الظاهرة الدينيَّة الصوفيَّة ..أيَّة مقاربة منهجيَّة للدراسة
الظاهرة الدينيَّة الصوفيَّة ..أيَّة مقاربة منهجيَّة للدراسة*
نورالدين بلغازي[1]
يتناول المقال بالدراسة موضوع التصوف الطرقي من منظور علم الاجتماع، حيث سنتساءل عن قدرة المنهج السوسيولوجي على ضمان دراسة موضوعية للظاهرة الدينية الصوفية ومدى راهنيته في تناول الممارسات والقيم الدينية الصوفية كموضوع للبحث. وقد اخترنا لإبراز راهنية وقدرة السوسيولوجيا وخاصة الأنثروبولوجيا على دراسة الظاهرة الدينية (السلوك والقيم الدينية) رغم صعوبتها، إلقاء الضوء على أحد العناصر المهيكلة للبناء الاجتماعي للزاوية القادرية البودشيشية، مفهوم “العهد= المصافحة“ باعتباره أحد المفاهيم الأساسية المؤطرة للعلاقة التي تربط شيخ الطريقة بأتباعه فقرا الزاوية، الأمر الذي يساعدنا على فهم بنية ومكانيزمات التنظيم الاجتماعي للزاوية، ويسمح بإدراك وفهم الأسباب الكامنة خلف الاعتقاد أو الرأي أو السلوك الذي يتخذه المريدون «الفُقَرَا» تجاه شيخهم، وفي علاقاتهم بمحيطهم الداخلي والخارجي؛ أيضا سيؤكد بحسب اعتقادنا، أن معرفة وفهم البنية الفكرية والتنظيمية للزاوية القادرية البودشيشية شيء مستبعد “في بعده الموضوعي” خارج آليات العمل الأنثروبولوجي: الملاحظة والملاحظة بالمشاركة.
تنزيل المقال يكون من خلال مبحثين:
المبحث الأول: المقاربة المنهجية السوسيولوجية للظاهرة الدينية الصوفية
المبحث الثاني: مبدأ العهد و الطقوس المصاحبة له عند الطريقة القادرية البودشيشية.
المبحث الأول: المقاربة المنهجية السوسيولوجية للظاهرة الدينية الصوفية
من المهم الإلماح إلى أنه من أدق المهمات، في مجالات النظر والبحث العلميين، توجيه الفكر صوب المقاربة المنهجية في التحليل، وهذا بالنظر إلى ما للمنهج من محورية ومركزية في إدارة الفعل البحثي، وكذا من تأثير على سيرورة إنتاج المعرفة العلمية، سواء على المستوى النظري أو التطبيقي، وفي كافة الحقول المعرفية، ولاسيما منها حقل علم الاجتماع، نظرا لما يتميز به موضوعه: “دراسة الإنسان من حيث تفاعلاته في البيئة الاجتماعية التنظيمية“ من فرادة، وخصوصية، وتعقيد في المكونات والأبعاد والخلفيات.
ومن منطلق أن طبيعة الموضوع (في كلياته وجزئياته) هي التي ترسم بالأساس ملامح المقاربة المنهجية التي ينبغي اعتمادها في الدراسة من أجل تحقيق الأغراض المطلوبة فيها[2]، فإنه، وبناء على متطلبات هذه الدراسة التي تندرج ضمن المقاربات الأنثروبولوجية، نتوخى مقاربة منهجية تعتمد أساسا على المنهج الوصفي ومنهج دراسة الحالة[3]، بوصفهما منهجين يركزان على الوصف الدقيق لكافة المتغيرات والعوامل التي تنطلق من داخل الحالة المدروسة ذاتها (الزاوية القادرية البودشيشة)، وتلك المؤثرة فيها، والتي لها علاقة وثيقة بها، وهو ما يمنح الباحث إمكانية التوغل العميق والدقيق في دراسة كافة الجوانب والعناصر المكونة لـها[4]، وهو ما يتعين أن يكون – أو على الأقل الاجتهاد فيه- في هذه الدراسة التي تسعى إلى تسليط الضوء على أحد أركان البنية الروحية والتنظيمية للزاوية القادرية البودشيشية، وهنا بالذات يأتي دور الملاحظة بالمشاركة والمقابلة كتقنيات وظفناها في جمع المعطيات والبيانات حول الظاهرة المدروسة.
اختيار منهجية دراسة الموضوع الذي نتناوله تتأسس على كون الموضوع مركب ومعقد، لاعتبارات لها علاقة بحساسية الموضوع الذي يدرس وسط ااجتماعي ديني منغلق، ويدرس العلاقات الاجتماعية التي تصدر عن الإنسان “الفقرا” في تفاعله مع الآخرين في هذا الوسط الاجتماعي الديني الصوفي، باعتبارها تخضع للتطور والتغير، أيضا يتأسس الاختيار على قناعتنا بعدم قدرة بعض أدوات البحث السوسيولوجي الكمية الإجابة عن الأسئلة المطروحة المرتبطة بالتجربة الروحية، الذي نفسره بما يلي:
*إذا كان البحث السوسيولوجي له خلفية إحصائية فكيف يمكن دراسة التصوف الطرقي، إذا اعتبرنا أنه تجربة ذاتية ومسار تربوي يعيشه المريد في علاقته بشيخ الطريقة، وبالمنهج الصوفي الذي يفرض على المريد التقيد بمبادئ وقيم الطريق، التي من أبرز أركانها “الامتثال وكتمان السر”، وبالتالي استبعاد العمل الميداني المرتبط بآليات ومعطيات التكميم (الاستمارة).
كما تبقى تقنية المقابلة غير كافية للحصول على معطيات تساعد على معرفة البنية الروحية والتنظيمية للطريقة الصوفية، لوجود محددين أساسيين: الأول ذاتي مرتبط بالباحث الذي يجب عليه إخبار المستجوب بموضوع المقابلة والوسائل المستعملة في ذلك (التسجيل…)، الثاني موضوعي مرتبط بالمبحوث الذي لا يمكنه أن يتناول موضوع الطريقة بالحديث، إلا بعد أخذ إذن الشيخ أو أحد المسؤولين عن الطريقة، الشيء الذي يجعل المعطيات (التكييفية) المحصل عليها تتسم بالنسبية، وأحيانا عامة وغير جادة.
من هنا تصبح الدراسة الأنثروبولوجية رغم صعوبتها، من خلال آلياتها: الملاحظة والملاحظة بالمشاركة الأقرب لدراسة الظاهرة الدينية أو المعتقدات والطقوس الدينية؛ صعوبة مرتبطة بالمجتمع “الميدان” الذي يراد اختراقه لمعرفته من الداخل ومدى قبول الباحث كعضو من أفراده، وأخرى مرتبطة بالباحث الذي يصبح في نفس الوقت باحثا ومبحوثا.
بالنسبة إلى الموضوع الذي نتناوله كانت تقنية الملاحظة بالمشاركة[5] سبيلنا في جمع جزء مهم من المعلومات، لاعتبارها أكثر ملاءمة لدراسة الظواهر الاجتماعية من الداخل. فكان لا بد لنا أن نقوم بمعايشة مجتمع الدراسة “الزاوية”، والحرص على المشاركة في طقوس الزاوية وممارسات المريدين المبحوثين (جماعة الفقرا) الاعتيادية ومشاركتهم كافة مناسباتهم واحتفالاتهم، للتقرب منهم وكسب ثقتهم، للحصول على المعلومات المراد جمعها لفهم الظاهرة أكثر، والتوصل إلى معرفة المعنى الذاتي الذي يخلعه الفاعلون الاجتماعيون على أفعالهم (جماعة الفقرا)، والذي ينتج من خلاله هؤلاء ويعيدون إنتاج عالمهم المعيش ونظامهم الاجتماعي الخاص.
وفي إطار نفس المقاربة الأنثروبولوجية (الميدانية)، وعلاوة على تقنية الملاحظة بالمشاركة استفدنا من تقنية المقابلة[6]، وهي تقنية تدخل في إطار المناهج الكيفية وهي من أكثر الأدوات استعمالا في جمع المعلومات نظرا لسهولة استخدامها. وحتى نكون أكثر دقة، فقد اخترنا نوع المقابلة المفتوحة، وهو اختيار أملته طبيعة الموضوع وأسئلته المرتبطة بالتجربة الروحية، وهي تمتاز عن غيرها من المقابلات (الموجهة أو الشبه موجهة) “بمرونة العلاقة بين الباحث والمبحوث، حيث تتم المقابلة في جو يشبه الحديث الاجتماعي العادي الذي يجري بين شخصين”[7].
الخروج إلى الميدان
لقد كان ميدان رصد الظاهرة الدينية موضوع المقال فرع الزاوية القادرية البوتشيشية بالمحمدية[8]. كان علينا للدخول إلى الزاوية طلب الإذن من مقدم الزاوية. لم يكن الأمر تلقائيا ولكن كان علينا الانتظار حتى يأخذ الإذن من شيخ الزاوية سيدي حمزة رحمه الله. قدمنا لأحد الفقرا الموجودين وطلب منه أن يأخذ بيدنا لكي نستأنس ويستأنس الفقرا بنا كمريد جديد. هذا الوضع لا يؤهلنا لممارسة الطقوس التي يقوم بها الفقرا الآخرين؛ لأننا لم نتلق الإذن بعد. كان علينا الانتظار، وطلب منا الحضور ولكن على ألا نقوم بأي ورد. كما أننا لم نكن نتوفر على السبحة التي تعتبر أداة أساسية لأداء الأوراد، وأيضا هي عنصر من العناصر المكونة للهوية البوتشيشية.
بعد أن تلقينا الإذن بالممارسة، وكان ذلك بعد أن صافحنا المقدم وتعاهدنا مع شيخ الطريقة أمام جمع من الفقرا الحاضرين لأداء الوظيفة والاعتصام، وتحت هتافات لا إله إلا الله. الله اكبر. هو هو. احببيبي، أحسست وكأني أدخل الإسلام لأول مرة. أصبحنا بعدها عضوا منتسبا للزاوية القادرية البوتشيشية (فقيرا مبتدئا)، أعطانا الأوراد التي يجب علينا ذكرها لمدة شهرين، وهي أوراد فردية للمبتدئين تؤدى في المنزل صباحا ومساء. و تم الدعاء لنا بالخير، وقال لنا: إن الله يحبنا عندما دلنا على الزاوية، بعدها طلب منا مداومة الحضور إلى الزاوية.
حتى نتمكن من متابعة ما يجري داخل الزاوية، كان علينا أن نضع برنامجا زمنيا متنوعا، يتمثل في حضورنا إلى الزاوية مرة أو مرتين في الأسبوع، على أن ننوع في أيام الأسبوع-الاثنين، الثلاثاء…- لكون ما يروج داخل الزاوية متنوع حسب الأحداث، إما محلية- صدقة: إحياء ليالي للدعاء لمريض أو لوفاة فقير- أو وطنية ودولية بعلاقة مع الأحداث الدينية الاجتماعية السياسية أو الاقتصادية، حيث يتدخل شيخ الزاوية لتغيير الأوراد أو المدة الزمنية للأوراد ما يسمى بـ”الاعتصام”. وتدوم المدة الزمنية “للوظيفة والاعتصام” بين الساعتين إلى خمس ساعات وأحيانا أكثر.
الحضور إلى الزاوية يكون بعد صلاة العصر، حيث تبدأ أذكار الوظيفة إلى صلاة المغرب، وبعدها يبدأ الاعتصام. عدا يوم الأحد الذي تفتح فيه أبواب الزاوية للبراعم، وهي صبحيات للأطفال باختلاف أعمارهم لتنشئتهم على حب الزاوية وشيخها، يتلقون فيها دروسا لحفظ القرآن والسيرة النبوية وكذلك حفظ الأوراد.
دراسة الزاوية القادرية البوتشيشية من منظور سوسيو- أنثروبولوجي، يفترض القيام ببحث يعتمد تقنية الملاحظة و”الملاحظة بالمشاركة” من داخل الزاوية، وهي تقنية -من الناحية العلمية- تستوجب حضورا زمنيا يتعدى السنة من البحث الميداني لجمع المعلومات حول الموضوع المراد دراسته، بالنسبة إلينا وبحكم انتسابنا للزاوية (طبيعة البحث اقتضت ذلك)؛ فالميدان بقي مفتوحا وغير مرتبط بزمن كنا نعود باستمرار عند وجود أسئلة لم نستطع الإجابة عنها بعد. بالنسبة إلى المقابلات التي قمنا بها وعددها عشرة (10)، تم اختيار الفقرا المبحوثين حسب أقدميتهم في الزاوية وموقعهم التنظيمي، وكان السؤال الموجه لهم مفتوح ويتسم بالعمومية، حيث كنا نطلب منهم الحديث عن تجربتهم داخل الزاوية وعلاقتهم بشيخ الزاوية، وقد كنا نتحفظ عن الكلام حول بعض التمظهرات (مسألة تعظيم الشيخ…) مع البعض عندما كنا نستشعر عدم رغبتهم في الحديث عنها.
في ثنايا إعداد هذه الدراسة واجهتنا جملة من العقبات والصعوبات، وهي صعاب يمكن أن تعترض أي باحث يحاول أن يشتغل على هذا النوع من المواضيع، من بينها:
أولا: صعوبة الحصول على مؤلفات كتبت عن الزاوية القادرية البودشيشية وشيوخها، أو أحاطت بشخصية الشيخ حمزة، وترجمت له وعرَّفت به وبمنهجه التربوي، كما يرجع هذا الشح في المصادر في اعتقادنا إلى الكتابة نفسها عن الزاوية وشيوخها وعن المسار التربوي الروحي داخل الزاوية لارتباطها بالوجدان، ولاعتبارها تجربة روحية و شعورية، ومن المعلوم أن ما له ارتباط بالروح والشعور والوجدان يجد الإنسان صعوبة في وصفه والتعبير عنه؛ وقد وقفنا على أن أساس شح الكتابة عن الزاوية: توصية من الشيخ حمزة ومجلس علماء الزاوية بعدم جعل الزاوية وشيخها موضوع بحث أو كتابة، وأن الوقت لم يحن بعد لذلك.
ثانيا: خلال الدراسة أجرينا عدة اتصالات مع بعض الأساتذة الجامعيين من مريدي الطريقة للحصول على بعض المعطيات أو لإجراء مقابلات، فكانوا إما يمدونا بمعلومات عامة تعطي الانطباع بكونها أجوبة مصطنعة “Des Réponses préfabriquées”، ولا يريدون تدوين أسمائهم في البحث أو نسب الكلام إليهم، أو يسألونا أسئلة تعجيزية حول مؤلفات عن تاريخ التصوف وشيوخه في مبادرة للابتعاد عن الأسئلة التي نطرحها حول موضوع الدراسة.
أيضا دراسة الزاوية البودشيشية من الداخل يطرح إشكالية الذاتية والموضوعية؛ فالباحث جزء من منظومة كلية، فهو باحث ومبحوث في آن معاً، فهو معرض للتأثر بآراء ومواقف واتجاهات مجتمعه الذي ينتمي إليه. تحضرنا هنا تجربة عبد الله حمودي عندما زار بيت الله الحرام لدراسة أحد الأركان الخمسة للإسلام “الحج”، لقد أقر الكاتب، منذ بداية مؤلفه، أنه ذهب لدراسة شعيرة وطقس الحج، ولم يذهب لأداء الحج كركن من أركان الإسلام، لكن منطق العالم الأنثروبولوجي تغير عندما وصل إلى الديار المقدسة وتفاعل مع الحجاج، حيث أصبح حاجا يمارس شعائره كباقي الحجاج، كما أقر ببعض الصعوبات التي عانى منها الكاتب، وهو يرتب لهذا السفر، وخاصة تلك المتعلقة بالعلاقة مع الحجاج، والإحساس بالخداع والكذب اتجاههم [9].
إن البحث الأنثروبولوجي في مجال الظاهرة الدينية مرتبط بالمدة الزمنية؛ لأنه تجربة دينية ومسار تربوي، ما يطرح مسألة الحدود بين الذات والموضوع؛ أي ما يصطلح عليه “الغيرية =Altérité” الذي يمكن الباحث من فهم وتفسير الظاهرة وبالتالي خلق مفاهيم جديدة تساهم في بناء المعرفة بالظاهرة. من هذا المنطلق كانت تراودنا بعض الأفكار والتساؤلات -حول التجربة التي سنخوضها لها علاقة بالثقة والعهد المفروض بين المريد وشيخ الزاوية والفقرا- من قبيل: إلى أي مدى لن يؤثر معايشتنا لمجتمع الزاوية على عملنا كباحث، هل كوننا سنصبح فقيرا (مريد) منتمي للزاوية “له معرفة بأفكار الزاوية” هل ذلك لن يشكل عقبة أمام مسار البحث؟، هل الأسئلة المراد الإجابة عنها لن تتغير مع استمرار البحث؟، هل سنفصح على هويتنا كباحث وعن موضوع البحث أم سنخفيهما؟، ألا يشكل الإفصاح على هويتنا عائقا لمسار البحث؟.
المبحث الثاني: مبدأ العهد و الطقوس المصاحبة له عند الطريقة القادرية البودشيشية
يحاول هذا المبحث تسليط الضوء على مبدأ العهد و الطقوس المصاحبة له عند الطريقة القادرية البودشيشية؛ وذلك برصد وتتبع ميكانزمات عمل هذا الركن الأساسي في بناء وتحصين العلاقة بين الشيخ ومريديه من فقرا الطريقة، باعتباره من أهم الآليات التي تساهم في التأثير على «الفُقَرَا» لجدبهم نحو الطريقة والانخراط فيها، سنسلط الضوء عليه أيضا لمعرفة التدابير التي تساهم في تسهيل عملية إدماجهم في هوية الطريقة.
- في معنى العهد
يحتل العهد في حياة المريد في الطرق الصوفية مكانة خاصة، حيث يعد البداية الفعلية لدخول المريد في رحاب الاعتقاد الصوفي المرتبط بأحد أولياء وشيوخ الطرق الصوفية؛ لأن ارتباط الشخص العادي بالعهد يشير إلى بداية التزامه بأداء طقوس وشعائر مستديمة في حياته الشخصية والاجتماعية، في إطار جماعة صوفية بعينها، لها ثقافة دينية تعبر عنها من خلال قواعد خاصة بها، وأيضا تعبر عن هذا المجتمع الصوفي داخل المجتمع.
ويستند العهد في الطرق الصوفية إلى فكرة المبايعة التي تمت للنبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) من قبل أهل يثرب في بداية البعثة، حيث يقول تعالى: “إذ يبايعونك تحت الشجرة”[10]، وهذه المبايعة هي بيعة الرضوان التي تمت تحت الشجرة، والتي أخبر الله تعالى أنه رضي عن المبايعين فيها لرسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وأخبر الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أنهم لا يدخلون النار.
والعهد معاهدة بين الشيخ والمريد، فيه يكون الأخير تابعا للأول في كل شيء، ومن صور ذلك أن يجلس المريد أمام الشيخ خاضعا، يعاهده على إتباع الكتاب و السنة وإتباع الجماعة و عدم الخروج عنها. وتحرص الطريقة القادرية البودشيشية على الالتزام بالعهد (المصافحة) كشعيرة واجبة في الطريقة، يجب على الفقير أن يتقيد بها كشرط أساسي للانضمام لها والاندماج داخلها.
كما يقصد بالعهد إدماج الأعضاء الجدد في الجماعة، وشعائر العهد تحقق هذا الإدماج، الذي بمقتضاه يدخل الفرد فئة المريدين: المستوى نفسه، والمركز الاجتماعي نفسه، وتتناسى فوارق العمر الفيزيولوجي، وفوارق الطبقات الاجتماعية التي تذوب داخل مجتمع الزاوية، و”يعطى الاعتبار الأول للعمر الاجتماعي داخل الجماعة؛ فالأسبقية في أخذ العهد تكسب صاحبها المكانة الممتازة على أقرانه في الجماعة”[11].
ويمثل العهد من الناحية الأنثروبولوجية صورة من صور البداية المتكررة والمستمرة لتأسيس الإسلام وبداية النبوة، كما يمثل تلك العودة للأصل لتمدده وتعيد إنتاجه وترسخ وجوده في الديمومة.[12] وحول هذه الممارسة العملية أو التجربة الصوفية التي تتجلى في طقس العهد يتم نسج خطاب اجتماعي وثقافي يحبك سرده ويوسع دائرته في المخيال الاجتماعي، فهناك نوع من الميتاصوفية يتداولها أتباع الطريقة، وهي عبارة عن قصص وأحداث وأقوال تعيد بناء الحدث الصوفي داخل المنظومة الثقافية للزاوية، ومثل ذلك الحكاية التي يتم تداولها حول لقب الطريقة بالبودشيشية وربطها بالبركة.
2- أخذ العهد عند الطريقة القادرية البودشيشية: طقوسه وشعائره
يجب التذكير، بادئ ذي بدء، أن مصطلح العهد غير متداول عند الطريقة القادرية البودشيشية، حيث يطلقون على هذا الطقس اسم “المصافحة” نسبة إلى عملية “المصافحة” التي يقوم بها شيخ الطريقة مع أتباعه، وهناك من الصوفية من يسمي العهد والإذن والتلقين بالأخذ والقبضة[13]أو اللمسة الروحية.[14]
أ- العهد بداية تنشئة الفقير
تعتبر “المصافحة”، أول خطوة يقوم بها كل من يريد الدخول في الطريقة ليصبح مريدا فيها، وهي بمثابة الإعلان عن بداية السلوك إلى الله تعالى، والإقرار بالالتزام بمبادئها وشروطها، والمداومة على الأذكار والأوراد، وهي كذلك عهد يربط الفقير بالشيخ حمزة والرجوع إليه في كافة الأمور الدينية والدنيوية، وأن من يلجأ إلى الشيخ بهدف الاستشارة أو الاستخارة في أحد الأمور فعليه الالتزام التام برأيه دون تفكير، حتى ولو جاءت الأمور على غير هواه، حيث يجب عليه التسليم التام.[15]
عادة ما يكون طلب الانتساب إلى الزاوية إما عن طريق استقطاب[16] العضو الجديد من طرف أحد «الفُقَرَا»، أو برغبة شخصية في الالتحاق، نابعة عن معرفة مسبقة بالطريقة ودورها في الترقية والدلالة على الله، طلبا للطمأنينة الروحية، والراحة النفسية، و”بحثا عن مشروب الروح ومشروب النفس” حسب تعبير المتصوفة. في هذه المحطة من محطات سلوك الطريق، يتم إخبار المسؤولين عن الزاوية أو أحد فروعها -غالبا يكون شيخ الزاوية أو أبناؤه أو أحفاده في حالة الشخصيات العمومية أو النخب المعروفة وطنيا أو دوليا، أو مقدم الزاوية بصفته المأذون محليا بذلك- أن هناك عضوا جديدا يريد أن ينتسب للطريقة. يتم استقبال العضو الجديد بترحيب وحفاوة واحتضانه لغاية موعد أخذ العهد، حيث بإمكانه الحضور للزاوية ومخالطة «الفُقَرَا» والمشاركة في الأذكار العامة.
عندما يؤذن للمقدم بالمصافحة يخطر العضو الجديد بذلك، وعادة ما يتم هذا الطقس يوم الخميس من كل أسبوع، أو في بعض المناسبات التي تحتفل بها الزاوية كعيد المولد النبوي، بعد نهاية أذكار الاعتصام (وظيفة ما بين العشاءين). وإذا كانت الطرق الأخرى تفرض على الأعضاء الجدد القيام ببعض الممارسات، أو التأدب بآداب تسبق طقوس وشعائر أخذ العهد، فان الطريقة القادرية البودشيشية لا تتشدد في ذلك، حيث تنعدم الطقوس المصاحبة التي قد تعطي قدسية أكبر لهذه الشعيرة، ولا من حيث نوع اللباس الذي يرجى ارتداؤه والإكسسوارات المستعملة، أو من حيث المكان والمجلس الذي تجرى فيه، وربما كان ذلك من تجليات التجديد في منهج الشيخ حمزة.
بعد نهاية أذكار الاعتصام وقبل دعاء الختم (عادة قبل نهاية الوظيفة يقوم مقدم الزاوية أو المسؤول عن حلقة الذكر بالدعاء للشيخ حمزة وسلالته والطريقة، والدعاء للوطن ولجلالة الملك ولكافة الفقرا) يخبر مقدم الزاوية «الفُقَرَا» الحاضرين أنه سيصافح فقيرا جديدا (في حالة وجود مجموعة فقرا جدد يصافح الواحد تلو الآخر)، تتعالى الأصوات بالتكبير “لا إله إلا الله”، يطلب من الفقير الجديد الجلوس بجانبه، يتقابل معه، يأخذ يده اليمنى ويضعها بين يديه، ينظر في عينيه و يقرأ سرا نص المصافحة، إنه نص مشمول بالسرية بالمقارنة مع طرق أخرى[17]، كل الأنظار متجهة صوب المقدم والفقير، تتابع الحدث بخشوع وانكسار، وأيضا بابتهاج يظهر على محياهم وحركاتهم. وبعد الانتهاء من القراءة السرية لنص المصافحة والتأمين عليها “آمين”، يقبل يد الفقير الجديد، كما قبل هذا الأخير يد المقدم. وانتهى الطقس بالدعاء.
بعد المصافحة يقبل «الفُقَرَا» على المنتسب الجديد للطريقة يهنئونه “مبروك عليك” ويحتضنونه فرحين به، في سلسلة من التقبيل المتبادل للأيدي، وتستمر عملية التهنئة والدعاء له حتى على مائدة العشاء. وقبل المغادرة يختلي مقدم الزاوية بالفقير الجديد لإعطائه الورد (يسمى ورد المبتدئين) الذي يجب عليه أن يلتزم بإخراجه يوميا[18]. وحتى يستأنس الفقير الجديد بالذكر لا يطلب منه في بداية انتسابه للطريقة أن يخرج الورد كاملا، وعادة ما يطلب المقدم منه الاكتفاء بذكر “لا إله إلا الله” خمسمائة مرة في الصباح والليل مع قراءة حزب أو حزبين من القرآن، حتى يتمرن على الذكر، ملتزما ألا يذكر شيئا آخر غير ذلك.
تقبيل يد الشيخ أو من له الإذن بذلك، بعد حصول المصافحة (أخذ العهد) هو دلالة من الفقير على اعترافه بالجميل الذي صنعه له الشيخ، حيث قبل بانضمامه للطريقة وأن يكون صاحبا له ومن أتباعه. كما تقبل الأيادي لتحية «الفُقَرَا» بعضهم البعض، حيث يقبل كل فقير يد أخيه. وترجع أهمية ذلك، إلى أن تقبيل اليد يعتبر وسيلة لكسر النفس والقضاء على الكبر الذي يعتبر من الصفات المذمومة التي وجب على الفقير التخلص منها.
ب- المصافحة طقس للمرور والانضمام إلى الزاوية
وما يهم في المصافحة (أو شم الأيدي) من الناحية الأنثروبولوجية هو أن الطريقة تحرص على توثيق الروابط، وتوطيد أواصرها، والتغلب على كثير من عيوب النفس، واكتسابا لكثير من فضائلها، فتصافح الطرفين يهدف إلى القضاء على كل مشاعر الحقد والكراهية أو ضيق الصدر تجاه «الفُقَرَا»؛ لأن التصافح من الصفح، وما تقبيل الأيدي إلا تقبيلا لله بهدف نيل الشكر والأجر.[19]
يتحدث أحد «الفُقَرَا» عن هذه التجربة بقوله: “أحسست كأني أدخل الإسلام لأول مرة، وفي كل مرة أحضر مصافحة فقير جديد ينتابني نفس الإحساس الذي أجدد فيه عهدي بشيخي سيدي حمزة”[20]. يستشف من كلام هذا الفقير، أن شعيرة المصافحة[21] تعتبر حدثا رمزيا مهما لدى أتباع الطريقة القادرية البودشيشية، فهي بالنسبة إليهم مناسبة لاستحضار مرحلة من حياتهم داخل الزاوية، مرحلة العبور من مجتمع المتعة الدنيوية والمعاصي والعيوب، مجتمع الأنانية، إلى مجتمع يعيش فيه الفقير التجربة الصوفية بكل أذواقها…، كما تعبر مرحلة العبور هاته عن بداية الرحلة في عالم السلوك الصوفي، رحلة الأحوال والمقامات. إنها -حسب رحمة بورقية[22]– رحلة للعودة إلى الذات الطاهرة بعد عبور مراحل في التجربة الصوفية، تعرف بعدها الذات تحولا أنطولوجيا.[23]
بهذه الرمزية الروحية تشكل لحظة المصافحة ولادة جديدة[24] في مجتمع الزاوية، لحظة يتغير فيه مجرى حياة العضو الجديد الدينية والاجتماعية والسلوكية، لحظة يصبح فيها فقيرا من أتباع الطريقة القادرية البودشيشية، مرتبطا برباط قلبي روحي مقدس، يربطه بالشيخ حمزة وبجميع الشيوخ، في تسلسل موصل حتى رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). إنه رباط يفترض أن يسلم فيه الفقير مفاتيح عقله وقلبه ونفسه وبدنه، لمن يعتقد فيه الحق المطلق والمعرفة المطلقة، الذي سيشفيه من كل أمراضه وعيوبه النفسية، ويساعده على التحلي بالصفات الحسنة، والترقي في مقامات الإحسان.
ت- أهمية العهد عند فقراء الزاوية القادرية البودشيشية
عندما نتحدث عن أهمية شعيرة العهد، يجب أن نستحضر عنصرا أساسيا مرتبطا بدرجة الاعتقاد بالشيخ حمزة ومنهجه في التربية؛ فمدى درجة الاعتقاد هو الذي يحدد هذه الأهمية، ويعطي معنى للعهد وكل الطقوس والشعائر الأخرى، ومن الطبيعي أن يزداد الاعتقاد في الشيخ لدى «الفُقَرَا» كلما ترقوا داخل الطريقة، وخاصة القدامى الذين عاصروا الشيخ أو أخذوا عنه العهد مباشرة، وقضوا مدة زمنية طويلة داخل الطريقة. وكلما ارتفعت درجة الاعتقاد في الشيخ لدى الفقير، كلما ارتفعت مكانته لدى الشيخ والمسؤولين عن الزاوية و «الفُقَرَا» عامة.
إن الاعتقاد بالشيخ والأقدمية في الطريقة تكسب الفقير خبرات شخصية، يتم نقلها للوافدين الجدد من «الفُقَرَا»، يستعملها في عمليات التلقين والتعليم والتنشئة الاجتماعية. وهذه الخبرة الشخصية هي التي تساهم في تدعيم النسق الاعتقادي للطريقة، وهي التي تفرز الخطاب الذي يتم تداوله بين «الفُقَرَا»، والذي يشكل فيه نموذج الشيخ حمزة ومنهجه مكونا أساسيا تدور حوله الكثير من المعتقدات والممارسات.
ومن هنا تعمل هذه الخبرة الشخصية للفقرا القدامى، بإذن من الشيخ حمزة وتحت إشراف ومتابعة من مقدم الزاوية، على تدعيم كل الممارسات الصوفية، وتقدم لها التبرير العقلي والشرعي والروحي من خلال نسج خطاب اجتماعي وثقافي يحبك سرده ويوسع دائرته حول المخيال الاجتماعي. فهناك نوع من الميتاصوفية، وهي عبارة عن قصص وأحداث وأقوال تعيد بناء الحدث الصوفي داخل المنظومة الثقافية[25]. إن الشيء الأساسي في طقس العهد وطقوس الطريقة الأخرى ليس الحدث في حد ذاته، وإنما ما ينسج حوله من حكايات، وما يستخلص منها من عبر روحية، الأمر الذي يجعل منها أحداثا ذات أهمية، توجب على كل من ينتمي إلى الطريقة أن يبجلها ويعظمها، ويرفع من مراتبها، ويحافظ على استمرارها وبقائها.
*ماذا يترتب عن هذه المصافحة؟
أول ما يترتب عن أخذ العهد، الذي يرمز له بطقس المصافحة، حصول طالبه على الإذن الذي بمقتضاه يصبح الفرد لأول مرة في حياته عضوا في الطريقة.
أيضا فيما يرتب عنه التزام الفقير بالقرابة الشعائرية “الرابطة الروحية”، باعتبارها علاقة قرابة متخيلة، تربطه بكافة أعضاء الجماعة “الفقرا” وهي مظهر من مظاهر تماسك الجماعة وترابطها، هذه القرابة المكتسبة تشكل سلسلة من الروابط القوية، ولها مكانة تماثل القرابة الطبيعية “رابطة الدم”، بل قد تفوق مكانتها في بعض الأحيان.
الهوامش:
[1] – باحث مغربي
[2] دليو فضيل، مناهج علم الاجتماع بين الحدس والواقع الاجتماعي المعقد، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة قسنطينة – قسنطينة، العدد 06، د. ش، 1995، ص 92
[3] حلمي محمد فودة وعبد الله صالح، المرشد في كتابة الأبحاث التربوية، ط5، مزيدة ومنقحة، مكتبة المنارة، مكة المكرمة (السعودية)، 1988، ص42
[4] البدوي عبد الله محمد، عبد الرحمن ومحمد علي، مناهج وطرق البحث الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، بيروت، 2000، ص 294
[5] حول تقنية الملاحظة بالمشاركة راجع:
MENDRAS H., OBERTI M., Le sociologue et son terrain: TRENTE RECHERCHES EXEMPLAIRES, Armand Collin, Paris, 2000, P p. 59-61
GUTWIRTH Jacques, « L’enquete en Ethnologie Urbaine », Herodote 9, 1978, Pp. 38-55
[6] MENDRAS H., OBERTI M., Op.cit, Pp.133-136.Pour plus d’information voir: GUITTET André, L’entetien, A. Colin, Paris, 1997
[7] التير مصطفى عمر، مساهمات في أسس البحث الاجتماعي، معهد الانماء العربي، الطبعة الاولى، 1989، ص55
[8] توجد فرع الزاوية القادرية البودشيشية الذي نقوم بدراسته بمدينة المحمدية، يضم فئات مجتمعية وعمرية متعددة، لكنها مندمجة فيما بينها (أغنياء، فقراء، موظفون من الطبقة المتوسطة، متقاعدون، طلبة، عزاب، عرب، الفاسة، شلوح…) رغم المستويات السوسيو مهنية المختلفة.
[9] Hammoudi Abdallah, Une saison à La Mecque. Paris, Editions du Seuil, 2005, P.19
[10] القرآن الكريم، سورة الفتح، الآية 18
[11] فاروق احمد مصطفى البناء الاجتماعي للطريقة الشاذلية في مصر، …، ص 146
[12] بورقية رحمة، رحلة التصوف، سيدي أحمد البدوي: من فاس إلى طنطا. في، التواصل الصوفي بين مصر والمغرب، تنسيق عبد الجواد السقاط وأحمد السليماني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة الندوات رقم9، جامعة الحسن الثاني – المحمدية، ص67
[13] عبد القادر عيسى، حقائق عن التصوف، …، ص 81
[14] *اللمسة الروحية عند الطريقة العلية القادرية الكسنزانية عبارة عن تلقين العهد بالمشافهة والمصافحة. في صيغة البيعة في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية. بموقع www.kasnazan.com. ثم مراجعة الموقع بتاريخ 22/04/2017
[15] ليست هناك شروط مسبقة لدى الطريقة القادرية البودشيشية يمكن الاطلاع عليها قبل أخد العهد.
[16] يعتبر الاستقطاب من المبادئ الأساسية في الطريقة يخص نشر الطريقة (تعاليم وأفكار الزاوية)، وهو فرض عين موكول لجميع «الفُقَرَا» المنتسبين إلى الزاوية يوصي به الشيخ حمزة والمسؤولين عن الزاوية.
[17] نموذج أخذ العهد الطريقة العلاوية انظر: أحمد بن مصطفى بن عليوة: برهان الخصوصية، المطبعة العلاوية بمستغام تحت رقم: 0056 .ع، ص- ص 22-23.
[18] لا تعطى الأذكار أحيانا في نفس الليلة التي يأخذ فيها العهد، فقد يتأجل لوقت آخر.
[19] جاد الله منال عبد المنعم السيد، أثر الطريقة الصوفية في الحياة الاجتماعية…، ص 217
[20] *حسب ما جاء في حديث أحد فقرا الزاوية موضوع البحث. بمدينة المحمدية، 23 غشت 2016
[21] يمثل طقس أو شعيرة المصافحة صورة للشعائر التي تحتفل بانتقال الفرد من حياة اجتماعية لأخرى، وتسمى بشعائر التكريس أو شعائر الانتقال أو العبور أو المرور. وترتبط شعائر الانتقال بالأحداث الغير الدورية، وبدورة حياة الفرد كالميلاد والخطبة والزواج…، ويوضّح فان ڤـانّاب، أن طقس العبور يتركّب من ثلاثة أزمنة: سنسمّيها كما يلي: الانفصال (عن الوضع أو المكان السّابق)، الهامش (بين المرحلتين)، الانضمام إلى وضع جديد. في كتاب “طقوس العبور”، أرنولد فان ڤـانّاب. في موقع أنتروبوس، ثم مراجعة الموقع بتاريخ 5/5/2017..http://www.aranthropos.
[22] بورقية رحمة، رحلة التصوف، سيدي أحمد البدوي: من فاس إلى طنطا. في، التواصل الصوفي بين مصر والمغرب، تنسيق عبد الجواد السقاط و أحمد السليماني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة الندوات رقم9، جامعة الحسن الثاني- المحمدية، ص69.
[23] حول التحول الانطولوجي، انظر: Mircia Eliade, Le chamanisme, Paris,Ed. Payot,1951
[24] يطلق عليها أهل التصوف الولادة الروحية. حيث إن الإنسان يولد الولادة الأولى من أبويه. أما الولادة الثانية، فهي التي يقوم بها الشيخ ببذر الحياة الروحية فيه. انظر عبد الله حمودي، الشيخ والمريد…، ص 129-133
[25] حول الحكايات التي تنسج حول الشيوخ انظر: ديل أيكلمان، الإسلام في المغرب، …، ص ص52-58. عبد الغني منديب، الدين والمجتمع…، ص 149-154.
____________________________
*نقلًا عن موقع ” مؤمنون لا حدود”.