الشيخ نور الدين البريفكاني القادري الحسيني
الشيخ نور الدين البريفكاني القادري الحسيني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد :
في الآثار أنه عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة، وذكر الصالحين وسيرهم في منفعة للنفس حيث تتأثر بأحوالهم وتطمح أن ترقى لمقاماتهم . وتعرج إلى منازلهم . وفي ذكر الصالحين وسيرهم كبح للنفس الأمارة بالسوء عن شهواتها وملذاتها . وذكر الصالحين فيه علاج للعجب والغرور. حيث أن النفس تصاب بهذين المرضين عند كثرة العبادة وشدة الالتزام . فلما يمر عليها ذكر الصالحين وأحوالهم . فإن النفس تصغر وتتضاءل بأحوالهم حيث تصغر بعين صاحبها . عندما ترى العجب العجاب من أحوالهم . وترى العظيم من عبادتهم . فيغلق دونها كل باب للعجب والغرور . وتسعى جاهدة للحاق بركبهم . وللسير في صحبتهم . لذا كان لابد لكل سالك أن يجعل لنفسه ورداً من قراءة سير الصالحين والعارفين بالله
ومن الصالحين الذين تسر النفس بسيرتهم وتطرب الأسماع لذكرهم هو احد كبار شيوخ الطريقة القادرية العلية . الذين جددوها . ونشروها . وبينوا أصولها وقواعدها . وخصالها وهو سيدي العارف بالله الشيخ نور الدين البريفكاني القادري الحسيني . الذي يلقب بالجيلاني الثاني والقطب الرباني . وهو من مشايخ الطريقة القادرية في العراق . من قضاء الموصل وكان رضي الله عنه من كبار الأولياء والعارفين وله آثار كثيرة جداً ومؤلفات كبيرة من أشهرها ( شرح الحكم العطائية ) المسمى بـتلخيص الحكم وهذا الكتاب من الكتب العظيمة بل هو من أفضل ما ألف في شرح الحكم والعجيب أن شرح الحكم يحتاج إلى الشرح حيث قام رضي الله عنه وأرضاه بشرح الحكم بأبيات من الشعر . وهو شعر عظيم . وكان الشيخ رضي الله عنه له ديوان بالعربية وديوان بالفارسية وديوان بالكردية وكل أشعاره حكم ومواعظ . والشيخ رضي الله عنه من مشايخ طريقتنا القادرية وكثيراً ما ننقل عنه ونذكره وقد تسائل الكثير عن هذا الشيخ الكبير يريدون أن يتعرفوا عليه . فرحت أسعى جاهداً بالبحث في كل مكان وفي المكاتب عن شيء يتعلق بالشيخ رضي الله عنه حتى أكرمني الله تعالى بالعثور على هذا الكتاب العظيم ( شرح الحكم ) ووجدت في مقدمته ترجمة للشيخ رضي الله عنه وهي ترجمة مختصرة ولكن فيها الخير والبركة . وقد حدثني أحد الأخوة الموثوقون أنه يوجد أكثر من خمس وثلاثون مؤلف للشيخ نور الدين في مكتبة في بريطانية أخذت في أيام الاحتلال البريطاني للعراق وهي مؤلفات عظيمة النفع عن التصوف والفلسفة الإسلامية والبعض منها التي بقيت في العراق قام بعض المتطرفين المتشددين من أدعياء السلفية بجمعها وشراءها ثم حرقها لكي لا يطلع عليها احد فإنا لله وإليه راجعون . وسنشرع إن شاء الله تعالى بذكر ما عثرنا ووفقنا له من ترجمة الشيخ نور الدين البريفكاني القادري الحسيني رضي الله عنه ونفعنا ببركته وأمدنا بمدده
نسب الشيخ رضي الله عنه
هو العلامة الملهم ، المدافع عن حقوق الكادحين ، وحامي مصالح الفقراء والمساكين السالك الناسك الزاهد في الدنيا والمحب للعقبى المتوجه إلى ربه تعالى بجميع مقاصده السيد الحبيب والطالب النجيب والعالم النسيب الشيخ العارف الكبير سيدي وقرة عيني السيد الشيخ نور الدين بن السيد الشيخ عبد الجبار بن السيد نوري بن السيد أبي بكر بن السيد زين العابدين بن السيد الشيخ شمدين (المشهور بكونه قطب وقته وشمدين بلغة الكرد بمعنى شمس الدين ) بن السيد الشيخ عبد الرحمن بن السيد الشيخ شمس الدين بن السيد الشيخ عبد الكريم بن السيد الشيخ موسى بن السيد الشيخ سليمان بن السيد الشيخ عبد الغني بن السيد الشيخ إسحاق بن السيد بابا منصور قدس سره بن السيد حسين الأخلاطي الحسيني الذي توفى سنة 926هـ بن السيد الشيخ على الموحد بن السيد الشيخ حاجي نظام الدين بن السيد الشيخ أحمد بن السيد الشيخ زين العابدين على المشهور بزورداني الخراساني قدس سره وهو خلف الملا محمد الجهلتناتناني والشيخ الخراساني المذكور أخذ الطريقة من الشيخ زين الدين الخوافي. إلى هنا توقف هذا ما تم العثور عليه من النسب الشريف . هذا الذي ذكر في مقدمة كتاب تلخيص الحكم بتحقيق محمد احمد مصطفى الكزني . طبعة الناشر العربي – القاهرة ونسب الشيخ ثابت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا مازلت أبحث عن تكملة نسب الشيخ ويساعدني الأخوة في ذلك والحمد لله اخبرني احد الإخوة وهو ابن شيخنا الشيخ محمد القادري وهو السيد محمد آية الله القادري انه تم العثور على نسب الشيخ الكامل ولما يأتني بعد وعندما يصل إن شاء الله تعالى سنلحقه بهذا النسب الشريف. ونحن وإن لم نعثر على النسب فهو مؤخر عن العمل والاستقامة فالشيخ ترك تراثاً عظيماً وعاش داعياً إلى الله مرشدا ومعلما وهذا هو النسب الحقيقي التقوى .
وقد وردت أقوال كثيرة عن الشيخ يثبت بأنه حسيني النسب . فقد ورد عنه في البدور الجلية الباب الثالث يقول : فأنا الحقير ( حاشاه) السيد نور الدين ابن السيد عبد الجبار البريفكاني أصلاً ومولداً والأيتوني مسكناً والحسيني سلالة ، ومنها قوله :
تَسَلَلَ بالعرفان منه عبوديتي —— فيجمعني في الله من أصلي الصلب
وقد جاء في نص إجازته من شيخه العارف الكبير الشيخ محمود الجليلي الموصلي القادري ما يلي : قد لقنت الذكر الشريف وألبست الخرقة المباركة لأخي وقرة عيني السالك الناسك الزاهد في الدنيا والمحب للعقبى المتوجه إلى ربه تعالى بجميع مقاصده السيد الحبيب والطالب النجيب والعالم النسيب الشيخ نور الدين بن الشيخ الأجل السيد عبد الجبار الحسيني ، انتهى : يتبين من كلام الشيخ أن الشيخ نور الدين كان منسوباً وكان حسينياً ومعروف بهذا عند كل من يعرفه . وإنشاء الله تعالى قريباً نحصل على تتمة النسب الشريف . فرضي الله عنه وأرضاه وأمدنا بمدده وأفاض علينا من بركته والحمد لله رب العالمين
ولادته :
ولد الشيخ قدس الله سره في قرية بريفكان وهي قرية جميلة كثيرة الأشجار لذيذة الثمار وفيها عيون تجري ماؤها عذب وجوها طيب الهواء وعذبة الماء تغني عن المبردات في فصل الصيف وهي تشبه الجنة في كثرة تنوع ثمارها تحيط بها سلاسل من الجبال من الشرق جبل بانك ومن الشمال الشرقي جبل ناومسك وجبل دبستي ومن الجنوب جبل دودرمش ومن الشمال جبل كرمافوك حيث هناك مغارة اتخذها الشيخ للخلوة والمجاهدة وعين ماء اسمها كرمافوك فسمي الجبل باسم تلك العين . وهذه الأسماء كلها كردية حيث تقع قرية بريفكان في كردستان العراق في الشمال العراقي شمال شرق الموصل وتبعد عن الموصل 44 كيلو متر.
أما تاريخ ولادة الشيخ رضي الله عنه فقد اختلف فيه فذكر . فذكر أنور الماني في كتابه الأكراد في بهدينان ص 83 انه ولد سنة 1205 للهجرة وقال صديق الدملوجي في كتابه أمارة بهدينان ص 63 أنه ولد سنة 1200 . ويقول الشيخ حسن الحبار الدركزلي . وأرجح الأقوال هو ما جاء في هامش كتاب فيض الجمال حيث جاء في الهامش المذكور نقلاً عن خط الشيخ نور الدين نفسه في آخر قصيدته المسماة بنظم الدرر لأسماء النبي المفتخر حيث يقول (( قد فرغ ناظم هذه القصيدة المسماة بنظم الدرر لأسماء النبي المفتخر نور الدين بن السيد عبد الجبار البرفكي بعد صلاة العصر يوم الاثنين في نصف ربيع الآخر سنة أحدى وثلاثين ومائتين وألف من الهجرة النبوية في مسجد قرية أيتوت في مدة إقامتي فيها، وعمري في مقدار ثلاث أو أربع وعشرون سنة ، فإذا كان الشيخ عمره أربع وعشرون سنة في عام 1231 تكون ولادته في سنة 1207 وإذا كان عمره 23 سنة آنذاك تكون ولادته عام 1208 فبناء على هذا التاريخ الذي هو أولى بالقبول لأنه يستند إلى خط الشيخ وهو أعرف الناس بتاريخ ولادته يكون تاريخ ولادته عام 1207 أو 1208 . هذا والله جل وعلا أعلم
نشأته:
كان والده السيدج عبد الجبار البريفكاني رجلا تقيا ورعا فاضلا ورث المعلم و المشيخة من أبيه كابرا مهن كابر كما يقول العلامة الكردي الشهير البيتوشي : ذو نسب كالعلم المنصوب و الرمح انبوبا على انبوب قام السيد عبد الجبار بتربية ولده البيب تربية صالحة و عندما وصل إلى سن الدراسة درسه القرآن الكريبم و بعض الكتب المعتادة في قرية بريفكان ثم غادر القرية متجها إلى الموصل فدرس هناك على عدة علماء منهم العلامة الفاضل أبو بكر عبد الرحمن الدباغ ثم لحق بمدرسة العلامة الفاضل فريد الدهر أبي عبد الله يحيى بن خالد المزوري و درس على غيرهما من العلماء كما أنه عندما كان في الموصل طالب علم كان ذا حظ وافر من الفهم و الذكاء و كان محدا في تخصيب العلوم المتداولة فيما بين العلماء أنذ1اك وكان عفيفا نزيها كريم النفس متمسكا في حقوق الله و الإقبال عليها و مراعيا لحقوق المشايخ الكرام و كان يحضر مجلس العلامة العارف حسن الخبيطي و الشيخ العلامة العارف سليمان الكردي الرويني ساكن الموصلبمل أدجب واحترام
شيوخه :
فقد ذكرنا شيوخه بالعلم فيما سبق أما شيوخه في الطريقة الصوفية فإنه أخذ كلا من الطريقة النقش بندية و القادرية وكان انتسابه إلى الطريقة اللنقشبندية مبكرا جدا حيث كان في حدثة سته حينما كان يبلغ من العمر حوالي عشرين سنة تقريبا و كان حينئذ طالب علم في الموصل حيث أخذ طريقة من الشيخ عبد الوهاب إبن علي الكردي العمادي العقراوي السوسي وهو أخذ نت مولانا خالد الكردي الشهير ضياء الدين السليماني النقشبندي لكنه بعد مدة وقع بينه و بين الشيخ عبد الوهاب و خشة و منافرة لذلك ترك الطريقة النقشبندية و هاجو الشيخ عبد الوهاب في بعض مقالاته ولكنه بعد ذلك أخذ الطريقة النقشبندية مرة أخرى من الشيخ نور محمد الهندى و مده سادة الطريقة النقشبندية بقصيدة بلغية و أخذ الطريقة القادرية من الشيخ محمود بن الشيخ عبد الجليل الموصلي و أحذ من الشيخ أبى بكر الألوسي و أخذ الإذن للإرشاد و تربية المريدين للطريقة القادرية من الشيخ محمود سنة 1232هـ ـ و قد وحدت النسخة الأصلية للإجازة التي أعطاها الشيخ محمود للشيخ نور الدين و عليها ختمه لدى فضيلة الاستاذ الشيخ عبد الحميد الأتروشى قاضي بغداد الأول سابقا حفظه الله و أخذت عليها الصورة الفوتوغرافية وهي تتكون من ثماني صفحات و موجودة في ص (17ــ 24) ثم سافر إلى بغداد و زار ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني ــ قدس سره ــ و أخذ الطريقة القادرية مرة أخرى من رجل إسمه الشيخ عبد القادر على مرقد جده الشيخ عبد القادر الكيلاني وهذه السلسلة متصلة بإبنه الشيخ عبد الرازق كما أخذ الطريقة القادرية مرة أحرى يسلسلة متصلة بإبنه الشيخ عبد الوهاب صرح بذلك الشيخ نور الدين نفسه في شرحه على قصيدته المسماة بالحقائق عند قوله من يبغ الطرق القيمة يسلك في الدين المتضح ومدح سادة الطريقة القادرية بقصائد رائعة بالإضافة إلى أنه أخذ الطريقة الخلوتية من والده الشيخ عبد الجبار حيث كان أجداده من شيوخ تلك الطريقة و مدحهم أيضا بقصيدة بديعة .
مسكنه :
لقد سكن الشيخ ــ قدس سره ــ و نشر علومه و اتخذ الزاوية و بعد رجوعه من تحصيل العلم و الحقيقة من قرية أيتوبت و بقي فيها إلى ما بعد سنة 1239 ثم انتقل إلى قرية أتروش وبقي فيها مدة ثم انتقل إلى قرية براش و بقي فيها مدة ثم رجع إلى قرية بريفكان مسقط رأسه وعي القرية التي سكنها جده الكبير الشيخ شمس الدين القطب و بقي هناك إلى أن توفاه الله سنة 1268 هـ و هذه القرة الأربعة متقاربة تقريبا .
أولاده :
لم يعرف من أولاد الشيخ نور الدين ــ قدس سره ــ إلا ثلاث بنات و ذلك لأنه لم يكن له أولاد إلا تلك البنات أو أنهم ماتوا صغار .
أما البنات الثلاثة فهن :
1ــ صافية خاتم : و هي كانت عفيفة نزيهة قرأت القرآن على والدها و تعلمت منه واجبات الدين و سلوك الطريق و الزهد و القناعة وهي تعتبر من النساء الفاضلات الخالدات و كان الشيخ يكنى بأبي صافية بقيت في خدمة والدها ولم تتزوج إلى أن توفيت و دفنت في غرفة مع الشيخ علي الكلي رماني في تكية بريفكان .
2ــ فاطمة خاتم : و هي نزيهة قرأت القرآن على والدها و زوجها الشيخ من خليفته المحترم الشيخ عبد الحميد خان الأتروشى و هي جدة السادة الأتروشيين .
3ــ ببروز خاتم : و هي كانت عفيفة نزيهة قرأت القرآن على والدها ثم زوجها من خليفته و ابن أخيه الشيخ محمد نور بن الشيخ عبد الله و هي جدة السادة البريفكانيين .
علمه :
فهو معمر أماكن الطاعة المتخذ زوايا المساجد من خير البضاعة صاحب الرياضيات النفسية و العبادات الراقية الرئيسية تشرق من طلعته شموس و ترتاح بمجالسته النفوس فيده في الصلاح قد اشتد زندها وقد خدمه المجد و لم ير مثله الدهر فكم مفيد أملى وكم فاه أحلى باذاقته طعم الحقيقة حتى أقر له الدهر بأنه الفريد في العصر وصار مقتدى السادة الصوفية و إمام تلك الزمرة الصفية .
و كان ــ قدس سره ــ البحر الزاخر و الغمام الهاطل ربيع العلوم و الحكمة وصاحب المجد و المكرم روض الإفادة للطلاب و غصن ساحة الكمال أحيا أموات العلوم و عمر ديوان المنثور و المنظوم و نشر لواء فضله و بسط مائدة علومه العقلية و النقلية و جال في ميدان التدريس فقد درس الكتب القيمة مثل : المطول , و جمع الجوامع , و تفسير القاضي البيضاوي ,و تحفة المحتاج , و شرح الروض لقاضي زكريا , و شرح بهجة الوردية , وشرح النور الزيادي المحرر , و الوضوح على المحرر و الأنوار وحواشي الكردي وغيرها من الكتب المتداولة بين العلماء في وقته وقد صرح بتدريسه لهذه الكتب و غيرها الشيخ حسن الدركزلي عند شرحه لقول الشيخ قدس سره :
و نشــــــأتي الحـــــسنى تشــــــاهد بالغــــــــــــنى قتوتي الكبـــــرى تعـــــــاهدها الـــــــــكتب
و هذا ليس بغريب من الشيخ قدس سره فقد درس بدوره على أكبار علماء العصر و لازم حلقة تدريس نوابغ زمانه مثل العلامة الشهير أبي بكر عبد الرحمن الدباغ الموصلي و العلامة العارف الشيخ سليمان الزدى البيروتي ساكن الموصل و العلامة العارف الشيخ حسن الحبيطي وعلامة العصر و فريد الدهر فارس ميدان المعقول و المنقول و أستاذ الكل في الكل أبي عبد الله يحيى بن خالد المزوري غير أن الذي يدعو إلى الأسف أنني لم أعثر على الإجازة العلمية التي أجيز بها الشيخ من قبل أستاذه ولا الإجازات التي منحها الشيخ لتلاميذه و من المعتقد أن الشيخ أخذ الإجازة من شيوخه و منحها لتلاميذه غير أن ما جرى على مكتبة بريفكان من الخرق و التخريب جراء منحة الشعب الكردي وابتلائه بالحروب و تعرضه للمهاجمات العدوانية ضيع ما في المكتبة من الكتب القيمة و الغالية النفيسة .
سخاءه وكرمه :
لقد اشتهر قدس سره بكثرة إطعام الطعام للضيوف وإهدائه لأهل الأماكن البعيدة لتأليف قلوب من يهدي إليهم لمصلحة دينه أو دنيويه مع قلة ماله وعدم تمكنه من الكسب لانشغاله بالعبادة و كان مضيفه مفتوحا للواردين دائما و لم يأب من ضيافة أحد في هال الرخاء و الشدة و العسر و اليسر و يذكر كل من الشيخ خسن الحبار و الشيخ محمد النوري في وصف ضيوفه و كثرة عددهم إن عدد ضيوفه لم يكن أقل من عشرة أشخاص يوميا بل كان يزيد أحيانا على المائتين و قد يصل عددهم إلى الألف نفر و يمد الكل بروحه و يأكلون و يشربون من عنده و كان عنده ناس يقومون بخدمة الضيوف بعضهم وظيفتهم الإتيان بالخشب من الجبل ناس يأتون بالراوية من عيون الماء و تاس يخبزون وناس يطبخون و ناس يقدمون الطعام للضيوف و يتفقدونهم صباحا و مساء و ليلا بالسحور فيصلون الطعام لمن يريد صياما داويا أو دهريا أو صيام الخميس أو الإثنين و يقدمون للضيوف الفاكهة من عنب أو غيره عند موسم الفواكه بعد العشاء خصوصا من يريد صياما . و يقول فضيلة الشيخ محمد نورى عند شرخه لقول الشيخ:
عبدتــــــك حتى الكـــــــون أصـــــــبح طــــــــائعي
فرزقــــــــــــى علــــــــــى كـــــــــــل العبـــاد عطايــــة
قال : الرزق على نوعين : رزق محسوس : و هو يتغذى به الأبدان و الأجساد من الطعام الشراب ورزق معنوي وهو ما تتغذى به الأرواح من الإمدادات و الفيويضات و التجليات وكلا النوعين موجود عند الشيخ رضي الله عنه فمن الرزق المحسوس أن كل يوم يأكل عنده في زاويته مائات الناس و قد يصل في بعض الأيام إلى الألف فيطعمهم من غير تكليف كما أنه قدس سره حصنا منيعا لأبناء شعبه و أبا رءوفا رحيما لفقراء أمته فإنه كان سخيا بجاهه كما كان سخيا بماله لذلك كان يتوجه إليه تبركا به و بعض آخر يتوجه إليه لفقره و عوزه رجاء أن يعطيه ما يسد به حاجته من المال و البعض يتوجه إليه هربا من جور الحكام رجاء شفاعته لهم و البعض يتوجه إليه خوفا من عدو قوي رجاء توسط الشيخ له و حمايته إياه و بعض الناس يتوجه إليه لمجرد سؤال شرعي و بعض الناس يتوجه إليه هربا من الدائن لعل الشيخ يساعده على إيفاء الدين و بعض الناس يتوجه إليه طلبا للاستشفاء بدعائه أو لأخذ العهد و المبايعة في سلوك الطريق و كان قدس سره يكرم الكل ويبذل قصارى جهده في قضاء حوائج الكل و هو الذي يقول :
فــــــــوقرت ضـــــــيفى مذ وضـــــــعت سريـــــــرى
الـــــــذي ســـــجدا خـــــــروا و أيـــــــقن يعقــــــــوب
و خلاصة الكلام في هذا المقام : إن الشيخ بلغ في الكرم سنتاه و في السخاء أقصاه فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر و ينفق إنفاق من ملك خزائن الأرض و الدنيا حتى قيل عنه : أنه يعرف الأسماء الحسنى و يملك خزائن سر( بسم الله ) و مع سخائه فإنه كان لا يمن على أحد و لا يفاخر فردا بل يعتبر من الله والى الله المال الموجود لا بد من صرفه للضيوف و الفقراء الذين هم عيال الله المهبود ومع هذا السخاء و المصروف فإنه يمتنع من أخذ الصلة من و الأغنياء و الحكام باسمه أو باسم التكية و المقام تعففا و خوفا من الوقوع في مصيدتهم و اتكال على الله بل كان إنفاقه من أصل ماله و ما يجود به الفقراء الصالحون من أتباعه و مريديه فهو كما قال القائلون :
ونكرم ضيفنا مادام فينا ونتبعه الكرامة حيث مالا
فتى كملت خيراته غير أنه جواد فما يبقى من المال باقيا
أبى الجواد في الدنيا سواك لأنه تفرع من جود و أنت أبو الجود
وكما قال الشاعر :
لو أشبهتك بحار الأرض في كرم = لأصبح الدر مطروحا على الطرق
أو أشبه الغيث جودا منك منهملا = لم ينج في الأرض مخلوق من الغرق
وكما قال الشاعر أبضا :
من قاس جدواك بالغمام = فما أنصف بالحكم بين شكلين
أنت إذا جدت ضاحكا أبد = وهو إذا جاد دامع العين
وكان الشيخ مع جوده وبذل ماله وكرمه المفرط و نواله كان قليل الأكل بعيدا هن البذخ كثير الصبر على الجوع قانعا بخشن المأكول تكفيه لقيمات قليلة من الأكل حيث كان ممن أكرم بإقامة بنيته بالاقتصار على اللقمة الواحدة أو الاثنتين أو الثلاثة في أكثر الأوقات و بقي عليها مدة طويلة كاليوم و اليومين و الثلاثة و الأكثر .
تواضعه :
لقد كان الشيخ نور الدين قدس سره متواضعا سمحا لينا حيث يرى نفسه متواضعا و يرى الناس بعين التعظيم لذلك كان يجلس حيث ينتهي به المكان و لم يكن يضايق الناس على الجلوس في صدر المجلس حتى كان في بعض الأحيان يقدم مريديه و أتباعه على نفسه فقد ذكر الشيخ محمد النوري الذي هو وأحد مريدي الشيخ فقال : كنت آتي لخدمته بعض المرات و هو بزاويته جالس على سجادته يعظ الناس فحين يراني يقوم لي وينزل عن السجادة ويجلسني عليها ويجلس هو على الحصير مع جلالته ورفعة قدره فكنت أمتنع من ذلك فيعزم على و يأبى إلا ذلك فأكاد أن أذوب حياء و خجلا منه رضي الله عنه و ربما أعدم عليه من الموصل لأجل الزيارة فينزل من الزاوية مع جملة من المريدين و يتلقاني في مسافة ميل و مذلك إذا رجعت من الزيلرة يمشي معي بهذه المسافة و ما ذلك إلا لتواضعه هو لا لاستحقاقي لهذه المعاملة و قال قدس سره :
فجعلت أجلس دون صدر المجلس ورفعت قدر الناس من جلسائي .
و قال الشيخ محمد النوري أيضا : إن الشيخ نور الدين تفوق على شيخه الشيخ محمود الجيلي و صار أعلى مقام وأرفع مرتبة منه بكثير بالاتفاق و مع هذا كان كثير التأدب معه و يتواضع له و يحترمه في حياته و بعد وفاته .
و كان متواضع و متسامح حتى مع أولئك الذين يأتون لإيذائه فقد ذكر الشيخ حسن الحبار : أن يزيدا أتى إلى تكية الشيخ ليجد فرصة و يقتل الشيخ فستر عليه الشيخ و أحسن إليه أربعة أيام حتى رجع لم ينل منه نيلا سواء و هو عالم بها أضمره في حقه من الشر وقادر عليه بأي وجه شاء من الوجوه القدرة عليه ولم يخبر عليه إلا بعد ذهابه من عنده وتعجب الناس من ستره وصبره .
و يقول الشيخ محمد النوري : كان في جملة إطاعة الناس لحضرة هذا الشيخ رضي الله عنه و محبتهم له ما شاهدته و رأيته بعيني ( كان إذا خلع نعله تسارعوا إليه و قبلوه و وضعوه على رؤوسهم تبركا بنعله الشريف و يعدوه أعظم مغنم و يرجون بذلك أجزل ثواب ) …. و مع ذلك كان رضي الله عنه يتواضع للكبير والصغير و الغني والفقير ولم يعد نفسه من الأكابر بل يرى نفسه أضعف من كل ضعيف و كان مع تواضعه عظيما حيث لم يخرج من منطقته ولم يطف بالبلاد ليلتقي بالأمراء والحكام ليظهر لهم علمه وفضله كما يفعله بعض المتصوفة لأجل الشهرة وجمع المال .
فلم يكن طراز ألئك الشيوخ الذين يتوددون إلى الحكام فيتقربون منهم ثم يفرضون أنفسهم على الفقراء قهرا أو أولئك الذين يخدمون الأجانب فيفرضون أنفسهم على شعبهم جبرا بل من أولئك الذين يتوددون إلى الفقراء ويخدمونهم ويحصلون على تأييدهم ثم يفرضون أنفسهم على الحكام و الأمراء بقوة الفقراء .
زهده وقناعته :
كان الشيخ رضي الله عنه ممن طلق الدنيا البتة وركب فرس الزهد وتسلح بمدافع القناعة ورضي من العيش باليسر لنفسه و الكثير لغيره فكان يشبع ضيفه بأنواع الطعام ويشبع نفسه بلذة التعبد والصيام يكتفي بلقيمات تسد رمقه للسحور والإفطار ويصون ماعوجهه من الإنقطار ويبتعد عن الشبهة فضلا عن الحرام ليكون في تجلي مع ربه على الدوام حتى وصل إلى أعلى عليين وصار خليل رب العالمين وهو الذي يقول وقوله صدق :
كل المعالي حظ هذا الســــــالك نور ليل الظــــــــلام الحالك
كشف عظيم في شـــــــهود دائم ملك جسيم في جــوار المالك
كانت له الدنيا وما فيها وما بالى بذي الجيف القبيح الهــــالك
كــــــفرت بها ناس وناس آمنت تبا لقوم آمنوا بمهــــــــــالك
كشرت لدي بثغرها فنهــــــرها زاهد فقلت تباعدي بجـمالك
كوعي بسلسلة المليك معلــــــق فيجرني عن ساحــر كمثالك
كيسي مليء بالقنــــــــاعة ليس للنــــوري ثمة حاجة بمنالك
و يقول قدس سره :
هذا مقام نلته بالشــــــــــــكر وهو بقية الأقطــــــــــــاب البدلاء
فجعلت حظي في الزهادة و الصفا والبذل فهي مراتب الخلصاء
ذكر الصباح وتحرري من عائقي ورد المساء مذلة الفقــــــراء
ترك الأكابر من بني الدنيا التزمت فصار طبعي نفرة الكبــــراء
وسخوت بالموجود مؤثر عائــــــل ونحوت فيه أسوة الكرمــــاء
وروى خليفة الشيخ محمد نوري القادري خطيب الجامع الكبير في الموصل : أن الوزير الأعظم علي باشا وزير بغداد حين جاء إلى الموصل اشتاق إلى رؤية الشيخ رضي الله عنه فأرسل إليه بعض الأكابر يلتمس منه ذلك ويخبره أن يرسم له خمسة عشر قرية من قرى الجبل طعامية للتكية النورية بعد المواجهة معه فأبى ذلك ولم يقبلها ولم يواجهه وقال : أنا لا أواجه ظالما بسبب عرض من الدنيا رضي الله تعالى عنه و أرضاه .
شيوخه و آدابه ومريدوه :
إن الشيخ قدس سره بعد أن وصل إلى سن التعلم بدأ بدراسة القرآن الكريم كما هو المعتاد في أسلوب الدراسة الدينية في كردستان ودرس الكتب الصغار في قريته ثم ارتحل في طلب العلم إلى العمادية و الموصل وغيرها من المدن العلمية حتى أتم دراسته على كبار علماء عصره وفي سن التحصيل اتصل بالشيخ عبد الوهاب السوسي العقراوي وأخذ الطريقة النقشبندية في حوالي سنة 1220 هـ ثم ترك السيخ عبد الوهاب و فارقه لأسباب سوف نذكرها بعون الله و بعد ذلك أخذ الطريقة القادرية عن الشيخ محمود بن الشيخ عبد الجليل الخدري الكردي الموصلي سنة 1230 و أخذ منه الإجازة لنشر الطريقة القادرية كخليفة عنه سنة 1232هـ وقد نشرنا أصل الإجازة بخط الشيخ محمود نفسه بهذا الكتاب ومدح شيوخ سلسلة الطريقة القادرية بعدة قصائد رائعة بالغات الثلاث : العربية والكردية والفارسية .
ثم أخذ كلا من الطريقة القادرية و الطريقة النقش بندية مرة أخرى على يد الشيخ نور محمد الهندي اللاهوري و مدح شيوخ سلسلة الطريقة النقش بندية بقصائد بلغية .
و أيضا أخذ الطريقة بسلاسل أخرى عند عدة شيوخ غير هؤلاء و كذلك أخذ الطريقة الخلواتية عن والده الشيخ هبد الجبار البريفكاني لأن الطريقة الخلواتية انتشرت في تلك البقعة على يد جدهم شمس الدين القطب .
وبعد الرجوع من الدراسة أخذ ينشر العلم و الطريقة معا و كان دائبا على نشرهما عدا المدة التي يسميها هو بالفترة حيث ترك فيها معاشرة الناس ولاذ بالفرار إلى الجبال والكهوف وبقي فيها حوالي عشر سنوات بعيدا عن الناس يفر من أبيه وأخيه وفصيلته التي تؤويه و من في الأرض جميعا حتى أفاض عليه ربه بنعمة الرضوان وأغلق عليه من الواردات و المقامات ما جعلته منبع العلم و العرفان فخرج من الكهف بعد أن صفي وتهذب وزوال معاشرة الناس وأظهر ولايته وتصدر لإرشاد الناس وتربية المريدين فأقبل عليه الناس من كل صوب وحدب ونشر الطريقة القادرية في معظم مناطق كردستان قال الشيخ حسن الحبار في شرحه على حياتية الناظم : فانه قد نشا في العلم والعمل و الدعوة فيهما و ترويجهما في الناس في أول القرن الثالث عشر الهجري مع وجود المجددين فيه وزيادة وكان جملة من انتفع بعلومه وإرشاده قبل وفاته بنحو بثلاث سنين تقريبا من الإنس فقط سبعمائة ألف نفر . وله من الخلفاء جم غفير أكثرهم كانوا علماء في العلوم المعقولة و المنقولة منتشرون في آفاق الدنيا والبلاد وأكثرهم أهل كشف وأهل أهوال ودعوة وإرشاد واستمساك بالسنة النبوية الشريفة .
وقال أيضا : وإذا علمت هذا كله علمت مقام الناظم الشيخ على الإجمال لأن مقامه لا يعلمه على التفصيل إلا الله تعالى ومن يكرمه ربه فهو من خواص الأفراد وقطب من خواص أكابر الأقطاب بلا شك ( وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم ) والحمد لله ذو الفضل العظيم
وقال أيضا :
وأما بيان حال مقامه وحاله وخلقه فأقول بطريق الإجمال لأني لم يكن معي إذن في بيانها تفصيلا : إن حاله : الجلوات في الحضرات و الخلوات والجلال الصرف تارة والجمال الصرف أخرى والجلال الممزوج بالجمال الصرف مرة الجمال الممزوج بنوع جلال أخرى وكل ذلك بمقتضى الحوادث السائية والأرضية . وخلقه الكتاب المجيد والسنة النبوية الشريفة .
ومقامه : الإستقامة على اتباعهما والعمل بهما وحمل الناس على التمسك بهما ولم ؟أر أحد من المشايخ المذكورة في الكتب على وفق أخلاقه ومقامه إلا الشيخ السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه فمن أحب الإطلاع على أخلاف الناظم الشيخ تفصيلا فعليه بمراجعة كتاب جلاء الصدى في مناقب إمام الهدى فإنه جامع لأكثر أخلاق الشيخ السيد أحمد الرفاعي التي هي عين أخلاق الناظم فإنه فرد من أكابر أفراد زمانه كما لا يخفى على من أكرم بالفراسة والكشف وقد أكرم بكثرة المريدين والسالكين على يده كثرة خارقة للعادة و يزيد عددها على سبعمائة ألف جدا وقد صرح هو بالسبعمائة ألف سنة أربع وستين بعد المائتين والألف تحديثا بنعمة الله يسبب داع عظيم دعاه إلى ذلك وفتح الله على خلق كثير على يديه وخلف منهم أناس كثيرون متفرقون في البلاد لنفع العباد ولكنه مستور المقام الخاص الذي بينه وبين الله تعالى بكثرت استعماله كتب الشرعية الظاهرة وتعاطيها كالفقه والحديث و التفسير وكتب التصوف وغيرها و شأنه الترقي في حال إلى حال ومقام إلى مقام في المعاني والمكارم نفعنا الله به في الدارين آمين والحاصل أنه فرد من خواص الأفراد الذين قال فيهم رسول الله (ص) : (سيروا فقد سبق المفردون ) وأن مقام الفردية مقام عزيز من أعز مقامات أكابر الخواص وقال الشيخ نوري الموصلي مدرس و خطيب جامع الكبير حينئذ والذي كان أحد خلفاء الشيخ : فهذا الشيخ هو من أكابر الأولياء بل هو قطب وقته ولا يعرف حقيقته إلا آحاد أفراد من الناس بل غالب أصحابه ومريديه لا يعرفون كنهه بل يعتقدون فيه مجرد ولايته وفقط ويقول أيضا فقد بلغ من مريديه جم غفير مرتبة الولاية الكبرى فضلا عن الصغرى .
ويقول الشيخ إسلام الشويشي : وكان الشيخ يقول قدس سره في حكاية عن أبي يزيد البسطامي قدس سره كان له بيت يتعبد فيه اسمه بيت الأبرار فلما مات أبو يزيد بقي البيت محفوظا محترما لا يفعل فيه الا ما يليق بالمساجد فاتفق أنه جاء رجل فبات فيه وكان جنبا فاحترقت عليه ثيابه من غير نار معهودة ففر من البيت فما كان يدخل أحد فيفعل فيه ما لا يليق الا رأى آية فيبقى أثرها مثل هذا الشخص مثل هذا الفقير يقصد نفسه بعد موته فيفعل مثلما كان يفعل في حياته سواء فإذا مات الفقير أي الشيخ نور الدين فما كان يدخل معبدي أحد فيفعل فيه ما لا يليق إلا رأى آية فجربه بعد موتي مرار تجدها بلا خلاف وكان يقول أيضا هذا الفقير يقصد نفسه لا فرق في حقه بين حياته وموته فإنه كان في زمان حياته في الدنيا في صورة الميت حال الموت فجعله الله تعالى حال موته كمن في حال حياته جزاء وفاقا وكان يقول أيضا رأيت عجائب لا تحصى في حال عزلتي في جبل مامه سين وعجائب أخرى عند عزلتي في مكان آخر .
بداية إرشاده :
وكان بداية إرشاد الشيخ سنة 1230هـ في قرية أيتوت وبقي في القرية المذكورة إلى ما بعد سنة 1238 حيث ألف كتابه البدور الجلية في هذا التاريخ في القرية المذكورة .
أسلوبه في أخذ العهد على المريدين :
وكان أسلوبه في أخذ العهد على المريد أن يوصيه بالسؤال من العلماء ويحرم ما حرمه الشرع ويحلل ما أحله ويستعمل ما يأمره به قدر المستطاع ويأمره بترك المعصية إن كان ملتبسا بها وبالتحفظ منها ما استطاع وكان يمنح إجازة مكتوبة لبعض المريدين .
يذكر فيها أنواعا من آداب المريد المحمودة وأحكام الشرع و النصائح كما أنه من عادته التباعد عن موجب لإعتراض العلماء تعظيما للشرعية وأهلها وحماية للطريقة من لحوق الشين بها لذلك لم يأتي بالذكر المسمى بالنهجة وهو الذكر بقصبة الرئة والقلب واللسان مع بعض تحريف لكلم الذكر مع التصنع والتزين غالبا في أدائه في حال القيام وتجد في هذا الكتاب نص الرسالة التي بعث بها الشيخ إلى بعض مريديه بعدم الأتيان بهذا النوع من الذكر .
أشهر خلفاء الشيخ نور الدين :
لقد كان للشيخ عدد كبير من الأتباع والمرين بلغ قرابة مليون إنسان ولكن أشهر هؤلاء الذين نذكرهم كما ورد في كتاب فيض الجمال ورقة 100 تأليف الشيخ حسن الحبار .
1ــ خليفته العارف بالله الشيخ عبد الغفور الذي كان من عادته نزوله عن ظهر دابته هند دنوها من صعودها مرتفعا من طريق الجبل رحمة بها وشفقة عليها .
2ــ أبو محمد الشيخ طه بن الملا طيب بن يحيى السليفاني الذي هو العارف الفرد المتخلق بأخلاق الشيخ نور الدين الحافظ للقرآن عن ظهر القلب التالي له حق تلاوته المكثر منه أكثر أوقاته العارف بمعانيه ودقائقه القلم بطب أبدان الناس وطب قلوبهم بإرشاداته وإمداداته المسخر له قلوبهم الفقيه المكاشف المفقود الحظوظ النفسية الذميمة المستعمل لأخلاق الملكية والمطلع على الأسرار اللدنية المقرب المراد .
3ــ الشيخ علي الكلي رماني : هو العارف المكاشف الناشئ في طاعة الله وخدمة الشيخ وارشاد عباد الله في أقطار الأرض في أيام صباه وشبابه والحافظ لكلام الله عن ظهر القلب التالي له حق تلاوته في أكثر أوقاته الفقيه الشريف المقرب المحظوظ في صغره وكبره وهو مدفون في غرفة بتكية الشيخ وقبره معروف هناك يزار .
4ــ العلامة الشيخ عبد الحميد بن الشيخ شمس الدين البريفكاني الأتروشي : هو العارف المكاشف الحافظ للقرآن عن ظهر القلب التالي له حق تلاوته في أكثر أوقاته الكرار الفرار العامل بكتاب الله وسنة رسوله المرشد علما وعملا وحالا و إرشادا واستقامة فهو آخر خلفاء الشيخ وقام بالإرشاد في محله في بريفكان بعد وفاته وزوجه بنته الصالحة فاطمة خانم وخلع عليه خلعة الولاية والخلافة على رؤوس الآشهاد ثم انتقل الشيخ عبد الحميد إلى قرية أتروش وبقي مداوما ومواظبا على التدريس والإرشاد إلى أن توفى هناك سنة 1305 ودفن هناك وقبره معروف يزار .
5ــ أبو عبد الله الشيخ محمد السيد جرجيس النوري الموصلي : هو العلامة في المعقول والمنقول العارف بربه المكاشف المحظوظ الناشئ في طاعة الله من صباه الحافظ للقرآن عن ظهر القلب التالي له حق تلاوته المكثر منه أكثر الأوقات المصنف في كلام القوم والتفسير وغيرهما الخطيب المدرس المقرب الفرد السالك المجذوب الناسك المحبوب المسخر له الدنيا والقلوب التام النافع علما وعملا وإرشادا شرح قصيدة الهمزية والتاتية والنونية للشيخ نور الدين وألف كتاب تسلية الإخوان في مواعظ شهر رمضان وأخذ الإجازة من الشيخ عبد الرحمن أفندي الفيضي النوري وتوفي سنة 1305 .
6ــ الشيخ عبد الكريم العقراوي .
7ــ الشيخ مصطفى العمادي .
8ــ الشيخ أسلام الشوشي هو إبن الشيخ عبد الرحمن الشوشي وهو من أحفاد القطب العارف الشيخ شمس الدين الشوشي كان الشيخ إسلام رحلا تقيا ورعا عارفا بالله وكان عالما بارعا مؤلفا جيدا ألف عدة كتب منها كتاب ( راحة الفوائد ) من انتخابات كلام جده العارف الشيخ شنس الدين الشوشي وقد أكمل تأليه يوم الحميس 15 جماد الآخرة سنة 1284 هـ كما ألف كتاب ( ملحم الأكباد وكيماء الأنوار ) وهذا الكتاب يشتمل على عدد كبير من رسائل الشيخ نور الدين البريفكاني وقصائده بالغتين العربية والفارسية كما يحتوي على نبذة من حياة الشيخ نور الدين فرغ من تأليفه سنة 1283 هـ والكتابان لا زال مخطوطين .
9ــ العلامة الفقيه أبو الحسين الشيخ عبد القادر الفاضلي .
10ــ العلامة أبو عبد الله الحسن الحبار بن إسماعيل بن عبد الله الدركزلي الموصلي كان رجلا تقيا ورعا وعالما وفاضلا ألف رسائل عديدة في التصوف.
__________________________________________________________________
نقلاً عن كتاب “الدرر الجلية في أصول الطريقة القادرية العلية” للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري.