الدراسات والبحوث

الأساس العرفاني ( مباحث الوجود والإنسان )

د. محمد محمود مرتضى

الأساس العرفاني ( مباحث الوجود والإنسان )

د. محمد محمود  مرتضى

باحث في التصوُّف الإسلامي وأستاذ الفلسفة في جامعة المعارف – لبنان

 

يتركز هذا البحث على مقاربة مفهوم الفيض؛ حيث سنتعرف على هذا المفهوم وفق الذوق العرفاني الشيعي تحديداً، مع بعض المقاربات لعرفاء آخرين منهم ­­- ­ابن عربي، وما يستتبعه من مباحث تتعلق بتقسيم العوالم، وما يطلق عليه اسم « التجليات» أو الوجود « الظلي».

تنبع أهمية هذا البحث من أنه سوف يؤسس، معرفياً، لأهمية الاسماء الحسنى ومركزيتها في العلم الذي يتمتع به الأنبياء والاوصياء والعرفاء، وأن هذا العلم هو باب لمراتب القرب التي تفتح الباب على نوع من التصرف في الكون. هذه الأهمية دفعت بالبعض، للقول إن من حصل على إسم حصل على علم ومفتاح من مفاتيح الكون.

كما أن مباحث ، كمبحث الانسان الكامل، تكشف عن العلاقة بين «المتصرف تكوينياّ» وبين الانسان الكامل الذي هو نوع من الرابطة مع عالم الاسماء.

لقد اعتمدنا في بعض المباحث العرفانية على السيد حيدر الأملي، بوصفه يمثل الارهاصات الاولى للعرفان الشيعي الذي بدأ بالتميّز عن عرفان ابن عربي، وان كان برز الآملي بوصفه شارحا لابن عربي. فيما اعتمدنا في بعض المباحث الاخرى على السيد روح الله الموسوي الخميني، بوصفه عرفانياً متأخراً، يمثل رأيه الرأي الجامع والمتوافق مع العرفان الشيعي بشكل عام.

المبحث الأول: الفيض

تعتبر نظرية الفيض من بين النظريات التي كان لها الأثر الكبير في الفلسفة عموماً، وفي الفلسفة الإسلامية الالهية خصوصاً، ثم دخلت الى مباحث العرفان، وشكلت محورا رئيساً فيه، وهذا من خلال نخبة من الفلاسفة المسلمين كالفارابي([1]) (874 م-950م) وابن سينا([2]) ((980م-1037م) وإخوان الصفا([3]) الذين أولوا لها أهمية كبيرة. وقبل التطرق لهذه النظرية وحيثياتها، لابد من تقديم بعض المدلولات لها.

 

أولاً: المدلول اللغوي للفيض

الفيض لفظ له الكثير من المشتقات، وعلى سعة انتشاره، له مدلول واحد، وهو الكثرة حتى السيلان. ويقال:(فاض) الماء أي كثر حتى سال، وكذلك (فاض) النهر أي امتلأ حتى طفح، و(فاضت) عينه أي سال الدمع منها. وقد يستعمل للدلالة على الإشارة مثل : (فاض) الخبر أي ذاع، وكذلك على السخاء فيقال رجل (فيّاض) أي جواد وكريم، و(الفيض) يرد كذلك بمعنى الخروج كالقول : (فاضت) نفسه أي خرجت روحه ومات.

يقول ابن منظور (1232 م – 1311 م) في كتابه لسان العرب:

« (فيض): فاض الماء والدمع ونحوهما، يفيض فيضا وفيوضة وفيضانا وفيضوضة، أي كثر حتى سال على ضفاف الوادي، وفاضت عينه تفيض فيضاً إذا سالت ويقال: أفاضت العين الدمع تُفيضه (إفاضة)، وأفاض فلان دمعه، وفاض الماء والمطر والخير إذا كثر… وفاض صدره بسره إذا امتلأ وباح به … وفرس (فياض): جواد كثير العدو… و(فاضت) نفسه, تفيض فيضا, خرجت » ([4])

ولا يختلف مدلول كلمة الفيض في اللغة عما ورد في بعض آيات القرآن الكريم عند أغلب المفسرين. وعلى أساس المدلول اللغوي قام المدلول الفلسفي للفيض.

 

ثانياً : المدلول الفلسفي للفيض

لقيت نظرية الفيض اهتمام الكثير من الفلاسفة والمفكرين، ما جعل مدلولاتها الفلسفية تتكثر وتتغير حسب نظرة كل فيلسوف لها. وتكمن أهمية نظرية الفيض في انها ركيزة اساسية لتفسير كيفية نشأة الموجودات المتنوعة من الواحد الثابت. فالوجود يصدر عنه كما يصدر النور عن الشمس تلقائيا، وهذا الفعل ضروري؛ لأنه ناجم عن طبيعة المبدأ الأول. وهكذا الفيض، لا يكون عشوائيا بل بطريقة منتظمة، فهو ينتقل من الواحد إلى الكثير، ومن الأول إلى العقول، أي من الوجود الأبدي المطلق إلى الوجود الزماني المتغير، بطريقة تسلسلية؛ بحيث تتوالد بعضها عن بعض، ويكون أول تلك الموجودات هو العقل الأول([5]) وأخرها العالم المادي.

فالمطروح هو البحث عن مبرر نشوء الكثرة عن الواحد البسيط، وكذا المتغير عن الثابت، انطلاقاً من منطق السنخية ونظرية الصدور. ويلاحظ الاختلاف قديماً في تفسير مجيء الكثرة، فبعضهم ردّ الكثرة الى فعل الهيولى، كما هو الحال مع انكساغورس([6]) (428-500 ق.م) واتباعه، وبعض اخر اعتبرها جاءت بسبب كثرة الآلات، كما ان اخرين قالوا انها جاءت من قبل المتوسطات، مثلما هو الحال مع افلاطون (427- 347 ق.م)([7]) .

والعقل الأول هو الذي يحرك الفلك الأكبر([8])، وبعده تأتي عقول الأفلاك الثمانية تباعاً، بعضها عن بعض، والعقول التسعة مجتمعة تمثل مرتبة الوجود الثانية. وفي المرتبة الثالثة يوجد العقل الفعال([9]) في الإنسان، وهو الذي يصل العالم العلوي بالمادي، وتأتي النفس في المرحلة الرابعة، وكل من العقل والنفس لا يدلان على حال الوحدة الخالصة، بل يتكثران بتكثر أفراد الإنسان. وفي المرتبة الخامسة توجد الصورة، وتأتي المادة في المرتبة السادسة، وبها تنتهي سلسلة الموجودات التي ليست ذواتها أجساما. أما الأجسام فمنشؤها القوة المتخيلة في العقل، وهي أجناس ستة مقابلة لمراتب الموجودات العقلية: وهي الأجسام السماوية والحيوان الناطق، الحيوان الغير ناطق، أجسام النباتات والمعادن والأسطقسات([10]) الأربعة وهي الماء والهواء والتراب والنار([11]). كما أن هناك بعض التفسيرات أو المدلولات الأخرى لنظرية الفيض لا تختلف كثيرا عن ما ذكرناه. ([12])

فجميع المفارقات التي تصدر عن المبدأ الحق هي جواهر محركة للافلاك، فكل واحد منها يعد مبدءاً لتحريك فلكه الخاص، كما يعد غاية هذا التحريك بالشوق والتشبه. يظل الاختلاف منحصراً حول المبدأ الحق الذي جعل منه ارسطو (384 – 322 ق.م ) مبدءاً لتحريك الفلك الاقصى، ومن ثم تحريك كل ما تحته من الاجرام، وبالتالي فان جميع المفارقات عند ارسطو، بما فيها المبدأ الحق، لها خصوصية التحريك المباشر للافلاك. ومن وجهة نظر ارسطو انه لا يوجد هناك جواهر خالية من فعل التحريك، الامر الذي يخالفه الفلاسفة المسلمون اذا ما استثنينا ابن رشد (520 هـ- 595 هـ) ([13]).

و يطلق الفيض في اصطلاح الفلاسفة المسلمين على فعل فاعل يفعل دائما لا لعوض ولا لغرض، وذلك الفاعل لا يكون إلا دائم الوجود؛ لأن دوام صدور الفعل عنه تابع لدوام وجوده. وهو المبدأ الفياض والواجب الوجود الذي يفيض عنه كل شيء، فيضا ضروريا معقولا.

وعلى ضوء هذه التعريفات الفيضية يمكننا إعطاء مفهوم شامل: وهو أن نظرية الفيض في مفهومها الفلسفي، نظرية فلسفية تاريخية، وضعها أصحاب الأفلاطونية المحدثة, لتفسير كيفية خلق العالم، وكيفية صدور الكثرة عن الواحد، ثم انتقلت إلى العالم الإسلامي فصاغها فلاسفته صياغة جديدة، مع المحافظة على جوهرها وأطرها السابقة([14]).

 

ثالثاً : المدلول العرفاني للفيض

لا يختلف العرفاء ( كإبن عربي وحيدر الآملي ) كثيراً في فهمهم لمفهوم الفيض وطبيعة التنزيل والصدور لدى المفارقات العلوية، عن الفلاسفة المسلمين،  لكنهم يختلفون في كيفيته. فما صدر عن المبدأ الحق عندهم، إنما هو جملة العالم بأسره دفعة واحدة، وهو ما يطلقون عليه اسم الوجود المنبسط العام، والذي يفيض على كل موجود من الموجودات الخاصة. ومع ذلك فإن اول تعيّن لهذا الصدور، ضمن الوجود المنبسط العام، هو العقل الاول([15]) حسب تعبير الفلاسفة؛ الا ان للعرفاء اصطلاحات اخرى اضافية، فيطلقون عليها اسم: العقل، الروح، النور، الانسان الكبير وغير ذلك، وهي التي سماها الشيخ محي الدين ابن عربي (558 هـ638ه ) «الحق المخلوق والحادث القديم» ([16]).

أما الاختلاف في شرح كيفية الفيض أو الصدور، فيعود الى أن الفلاسفة المسلمين يعتبرون أن ما صدر « من الحق تعالى الا العقل الأول ، والباقي صدر من العقل الأول، لكن ليس (الأمر) كذلك؛ لأنه عندنا، هذه الحقيقة ( الأولى) ومجموعة الحقائق والعالم بأسره على سبيل الكل والاجمال، صدر من الحق تعالى دفعة واحدة…..وهذه الحقيقة…عندنا هي الوجود العام، الفائض على كل موجود من الموجودات العلمية والعينية، من الحضرة الأحدية المسماة بحضرة الذات أزلاً وأبداً، لا كالعقل الأول الذي لا يفيض الا على النفس الكليّة فقط، أو العقل الثاني …أو غير ذلك » ([17]).

ورغم ما ظهر من إختلاف في تفسير كيفية الفيض والصدور، فإن صدر الدين الشيرازي-بوصفه حكيما جمع بين الفلسفة والعرفان- حاول التوفيق بين المذهبين؛  وذلك لأن العرفاء وإن قالوا بالصدور الجملي والكلي للعالم دفعة واحدة عبر الوجود المنبسط، فانهم لا ينكرون التسلسل والترتيب في التعينات الخاصة. وبالتالي فقد اعتبر الشيرازي أن ما ذكره العرفاء حول الوجود المنبسط هو ذاته عبارة عن العقل الأول من حيث التفصيل، أما من حيث تعيّنه الخاص، فهو ايضاً عبارة عن جميع ما في العالم من موجودات؛ ولكن على نحو الكمال والاجمال. ([18])

نعم قد ظهر لابن عربي تصورات مختلفة وعديدة ازاء موقفه من نظرية الصدور. فهو احياناً يستدل على خطأ التعميم القائل (الواحد لا يصدر عنه الا واحد) بدليل هندسي مفاده: ان النقطة رغم انها تعد واحدة، الا ان من الممكن ان ينشأ منها خطوط متعددة. فاذا كانت النقطة مفترضة في مركز الدائرة، فان من الجائز ان يرسم عليها خطوط تنتهي الى نقط متعددة في المحيط، بحيث ان جميعها يقابل تلك النقطة وجهاً لوجه([19]). والواقع انه يمكن انشاء ما لا نهاية له من الخطوط المنبعثة من نقطة المركز، والتي تفضي الى رسم ما لا نهاية له من النقط على المحيط. لكن انما يصح ذلك باعتبار ان نقطة المركز لم تعد نقطة بسيطة، بل هي مركبة الى ما لا نهاية له من النقط الجزئية، وهو امر لا يتنافى مع قاعدة الصدور، مثلما اشار الى ذلك صدر المتألهين وهو في معرض ردّه على ذلك الاستدلال الذي نسبه الى بعض الأذكياء.([20])

وحيث رفض ابن عربي مفاد نظرية (الواحد لا يصدر عنه الا واحد)، حاول ان يفسر علة الكثرة من خلال فكرة التثليث التي اناط بها الايجاد والتنزيل. فالثلاثة عنده هي ابسط الكثرة([21])، او انها اول الافراد وعنها وجد العالم. فهي في الحضرة الالهية عبارة عن علم وعالم ومعلوم، وان هذه العلاقة الثلاثية اقتضت العلاقة بين الحق والاعيان الثابتة. فالواحد بمفرده لا ينتج، وكذا الاثنان لا ينتجان ما لم يقم بينهما حركة الجماع وهي الفردية، وبالتالي فبالاحدية ظهرت الاشياء عن الله الواحد من جميع الوجوه. فالموجود الذي صدر انما صدر بثلاثة اعتبارات، هي اصل النتائج كلها، وهي وجود الذات، وكونها قادرة، وكونها متوجهة. فبهذه الاعتبارات والوجوه ظهرت الاعيان.([22])

مع هذا، فهناك موقف اخر لابن عربي ازاء قاعدة الصدور الانفة الذكر، حيث عدّها صحيحة تماماً من الناحية العقلية، بل وتنطبق على جميع الموجودات باستثناء احدية الحق، حيث الكثرة تصدر عنها، وذلك لان احديته خارجة عن حكم العقل وطوره «فأحدية حكم العقل هي التي لا يصدر عنها الا واحد، واحدية الحق لا تدخل تحت الحكم»([23]). كذلك فلو صدر عن الحق جميع العالم، فانه لا يصدر عنه الا واحد، حيث انه مع كل واحد من حيث احديته، لكن الامر يختلف عما يقوله الفلاسفة كما اشار الى ذلك.([24])

في محل اخر رأى ان التعدد الصادر عن الواحد ممكن باعتبار القوابل، لا باعتبار ذات الواحد. والمسألة عنده مفسرة بحسب ظهور الحقيقة الواحدة في المرايا المتعددة والمختلفة، حيث تتعدد الصور وتختلف في هذه المرايا مع ان الحقيقة واحدة، وكذا في علاقة المبدأ الحق مع تجلياته المختلفة. فهو لا يرى غير الذات الالهية وهي متجلية في كل شيء، كأمر واحد يظهر بمظاهر مختلفة، كلها تبدو كونها مرايا لحقيقة واحدة، او انها اسماء وصفات هذه الحقيقة المطلقة، وان تجلي الواحد في المقامات والمراتب تُظهر الوحدات المتعددة، تعدد الوجه الواحد في المرايا المتعددة، وليست هناك كثرة دالة على الاختلاف، حيث العدد لا يولد كثرة في العين، فالعالم كله وحدات ينضاف بعضها الى بعض فتسمى مركبات([25]).

او يمكن القول ان صدور الكثرة او التعدد عن الواحد هو باعتبار ما عليه الاعيان الثابتة، التي هي قوابل متعددة وغير متناهية. وعليه صحّ ما يقوله العرفاء بأن المبدأ الحق هو الواحد الكثير، فكيف لا تصدر عنه كثرة؟!

ومع هذا، فان رؤية ابن عربي في علاقة المبدأ الحق بالكائنات هي رؤية مبتنية الى حد بعيد على تلك القاعدة. فاستناداً الى تصويره الرمزي تبعاً للالفاظ الدينية، اعتبر ان للتجلي مراتب، وأن أول هذه المراتب هي الروح الكلي او العقل الاول الموصوف بالقلم، ومنه تشتق سائر العقول، ثم النفس الكلية الموصوفة باللوح المحفوظ ([26])؛ حيث انها اول موجود انبعاثي، فقد طلب القلم موضع اثر لكتابته فانبعث من هذا الطلب اللوح، وذلك كانبعاث حواء من ادم، اي كان بين القلم واللوح اول نكاح معنوي معقول وله اثر حسي مشهود، ومنه عملنا بالحروف المرقومة عندنا ([27]). ومن عملية النكاح بينهما ولد توأمان، حيث اول ما القت النفس علم الطبيعة الكلية، والتي عنها ظهرت العناصر الاربعة، ثم بعدها الهباء او الهيولى الكلية، ومن نكاح هذين التوأمين ولدت صورة الجسم الكلي، وهكذا استمر التوالد ونزل الى العالم السفلي. ([28])

 

رابعاً : الواسطية في الفيض

إن الفيض والتجلي، يوضح انه يجري وفق قاعدة تسلسلية حسب الاكثر احاطة وسعة وجودية ؛ ففي كل عالم من العوالم يكون الاول ظهورا هو من كان وجوده اكثر احاطة، فيكون، بالتالي هو الواسطة لما دونه من عوالم .

وقد بين روح الله  الخميني ( 1902م – 1989م) هذه النظرية بطريقة تسلسلية. فأعتبر أن أول ما يفيض عن الحقيقة الغيبية بالتجلي الحبي الذاتي هو حضرة الاسم الاعظم:«أي الاسم الله بحسب مقام تعّينه باستجماع جميع الاسماء والصفات، وظهوره في جميع المظاهر والآيات، فإن التعيّن الأول للحقيقة اللامتعيّنة هو كل التعيّنات والظهورات»([29]). فظهور الاسم الاعظم يكون بواسطة الفيض الاقدس الاول.

ومن هنا تبدأ نظرية الوسائط بالظهور، اذ«لا يرتبط واحد من الاسماء والصفات بهذا الفيض الاقدس الا بتوسط الاسم الاعظم» ([30]).

وبعد ظهور الكثرة الاسمائية بواسطة الاسم الاعظم، تظهر للاسماء لوازم في الحضرة الواحدية، وإقتضى كل اسم لازماً له. وهذه اللوازم هي ما يطلق عليه العرفاءاسم «الاعيان الثابتة». وتسمى ايضاً لوازم الاسماء في الحضرة العلمية.

وعلى نسق ظهور الاسماء، يشرح الخميني ظهور الأعيان الثابتة، فإن تجلي العوالم كلها تسير على نسق واحد، لناحية ان الاتم هو الاول ظهوراً، وهو الواسطة في ظهور البواقي.

ولما كان لكل اسم لازمٌ له ، ولما كان الإسم الأعظم هو الأول ظهوراً في عالم الأسماء، وهو الواسطة في ظهور باقي الاسماء، كذلك الأمر في الأعيان الثابتة. فان العين الثابت للاسم الاعظم هو الاول ظهوراً في الحضرة العلمية، وهو ما يطلق عليه اسم ” العين الثابت المحمدي” أي العين الثابت للانسان الكامل بالاصطلاح العرفاني([31]). وهذا العين الثابت المحمدي هو الواسطة في ظهور باقي الاعيان([32]).

وللاعيان الثابتة دور هام في الفكر العرفاني؛ لانها هي ايضا حضرة القضاء الالهي والقدر الربوبي. وبحسب تعبير الامام الخميني نفسه، فان في هذه الحضرة « يختص كل صاحب مقام بمقامه، ويقدر كل استعداد وقبول» ، فان ظهور الاعيان الثابتة في الحضرة العلمية هو عبارة عن « تقدير الظهور العيني في النشأة الخارجية»([33]).

إن هذا المعنى للاعيان الثابتة سيفضي، الى ان العلوم التي يحصل عليها الاولياء بشكل عام، والنبي او الولي بشكل خاص، إنما هي بواسطة الارتباط بحضرة القضاء والقدر، وانكشاف هذه الحضرة له. وهذه المعارف هي ما تسمى بعلم الغيب التي يُطلع الله عليها من ارتضى.

وبعد عالم الاعيان يستمر الفيض الالهي، فكان تجلي المشيئة المطلقة، وتسمى ايضاً الفيض المقدس.

وهذه المشيئة المطلقة لها اسماء شتى، واصطلاحات مختلفة، حسب المراتب والمقامات، فهي : الوجود المنبسط على هياكل الممكنات، والنفس الرحماني، والنفخ الربوبي، ومقام الرحمانية والرحيمية، والبرزخية الكبرى([34]).

وتبرز هنا تسمية انفرد بها السيد الخميني، فهو يطلق على المشيئة المطلقة اسم «الحقيقة المحمدية بالنشأة الاولى»([35]).

وبواسطة هذه المشيئة المطلقة تبدأ العوالم العينية بالظهور. وأول هذه العوالم هو عالم العقول المجردة. ويطلق عليها اسماء شتى بحسب المذاهب والمشارب والاذواق : عالم الانوار، عالم الجبروت، عالم الملائكة .

وهذا التجلي الأول هو نبوة الانسان الكامل، اي الحقيقة المحمدية بحسب العرفاء، ومنهم ابن عربي، وهو الحقيقة المحمدية بنشأتها الثانية عند الامام الخميني([36]). والحقيقة المحمدية عند العرفاء هي النور الاول عند بعض، والعقل الاول عند آخرين، كل حسب ذوقه ومشربه واصطلاحه.

إن الوسائط في الفيض فيما يتعلق بعالم الاسماء والصفات لا تثير اي إشكال أو شبهة، على إعتبار أن الاسماء، وفق من يقول بنظرية الفيض، هي عين الذات الالهية، وتالياً لا تثير جدلاً كبيراً.

أما في عالم الأفعال، فقد أثارت هذه النظرية بعض الاشكالات، خصوصاً عند تفسيرها بأنها من قبيل سلسلة العلل الطولية لا العرضية. على اعتبار أن القول بانها علل عرضية توجب الشرك الصريح.

من هنا حاول السيد كمال الحيدري (1956م-الآن)  التهرب من القول بانها من قبيل العلل الطولية. ولا شك ان فهم العلل الطولية على انها عبارة عن علل تنتهي معها « ولاية الله ( سبحانه) عند حد معين لتبدأ ولاية المخلوق» ([37]) هو فهم يبرر للبعض التهرب منه، أو السعي للبحث عن معنى آخر للواسطية في الفيض لا يترتب عليه شرك خفي أو ظاهر([38])؛ ولذلك سعى الحيدري للحديث عن نظرية ” التجلي والظهور” التي تحدث عنها العرفاء([39]).

على اننا لا نرى فرقا كبيرا بين نظرية التجلي والظهور، وبين نظرية العلل الطولية. أو على اقل التقادير لا نرى داعياً لرفع اليد عن العلل الطولية لتفسير نظرية الوساطة في الفيض.

ولعل الخطأ الذي وقع به الحيدري انه حصر معنى العلل الطولية بالمعنى المتقدم، اي ان مقتضى العلل الطولية هو ان العلة العليا تنهي ولايتها لتبدأ ولاية اخرى، مع ان هذا المعنى انما يكون في العلل المادية، ولا ينطبق هذا المعنى على العلة الواجبة. وقد اشرنا الى ذلك في القسم الاول.

فجميع العلل الطولية التي تقع في طول العلة الواجبة، ترتبط ارتباطا دائميا مع الواجب بمقتضى قيوميته تعالى. ومعنى القيومية هو ان العلل انما تعمل عملها مستمدة وجودها من الواجب على نحو ” دائمي ومتجدد”. وهذا المعنى للعلل الطولية المرتبطة بالواجب، لا يخرج عن معنى نظرية التجلي والظهور بشكل او بآخر([40]).

ولا شك أن الفلاسفة الذين ذهبوا للقول بالعلل الطولية، لم يقصدوا المعنى الذي ذكره الحيدري. كيف ومعظمهم على الاقل لا يقول بالتفويض الذي هو من لوازم هذا المعنى.

وبالجملة، فإن القول بالعلل الطولية لا يتعارض مع نظرية التجلي والظهور، بل يعضد بعضها بعضا. وكلتا النظريتين تؤكدان حقيقة واحدة هي : نفي الفعل على نحو الاستقلال.

 

خامسا : دائمية الفيض

ولما كان الله مستجمعاً للكمالات المطلقة، وكانت هذه الكمالات المسماة أسماء، هي عين الذات، كان فيضه دائمياً لا ينقطع، وواحدا مطلقاً.

وعليه، فالاختلاف في الفيض- كما يرى الطباطبائي- إنما يعود لإختلاف القوابل. فيتكثّر الفيض بتكثرها، ويختلف بإختلاف قوابلها، بين من يردّ هذا الفيض ولا يقبله ويتلبس بخلافه، وبين قابل له تاما أو قابل له ناقصاً. ويشبّهون الفيض بالشمس التي تفيض نوراً واحداً متشابهاً، لكن الأجسام التي ينعكس عليها النور تظهر بحسب ما عندها من الإستعداد([41]). وقد يشبهونه ايضاً بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى : “﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ ([42]). فالمطر النازل من السماء واحد، يأخذ كل واحد منه بحسبه، فتتشكل الانهار والسواقي والمجاري كل بحسب استعداده وقابليته.

 

سادسا : اقسام الفيض

يتحدث العرفاء بشكل عام عن قسمين من الفيض، يطلقون على الاول اسم الفيض الأقدس، وعلى الثاني اسم الفيض المقدس .

  • الفيض الأقدس

قد ظهر من ما مر ان أول كثرة ظهرت في الوجود هي الكثرة الاسمائية الصفاتية([43])، وان لهذه الأسماء تجلّيين: الأول هو تجلي لوازم الأسماء في الحضرة العلمية وهي المسماة بالأعيان الثابتة، ويطلقون على هذا التجلي اسم الفيض الأقدس.

فالفيض الاقدس هو «سر التجلي الذاتي الحبي، الموجب لوجود الأشياء واستعداداتها في الحضرة العلمية ثم الفعلية.» ([44])

وبذلك يظهر أن الأعيان، والتي هي عبارة عن قوابل للتجليات« كلها فائضة من الله تعالى بالفيض الاقدس والتجلي الذاتي، ولهذا قيل أنها ليست بجعل جاعل».([45]) وقد أطلق عليه اسم الأقدس لتقدسه من « شوائب الكثرة الاسمائية ونقائص الحقائق الإمكانية».([46])

إلا أن الامام الخميني جعل للفيض الأقدس مرحلتين، إن جاز التعبير، الأول ظهرت به الاسماء، والثاني ظهرت به لوازم الاسماء في الحضرة العلمية.

ويقدم السيد الخميني لكلامه هذا بأن الذات الالهية هي هوية غيبية أحدية، لا إسم لها ولا رسم ولا اثر لحقيقتها المقدسة في عالم الملك والملكوت، ولا يمكن إدراكها، فهي محجوبة بالحجب النورانية التي هي حجب الاسماء. وهي ما يطلق عليه العرفاء اسم ” عنقاء مغرب” ، وان كل اسم او تعبير يطلق على هذه المرتبة، انما هو من ضيق العبارة. «وهذه الحقيقة غير مربوطة بالخلق، متباينة الحقيقة عنهم، ولا سنخية بينها وبينهم اصلاً ».([47])

وحتى الاسماء الإلهية ، بحسب كثرتها العلمية ([48])، لا ارتباط لها بهذا المقام الغيبي، وغير قادرة على أخذ الفيض من حضرته بلا توسط، بما فيها الاسم الأعظم، والذي هو مقام استجماعه للأسماء، استجماع الكل للأجزاء.([49])

ولما إقتضى التجلي الحبي الذاتي الظهور، ولما كان لا بد لظهور الاسماء من خليفة يكون واسطة في ظهور الاسماء، صدر الامر « باللسان الغيبي من مصدر الغيب على الحجاب الأكبر والفيض الاقدس الانور بالظهور في ملابس الاسماء والصفات..» .([50])

فظهور الاسماء، وأولها الإسم الاعظم، كما تقدم في النقطة السابقة عند الحديث عن الواسطية، إنما هو بواسطة الفيض الاقدس. وهذا ما يطلق عليه السيد الخميني: الفيض الاقدس الاول.

أما الفيض الاقدس الثاني عند السيد الخميني، فهو عينه الفيض الاقدس عند باقي العرفاء.

وما ينبغي الإشارة اليه، هو اننا ذكرنا أن الإسم الاعظم بحسب أحد اوجهه، والذي هو مقام استجماعه للاسماء، لا إرتباط له بالحقيقة الغيبية إالا بواسطة الفيض الاقدس الاول؛ وذلك لأن المقام الثاني للإسم الاعظم هو نفسه الفيض الاقدس.

وبذلك يظهر أن للإسم الأعظم وجهين: وجه لذاته، وهو مقام استجماعه للاسماء، ووجه للحقيقة الغيبية، وهذا هو الفيض الاقدس من شوائب الكثرة والظهور.([51])

  • الفيض المقدس

ظهر مما تقدم أن الفيض المقدس هو « عبارة عن التجلي الأسمائي الموجب لظهور ما تقتضيه استعدادات الأعيان في الخارج».([52])

إذن، فما قُدّر من استعدادات في الأعيان الثابتة، يظهر في عالم الأعيان الخارجية، وهذا الظهور والتحقق في الخارج هو الفيض المقدس. وهو ما تحدثنا عنه تحت اسم «المشيئة المطلقة». وقد سُمي بالمقدس « لتقدسه عن الإمكان ولواحقه والكثرة وتوابعها».([53])

وبالمحصلة، فإن ظهور الأعيان الخارجية مترتب على الفيض المقدس، والفيض المقدس مترتب على الأقدس، الذي بدوره مترتب عن الأسماء الإلهية، المترتبة عن الكمالات الذاتية الأزلية.([54])

المبحث الثاني : الأسماء والصفات

أولى العلماء المسلمون على إختلاف مشاربهم عناية خاصة بعلم الاسماء والصفات الإلهية، لإرتباط هذا العلم بالتوحيد الذي يقوم عليه الإسلام، وأعتبروا أن هذا العلم هو من أشرف العلوم؛ لأن موضوعه هو أشرف المعلوم( الله).

ولسنا هنا للحديث عن هذا العلم بتفاصيله، وموارد الإشتراك والإختلاف فيه، وإنما بالمقدار الذي نحتاجه في اظهار العلاقة بين «تجلي» الاسم في الولي، ثم التصرف في التكوين وفق هذا الاسم.

 

أولاً : الإسم اللفظي والأسم الخارجي

في البداية لا بد من التفريق بين الإسم اللفظي والاسم الخارجي. فالإسم اللفظي هو عبارة عن تلك الحروف التي وضعت للدلالة على شيئ ما، سواءٌ كان هة وجوداً خارجياً أو وجوداً ذهنياً، فهو لفظ وضع بهدف الدلالة. أما الإسم الخارجي فهو نفس الذات الخارجية المتحققة، فإن وضع بإزائها لفظ للدلالة عليها، سمي ذلك اللفظ بإسم الإسم.

من هنا نأتي لنقول : إن المقصود بالأسماء الحسنى الإلهية ليس الالفاظ؛ لأن هذه الألفاظ حاكية عن مسمياتها الخارجية، والتي هي الأسماء الخارجية. فيتحصل لدينا أن الإسم الإلهي هو الذات مأخوذة بوصف من الأوصاف.

ولذلك نجد العلامة محمد حسين الطباطبائي ( 1904- 1981م) يذهب الى أن «الإسم بمعنى الذات مأخوذاً بوصف من أوصافه فهو من الاعيان لا من الالفاظ».([55]) والسبب في ذلك، من وجهة نظره، أن الناس « وجدوا لفظ الإسم موضوعاً للدال على المسمى من الالفاظ، ثم وجدوا أن الأوصاف المأخوذة على وجه تحكي عن الذات وتدل عليه».([56])

وبعبارة أخرى، لما كان اللفظ يدل على ذات خارجية، قام الناس وسموا هذه الأوصاف الدالة على الذات بأنها اسماء أيضاً. ممّا انتج أن الإسم كما يكون امراً لفظياً، كذلك يكون امراً خارجياً عينياً.

وبسبب هذا الوضع وقعت المشاجرات بين المتكلمين في الصدر الأول من الإسلام حول هل الإسم عين المسمى أو غيره.([57])

 

ثانياً : تدبير الأسماء للوجود

لما كانت الأسماء هي الذات مأخوذة بوصف من الأوصاف التي فيها حسن منزه عن النقائص، فإن كل ما يصدر من الله تعالى من أفعال، فهو مرتبط بإسم من الأسماء الإلهية ومترتب عليه. فاذا ما صدر فعل منه تعالى يطلق عليه الإحياء، فذلك لأن الله عز شأنه من أسمائه ” المحيي”،  وهكذا الرازق والمعطي والواهب والمميت…الخ. فكل ما يصدر عنه تعالى بعالم الخلق يقع تحت تدبير إسم من أسمائه. فجميع خصوصيات الوجود ترتبط بذاته المتعالية عن طريق صفاته وأسمائه الحسنى.

وعليه، فالصفات « وسائط بين الذات وبين مصنوعاته. فالعلم والقدرة والرزق والنعمة التي عندنا بالترتيب، تفيض عنه سبحانه بما أنه عالم، قادر، رازق، منعم، بالترتيب، وجهلنا يرتفع بعلمه، وعجزنا بقدرته، وذلتنا بعزته…»([58])

ولذلك، فإن الفقير عندما يريد أن يسأل الله فإنه يسأله بإسم الغني لا بإسم المميت مثلاً، والمريض يسأل بإسم الشافي لا المنتقم. وهكذا فإنه يسأل بالإسم المناسب لحاله.

والقرآن الكريم، بحسب الطباطبائي، يؤيد هذا المعنى، ويصدّق هذا السلوك؛ لأننا نرى القرآن«يذيل آياته الكريمة بما يناسب مضامين متونها من الأسماء الإلهية ، ويعلل ما يفرغه من الحقائق بذكر الإسم والإسمين من الأسماء بحسب ما يستدعيه المورد من ذلك».([59])

فيظهر مما تقدم، أن عوالم الفعل ( الخلق) ينتسبون إليه تعالى بواسطة أسمائه. فجميع آثار الجمال والجلال في العالم هي التي تربطنا بأسماء جماله وجلاله، من حياة وعلم وقدرة وعظمة وكبرياء.([60])

وما دامت أسماء الله تعالى هي وسائط لظهور الكون بأعيانه وحدوث حوادثه، فإن النتيجة المترتبة على ذلك هي أن الإنسان إذا ما « رزق علم الأسماء وعلم الروابط التي بينها وبين الأشياء، وما تقتضيه أسماؤه تعالى مفردة ومؤلفة، علم النظام الكوني بما جرى وبما يجري عليه، عن قوانين كلية منطبقة على جزئياتها واحداً بعد واحد».([61])

ثالثاً : السعة الوجودية للأسماء

إن العالم هو آثار الاسماء، ووفق تعبير العرفاء هو ظل الأسماء، بل ظل الظل إذا إعتبرنا أن عالم الأفعال هو ظل الأعيان الثابتة، التي هي بدورها ظل الأسماء.

ولا شك أن عالم الفعل يختلف سعة وضيقاً، وشدة وضعفاً، وما ذلك الا لإختلاف الأسماء التي يقع فيها الإختلاف من حيث السعة الوجودية. وبذلك يظهر أن المقصود بالسعة، هو لحاظ فاعلية الإسم في الوجود، وتالياً في الآثار المترتبة عليه.

ولتقريب المعنى فإننا نلاحظ أن إسم السميع أو البصير يدخل تحت إسم العليم. فالسمع والبصر من ملازمات العلم، ومثله اللطيف والخبير، هذه الاسماء تحت اسم العالم. وهكذا، فكلما كان الإسم أوسع وجوداً وأبعد أثراً، كان كلياً.

فالمناط في تقسيم الاسماء الى أوسع وأضيق، هو النظر الى فاعلية الإسم الوجودية، والآثار المترتبة عليه؛ لأن الأسماء هي حقائق خارجية لا أسماء لفظية.

ومن هنا يظهر أن السعة والضيق التي بين الاسماء، إنما هي « على الترتيب الذي بين آثارها الموجودة في عالمنا. فمنها خاصة، ومنها عامة، وخصوصها وعمومها بخصوص حقائقها الكاشفة عنها آثارها وعمومه».([62])

وهكذا سنجد أن للأسماء الحسنى « عرض عريض تنتهي من تحت الى أسماء لا يدخل تحتها إسم آخر، ثم تأخذ في السعة والعموم؛ ففوق كل إسم ما هو أوسع منه وأعم حتى تنتهي الى إسم الله الأكبر الذي يسع وحده جميع حقائق الأسماء…وهو الذي نسميه غالباً بالإسم الأعظم».([63])

 

فالإسم الأعظم هو الإسم الاشمل والأعم والاوسع، وهو الإسم الذي ينتهي اليه كل أثر، ويخضع له كل أمر. من هنا تأتي أهمية علم الأسماء بالنسبة للعرفاء؛ لأنها مفاتيح الوجود، فمن حظي بإسم حظي بعلم بل بعالم مقابله. ([64])

إن المقصود بحظوة الاسماء ليس الإسم اللفظي، لما أشرنا اليه من أن الأسماء هي حقائق خارجية وليست أسماء لفظية. فتأثير الأسماء وجودياً إنما هو تأثير بحقائقها، لا بالالفاظ الدالة لغة عليها؛ لأن الفاعل الموجد لكل شيء هو الله، بما له من أسماء وصفات هي ذاته، لا إسمه اللفظي.

 

رابعاً : الإرتباط بالاسماء

ولما كانت الاسماء هي حقائق تدل على الذات الإلهية، كان الإرتباط بها هو إرتباطاً بالله تعالى دون غيره. فمتى إرتبط الإنسان بربه، فقد إتصل بحقيقة الاسم المناسب لحاجته «فيؤثر الإسم بحقيقته…وذلك ( هو) حقيقة الدعاء بالإسم. فعلى حسب حال الإسم الذي إنقطع اليه الداعي، يكون حال التأثير خصوصاً وعموماً».([65])

من هنا سنجد أن الإرتباط اذا ما كان بالإسم الأعظم، « فسينقاد لحقيقته كل شيء، نظراً لقيومية هذا الإسم على كل شيء».([66])

فتعليم الله لنبيه أو عبد من عباده إسماً من أسمائه، إنما يعني أن يفتح الله له « طريق الإنقطاع اليه سبحانه وتعالى بذلك الإسم في دعائه».([67]) أما الإسم اللفظي فإنما هو لأجل «أن الالفاظ ومعانيها وسائل وأسباب تُحفظ بها الحقائق نوعاً من الحفظ».([68])

 

خامساً : الاسماء الإلهية ومظاهرها

قد ظهر مما تقدم، أن عالم الاعيان الخارجية هي مظاهر لعالم الاسماء الإلهية. فكل ما يحدث في عالم الأعيان، يقع تحت إسم أو أكثر من الأسماء. وبحسب التعبير العرفاني، فإنه يقع مربوباً لإسم أو أكثر من الاسماء، وفق ما تقدم حول السعة الوجودية للإسم المربوب له. فإن التجلي « ببعض الأسماء مقدماً على بعض. فكل إسم محيط، وقع التجلي إبتداء له وفي حجابه للإسم المحاط..».([69])

ولما كان الإسم الاعظم هو الذات الإلهية مأخوذة مع جميع الكمالات المستجمعة لجميع الاسماء والصفات، فيطرح السؤال التالي: هل للإسم للأعظم أيضاً مظهر في عالم الأعيان؟ أهمية السؤال تنبع من القضية التالية:

اذا كان لكل إسم مظهر يناسبه يقع مربوباً له، يستمد منه الحقائق ونظام الكون المرتبط به اذا ما إنقطع إليه، فإن الإسم الأعظم الذي له الإحاطة المطلقة، والحاكمية على جميع الأسماء، والمستجمع لجميع الكمالات، فإن مظهره لا شك سيكون له، تبعاً للإسم، الإحاطة والسعة الوجودية التي لا يضاهيها سعة في كل عالم الافعال.

ولا شك أيضاً، أن من يقع مربوباً للإسم الأعظم لناحية سعته الوجودية، لا يمكن مقارنته بمن يقع مربوباً لإسم أقل سعة؛ كالرازق أو المحيي أو المميت وغيرها. وعليه، وعوداً للسؤال : هل للإسم الأعظم مظهراً يقع مربوباً له؟

وفق الرؤية العرفانية، فإن نظام التجلي، وإنتظام عالم الأفعال تحت أسماء إلهية تناسبها، يشمل جميع الأسماء بما فيها الإسم الاعظم.

من هنا تأتي أهمية الحديث عن الحقيقة الإنسانية، أو الصورة الإنسانية، أو الإنسان الكامل، أو الحقيقة المحمدية في الفكر العرفاني؛ لأن هذه الصورة أو الحقيقة عندهم هي التجلي للإسم الأعظم. فالإنسان وحده في كل عالم الأفعال يقع مربوباً لهذا الإسم. والإسم الأعظم بحسب الحقيقة العينية هو الإنسان الكامل، الذي هو خليفة الله في العالمين.([70]) ولأن هذه الحقيقة المحمدية هي المظهر والتجلي للإسم الأعظم، كان لها الواسطية في الفيض- كما تقدم في بحث الواسطية- بين الأسماء الإلهية، وسائر عالم الأعيان.

وبهذا المعنى للتجلي، وأن الإنسان الكامل هو مظهر الإسم الأعظم، يفسر العرفاء ما ورد من حديث بأن « الله خلق آدم على صورته ».([71])

 

سادساً: الجمال والجلال والظهور والبطون

إن لكل شأن من شؤونه تعالى تجلياً وظهوراً، ولكل تجلي وصف وأسم. ولهذا الاسم، بل إسم الإسم، معنى نفهم به هذا التجلي، كتقسيم الصفات الى موجبة وسالبة. والتسمية بالإيجاب أو السلب هو إسم للصفة لا للذات المقدسة.

ومهما يكن من أمر، فإن هذه التقسيمات هي تسمية كلية لمجموعة من الأسماء الحسنى والصفات العليا، يراد منها التعرف على شؤون الذات وتجليات أسمائها وصفاتها. ومن هذه التقسيمات التي اجمع العرفاء بشكل كبير عليها، تقسيم الأسماء الحسنى الى أسماء جمال وأسماء جلال.

  • أسماءالجمال

وهي أسماء كمالية تدل على الرحمة واللطف والعطف والخير والبركة. وكل ما يتجلى منها من خلق ورزق ونعمة، سواءٌ أكانت هذه الأسماء أسماء ذات أو أسماء صفات أو أفعال. فكل إسم يحصل معه السامع على أنس فهو إسم جمال.

  • أسماءالجلال

وهي أسماء كمالية لها معنى القهر والغضب والإنتقام والطرد والبعد عن رحمة الله. وفيها معنى العظمة والكبرياء والمنعة والغلبة. كإسم الشديد والمنتقم والقهار.

فكل إسم يحصل معه السامع على معنى القهر والغلبة فهو إسم جلال.

وبالجملة، فكل صفة متعلقة باللطف فهي صفة جمال، وكل ما يتعلق بالقهر فهو صفة جلال. فظهور العالم ونورانيته من الجمال، وإنقهاره تحت سطوع نوره وسلطة كبريائه من الجلال.([72]) وبكلمة أخرى، كل أنس وصحبة من الجمال، وكل هيبة ووحشة ودهشة فمن الجلال.([73])

  • البطون والظهور

ولأن الذات الإلهية واحدة وبسيطة لا تكثر فيها، وأن الاسماء هي الذات الإلهية مأخوذة بوصف، كان لا بد للعرفاء، بشكل عام، من إيضاح معنى ظهور الاسماء أو تقسيمها الى جمال وجلال، وكيف يمكن التوفيق بين ظهور إسم الجمال مع الحفاظ على القول بوحدة الذات الإلهية وبساطتها.

من هنا كان الحديث عن الظهور والبطون في الاسماء. فضلاً عن أن من أسمائه تعالى «الظاهر والباطن» .

إنطلاقا من القاعدة الفلسفية القائلة : بسيط الحقيقة كل الأشياء وليس بشيء منها([74])، إنطلق العرفاء للقول : إن الله سبحانه وتعالى لبساطته مستجمع للصفات المتقابلة.([75])؛ لأن الوجود كلما كان ابسط واقرب الى الوحدة كان أكثر إشتمالاً على الكثرات، وأكثر إحاطة للمتضادات؛ وذلك « لأوسعية الأوعية وقربها من عالم الوحدة والبساطة».([76])

ومن هنا نجد أن الله تعالى، لبساطة حقيقته، يستجمع الصفات المتقابلة: كالرحمة والغضب، والبطون والظهور، والأولية والآخرية، والسخط والرضا. ولما كانت جميع هذه الصفات هي لذات إلهية واحدة بسيطة، كان كل جمال يستبطن جلالاً، وكل جلال يستبطن جمالاً.

وعليه، عندما يتحدث العرفاء عن ظهور إسم جمالي، إنما يقصدون أن الجمال هو الظاهر مع بطون الجلال، والعكس صحيح ايضاً، فظهور الجلال إنما يعني بطون الجمال.

وبمعنى آخر، إن ظهور أي إسم هو عبارة عن ظهور الذات الالهية بهذا الإسم مع إستبطان الأسماء الأخرى. وبالتالي كل إسم يستبطن باقي الاسماء؛ لأن الظاهر عنوان الباطن.

فالصفات المتقابلة « موجودة في حضرتها( الذات) بوجود واحد مقدس عن الكثرة العينية والعلمية…فهي في ظهورها بطون، وفي بطونها ظهور، وفي رحمتها غضب، وفي غضبها رحمة. فهي اللطيفة القاهرة الضارة النافعة.»([77]) وإن كان الجمال يسبق الجلال، كسبق ظهور الوجود وكمالاته على يوم القيامة؛ لأن الرحمة تسبق الغضب.([78])

فعالم الكثرة تجلٍّ جمالي، أما الجلال فقهاري تختفي وتندك به الكثرة. ولذلك كان الجلال ظاهراً يوم القيامة. حيث يقول تعالى: ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾.([79])

المبحث الثالث : العوالم الكلية والحضرات الاصلية

أطبقت كلمة العرفاء والفلاسفة الالهيين، وعُدّ ذلك من الحقائق الاساسية التي توفر عليها البحث الديني، أن الإنسان قبل وصوله الى عالم المادة والطبيعة، قد مرّ بعوالم عدة، وطوى مراحل سابقة. فعرف نشآت وحضرات بدأت من رحلته من «عالم الربوبية»([80])، موطنه الاصلي، الى النشأة المادية الحسية.

ثم إختلفت تسميات المراحل: منهم من سمّاها العوالم الكلّية، ومنهم من أطلق عليها إسم الحضرات، وآخرون أطلقوا عليها إسم نشآت.

والذي يظهر من تتبع شروحات العرفاء ، أنّ مصطلح الحضرة يشير الى مرتبة من المراتب الإلهية، أو الفاعل، أما العوالم فتشير الى أثر الفاعل في كل حضرة من الحضرات، أو حسب المصطلح العرفاني: ظل الفاعل، وهنا سيكون: ظل الحضرة.

ولئن إعتبر العرفاء أن الحضرات هي خمس، فإن ظل الحضرات الخمس ستكون عوالم خمسة ايضاً.

وقد مرّ سابقاً أنّ الموجودات ليست سوى تجليات وظلال للإسماء الإلهية، وذلك على سبيل التفصيل، والكلام عينه يجري في الكليات على سبيل الإجمال.

فالحضرات الخمس، وفق داود بن محمود القيصري ( ت 751ه- 1350م ) هي : «عالم المعاني والأعيان الثابتة، وعالم الأرواح، وعالم المثال، وعالم الشهادة، وعالم الإنسان الكامل الجامع بين العوالم».([81]) الا أن هذا التعريف لم يفرق بين الحضرات والعوالم.

ومهما يكن من أمر، فسنعرض الحضرات الخمس وعوالمها أو ظلالها، وفق ما اوردها السيد الخميني، علما ان مضمونها متوافق مع غيره من العرفاء غير الشيعة. ثم نتحدث عن العلاقة فيما بينها، لنخص أخيراً الإنسان الكامل ببعض التفصيل.

 

أولا : الحضرات الخمس وأظلتها

  • حضرة الإسم الأعظم وظله

أول الحضرات الخمس هو حضرة الإسم الأعظم. وهو الأسم الجامع لكل الأسماء. ونظراً لجامعيته، فهو جامع لكل الحضرات ايضاً؛ وباقي الحضرات هي رشحات فيضه ، وبالتالي فإن ظله هو جامع للعوالم الأخرى، وهو الإنسان الكامل.« فالإنسان الجامع لجميع العوالم وما فيها، ظل الحضرة الإلهية الجامعة».([82])

  • حضرة الأسماءوظلها

وثاني الحضرات هي حضرة الاسماء بلحاظ كثرتها، وظلها هو عالم الأعيان الثابتة.

وقد يعبّر عنهما أيضاً بحضرة الغيب المطلق وظله عالم الأعيان الثابتة، ويقع هذا التجلي بواسطة الفيض الأقدس.([83])

  • حضرة الغيب المضاف الأقرب الى المطلق وظله

وهو ثالث الحضرات. وظله عالم العقول المجردة والأرواح.([84]) وهذا العالم هو أول موجودات عالم الإمكان فلسفياً، وأول عالم الافعال عرفانياً. ويتميز هذا العالم بانه بسيط غير مركب، وله كل كمال وجودي، والفعلية التامة، والتنزه عن القوة والاستعداد. فهو عالم مجرد عن المادة وآثارها ذاتاً وفعلاً.

ورغم سبق هذا العالم على العوالم الأخرى في الإمكان، إلا أن وجوده وجود ظلي فقير، ومتقوم بالله تعالى غير مستقل عنه.

  • حضرة الغيب المضاف الاقرب الى الشهادة وظله

رابع الحضرات هو حضرة الغيب المضاف الاقرب الى الشهادة. وظلها هو عالم المثال أو النفوس.([85]) وهو علة لما دونه، أي عالم المادة، ومعلول لما فوقه، أي عالم العقل. ولهذا فهو برزخ بين الإثنين.

وهذا العالم مجرد عن المادة دون بعض آثارها: كالشكل والمقدار والوضع وغيرها من الأعراض. وهو عالم الاشباح والمثل المعلقة عند آخرين.([86]) وهذه المثل المعلقة «أظلة المثل الكلية الإلهية، كما أنها في عالم الشهادة أصنام لها… فالصور الشبحية فوق الصور الطبيعية ودون الصور العقلية الإلهية…»([87])

  • حضرة عالم الشهادة المطلقة وظله

أما خامس الحضرات فهو حضرة الشهادة المطلقة، وظله هو عالم الملك.([88]) وهو أخيرة عالم الافعال، اي هذا العالم المادي الحسي، أي عالم الطبيعة. ويطلق عليه إسم عالم الشهادة أيضاً، وعالم الهيولى الأولى عند الفلاسفة. وهو عالم منسوب الى المادة ذاتاً وآثاراً، والمادة هي محض القوة والإستعداد. وهذا العالم معلول للعالم الذي فوقه، أي عالم المثال أو المثل عند مدرسة الحكمة المتعالية ومدرسة الاشراق توالياً.

 

ثانياً: العلاقة بين الحضرات وأظلتها

ظهر في بعض ما تقدم أن العلاقة بين هذه العوالم هي علاقة علة ومعلول، فكل عالم هو معلول لما فوقه وعلة لما دونه. لكن ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على العلاقة وفق الرؤية العرفانية.

يمكن فهم طبيعة هذه العلاقة من حديثنا السابق حول السعة الوجودية، وكذلك حديثنا حول البطون والظهور في النقطة السابقة. ومن مجموع هاتين النقطتين نستطيع أن نستنتج أن العلاقة بين هذه العوالم هي علاقة سعة وجودية، تبعاً لإقتراب كل عالم من العوالم الى البساطة؛ لأن الوجود كلما كان أبسط، كانت إحاطته أوسع. ولذلك قلنا أن الله، لبساطته، يستجمع الصفات المتقابلة. وبسبب هذه البساطة، سنجد أن «المتفرقات في عالم الزمان مجتمعات في عالم الدهر، والمتضادات في وعاء الخارج ملائمات في وعاء الذهن، والمختلفات في النشأة الأولى متفقات في النشأة الأخرى.»([89])

وهكذا، فإن عالم المادة والطبيعة هو عالم التنافر والإختلاف؛ لأنه الأبعد عن البساطة. وكلما صعدنا عالماً، كلما كان الوعاء اوسع واقرب الى البساطة. فكل ما هو في عالم المادة موجود في عالم المثال وزيادة على نحو أوسع وأكبر، والعالم الأعلى مهيمن على العالم الأدنى. كل ذلك بسبب السعة الوجودية.

 

ثالثاً: الإنسان الكامل

ليس لمصطلح الإنسان الكامل في الفكر العرفاني أو الصوفي مدلولات أخلاقية، كمدلول الخير والفضيلة، وإنما له مدلول أنطولوجي معرفي.

فالكمال هنا لا يعني الجامع للمناقب، بل يمثل حقيقة الحقائق. فهو الإنسان الكلي وأكثر الموجودات كمالاً([90]). وكان إبن عربي أول من إستعمل لفظ «الإنسان الكامل في الفكر الصوفي»([91]).

والإنسان الكامل هو الحقيقة المحمدية، والتي هي « قطب يدور في فلكه دائماً كل طالب للكمال، فلا يزال يدور، أي يتحقق بالصفات المحمدية…ويتحقق الطالب بوحدته الذاتية مع مركز الدائرة، أي الحقيقة المحمدية. وهنا في تحققه يطلق عليه إسم من تحقق به، أي الإنسان الكامل»([92]). فحقيقة الإنسان الكامل هي لصاحبها التي أطلقت عليه إسم تلك الحقيقة، أي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه المتحقق الأتم مع تلك الحقيقة، بل هو الوجود المُلكي لتلك الحقيقة.

وبعبارة الشريف الجرجاني (13391413م): « هو الجامع لجميع العوالم الإلهية والكونية، الكلية والجزئية وهو كتاب جامع للكتب الإلهية والكونية. فمن حيث روحه وعقله: كتابٌ عقلي مسمًّى بأم الكتاب، ومن حيث قلبه: كتاب اللوح المحفوظ، ومن حيث نفسه: كتاب المحو والإثبات. فهو الصحف المكرمة، المرفوعة المطهرة، التي لا يمسها ولا يدرك أسرارها إلا المطهرون من الحجب الظلمانية، فنسبة العقل الأول إلى العالم الكبير وحقائقه بعينها نسبة الروح الإنساني إلى البدن وقواه، وإن النفس الكلية قلب العالم الكبير، كما أن النفس الناطقة قلب الإنسان، ولذلك يسمى العالم بالإنسان الكبير»([93]).

فالإنسان، ذلك الكائن البشري، ليس سوى صورة للإنسان الكامل، يتلبس بملابس التعينات، وقادرٍ على الترقي في مراتب الكمالات. فليس الإنسان المادي جرماً صغيراً في كون فسيح، بل العالم كله منطوٍ فيه.

وعليه فمن الناحية الانطولوجية، الإنسان الكامل «هو الحد الفاصل بين الحق والعالم: فهو يجمع من ناحية بين الصورتين: يظهر بالاسماء الإلهية فيكون حقاً، ويظهر بحقيقة الإمكان فيكون خلقاً…كما أن الإنسان الكامل هو علة وجود العالم والحافظ له»([94]).

وهو الموجود الجامع لجميع العوالم التي مر ذكرها: فهو مع المُلك ملكوت ومع الجبروت جبروت، وبه تتم الدائرة. وهو «مثل الله الأعلى وآيته الكبرى، وكتابه المستبين، والنبأ العظيم، وهو مخلوق على صورته، ومنشأ بيدي قدرته، وخليفة الله على خليقته»([95]).

على أن المقصود من خلق الإنسان على صورة الله، هي الصورة الباطنية للإنسان لا الظاهرية؛ لأن صورته الظاهرية أنشأها من حقائق العالم وصوره، أما صورته الباطنية فقد أنشأها الله على صورته تعالى «ولذلك قال فيه ” كنت سمعه وبصره” ما قال كنت عينه وأذنه: ففرّق بين الصورتين»([96]).

ورغم أن الإنسان الكامل والحقيقة المحمدية يشار إليهما على أنهما واحد، لكن يبدو لي أن ثمة فرقاً بينهما، لكنه فرق إعتباري راجع الى الحيثية التي ينظر من خلالها.

فإذا نظرنا الى ما يسمى قوس النزول، أي ظهور الوجود إبتداء من عالم الاسماء وصولاً الى العالم المادي، كما مر ذكره في مبحث الفيض، سميت الواسطة في الإيجاد بين عالم الأسماء وعالم الأفعال بالحقيقة المحمدية.

أما اذا نظرنا الى قوس الصعود، ولحظنا سير وسلوك الإنسان وسفره العقلي والقلبي، سمي بالإنسان الكامل.

من هنا تأتي محورية الإنسان الكامل  عند العرفاء  عامة في سلوكهم المعنوي، وتربيتهم القلبية والروحية؛ فالإنسان الكامل عندهم هو القطب، ومحور الدائرة، وطلب كل سالك.

ومن جهة أخرى، فإن  لكل أسم تجلياً ومظهراً؛ وكلما كان هذا الإسم أكثر إحاطة، كان الأسبق ظهوراً؛ وكذلك مظهره هو الاسبق ظهورا ايضاً؛ ولذلك كان العين الثابت المحمدي هو الأول في عالم الأعيان الثابتة؛ لأنه لازم الإسم الأعظم. وكذلك الحقيقة المحمدية في عالم العقول المجردة الأول ظهوراً في ذلك العالم؛ لأنها التجلي للاسم الأعظم.

لكن هذه القاعدة في عالم الشهادة لا تصح؛ فليس مظهر أو تجلي الحقيقة المحمدية، والذي هو النبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، هو أول الأنبياء ظهوراً، بل الآخر؛ ويعود السبب في ذلك الى أن معيار الأتمية والأكملية التي جعلت الأتم والأكمل هو الأول ظهورا في العوالم السابقة، هي نفسها تحتم أن يكون النبي محمد (ص) هو الآخر ظهوراً؛ لأن معنى الأكملية والأتمية تحتم أن لا يكون ثمة نبي بعده والا سيكون تابعا له؛ لان النبي الاكمل لا شك في أن شريعته هي الاكمل بالضرورة، ولا شريعة كاملة بعد شريعته. فشريعته هي الشريعة الخاتمة لا محالة؛ ولهذا كانت بعثته صلى الله عليه وآله وسلم آخر البعثات لا أولها.

لكن هذه الآخرية والخاتمية هي بحسب البعثة الظاهرية؛ ولأن حقيقته كانت الواسطة في الأيجاد كما اسلفنا، كذلك كان له بعثة باطنية، وهذه البعثة الباطنية هي الأولى، وهي باطن كل نبوة، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد»([97]).

 

الهوامش:

1- أو مبدأ العلية: principe de causalité أحد مبادئ العقل، ويعبّرون عنه بأنّ لكل حادث علة، أو على الأقل سبب يفسّر حدوثه ويتقدم عليه.

2- المقصود بالامكان هنا هو الامكان العام والذي يقابل الامتناع، فكل شي غير ممتنع يكون ممكنا بالامكان العام، اما الامكان الخاص فهو سلب الضرورتين: ضرورة الوجود وضرورة العدم. أي كون الشيء لا يقتضي بذاته الوجود او العدم بل يحتاج لعلة. راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، قم، ذوي القربى، ط1، 2008م، ج1، 133 -134.( باب امكان).

3- الثبوت: هو وقوع الشيء حقيقة وواقعاً في التصوّر والتصديق، ووجوده الخارجي. وعرّف أيضاً بـ الجعل، وهو مرحلة من الحكم تسبق مرحلة الإثبات. أما الإثبات: فهو الاستدلال على ثبوت شيء ما، فمرحلة الإثبات تأتي بعد مرحلة الثبوت، أو بيان الدليل الموجب للتصديق بعد التصور . ». راجع : الميلاني، محمد الحسيني، معجم الكلام، ايران، انتشارات تابان، دون طبعة، 1417هـ، ص17 و ص 74 .

4- يقع مفهوم التشكيك مقابل المتواطئ والمقصود به هو التفاوت مقابل التساوي،  فالمفموم المشكك هو المفهوم  الكلِّي الذي يتفاوت في تطبيقه على مصاديقه وأفراده، فمثلاً عندما نتصوَّر مفهوم البياض أو مفهوم العدد، نرى بأن هناك تفاوتا بين أفرادها في صِدق المفهوم عليها، فبياض اللبن أشد بياضاً من بياض القطن وعدد الألف أكثر عدداً من عدد المائة. اذن المفهوم الذي ينطبق على مصاديقة شدة وضعفا زيادة او نقيصة هو مفهوم تشكيكي مقابل المفهوم المتواطئ الذي ينطبق على مصاديقة بشكل متساو كمفهوم الانسان الذي ينطبق على زيد وعمرو بنفس المستوى. راجع: المظفر، محمد رضا، المنطق، بيروت، دار التعارف، ط3، 2006م، ص 61.

5- البحراني، محمد بن ميرزا بن سلمان الخرسي، الانوار المحمدية في الولاية التكوينية، قم-ايران، منشورات السيدة المعصومة، 1433ه.

6- الشاهرودي، علي النمازي، الولاية التكوينية للنبي والأئمة، تر: محمد جعفر المدرسي، بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، دون تاريخ.

7- نيكولا مالبرانش (بالفرنسية: Nicolas Malebranche) (1638 – 1715) خطابي وفيلسوف عقلاني فرنسي. في أعماله، سعى إلى تجميع أفكار القديس أوغستين وديكارت؛ بهدف إظهار الدور الفعال لله في كل جانب من العالم. اي التوفيق بين العلم والمسيحية.

8- راجع: زكريا، فؤاد، آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة،، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1، 1975م، ص 19-25. وراجع: عمارة، محمد، التراث في ضوء العقل، بيروت، دار الوحدة العربية، ط1، 1980م، ص 225-227. وكذلك: راسل، برتراند، حكمة الغرب، ت : فؤاد زكريا، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، عدد شباط فبراير، 1983م، ص 29-30.

9- إسحاق نيوتن (بالإنجليزية: Isaac Newton) ‏ (1642 – 1727) عالم إنجليزي يعد من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية.

10 نظرية الكم (quantum)، طرحت هذه النظرية عام 1900 م و مؤسسها هو عالم الفيزياء الالماني ماكس بلانك، وتعتبر هذه النظرية والنظرية النسبية اساس الفيزياء الحديثة.  ان نظرية الكم عبارة عن مجموعة مبادئ وقوانين فى الفيزياء, تقوم بدراسة جزيئيات الذرة المتناهية فى الصغر, والتى لا ترى بالعين المجردة أو بأحدث التليسكوبات الضوئية.

11- راجع: بور، نيلس، الفيزياء الذرية والمعرفة البشرية، ت: رمسيس شحاته، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1، 1974م، ص35.

12- ديفيد هيوم (1711 – 1776)، فيلسوف واقتصادي ومؤرخ اسكتلندي وشخصية مهمة في الفلسفة الغربية وتاريخ التنوير الاسكتلندي.

13- إرنست ماخ (1838 – 1916م). فيزيائي وفيلسوف نمساوي درس حركة الأجسام بسرعتها القصوى خلال الغازات، وطوَّر طريقة دقيقة لقياس سرعتها معبرًا عنها بسرعة الصوت. وتعتبر هذه الطريقة مهمة خاصة في مشاكل الطيران الأسرع من الصوت. ويأتي عدد ماخ ودراسة موجات الصدمة على رأس اسهاماته في الفيزياء. وفي اسهاماته الفلسفية، كان لماخ تأثير كبير على الوضعية المنطقية من خلال نقده لإسحاق نيوتن وسابقه ألبرت اينشتاين ونظرية النسبية.

14- منطق الموجهات نوع من المنطق الذي يتعامل مع ” المحتمل ” و” الممكن” والذي يظهر في مقولات لغوية من قبيل: “من المتوقع” و”من المفترض” و”ربما”.

15-الإرهاص: «الإثبات.. والإرهاص على الذّنب: الإصرار عليه.. وأصله من الرّهص، وهو تأسيس البنيان» 20.          راجع: ابن منظور، محمد بن مكرّم بن علي بن أحمد الأنصاري. لسان العرب، ت: أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1999م ، ج5، ص343 (مادة: رهص).

16- هنري مارجينو ((henry margenau فيلسوف الماني اعتنى بالفيزياء وفلسفة العلوم.

17- أبو ريان، محمد علي، الفلسفة ومباحثها، الاسكندرية، دار الجامعات المصرية، ط1، 1974م، ص94-95.

18- هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد (520 هـ- 595 هـ)[4] واشتهر باسم ابن رشد الحفيد (مواليد 14 إبريل 1126م، قرطبة – توفي 10 ديسمبر 1198م، مراكش) هو فيلسوف، وطبيب، وفقيه، وقاضي، وفلكي، وفيزيائي أندلسي.

19- محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي. فقيه بارع، ومحدث، ومتكلم على مذهب أهل السنة والجماعة وطريقة الأشعري. انتهت إليه رئاسة المالكية بالعراق في عصره.

20- راجع: النشار، علي سامي، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، القاهرة، دار المعارف، ط4، 1978م، ص 125-126.

21- راجع: فرانك، فيليب، فلسفة العلم، ت : علي علي ناصيف، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 1، 1983م، ص 342.

22- الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الأسفار الاربعة، بيروت، دار المحجة البيضاء، ط1، 2011م، مج1، ج2، ص 378 .

23- راجع: م.ن، ج2، ص 378،379.

24- راجع: م.ن، مج1،  ج2، ص 379. وراجع: الحلي، جمال الدين الحسن بن يوسف، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، تص: حسن حسن زاده آملي، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 2012م، ص169.

25- راجع: مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة، بيروت، دار الإرشاد للطباعة والنشر، ط 1 ، 2012م، ص 192.

26- راجع: مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة م.س، ص192.

27- راجع: م.ن، ص 192-193.

28- راجع: الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، قم-ايران، مؤسسة النشر الاسلامي، 1434 ه.ق، ص204.

29- الصدر، محمد باقر، فلسفتنا، بيروت، دار التعارف، ط 4، 2012م، ص371.

30- راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الأسفار الاربعة ، مصدر سابق، مج1،  ج2، ص 379.

31- راجع : مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة، م.س، ص 209. وللتفصيل راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص 629 و 633.

32- راجع: مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة م.س، ص 212. وراجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص629-633.

33- اليزدي، محمد تقي المصباح، المنهج الجديد في تعليم الفلسفة، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، دون طبعة، 2007م، ج2ـ ص87.

34- مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة، مصدر سابق، ص225. وراجع : الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الأسفار الاربعة ،م.س، مج1،  ج2، ص 378- 379.

35- راجع : مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة، م.س، ص 225-226.

36- راجع: مطهري، مرتضى،  شرح المنظومة، م.س، ص 225 – 226.

37- من السِّنخ: «الأصل من كلّ شيء، والجمع أسناخ وسنوخ. وسنخ كلّ شيء أصله». راجع: لسان العرب، م.س، ج6، ص386 [ماد: سنخ].

38- منح الوجود هنا بمعنى الفيض الدائم.

39- راجع: الإيجي، عبد الرحمن بن أحمد، المواقف في علم الكلام، قم، انتشارات الشريف الرضي، ط1، 1412ه، ص 98-111.

40- كل علة يكون المعلول فيها متوقفاً عليها؛ بحيث يزول المعلول بزوالها تسمى بالعلة الحقيقية. وكل علة لا يكون المعلول متوقفاً عليها، بل لها دخل في حصول الاستعداد لوجود المعلول، تسمى بالعلة المُعِدّة. راجع : الساعدي، صادق، نافذة على الفلسفة، قم، جامعة المصطفى العالمية، 1429ه، ص 105.

41- بمعنى فعل العلة وإنفعال المعلول لمناسبة خاصة بينهما.

42- للمزيد حول هذا الموضوع يمكن مراجعة:  الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية،  م.س ، مج1، ج2،  ص 429-430. وراجع : الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، مصدر سابق، ص214-215.

43- راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية،  م.س ، مج1، ج2،  ص 429-430. وراجع : الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، م.س، ص215-216.

44- راجع: الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، م.س، ص61.

45- راجع: م.ن، ص57-60.

46- التوفر توفر نظري، فلا يقال كيف للمعلول أن تتوفر فيه أمور وهو لمّا ينوجد بعد. لذا فإن هذا التوفر هو من قبيل الشروط والظروف الموضوعية، وتعتبر هذه الظروف جزءً من العلة التامة، فالنار مثلاً سبب للإشتعال، إلاّ أن عدم علة النار للإشتعال لا يمكن إلاّ إذا كان هناك مانع في المعلول كوجود الرطوبة  مثلاً وما الى ذلك .

47- راجع: الخوئي، ابو القاسم، محاضرات في اصول الفقه، قم-ايران، مركز تحقيقات كومبيوتري علوم اسلامي، دون طبعة، ج2، ص310.

48- هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي . ولد عام 260 هـ/874 م في فاراب في اقليم تركستان وتوفي عام 339 هـ/950م . فيلسوف مسلم اشتهر بإتقان العلوم الحكمية وكانت له قوة في صناعة الطب.

49- ابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالم وطبيب مسلم من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية أفشنة بالقرب من بخارى (في أوزبكستان حالياً) من أب من مدينة بلخ (في أفغانستان حالياً) وأم قروية. ولد سنة 370 هـ (980م) وتوفي في مدينة همدان (في إيران حاليا) سنة 427 هـ (1037م). عُرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى.

50- إخوان الصفا وخلان الوفا هم جماعة من فلاسفة المسلمين من أهل القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي بالبصرة اتحدوا على أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في ذلك العهد فكتبوا في ذلك خمسين مقالة سموها”تحف إخوان الصفا”. انبثقت جماعة إخوان الصفا تحت تأثير فكر مذهب الإسماعيلية في البصرة .وكانت اهتمامات هذه الجماعة متنوعة وتمتد من العلم والرياضيات إلى الفلك السياسة وقاموا بكتابة فلسفتهم عن طريق 52 رسالة مشهورة ذاع صيتها حتى في الأندلس.

51- ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم بن على، , لسان العرب, م.س, ج10, ص366، ( مادة فيض).

52- العقل الأول: وهو جوهر غير متجسم أصلا ولا هو في مادة و هو عند الفارابي الأول الذي يفيض عن الله. وهو الحقيقة المحمدية عند صدر الدين الشيرازي. راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص 600.

53- يُعدّ أنكساغورس أحد الفلاسفة الملطيين، والحكماء السبعة، أخذ الفلسفة عن أنكسمينس (أحد تلامذة طاليس)، أتي بعد “ديموقريطس”، ففند آراءه والتي تزعم أن حركة الذرات هي نتيجة (ضرورة عمياء) تدفعها إلى الحركة والتلاقي والتشابك والتمازج.

54- راجع: ابن رشد، ابو الوليد محمد بن احمد، تهافت التهافت، تح: سليمان دنيا، مصر، دار المعارف، ط1، 1964م، ص176-177.

55- الفلك الأكبر: يقصد به الأفلاك الثمانية و العقول التسعة التي تتحرك بفعل العقل الأول.

56- العقل الفعال: هو العلة الفاعلة للإدراك و مبدأ الكمال، أي هو الذي يخرج المعقولات من الماديات وهو عند الفارابي الروح القدس. وهو عقل بسيط ويطلق عليه صدر الدين الشيرازي احيانا اسم القلم. راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص605-608.

57- الأسطقس: لفظة يونانية معناها العنصر، (element)، وهي عند قدماء اليونان العناصر الأربعة: الماء والأرض والهواء والنار. راجع: صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، قم، ذوي القربى، ط1، 2007م، ج1، ص 78.

58- راجع: إسماعيل، محمود ، سوسيوليجيا الفكر الإسلامي- طور الازدهار, بيروت- لبنان, سينا للنشر, ط1، 2000م، ج3, ص137.

59- راجع : ابن رشد، تهافت التهافت، م.س، ص49، وكذلك : ابن رشد، ابو الوليد محمد بن احمد، تفسير ما بعد الطبيعة، تح: موريس بويج، بيروت، دار المشرق، دون تاريخ، ج3، ص1684.

60- راجع: ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، م.س، ج3، ص1684.

61- راجع: الزيني، محمد عبد الرحيم، مشكلة الفيض عند فلاسفة الإسلام, , الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية, 1993م, ص14.

62- راجع: الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود ( المطبوع مع كتاب جامع الاسرار ومنبع الانوار)، تح: هنري كوربان وعثمان يحي، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، 2005م، ص686-687.

63- ويطلق عليه ابن عربي ايضا : اله المعتقدات والاله المخلوق، والاله المجعول والحق الاعتقادي. راجع : الحكيم، سعاد، المعجم الصوفي، بيروت، دندرة للطباعة والنشر، ط1، 1981م، ص87( باب اله المعتقدات). وكذلك راجع:  الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود م.س، ص686.

64- الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود م.س ، ص686-687 .

65- راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة، م.س، مج1، ج2، ص425

66- راجع: ابن عربي، محي الدين ، الفتوحات المكية، بيروت، دار احياء التراث العربي،  ط1، 1418هـ ـ 1998م، ج1، ص329. كذلك: الآملي، حيدر، المقدمات من كتاب نص النصوص، تح: هنري كربين وعثمان يحيى، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 2005م، ص115-116

67- راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة، م.س، مج1، ج2، ص427.

68- راجع: بلاثيوس، اسين، ابن عربي حياته ومذهبه، ترجمه عن الاسبانية عبد الرحمن بدوي، بيروت، دار القلم، الكويت ـ وكالة المطبوعات، ، 1979م، ص268.

69- راجع: ابن عربي، محي الدين، كتاب الحروف الثلاثة التي انعطفت اواخرها على اوائلها، رسائل ابن عربي، تحقيق وتقديم سعيد عبد الفتاح، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، ط1، 2001م ، ص135.

70-([1]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج2، ص33

71- راجع: م.ن، ج2، ص427.

72- راجع: كشف الغايات في شرح ما اكتنفت عليه التجليات، وهو شرح لكتاب التجليات الالهية لابن عربي لم يعرف مؤلفه، تحقيق عثمان اسماعيل يحيى، طهران، مركز نشر دانشكاهي، 1367هـ، ص 354-355، وراجع : ابن عربي، محي الدين، ترجمان الاشواق، بيروت، دار صادر، 1386هـ ـ 1966م، ص46.

73- احياناً يعبر ابن عربي عن اللوح المحفوظ بالعقل، كما هو الحال في كتاب: شق الجيب بعلم الغيب، رسائل ابن عربي، م.س، ص288.

74- ذكر ابن عربي بهذا الصدد ما ورد في الشرع بان اول ما خلق الله القلم ثم خلق اللوح وقال للقلم: اكتب، قال القلم: وما اكتب؟ قال الله له: اكتب وانا املي عليك. فخط القلم في اللوح ما يملي عليه الحق وهو علمه في خلقه الذي يخلق الى يوم القيامة. وذكر ابن عربي ان عدد ما ضمه اللوح من الكلمات بعد الفراغ من الكتابة هو مائتا الف آية وتسع وستون الف آية ومائتا آية، وهو ما يكون في الخلق الى يوم القيامة من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الاسباب؛ راجع: الفتوحات المكية، م.س، ج1، ص191. وج 2، ص421.

75- راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج 2، ص422.

76- الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، لبنان، مؤسسة الاعلمي، ط 1، 2006م، ص25.

77- م.ن، ص25.

78- راجع: الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، م.س، ص52.

79- راجع: م.ن، ص53.

80- م.ن، ص54.

81- راجع: م.ن، ص84.

82-  قارن : م.ن، ص84 وص 106.

83- راجع: الخميني، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية ، م.س، ، ص106.

84- الحيدري، كمال، التوحيد بحوث في مراتبه ومعطياته، بيروت، دار الاضواء، ط1، 2003م، ج2، ص382.

85- راجع: م.ن، ج2، ص382.

86- راجع: م.ن، ج2، ص383.

87- ملخص نظرية التجلي هو مقتضى مثال المرآة : فكما ان النار المنعكسة في المرآة ليست هي النار على الحقيقة، وكذلك ليست غيرها. وطالما ان جميع المخلوقات هي مظاهر ومجالٍ للحق تعالى، فان الانسان يمثل المرآة التي تعكس جمال الحق وجلاله، اي تعكس اسماء الله وصفاته.وكلما صُقلت هذه المرآة أكثر، كلما كان التجلي فيها أقوى وأظهر. لتخلص النظرية الى القول: إن جميع ما تملكه هذه المخلوقات إنما هو إنعكاس وإراءة لما هو موجود عند الله سبحانه وتعالى. راجع : الحيدري، كمال، التوحيد بحوث في مراتبه ومعطياته، م.س، ج2، ص383و 386.

88- راجع: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، 2009م، ج13، ص65، ( في معرض تفسيره لقوله تعالى : وما كان عطاء ربك محظورا ( الاسراء، آية20 )).

89-([1]) سورة الرعد، الآية 17.

90- ليس المقصود من الكثرة هنا الكثرة الحقيقية، بل هي كثرة اعتبارية مفهومية؛ لان الاسماء عين الذات ، حسب اعتقاد الشيعة الامامية، والذات واحدة بسيطة لا تكثر فيها. وبالجملة فان الكثرة الاسمائية تعود الى منشأ انتزاع هذه الاسماء.

91- الآملي، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود، م.س، ص682.

92- م.ن، ص683.

93- م.ن، ص683.

94- الخميني، مصباح الهداية، م.س، ص19.

95- أي الكثرة المفهومية للاسماء على اعتبار ان لا كثرة حقيقية كما مر سابقا.

96- راجع: الخميني، مصباح الهداية، م.س، ص22.

97- م.ن ، ص23.

 

 

 

([1]) هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي . ولد عام 260 هـ/874 م في فاراب في اقليم تركستان وتوفي عام 339 هـ/950م . فيلسوف مسلم اشتهر بإتقان العلوم الحكمية وكانت له قوة في صناعة الطب.

([2]) ابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالم وطبيب مسلم من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية أفشنة بالقرب من بخارى (في أوزبكستان حالياً) من أب من مدينة بلخ (في أفغانستان حالياً) وأم قروية. ولد سنة 370 هـ (980م) وتوفي في مدينة همدان (في إيران حاليا) سنة 427 هـ (1037م). عُرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى.

([3]) إخوان الصفا وخلان الوفا هم جماعة من فلاسفة المسلمين من أهل القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي بالبصرة اتحدوا على أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في ذلك العهد فكتبوا في ذلك خمسين مقالة سموها”تحف إخوان الصفا”. انبثقت جماعة إخوان الصفا تحت تأثير فكر مذهب الإسماعيلية في البصرة .وكانت اهتمامات هذه الجماعة متنوعة وتمتد من العلم والرياضيات إلى الفلك السياسة وقاموا بكتابة فلسفتهم عن طريق 52 رسالة مشهورة ذاع صيتها حتى في الأندلس.

([4]) ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم بن على، , لسان العرب, م.س, ج10, ص366، ( مادة فيض).

([5]) العقل الأول: وهو جوهر غير متجسم أصلا ولا هو في مادة و هو عند الفارابي الأول الذي يفيض عن الله. وهو الحقيقة المحمدية عند صدر الدين الشيرازي. راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص 600.

([6]) يُعدّ أنكساغورس أحد الفلاسفة الملطيين، والحكماء السبعة، أخذ الفلسفة عن أنكسمينس (أحد تلامذة طاليس)، أتي بعد “ديموقريطس”، ففند آراءه والتي تزعم أن حركة الذرات هي نتيجة (ضرورة عمياء) تدفعها إلى الحركة والتلاقي والتشابك والتمازج.

([7]) راجع: ابن رشد، ابو الوليد محمد بن احمد، تهافت التهافت، تح: سليمان دنيا، مصر، دار المعارف، ط1، 1964م، ص176-177.

([8]) الفلك الأكبر: يقصد به الأفلاك الثمانية و العقول التسعة التي تتحرك بفعل العقل الأول.

([9]) العقل الفعال: هو العلة الفاعلة للإدراك و مبدأ الكمال، أي هو الذي يخرج المعقولات من الماديات وهو عند الفارابي الروح القدس. وهو عقل بسيط ويطلق عليه صدر الدين الشيرازي احيانا اسم القلم. راجع: دغيم، سميح، موسوعة مصطلحات صدر الدين الشيرازي، م.س، ج1، ص605-608.

([10]) الأسطقس: لفظة يونانية معناها العنصر، (element)، وهي عند قدماء اليونان العناصر الأربعة: الماء والأرض والهواء والنار. راجع: صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، قم، ذوي القربى، ط1، 2007م، ج1، ص 78.

([11]) راجع: إسماعيل، محمود ، سوسيوليجيا الفكر الإسلامي- طور الازدهار, بيروت- لبنان, سينا للنشر, ط1، 2000م، ج3, ص137.

([12]) راجع : ابن رشد، تهافت التهافت، م.س، ص49، وكذلك : ابن رشد، ابو الوليد محمد بن احمد، تفسير ما بعد الطبيعة، تح: موريس بويج، بيروت، دار المشرق، دون تاريخ، ج3، ص1684.

([13]) راجع: ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، م.س، ج3، ص1684.

([14]) راجع: الزيني، محمد عبد الرحيم، مشكلة الفيض عند فلاسفة الإسلام, , الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية, 1993م, ص14.

([15]) راجع: الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود ( المطبوع مع كتاب جامع الاسرار ومنبع الانوار)، تح: هنري كوربان وعثمان يحي، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، 2005م، ص686-687.

([16]) ويطلق عليه ابن عربي ايضا : اله المعتقدات والاله المخلوق، والاله المجعول والحق الاعتقادي. راجع : الحكيم، سعاد، المعجم الصوفي، بيروت، دندرة للطباعة والنشر، ط1، 1981م، ص87( باب اله المعتقدات). وكذلك راجع:  الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود م.س، ص686.

([17]) الآملي، حيدر، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود م.س ، ص686-687 .

([18]) راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة، م.س، مج1، ج2، ص425

([19]) راجع: ابن عربي، محي الدين ، الفتوحات المكية، بيروت، دار احياء التراث العربي،  ط1، 1418هـ ـ 1998م، ج1، ص329. كذلك: الآملي، حيدر، المقدمات من كتاب نص النصوص، تح: هنري كربين وعثمان يحيى، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 2005م، ص115-116

([20]) راجع: الشيرازي، صدر الدين، الحكمة المتعالية في الاسفار الاربعة، م.س، مج1، ج2، ص427.

([21]) راجع: بلاثيوس، اسين، ابن عربي حياته ومذهبه، ترجمه عن الاسبانية عبد الرحمن بدوي، بيروت، دار القلم، الكويت ـ وكالة المطبوعات، ، 1979م، ص268.

([22]) رجع: ابن عربي، محي الدين، كتاب الحروف الثلاثة التي انعطفت اواخرها على اوائلها، رسائل ابن عربي، تحقيق وتقديم سعيد عبد الفتاح، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، ط1، 2001م ، ص135.

([23]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج2، ص33

([24]) راجع: م.ن، ج2، ص427.

([25]) راجع: كشف الغايات في شرح ما اكتنفت عليه التجليات، وهو شرح لكتاب التجليات الالهية لابن عربي لم يعرف مؤلفه، تحقيق عثمان اسماعيل يحيى، طهران، مركز نشر دانشكاهي، 1367هـ، ص 354-355، وراجع : ابن عربي، محي الدين، ترجمان الاشواق، بيروت، دار صادر، 1386هـ ـ 1966م، ص46.

([26]) احياناً يعبر ابن عربي عن اللوح المحفوظ بالعقل، كما هو الحال في كتاب: شق الجيب بعلم الغيب، رسائل ابن عربي، م.س، ص288.

([27]) ذكر ابن عربي بهذا الصدد ما ورد في الشرع بان اول ما خلق الله القلم ثم خلق اللوح وقال للقلم: اكتب، قال القلم: وما اكتب؟ قال الله له: اكتب وانا املي عليك. فخط القلم في اللوح ما يملي عليه الحق وهو علمه في خلقه الذي يخلق الى يوم القيامة. وذكر ابن عربي ان عدد ما ضمه اللوح من الكلمات بعد الفراغ من الكتابة هو مائتا الف آية وتسع وستون الف آية ومائتا آية، وهو ما يكون في الخلق الى يوم القيامة من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الاسباب؛ راجع: الفتوحات المكية، م.س، ج1، ص191. وج 2، ص421.

([28]) راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج 2، ص422.

([29]) الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، لبنان، مؤسسة الاعلمي، ط 1، 2006م، ص25.

([30]) م.ن، ص25.

([31]) راجع: الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، م.س، ص52.

([32]) راجع: م.ن، ص53.

([33]) م.ن، ص54.

([34]) راجع: م.ن، ص84.

([35]) قارن : م.ن، ص84 وص 106.

([36]) راجع: الخميني، مصباح الهداية الى الخلافة والولاية ، م.س، ، ص106.

([37]) الحيدري، كمال، التوحيد بحوث في مراتبه ومعطياته، بيروت، دار الاضواء، ط1، 2003م، ج2، ص382.

([38]) راجع: م.ن، ج2، ص382.

([39]) راجع: م.ن، ج2، ص383.

([40]) ملخص نظرية التجلي هو مقتضى مثال المرآة : فكما ان النار المنعكسة في المرآة ليست هي النار على الحقيقة، وكذلك ليست غيرها. وطالما ان جميع المخلوقات هي مظاهر ومجالٍ للحق تعالى، فان الانسان يمثل المرآة التي تعكس جمال الحق وجلاله، اي تعكس اسماء الله وصفاته.وكلما صُقلت هذه المرآة أكثر، كلما كان التجلي فيها أقوى وأظهر. لتخلص النظرية الى القول: إن جميع ما تملكه هذه المخلوقات إنما هو إنعكاس وإراءة لما هو موجود عند الله سبحانه وتعالى. راجع : الحيدري، كمال، التوحيد بحوث في مراتبه ومعطياته، م.س، ج2، ص383و 386.

([41]) راجع: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، 2009م، ج13، ص65، ( في معرض تفسيره لقوله تعالى : وما كان عطاء ربك محظورا ( الاسراء، آية20 )).

([42]) سورة الرعد، الآية 17.

([43]) ليس المقصود من الكثرة هنا الكثرة الحقيقية، بل هي كثرة اعتبارية مفهومية؛ لان الاسماء عين الذات ، حسب اعتقاد الشيعة الامامية، والذات واحدة بسيطة لا تكثر فيها. وبالجملة فان الكثرة الاسمائية تعود الى منشأ انتزاع هذه الاسماء.

([44]) الآملي، رسالة نقد النقود في معرفة الوجود، م.س، ص682.

([45]) م.ن، ص683.

([46]) م.ن، ص683.

([47]) الخميني، مصباح الهداية، م.س، ص19.

([48]) أي الكثرة المفهومية للاسماء على اعتبار ان لا كثرة حقيقية كما مر سابقا.

([49]) راجع: الخميني، مصباح الهداية، م.س، ص22.

([50]) م.ن ، ص23.

([51]) راجع: م.ن، ص22.

([52]) الآملي، حيدر، نقد النقود، م.س، ص682.

([53]) الخميني، مصباح الهداية، م.س، ص84.

([54]) راجع: الآملي، نقد النقود، م.س، ص683.

([55]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرأن، م.س،  ج1، ص17، ( في تفسيره للبسملة ).

([56]) م.ن، ج1، ص17.

([57]) راجع: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرأن، م.س ، ج1، ص17.

([58]) م.ن، ج8، ص304، ( في معرض تفسيره لقوله تعالى : ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ( سورة الأعراف، آية180)).

([59]) م.ن، ج8، ص304.

([60]) راجع: م.ن، ج8، ص305.

([61]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرأن، م.س ، ج6، ص214-215، ( في معرض بحث روائي عن علم الغيب).

([62]) م.ن، ج8، ص305.

([63]) م.ن، ج8، ص305.

([64]) راجع: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرأن، م.س ، ج6، ص215.

([65]) م.ن، ج8، ص307-307.

([66]) م.ن، ج8، ص307.

([67]) م.ن، ج8، ص307.

([68]) م.ن، ج8، ص307.

([69]) الخميني، روح الله، شرح دعاء السحر، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 2006م، ص80.

([70]) راجع: م.ن، ص83.

([71]) الخميني، شرح دعاء السحر، م.س، ص128.

([72]) راجع: الخميني، روح الله، شرح دعاء السحر، م.س، ص31.

([73]) راجع: م.ن، ص31.

([74]) تنطلق هذه القاعدة من مبدأ اصالة الوجود والوحدة التشكيكية له. فواجب الوجود الذي هو بسيط الحقيقة، اي غير مركب، وجوده سار في كل الاشياء بحيث انه هو كل الاشياء، لكنه ليس بواحد منها على وجه التعين بسبب اطلاقه.

([75]) راجع: الخميني، روح الله، شرح دعاء السحر، م.س ،  ص30.

([76]) م.ن، ص29.

([77]) الخميني،  شرح دعاء السحر، م.س، ص30.

([78]) راجع: م.ن، ص34.

([79]) سورة غافر، الآية 16.

([80]) وقد يطلق عليه ايضا اسم عالم الذر. وقد سمي بعالم الربوبية لانه العالم الذي اقر فيه الناس قبل خلقهم لله بالربوبية وذلك انطلاقاً من قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾( سورة الأعراف، الآية 172).

([81]) القيصري، داود بن محمود، شرح فصوص الحكم، ت حسن حسن زادة آملي، قم-ايران، مؤسسة بوستان كتاب، ط1، 2003م، ج1، 588.

([82]) الخميني، شرح دعاء السحر، م.س، ص129.

([83]) راجع: م..ن، ص129.

([84]) راجع: م.ن، ص129.

([85]) راجع: م.ن، ص129.

([86]) راجع: السهروردي، شهاب الدين، حكمة الإشراق، مجموعة مصنفات شيخ الإشراق، طهران، منشورات أنجمن إسلامي حكمت وفلسفة، ط1، 2001م، ج2، ص138-148.

([87]) الآملي، حسن زادة، النور المتجلي في الظهور الظلي، قم-ايران، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، 2002م، ص67-68.

([88]) راجع: الخميني، روح الله، شرح دعاء السحر، م. س، ص129.

([89]) الخميني، روح الله، شرح دعاء السحر، م. س، ص29.

([90]) راجع: الحكيم، سعاد، المعجم الصوفي، م.س، ص160-161.

([91]) م.ن، ص160.

([92]) م.ن، ص161.

([93]) الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات، مصر، المطبعة الخيرية ( طبعة حجرية)، ط1،  1306ه، ص17.

([94]) الحكيم، سعاد، المعجم الصوفي، م.س، ص161-162.

([95]) الخميني،  شرح دعاء السحر، م.س، ص62.

([96]) ابن عربي، محي الدين، فصوص الحكم، تعليقات ابو العلا عفيفي، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، ج1، ص55.

([97]) أو بين الماء والطين راجع : الفريابي، أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن، كتاب القدر، تحقيق عبد الله بن حمد المنصور، الرياض، مطبوعات أضواء السلف، ط1، 1997م، ص38.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى