الدراسات والبحوث

التصوُّف في العصر الأندلسي

صفاء حميد

التصوُّف في العصر الأندلسي

صفاء حميد

كان في الأندلس الكثير من المذاهب لكن المذهب السائد في عهد دولة غرناطة في الأندلس هو المذهب المالكيّ، لكن سلاطين غرناطة في ذلك الوقت كانوا ميالين إلى الزهد والتقشف، بل وكان الواحد منهم يُمتدح بمقدار زهده وتقشفه وخشونة ملبسه، وقد وثقت الكتب المتحدثة عن تاريخ الأندلس أحوال السلاطين، من محمد الأول ومحمد الثاني ومحمد الخامس وغيرهم، وما اتّسموا به من زهد وصلاح وعدل وما حملوه من صفات التصوف.

لم تكن باقي الفئات الاجتماعية في عزلة عن حالة التصوف العامة هذه، فصارت الصوفية طبقة اجتماعية، لها دور المشاركة في فعاليات الدولة، وقد مارست أنشطتها في أماكن خاصة فيها تدعى: الزوايا والأربطة حيث كانوا يعيشون حياة قائمة على الزهد والتصوف والحراسة والتعبد، وقد كان من هذه الأربطة ما عرف برابطة العقاب والتي سكنها المتصوف الشهير علي بن عبدالله النميري الششتري، والذي وصفه ابن الخطيب بقوله: عروس الفقراء وبركة الأندلس وأمير المتجردين.

أشهر متصوفي الأندلس

ظهر في الأندلس عدد كبير من المتصوفين الذين انتشرت أسماؤهم لتبلغ المشرق والمغرب، وبقيت أعمالهم حاضرة حتى زمننا الحالي ومن أشهر هؤلاء المتصوفين:

[٢] محيي الدين بن عربي:  

ولد محيي الدين بن علي بن محمد والملقب بابن عربي في مدينة مرسية في الأندلس عام 1164 للهجرة، لأب عربي الأصلي ينتمي إلى قبيلة طيء، ولأمٍّ أمازيغية من شمال إفريقيا. كانت أسرته متصوفة ومتدينة، حيث كان والده من أئمة وأعلام الفقه، وقد عمل في خدمة السلطان، فقد ترعرع ابن عربي في كنف والده وفي بلاط الحاكم في حياة بدت أقرب إلى الحياة الرغيدة الهانئة، وعلى الرغم من توافر كافة أسباب الرفاه والحياة الرغيدة التي توافرت لابن عربي إلا أنه آثر التنقل والترحال، وقد قال إنه الرؤى والأحلام التي كانت تراوده هي من دعته إلى هذا التنقل، وقد ظل في ترحاله أكثر من 23 سنة، حتى استقر أخيراً في دمشق. كتب ابن العربي أكثر من 800 مؤلف تنوَّعت بين الشعر والفلسفة والفقه، لكن لم يبقَ منها حتى وقتنا هذا غير 100 مؤلف، وترجمت كتاباته إلى الفارسية والتركية والأوردية، ولم تكن حكراً على طبقات المجتمع العليا بل قرأتها جميع الطبقات في ظل موجة التصوف التي غمرت المجتمع الإسلامي في تلك الفترة.

أبو الحسن الششتري : هو علي أبو الحسن النميري الششتري، وكنيته نسبة إلى قرية صغيرة في الأندلس تمسى ششتر، ولد في أوائل القرن السابع الهجري ولأسرة ميسورة الحال، وكان من بين بعض أفرادها من ينتسب إلى كبار رجال الدولة. ترك حياة الرفاه والغنى واختار التصوف والزهد حتى قال عنه أحد الأدباء الأندلسيين: كان من الأمراء وأولاد الأمراء، فصار من الفقراء وأولاد الفقراء.[٣] ترك الششتري تراثاً كبيراً وغنياً من المؤلفات كان من أشهرها كتابه المعنون بالمقاليد الوجودية في أسرار الصوفية.[٣]

ما هو التصوّف؟

اختلف العلماء في وضع تعريفٍ للتصوُّف، وقد تلاقت هذه التعريفات أحياناً وتناقضت أحياناً أخرى ومن هذه التعريفات ما يلي: عرَّف معروف الكرخي التصوُّف بقوله: التصوف هو الأخذ بالحقائق، واليأس ممَّا في أيدي الخلائق. عرَّفه الجنيد بقوله: التصوف، تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الربَّانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واتّباع الرسول في الشريعة.

أما تعريف التصوف عند غير المتصوفة فقد قال فيه الدكتور إبراهيم هلال: رغم كثرة التعريفات التي عرف بها التصوف الإسلامي في كتب التصوف وغيرها فإننا نستطيع أن نقول إن التصوف كما يراه الصوفية في عمومه هو السير في طريق الزهد، والتجرد عن زينة الحياة وشكلياتها وأخذ النفس بأسلوب من التقشف وأنواع من العبادة والأوراد والجوع والسهر في صلاة أو تلاوة ورد.

المراجع:

↑ فاطمة محيسن، أثر التصوف في عصر بني الأحمر، صفحة 15. بتصرّف.

^ أ ب “من هو ابن عربي ؟”، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2022. بتصرّف.

^ أ ب هند جعفر، “أبو الحسن الششتري”، الأهرام. بتصرّف.

↑ الدرر السنية، “التصوف اصطلاحاً”، الدرر السنية. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى