مشاهد ومراقد

مقام النبي صالح (ع) أو “الصيَّاح” في جويَّا – جنوب لبنان

مقام النبي صالح (ع) أو “الصيَّاح” في جويَّا – جنوب لبنان

يقع مقام نبي الله صالح(ع) في المنطقة الجنوبية الغربية من خراج بلدة جويا المحاذية لبلدة محرونة، في جنوب لبنان، ويُعرف بـ”الصيّاح”.

يقول الدكتور موسى ياسين:إن نبي الله صالح عليه السلام ذكره الله في القرآن في اثنتي عشرة سورة منها سورة الأعراف والسجدة والنمل وغيرها..
أما النسبة إلى المقام الموجود حالياً في بلدة جويا فيُحكى أنّ رجلاً كان يُعرف عنه بأنه يلدغ في لسانه يمكث ويخدم في ذلك المكان المقدس فكان يقول هذا مقام صايح بدل أن يقول مقام صالح.
يقول ياسين: بصفتي باحثاً في الحضارات التاريخية وقفت أمام هذا الضريح الجليل متأملاً به الروحانية الغريبة التي امتلكتني ووجهت أنظاري إلى هذا المقام، مفتشاً عليه في الحُقب التاريخية، منذ زمن(عاد) حتى هذا العصر، وبعد البحث الدقيق الذي قمت به عثرت على أكثر من عشر مقامات موجودين باسم مقام صالح(ع) وجميع هذه المقامات لم تتناسب مع المقام التي وجدته سوى مقام نبي الله صالح في بلدة جويا لأنّ هذا المقام هو الذي يُعرّف عن نفسه.
أولاً: وخاصةً بكثرة المعالم التي ذكرت في القرآن الكريم مثلاً في سورة النمل من آية 48 “وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ” ومن خلال البحث الذي قمت به وجدتُ تسعة قبور شمسية لا تبعد سوى 400م عن المقام ولقد دمرَ قبراً في الطريق ولا يبقى إلا ثمانية قبور كما عُقرت الناقة قرب القبور ويوجد معلم أثري عندما وقعت على الأرض.

ثانياً: يوجد جبل باسم الناقة ويسمى (جبل الناقة) في خراج بلدة (وادي جيلو) المحاذية لخراج بلدة جويا وهذا الجبل لا يبعد عن المقام سوى 1400م.
ثالثاً: يوجد في بلدة محرونة مكان يسمى (زحلة الناقة) كما توجد دعسة الناقة.
رابعاً: إن المدينة التي عاش بها نبي الله صالح(ع) من أجل هداية الناس تكون مدينة (تنّا) والمعروف بديرها (دير تنّا) وهذه المدينة تعني مدينة العشق كانت تضم بلدة جويا ومحرونة وبلدة دبعال وبلدة وادي جيلو.
أما منطقة بصوصاي فتعتبر مقبرة الأثرياء وهي مقابلة لمقام نبي الله صالح(ع).
خامساً: إن خادم المقام الذي كان ينظفه كان يلغط بلسانه حسب التحليل العقلي بدلاً أن يلفظ صالح كان يلفظ (صايح) حتى ركزوا على اسم الصياح ولكن الحقيقة تظهر في البحث العقلي حيث يكون نبي الله صالح والدليل على ذلك بعدما حصلت المعجزة التي قام بها بعد ما طلب من الله عز وجل أن يخرج له ناقة من الجبل وبالفعل قد حصل هذا في تلك المكان.
سادساً: إنّ بني ثمود كانوا يعيشون بوادي القرى بين المدينة وبر الشام أي في قرى جبل عامل وكانوا يشبهونهم من كثرتهم بالذر في ذاك الزمن كانت القرى منتشرة على ضفاف الوديان حيث توجد الينابيع والأنهار.
سابعاً: وكان قوم ثمود كثيري العدد وكانوا أغنياء في الثروات وطول أعمارهم أكثر ما يكون وكانوا يبنون في السهول قصوراً عالية ومساكن رفيعة مزخرفة لأيام صيفهم وينحتون الجبال مساكن لأوقات شتائهم وهذه البيوت أو المغاور لقد عثرت عليها في (محيط المقام) وهي محفورة من أسفل الجبل إلى أعلاه.
أما المعجزة الإلهية التي بنوها فلم يكن مثلها في البلاد هي قلعة بعلبك لأنها ترجع إلى بني ثمود وليس للرومان كما يقولون حيث ذكرت في القرآن الكريم “إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ”.
ثامناً: وقد أرسل الله تعالى إليهم صالحاً وهو إبن ثمانية عشرة عاماً يدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى ورفض عبادة الأصنام وقد ذكرهم الله عز وجل في قرآنه الكريم وفي سورة الإعراف “وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”.
تاسعاً: وقوم ثمود سابقاً كانوا يسمون بأصحاب الحجر حيث بنوا بيوتهم من الطين المتحجر وقد عثرت خلال هذا البحث على مغاور وتلك المغاور مُليّسة بالطين المتحجر وكذلك يوجد آبار ومعابد قديمة العهد جميعها مطلية بالطين الحجري لذلك سُمّوا أصحاب الحجر وذكرهم القرآن الكريم في سورة ” وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ” وقيل أيضاً أصحاب (الحجر) أصحاب العين التي كانت تشرب منها ناقة نبي الله صالح(ع) .
عاشراً: أما الرهط الذي ذكرهم القرآن الكريم فهم تسعة وأتت أسماؤهم كالتالي:
وكان فيهم رجل يدعى “قدار بن سالف” وأما الثمانية الباقون كانت أسماؤهم: صُداق- وإسلم- ومصدع- وقبل- ودهمي- ودهيم- ودعمي- ودعيم.
الحادي عشر: عندما كان نبي الله صالح(ع) غائباً عن بلدته، خرج التسعة جميعاً ورصدوا الناقة فكمن قدار وراء صخرة على طريقها وكذلك كمن مصدع وراء صخرة أخرى ولما عادت الناقة من شرب الماء مرت من مكمن مصدع فرماها بسهمٍ أصاب ساقها وثبت فيه.
 

من هم قوم صالح؟

يقول السيد  لؤي نور الدين إمام بلدة جويا:
قوم صالح هم ثمود، وثمود أتوا من بعد عاد، والمكان الجغرافي يحدده البعض ما بين المدينة والشام.
لهؤلاء القوم كما في الآيات الكريمة خصوصيات طغت عليهم كما قال المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز:
بسم الله الرحمان الرحيم  «وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ»(سورة هود، الآية: 61)، الآية الكريمة واضحة، المولى تبارك وتعالى يشير إلى ما تقدم ذكره من قوم صالح وما هم عليه من قوة حيث أظهر الله تبارك وتعالى النعمة التي يعيشون فيها ويفتخرون بها من استعمار الأرض.
إنّ قول قوم صالح(ع) الذي ذكره المولى تبارك وتعالى في القرآن الكريم عندما قال له قومه بسم الله الرحمان الرحيم «قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ»(سورة هود، الآية: 62)، بعد أن وجّه إليهم الدعوة بعبادة الله الواحد الأحد استفزّت هذه الدعوة المستكبرين من قوم صالح إلا أنّ القوة التي منحوا والتي عاشوا بها من استعمارٍ للأرض لم تكن كافية لغض نبي الله صالح عن دعوته وهم يعلمون أنّ لصالح مكانة عظيمة وكما في بعض الروايات أنه كان من بيت وجيه من بيوتات قومه، وقد ظهر منه الرشاد والقوة، بحيث لم يستطع القوم أن يتجاوزوا صالح فقط بتسفيه صالح -والعياذ بالله- بما أتى به من الدعوة فأرادوا أو انتقلوا إلى مرحلة ثانية من المواجهة معه  بإثارة الشك في وجهه.
فاجتمعوا وتوافقوا على أن يأتي نبي الله صالح ويسأل أصنامهم ما شاء وينظرون إن كانوا يجيبون له أو لا، فقبل منهم هذه الدعوة وذهب إلى معبدهم حيث مجمع الأصنام وأخذ يسأل الأصنام الواحد تلو الآخر عن اسمه فلم يخبره أحد وأختصر القصة فنظر إلى القوم ما لهؤلاء لا يجيبون؟!. سقط ما بأيدي القوم إلا أنّ الاستكبار الذي كان يحيا في قلوبهم يَظهر أنه منعهم من أن يلتفتوا إلى الحق.
هذا الجبل الذي أنتم تعتقدون أنكم تستطيعون أن تحفروا به بيوتاً وجعلكم تشعرون بعزة وقوة هذا الجبل وما أنتم عليه هو من عند الله وكونه من عند الله وليس من آلهتكم أُخرج لكم هذه الناقة.
طبعاً بعد أن وصلت الدعوة إلى نهايتها بخروج الناقة وبعد أن عاشت الناقة فيما بينهم مدة زمنيّة إلى أن ائتمروا على هذه الناقة ومع جزيل النعيم الذي ظهر للقوم من هذه الناقة، حيث أنّ الناقة في اليوم الذي كانوا يمتنعون فيه عن الشرب كان تسقي القوم بأجمعهم من حليبها. ائتمر القوم على هذه الناقة بعد أن تحرك المستكبرون في قوم ثمود كما هو معروف في القرآن الكريم أنهم عقروا هذه الناقة وقتلوها فنزل عليهم العذاب فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
الذي أثبته وأبقاه هو النتائج التي حصل عليها الناس من التعاطي مع صاحب هذا المقام وهو أمر مسلّم ليس فقط في بلدتنا بل حتى في القرى المحيطة وما زال إلى الآن تُقدّم النذورات هناك بشكل أو بآخر.
وأنا في الساعات التي أحبّ أن أختلي بها بنفسي أذهب إلى هذا المقام لِما أشعر فيه من راحة نفسيّة وهالة داخل هذا المقام.
مقام النبي صالح(ع) هو محط اهتمام لبلدة جويا والبلدات المجاورة فرغم تعدد الأقوال حول هويّة صاحبه إلا أنه ملجأ للكثيرين من طالبي الحوائج من الله تعالى.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى