نهاية التاريخ، ونهاية الإيديولوجيا ثم ظهور نظريات «الما بعديات»، قد وضح هذا العمق الذي تَوجّب فيه وجود هذا التسلسل الهرمي الجائر (violent) التي اكتظت به تلك الثنائيات، حيث يلزم أن يكون أحد مصطلحي التعارض مهيمناً على الدوام مثال: هيمنة الأغنياء على الفقراء، والسلطة على الرعية، والمستعمِر على المستعمَر، والأبيض على الأسود…الخ، في حين أن وضع المقابلات يظهر ويبين مدى الهيمنة والتسيد الملحوظ. ذلك يعني أن أي نشاط أو حالة لا تنطبق عليها مقاييس المقابلة الثنائية سوف تكون خاضعة للقمع أو اعتبارها فئة شائنة، وبهذا التشكل لتلك الفئة التي ساعد على تكوّنها هذا المفهوم أخضع الفئة نفسها لتصبح ضمن نطاق «التّابو»، أو جعلها طقس انتقال*[18] أي أن هذه الفئة تصير أشبه بالوضعية التي تتوسط الطفولة والرشد – أي مرحلة الشباب – بوصفها فئة شائنة، لذلك لطالما تخضع الفئة المشار إليها لقدر كبير من الريبة والقلق، تقع بين دفتي  ثنائية (المستعمِر / المستعمَر)، على سبيل التمثيل، سوف تعاني من دلالات الازدواج الوجداني الحاد والذي يتجلى إما في التقليد أو في المناهضة بشدة أو بالهوس للحفاظ على الهوية، أو الانفصام الثقافي أو للميل لجانب دون آخر في تلك الثنائية، مما يفضى إلى نشوء تطرف ولدته الإمبريالية في إطار صناعتها للعنصرية  لتكون رمزاً إضافياً في بنيتها الإيديولوجية، وبالتالي التأكيد على أن أحد أهم قواعد استمرارية الإمبريالية وقوتها يكمن في خلق تلك الفرقة والتنازع الدائم بين الشعوب، ونموذج التاريخ العربي واضح وضوح شمس الظهيرة في هذا المضمار.

ومن خلال هذا المفهوم تتبدى لنا ثنائية المحاور داخل حقل نشاط الإنتلجنسيا العربية. وقد جرى ذلك على الإجمال بين «المناهضين» وطبقة الوكلاء. ولقد أدت هذه الثنائية نتائج متناقضة. فمن ناحية هي سلّطت الضوء على الفضاءات البينية التي تخلخل نظرية ما بعد الكولونيالية، ومن ناحية أخرى أزالت الغموض عن طبيعة العلاقات البنيوية للنظام الثنائي ذاته، ثم كشفت ثالثاً عن التناقضات الجذرية للنظام الإمبريالي. والمعروف أن هذا الأخير يتضمّن، على سبيل المثال، ثنائيات شديدة الوطأة مثل: (متحضر، إنساني، حامل مشعل الاستنارة: enlightener) في مقابل نعت المناهضين من النخبة العربية المثقفة بنعوت مذمومة مثل: (بدائي، وحشي، متلقي الاستنارة: enlightened). وبهذه الطريقة تميط نظرية ما بعد الكولونيالية اللثام عن التناقض العميق في بنية العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية التي يمكن أن تحطّ من قدر شخص أو تضفي عليه مثالية، أو تَسِمُه بالشيطانية أو تخلع عليه صفات سلبية لا حصر لها، في حين توظف كل إمكاناتها لتحسين صورة التابعين لها من الوكلاء المحليين.

وحيث إن هذا النوع من الإنتلجنسيا العربية بعدما عانى طويلاً من التهميش، وأصبح هو المركز بدلاً من الكولونيالية في مرحلة الكولونيالية الجديدة وما بعد الكولونيالية، بات هو الفئة الأخطر على المجتمع، حيث له الكلمة المسموعة والتغلغل العميق بين جميع الأوساط والفئات المجتمعية. لما تمكنت تلك الهيمنة الإمبريالية وسيطرت على جزء منها، صارت هي المحرك الرئيسي بطريق غير مباشر للمجتمع أو على الأقل لها ذراع في التأثير والتوجيه، ولعل ذلك ما جعل نديم البيطار يسأل السؤال المشاع في الأوساط الثقافية”.

يظل السؤال المركزي الذي لا نجد إجابة عنه هو التالي: ما هي الإمكانية الحقيقية لبروز دور تغييري مركزي للمثقفين العرب في ظل الأوضاع القائمة؟. وهل يستحقون حقا كل هذا النقد الشرس الموجه لهم، وتحميلهم المسؤولية الكبرى في حصول التخلف والتجزئة والتبعية للخارج؟

ما من شك أنه من الصعب أن يحدث ذلك التغيير ما دام الدور المركزي للإنتلجنسيا العربية غائباً أو مغيباً، بسبب من استمرار الصراع الأهلي من جهة أو في مواجهة السلطة. ولعل بسط الهيمنة الإمبريالية وظهور النفعية والبراغماتية والاستبداد السلطوي، يشكل حائطاً منيعاً أمام المناهضين من الإنتلجنسيا العربية من اتخاذ خطوات تقدمية تحررية من تلك الهيمنة والتقليد المسيطر على العالم العربي، بل ربما يبقي تلك الهيمنة ذات مكانة مركزية مع التهميش المتعمد للمناهضين لها من الإنتلجنسيا العربية.

وكما جاء في مستهل هذا البحث، فإذا كانت الإمبراطورية المهيمنة على هذا القدر من الاقتدار فذلك لا يعني بالمرة أن الفكر ما بعد الإمبريالي هو قدر يستحيل رده، فالإنتلجنسيا العربية المناهضة، وبعد أن امتلكت أدوات الخطاب، تستطيع أن تصوغ استراتيجية ثقافية فاعلة وتؤسس حراكاً ثقافيّاً ضد التجزئة والتخلف، حينئذ ستكون لعبت دورها بحنكة ومهارة يفوق ذكاء ذلك الشبح الخفي الذي يقود الزمن ما بعد الكولونيالي في المنطقة العربية والإسلامية؟ لذا تستطيع تلك الإنتلجنسيا العربية أن تقود فكرها لتعمّمه؛ لأن من المؤكد أن خواء العقل هو الأشد سوءاً من أي خواء مشهود في الحياة الإنسانية”.

في الراهن، ثمة استعمار من نوع مركب؛ خفيٌّ حيناً وظاهر حيناً آخر، وهو يتوغل عميقاً في كل مجتمعاتنا، ليزاحم هويّات أصيلة، راسخة في عمق تاريخ المنطقة.

[1]- الزيات ،السيد عبدالحليم، المثقفون المصريون بين جدليات النشأة وإشكالية الفعل، مجلة الوحدة، العدد 66، مارس 1990 م، ص147.

[2]- for more .. please look, Edward, shills : the intellectuals and power, and other essays, (Chicago, university 1972 ) . pp 29 – 27.

[3]-3-Lewis, feuer, s, Ideology and Ideologistis, basil Black Well, Oxford, 1975, pp202/205 )

[4]- بن خدة ، نعيمة، المثقف والسلطة عند إدوارد سعيد مفهوم المثقف، رسالة ماجستير في الفلسفة، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، الجزائر، العام الجامعي العام 2011 / 2012 م، ص 18

[5]-Intelligentsia” in Merriam-Webste Online-

نسخة محفوظة 07 يناير 2008 على موقع Wayback Machine

[6]-Tomasz Kizwalter (2009). “[The History of the Polish Intelligentsia until 1918” (PDF). Acta Poloniae Historica. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 09 أغسطس 2017. اطلع عليه بتاريخ Mar 26 2016

[7] – بيل أشكروفت / جاريث جريفيث / هيلين تيفين، دراسات ما بعد الكولونيالية، ترجمة أحمد الروبي / أيمن حلمي / عاطف عثمان، دار ابن خلدون  ص 282-283

[8]- دوغلاس روبنسون: الترجمة والإمبراطورية: الدراسات ما بعد الكولونيالية، دراسات الترجمة، ترجمة ثائر ديب، مجلة نزوى، العدد45،20-07-2009

[9]- الزيان ـ المثقفون المصريون بين جدليات النشأة وإشكالية الفعل ـ مصدر سابق.

[10]- مفكر هندي يُنظر إليه بوصفه أحد أبرز الكتاب الذين ساهموا بكشف الآليات السوسولوجية والثقافية للاستعمارية المتجددة في آسيا وأفريقيا.

[11] –  بيل أشكروفت / جاريث جريفيث / هيلين تيفين، دراسات ما بعد الكولونيالية، ترجمة أحمد الروبي / أيمن حلمي / عاطف عثمان، دار ابن خلدون  ص 62

[12] – بابا 1994 : 87

[13]- ألفرد سكاون بلنت مخاطبا مجموعة المؤتمر الوطني المصري في اقتباس ورد بكتابه التاريخ السري لاحتلال إنجلترا مصر الذي تفيد بيانات غلافه بأن الشيخ محمد عبد راجعه و وافق على ما فيه. ينتمي سكاون لأسرة عريقة تعمل بالسياسة والتمثيل الدبلوماسي في الدول الأوروبية، تحول بعد 1859 للترحال في البلاد الشرقية . كون حملة للدفاع عن الزعيم أحمد عرابي بدافع واجبه تجاه مواطنيه في المقام الأول وحقهم في الاطلاع على «الحقيقة الواقعة».  ترجم الكتاب ونشر على حلقات بجريدة البلاغ ثم جمع في مجلد واحد دون تاريخ مدون.

[14] – بيل أشكروفت / جاريث جريفيث / هيلين تيفين، دراسات ما بعد الكولونيالية – مصدر سابق – ص 119.

[15] – سبير 28 : 1993

[16] – بيل أشكروفت / جاريث جريفيث / هيلين تيفين، دراسات ما بعد الكولونيالية، ترجمة أحمد الروبي / أيمن حلمي / عاطف عثمان، دار ابن خلدون ص 71

[17] – المرجع نفسه، ص 76، 77

[18] rite of passage : مصطلح يشير إلى حدث احتفالي، مرصود في كل المجتمعات المعروفة تاريخيا، يميز الانتقال من حالة اجتماعية أو مكانة دينية إلى غيرها . كان أول من سكّ المصطلح « أرنولود فان جينيب « ( 1873 – 1957 ) في مؤلفه الأشهر « طقوس الانتقال،

1909 «  « rite of passage “ Encyclopedia Britannica from Encyclopedia Britanica 2007 Ultimate Reference suite :(2010

__________________

*نقلًا عن “المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية” – بيروت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى