الهويَّة الدينيَّة في مقالات الشيخ عدَّة بن تونس
رزقي بن عومر
تمهيد:
تولَّدت مسألة الهويَّة مع موجة الاستعمار الذي كان يجسِّد نوعاً من العدوانيَّة الحضاريَّة التي شنَّتها عصبيَّة ما تحت أيِّ شعار سواء شعار القوم أم الدم أو الثقافة. ولعلَّ من الأساليب التي تفطَّن لها الاستعمار وخصوصًا الفرنسي هو بثُّ التخريب في الذاكرة الثقافيَّة والدينيَّة للشعوب المستعمَرة، من خلال آليَّات الإعلام والعنف ونهب التراث المعنويّْ.
لكن هذه الشعوب قاومت أساليب المستعمر، من خلال إعادة بناء الذاكرة الدينيَّة والقوميَّة والوطنيَّة معتمدة في ذلك الآليَّات نفسها التي اعتمدها المستعمِر، من إعلام وتنظيم اجتماعيٍّ ومنابر، وتثقيف شفهيٍّ وكتابيّْ.
من خلال هذا الفصل، نحاول أن نقف على جانب من الآليَّات التي قاومت المستعمر الفرنسيَّ في الجزائر في الفترة التي سبقت ثورة التحرير، وهذا الجانب هو الصحافة الوطنيَّة في بُعدها الطرقيِّ الصوفيِ، والمتمثِّلة في صحيفة “المرشد العلاويَّة” التي أسَّسها الشيخ عدة بن تونس ثاني شيخ للطريقة العلاويَّة، وحاول من خلالها أن يدعم طابع الهويَّة الذي كانت ترمي إليه الطرقيَّة وكلُّ توجُّه دينيٍّ في الجزائر في بداية القرن العشرين.
1 ـ نبذة عن حياته:
وُلد الشيخ عدة بن تونس بتجديت في مدينة مستغانم، وهي مدينة في الساحل الغربيِّ للجزائر، ونشأ في الزاوية العلاويَّة الكبرى في عام 1898م، وبعد وفاة أستاذه الشيخ العلاوي عام 1934 أوصى له بالخلافة ورعاية شؤون الزاوية الكبرى، فقام بمهام الطريقة العلاويَّة، وعمل على إنشاء عدد من الزوايا في الجــــــزائر و خارجــــها، مـن أجــل الـتـربــيــة والــتــعـــلــيـم والتوجـيــه والإرشاد، ممًّا يكشف عن حركيَّة وتنظيم عال لديه، لأنَّ الظروف كانت قاسية وتهدِّد كلَّ نشاط دينيٍّ واجتماعيٍّ، خصوصًا أثناء الحرب العالمية وبعدها.
من أعماله أيضًا إصدار جريدة “لسان الدين” الثانية من 1937 إلى 1939، كما أصدر مجلة “المرشد” الشهرية بالُّلغتين (العربيَّة والفرنسيَّة) من 1946 إلى 1952 للدفاع عن تعاليم الإسلام، وتبليغ مبادئه لغير المسلمين، إلى جانب مجلَّة “أحباب الإسلام” الصادرة بالفرنسية.
ومن مؤلفاته كذلك، مجموعة من المقالات في مجلَّة “المرشد” جمعت بعد ذلك في جزأين بعنوان: “تنبيه القرَّاء إلى كفاح مجلَّة المرشد الغرَّاء”، كما كتب “الروضة السَنيَّة في المآثر العلاويَّة”، تناول فيه حياة أستاذه الشيخ العلاوي. وله أيضًا كتاب “وقاية الذاكرين من غواية الغافلين”، في فضل الذِّكر والذاكرين؛ و مكانة الذِّكر من سائر العبادات الأخرى. كما له مؤلَّف “الدرة البهيَّة في أوراد وسند الطريقة العلاويَّة”، ويشتـمــل على أوراد الطـريـقـة الـعـلاويَّــة المأخوذة عن الشـيــخ محمد بن الحبيب البوزيدي. وقد جمعت له بعض المقالات من مجلَّة “المرشد” تحت عنوان: “كتاب مجالس التذكير في تهذيب الروح وتربية الضمير” في الطريقة والأذكار التي يتعاطاها الـقـوم الصـوفـيَّة في مـجـالـسـهـم وخلواتهم، وله كتاب “فك العقال عن تصرف الأفعال”، في تصريف الأفعال بأنواعها وأقسامها.
أما في المجال الاجتماعي والاقتصادي فقد أنشأ بن تونس مؤسَّسة لإعادة تأهيل الشباب المنحرفين 1940م، تحتوي على أربع ورشات للتكوين: الميكانيكا، النجارة، الطباعة والمخبزة. وفي النشاط الثقافيِّ والاجتماعيِّ أنشأ عددًا من الجمعيَّات نذكر منها جمعيَّة الشبيبة العلاويَّة، وجمعيَّة التنوير كذا جمعيَّة أحباب الإسلام (1948). وكانت وفاته سنة 1952م بحيث بلغ من العمر 54 سنة، وترك الإشراف على الطريقة والزاوية لابنه الشيخ محمد المهدي بن تونس.
2 ـ السلوك الصوفيُّ والموقف من الاستعمار:
المشهور عند الصوفيَّة أنَّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، فلذلك تعدَّدت أساليب معالجة أدواء النفس والحكيم كما قال الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي: هو “من… يهذِّب نفوس أتباعه من المريدين حتى يكون هواهم تابعًا لمرضاته، ومن لم يهذِّب نفسه بعيد عنه أن يهذِّب نفوس الناس “[1] . بل قد نذهب إلى القول أنَّ الطريق الصوفيَّ هو الشيخ نفسه فمن دونه لا معنى للطريق، لذلك اتَّسمت الطرق بمُنشئيها، فهي بحسب من أبدعها الذي يعيِّن الأوراد والرسوم والتكاليف التي من شأنها أن تخلِّص المريد من قيد النفس إلى فضاء الحريَّة.
يقدِّم الصوفيُّ نفسه ـ بالإضافة إلى كونه مهذَّب نفوس مُريديه ـ كمصلح دينيٍّ من مهامِّه تجديد أمر دين هذه الأمَّة، وتبليغ الإسلام إلى الناس، وحفظ الروحانيَّة التي تزخر بها شريعة الإسلام. فهو بهذا الاعتبار مُربٍّ عامٌّ ومُربٍّ خاصّْ، فكونه مربِّيًا عامًّا هو من جهة البلاغ والوعظ، وكونه مربِّيًا خاصًّا لجهة تهذيب نفوس أتباعه وترقيتهم روحيَّاً. إذن، الصوفيُّ الحقيقيُّ ليس هو الذي يعزل نفسه وغيره بين جدران زاويته، ويعتني بالرسوم والأوراد من دون العناية بالمجتمع الذي لا يمكن إهماله، فالمجتمع هو مجال تفعيل تعاليم التصوُّف التي يقتضيها القرآن الكريم وسنَّة نبيِّه (ص)، والعمل الروحانيُّ يتطلَّب جهوداً ضخمة من أجل أن يتمَّ له النجاح، فلا نستغرب إن استعمل الصوفيُّ وسائل تنظيميَّة لعمله، في مجال الحياة بكلِّ أبعادها الاجتماعيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة. وهنا يقول الشيخ خالد بن تونس: “طريق التصوُّف هو طريق عمليٌّ يتماشى تمامًا مع الحياة، لأجل إيجاد حلول، يجب القيام بالعمل، ومقاومة الأمور، ومواجهة المشاكل، كلُّ ذلك بميزان، وهذا لا يعني بطبيعة الحال الارتماء بالجسد والروح في أحضان الحياة المادِّيَّة إلى حدِّ الغرق. وفي هذا الموضوع يقول الصوفيَّة دائمًا: “تعاملوا مع الدنيا بأيديكم، ولا تدعوها تدخل أبدًا إلى قلوبكم، لأن الأيدي تُغسل، أمَّا القلوب فلا“.[2]
في ظلِّ طريقة مخالفة للمألوف في تناول مفردات الحياة يكون الجهاد والمقاومة للمستعمر بل حتى فهم المستعمر ذا معنى مختلف عن كلِّ التصوُّرات والمقاربات، ففي مسألة الجهاد يرى الصوفيُّ أنَّ “الجهاد هو نضال صعب المراس، فلا علاقة له بالمعنى المنحرف الذي يعطيه له البعض اليوم لأغراض أيديولوجيَّة وسياسيَّة. إنَّه يمارس في جميع الميادين، وضدَّ النفس، بل حتى من خلال الحياة المادِّيَّة لمقاومة الأزمة الاقتصاديَّة، والفقر، والأمراض الحديثة…إنَّ مفهوم الجهاد يكون هنا، وليس في الكفاح بالسلاح… فعلى المُريد أن لا يكتفي بالقيام بمجاهدة نفسه، بل عليه كذلك أن يخدم الإنسانيَّة وأن يكون شاهدًا على الحقيقة الربانيَّة، وأن يوصل بحثه إلى حيث يعمل… وأن لا يكون تحقُّقه باطنيَّاً فحسب، ولكن أيضًا في الخدمة… إنَّ هذا المفهوم يجب أن يدمج كليًّا في مسعانا وبحثنا الباطنيِّ، إذ ليس هناك اثنان، بل طريق واحد، ومصير واحد“.[3]
بناءً على ما سبق، نقارب مسألة مقاومة المستعمر، فالصوفيُّ حينما يقبل على ظاهرة الاستعمار فهو يدخلها ضمن تحقُّقه الروحانيِّ ولا يفصلها عن جهاده النفسيِّ الذي لا يتوقَّف ما دام حيًّا، فالمستعمرُّ مظهر من مظاهر الظلم الذي يرشح عن النفس الأمَّارة، وهو بنية متكاملة يصعب اختزالها إلى مجرَّد محتلٍّ يجب إخراجه بل كيف نستأصل جذور الشرِّ من أنفسنا ونحن نواجه هذا الشرِّ، بمعنى يجب أن تكون المقاومة أخلاقيَّة بامتياز، حتى ونحن نستعمل السلاح أو المفاوضات، وهذا لا يعني عدم الغيرة على الأمَّة الإسلاميَّة إذا غزاها محتلٌّ، فمن حيث المبدأ المحتلُّ محتلٌّ وغاصبٌ، لكن كيفيَّة مواجهته هي المشكلة، وهي عمليَّة لا يجوز عزلها عن الثوابت الصوفيَّة التي تجعل مبدأ الإحسان في كلِّ شيء في الصراع وممارسته أو السلم ومقتضياته، لأنَّ الصوفيَّ يتعامل مع المفردات تعامل مسؤول أمام سائل يقدِّم له الحساب، والسائل من؟ إنَّه الله تعالى الحاضر الناظر وهذه مملكته، وهي الإنسانيَّة جمعاء، فلا يشفع له أن يستعمل كلَّ الوسائل مهما كانت ما دام وقع عليه أو على وطنه ظلمٌ، بل كيف يحسن الوسيلة التي تحقِّق له السعادة والطمأنينة، وهنا جوهر الخلاف بين الصوفيِّ وغيره، فغير الصوفيِّ همُّه كيف ينفكُّ عن الظرف غير الملائم، وبعدها يدخل في الترقيع من أجل حماية الظرف الذي أنتجته حركته هذه.
هذا هو المنهج الذي نعتقده في كلِّ تفسير لأيِّ موقف وقفته الطرق الصوفيَّة، نجحت من نجحت وفشلت من فشلت، وكلامنا هذا لا نريد منه تبرير بعض السقطات التي قد تعتري بعض الزوايا أو الطرق. ففي ما يتعلَّق بالموقف العام للصوفيَّة من الاستعمار نجد أنَّ تاريخ الجزائر لا يتوقَّف في الإدلاء بشهادته على مقاومة الطرق الصوفيَّة للمستعمر الفرنسيِّ منذ أن وطئت قدمه هذا الوطن، بل قبل ذلك من غزوات الإسبان على سواحل الغرب، ومن مواجهة لتسلُّط بعض سلاطين الدولة العثمانيَّة، من ذلك مثلًا موقف الزاوية القادريَّة في منطقة معسكر من الظلم الذي مارسه بعض وُلاة الأتراك، ومقاومات كلٍّ من الأمير عبد القادر وبوعمامة وغيرهما من زعماء طرق صوفيَّة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هذا تصريح للمؤرِّخ الفرنسيِّ مارسيل إيمري يقول فيه: “رغم أنَّ لهذه الطرق الصوفيَّة صبغة دينيَّة متصوِّفة فإنَّها كانت بالنسبة إلى دورها الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ أحزابًا سياسيَّة بالإضافة إلى أنَّ نظامها الغامض التصاعديَّ قد جعلها جمعيَّات سرِّيَّة من الدرجة الأولى، فقد نظَّمت حملات دعائيَّة سرِّيَّة مُحكمة ضدَّ الفرنسيين بواسطة اتصالات خفيَّة. إنَّ معظم الثورات التي وقعت خلال القرن التاسع عشر في الجزائر كانت قد أُعدَّت ونُظِّمت ونُفِّذت بوحي من هذه الطرق الصوفيَّة، فالأمير عبد القادر كان رئيسًا لواحدة منها وهي الجمعية القادرية. ومن بين الجمعيَّات المشهورة التي لعبت دورًا أساسيًّا هامًّا في هذه الثورات: الرحمانيَّة، السنوسيَّة، الدرقاويَّة، الطيبيَّة “.[4]
ورد في قول مارسيل إيمري اسم الطرق باسم الجمعيَّات نظرًا للمشابهة من حيث التنظيم بينهما، والملاحظ في هذا التصريح قوَّة التنظيم التي مارستها الطرق الصوفيَّة في مواجهة خطط المستعمر الفرنسيِّ، فلجأت إلى السرِّيَّة في المواجهة، وهذا أخذا بالاعتبار قوة الخصم وتواطؤ الداخل الذي يعكس صعوبة المواجهة، وهذه تشبه حركة النبيِّ (ص) في مواجهة الجاهليَّة، فهو لم يغفل خطر المنافقين الذين كانوا يصعِّبون المواجهة العلنيَّة، فالسرِّيَّة تنبئ عن ضعف الصف الداخليِّ للأمَّة، ولعلَّ النهاية التي انتهت إليها مقاومة الأمير عبد القادر لا تفسِّر نتيجة قوَّة المستعمر فحسب، بل في الغالب كان سبب ذلك أيضًا ضعف الأمَّة، وهذا يحسب له الصوفيُّ حسابه “فكلُّ فيض يظهر فهو على حسب القابل”.
وفي معرض التدليل على مقاومة الطرق الصوفيَّة للمستعمر نقرأ أوكتاف ديفون، المفتش العام للبلديَّات الممتزجة بالجزائر يكتب في تقريره الموجَّه إلى مجلس الشيوخ الفرنسيِّ المكلَّف بالجيش: “إنَّنا سلفًا نجد دائمًا يدًا مرابطيَّة وراء كلِّ هذه الثورات التي يقوم بها الأهالي ضدَّنا“[5]. وما قيل في القرن التاسع عشر عن مقاومة الطرق الصوفيَّة للاستعمار كذلك قيل في القرن العشرين، فهذا نصٌّ ينقله الشيخ خالد بن تونس وهو شيخ الطريقة العلاويَّة حاليًّا “كان بعض ممثِّلي الإدارة الاستعماريَّة يرون في هذه التظاهرات الروحيَّة وسيلة للمراوغة الغاية منها إيقاظ الجماهير وتجنيدها لصالح الحركة الوطنيَّة. ومن ذلك ما جاء في تصريح على لسان الجنرال (André.J.P) من أكاديميَّة العلوم الاستعماريَّة متأثِّرًا بالجوِّ العام السائد في تلك الفترة، فوصف الشيخ (سيدي عدة) بأنَّه شخصيَّة مشكوك فيها يقول: يبدو لأنَّ روح الطريقة العلاويَّة قد تغيَّرت بعد موت مؤسِّسها فقد خلفه فيها عدة بن تونس المنزل منزلة الإبن، والذي لم يبق له من النفوذ إلَّا مجرَّد اعتقادات من دون قدرته على مواصلة العمل الروحيِّ الذي كان لشيخه (بن عليوة)، وعلى ما يبدو تقترب فكرته من فكرة جمعيَّة العلماء المسلمين(من تأسيس المدارس، وإصدار الجرائد بالُّلغة العربيَّة، والتأثير على الجماهير المسلمة من أجل إيقاظها وبثِّ الروح الوطنيَّة فيها، والجنوح إلى الشدَّة إذا لزم الأمر)“.[6]
3 ـ الطريقة العلاويَّة:
تُعدُّ الطريقة العلاويَّة فرعًا عن الطريقة الدرقاويَّة الشاذليَّة، المنسوبة إلى الشيخ أحمد بن مصطفى بن عليوة المشهور بلقب العلاويِّ (1869-1934)، أسَّسها سنة 1914 في مدينة مستغانم حيث الزاوية الأمُّ في حي تيجديت. ما يُعرف عن هذه الطريقة أنَّها عصريَّة في أساليبها التنظيميَّة لكنها من حيث المنهج تحافظ على أركان التصوُّف نفسها كما وضعها الأوائل كالذِّكر والخلوة والمجاهدات والاهتمام بالأوراد. في هذا السياق، يقول الأستاذ أبو القاسم سعد الله : “تُعرف طريقة الشيخ ابن عليوة بأنَّها طريقة عصريَّة، عند البعض، لماذا؟ لأنَّ الشيخ استعمل وسائل حديثة لبثِّ أفكاره وتعاليمه: وسائل لم تستغلّها الطرق الصوفيَّة الأخرى المختبئة خلف حيطان الزوايا والخلوات والعبادات الليليَّة والسرِّيَّة. أمَّا الشيخ ابن عليوة فقد اشترى مطبعة للزاوية، وأسَّس صُحفًا كانت تنشر نشاطه… ومن أشهرها صحيفة أسبوعيَّة تُسمَّى (لسان الدين)، وصحيفة (البلاغ الجزائري) الأسبوعيَّة أيضًا. وقد اهتمَّت الأخيرة بشؤون الجزائر السياسيَّة والوطنيَّة، وكانت لها آراء صريحة لتأِييد الجامعة الإسلاميَّة واليقظة الوطنيَّة، وقد وقفت ضدَّ الاندماج وأنصاره، وضدَّ التجنيس، ودافعت بشدَّة عن الُّلغة العربيَّة“[7]. يضاف إلى ذلك مقاومة التنصير في الجزائر وخارجها، ومواجهة الحركة الإصلاحيَّة بقيادة جمعيَّة العلماء المسلمين، التي هاجمت المرابطيَّة ولم تفرق في المواجهة بين الطريق الصوفيِّ الصحيح وبعض أدعيائه، وكذلك وقف الشيخ العلاوي ضدَّ الحركات المعادية للأديان كالشيوعيَّة وتقليد عادات الغرب في طريقة الحياة. كان هذا في عهد مؤسِّسها، واستمرَّت الطريقة بعده بالنشاط والأهداف نفسها مع الشيخ عدة بن تونس (1898-1952) المنزل من شيخه منزل الابن كما كتب الشيخ العلاوي في وصيَّته التي تركها بعده، وهكذا مع بقية شيوخ الطريقة وصولًا إلى الأستاذ خالد بن تونس الذي مدَّ من نشاطات الطريقة لتساهم في صياغة المشروع الإنسانيِّ لإنسان هذا العصر من خلال الحضور في الندوات الدوليَّة والحوار مع الأديان والأيديولوجيَّات المعاصرة.
4 ـ الصحافة العلاويَّة ومسألة الهويَّة في فترة الاستعمار:
شهدت الفترة ما بعد الحرب العالميَّة الأولى في الجزائر نهضة صحفيَّة تمثَّلت في صدور صحف بالُّلغة العربيَّة وإن اختلفت في ما بينها إلَّا أنَّ هدفها كان واحدًا هو بثُّ الوعي عند الجزائريِّ وتثقيفه وتعريفه بدينه وحقوقه المدنيَّة والسياسيَّة، والطابع العامُّ لخطابات هذه الصحف هو الإصلاح على اختلافه في الأساليب ووجهات النظر بحسب الطريق الذي اختاره كلُّ فريق سواء المنهج الصوفيّ الذي انتهجته الطرق الصوفيَّة أم المنهج السلفيّ الذي انتهجته جمعيَّة العلماء المسلمين.
لقد صدر عن الطرق الصوفيَّة عدد من الصحف والمجلَّات، إمَّا من خلال أصحاب الطرق أنفسهم أو من إصدار المتعاطفين معهم، ونذكر من هذه الصحف: “النجاح” أنشأها عبد الحفيظ بن الهاشمي سنة 1919، و“لسان الدين الأولى”(1926) و“البلاغ الجزائري” (1926) أنشأهما الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي، و“الحق” أنشأها علي بن موسى العقبي سنة 1926، و“الإخلاص” لسان حال جمعية أهل السنَّة، أنشأها المولود بن صديق الحافظي سنة 1932، و“المعيار” وهي امتداد لصحيفة “الحق” أنشأها هراس مصطفى سنة 1932، و“الفضيلة” أنشأها موسى خداوي سنة 1935، و “الرشاد” أنشأها عبد الحفيظ القاسمي مع أخيه عبد القادر سنة 1938، و “الوفاق” أنشأها محمد السعيد الزاهري سنة 1938، و “لسان الدين” الثانية (1936) و“المرشد” (1946) أنشأهما الشيخ عدة بن تونس.
في المقابل، أصدر الخط المناهض للطرقيَّة صحفًا عديدة هي: “المنتقد” صدرت عن جمعيَّة العلماء المسلمين في جويليه سنة 1925، و “الشهاب” صدرت في نوفمبر سنة 1925، و“الإصلاح” صدرت في سبتمبر1927، أنشأها الشيخ الطيب العقبي، و“السنَّة النبويَّة” لسان حال جمعيَّة العلماء المسلمين صدرت في مارس 1933، و“الشريعة” من إنشاء جمعيَّة العلماء المسلمين في جويليه سنة 1933، و “الصراط السوي” في سبتمبر 1933، و “البصائر” صدرت في ديسمبر سنة 1935، و “الدفاع” جريدة ناطقة بالُّلغة الفرنسيَّة في جانفييه سنة 1934.
بالنظر إلى عناوين الصحف نستطيع أن نقف على مشاريع مؤسِّسيها، فمثلًا صحف الطرقيين والمتعاطفين معهم تحمل دلالة إصلاح الجانب الأخلاقيِّ والاجتماعيِّ بينما صحف الإصلاحيين عناوينها تحمل دلالة نقد وضع قائم يتمثَّل في الانحراف عن الدين الإسلاميِّ بحسب الفهم السلفيِّ الذي يرى أنَّ مشكلة المسلمين هي الابتعاد عن السنَّة النبويَّة وتعاطي البِدع، وفي عناوين الإصلاحيين نوع من ردِّ فعل على عمل في الميدان قائم وهو عمل الطرق الصوفيَّة وحركتها في تسيير الأمور الدينيَّة للجزائريين. طبعًا لا ننفي ردَّ الفعل عند الطرقيين في مواجهتهم للإصلاحيين ونقدهم والتجريح في عملهم وممارساتهم، وهذا في الحقيقة وضع عامٌّ لم ينفكّ عنه أحد في الساحة ألَّلهمَّ إلَّا القليل.
في ما يخصُّ صحف العلاويين، نتحدَّث عن صحيفة “البلاغ الجزائري” ومجلَّة “المرشد”، الأولى أسَّسها الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي المستغانمي عام 1926، والثانية أسَّسها تلميذه وخليفته الشيخ عدة بن تونس عام 1946. وقد كان الشيخ العلاويُّ “مفكِّرًا عميقًا وزعيمًا إصلاحيًّا يسعى لتجديد الإسلام، وصيانة تعاليمه، ويسعى فوق ذلك لكي يستردَّ الدين ما فقده من حيث العمق، فكتب قائلًا:”لو نطق الإسلام لاشتكى إلى الله، ولأحصى كلَّ الشرور التي حلَّت به”… لذلك شرع في نشر سلسلة من المقالات تحت عنوان (حالة مسلمي الجزائر) في اثنتي عشرة حلقة حلَّل فيها حالة الإسلام والمسلمين في الجزائر، … فدعا إلى تطهير الإسلام من الشوائب والنهوض بالمجتمع الجزائريِّ الذي وصل إلى درجة من الضعف والجهل والانحلال الخلقيِّ ما لا نجد له نظيرًا في البلاد الإسلاميَّة“[8]. أمَّا موضوعات صحيفة “البلاغ الجزائري” فكانت “تهتمُّ بالجانب الدينيِّ والاجتماعيِّ، وبفضل موادِّها الغزيرة ومقالاتها الكثيرة، فإنَّ أغلبها موجَّه للدفاع عن الدين الإسلامي، والطرق الصوفيَّة التي تعرَّضت لهجمات كثيرة، متَّهمة إيَّاها بالدجل والشعوذة والبِدع، كما ندَّدت الصحيفة بقضيَّة الاختلاط والبغاء، وكشف خطط المبشِّرين وخطورتهم على الإسلام والشباب الجزائريِّ… إلى جانب وقوفها ضدَّ حركة التجنيس وقفة صارمة، وشنَّت هجومًا ضدَّ الإلحاد مندِّدة بمواقف المفكِّر المصري سلامة موسى وحركة الكماليين الأتراك“[9] . عمومًا، فإنَّ إصدار هذه الصحيفة امتدَّ حتى عام 1933، ووصل عدد المقالات إلى 99 مقالًا صحفيًّا·.
أمّا الثانية، مجلَّة “المرشد”، فكانت تصدر باللغتين العربيَّة والفرنسيَّة، وهدف مؤسِّسها الشيخ عدَّة بن تونس من ذلك كان “إحياء القلوب وتنوير البصائر، والدعوة إلى الله بالكلمة الطيِّبة، والحكمة الرشيدة، والموعظة الحسنة. فقد أحس بما كان يعانيه الشعب من فتن تمزِّق وحدته، واضطهاد يفتن المرء في عقيدته، ومسخ لتعاليم دينه”[10]. تناولت المجلَّة، في محاورها المواضيع التالية، قضيَّة المساجد في الجزائر ومسألة تحييدها من هيمنة المستعمر الفرنسيِّ أو تلاعب المغرضين، قضيَّة الحياء ولباس المرأة والزواج والسفور، مشكلة فلسطين والدفاع عنها، الجامعة الإسلاميَّة وقضيَّة الخلافة الإسلاميَّة، تخلُّف المسلمين وسبيل النهوض بهم، مواجهة الإيديولوجيَّات المنحرفة عن خطِّ الدين كالشيوعيَّة والوهابيَّة والتوجُّهات الإلحاديَّة، الدعوة إلى الأخلاق الإسلاميَّة، التنويه بالمناسبات الدينيَّة. كما طرقت المجلَّة التصوُّف الإسلاميَّ وذلك بشرح مبادئه ونقاوته مما يُنعت به من قبل خصومه، ولا نغفل نقدها للإصلاحيين.
5 ـ الشيخ عدَّة بن تونس والهويَّة الدينيَّة:
لا بأس أن نبدأ هذا العنوان بقصَّة وقعت مع الشيخ عدَّة بن تونس وفحوى هذه القصَّة أن أحد الأطفال كان يلعب بلعبة الثعبان، وهي لعبة معروفة في مستغانم، ويُردِّد “كان يقول (تحيا فرنسا) فأمسكه الشيخ من أذنيه وحكَّهما حتى أحسَّ الطفل بالألم، وقال له (تحيا الجزائر، تحيا الجزائر)… وكانت هذه الحادثة البسيطة شديدة الوقع على شيخنا سيدي عدَّة فتأثَّر لها وأنشد قصيدته (هيا بنا أهل الوطن) سنة 1924، ولما اطَّلع عليها الشيخ العلاوي فرح بها “[11]. والقصيدة مؤلَّفة من 16 بيتًا، نذكر بعضها:
“هيا بنا أهل الوطن نحيي الفرض مع السُنَن ونجتنب كلَّ الفتن التي قد حلَّت بنا
هيا بنا أهل البلاد لنجتمع على الرشاد وكفانا هذا البعاد الذي قد ضرَّ بنا
هيا بنا نعطي الميثاق لنتَّحد على الوفاق وكفانا هذا الشقاق الذي قد فشا فينا
قوموا بنا نُعطِ اليمين لنصرةِ الشَّرع المبين فلا عزَّ للمسلمين إذا خانوا بعهدنا
يا ربُّ تحمي الشباب فلا يعدم منك الصواب فلترشِده إلى الكتاب وسُنَن المهتدينا”. [12]
لم يدَّخر الشيخ عدة بن تونس جهدًا في خطِّ تكريس التعاليم الدينيَّة كممارسة في الواقع – وكان ذلك كلُّه في طريق إصلاح الهويَّة الدينيَّة لهذا الشعب ـ من خلال عمل تعبويٍّ تمثِّل في مواعظه في المناسبات الرسميَّة وغير الرسميَّة، وتجلَّى ذلك بشكل واضح في تأسيسه للمنابر التعبويَّة والتنظيميَّة من خلال تكريس ودعم الاحتفال السنويِّ الذي أسَّسه أستاذه الشيخ العلاوي، الذي كان يقام بمناسبة المولد النبويِّ الشريف، في الزاوية الأمِّ، وفي الزوايا الفرعيَّة عبر تراب الوطن ـ وخارج الوطن، كالمغرب الأقصى وفلسطين والسنغال وإنكلترا وفرنساـ حيث كانت تعقد الخطب الدينيَّة التي تدعو إلى التمسُّك بالدين الإسلاميِّ، والأخلاق الفاضلة وكانت تتداول فيه قضايا الإنسان الجزائريِّ ومشكلاته الاجتماعيَّة والثقافيَّة والدينيَّة “إنَّ الاحتفالات العلاويَّة كانت ولا تزال دعوة للإسلام واحتفالًا للمسلمين ومع أنَّها كانت تحت شعار الجماعة العلاويَّة، فإنَّ ما يجري فيها من نصائح قيمة وإرشادات مفيدة تهمُّ المسلمين أينما كانوا فإنَّ عودة المسلمين إلى إحياء شعائر دينهم، إحياء للدين، ومن أحيا الدين فقد أحيا الأنفس، فأمَّا غير ذلك فإفلاس الضمير وتعاسة المصير، والعياذ بالله”[13]، يضاف إلى الاحتفال السنويِّ تأسيسه لجملة من الجمعيَّات ذات الطابع الدينيِّ والثقافيِّ نذكر منها على سبيل المثال، جمعيَّة الشبَّان العلاويين التي نشر هدفها في صحيفة “لسان الدين الثانية” في نوفمبر 1936، ورد هذا الإعلان: هدف الجمعيَّة هو ” بثُّ التربية الإسلاميَّة، وتعاليم الشريعة السَّمحة في أوساط الشباب الإسلاميِّ، وإنقاذه من داء التغريب، والتفسُّخ الأخلاقيِّ وانتشاله من أوحال الحضارة الغربيَّة التي توجِّهها، وتخطِّط لها السياسة الاستعماريَّة في الجزائر، لتحقيق ما تسمِّيه فرنسا بـ (سياسة الاندماج)”[14]، وأحيى جمعيَّة التنوير التي تكفَّلت بإصلاح الزوايا وعمارتها حتى تقوم بدورها التعليمي والتربوي، كما أسّس جمعية أحباب الإسلام وهي مازالت مستمرَّة إلى الآن، وكانت هذه الجمعيَّة بالأساس تنشط في أوروبا، وبفضل نشاطاتها أسلم كثير من الأوروبيين.
ما يمكن قوله في إطار تعداد نشاطات الشيخ عدة بن تونس، هو أنَّ شخصيَّة الشيخ تعدُّ شخصيَّة تنظيميَّة من الطراز العالي، بحيث تواكب تطوُّرات الساحة بجميع أبعادها السياسيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والدينيَّة وتعدُّ لكلِّ مشكلة حلًّا بل لكلِّ حلٍّ سبيلًا وطريقًا إلى التحقُّق، فلم يكن شخصيَّة تحكمها ردود الأفعال بحيث تكون المبادرات محكومة بالظروف التي أنتجتها وإنَّما كونه عارفًا لا يضيع حكمة وقته فيقع حيث يجب، وما دام الموضوع المتناول هو الهويَّة الدينيَّة، فإنَّ علاج الشيخ لها لم يكن وفق سياسة ردِّ الفعل كأن تكون هذه النشاطات وليدة حركة من المستعمر، بل أصالة منه كصوفيٍّ، وكمتديِّن لا يستطيع أن يعيش خارج الجوِّ الدينيِّ باعتبار أنَّ هذا الجوَّ هو الذي يوفِّر المناخ الطاهر لبلورة طاقات الإنسان، وهنا تدخل كلُّ المقدَّرات في خدمة هذا الهدف من زاوية وجمعيَّة وصحيفة، وغيرها من الوسائل الناجعة. والملاحظة الثانية في هذا المجال أنَّ الوسائل التي استعملها الشيخ عدَّة بن تونس كانت من جنس الأهداف وفي مستوى التحدِّيات التي كانت تفرضها المرحلة، لأنَّ الاستعمار كان يستعمل المنابر السياسيَّة والاجتماعيَّة للدعاية ضدَّ هويَّة الجزائريين الدينيَّة والثقافيَّة، ولا ننسى في المقابل كانت هناك حرب أخرى تخاض من قبل الشقيق إمَّا جهلًا أو قصدًا ضدَّ مقوِّمات الروحيَّة للجزائريِّ والذي كان متعلِّقًا بالزاوية والتراث الصوفيِّ المعيَّن الذي كان يلجأ إليه الجزائريُّ كلَّما تراكمت عليه الهموم، هذا الشقيق تبنَّى مذهبًا يقوِّض العمق الدينيَّ والروحانيَّة في الشريعة الإسلاميَّة بعنوان حماية الشريعة من البدع المكرَّسة من قبل الطرق الصوفيَّة، فرفعت شعارات محاربة الطرقيَّة بحجَّة لا طرقيَّة في الإسلام لأنَّ المرجع واضح وهو الكتاب والسنَّة، وكنا قد وقفنا على عناوين صحف هذا الفريق، ما كانت تشير إليه هذه العناوين باعتبار التصوُّف انحراف عن السنَّة النبويَّة ويجب تقويضه كشرط لاستعادة الهويَّة الدينيَّة للمجتمع الجزائريّْ.[15].
6 ـ مجلَّة “المرشد” في موكب الإصلاح:
من خلال متابعتنا لمقالات الشيخ عدَّة بن تونس[16] في مجلَّة “المرشد” وجدنا أنَّ الموضوع المحوريَّ كان يتناول قضيَّة الهويَّة المجروحة والتي تتشوَّق إلى لقيا طبيبها المداوي، وكان الشيخ ممَّن يبذل الجهد في العلاج مع بقيَّة المخلصين لهذا الوطن والغيورين على الإسلام أن لا يجد من ينصبغ به، وهنا نحاول أن نذكر العناوين التي عالج فيها الشيخ بن تونس هذا الموضوع قبل أن نشرع في تحليل مضامينه بما يوافق الموضوع المراد علاجه:
تستهدف كلُّ المقالات في باب التصوُّف تحقيق الهويَّة المطلقة المتمثِّلة في التميُّز عن كلِّ ما يحيل إلى الغيريَّة بشكل تامٍّ التي هي كلُّ ما سوى المعشوق وهو العدم، لأنَّ كلَّ ما سوى الله عدم على التحقيق والإجمال، كما ذكر سيدي أبو مدين شعيب، وهذا من شأنه أن يجعل المريد أهلًا لأن يجمع كلَّ الإنسانيَّة في ذاته لأنَّه يتحقَّق بكلِّ كمالاتها من خلال الفناء في الله، بل حتى الشرور يجدها في نفسه منطوية فيصاحبها من دون أن يكون لها عليه أثر، وهذا النوع من الهويَّة التي يدعو إليها الصوفيُّ والشيخ عدة بن تونس هي الهويَّة مع الله من غير حلول ولا اتحاد أساسها التشبُّه بالكمالات الإلهيَّة، مثلًا مقاله العجيب “الضمائر عند القوم الصوفيَّة” (المرشد، العدد: 50 السنة الخامسة، جوان 1951)، يحلِّل جريان الضمائر على كلِّ فرد يقول:” فلك أن تقول أنا، إلَّا أنَّ ضمير أنا وما شاكله من أنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن ونحن، حلل قابلة لأن تلبسها كلُّ جماعة سواء من الذكور والإناث، كيفما تنوَّعت تلك الجماعة في جنسيَّاتها، أو دينها أو وطنها، وهكذا الضمائر المفردة كأنا وأنت والغائبة منها، كهو وهي وهم وهن فهي كلُّها… صالحة لأن تسمَّى بها جميعًا لأفراد،… وحيث كانت قابلة لأن يتسمَّى بها كلٌّ منا، فالأولى أن نحافظ على طهارتها، وأن لا نلطِّخها بشيء من الصفات الذميمة، كالفسق والفجور مثلًا”.[17]
يتحقَّق هدفان في باب التصوُّف الأول هو الذي ذكرنا، أي تحقيق الهويَّة المطلقة والثاني هو كون التصوُّف أحد مقوِّمات الشخصيَّة الجزائريَّة المسلمة لأنَّه يمثِّل باب الإحسان، فمن لم يتحقَّق به أو يتشوَّق له فهو بعيد عن الدين الإسلاميِّ، لأنَّه بعدم نشدانه يزهد في الفضائل التي كلَّف بها، وهنا لا يتوانى الشيخ عدة بن تونس في إبراز الغاية من التصوُّف وتصحيح التصوُّرات الخاطئة عنه بفعل المغرضين من الإصلاحيين أو من نهج منهجهم الوهابيِّ، في بقاع العالم الإسلاميِّ، ففي مقاله بعنوان “منتقد أعمى” (المرشد، العدد: 11، السنة الأولى، جوان 1947). يقول: “قيل إنَّه ظهر في هذه المدَّة الأخيرة بالقدس الشريف منتقد أعمى، ولكن لا ينتقد الخمور أو الفجور، وإنَّما ينتقد من يقول: الله، ويبالغ حضرة هذا الأعمى في انتقاده إلى أن يكفِّر خصومه الذاكرين الله حقًّا، والله يقول: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة)”[18].
أمَّا في ما يتعلَّق بالجانب الجهاديِّ في خطِّ التمكين للعمل الدعويِّ والتبليغيِّ، فهناك عدد كثير من العناوين والمقالات التي كتبها الشيخ عدة، نذكر منها بياناته إلى الجمعيَّات التي أسَّسها هو أو رعاها، منها مثلًا مقاله المعنوَن “إلى إخواننا المهتدين”، وهو نداء موجَّه إلى المنتسبين إلى الطريقة العلاويَّة يعبِّئهم فيه قائلًا : “تعلمون كلُّكم أيُّها الإخوان، أنَّ الهيئة الدينيَّة قد أصبحت مهدَّدة بالخطر والآفات، ولم يبق من أفرادها إلَّا عدد قليل، يكاد لا يُذكر لقلَّته، ورغم تلك الأقليَّة، لم تزل الحرب ناشبة أظفارها… لا من المخالفين للدين الإسلاميِّ فقط، بل حتى من أبناء ملَّتهم، الذين يلعنون كلَّ قديم ويتشبَّثون بكل جديد “[19].
وفي مقال آخر بعنوان “مشيخة الجزائر”، ينبَّه إلى قيمة هذا المنصب ويحذِّر من التلاعب به كأن تتولَّاه جهة مغرِضة، وهو يتحفَّظ بشكل صريح من الإصلاحيين، ويدعو إلى إبعادهم من هذه الهيئة المُراد إحياؤها، إذ يقول: “روينا من مصدر وثيق، أنَّه قد اجتمع عدد معتبر من مشايخ الطرق ومثله من عصبة الإصلاحيين، وتفاوضوا في إحياء وظيف شيخ الإسلام بالجزائر… وهو أمر جدير بالاهتمام به خصوصًا من مشايخ الطرق لأنَّهم الهيئة الممثِّلة للصبغة الدينيَّة. أمَّا المصلحون فقد ظهر عليهم عند الاجتماع الشَّره في احتكار هذا الوظيف لأنفسهم، وهو عمل غير ملائم لرغائب الأمَّة، أغلبها مالكيَّة ولا ترضى أن يرأس ديانتها من لا يقول بعقيدة المذاهب الأربعة، المُجمَع على ثقتهم، فانتفض المجلس على غير طائل، وهي حالة يؤسَف لها”[20].
وفي ظلِّ الاستعمار لم يفقد الشيخ عدة بن تونس صلته الإرشاديَّة والتوجيهيَّة للزوايا المنضوية تحت إشرافه أو المستقلَّة عنه بعد وفاة شيخه العلاوي، فله مقالات نشر فيها مراسلاته مع غزَّة في فلسطين وبرقة والسنغال ووجدة بالمغرب الأقصى[21].
رأى الشيخ أنَّ وضع هذه الأمَّة لا يستقيم حتى يتوقَّف الإصلاحيون عن بثِّ سمومهم في المجتمع من التهكُّم على الطرق الصوفيَّة ومشايخها، وتشويه تعاليم التصوُّف الإسلاميِّ، وقد استعملوا في ذلك فتاوى من خارج الوطن وانتقادات، وهذا ليس بالجديد إذ واجه أستاذه هذه الحملة من قبل وطبع له كتابان، الأوَّل بعنوان “الناصر معروف في الذَّبِّ عن مجد التصوُّف”، والثاني بعنوان “والقول المعروف في الردِّ على من أنكر التصوُّف”. فقد كتب الشيخ بن تونس مقالًا بعنوان: “استهزاء المصلحين برجال الدين” يكشف فيه عن استهزاء الإصلاحيين في صحفهم بالمشايخ ويقول فيه: “لا أُعدُّ مبالغًا إذا قلت: إنَّ استهزاء المصلحين بشعائر الدين ورجاله قد جاوز منتهاه، بحيث لو حاولت أقلام الكتاب وصف استهزائهم لعجزت. قد أصبح المتجاهرون بالشعائر الدينيَّة أمامهم، مهانين مزدرين، لا قيمة لهم، إذا مرُّوا من بينهم يتغامزون ضدَّهم: بالهمز والَّلمز، ويرمونهم بالشعوذة، والنفاق، والتدجيل والغباوة والتضليل. أمَّا الذَّاكرون الله، ولا غرو إذا قلت ـ بدون استثناء ـ فلا تسأل عمَّا يُقال في جانبهم من الزور والبهتان… ترى المصلحين يبدون تأسُّفهم العميق على كلِّ من ولج حزب الذاكرين، أو انزوى لهم، أو ناصرهم، كأنَّه مرق من المِلَّة الإسلاميَّة، واعتنق مِلَّة غير إسلاميَّة، فتارة يرمونه بالزندقة والإلحاد، وطورًا يرمونه بالهمجيَّة والجمود… في حين أنَّ المتجاهرين بالفسق والفجور، كالبغاء والدعارة وتعاطي المخدِّرات، وشرب العقار وأنواع الخمور، وترك الصلاة، وحلق الِّلحى، والسفور، وسبِّ الدين والقمار والتفرنُج، والنطق بالفحش، وشهادة الزور، واختلاط الإناث بالذكور في مختلف الحانات والولائم والملاعب والسينما، والتفرُّج في نساء مسلمات مؤمنات يلعبن الكرة باسم التقدُّم، وهنَّ باديات الأطراف والمعاصم والنحور، سافرات الحيا والأفخاذ والشعور، لا يتعرَّض لهم المصلحون، ولا بأدنى معارضة”[22].
يظهر في هذا النصِّ المطوَّل ذلك الصراع بين الطرقيّين والإصلاحيّين، حيث يرى الشيخ بن تونس أنَّ العائق أمام صلاح المجتمع الجزائريِّ والمعين للاستعمار في خططه التدميريَّة هو نهج الإصلاحيين الذين لا يتوانون ولو للحظة عن التنكيل بالصوفيَّة والحطِّ من قيمتهم في المجتمع، وذلك من خلال المسرح والصحف والخطب، فمثلًا في مقال بعنوان “دعاية المصلحين” يتحدَّث الشيخ بن تونس عن مسرحيَّة مثّلها المشرف على الحركة الإصلاحيَّة في مدينة وهران يستهزئ فيها بشيوخ الطرق ومثّلهم بأسمائهم في مسرحيَّته[23].
وفي تناوله لأحد رجالات الإصلاح وهو رئيس تحرير “البصائر” يقول: “وإذا برئيس تحريرها لا زال ينفخ من حين إلى آخر في بوقه المعلوم من أن الطرقيَّة لا تزال أداة هدَّامة وحزبًا مخرِّبًا للأمم والشعوب، ومن تمعَّن جيدًا في تلك العبارات وجدها شبيهة كلَّ الشبه بعبارة شيوعي متغلغل في مذهب الشيوعيَّة، غير أنَّ الشيوعيَّ قد ينكر المسائل في صراحة لضعف حياته من الناس ورئيس تحرير صحيفة “البصائر” ينكرها كأخيه ولكن في عبارة ذات أشكال وأوزان وألوان حتى يتناولها المسلم البسيط ولا يشعر بما فيها من خطورة وضلال”[24].
لم يُغفل الشيخ بن تونس مؤسَّسة المسجد في اهتماماته فكان حريصًا على أدائه دوره الرياديِّ في المجتمع حرصًا منه على الحفاظ على الهويَّة الدينيَّة للجزائريين ودعمًا له في مقابل نشاط الكنيسة والكنيس اليهوديِّ المدعَّمين من قبل حكومة الاحتلال، يقول في إحدى مقالاته: “نرى أنَّ الكنائس المسيحيَّة والبيع اليهوديَّة قد تتمتَّع هي وأهلها بتمام الحريَّة، خصوصًا في تصرُّفها الداخليِّ، كالتوظيف مثلًا، وتعميرها بمن يستحقُّها من رجال ديانتهم… ولا حرج وبمساعدة الحكومة لهما على ذلك…. فإنَّنا لا زلنا في انتظار بسط تلك الرَّحمة على الديانة الإسلاميَّة وعلى رجالها المؤمنين، الذين لم يطلبوا من الحكومة إلَّا حقًّا مقدَّسًا بصيغة معقولة… إنَّنا ما طلبنا من الحكومة إلَّا أن تسمح لنا بتشكيل هيئة دينيَّة بكلِّ بلدة معتبرين أنّ تلك الهيئة هي التي ينبغي أن يُسند لها جميع شؤون الوظائف الدينيَّة من تعمير مساجدها، بمن يليق بها من عباد الله الصالحين”[25].
وفي مجال الأخلاق والعرف العام من آداب ومراعاة الحياء والحدود الدينيَّة، كتب الشيخ بقلم حادٍّ تأخذه الغيرة على بني أمَّته جمعاء لا يفرِّق في غيرته بين جزائريٍّ وغيره، بل كان قلمه شديدًا على السلطات الإستعماريَّة التي لم يتستَّر في نقدها وتوجيه سهام الذمِّ لممارساتها. ونذكر له نصَّين الأول موجَّه بالنقد للمستعمر الفرنسيِّ وما كان يمارسه من إشاعة الفاحشة في أوساط المسلمين، والثانية ما كانت تشهر به الصحف العربيَّة من خلاعة وعري، يقول حول ذلك: “نذكر بمزيد الأسف، أنَّه في هذه السنة قد تزايد الفجور على نصابه بالشواطئ البحريَّة، من التجاهر بالفحش، سواء من النساء أو الرجال والذي يستلفتنا بوجه خاصٍّ، من هذه الوقائع المريعة، هو أن كلَّ ما يقع من ارتكاب الفجور، وتنوُّع الشرور، إنما هو تحت نظام مقبول، وعليه الحرس الرسميَّة وتؤدَّى عليه الضرائب… نعم إنَّ الغاية واضحة لكلِّ ذي لبٍّ سليم، وهي فساد الأخلاق وانتزاع الثقة من بين الزوج وزوجته، ومن بين الأب وابنته”[26]. أمَّا النصُّ الثاني، فيتحدَّث فيه عن التفسُّخ الذي وصل إليه الكُتَّاب المسلمون بحيث أصبحوا يقلِّدون الغرب في قصصهم من تشجيع الإباحيَّة وغيرها من المظاهر التي تتشبَّه بالغرب يقول: “ما فتئ كتَّاب الشرق، من إخواننا المسلمين… يعملون على غرار كتَّاب الغرب الأجانب، من تدبيج الأقاصيص الغراميَّة الساحرة، التي ما مثِّلت يومًا بمسرح من المسارح التمثيليَّة إلَّا وعملت عملها السيِّئء في الفتيان والفتيات المسلمات، الأمر الذي صيَّر أبناءنا من ذكور وإناث، لا فرق بينهم وبين أبناء الغرب لما تغلب عليهم من الذوق الأجنبيِّ، سواء في التفكير أو في الحياة العاديَّة”[27] .
كما كان للشيخ متابعات لقضايا الإسلام والمسلمين من عنايته بأخبار تركيا وتطوُّراتها، استشرافًا لعودة الخلافة الإسلاميَّة المفقودة بتولِّي أتباع أتاتورك السلطة فيها، وكم كان فرحه عندما سمع نبأ عودة القرآن الكريم ليقرأ في البلاد علنًا بعدما حظر لمدة طويلة بعد سقوط الخلافة في تركيا “نشرت بعض الصحف الموثوق بنشريَّاتها، أن الحكومة التركيَّة قد أطلقت رسميًّا سراح القرآن العظيم، ليقرأ في البلاد، وتنتفع به العباد، وأن خبرًا كمثل هذا الخبر السار، لجدير أن تنشره الصحف الإسلاميَّة بكل اعتناء، شكرًا وتقديرًا لأعمال الحكومة التركيَّة نحو القرآن العظيم”[28].
وفي موقفه من العروبة يقف الشيخ بن تونس في الجهة المقابلة للعروبة كإيديولوجيَّة فهو يهتمُّ بالجانب الدينيِّ بالدرجة الأولى لذلك طابع الهويَّة التي ينشدها في خطاباته هو الهويَّة الإسلاميَّة في العموم والتصوُّف هو المنبع والمعين الذي تستقي منه هذه الهويَّة دعائمها وتفاصيلها طبعًا التصوُّف الذي إن نزلناه يكون عبارة عن الدعوة إلى التحلِّي بالأخلاق الفاضلة والتخلِّي عن الرذائل الماسخة لشخصيَّة الإنسان بما هو كذلك قبل أن يكون صاحب جنسيَّة جزائريَّة، أو غيرها، يقول: “نرى كثيرًا من إخواننا من كتاب اليوم، ينوِّهون كثيرًا بالجنسيَّة العربيَّة، وينسون فضل الإسلام عليها، لأنَّ العرب قبل الإسلام، لم يكونوا إلَّا أمَّة مترامية الأطراف في أنحاء الجزيرة العربيَّة… حتى جاء الإسلام، فجمع قلوبهم على الإسلام… وجعلهم أمَّة تُذكر من بين الأمم بأخلاقها العالية: من عدل وشهامة، واقتدار، كل مكتسب من فضل الإسلام على العرب، وعليه ليس من الإنصاف أن ينوِّه الكاتب بفضل العروبة على الإسلام، متناسيًا فضل الإسلام على العروبة”[29].
وفي باب حرصه على تمكُّن الإسلام في بقاع العالم ورعاية منه بالمتابعة والنصرة بالقلم لقضايا المسلمين عبر العالم، وقف الشيخ بن تونس مساندًا للجامعة الإسلاميَّة، فأفرد لها خمسة مقالات مستقلَّة[30] بالإضافة إلى إثارات للموضوع في ثنايا مواضيع لها علاقة بها.
في الختام، لا يسعنا سوى الاعتراف بالقدرة التنظيميَّة والحركيَّة للشيخ عدة بن تونس أمام جبهات متعدِّدة من الخصوم منهم الشقيق والغريب، بهذه الجهود الجبَّارة استطاع أن يبقي الطريقة في مستوى التحدِّيات وجعلها في خدمة الجزائريين بالدرجة الأولى والأمَّة الإسلاميَّة لأنَّ إبقاء قضيَّة الدين أم القضايا في الخطابات الرسميَّة وغير الرسميَّة هو الذي يحفظ هذه الأمَّة، وهذا من بركة تصوُّفه القائم على الذِّكر، فكما يقول الصوفيَّة: “الذِّكر سْباب كلِّ خير” وهي مقولة صادقة وفاعلة بها حفظ الدين المقوِّم الأساسيَّ للشخصيَّة الجزائريَّة مهما مرَّ عليها من زمن، وبه تبقى الطريقة والزاوية لأنَّه الجوُّ الذي تعيش فيه وبغيره لا تقوم لها قائمة، ونختم بهذه الشهادة لوريث هذه الطريقة وهذه الزاوية الرائدة، في تاريخ هذه الأمَّة الجزائريَّة، يقول الشيخ خالد بن تونس الحفيد: “فالشيخ البوزيدي الذي هو أستاذ الشيخ العلوي رضوان الله عليهم، كان يذهب إلى بيوت الدعارة قصد تعليم المومسات ثم يزوِّجهن للمريدين، وكان يقول: “إنَّ الفضل الأكبر هو في إنقاذ الخليقة من النار، لا في وعظ الرجال الأخيار”. أمَّا الشيخ الحاج عدَّة قدِّس سرُّه، فقد أنشأ مدارس للمنحرفين”[31].
[1]– العلاوي، أحمد بن مصطفى، المواد الغيثيَّة الناشئة عن الحكم الغوثيَّة، ص.
[2]– بن تونس، خالد، التصوُّف قلب الإسلام، دار الجيل، ترجمة معهد ألف، ط1، 2005، ص.70.
[3]– ن تونس، خالد، التصوُّف قلب الإسلام، ص 7.
[4]– العقبي، صلاح مؤيد، الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر، تاريخها ونشاطها، بيروت، دار البراق، (د. ط)، ص 77.
[5]– بن تونس، خالد، التصوف قلب الإسلام، ص 78.
[6]– خالد بن تونس، الشيخ عدة بن تونس رجل الإصلاح ومربي الأرواح،رسالة مقدمة إلى ملتقى الذاكرة الـــ 50 لوفاة الشيخ عدة بن تونس، المنعقد في 30/31 أكتوبر 2002، بدار الثقافة مستغانم، نشر جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفيَّة،2003، ص 6.
[7]– أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، بيروت، منشورات دار الغرب الإسلامي، 1998، ج4، ص 138.
[8]– برقة، يحيى، الشيخ العلاوي المؤلِّف والكاتب الصحفي ضمن، التربية والمعرفة في مآثر الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي، جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفيَّة،ط 1، 2002، ص272.
[9]– برقة، يحيى، الشيخ العلاوي المؤلف والكاتب الصحفي ، ص.ص.273-274.
- لمعرفة أكثر التفاصيل حول عناوين المقالات وعدده وسنوات الصدور يراجع الجدول المصل للمقالات الصادرة في البلاغ الجزائري في صفحة 275-283 من الكتاب التربية والمعرفة في مآثر الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي الورقة التي تفضل بها الأستاذ يحيى برقة.
[10]– البحيصي، عوض الله بن حسن مصطفى، من أعلام الإصلاح الديني الشيخ عدة بن تونس المستغانمي، المطبعة العلاوي بمستغانم، ط1، ص.97.
[11]– المصدر نفسه، ص.56.
[12]– بن تونس، عدة، “آيات المحبِّين في مقامات العارفين”، ضمن ديوان الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي، جمعيَّة الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفيَّة، ط 6، 2009،ص.ص. 161-162.
[13]– المصدر نفسه، ص 114.
[14]– المصدر نفسه، ص 117.
[15]– لا ينبغي التعميم على جميع المنتمين لهذا التيَّار فقد كان فيه رجال يرون المصلحة في الطرقيَّة ودعوا إلى تهذيب بعض الممارسات.
[16]– أنظر مقالات الشيخ عدَّة بن تونس المجموعة في كتاب، “تنبيه القرَّاء إلى مجلَّة المرشد الغرَّاء”، مطبوع في جزأين، الأول طبع سنة 1983، والثاني طبع سنة 1990، بالمطبعة العلاوية بمستغانم، جمع وتصنيف الأستاذ يحيى برقة.
[17]– بن تونس، عدة، تنبيه القرَّاء إلى مجلَّة المرشد الغرَّاء، جمع وتصنيف، الأستاذ يحيى برقة، المطبعة العلاوية بمستغانم، (د.ط) 1983، ج1، ص 31.
[18]– بن تونس، عدة، “تنبيه القراء إلى مجلة المرشد الغراء”، ج1، ص.13.
[19]– المصدر نفسه، ص.127.
[20]– المصدر نفسه، ص.ص. 127-128.
[21]– بن تونس، عدة، “تنبيه القرَّاء إلى مجلة المرشد الغرَّاء”، ج1، الصفحات التالية: 136-137 و138-139 و140 .
[22]– المصدر نفسه، ص.ص. 168- 169.
[23]– بن تونس، عدة، تنبيه القرَّاء إلى مجلَّة المرشد الغرَّاء، ج1، ص 167.
[24]– المصدر نفسه، ص 171.
[25]– المصدر نفسه، ص.ص. 19- 20.
[26]– بن تونس، عدة، تنبيه القرَّاء إلى مجلة المرشد الغرَّاء،ج1، ص 142.
[27]– المصدر نفسه، ص.ص. 142-143.
[28]– المصدر نفسه، ص 64.
[29]– بن تونس، عدة،” تنبيه القرَّاء إلى مجلة المرشد الغرَّاء”، ج1، ص 68.
[30]– انظر إعداد مجلَّة “المرشد” :25–31-32-33-39.
[31]– بن تونس، خالد، التصوُّف قلب الإسلام، ص 34.