أعلام وأقطاب

حسن زاده الآملي : فيلسوفًا و عارفًا و فقيهًا

حسن زاده الآملي : فيلسوفًا و عارفًا و فقيهًا

يُعتبر العارف بالله حسن زاده الآملي، (1307 – 1400 هـ ش) من من أوائل الفلاسفة الإسلاميين المعاصرين، له مؤلّفات عديدة في الفلسفة والعرفان، والرياضيات، والفلك، والنجوم، والأدب الفارسي والعربي، وقد صحّح أهم المؤلّفات الفلسفية والعرفانية، أو علّق عليها كالإشارات والتنبيهات والشفاء وشرح فصوص الحكم. كما درّس دورات عدة لأهم الكتب الفلسفية والعرفانية، كشرح المنظومة، وشرح الإشارات، والأسفار الأربعة، وشرح فصوص القيصري، ودرّس أيضاً الرياضيات والفلك والتفسير، وذلك لمدة 17 سنة. ومن أساتذته مهدي إلهي قمشئي، والعلامة الشعراني، والعلامة الطباطبائي، والسيد محمد حسن الإلهي.

يعتقد الشيخ الآملي أن الفلسفة والعرفان الإسلامي يسلكان طريقاً واحداً، كما أن الدين والفلسفة والعرفان متلائمان، ويعتبر النظرية التي تدّعي أن الفلسفة الإسلامية هي إغريقية نظرية خاطئة؛ إذ إن الفلاسفة المسلمين قد طوّروا من أفكار فلاسفة ما قبل الإسلام ونضّجوها.

 

حياته ودراسته

ولد حسن حسن زاده في أواخر سنة 1307 هـ ش، في آمل إحدى قرى لاريجان   في محافظة مازندان الإيرانية،[١] وفي الـ 6 من عمره تعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب، وبدأ بتعلم الدروس الحوزوية سنة 1323 هجري شمسي.[٢] فدرس الأدب العربي ودروس المقدمات عند محمد الغروي، وعزيز الله الطبرسي، وأحمد الاعتمادي، وعبد الله الإشراقي، وأبو القاسم الرجائي، وأبو القاسم الفرسي وآخرين في مدينة آمل، وفي الوقت نفسه كان يدرس بعض الكتب الحوزوية لمرحلة المقدمات.

 

الهجرة إلى طهران

ارتدى زي علماء الدين وذلك بعد أن أكمل الدروس المقدمات للحوزة، وفي الـ 22 من عمره انتقل إلى طهران؛ لاستكمال دراسته، حيث درس على يد أستاذه السيد أحمد اللواساني أبوابا من شرح اللمعة وقوانين الأصول.[٣]

وقد حضر لسنوات عديدة درس العلامة الشعراني، وتعلم منه دروساً كثيرة في مختلف العلوم، منها: في الفقه: المكاسب، والرسائل، والكفاية، وأبوابا من جواهر الكلام في أصول الفقه، وفي الفلسفة: شرح خواجة نصير الدين الطوسي على الإشارات لابن سينا، والأسفار الأربعة، وقسم من كتاب الشفاء لابن سينا، وفي القرآن وتفسيره: تفسير المجمع البيان، وشرح شاطية (في القراءة)، وفي الرياضيات والهيئة والنجوم: شرح جغميني لقاضي زاده الرومي، وأصول الأقليدس وأُغر مانالاؤوس بقلم خواجة نصير الدين الطوسي، وشرح العلامة الخضري على تذكرة الخواجة، وزيج البهادري، ومجسطي البطلميوس بقلم خواجه الطوسي، وجامع الرواة لحاج محمد الأردبيلي، وفي الطب: قانونجه للجغميني، وتشريح كليات “قانون” لابن سينا، وفي الرجال والدراية: دورتان لمجلدي جامع الرواة للأردبيلي، والدراية لمؤلفه العلامة الشعراني.[٤]

أخذ حسن زاده درجة الاجتهاد وإجازة نقل الرواية من العلامة الشعراني، وأشار إليه أن يحضر دروس آية الله السيد أبو الحسن الرفيعي القزويني كـ أسفار الملا صدرا، وشرح العلامة الفناري على مصباح الأنس، والبحث الخارج للفقه والأصول.[٥]

وقد درس لمدة 11 سنة المنظومة للسبزواري، وأبحاث النفس من الأسفار وما يقارب من نصف “شرح الخواجة على الإشارات” لابن سينا، عند مهدي إلهي القمشئي، وحضر جلساته لتفسير القرآن، كما كتب إلهي قمشمئي مقدمة على ديوان شعره.[٦]

وكان آية الله محمد تقي الآملي أستاذه في درس خارج الفقه والأصول في طهران،[٧] ودرس عند الشيخ محمد حسين فاضل التوني “شرح القيصري على فصوص الحكم” وشطراً من أوائل الطبيعيات لكتاب الشفاء لابن سينا. كما درس قسما من الشفاء لابن سينا عند الميرزا أحمد الآشتياني.[٨]

 

الهجرة إلى قم

انتقل حسن زاده الآملي سنة 1342 هـ ش من طهران إلى قم، وحضر عند العلامة الطباطبائي وأخيه السيد محمد حسن الإلهي لمدة 17 سنة، ودرس أبواباً من كتاب بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي وتمهيد القواعد عند العلامة الطباطبائي،[٩] ودروساً في الفلسفة والعرفان عند محمد حسن الإلهي، وكان يعتبر أن لهذه الفترة من حياته دوراً مؤثراً عليه من الناحية الأخلاقية، ومن أساتذته أيضًا السيد مهدي القاضي الطباطبائي ابن السيد علي القاضي المشهور بالعلوم الغريبة والحكمة والعرفان.[١٠]

 

التدريس

بعد أن أقام في قم درّس حسن زاده شرح المنظومة،  والإشارات، والأسفار الأربعة، وشرح الفصوص للقيصري، وإضافة إلى شرح التمهيد، ومصباح الأنس، كما درّس في مدة 17 سنة الرياضيات، والهيئة، والوقت والقبلة، وكان ثمرتها كتاب باسم “دروس معرفة الوقت والقبلة”.[١١]

 

مؤلفاته

للآملي مؤلفات في الفقه، والفلسفة، والأخلاق، والعرفان، والحكمة الدينية، وعلم الكلام، والرياضيات، والنجوم، والأدب العربي والفارسي، والعلوم الطبيعية، والطب القديم، والعلوم الغريبة، والباطنة، لكن أغلب مؤلفاته وأفكاره تتمحور على القرآن والفلسفة والعرفان.

 

الفلسفة

يعقتد أحد تلامذته السيد يد الله يزدان بناه أن أستاذه يرى الفلسفة والعرفان الإسلامي يسلكان طريقا واحدا، ويعتبر أن هناك توافقاً تاماً بين الدين والفلسفة والعرفان، كما يعتقد أن لملا صدرا وابن عربي دوراً مؤثراً عليه،[١٢] وهو يرفض النظرية التي تدعي أن الفلسفة الإسلامية هي إغريقية، ويعتبرها خاطئة، معتقداً أن أفكار فلاسفة قبل الإسلام كانت بسيطة، وأن فلاسفة المسلمين عمّقوا هذه الأفكار وعلى حد تعبيره “نضجوها”.[١٣]

لآية الله حسن زاده مؤلفات عديدة في الفسلفة منها: “الأصول الحكمية”، و”رسالة جعل”، و”رسالة رؤيا”، و”رسالة نفس الأمر”، و”رسالة نهج الولاية”، و”رسالة في التضاد”، و”ترجمة وتعليق الجمع بين الرأيين”، “وترجمة وشرح النمطات الثلاثة الأخيرة لكتاب الإشارات”، و”التصحيح والتعليق على الشفا”، و”التصحيح والتعليق على الإشارات”، و”التقديم والتعليق على كتاب آغاز وانجام كلامي”.[١٤]

 

القرآن أم المعارف

يعد حسن زاده القرآن أم المعارف الإلهية، ويرى أن مصدر نهج البلاغة، والصحيفة السجادية، وأصول الكافي، بحار الأنوار، وبقية الموسوعات الحديثية هو القرآن، وأنها تأتي بالمرتبة الثانية بعده، كما يعتقد أن أقوال الأئمة المعصومين تعود إلى القرآن الكريم.[١٥]

 

العرفان

من وجهة نظر حسن زاده الآملي أن الدين هو معرفة الله، ودائرة هذه المعرفة تشمل معرفة أسماء الله وأفعاله وأحكامه وكتابه، ويعتقد أن العرفان المقوم للإنسانية الأصيل يأتي من خلال الارتباط بالقرآن. ويرى  أن الأئمة المعصومين هم هداة البشر وسفراء الله حيث يبينون القواعد المقومة للإنسانية، أي: أنهم يفسرون القرآن للإنسان.[١٦]

ومن مؤلفاته في العرفان: “الهي نامه”، و”رسالة لقاء الله”، و”رسالة إنه الحق”، و”شرح فصوص الحكم”، و”العرفان والحكمة المتعالية”، و”تصحيح رسالة المكاتبات”، و”رسالة مفاتيح المخازن”، و”رسالة في السير والسلوك”.[١٧]

 

المؤلفات الأدبية

للشيخ الآملي مؤلفات في الأدب العربي والفارسي، منها: “تصحيح كليلة ودمنة”، و”مصادر الأشعار المنسوبة إلى أمير المؤمنين (ع)“، و”تقديم وتصحيح وتعليق نصاب الصبيان”، و”ديوان الأشعار”.[١٨]

 

التصحيح والتعليق

صحح الآملي كتباً عديدة كما علق على كتب أخرى، منها: “تصحيح نهج البلاغة”، و”تصحيح تفسير خلاصة المنهج”، و”تصحيح كتاب الشفا”، و”تصحيح الأسفار الأربعة”، و”تصحيح كتاب كشف المراد”، و”تصحيح تمهيد القواعد لصائن الدين والتعليق عليه”، و”شرح فصوص القيصري”.[١٩]

 

وفاته

أدخل الشيخ الآملي إلى مستشفى الإمام الرضا (ع) في مدينة آمل الإيرانية لمشاكل في القلب صبيحة يوم 25 سبتمبر 2021 م، وتوفي في الساعة التاسعة من مساء اليوم نفسه، علماً أنّه  كان يعاني من مشاكل في القلب ومن مرض السكري(20)

 

الهوامش:

 

  1. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص4.
  2. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص4.
  3. «مقابلة مع آية الله حسن زاده الآملي»، ص21.
  4. حسن زاده آملی، حسن، هزار و يك كلمه، 1381 ش، ص 334 و335.
  5. حسن زاده آملی، حسن، هزار و يك كلمه، 1381 ش، ص 335.
  6. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص5.
  7. «مقابلة مع آية الله حسن زاده الآملي»، ص25.
  8. «مقابلة مع آية الله حسن زاده الآملي»، ص25.
  9. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص7.
  10. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص7.
  11. «مصاحبه با استاد حسن زاده آملی»، ص26.
  12. «حوار مع حجة الإسلام والمسلمين يزادن بناه بمناسبة تكريم معهد الحكمة الإسلامية العالي لمقام سماحة آية الله العلامة حسن زاده الآملي العلمي».
  13. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص12.
  14. «آیت‌الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص15.
  15. «آیت الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص12.
  16. حسن‌زاده آملی، انسان در عرف عرفان، 1380ش، ص13.
  17. «آیت‌الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص15.
  18. «آیت‌الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص15.
  19. «آیت‌الله حسن‌زاده آملی حکیم، عارف، ادیب و ریاضیدان»، ص15.
  20. اعلام یک هفته عزای عمومی در آمل (إعلان الحداد العام لمدة أسبوع في مدينة آمل الإيرانية).

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى