الطريقة الهبريَّة الدرقاوية الشاذليَّة
الطريقة الهبريَّة الدرقاوية الشاذليَّة
مؤسسها هو الحاج محمد الهبري العزاوي وهو سيدي محمد بن قدور الوكيلي نسبة الى عبد الله بن عزة من آل البيت الإدريسي دفين قسم بني خالد، وينقل الرواة أن الحاج محمد الهبري المذكور أخذ السر عن زاوية كركر التي كان يرأسها مولاي العربي الدرقاوي. وهذه الزاوية واقعة في الريف من قبيلة تمسمان وفي ملحقة اعزيب ميضار اقليم الناظور. توجد هذه الزاوية بالضريوة التي هي من ملحقات احفير على الحدود المغربية الجزائرية وقريبة من السعيدية.
فالشرفاء أولاد سيدي عبد الله بن عزة كانوا معروفين بالبطولة وقيادة القبائل قيادة سياسية وعلى الخصوص منهم أولاد المجدوب. ولكن الحاج محمد الهبري هذا يحكى عنه انه لما حفظ القرآن الكريم وشب كان يمارس الأوراد والأذكار إلى جانب الأوراد الخاصة بتسخير الجن، ويحكى عنه أيضاً أنه بلغ في ذلك مستوى ملحوظاً. وقد ظهر له اثناء هذه الحياة في عالم الأوراد والجنون، ان ينقطع إلى العبادة وممارسة تعاليم التصوف، فرحل إلى زاوية ” كركر ” المذكورة، وأخذ السر عن رئيسها. وأن هذا الأخير أمره بإنشاء زاوية في بني يزناسن وفتح أبواب الأسرار في وجوه المريدين. وعملاً بهذا ” الإمر الاجباري ” أنشأ له زواية الضريوة ودعيت بزاوية الهبري أو الزاوية الدرقاوية. ولقد وقع إقبال عظيم على هذه الزاوية حتى أن الأغلبية الساحقة من بني يزناسن مرتبطة بزاوية الهبري، وأكثر البطون إقبالاً عليها: التاكميون من بني وريمش، والورطاسيون، وبنو وشكراد، والجواهرة، وبنو بويعلى، وبنو موسى من بني عتيق.
مميزات الزاوية الهبرية:
من ميزات هذه الزاوية من غيرها من الزوايا استعمال الطبول أثناء رقصاتهم ” الحضرة ” مع أناشيد وجدانية.
والميزة الثانية: ” الخلوة ” وهي عبارة عن طلب المريد من الشيخ ذكر إسم الله الاعظم ” الله ” والانقطاع إلى ذلك في مكان قرب الزاوية، وهذا المكان عبارة عن محل ازاء شجرة من سدر عادية يلازم المريد بها ليل نهار يردد ذكر ” الله، الله ” إلا في أوقات الصلوات والفترات التي يتناول طعاماً متواضعاً بسيطاً كماً وكيفاً. ولا يكاد يمر أسبوع على هذه العملية في الغالب حتى يأخذ المريد في كلام غير عادي، ويعيش عيشة اضطراب فاقداً اتزانه العقلي، فلا يمشي إلاَّ مضطرباً، ولا يأكل إلا مضطرباً، ولا يأكل ولا ينام إلا قليلاً، ويتنقل من مكان إلى مكان من دون هدف، وفي معظم الأحيان لا يعرف حتى أقاربه، ويقفز لكل صوت ويرقص في أي مكان كان، وإذا ذكر اسم الله، أخذ في ترديده ما شاء الله، ولا يقوم بشؤونه العادية. وقد تطول مدة هذه الحالة عدة شهور، وإن كان أهله يزورونه أحياناً. وكم من هؤلاء المريدين الذين يدخلون هذه الخلوة قد فقدوا حياتهم العادية نهائياً، وكم منهم من أثر ذلك على صحته، فعاش معلولاً إلى النهاية. والقصد من هذه ” الخلوة ” في نظر الزاوية هو العمل على التخلية لحط الذنوب بما ينقطع اليه المريد من العبادة والزهد في الدنيا، ثم مشاهدة الأنوار الإلهية والرؤى السعيدة وهو ما يسمى بالتحلية.
ومن تقاليد هذه الزاوية أن يتناول المريد أي مريد وأي زائر من المريدين طعام الشعير فحسب، إلاَّ بعض الأشخاص الممتازين. ومن شعارها عدم تناول شرب البن (القهوة)، و أن لا يوضع كأس الشاي على غير المائدة، وعادة ما يكون على حسابهم الخاص. ومن عادات هذه الزاوية ايضاً جلوس المريدين على الحصيرة، ومن حين لآخر يخرج عليهم الشيخ مرتدياً ثياباً صوفية متواضعة جداً، ويجلس على الأرض عارية من أي فراش، و إن كان لا بد من الفراش فالحصيرة ليس إلا. ويفتتح حديثه مع المريدين بقول الله تعالى: ” مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى “. وذلك إشارة إلى أن الانسان يجب ان لا يستنكف من الجلوس على الارض لانه منها واليها. وحديث الشيخ بسيط في حد ذاته يتلخص في بعض العظات العمومية.
خلفاؤه:
خلفاء الشيخ سيدي الحاج محمد الهبري بالتناوب هم:
سيدي محمد الهبري الصغير
سيدي أحمد
سيدي علي
سيدي اعمرو
سيدي محمد سيدي عمرو الهبري
نفت فرنسا الشيخ محمد الصغير أثناء الحرب العالمية الثانية إلى أفلو بالجزائر والسبب في ذلك تقول بعض المصادر أنه رفض التعاون مع الفرنسيين لإخضاع الأهالي التابعين لطريقته رغم الاغراءات، لكنه خاطب الضابط الفرنسي الذي حاوره في هذا الشأن بان مهمته تنحصر في ارشاد الناس الى ذكر الله وعبادته والتمسك بالدين والقيم الروحية الأخلاقية، فمكث في منفاه مدة تزيد على الأربع سنوات .
وفاته:
إنتقل الى رحمة الله في 31 دجنبر 1939م ودفن في زاويته.
ثم خلفه إبنه سيدي أحمد الهبري وبعد هذا الأخير خلفه أخوه سيدي عمرو الهبري رحمه إلى أن توفته المنية سنة 2000 وحالياً شيخ الزاوية الهبرية هو سيدي محمد الهبري بن سيدي عمرو أستاذ سابق لمادة الترجمة قبل التفرغ لشؤون الزاوية .
ومن وصايا مولانا الشيخ سيدي محمد الهبري رضي الله عنه يوصي الفقراء بالأدب والتواضع والعلم والتعلم والكرم وذكر الله في كل الأوقات ونظر إلى مخلوقات الله بعين التعظيم واحترام كل المشارب كما يوصي الفقراء بالدعاء إلى الأمة الإسلامية في كل أوقات والأكثر من اللطف. هذا ديدن العلماء والشيوخ رضي الله عنهم .
وعن ذكر الإسم الأعظم سؤل وأجاب قائلاً: هو من اﻷمور الجوهرية والرئيسية للمريد كي يترقى إلى العلى للتقرب من الله عز وجل، ويشترط في المريد أن يكون طاهراً باطناً وظاهرا وتكون له سمعة حسنة وطيية لدى شيخه وزملائه الفقراء ويأذن له شيخه بدخول الخلوة والتجرد من كل الماديات الدنيوية والتوجه بالكلية الى الله تعالى وحده لاشريك له ، وأثناء الذكر أي ذكر الإسم المفرد ” { الله ، الله ، الله } ” يرى المريد مسائل ربانية لا يعلم سرها إلا الله وشيخه إن كان متمكناً، وبعد مدة قد تصل إلى شهر أو اكثر أو أقل يفتح الله على المريد ويرى من أسرار ذكر هذا الأعظم أموراً يعرفها الشيخ المربي، ويختم بذلك على مريده بخاتم الفتح .
________________
*نقلًا عن موقع “الموقع الرسمي للطريقة الدرقاوية الهبرية”.