أنسنة العرفان..منظور جديد
أ.د. ياسين حسين الويسي
أستاذ الفلسفة الإسلامية في كلية العلوم الإسلامية / جامعة بغداد.
المقدمة:
الحمد لله رب الأكوان الذي خلق الانسان وعلمه الببيان وفضله على كل مخلوقاته من عالم انسه ومن الجان وعلم خواصه من العلم اللدني الذي حجبه عن جميع الاكوان، واصلي واسلم على نبينا محمد الحائز على مقامات القرب من الديان، والكاملون من آل بيته الهادين بالقرآن ومن تبعهم باحسان الى يوم نلقى الله تعالى وهو راض عنا غير غضبان .
وبعد…
فإن تلاقح العلوم وتداخلها فيما بينها هو من الأمور التي تجرنا الى معرفة جديدة بطبيعة كل علم من هذه العلوم بشكل عام . وان رجال المعرفة الصوفية في الاسلام، كانوا دائما النماذج التي تقدم لنا الصورة الحية للمفكرين الكبارفي الاسلام.
ويعبر محمد اقبال شاعر الانسانية عن ذلك بقوله: (ان الاسلام عند الصوفية يأخذ طابعا من الجمال والكمال، والانسانية العالية والاخوة العالمية لاتجده في اسلام الفقهاء والمتكلمين) فنحن نجد في كل همسة من اقوالهم وحلقة من افعالهم معالم جديدة للانسانية وفي هذا البحث نسعى لبيان نظرية انثربولوجية في العرفان الاسلامي تقوم هذه النظرية على اتجاهين هما الاتجاه المعرفي والاتجاه النفسي، ومن خلال الترقي في هذين الاتجاهين يتحول الانسان الى الانسان العارف، وهو الانسان الكامل الذي تحدثت عنه كتب الصوفية بشيء من التفصيل. وسنحاول الكشف عن هذه النظرية واتجاهاتها في ثنايا هذه الدراسة.
فقد بينت مفاهيم العرفان والانثربولوجيا، ثم الاتجاهات المعرفية والنفسية للنظرية الانثربولوجية التي نسعى الى اثباتها باعتبارها فرضيتنا في هذا البحث.
سائلين المولى العزيز القدير ان يجعل اعمالنا خالصة لوجهه الكريم انه نعم المولى ونعم النصير، وبالاجابة جدير واصلي على نبيه محمد امام الاولين والاخرين وقدوة الكاملين واسلم تسليما كثيرا.
المطلب الاول: مفهوم العرفان والأنثربولوجيا:
العرفان لغة:
قال ابن فارس: عرف: (العين والراء والفاء اصلان صحيحان، يدل احدهما على تتابع الشيء متصلاً بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة. فالاول: العرف: عرف الفرس. وسمي بذلك لتتابع الشعر عليه. ويقال: جاءت القطا عُرْفاً عُرْفاً، أي بعضها خلف بعض. ومن الباب: العُرْفَة، وجمعها عُرَفْ، وهي ارض منقادة مرتفعة بين سهلتين تنبت، كأنها عُرف فَرَس. . .
والأصل الآخر المعرفة والعرفان. تقول: عَرَف فلاناً عرفاناً ومعرفة وهذا امر معروف. وهذا يدل على ما قلناه من سكونه اليه، لأن من انكر شيئاً توحش منه ونبا عنه)([1]).
وبهذه التعريفات اللغوية نخلص الى ان اصل العرف ومشتقاته اللغوية تحمل المعاني التالية:-
1- اصل العرفان: من عرف عرافة وهو من ساد على القوم ودبر امرهم وقام بسياستهم.
2- وعِرْفاناً وعِرفاناً ومعرفة: الادراك بحاسة من الحواس.
3- عارف وعريفَ، الصابر، والعِرْف، والعُرْف: الصبر. قال الشاعر:
قل لابن قيس أخي الرَّقيَّات ما احسن العُرْفَ في المصيبات.
4- الاعراف: الحاجز بين الجنة والنار. وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ ([2]). و الاعراف جمع : عُرُفّ: وعرف الجبل ونحوه اعلاه – ومثله عرف الديك – وعرف الفرس. أعْرَفَ الفرس: طال ذيله.
5- العُرْفُ، والمعروف، خلاف النُكْرُ.
عريف: معروف، المعروف: اسم لكل فعل يعرف حسنه بالعقل او الشارع
وهو خلاف المنكر. والصنيعة يسديها المرء الى غيره([3]).
العرفان اصطلاحاً:
يرى كثير من الباحثين ان مصطلح العرفان تأخر عن مصطلح التصوف فقد ظهر مع ابن سينا (ت 428هـ) الذي عرفه فقال: (العرفان هو مبتدئ تفريق ونفض وترك ورفض ممن في جمع([4]).) أي التفريق يكون في ذات العارف فيها يشغله عن الحق وابتعاده عن الذات الانسانية وعن الشهوات: والنقض طرح الشواغل، ابتغاء توخي الكمال. اما الرفض فهو رفض ان ينسى العارف ذاته بالكلية ويتحد في موضوع معرفته([5]) وبمعنى آخر ان يرفض العارف كل شيء الا ذاته فلا يغفل عن نفسه.
اما السيد صدر الدين الشيرازي (ت 1050هـ) فيعرفهُ (العرفان هواعظم رتبة من العلم لأنه تصديقنا باستناد هذه المحسوسات الى موجود واجب الوجود.) ([6])فهو (يتجاوز وسائلنا البرهانية المحدودة الى ما هو اوسع وابعد لأنه يتجه الى نور الانوار وما وراء الحس والبرهان وبعده من اثمار العلوم الالهية وانوار المعارف الحقيقية)([7]).
اما المحدثون فانهم يعرفون العرفان بتعريفات متعددة لكنهم يجمعون على انه يرتبط بامرين هما: المعرفة. والعمل – أي نظري وعملي.
فيعرفه السيد الطبطبائي في تفسيره بانه: (التطبيق الصورة الحاصلة في المدركة على ما هو مخزون في الذهن ولذا قيل انه ادراك بعلم سابق او ارتقاء على علم سابق.) ([8])
كذلك يعرفهُ الدكتور محمد عابد الجابري فيقول: (العرفان هو نظام معرفي ومنهج في اكتساب المعرفة ورؤية للعالم وايضاً موقف منه”.. أي ان الموقف من العالم سواء كان الموقف نفسياً اوفكرياً اووجودياً لا بل موقف عام من العالم يشمل الحياة والسلوك المعبر، والطابع العام الذي يميز هذا الموقف هو الانطواء والهروب من العالم والتشكيك في وضعية الانسان ومن ثم تضخيم “العارف” لـ “انا” ەُ.) ([9])
اما الشهيد مطهري فيعرفه بقسميه العملي والنظري
فاما العملي والذي يطلق عليه علم “السير والسلوك” فهو: عبارة عن علاقة الانسان وواجباته تجاه نفسه والكون وخالقه.” وهو بيان البداية التي ينبغي على السالك ان يخطوها للوصول الى “التوحيد”. . . وطبعاً لابد للسالك ان يسلك جميع هذه المراحل باشراف انسان متكامل قد سلك بدوره هذا الطريق وتعرف على تلك المنازل، يطلق عليه العرفاء احياناً تسمية “طائر القدس”([10]).
اما القسم الأخر من العرفان فـ “يختص بدراسة الوجود والتعرف على الله والكون والانسان”. ومن هذه الناحية يكون العرفان مشابهاً للفلسفة. إذ يحاول تفسير الوجود. ويحاول تغيير الانسان([11]).
واذا اردنا ان نقف عند هذه التعريفات للعرفان. وخصوصاً القسم العملي منه وعند تعريفات كبار الصوفية ومؤرخيهم، لوجدنا تشابهاً وتطابقاً. اذ ان كلاهما يعمل على تزكية النفس وتحليتها بكل خلق سني وتخليتها من كل خلق دنيء.
واما القسم النظري من العرفان فهو مشابهاً للفلسفة. اذ يحاول تفسير الوجود، خلافاً للقسم الاول الذي يشابه الاخلاق ويحاول تغيير الانسان. ([12])
مفهوم الأنثربولوجيا:
الانثربولوجيا: هي علم دراسة الانسان طبيعيا واجتماعيا وحضاريا. فالمصطلح منحوت من كلمتين (يونانيتين) هما (Anthropos) وتعني “الانسان” و (Lagos) “علم” ، وتعنيان معا: (علم الانسان) [13] وتتكون (الانثربولوجيا) المعاصرة، من وجهة النظر البرطانية من (الانثربولوجيا الطبيعية)و(الانثربولوجيا الاجتماعية)، التي تضم (الانثربولوجيا الحضارية) كفرع من فروعها،و-كذلك-(الانثربولوجيا التطبيقية)[14]وايضا (الانثربولوجيا الدينية) التي هي جزء من الانثربولوجيا الاجتماعية وهي تختلف عن (انثربولوجيا الدين) فالاولى تهتم بالانسان والثانية تهتم بالاثينيات ومقارنتها لعضها بالبعض على مستوى الاعتقادات والممارسات الدينية.[15] و(ينظم الناس انفسم داخل اي مجتمع في (جماعات) اي انهم يكونون جماعات ذات مصالح عامة، وذات قيادة عامة، و”يصنفون انفسهم في فئات” اي انهم يعتبرون من قبل الآخرين انهم يملكون شيئا مشتركاً.)[16] وهذا هو النظام عند اهل العرفان،فيمكن التعرف على الجماعة بتحليل المجتمع من قبل شخص خارجي، او ان اعضاء المجتمع يتواضعون على اعتبار جماعات منهم أنهم يكونون فئات متميزة لانهم يملكون انساقا ذهنية.[17] هذه الانساق هي لغتهم التي تعارفوا عليها واتفقوا على ان من لم يمر بتجرتهم لايمكنه فهم لغتهم. ومن ضمن الانساق الذهنية التي تعارفوا عليها (مركزية الانسان): وهورأي يعتبر الانسان ذا اهمية كبرى في الكون وان حقيقته المركزية. [18] اي ان الانسان هو القطب الذي تدور حوله كل تفاصيل الوجود وتحولاته من المعراجية عبر اتجاهين الاتجاه المعرفي والترقي فيه والاتجاه النفسي والترقي فيه .
المطلب الثاني: الاتجاه المعرفي:
تبقى ثنائية الوجود والوعي قائمة عند شوبنهاور وبرغسن وشلجنر وهم اصحاب مناهج فلسفية في المعرفة، واذا كانت الفلسفة قد نحت مناحي متعددة في مقام العقل فأن النمهج التجريبي ما يزال متحفظاً من الانسياق وراء تلكم المناحي يؤيده في ذلك أنه يمسك بموقعه من خلال نجاحاته التقنية.([19])
لقد قدمت الفلسفة ثلاث حلول للعلاقة بين العقل والواقع.. فالفلسفة الوضعية تقرر أن الواقع قد خلق العقل بتأثيراته وتصل في تطرفها الى حدود الفلسفة المادية في حين أن منهج (سبينوزا) و(ليبنتز) ارتضى مطابقة محتويات العقل والواقع، وكان الحل الثالث في أن الواقع من خلق العقل وعليه أسس مذهب (كانت).([20])
كما شهدت حقائق جديدة خلقها تقدم الفيزياء .. لكن في وسعنا نصعد بسلسلة نشاطنا الخلاق الى ما بعد نقطة ابتداء الفيزياء فعن بناء التصورات الاكثر اولية هي فكرة الموضوع وكما كانت هذه الانطباعات التي تصدر عنها المعرفة اولية بالمقارنة مع عالم الظواهر الفيزيائية . وتصورات الاعداد البحتة 4،3،2 مستخلصة من الموضوعات التي ولدتها هي مخلوقات للعقل المفكر وهذه التي تصف بها حقيقة عالمنا.([21]) اما القدماء فلم تكن هناك عندهم الحقيقة كما كانت عندنا اليوم علاقة بين الذات والموضوع وانما فقط اماطه اللئام عن الوجود.
لم تكن تحولات الانسان في مراحله المعرفية تحولاً ماشرا نحو مصدر المعرفة وهو المعرفة الذوقية الذي يعده اهل العرفان من المصادر اليقينية في المعرفة ولكن كان تدرجاً معرفياً ابتدء من المعرفة الحسية التي ادرك العقل انها قد تزودنا بمعارف خاطئة وعبارة الغزالي(الحس يجرد نوعا من التجريد)[22] تعني ان تجريد الحس مرتبة من مراتب التجريد التي هي اتم منه وهي ادراك الخيال وتجريده ، وادراك الوهم وتجريده، وادراك العقل وتجريده. [23] وان القوة النظرية التي كشفت عن اخطاء الحواس هي العقل ويحدد لها الغزالي اربعة احوال وهي: العقل الهيولاني، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد.[24] وذلك بحسب تعرييف الغزالي للعقل الذي يعرفه بانه (غريزة يتوصل بها الى درك العلوم)[25]اوهو(تهيؤالدماغ لفيض النفس عليه)[26]
ثم ينتقل الى المعرفة الحدسية التي هي محلها الذهن ايضاً والطريق المنطقي هو الاستنباط والنتيجة هي الغاية المترتبة بين المقدمات في القياس المنطقي. [27] فاذا كانت المعارف العقلية عن طلب وشوق كانت معرفة عقلية وان لم تكن عن طلب وشوق بان تكون نفساً شريفة قوية مستضيئة في نفسها فيحصل له من العلوم ابتداءاً كأنه ماتخلى الى اختياره ، ويكاد زيتها يضيء ضوء الفطرة ولم تمسسه نار الفكرة.[28] وهذه هي المعرفة الحدسية وهي تتعلق بالموقف الاخلاقي للانسان وتمكنه بالفعل السليم تزكية النفس وتطهيرها بحيث يصبح قابله للعلوم من مصدرها الحقيقي وهو العقل الفعال. اذ لايفارق طريق الالهام والحدس طريق الاكتساب والفكر في نفس العلم، ولافي محله ولا في سببه لان محل العلم النفس، وسبب العلم العقل الفعال أو الملك المقرب ولكن يفارقه في وجه زوال الحجاب.[29]
ان تدرج المعرفة او تحولات الانسان في المعرفة هو ماتنطوي عليه النظرية الانثربولوجية في جزئها المعرفي وسنتابع تحولات العارف وترقيه في المعرفة حتى يصل الى مايطمأن اليه من المعارف.
ان تحول الانسان في هذا الاتجاه يعتمد بالدرجة الاولى بالاضافة الى تدرجه بالمعرفة على نقده للمصادر وانتقاله الى معرفة اعلى. والمصدرالاول للمعرفة عند جميع المذاهب المعرفية هو المعرفة الحسية التي مصدرها الحواس.
فأن أول صورة معرفية عن العالم هي الصورة الحسية التي تكون عن طريق الحواس الظاهرة. وهي صورة غير كاملة لانها لا تستوعب في ادراكها كل الموجودات.
فلكل حاسة منها عالمها الخاص بها تقدم حكماً معرفياً عنه من خلال العلاقة المعرفية بينها وبينه لان كل أدراك من الادراكات خلق ليطلع الانسان به على عالم من الموجودات ونعني العوالم اجناس الموجودات فأما الموجودات التي تدركها الحواس الظاهرة الخمس، وهي حاسة اللمس والشم والذوق والبصر والسمع. فهي منطبقة على ذلك. وتبين لنا تحول الانسان الى المعرفة العقلية، ثم الى المعرفة الحدسية، وصولا الى المعرفة الذوقية التي تعد قمة ما يتوصل اليه الانسان العارف.
فما هي المعرفة الذوقية.
مما سبق يتبين أن الغزالي يمنح الحدس مرتبه عالية في الوصول الى الحقيقة ولكن هذا لا يعني أن هذا الموقف يشمل كل الناس لأن قوة الحدس متفاوتة بينهم، ويتعلق أمر اليقين بالموضوعات المدركة بمقدار الاتصال بالعقل الفعال او بالامكان أن يكون شخص من الناس مؤيد النص لشدة الصفاء وكمال الاتصال بالمبادئ العقلية، دفعة وأما قريباً من دفعة، أرتساماً لا تقليدياً بل يقينياً مع الحدود الوسطى والبراهين الملائمة والدلالات الواضحة. ([30])
ولكن الصوفية في تبينهم للمعرفة الذوقية الإشراقية إنما يصدرون عن فكر أفلاطوني ممتزج بالغنوصية، فلفظة الغنوصية: كلمة يونانية تعني “المعرفة”،
أما في الإصطلاح فيقصد بها “: نوع معين ولون خاص من المعرفة، هي المعرفة التي سبيلها التأمل الباطني والكشف والإلهام”. وهذا سر- دواعي تبني صوفية الإسلام المعرفة الإشراقية[31]
( إن المعرفة الذوقية التي تتحصل على شكل إلهامات إنما تعاش تجربة لا تجريداً وقياساً… وهي إن أمكن أن تجد لها في ملكات النفس صياغات لغوية واعية فإن هذه الصياغات بخروجها من دائرة المعرفة إلى دائرة التعبير تقع في إشكاليات جديدة، ومن هنا كان للقوم لغتهم الخاصة القائمة على الغموض والرمز، فكانت صفة العارف عندهم بأنه العاجز عن المعرفة، ويرى فخر الدين الرازي أن (مقام التوحيد يضيق النطق به لأنك إذا أخبرت عن الحق فهناك مخبَر عنه ومخبَر به ومجموعهما، فهؤلاء ثلاثة لا واحد، فالعقل يعرفه، والنطق لا يصل إليه)[32] ، والعقل في هذا السياق هو شكل من أشكال المعرفة الذوقية، وليس بمعنى الملكة المنطقية )[33] يقول الحلاج: (لا يجوز لمن يرى غير الله أو يذكر غير الله أن يقول عرفت الله )[34] وعليه (وفي المحصلة تكون المعرفة هي العجز عن المعرفة، وبدقة أكبر يكون أكثر الناس معرفة بالله أشدَّهم تحيراً فيه. فيكاد ينتهي الحلاج في (بستان المعرفة) إلى شكّيّةٍ أو لا أدرية تسد جميع الطرق التي تعرضها المدارس الفكرية في عصره كسبل إلى المعرفة، لولا أنه ينتهي إلى تعريف العارف بأنه “من رأى )[35] “رأيت ربي بعين قلبي فقال: من أنت؟ قلت: أنت! “[36]
(إن مثل هذه الصورة لنظرية المعرفة الحلاجية بإقصائها للعقل والبرهان واستسلامها للحدوس والإلهامات قد تنطوي على الظن بأن الحلاج لم يكابد طرق العقل، وأنه مطمئن إلى رؤاه لا يعكر صفوه قلق المعرفة، وبالتال لا يمثل جذراً حقيقياً كأشراق السهروردي الذي يقوم على العقل والحدس معاً.)[37]
اما السهروردي (فهو يعبر عن أن ما حصل له من معرفة لم يحصل له بالفكر أولاً، بل كان حصوله بأمر آخر، ثم طلب عليه الحجة، وهذا الأمر الآخر هو الذوق.)[38] وفي آرائه بالفلاسفة والحكماء يرتفع “جمهرة الكبار” في العلوم الكشفية من أمثال هرمس وآغاثاذيمون وأنبذوقليس وأفلاطون على المبرزين في البرهانيات من المسلمين، فهؤلاء ليس لهم –على حد قوله –إلا البحث عن الأدلة التي لا طائل تحتها، وينعتهم بالمتشبهة بالفلاسفة لقصورهم عن درك الحقائق الذوقية )[39].
ويشير السهروردي الى إن إمام الحكمة الإشراقية اليوناني هو أفلاطون وليس أرسطو. [40] و يؤكد السهر وردي قصور العقل في الوصول إلى الحقيقة بقوله: (إن من يسعى وراء الحقيقة من طريق البرهان هو أشبه بمن يستهدي إلى الشمس بواسطة المصباح ).[41]
وثمة حجاب آخر أمام العرفان غير حجاب العقل، هو حجاب الشريعة عبر تحنيط نصوصها، والسهروردي هو الآخر لا بد أن يكون قد عانى من الفهم الجامد للنص الشرعي، ولذا (كان لا يتقيد في مناقشاته بالنصوص، بل كان يعتمد على الحجة والعقل) [42] حيث يغمض الفقيه عينيه عن العرفان ليتواصل مع العامة وفق القواعد الشرعية المتعارف عليها.هكذا يكون قد اتضح طريق المعرفة عند شيخ الاشراق، وهو طريق العرفان، وستتضح وحدة المسألة في نهاية طريق العارفين عندالسهروردي، وهي: (مقام الفحول من الأنبياء والحكماء.. حين يصلون إلى هذا المقام تفنى لديهم كلمات هو، وأنت، وأنا في بحر الفناء. ).[43] يقول الحلاج (من وصل وصارإلى النظراستغنى عن الخبر،ومن وصل إلى المنظوراستغنى عن النظر.)[44] وهذه التحولات المعرفية التي يتحول فيها الانسان من كاسب للمعرفة الى موهوب وهذه الموهبة هي ما يسمى بالعلم اللدني الذي ذكره القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام مع الخضر حيث قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}[45] ولكن هذا التحول المعرفي يحتاج اللى ان يرافقه تحول نفسي من خلال رياضة النفس وتزكيتها لتكتمل النظرية الانثبولوجية من تحول الانسان من انسان سالك الى انسان عارف.
المطلب الثالث: الاتجاه النفسي:
لقد ميز الصوفية بين النفس والروح والعقل ، ويبدو أن تمييزهم هذا مبني على اختلاف المدارك (فما كان من مدارك الشهوات ، فمدركه النفس . وما كان من مدارك الأحكام الشرعية ، فمدركه العقل . وما كان من مدارك التجليات والإرادات ، فمدركه الروح . وما كان من مدارك التحقيقات والتمكينات ، فمدركه السر)([46]) ومحله القلب وسمي مدركه بالسر لأن المدرك لا يجوز البوح به ، بل لا يمكن الكلام عنه لأنه عصي على العبارة ، لتعذر وجود الفاظ تحتمل معاني هذه المدركات على وجه الحقيقة . بالاضافة إلى أن الصوفية اعتبروا أن الكلام في هذه المدركات محظوراً (وقد حذر القوم رضي الله عنهم من ايداعه الكتب أو الكلام في شيء منه إلا ما يدور بينهم في المفاوضات على سبيل الرمز والايماء تمثيلاً وإجمالاً ولا يكشفون لغيرهم شيئاً من معانيه علماً بقصور الافهام عن احتماله . ووقوفاً مع حدود الشريعة في الأخذ بما لا يعني . وأدباً مع الله في صون اسرار الربوبية . وأن صدر عن أحد منهم كلمة من ذلك على سبيل الندور سموه “شطحاً”([47]) بمعنى أن حالة الغيبة والسكر أستولت عليه حتى تكلم بما ليس له الكلام به)([48]) ولما كان الفصل بين الروح والنفس بحسب المدركات ، كانت الروح أشرف واسمى بل ان أكابر الصوفية لم يتعرضوا لتفصيل أمر الروح باعتبارها سر من اسرار الربوبية أما النفس فهي العدو الأول عند الصوفية ، فاذا كانت الروح لله فان (النفس ضداً لله وعدوه والأشياء كلها تابعة لله والنفس لله خلقاً وملكاً، وللنفس ادعاء وتمن وشهوة ولذة بملابستها ، فإذا وافقت الحق عز وجل في مخالفة نفس وعداوتها فكنت لله ، خصماً على نفسك 000فالعبادة كل العبادة في مخالفة نفسك)([49]).
اذاً فالروح مقدسة والنفس مدنسة عند الصوفية ، ولا يميز ذلك الا العارف (وانما يعرف العارف اذا ميز الخواطر النفسية من الخواطر الروحية ، والارادة الدنياويه من الاخراوية ، والهمم العلوية من السفلية ، فمن رزق التوفيق على حفظ حدود صدق وفاء العبودية والقيام بشروطها 00 فيصير مع النفس بلا نفس ، ومع الروح بلا روح ومع الخلق بلا خلق)([50]) ومن جملة كلام الصوفية عن النفس قول الجنيد: (النفس الامارة بالسوء ، هي الداعية إلى المهالك ، المعينة للاعداء ، المتبعة للهوى،المتهمة باضاف الاسواء)([51]) ويقول الجنيد “رضي الله عنه” : (اساس الكفر قيامك على مراد نفسك)([52]). واما الاحوال التي ترد على النفس فيصفها الجنيد “رضي الله عنه” بقوله :(الاحوال كالبروق ، فان بقيت فحديث نفس)([53]) . وقد ميز بين هواجس النفس ووساوس الشيطان كما يقول القشيري : (فرق الجنيد بين هواجس النفس ووساوس الشيطان بأن النفس اذا طالبتك بشيء الحت ، فلا تزال تعاودك ، ولو بعد حين ، حتى تصل إلى مرادها ، ويحصل مقصودها،اللهم الا ان يدوم صدق المجاهدة،ثم انها تعاودك وتعاودك،واما الشيطان اذا دعاك إلى زلة، فخالفته بترك ذلك ، يوسوس بزلة اخرى ، لأن جميع المخالفات له سواء ، وانما يريد ان يكون داعياً ابداً إلى زلة ما ولا غرض له في تخصيص واحدة دون واحدة)([54]) . ويذم الجنيد رؤية النفس حيث يقول : (اعلى درجة الكبر ان ترى نفسك وادناها ان تخطر ببالك)([55])، وفي معرض كلام الجنيد عن تجرد النفس عن الحاجات قال رحمه الله : (النفس التي اعزها الحق بحقيقة الغنى تزول عنها موافقات الفاقات)([56]) ، وفي تخليه عن نفسه يقول الجنيد رحمه الله : (كان يعارضني في بعض اوقاتي ان اجعل نفسي كيوسف واكون انا كيعقوب ، فأحزن على نفسي لما فقدت منها كما حزن يعقوب على فقده ليوسف، فمكثت اعمل مدة فيما اجده على ذلك)([57])
ومن هذه النصوص يتضح لنا ان الصوفية جعلوا النفس من اعدا اعدائهم ، وايضاً جعلوها بمقابل الروح التي هي اسمى شيء عندهم ، لأن الروح تعلقها بالقديم الابدي ، اما النفس فتعلقها بالجسد الفاني ، فهي مصدر الشرور للانسان ولا يصبح الانسان في نظرهم من اهل (الترقي)([58]) ، حتى يتخلى عن نفسه بالكلية . قال الجنبد رحمه الله (كنت اسمع السري يقول : “يبلغ العبد إلى حد لو ضرب وجهه بالسيف لم يشعر” وكان في قلبي منه شيء حتى بان لي ان الامر كذلك)([59]) ويضل العبد يتخلى عن نفسه حتى يقال ” فلان بلا نفس ” : (ومعناه انه لا تظهر عليه اخلاق النفس ، لأن من اخلاق النفس الغضب ، والحدة ، والتكبر ، والشره ، والطمع ، والحسد . فاذا كان عبد قد سلم من هذه الافات وما شاكل ذلك يقال له : بلا نفس ، ويعني كأنه ليس له نفس)([60]). وعندما يصبح الصوفي بلا نفس يترقى فيكون “صاحب قلب” (ومعناه ان ليس له عبارة اللسان وفصاحة البيان عن العلم الذي قد اجتمع في قلبه 000 وذكر الجنيد ان – اهل خراسان اصحاب قلوب)([61]) ، واول مقامات الفناء عند الصوفية (فناء – العبد – عن نفسه وصفاته ببقائه بصفات الحق ثم فنائه عن صفات الحق بشهوده الحق ، ثم فناءه عن شهود فناءه باستهلاكه في وجود الحق)([62]) ولقد ذكر القشيري وغيره تعريفات كثيرة للنفس منها ما جاء في اللغة بمعنى الوجود ، قال القشيري : (نفس الشيء في اللغة : وجوده وعند القوم ليس المراد من اطلاق لفظ النفس الوجود ولا القاب الموضوع ، انما ارادوا بالنفس ما كان معلولاً من اوصاف العبد ، ومذموماً من اخلاقه وافعاله ثم ان المعلولات من اوصاف العبد على ضربين :
أحدهما : يكون كسباً له كمعاصيه ومخالفاته .
والثاني : اخلاقه الدنيئة فهي في انفسها مذمومة فاذا عالجها العبد ونازلها تنتفي عنه بالمجاهدة وتلك الاخلاق على مستمر العادة .
والقسم الأول : من احكام النفس ما نهى عنه نهي تحريم او نهي تنزيه .
أما القسم الثاني : من قسمي النفس فسفاسف الاخلاق الدني منها ، هذا حده على الجملة .ثم تفصيلها فالكبر والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال وغير ذلك من الاخلاق المذمومة)([63]).
وللنفس أحكام عند الصوفية فمن (اشد احكام النفس واصعبها توهمها ان شيئاً منها حسن ، أو ان لها استحقاق قدر ، ولهذا عد ذلك من الشرك الخفي ، ومعالجة الاخلاق في ترك النفس وكسرها اتم من مقاساة الجوع والعطش والسهر وغير ذلك من المجاهدات التي تتضمن سقوط القوة وان كان ذلك ايضاً من جملة ترك النفس)([64]) .ويميز الصوفية بين النفس والروح مع كونهما يحلان في موضع واحد وهو هذا الجسد يقول القشيري : (ويحتمل ان تكون النفس لطيفة مودعة في هذا “القالب”([65]). هي محل الاخلاق المذمومة ، كما ان الروح لطيفة في هذا القالب ، هي محل الاخلاق المحمودة ، وتكون الجملة مسخراً بعضها لبعض والجميع انسان واحد وكون الروح والنفس من الاجسام اللطيفة في الصورة ككون الملائكة والشياطين بصفة اللطافة ، وكما يصح ان يكون البصر محل الرؤية والاذن محل السمع ، والانف محل الشم ، والفم محل الذوق ، والسميع والبصير والشام والذائق، انما هي الجملة التي هي الانسان ، فكذلك محل الاوصاف الحميدة القلب والروح، ومحل الاوصاف المذمومة النفس . وبالنفس جزء من هذه الجملة ، والقلب جزء من هذه الجملة، والحكم والاسم راجع إلى الجملة)([66]) . ولكن اذا كان الصوفية قد اتفقوا على ذم النفس فأنهم اختلفوا في شأن الروح (والارواح مختلف فيها عند اهل التحقيق، فمنهم من يقول : انها الحياة، ومنهم من يقول انها اعيان مودعة في هذه القوالب)([67]) وتضيف الصوفية إلى هذه الثلاثة أي النفس والروح والقلب شيء اخر هي الاسرار التي (يحتمل انها لطيفة مودعة في القالب كالارواح واصولهم تقتضي انها محل المشاهدة ، كما ان الارواح محل للمحبة والقلوب محل للمعارف)([68]) والنفوس محل الاخلاق المذمومة.
وهناك سر السر وهو (ما لا اطلاع عليه لغير الحق ، وعند القوم على موجب موضعاتهم ، ومقتضى اصولهم . السر الطف من الروح والروح اشرف من القلب ويقولون الاسرار معتقة عن رق الاغيار من الاثار والاطلال)([69]) . وفي الوقت الذي ينقل فيه القشيري اجماع الصوفية على ذم النفس حيث يقول : (واجمع الشيوخ على ان النفس لا تصدق وان القلب لا يكذب وقال بعض المشايخ : ان نفسك لا تصدق وقلبك لا يكذب ولو اجتهدت كل الجهد على أن تخاطبك روحك لم تخاطبك)([70]) وعليه فاننا نجد أن من الأحوال الصوفية ماله علاقة مباشرة بالنفس فأنت (إذا نظرت إلى نفسك فرقت وإذا نظرت إلى ربك جمعت ، وإذا كنت قائماً بغيرك فأنت فانٍ فلا جمع ولا تفرقة)([71]) .
وعلى ذلك يكون (الجمع حكم الروح ، والتفرقة في حكم القالب وما دام هذا التركيب باقياً فلابد من الجمع والتفرقة)([72]) ويرى أبو حفص عمر السهروردي أن (النفس للمنتهي ، والوقت للمبتدئ ، والحال للمتوسط ، فكأنه اشارة منهم إلى أن المبتدئ يطرقه من الله تعالى طارق لا يستقر، والمتوسط صاحب حال غالب عليه ، والمنتهي صاحب نفس متمكن من الحال لا يتناوب عليه الحال بالغيبة والحضور ، بل تكون المواجيد مقرونة بأنفاسه مقيمة لا تتناوب عليه)([73])، ويذكر القشيري ان : (النفس ترويح القلوب بلطائف الغيوب ، وصاحب الانفاس ارقى واصفى من صاحب الاحوال فكان صاحب الوقت مبتدأً وصاحب الانفاس منتهياً ارقى واصفى من صاحب الاحوال فكان صاحب الوقت مبتدئاً وصاحب الانفاس منتهياً ، وصاحب الاحوال بينهما ، فالاحوال وسائط والانفاس نهاية الترقي ، فالاوقات لاصحاب القلوب والاحوال لارباب الارواح ، والانفاس لاهل السرائر)([74]).
وكذلك نقل السراج اقوالاً حول الروح وجذبها فقال : (فاما جذب الارواح وسمو القلوب ومشاهدة الاسرار والمناجاة والمخاطبة وما يشاكل ذلك فان اكثر ذلك عبارات تعبر عن التوفيق والعناية ، وما يبدو على القلوب من انوار الهداية على مقدار قرب الرجل وبعده وصدقه وصفائه في وجده . قال ابو سعيد الخراز : ان الله تعالى جذب ارواح اوليائه اليه ، ولذذها بذكره والوصول إلى قربه ، وعجل لابدانهم التلذذ بكل شيء ، فعيش ابدانهم عيش الحيوانيين ، وعيش ارواحهم عيش الربانيين)([75]) .
لقد بنى الصوفية منهجهم في المعرفة على اسس تطهير النفس من ذميم الخلق وتحليتها بالحميد منها ، وتصفية القلب وصقله بالعلوم والمعارف الكسبية حتى يكون مستعداً لتلقي العلوم الوهبية ، واذا كانت النفس عائق دون مرادهم فلا يأبه الصوفية في الموت دون تلك الغاية اذاً (لا يكتسب الموت في التصوف صورته السلبية المعهودة وهو الذي يمثل جزءاً هاماً من الجهد الصوفي نظراً إلى علاقته بمحبة الله ، فكثير من الصوفية يرون ان جهدهم الاصلي يقوم على البحث في الموت وذاك بحث لا ينقطع ، ويتحقق هذا المغزى الذي يخص الموت عندما يصبح الموت شرطاً اساسياً في المعرفة الصوفية)([76])والمعرفة الحقيقية قوامها المحبة التي تفضي إلى الطاعة دون الالتفات لما يمكن أن يصيبهم ، ومهما يكن فان (الحلاج يرى ان محبة الله لعباده ورحمته بهم فوق كل شيء ، وان اساس المحبة التضحية ، وان المحب يجب ان يشقى من اجل محبوبه من غير ان يسأل عن الاسباب ، وان الواجب على اولياء الله ان يتوجهوا إلى الله وحده ، ويتحققوا بمعنى العبودية الكاملة ويطيعوا امره مهما كلفهم ذلك من عنت وشقاء والظاهر ان هذا هو الدين الذي دعا اليه الحلاج)([77]).
وهذه السعادة التي شعر بها الحلاج هي التي تجعل من الصوفي متشوق لمعرفة حقيقة الموت وماهيته (ولن تعرف ذلك ما لم تعرف حقيقة الحياة ، ولن تعرف حقيقة الحياة ما لم تعرف حقيقة الروح وهي نفسك وحقيقتك وهي أخفى الأشياء عنك)([78]). وهذا التدرج النفسي جعل الصوفية يبحثون في هذه المسائل ، حتى (انتهى الفكر الصوفي في تطوره إلى التمييز بين حقيقتين روحانيتين :
الأولى : يشترك فيها الإنسان والحيوان .
والثانية : تخص الإنسان)([79]) وتفصيل ذلك ان الحقيقة الأولى هي (الروح اللطيف الذي ينبع من القلب ، وهو علة الحياة والإحساس والحركة ، وله طبيعة جسمانية، لأنه بخار يتوقف على اعتدال الأخلاط . ولذلك يلحقه المرض والألم ، ويكون بذلك موضوعاً لعلم الطب ويلحقه الموت أيضا فينعدم تماماً ، والموت من حيث انعدام وهلاك لا يتعلق إلا بهذا الروح .
وأما الحقيقة الثانية فهي تخص الإنسان ، ومصدرها النفخ الإلهي)([80])وهذه الحقيقة الثانية هي في شغف دائم للالتحاق والعودة إلى مصدرها ، فهذا الروح لا يفنى وإنما الموت بالنسبة له انتقال من وطن إلى وطن مصحوب بسعادة ، إذ ان هذا الانتقال يفضي بهذا الروح إلى استقرار ليس بعده تحول وتبدل وهو المتعلق بعلم الانثربولوجيا.لذا يقول الحلاج:
(أبكي على شجني من فرقة وطني طوعاً ويسعدني بالنوح أعدائي)([81])
وعلى ما يبدو فأن (الحياة ليست عرضية لهذا الروح ، بل هي ذاتية له ، فلذلك هو خالد لا يفنى ولا يجوز عليه الموت ، ولا يتعلق الموت الطبيعي به الامن حيث انه ينتقل به من حال إلى حال ومن موطن إلى موطن ، لذلك يعتبر الموت ولادة ثانية بالقياس إلى الولادة الاولى التي ترتبط فيها النفس بالبدن ، والولادة الثانية روحانية صرفة . واذا ما كانت الحياة عرضية للجسم ، فانه يلحقه الموت ، واذا كانت ذاتية للنفس فلا يلحقها الموت)([82]). وهذه الحقيقة الذاتية هي التي (تضمن استمرار الانا وحقيقة الانسان رغم انحلال البدن وتبدله اثناء الحياة وبعد الموت)([83]).
و للسهروردي نظرية خاصة في النفس يوضحها في الهيكل الثاني من هياكل النور ” وله كلام متفرق عنها في بقية كتبه ويبدو للمتفحص لاول وهلة ان نظرية السهروردي هذه هي آراء تلفيقية من مذاهب شتى ولكن اذا ما امعنا النظر وجدانها نظرية قائمة بذاتها تستند إلى نظريته العامة في الوجود او ما يسمى “بفقه الانوار” ولإيضاح نظرية السهروردي في النفس وماهيتها وخلودها ، لابد من معرفة طبيعة النفس عند السهروردي اذ هو يميز بين (الروح الحيواني والروح الالهي ، وهو النفس الناطقة الذي هو ذات روحية)([84]). فأما النفس الناطقة فهي (ليست جسماً او جسمانية، فهي لا داخلة العالم ولا خارجة ، ولا متصلة ولا منفصلة 0000فالنفس الناطقة جوهر لا يتصور ان تقع عليه الاشارة الحسية من شأنه ان يدبر الجسم ، يعقل ذاته الاشياء)([85]). واما (الروح الحيواني وهو جرم لطيف بخاري يتولد من لطائف الاخلاط وينبعث من التجويف الايسر من القلب وينبعث من البدن بعد ان يكتسب السلطان النوري من النفس الناطقة ولولا لطفه ما سرى فيما سرى ، اذا وقعت سدة تمنعه عن النفوذ إلى عضو ، يموت ذلك العضو ، وهو مطية تصرفات النفس الناطقة ، وتتصرف النفس في البدن ما دام ، واذا انقطع ، انقطع تصرفها في البدن)([86]) وبعد ان بين السهروردي ماهية كل من الروح الحيواني والنفس الناطقة و(التي هي نور من انوار الله تعالى ، القائمة لا في اين – من الله مشرقها ، والى الله مغربها)([87]) نستطيع ان نقرر ان النفس الناطقة غير مادية ، كما قد اشار إلى ذلك الدكتور شرف حيث يقول (واذن فالنفس الناطقة غير مادية وهي غير البدن المادي)([88]) فهي أي النفس الناطقة (احدية صمدية ، لا تقسمها الاوهام اصلاً 000 وهي اذا طربت طرباً روحياً ، تكاد تترك عالم الاجسام وتطلب عالم ما لا يتناهى)([89]). ويفصل السهروردي قوى النفس الظاهرة والباطنة فيقول : (وهذه النفس الناطقة لها قوى من مدركات ظاهرة وهي الحواس الخمس وهي اللمس والذوق والشم والسمع والبصر وقوى من مدركات باطنة ، كالحس المشترك ، وهو الذي يشاهد صور المنام معاينة على سبيل التخيل . ومن الحواس الباطنة الخيال ، وهو خزانة الحس المشترك وتبقى فيها الصور بعد زوالها من الحواس ، ومنها القوة الفكرية التي بها التركيب والتفصيل والاستنباط ، ومنها الوهم وهو الذي ينازع العقل في قضاياه ، حتى ان المنفرد بميت في الليل يؤمنه عقله ، ويخوفه وهمه ، وهو يخالف العقل في امور غير محسوسة)([90]) ويواصل عرض القوى الباطنة للنفس الناطقة فيقول : (ومن الحواس الباطنة ، الحافظة ، وهي التي يكون بها ذكر سائر الوقائع والاحوال الجزئية ، ولكل من الحواس الباطنة موضع من الدماغ يختص به ، ويختل ذلك الحس باختلاله ، مع سلامة ما سواه من الحواس ، وبذلك عرف تغاير القوى اختصاصها بمواضعها)([91]).واما القوة التي تختص بالروح الحيواني فأن (للحيوانات قوة شوقية ذات شعبتين : منها شهوانية جعلت لجلب الملائم ، وغضبية خلقت لدفع مالا يلائم ، وقوة محركة تباشر ، التحريك . وحامل جميع القوى المحركة والمدركة هو الروح الحيواني)([92])، وكما سبق ان عرفنا ان النفس الناطقة ليست بجسم ولا جسمية فما هي الصلة بينها وبين الجسم ؟ وبعبارة اخرى (ما هي اداة الربط بين الطرفين ، تلك الأداة التي تتيح للنفس ان تؤثر في الجسم ، والتي تسمح لنا بتفسير هذه المظاهر المتعددة التي تشير في مجملها إلى نوع من الارتباط بين النفس والجسد ،قد يكون اتحاداً او غير ذلك ؟ واذا فشلنا في ايجاد اساس لهذه العلاقة فتبقى مظاهر اتحاد النفس بالجسم دون تفسير مع وجود الفصل الميتافيزيقي التام بين الطرفين.
واذا ما اخذنا رأي الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي نجده لم يغفل عن موضوع النفس فهو بجانب ما ذهب اليه اسلافه من متصوفة المشرق من ان النفس هي محل الصفات المذمومة وهي الامارة بالسوء على حد التعبير القرآني ، الا انه نظر إلى النفس من جانب اخر تمثل في كونها اداة معرفية “فمن لم يعرف نفسه لم يعرف ربه” ورأى ان النفس البشرية في حالة ترقيها في الاحوال والمقامات فانها تبلغ الكمال فباعتبارها انسانية وبالغة للكمال سمي صاحبها “بالانسان الكامل ” واذا كان اجماع الصوفية على ان الانسان الكامل يتمثل في شخص النبي محمد (r) فان ابن عربي يرى ان من الاولياء من بلغ درجة الكمال لقوله عليه الصلاة والسلام ” كمل من الرجال كثير ” وهذا الكمال مقام الكشف والمشاهدة والحضور في المقام الاقدس ، وفي هذا المقام اربعة حضرات (حضرة الاقامة – الاولى – الثانية حضرة النور ، والثالثة حضرة العقل، والرابعة حضرة الانسان وحضرة الانسان اتم الحضرات وجوداً ، فحضرة الاقامة إذا نزلها العبد شرب من نهر الديمومة وانتج له هذا المقام بهذه الحضرة مقام الخشية الربانية والرضا الالهي فان الخشية الالهية تفتح حضرة اخرى غير هذه)([93])، وهذه الحضرات التي تكلم عنها الشيخ الاكبر هي اثر تجلي الحق على قلب العبد ( وهو ان الحق ما تجلى بشيء قط واحتجب عنه ولا كتب في قلب ايماناً فمحاه وكل من قال استتر عني بعد التجلي فما تجلى له قط ولكن جلى له فقال هو هو لاثبات للكون على حال فتغير عليه فقال بالحجاب)([94]) . ويذكر ابن عربي انسلاخ الصوفي من نفسه كما (ينسلخ الرجل عن ثوبه والحية عن جلدها)([95])، وهو قريب من الرواية التي ذكرها الشيخ عبد القادر الكيلاني في (ترك النفس والانسلاخ عنها كانسلاخ الحية من جلدها)([96]). ويرى ابن عربي ان من تسوية البدن وتوجه الروح الكلي ظهرت النفس الجزئية حيث يقول : (فاول الافراد الثلاثة ولهذا فردانية اللطيفة الانسانية تخالف وحدانيتها فان فردانيتها تثبت له بتقدم الاثنين وهو تسوية البدن وتوجه الروح الكلي فظهرت النفس الجزئية التي هي اللطيفة الانسانية فكانت فرداً فان بعد هذا الجسد المسوى انما هو الكلي فبقي هذا الجزئي المولد بينهما فرداً فطلب اهلاً يألف اليه ويسكن كسكون ابيه الذي هو الروح الكلي الى امه الذي هو الجسد)([97]).
ويعتبر ابن عربي الانسان هو مفتاح الوجود وهو سر من اسرار الله تعالى لا يعلمه الا هو سبحانه يقول ابن عربي (انت الكون والله المكون فتح الوجود بك وانت المفتاح للوجود فأنت عنده ولا يعلمك الا الله)([98]) . ويبني ابن عربي تصوفه على اساس اخلاقي اي الترقي النفسي فيقول : (التصوف اذا لم يعم مكارم الاخلاق لا يعول عليه)([99]). ويرى ابن عربي ان لكل صوفي معراجاً خاصاً به وقد اخذ ذلك من معراج النبي محمد (r) ومعراج الصوفي هو السفر إلى عالم قلبه (فمن سافر إلى عالم قلبه كما سافر ادريس عاين الملكوت الافخم وتجلى له الجبروت الاعظم وعاين سر الحياة الذي هو روحها والساري بها في جميع الحيوانات وفرق بين الروح الكثير والروح القليل ، واعطى كل ذي حق حقه وعرف من كتب نقوشه السفلية ومراتب ارواحه العلوية وانبعاث الفروع من الاصول وانعطاف الفروع على الاصول وصورة الكون)([100]) . وهذا المعراج هو كرم ومنة من الله تعالى لمن تحقق في مقام العبودية يقول ابن عربي : (اعلم انه اذا اكرم الله عبداً سافر به في عبوديته يقول عز وجل {سبحان الذي اسرى بعبده} فما سماه الا بشرف اسمائه عنده لانه ما تحسن عبد بحسن احسن ولا ازين من حسن عبوديته لأن الربوبية لا تخلع زينتها الاعلى المتحققين بمقام العبودية)([101]). والتحقق بمقام العبودية هو صفة العارفين إلى جانب صفات اخرى يذكرها ابن عربي نقلاً عن الجنيد البغدادي فمن (صفات العارف الذي بلغ قمة الحياة الروحية ان يكون خائفاً ، برماً بالبقاء ، اسيراً لجسمه ، يعرف عن الشارع ان في الموت لقاء الله فتتنغص عليه الحياة الدنيا شوقاً إلى هذا اللقاء ، فيه حياء وحلم ، بطنه جائع وبدنه عار ، لا يأسف على شيء تبكي عينه ويضحك قلبه ، وهو كالأرض يطؤها البر والفاجر ، وكالسحاب يظل كل شيء ، وكالمطر يسقي ما يحب وما لا يحب ، بكاؤه على نفسه ، وثناؤه على ربه ، يضيع ماله ، ويقف على ماللحق ، لا يلحظه الاغيار ، ذو فقر وذلة يورث غنى وعزة ، ويرجو ولا يرجى ، رحيم مؤنس ، امعة ، طائع بذاته ، قابل امر ربه)([102]).
ويظهر اثر الشيخ عبد القادر الكيلاني في الشيخ الاكبر من خلال تقسيمه للانفس الى سبعة انواع وهي : (الامارة ، اللوامة ، الملهمة ، المطمئنة الراضية ، المرضية ، الكاملة )([103])، ويذكر ابن عربي اركان الطريق الصوفي وهي عينها التي ذكرها ابو طالب المكي في قوت القلوب وهي : (العزلة ، والصمت ، والجوع ، والسهر)([104]). وذا كانت الروح هي المحركة للحواس وبوجودها يحيى الجسد وبخروجها يخرب الجسد ويموت ، فان الانسان بالنسبة للعالم كنسبة الروح من الجسد ، يقول بن عربي (فالعالم كله تفصيل آدم ، وآدم هو الكتاب الجامع . فهو للعالم كالروح من الجسد ، فالانسان روح العالم والعالم الجسد . فبالمجموع يكون العالم كله هو الانسان الكبير والانسان فيه . واذا نظرت إلى العالم وحده ، دون الانسان وجدته كالجسم المسوى بغير روح . فكمال العالم بالانسان مثل كمال الجسد بالروح . فالانسان منفوخ في جسم العالم فهو المقصود من العالم)([105]).
وتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
يطلقون الروح ويريدون به الروح الذي ينفخ منه عند كمال تسوية الخلق . والذي مدار الطريق عليه هو الروح الذي يجده اهل الله عند الانقطاع إليه بالهمم والعبادة ، فاكثر ما يقع عنه السؤال منهم غالباً فيكون قولهم ما بدء الروح ؟ أي ما ابتدأ حصوله في قلب العارف)([106]). ويجيب ابن عربي عن هذا السؤال بأنه أي هذا النور (هو نور من حضرة الربوبية لا من غيرها ، واصله من الروح الذي هو من امر ربي – أي من الروح الذي لم يوجد عن خلق 000 فعن هذا الروح يكون هذا لروح المسؤول عنه ، الذي يجده اهل هذا الطريق )([107]) . ان هذه التحولات في النفس الانسانية والترقي والتدرج بين النفوس انما يعتمد على المجاهدة والتصفية والتزكية والتطهير.وصولا الى النفس الكاملة المتمثلة بنفس العارف، وهي نفس الانسان الكامل اذن فالانسان اولا وآخرا في هذه النظرية بجانبيها المعرفي والنفسي ، والحمد لله رب العالمين
الملخَّص:
فان تداخل فيما بينها هو من الامور التي تجرنا الى معرفة جديدة بطبيعة كل علم من هذه العلوم بشكل عام . وان رجال المعرفة الصوفية في الاسلام، كانوا دائما النماذج التي تقدم لنا الصورة الحية للمفكرين الكبارفي الاسلام.
ويعبر محمد اقبال شاعر الانسانية عن ذلك بقوله: (ان الاسلام عند الصوفية يأخذ طابعا من الجمال والكمال، والانسانية العالية والاخوة العالمية لاتجده في اسلام الفقهاء والمتكلمين) فنحن نجد في كل همسة من اقوالهم وحلقة من افعالهم معالم جديدة للانسانية وفي هذا البحث نسعى لبيان نظرية انثربولوجية في العرفان الاسلامي تقوم هذه النظرية على اتجاهين هما الاتجاه المعرفي والاتجاه النفسي، ومن خلال الترقي في هذين الاتجاهين يتحول الانسان الى الانسان العارف، وهو الانسان الكامل الذي تحدثت عنه كتب الصوفية بشيء من التفصيل. وسنحاول الكشف عن هذه النظرية واتجاهاتها في ثنايا هذه الدراسة.
الخاتمة:
وفي الختام توصنا من خلال هذه الدراسة الى عدة نتائج منها:
- ان تذاخل العلوم كشف لنا عن معارف جديدة يمكن ان تكون ذات اهمية لكلا العلمين.
- لقد تبين لنا ان المعرفة عند الصوفية وهي اليقينية عندهم لاتكون دفعة واحدة وانما هي نتيجة الترقي بالمعارف والعمل مقتضاعا وصولا الى المعرفة الوهبية، فاول الطريق علم ووسطه عمل وآخره موهبة).
- ان الاتجاه الثاني الذي يترقى من خلاله السالك هو الاتجاه النفسي وهو جانب مهم من جوانب الترقي من خلال تهذيب النفس كطريق لوصول السالك الى مقام الانسان العارف، الذي ينتقل به الانسان من كونه انسان عادي الى انسان كامل.
- لقد تظنت كتب الصوفية كلاما عن الانسان الكامل والذي يستحق الخلافة الالهية في الارض.
- لن يصل السالك الى هذا المقام ما لم يسلك هذين الاتجاهين في الترقي وبهما يصل الى منظومته المعرفية التي تعد عنده منتهى درجات اليقين.
- ان هذه المعرفة وان كانت يقينية بالنسبة للعارف الا ان يقينها مقتصر عليه فهو صاحب التجربة التي لايمكن نقلها الى الآخرين.
- وبهذا تتضح لنا نظرية انثربولوجية تشير الى بيان الفرق بين الانسان بمختلف تحصيلاته المعرفية وتحولاته من الجهل الى العلم الى المعرفة. ثم من الانسان العادي الى الانسان السالك الى الانسان الكامل.
- واخيرا ادعوا جميع الزملاء الباحثين للحفر والتنقيب في معارف اهل العرفان وبيان اهمية هذه المعرفة للانسان في دنياه وآخرته لينال سعادة الدارين . ويكون من المقربين من حضرة القدس في مقام الانس، بمجاوزة حجب النفس. والحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع:
- أحمد توفيق عياد ، التصوف الاسلامي تأريخه ومدارسه وطبيعته واثره، دار الانجلو المصرية، القاهرة،1970م.
- بدوي، د.عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، مطبعة ذوي القربى، قم، ايران، ط2، 1425هـ – 2008م.
- التهانوي ، كشاف اصطلاحات الفنون ، كلكته ، 1862م.
- الجابري، د.محمد عابد، بنية العقل العربي (دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط9، 2009م.
- الجنيد ، كتاب دواء التفريط ، تحقيق د. سعاد الحكيم ، ضمن كتاب تاج العارفين ، دار الشروق ، القاهرة ، 2003م.
- الجنيد ، كتاب الفناء ، ضمن كتاب تاج العارفين الجنيد البغدادي ، الاعمال الكاملة ، دراسة وجمع وتحقيق د. سعاد الحكيم ، دار الشروق ، القاهرة ، 2003م.
- الحلاج، ابو المغيث الحسين بن منصور(ت309هـ)، الطواسين، تحقيق رضوان السح، دار الفرقد دمشق،ط1 ،2010م.
- رابوبورت اسس: مبادئ الفلسفة، ترجمة أحمدأمين، دار الكتاب العربي، بيروت، (د،ت).
- روجي باستيد، الانثربولوجيا الدينية، ترجمة: حسن صادق ، مجلة الحكمة ، ملخص على شبكة الانترنت ضمن موقع الحكمة org .hekmah.thttpos //
- السبكي ،طبقات الشافعية ، تحقيق عبد الفتاح الحلو ومحمود الضاحي ، دار احياء الكتب العربية ، (د. ت) .
- السراج ، اللمع ، تحقيق : د. عبد الحليم محمود وطه سرور ، دار الكتب الحديثة ، مصر، 1960م.
- سليم،د.شاكر مصطفى، قاموس الانثر بولوجيا، انكليزي-عربي ، منشورات جامعة الكويت، ط1، 1981م.
- السهروردي، عمر بن محمود السهروردي (ت 632هـ) ، عوارف المعارف ، بيروت ، 1966م.
- السهروردي، يحى بن حبش بن ميرك، اللمحات ، تحقيق اميل معلوف ، دار المعارف ،بيروت –لبنان ،(د،ت).
- ابن سينا، ابو علي الحسين بن سينا، (ت 428هـ)، الاشارات والتنبيهات، شرح نصير الدين الطوسي،:سليمان دنيا،دار المعارف،القاهرة، (د، ت).
- الشيبي، مصطفى كامل، شرح ديوان الحلاج ، بيروت ، 1394-1964م.
- الشيرازي، صدر الدين، (ت 1050هـ)، الاسفار الاربعة، دار احياء التراث العربي، بيروت، ط3، (د، ت).
- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، (د، ط، ت).
- العبيدي :د. حسن مجيد ، التصوف في المدرسة الفلسفية العراقية المعاصرة عرفن عبد الحميد انموذجا ، ضمن كتاب الصوف بحوث ودراسات ، منشورات دار ضفاف ، ط1، 2015.
- ابن عربي ، كتاب الفناء في المشاهدة ، ضمن مجموعة رسائل ابن عربي ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، (د. ت).
- الغزالي ابو حامد محمد بن محمد الطوسي (ت505هـ)، كتاب الاربعين ، بيروت ، 1978م.
- الغزالي، احياء علوم الدين،دار الكتب العلمية، يروت، (د،ت).
- الغزالي ، محك النظر، دار المنهاج للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1، 1437هـ-2016م.
- الغزالي، معيارالعلم، شرحه احمد شمس الدين،دارالكتب العلمية، بيروت، ط2 ،(د،ت).
- الغزالي، مقاصد الفلاسفة، تحقيق : محمود بيجو، ط1 ،1420هـ-2000م.
- الغزالي، ، المنقذ من الضلال، تحقيق: عبدالحليم محمود، القاهرة،1952م.
- ابن فارس، أبي الحسين أحمد بن فارس زكريا، (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، طبعة اتحاد الكتاب العرب، 1423هـ – 2002م .
- القشيري ، الرسالة القشيرية ، تحقيق : عبد الحليم محمود ، ومحمود بن الشريف ، دار الكتب الحديثة ، مصر ، ط1 ، 1966م.
- لوسي مير ، مقدمة في الانثربولوجياالاجتماعية، ترجمة: د.شاكر مصطفى سليم، دار الشؤون الثقافية ، بغداد،(د،ت).
- ماسينون ، اخبار الحلاج ، باريس ، 1936م.
- مطهري الشهيد مرتضى، مدخل الى العلوم الاسلامية، (الكلام – العرفان)، الحكمة العملية، ترجمة: حسن علي الهاشمي، دار الكتاب الاسلامي، مطبعة السرور، ط1، 1421هـ – 2001م.
- مقداد عرفة منسية، الصوفية والموت، مجلة مدارات، عدد 13 –14، السنة الثامنة، تونس ، 2001م.
- ابو نعيم الاصبهاني ، حلية الاولياء وطبقات الاصفياء ، مطبعة السعادة ، مصر ، 1938م.
- الهويجري ، كشف المحجوب ، دراسة وترجمة د. اسعاد قنديل ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1980م.
- أبو الوفا التفتازاني، الطريقة الأكبرية ، ضمن الكتاب التذكاري لابن عربي.
- whitehead: science and the modern word . Fontana Books 1926.
([1]) ابن فارس، ابي الحسين احمد بن فارس زكريا، (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، طبعة اتحاد الكتاب العرب، 1423هـ – 2002م، ج4، ص281.
([2]) سورة الأعراف: الآية ( 46-48 ).
([3]) ينظر: المعجم الوسيط، ج2، ص616، 617، بتصرف.
([4]) ابن سينا، ابو علي الحسين بن سينا، (ت 428هـ)، الاشارات والتنبيهات، شرح نصير الدين الطوسي، تحقيق: سليمان دنيا، دار المعارف، القاهرة، (د، ت)، ج3، ص96.
([5]) ينظر: بدوي، د.عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، مطبعة ذوي القربى، قم، ايران، ط2، 1425هـ – 2008م، المجلد الاول، ص65.
([6]) الشيرازي، صدر الدين، (ت 1050هـ)، الاسفار الاربعة، دار احياء التراث العربي، بيروت، ط3، (د، ت)، ج4، ص115.
([8]) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، (د، ط، ت)، ج8، ص248.
([9]) الجابري، د.محمد عابد، بنية العقل العربي (دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط9، 2009م، ص253، 255.
([10]) ينظر: مطهري الشهيد مرتضى، مدخل الى العلوم الاسلامية، (الكلام – العرفان)، الحكمة العملية، ترجمة: حسن علي الهاشمي، دار الكتاب الاسلامي، مطبعة السرور، ط1، 1421هـ – 2001م، ج2، ص60.
([11]) مطهري، مرتضى، مدخل الى العلوم الاسلامية، ج2، ص62.
[13] – ينظر: سليم،د.شاكر مصطفى، قاموس الانثر بولوجيا، انكليزي-عربي ، منشورات جامعة الكويت، ط1، 1981م، ص56.
[14] – ينظر: المصدر نفسه ،ص56.
[15] – ينظر: روجي باستيد، الانثربولوجيا الدينية، ترجمة: حسن صادق ، مجلة الحكمة ، ملخص على شبكة الانترنت ضمن موقع الحكمة. org hekmah .thttpos //
[16] – لوسي مير ، مقدمة في الانثربولوجياالاجتماعية، ترجمة: د.شاكر مصطفى سليم، دار الشؤون الثقافية ، بغداد،(د،ت)، ص65.
[17] – ينظر: المصدر نفسه، ص65.
[18] – ينظر: سليم،د.شاكر مصطفى، قاموس الانثر بولوجيا، انكليزي-عربي ، ص55.
[19]– whitehead: science and the modern word. Fontana Books 1926.P.10
[20] – رابوبورت اسس: مبادئ الفلسفة، ترجمة أحمدأمين، دار الكتاب العربي، بيروت، ص25.
[21] – عبد الرحمن بدوي، المصدر نفسه، ص70.
[22] – الغزالي ابو حامد محمد بن محمد الطوسي (ت505هـ)، معيار العلم ،ص30-31. ومحك النظر، ص29.
[23] – الغزالي، المنقذ من الضلال، تحقيق: عبدالحليم محمود،ص91.
[24] – ينظر: الغزالي، معيار العلم ، ص209-210.
[25] – الغزالي، الاحياء، ج1،ص85.
[26] – الغزالي، مقاصد الفلاسفة، ص36.
[27] – ينظر: الغزالي ، معراج القدس ،ص141.
[28] – ينظر: المصدر نفسه، ص142.
[29] – ينظر: المصدر نفسه، ص142.
[30] – المصدر السابق، ص67-68.
[31] – العبيدي :د. حسن مجيد ، التصوف في المدرسة الفلسفية العراقية المعاصرة عرفن عبد الحميد انموذجا ، ضمن كتاب الصوف بحوث ودراسات ، منشورات دار ضفاف ، ط1، 2015م، 36.
[32] )) بنية العقل العربي
[33] )) رضوان السحّ ، بين السهروردي و الحلاج , موقع: Alef
[34] )) الحلاج ، الطواسين وبستان المعرفة ،ص78.
[35] )) رضوان السحّ ، بين السهروردي و الحلاج , موقع: Alef
[36] )) الحلاج ، ديوان الحلاج ، ص32.
[37] )) رضوان السحّ ، بين السهروردي و الحلاج , موقع: Alef
[38] ) ) الكيالي : سامي ، السهروردي ،ص41.
[39] )) السهروردي ، التلويحات اللوحية والعرشية ، مقدمة المحقق ،ص28.
[40] )) ينظر السهروردي ، اللمحات ، تحقيق اميل معلوف ، دار المعارف ،بيروت –لبنان ،مقدمة المحقق، ص34.
[42] )) الكيالي:د. سامي ، السهروردي ،ص20.
[43] )) السهروردي ، اللمحات ،ص143.
[44] ))الحلاج ، الطواسين ، ص47.
[45] – سورة الكهف، الآية 65.
([46]) احمد توفيق عياد ، التصوف الإسلامي ، ص161 .
([47]) الشطح عند السراج صاحب اللمع “كلام يترجمه اللسان عن وجد يفيض عن معدنه مقرون بالدعوى إلا أن يكون صاحبه مستلباً ومحفوظاً … وكان يعضهم إذا سأله انسان مسألة فيها دعوى ، يقول : أعوذ بالله من شطح اللسان” . وعند ابن عربي “عبارة عن كلمة عليها رائحة رعونة ودعوى وهي نادرة أن توجد من المحققين” أنظر نظلة الجبوري نصوص المصطلح الصوفي في الاسلام ، ص31و131 .
([48]) ابن خلدون ، شفاء السائل في تهذيب المسائل ، نشرة اغناطيوس اليسوعي ، ص48-49 .
([49]) الشيخ عبد القادر الكيلاني ، فتوح الغيب ، دار احياء التراث العربي ، بغداد ، العراق ، 1984 ، ص18-19 .
([50]) السيد احمد الرفاعي ، حالة اهل الحقيقة مع الله ، ص34 .
([51]) القسيري ، الرسالة القشيرية ، تحقيق : عبد الحليم محمود ، ومحمود بن الشريف ، دار الكتب الحديثة ، مصر ، ط1 ، 1966 ، ج1 ، ص350 .
([52]) الهويجري ، كشف المحجوب ، دراسة وترجمة د. اسعاد قنديل ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1980 ، ص431 .
([54]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، ج1 ، ص243 .
([55]) السبكي ،طبقات الشافعية ، تحقيق عبد الفتاح الحلو ومحمود الضاحي ، دار احياء الكتب العربية ، (د. ت) ، ج2 ، ص266 .
([56]) السراج ، اللمع ، ص292 .
([57]) ابو نعيم الاصبهاني ، حلية الاولياء وطبقات الاصفياء ، مطبعة السعادة ، مصر ، 1938، ج10 ، ص273 .
([58]) ” التنقل في الاحوال والمقامات والمعارف ” انظر : نصوص المصطلح الصوفي ، ص146 .
([59]) ينظر : الرسالة القشيرية ، ص43 ، وفي نصوص المصطلح الصوفي ، ص82 .
([60]) ينظر : اللمع ، للسراج ، ص323 ، وفي نصوص المصطلح الصوفي ، ص52 .
([63]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، طبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، 1940 ، ص43 .
([64]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، ص43 .
([65]) يطلق الصوفية لفظ القالب ويريدون به الجسد او البدن .
([67]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، ص48 . وفي نصوص المصطلح الصوفي ، ص114 .
([68]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، ص49 . وفي نصوص المصطلح الصوفي ، ص115 .
([69]) المصدر نفسه ، ص49 . وفي نصوص المصطلح الصوفي ، ص115 .
([70]) القشيري ، الرسالة القشيرية “طبعة الحلبي” ، ص43 .
([73]) عمر بن محمود السهروردي (ت 632هـ) ، عوارف المعارف ، بيروت ، 1966 ، ص530 .
([74]) القشيري ، الرسالة القشيرية ، نشرة عبد الحليم محمود ، ج1 ، ص443 .
([76]) د. مقداد عرفة منسية ، الصوفية والموت ، مجلة مدارات ، عدد 13 –14 ، السنة الثامنة، تونس ، 2001 ، ص52 .
([77]) نيكولسون ، في التصوف الاسلامي ، ص136 .
([78]) الغزالي ، كتاب الاربعين ، بيروت ، 1978 ، ص208 .
([79]) مقداد عرفة منسية ، الصوفية والموت ، “مدارات” ، ص54 .
([80]) الغزالي ، الاربعين ، ص208-210 .
([81]) د. مصطفى كامل الشيبي ، شرح ديوان الحلاج ، بيروت ، 1394-1964 ، ص147 .
([82]) مقداد عرفه منسية ، الصوفية والموت ، ص52 .
([83]) الغزالي ، الاربعين ، ص21 . أيضاً عبد الكريم الجيلي ، الانسان الكامل ، ج2 ، ص77.
([84]) محمد علي ابو ريان ، مقدمة تحقيق هياكل النور للسهروردي ، ص25 .
([85]) السهروردي ، هياكل النور ، ص51 .
([88]) د. محمد جلال شرف ، المذهب الاشراقي ، ص182 .
([89]) السهروردي ، هياكل لنور ، ص50 – 51 .
([93]) ابن عربي ، كتاب الفناء في المشاهدة ، ضمن مجموعة رسائل ابن عربي ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، (د. ت) ، ص8 .
([94]) ابن عربي ، كتاب الفناء في المشاهدة ، ص6 .
([96]) الشيخ عبد القادر الكيلاني ، فتوح الغيب ، ص19 ،وهذه الرواية عن ابي زيد البسطامي (رضي الله عنه) .
([97]) ابن عربي ، كتاب الاحدية ، ضمن رسائل ابن عربي ، ص7 .
([98]) ابن عربي ، كتاب التراجم ، ضمن رسائل ابن عربي ، ص9 .
([100]) ابن عربي ، كتاب الاسفار ، ضمن رسائل ابن عربي ، ص32 .
([102]) ابن عربي ، الفتوحات المكية ، ج3 ، ص316 – 318 .
([103]) د. ابو الوفا التفتازاني ، الطريقة الاكبرية ، ضمن الكتاب التذكاري لابن عربي ، ص332 – 333 .
([104]) ينظر : ابن عربي ، الفتوحات المكية ، ج2 ، ص238 – 240 .
([105]) ابن عربي ، الفتوحات المكية 0 نشرة “عثمان بن يحيى” ، ص255 .