الرؤية الصوفيَّة لجماليَّات الفنون
محمد حسن عبد الحافظ
مدخل:
هل وضع المسلمون نظريات في الجمال؟ وهل كانت لديهم جماليات أو علم جمال يفسر فلسفتهم الفنية؟ الحقيقة التي ينبئنا بها التراث المكتوب للحضارة العربية الإسلامية أن العرب والمسلمين تركوا لنا مقتطفات وشذرات وأحيانًا شروحات يمكن تسميتها بكل تأكيد نظريات في الجمال. وهذه الحقيقة تجيب عن السؤال الأول إيجابًا. أما السؤال الثاني، وهو أكثر تعقيدًا وارتباطًا بأزمتنا المعاصرة، فيبدو أن الجواب عنه يأخذ شكل النفي، وإن كان هذا النفي مشروطًا بالجماليات، بوصفها حقلاً معرفيًّا، في التراث العربي الإسمي؛ لأننا نتصور بأن النظريات الجمالية العربية الإسلامية فسَّرت، إلى حدٍّ مقبول، نظرة المسلم إلى الفنون والآداب في كل مجالاتها، وحملت في طيّتها روحًا صوفية مؤمنة أقامت بين الإنسان والألوهة تناغمًا وانسجامًا وتوافقًا، وإن لم تصل إلى درجة الانتظام في أنساق وفرضيات ترفعها إلى مستوى العلم .
تستهدف هذه الورقة صوغ خطة أوليَّة لمقاربة الرؤية الصوفية في جماليات الفنون في العالم الإسلامي. وهي، في مسعاها هذا، ترصد المفاهيم وتلتقط الظواهر الأساسية المتصلة بالموضوع، ابتداءً من مفاهيم جماليات الفنون والتصوف، وانتهاءً بمظاهر الإبداع الجمالي التي اختصت بها الصوفية وخطاباتها وممارساتها عمومًا.
في مفهوم جماليات الفنون
لمصطلح “الجماليات” دلالة تحتمل الجدل لأسباب عدة، ليس أقلها المدلول “الغربي” المحدد لتعبير “جماليات”. على الصعيد الاصطلاحي، وبتفكيك المحمول الدلالي لـ “الاستطيقا”، نجد في تشكله الأولي يشير إلى مجمل الأشياء الملموسة، بالإضافة إلى كونه أيضًا يحمل إرث المفردة الإغريقية aisthanesthai التي تعني “حسَّاسًا أو متفهمًا”، ومن أبرز دلالاتها (الإدراك، والأشياء القابلة لأن تدرك عن طريق الحواس أو العقل) . وعلى ذلك، فالجماليات ليس لها علاقة أصلًا بـ “الجمال” أو “الفن” كما هو المفهوم حاليًا، فكيف أصبحت “الجماليات” مرتبطة “بالجمال” ؟
في القرن الثامن عشر، بلغت الجماليات ذروتها بوصفها فرعًا متفردًا من فروع علم الفلسفة، مثلها مثل علم المنطق؛ على يد ألكساندر بومجارتن (ت 1762م)، بعد حصوله على الدكتوراه سنة 1755م، وقد عرفها بأنها علم المعرفة الحسية، ونظرية الفنون الجميلة، وعلم المعرفة البسيطة، وفن التفكير الاستدلالي . وبما أن الجمال هو أكمل أنواع المعرفة التي تدركها الحواس، وفق ما يستنبط “بومجارتن”، فإن الجمال وتأثيره على الرائي يصبح البؤرة الرئيسة للبحث في الجماليات. وبعد ذلك، ارتبطت الجماليات بالحركة، التي قامت في نهاية القرن التاسع عشر، والتي كانت تدعو هذا النحو، يصبح مصطلح الجماليات ذا جذور عميقة في سياق حضارة وفلسفة “غربية” معينة. وبحلول القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وظهور ما يسمى بـ”عصر التحرر” بدأ المفكرون العرب يستخدمون تصنيفات “غربية”، ويقومون بتطوير مفهوم عربي “للجماليات”، على نحو مشابه للمصطلح الغربي .
وفقًا لـ عبدالمنعم تليمة ، فإن “الجمالي” أشمل من “الفني”، فالصلة الجمالية حقيقة من حقائق الوجود البشري عامة، تتبدى ماهيتها ونتائجها في كيفية تعامل تنشأ بين البشر وعالمهم الطبيعي والاجتماعي. أما الفن، فنشاط جمالي مخصوص, ينهض به الأفراد الفنانون، ويتبدى الجمالي عناصرَ وخصائصَ وصفاتٍ في الظواهر والأحياء والأشياء، ويعمل الفني في دائرة العناصر والخصائص والصفات، لكن “تاريخ الفن” لا “يشخص” كل هذه العناصر والخصائص والصفات الجمالية في واقع ما.
“الجمالي” كيفية تعامل أساسية مع الواقع، و”الفني” يعتمد هذه الكيفية لكنه لا يستغرقها، الجمالي صلة خاصة أحد طرفيها البشر الأسوياء كافة، والفني نشاط مخصوص ينهض به أفراد فنانون.
إن التعرف الجمالي فردي ذاتي، إذ هو نتاج التقويم الجمالي الناهض على الإحساس والتقويم، كما أن المثل الأعلى الجمالي اجتماعي، إذ هو وجهة قوى اجتماعية محددة تسيطر اجتماعيًا وتتخذ في الحياة الثقافية والروحية وجهة واتجاهات تتفق مصالحها.
العمل الفني كالتعرف الجمالي؛ كلاهما فردي ذاتي، والتاريخ الفني لجماعة من الجماعات كمثلها الجمالي الأعلى كلاهما تاريخي اجتماعي؛ أي إن تاريخ فن جماعة من الجماعات إنما تعكس مراحله المراحل التاريخية في حياة هذه الجماعة، ومادام الأمر كذلك – وهو كذلك علميًّا – فإن تاريخ الفن في الحقيقة تاريخان: تاريخ يبدو فيه الفن جزءًا غير مستقل عن الممارسة العملية، وهو تاريخ الفن البدائي، وتاريخ يبدو فيه الفن عملًا خاصًا ينهض به “متخصص”؛ أي يبدو فيه الفن ظاهرة مستقلة، وهو تاريخ الفن بعد تحول “التجمعات” البشرية البدائية إلى “مجتمعات” ذات أنظمة اجتماعية محددة.
يؤثر التعرف الجمالي في المثل الجمالي الأعلى للجماعة ويتأثر به، ينزع المثل منزع التثبيت والتجميد، وينزع التعرف منزع التعديل والتغيير والتثوير. ويعكس “التاريخ الجمالي” للمجتمع الانتقالات الأساسية في التاريخ العام لهذا المجتمع، وتنهض الخبرات الفردية الذاتية، بنزوعها نحو زلزلة ذلك التاريخ الجمالي، بدور “نوعي” في التغيرات والانتقالات الأساسية في التاريخ العام للمجتمع، وهنا نرى في العمل الفني ما رأيناه في التعرف الجمالي، وفي التاريخ الفني ما رأيناه في التاريخ الجمالي.
العمل الفني ذو طبيعة فردية ذاتية، وهو – في الوقت ذاته – ذو طوابع اجتماعية؛ لأن التاريخ الفني اجتماعي، وكلاهما – العمل الفني والتأريخ الفني – يؤثر في الآخر ويتأثر به. وينزع التاريخ الفني – إذ يعكس اتجاه القوة الاجتماعية السائدة – منزعَ التثبيت والتجميد، وينزغ العمل الفني منزع الزلزلة والتغيير. ونقف هنا عند التاريخ الفني للجماعة، وهو العاكس بمراحله للمراحل التاريخية الاجتماعية في حياة هذه الجماعة.
يعكس الفن “مادته” عكسًا “خاصًا” يجعل للظاهرة الفنية نوعيتها المتميزة وقانون تطور خاص، ويجعل تطور هذه الظاهرة ليس “تقدمًا” مطردًا كبعض صور البناء الثقافي الأخرى وظواهره، ولا تتناقض هذه الخصوصية للظاهرة الفنية مع خضوعها لما تخضع له صور الوعي الاجتماعي؛ أي في خضوعها للقوانين العامة التي تحكم علاقة الوعي الاجتماعي بالوجود الاجتماعي. الفن عمل “خاص”، وينتج الفنان آثاره في ظل ظروف محددة من تطور العمل الاجتماعي، من حيث أدواته وخاماته وعاداته وعلاقاته ومن حيث “تقسيمه” والتخصص فيه. ولذلك، فإن الفن يتبع في تطوره الحقائق الأساسية لتطور الوجود الاجتماعي في مجتمعه. غير أن المنتجين كافة يعانون “ظاهرة العلاقة” القائمة وحدَّة التقسيم والتخصص، بينما يكشف الفنان عن “باطن العلاقة” ومغزاها، إن “المباشرة” تجعل الفنان مرتبطًا بذلك الباطن وامتداده في الماضي وحركته إلى المستقبل، وليس معنى هذا الارتباط مفارقة “الواقع”، بل معناه عكس باطن متحرك لا عكس ظاهر واقف.. الواقع حركة متطورة مواراة بالصاعد والمتواري. والفن عمل “خاص” لا يخضع لظاهرة هذه الحركة؛ بل إنه ليلمح جامعًا بين عناصرها الباطنية، ويكشف عن مغزى هذا الجامع وجوهره، والفنان منتج “متخصص”، لكنه لا يخضع كغيره من المنتجين خضوعًا كاملًا لشروط تقسيم العمل والتخصص فيه، هو “موهوب” في هذا الجانب من النشاط الاجتماعي، و”خصوصية” عمله تجعله “يتميز” عن غيره من المنتجين، لكنه لا “يمتاز” عليهم. والفن – لأنه عمل متحرر من الظاهر والمرئي، ومن الجزئي والحرفي – يشد من اللحظة ما ترهص به من مستقبل فينبئ ويتنبأ، وعناصر الأصالة والذاتية والغنائية شروط لازمة في كل عمل فني؛ لأن هذا العمل – الخاص – نتاج إنسان له أشواقه ورؤاه ومواقفه وأحلامه، كل هذا يساعد في بيان “خصوصية” للفن بين الظواهر الثقافية والنشاطات الإنسانية، وهذه الخصوصية هي التي تجعل للفن مسارًا وقانون تطور متميزين، ولكن هذا القانون المتميز يعمل وفق قوانين عامة هي قوانين تطور الوجود الاجتماعي.
في جماليات الفنون الإسلامية
وفقًا لـ”دائرة المعارف الإسلامية”، فإن تاريخ الحضارة الإسلامية “يفتقر” إلى وجود نظرية عامة للجماليات وإلى “تعريفات دقيقة للمصطلحات المستخدمة في هذا المجال”. وعلى ذلك، فلو فهمنا الجماليات على أنها نظرية في الفن، أو نظرية في الجمال في حد ذاته، فالعقلية الإسلامية في القرون الوسطى لم تقدم لنا “جماليات” مماثلة. ولو كانت الجماليات، في حقيقة الأمر، تطورًا حضاريًّا وفكريًّا ينتمي خاصة “للغرب”، فلا عجب أنه لا يوجد في الإسلام مصطلح مرادف أو تراث فكري لها، فابتكار لفظة جديدة، مثل “علم الجمال”، أو “الجماليات الإسلامية”، قد يكون مفارقة تاريخية؛ وفي هذه الحالة، فعلى الدارس إما أن يتنازل عن استخدام هذا المصطلح نهائيًّا، أو أن يتعامل معه من منظور الناقد المتفحص، وقد آثر معظم الدارسين الاختيار الثاني .
يستطرد معد المادة، التي وردت في “دائرة المعارف الإسلامية”، قائلًا: ومع ذلك، فإنه بالإمكان تتبع بعض المقومات (في الفكر العربي أو الإسلامي) التي تتفق مع عناصر الإحساس الجمالي، ومع التعبير الرسمي عن هذا الإحساس. وعلى الرغم من ذلك، فإن الافتقار إلى مرادف عربي دقيق الإدراك، والجمال، والبهجة، والصور الذهنية، والأشكال، والتناسق، والانسجام، والألوان، والابتكار، والفن.. إلخ). كانت تُناقش تلك المفاهيم باستفاضة، لكن من خلال مقالات أو محاضرات يغلب عليها طابع التعدد والتنوع، فالمسلمون لم يكتفوا بالتمتع بالجمال فحسب، لكنهم أيضًا ارتقوا بالفنون الجميلة. ولقد بحث الدارسون، ومؤرخو الفنون، عن مفهوم افتراضي “للجماليات الإسلامية”، في المصادر المختلفة، واتبعوا في هذا الطريق الصعب مسارات متعددة .
وقد سلك الدارسون مداخل متعددة في هذا المجال، فمن جانب، يمكن لشخص منهم البحث في مدرسة فكرية متماسكة، إلى حد ما، أن يستخلص منها عنصرًا جماليًا خاصًا بها. فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال البحث عن “جماليات فلسفية إسلامية” أن نبدأ من المنهاج الأفلاطوني الحديث في التمييز بين “الجمال المتعقل والجمال الحسي”، وبين طبيعة الحب والجمال الشعري، والأسلوب، والإلهام (الفارابي، الكندي، التوحيدي، ابن سينا، إلخ). وقد نجد هذا المسعى بالغ اليسر حتى نصل إلى عصر “الغزالي” (ت 1113م)، لكن الفلسفة الإسلامية التالية للغزالي، خصوصًا تحت تأثير “ابن عربي” (ت 1240م)، و”السهروردي” (ت 1191م)، والجيلاني (ت 1428)، والتهانوي (ت 1745)، التحمت مع “التصوف” و”علم الكلام”، وناقشت موضوعات بعيدة عن الطبيعة المجردة لمذهب أرسطو، فصار لا بد لمفهوم الجماليات الفلسفية الإسلامية أن يتعرض للفلسفة الروحانية التي تتمتع بالحدس بوصفه وسيلة لمعرفة العالم والإله .
يعتري مفهوم الجمال الإسلامي موقفان يجب التمييز بينهما: أولهما الموقف الذي يتطلبه الشرع، ويصدر عن أصول الدين. وثانيهما الموقف الذي يتعلق بأساليب الحياة الاجتماعية والثقافية التي كان المسلمون يمارسونها بالفعل في واقعهم التاريخي، سواء كانوا ملتزمين فيها بقواعد الشرع أم مبتعدين عنها . ولا شك أنّ المسلمين، خصوصًا في عصور الازدهار الحضاري، قد أقبلوا على الفنون وشغفوا بها، وقدَّروا الأعمال الفنية من غناء ورقص وشعر.. إلخ، وكان النظر إلا هذه الفنون من جهة استثارتها للحواس فحسب، فكان للفن الشعري المقام الأول عند المسلمين، وكما كان المتذوقون يهتمون بالأوزان المعروفة للشعر يهتمون بدرجة أكبر بمضمونه، فلم تكن نظرة المسلمين إلى تذوق الجمال تستند إلى الإدراك الحسي فحسب؛ بل كانت تربط اللذة بما هو جميل بإدراك ذهني كاشف عن جمال المضمون. ومع هذا، كان لآراء الفقهاء بالمنع والتحريم أثرًا واضحًا في تعطيل توجيه الإحساس بالجمال عند المسلمين تجاه هذه الفنون، وتعطيل إنتاجها في بعض البلاد الإسلامية في المشرق، كالنحت والتصوير . بينما لم يمنع هذا التحريم نفسه المسلمين في الأندلس من أن يبرعوا في هذه الفنون، فكان موقفهم واضحًا من الاهتمام بالفنون الجميلة وتقديرهم للجمال في مختلف صوره، وتعلقهم بالمظاهر الحسية للجمال، سواء عن طريق البصر أو السمع .
استحدث أوليفر ليمان عرضًا جديدًا للجماليات “الإشراقية” وعلاقتها المحتملة بالفن الإسلامي، مما يعد مدخلًا واعدًا للبحث العلمي، وذلك في الفصل المعنون بـ”الفلسفة وأساليب الإبصار” من كتاب “مقدمة للجماليات الإسلامية”، ولايزال المجال خصبًا لإضافة المزيد. وعلى ذلك، فإنه تلزمنا “جماليات فلسفية إسلامية” من أجل المساهمة في إثراء تاريخ الجماليات الفلسفية والجدل المعاصر .
أما الخطاب الحضاري الواعد، والأكثر انتشارًا، على حد سواء، فيمكن أن يتمثل في جماليات إسلامية لاهوتية متصلة بـ”علم الكلام”.
يمثل الاتصال النقدي بالثقافة الغربية أمرًا نافعًا، خصوصًا بعد أن قامت بتطوير الجماليات اللاهوتية في القرن العشرين، حتى أصبحت تلك الجماليات مجال استقصاء قائم برأسه. كما تم تعريف الجماليات اللاهوتية في الثقافة الغربية على أنها “تتعلق بالقضايا المتصلة بالإله، ومسائل لاهوتية أخرى على ضوء المعرفة الحسية (الإحساس، والشعور، والخيال)، وذلك من خلال الجمال والفنون. ويعد هذا التعريف شاملًا بدرجة كافية، حتى إنه يمكن النظر إليه بوصفه تعريفًا عمليًّا لمن سيكون “المتكلم”. وإذا ما سلمنا بأن “علم الكلام” كان يتناول “الفلسفة” و”الفقه” و”التصوف”، خلال تاريخه المعقد، فإن الجماليات اللاهوتية الإسلامية يمكن أن تشتمل تقريبًا على كل مجالات الجماليات الفلسفية والجماليات الصوفية الروحانية، إضافة إلى المناقشات اللاهوتية التقليدية لـ “علم الكلام” حول دلالات وجود الإله في الطبيعة، والجدل الذي يدور حول “الصفات الإلهية”، وحول عدم قابلية تقليد “القرآن” (المعتزلة، والأشاعرة، والباقلاني، والغزالي)، وحول خطورة الانسياق وراء اللذات الحسية (ابن القيم)، من بين موضوعات أخرى. تعد الجماليات اللاهوتية الإسلامية تطورًا يحتفي به، كمان أن استعادة معنى الجمال، وما الجميل في عالمنا الإسلامي المعاصر هو حاجة ماسة لنا جميعًا .
هناك جدل آخر أثاره “علم الكلام”، وأثبت فاعليته في فهم الجماليات الإسلامية؛ وهو الجدل حول “مذهب المناسبة”، وارتباطها المزعوم بالمقرنصات ، كما أن هناك الكثير من مجالات “علم الكلام” التي يمكن استخراجها منها في المناقشات حول الجماليات، ومنها الجدل حول عدم قابلية “تقليد القرآن الكريم”، ومنها طبيعة اللغة ودلالات الألفاظ، ومنها المذهب القائل إن الكون مؤلف من ذرات، ومنها ما يركز على “الحكمة” في الخلق.. إلخ. أما يعدنا به “علم الكلام”، فهو أنه لايزال نشطًا يزودنا بتأملات لاهوتية جوهرية للإسلام، والشيء الذي يجب أن نضعه في الحسبان هو الطريقة التي تتداخل فيها مناقشات “علم الكلام” مع الخطابات الشرعية والفلسفية والروحانية.
ويمكننا أن نجد توجهات جديدة للبحث في مجالات أخرى كثيرة. ويستطيع الباحث أيضًا ارتباطًا بـ”المقرنصات” أن يكتشف نظريات جمالية جديدة من خلال الجدل حول الرؤية والطريقة التي يؤثر بها إدراك هدف ما في المدرك ذاته، مثلما نرى في مجال ” البصريات” (ابن الهيثم). وكان “عبدالحميد صبرة” رائدًا في دراسة الإدراك والبصريات لابن الهيثم؛ وكما بين نادر البزري علاقة تلك الدراسة بالتطوير المنظوري للإدراك والبصريات إبان عصر النهضة. أما “هانز بلتنج” في كتابه “فلورنسا وبغداد: فنون عصر النهضة والعلوم العربية”، فقد قام بتطوير هذا المنهاج البحثي لكي يصل بنا إلى إجابة عن هذا التساؤل: لما لم يتطور المدخل المنظوري في العالم الإسلامي؟ إن جدل بلتنج منطلق من الفرضية القائلة إن المجال الوليد للبصريات العربية قد نشأ بتطوير النظريات الشاملة التي لا تعتمد على الصور الذهنية قد اعتمادها على الرؤية المبنية على التجرد الهندسي. ويضيف “بلتنج” أن الهندسة قد أصبحت شكلًا رمزيًّا لكونها “موضوعًا” للتصوير على عكس كونها “أداة” للتصوير، كما هو الحال في الغرب؛ فقد أصبح عبارة عن “ترجمة الرياضيات إلى الجماليات” .
وقد ثارت مناقشات “كيميائية” و”فيزيائية” بالرغم من أنه جدل عرضي في موضوع “الجمال”، حول كيفية تغيير شيء ما لكي يبدو وكأنه شيء آخر (جابر بن حيان)، وبخاصة في المؤلفات التي تدور حول الأحلام والخيال (الفارابي، ابن سينا، الغزالي، ابن عربي، السهروردي.. إلخ) .
أما الجماليات الأدبية، فهي تتناول المناقشات المثارة حول الصور الشعرية والمجاز (الجاحظ، القرطاجني، الجرجاني.. إلخ). فيكشف عن علم إسلامي عربي أصلي للعروض، لا علاقة له بعلم العروض الخاص بأرسطو. أما المصادر المتعلقة بالمعاجم، فيمكنها أن تضيف كثيرًا إلى المناقشات الجمالية بشكل عام. ويبقى أن يلقي هذا المدخل للمصادر المذكورة الاهتمام الذي يستحقه، وسيتبين لنا أن هذا النوع من الاستقصاءات سيكون مثمرًا للغاية من أجل إثبات وجود عقائد جمالية متنوعة في الفكر الإسلامي الكلاسيكي. وثانيًا: يمكن للباحث تتبع الأعمال الكاملة لكاتب واحد معين للبحث عن المراجع المرتبة بـ “الجمال” و”الجماليات” ثم يحاول بعد ذلك إعادة بناء نظرية محددة للجمال والجماليات. ومن ثم، يستشف كيفية تطور تلك النظرية من خلال أعمال الكاتب ذاته. ففي مجال الدراسات الإسلامية، لا توجد أعمال مماثلة باستثناء العمل الريادي الذي قدمه خوسيه ميغيل بويرتا فيلتشيز، حول “الجماليات العربية في القرون الوسطى”. أما الإنجاز العظيم لـ فيلتشيز، فهو أنه قد بين، من خلال التدقيق في المصادر الأصلية، وجود مدارك عربية إسلامية كثيرة في القرون الوسطى، فالاستقصاء الذي قام به حول الفكر العقلاني الإسلامي المتصل بالجماليات مثير للاهتمام، فبداية من الشعر العباسي والفارابي إلى ابن سينا وابن حزم وابن الهيثم، ومن حازم القرطاجني والغزالي إلى ابن عربي، لم يترك فيلتشيز مصدرًا إلا وبحث فيه. وبناء على ذلك، فإن الكتاب الشامل لـ فيلتشيز يعد العمل الوحيد المستفيض حول الجماليات العربية الإسلامية الكلاسيكية .
كما عالج كثير من الباحثين مسألة الجماليات الإسلامية باستخدام الاتجاه المعاكس، فبدلًا من أن يبدأوا بالمصادر الإسلامية، استخدموا النظريات المعاصرة بوصفها نقطة بداية من أجل فهم التعبير المتفرد للفن الإسلامي: الهندسة، والتجريد، وعلم الخطوط.. إلخ.
الجمال في التصوف
ينشأ الصوفي على البحث عن الجمال واكتشافه وتذوقه؛ جمال الخالق وتجليات المطلق في المخلوق، فالبصر يَنْشَدُّ للمظهر الجميل، والقلب يَنْشُدُ السمت الجميل، كما تتعلق الأذن بالصوت الجميل والموسيقى الجميلة، ولكنها عند المتصوفة ليست مطلوبة لذاتها؛ بل لها وظيفة مستقلة يعبر عنها بمقصد المقاصد في درس الجماليات في التصوف؛ فللنظر الجمالي وظيفة تربوية تسعف الناظر إلى الجمال وفق مسلكهم على ترقي سلم الأحوال والمقامات. ومن ثم، جاوزوا مسلك النظر إلى الجمال لأنه جمال. فغايتهم إدراك الجمال الحقيقي، فلا يحد إحساسهم بالجمال؛ بل تسمو حواسهم إلى عالم نوراني مقدس تتمثل فيه كل القيم الفاضلة والأبدية الخالدة . ويتلاشى، أمام الجمال الإلهي، كل جمال أرضي؛ إذ تفيض الصورة الجميلة الأرضية المحسوسة على الأرض عن جمال الذات الإلهية، ويتأملون هذه الصورة الجزئية؛ لأنها دالة على جمال الحقيقة الإلهية وطريق إليها .
تبحث الجماليات الروحانية الصوفية في الكتابات التي تتعلق بطبيعة الجمال، والحب، والإدراك، والصور الذهنية، والشكل الإنساني، ومضاهاة الداخلي بالخارجي، وفلسفة الجمال (خصوصًا كتابات “أبو حامد الغزالي”، و”أحمد الغزالي”، و”روزبيهان باقلي”، و”السهروردي”، و”ابن عربي”). وبما أن النصوص الصوفية، التي تنصب على “الحب الإلهي” بوصفه دافعًا أساسيًّا للخلق وللكون بصفتهما برهانًا على “الجمال الإلهي”، فهذه النصوص تزودنا بأغنى المصادر للتأملات والكتابات الجمالية المتوافرة في المعتقدات الإسلامية .
التصوف، بالأساس، معرفة حسية بالله، أو بالحقيقة الجوهرية، ناتجة عن تجربة ذات شقين؛ هما: المثول والسمو. فالمثول يقوم على تأمل الذات أو ما يسمى بالفلسفة الحضورية للوصول إلى انسجام مع الأشياء وامتلاك قلب يعكس نظام العالم. أما السمو، فيقوم على الوجد المتوجه نحو المطلق، عن طريق الذوق، لا عن طريق اللغة والفكر، حيث تكون الإشارة برزخ الرؤيا الذي تشتغل فيه سيمياء العواطف، وهو موضوع يدعو إلى النظر من جديد في الأساس الحسي للوجود، وإلى إعادة تركيب مساراته وفق الرؤية التي يطرحها التصوف، فهي سيمياء تسعى إلى الإجابة عن حزمة أسئلة مركزية: كيف تشتغل الذات على تحويل الحسي، بوصفه موضوعًا أوليًّا، إلى موضوع معرفي؟ وهل هناك مكان لأصناف لاشعورية لفهم ما لم يفهمه الشعور من العالم؟ وهي، من هذه الوجهة، حقل للمعارف، تتمكن بها من معرفة الأساس الحسيّ في واقع إدراك المعنى، والمعنى ما هو إلا جسد متحول عبر قنوات حركية. وتحويل الصوفي الحسيَّ إلى جسد معرفي خارق للشعور، وتأويل هذا الجسد لفهم العالم، ما هو إلا نتيجة توترات إزاء ما يحدث في الوجود من عدم التوازن. فالشعور بالنقص في الوجود لدى الذات الصوفية خاصة هو الذي يعمل على خلق توترات أوليَّة تعمل على جعل ذات الحس للعالم موضوعًا مقصودًا من خلال تأويل عدم التماثل بوصفه نوعًا من عدم التوازن. وفضاء التوترات هذا هو الذي يحدد ويتحدد فيه الموضوع المقصود من العناصر المقاومة، وهو النقص الذي لا يتعلق بنقص امتلاك؛ وإنما بنقص وجودي؛ ذلك لأن الصوفي لا يسعى إلى التقرب إلى الله تعالى قصد نيل عطاء مادي؛ بل قصد تحقيق وجوده الجميل من خلال وجود الله. ويؤدي هذا التوتر كذلك إلى الشعور بنوع من عدم التماثل بين ذاتين: ذات الله وذات العالم. ومن ثم، ينهمك الصوفي في تأويل عدم التماثل عبر مجموعة من آليات المقاومة التي تتحدد في :
النقص الجمالي: الذي لا يتعلق بأبعاد فنية فحسب؛ وإنما بأبعاد نفسية واجتماعية وإنسانية، مما يدفع بالصوفي إلى تأويل عدم التماثل من وجهة نظر جمالية، باعتبار أن صورة العالم، بوصفه مخلوقًا مكتملاً، لا تماثل صورة الله.
النقص الخلقي: الذي تحكمه سمتان هما: عدم الكفاية والإفراط، مما ينتج عنه توتر آخر يتجلى في اللاتوازن وتبعثر القيم، وفي الوجود السلبي الناتج عن نقص وخيبة، مما يجعل تحققه مجرد صورة باهتة خادعة تعمل على إعادة التوازن إلى مسار المعنى، وإعادة الذات إلى توازنها من جديد.
ويبدو الصوفي، في عمق هذه التوترات، قلبًا يعكس نظام العالم، وينبض بنبضه، ويؤؤل توتراته الداخلية والخارجية لتنسجم سيمياؤه مع سيمياء الجمال الكلي في إطار روحي تحكمه نداءات التوحد بالأسمى. والراصد لامتزاجات الإنسان بالجمال، عبر تجسداته في الطبيعة والفن، يجد أن تاريخ الجمال، في صلته بحياة الناس، هو تاريخ بعد روحي بامتياز، لا تاريخ تحولات الذائقة وتعرجاته. فالزاوية الروحية هي الأكثر أهمية والأكثر نبلاً في حياة البشرية، وذلك لتجذر نداءات التوحد بالأسمى في عمق عمقهم منذ الأزل. ومن ثم، كان تقدير أهمية الحاجة الجمالية في المجال الروحي عند جميع الأمم، منذ نشأتها ووجودها إلى اليوم، هو الذي يفسر لنا سر الواقع وراء ظهور جميع الفنون من موسيقا، ورقص، ونسج، ونحت، وعمارة، وتشكيل، فكل هذا الإبداع الفائق كان ولايزال يمثل الجواب الأبدي الخالد الذي تبدعه العبقرية الروحية للإنسان ردًّا واستجابة لنداء عظيم؛ هو نداء “الخير الأسمى”؛ نداء الجمال المطلق؛ نداء التوحيد بالأسمى والأكمل .
سبيل الصوفي إلى إشباع الحاجات الجمالية:
إن الحاجة الجمالية هي حاجة أساسية عامة وشاملة، تأتي بعد الحاجات الانتفاعية كالمَأكل والمَلبس والمَسكن والعمل. وقد تطور وعيُ الإنسان بوعي هذه الحاجة في الزمان وفي المكان، ولا يُمكن لأي ناقد أو مُحللٍ أو دارسٍ لأي موضوع في الوجود الخاص والعام أن يتناوله بعيدًا عن الوعي الجمالي الكائن في بنية المُتناوِلِ نفسِه، وفي بِنية الموضوع المتناوَلَ. ولهذا يعود الاختلاف والتباين في مناهج مقاربات موضوعة الجمال، فالأفكار والتصورات الجمالية المنقولةُ إلينا بلغة الكلمة والتجسيم والنقش والرقش (الزخرفة) والنحت والرسم والنغَمِ والتخطيط قديمة تَعود إلى النتاجات الإبداعية الدينية في الشرق، لاعتمادها مصطلحات جمالية من قبيل: التناسب والانسجام والتناسق والتناغم والتوافق، والتلاؤم والتنافذ، والتداخل والتعانق، وكذلك من قبيل: الكامل، الجميل، السامي، الفاضل، الرائع، السَّمْحُ، البهيّ، المدهش، مما يدل على وجود وعي جمالي يستخدم معانيَ مماثلةً للمعاني التي نستخدمها اليوم . وسواء أتم الاتفاق على هذا أم على خلافه، فإنه ينبغي أن لا نظن أن الحاجة الجمالية إنما تقاس بالمجهود وبالمَبَالِغ التي تُنفَق في سبيل كفايتها وإشباعها، بل ينبغي أيضًا أن نأخذ بالحسبان الحاجات الجمالية التي لا يتيسر إشباعُها. فإذا كان ثمة مَنْ تتوافر لهم إمكانات متعددة لإرواء حاجتهم الجمالية المتعددة بصورة منتظمة، دون أن يبالوا كثيرًا بما يدفعونه في هذا السبيل، فإن هناك من يتمنون لو تسعفهم إمكاناتهم فيعيشون عيشة مَلْأَى بمثل تلك الكفايات دون أن يضطروا إلى حرمان أنفسهم منها لأسباب محض اقتصادية وسياسية. ثم إن لتقييم الحاجة الجمالية أوجُهًا اجتماعيةً بالغةَ الخطورة إِنْ نحنُ أخذنا بعين الاعتبار هذه الحاجات غير المشبَعَة، أي إِنْ نحن فكرنا بحالات البؤس والشقاء الناجمة عن نمطٍ في العيش رازح تحت وطأةِ القبح والبشاعة والحرمان مِنْ أي مَظهرِ من مظاهر الجمال في إطار السعي والحياة. فإيلاء الاهتمام لهذه الاعتبارات كلها سيجعلنا ندرك أن الحاجة الجمالية هي بكل تأكيد حاجة عامة، شاملة وعميقة، وهي في بعض المجتمعات البشرية تأتي مباشرة بعد الحاجات الانتفاعية ، فعند كل واحد منا نوع من الاتجاه والنزوع نحو الفن، وفي مقابل الطلب المُلح للفن هناك دائما عَرْضٌ وافٍ وغزيرٌ يوافقه، بحيث أن موقف الإنسان بإزاء الأثر الفني يجب أَلاَّ يُفسَّر بطريقة مجردة عن الحاجة الجمالية .
الحاجات الجمالية لمختلف المجتمعات، وفي مختلف الأوقات، قد تكون كثيرة ومتنوعة كما هي الحالة بالنسبة إلى الفرد تمامًا، فلربما توجهت الجماعات إلى الفنون باحثة فيها عن مشاعر الشجاعة والحماسة والنبل والأحاسيس الدينية أو الوطنية أو القومية أو الإنسانية، ولربَّما عَرَضَت لها فيها أنماط وأشكال من الحياة الأرستقراطية المًرَفَّهة، أو استخلصت منها دروسًا في الانسجام والاتزان والتروي، ولربما عثرت فيها أحيانا عن واقع مُتهِمٍ يائس، وعلى خطوط أولية لعوالم مستقبلية حينًا، ولربما كذلك كانت الفنون بالنسبة إليها مجال اتصالٍ حميم بحقيقة الواقع اليومي المَعيش، وطريقًا إلى إدراك الجديد وجوهره في عصر كاملٍ، وفي حقبة زمنية برمتها . فالحاجة الجمالية هي السِّمَة الراسخة التي تميز الكائن البشري. وهي أكثر حاجاته ثباتًا وقوة، ولا يُصار إلى ممارستها في الميدان الخاص والمحدد للفنون فحسب، حيث تجد، في الحقيقة، كفايتها الأكثر سُموًّا وصفاء وكثافة؛ وإنما تلقاها أيضًا كقوة محركة وموجهة ومُتّمِّمَة ومُشرفَة ومستشرفة في آن معًا، في مختلف ميادين النشاط الإنساني، كما تلقاها في الإطار العملي البحت، بمقدار ما تجدها في الإطار الروحاني والمعنوي الأسمى .
إن الحدث البالغ الأهمية، والظاهرة التي تستحق توجيه الاهتمام إليها، والمُعطَى الأساسي لمصير البشرية في المستقبل، إنما يَكمُن في وعي الإنسان بمسؤولياته الكونية في هذا الصدد. فالبشرية أخذت تملك قدرة عملية على أن تمسك بيدها زِمَامَ مصيرها، ومصير قسم من العالم الذي تسكنه. فالكرة الأرضية – على المستوى الإنساني – هي اليوم في متناول نشاطنا العملي، من حيث سرعةُ المواصلات، وإمكاناتُ التوسع في تزيين البيئة أو التمنُّع عنه، وتحسين شروط السكَن، مما يتحدد به الآن المستوى الإنساني. وهكذا يبدو جليًّا أن الإنسان يأخذ بيده المسؤولية الجمالية لملامح الأرض التي يسكنها، مثلما يتحمَّل المسؤولية الاقتصادية والصناعية والسياسية والانتفاعية، سواء بسواء، وإلا فإنه يبقى شقيًّا مهما أوُتِيَ من رفاهة مادية، ما دامت عينه الجمالية مطموسة .
يلجأ الصوفي إلى الفنون تارة لإرواء عطشه الجمالي، ولكن الفنون وحدها ليست هي ما يشبع الحاجات الجمالية له. ومن ثم، يتجه تارة أخرى إلى معالم الطبيعة؛ التي تنحدر وإياه من أصل جمالي واحد، باحثًا عن مشهٍد لشروق الشمس أو غروبها في أمكنة أخرى غير الأبنية ذات الطبقات الشاهقة، فضلًا عن فراره بعيدًا عن التلوث والضجيج وجؤارٍ العربات والآلات. وغالبًا ما يراوده؛ وبشكل عاطفي؛ الشعور بضرورة العيش في جٍو آخر ملوٍن بألوان الحفلات والمعارض والمكتبات والندوات والرحلات وغيرها. وهذا يعني أن حاجته الجمالية خاضعة إلى إيقاعات نفسية وزمنية وتطورية، ومشروطة بها .
ثمة حوار يقوم الفنون وبين طالبيها، هو الذي يحدو بالإنسان إلى التوجه نحو الأثر الفني ليبلغ منه غاياته ورغباته الإنسانية كإنسان منجذب أصلًا إلى مركزه الأصلي الجمالي. وهنا بالضبط؛ وعلى هذه النقطة الرئيسة التي هي حالة الانتظار أو ما يشبه الصلاة عند المتأمل؛ ويمر كثير من المنشغلين بإشكالية الجمال مرور الكرام وكأن المسألة لا تعدو أن تكون رغبة عابرة لا رغبة جوهرية.
إن الإنسان يستفسر الآثار الفنية ومعالم الطبيعة ويستنطقها لكي يجد فيها لحاجاته الجمالية شبيهٍه بالتحليق جوانيًا في طقس الصلاة. وهذه الدوافع قد تكون مختلفة وكثيرة بحسب حالات الناس ومشاربهم، غير أننا يمكن أن نقول إن أبرزها يتجلى في :
أ. احتياج الإنسان إلى شيء من معايشة الفنون؛ لكي يجعل حياته على قدر من الجمال والنبل والصفاء، ولكي يضيف فسحة مشرقة؛ عن طريق احتكاكه المتكرر بآثار الفنون، على مسكنه المعنوي والأخلاقي البحت. فلجوء الإنسان إلى الفن هو لجوء إلى ملجأ معنى المعنى، وقد تنبهت الصوفية إلى هذا المنحى، فسارت فيه برؤية جديدة ومخالفة للرؤى المتحجرة المرتوية من عين “ميدوزا” ؛ ذلك لأن الإنسان عندما تطبق عليه الهموم، وتحاصره انجراحات الحياة من كل جانب، لا يرى ملجأ يفر إليه منها سوى الفنون بكل أشكالها؛ لأنها تؤهله إلى الصعود في سماء روحانية وتربطه بجناح المطلق، حيث يتحول إلى نبض تسبيحي فاعل في الوجود ومنفعل به. وبهذا تكون الفنون خلوة حميمية تنقذ الإنسان من الموت غمًّا على الأرض، وتصقل روحه من صدأ الوجود.
ب. السعي إلى إقامة علاقات مع الآخرين عن طريق الفنون، وذلك باتخاذ موضوعات منها للتحادث والتواصل خلال الاجتماعات العائلية أو الدولية، أو خلال رحلات السفر وما إلى ذلك، حيث يتأتى للإنسان اكتشاف مسالك في علاقاته بالناس ليست مما تعود عليه من كلام عن الهموم الحياتية اليومية العادية، وعن الأزمات والحروب والصراعات والكوارث، مما يجعل من الفنون، كتجسيد للجمال، أفقًا للتعارف والتواصل، وأرضًا لتخصيب التعايش والتسامح في إطار الاختلاف المنفتح على كل الهويات والملل والنحل.
ج. الشعور بعطش وجوع بالغين إلى الأحاسيس الملتهبة، وهو شعور أقرب ما يكون إلى فكرة التطهير النفسي الأرسطية، لكن من وجهة نظر تأملية خاصة. وكثيرًا ما يكون لهذا الدافع الفضل في إدخال الأحاسيس النبيلة والمشاعر المتوقدة إلى حياة الذي تعوزه في الوجود أمثال هذه المشاعر والأحاسيس.
د. البحث عن مشاعر غريبة من شأنها أن تفتح للإنسان أبواب كنوز عاطفية فيها من صفاء الجوهر وخصائص السمو والعظمة ما يجعلها تشيع في داخله خلال فترة معينة كل ما يود أن يراه ممتزجًا بلحمة وجوده وسداه.
ه. الرغبة في تلقي النصح والإرشاد، خاصة في فترات القلق والاضطراب والقلاقل وحالات الضعف. ففي مثل هذه الأجواء تكون الفنون وحدها القادرة على إمدادنا بنفحة من العون والشجاعة، وبرؤية الجمال المتخفي تحت ركام الفظاعات. ففي الحرب مثلاً يصبح الإنسان عاجزًا عن رؤية الجمال فيه وفي الآخر، مع أن الجمال يرانا قبل أن نراه حين تكون إنسانيتنا مكتملة الوهج، ويهرب منا كلما تضاءلت إنسانيتنا، سواء أكنا جلادين أم ضحايا. فالفنون هي التي تسعف النفوس في الصراع الذي تخوضه، والأزمات التي تعانيها، وتمكنها من التماسك، رغم أنها لا تضمن حلًّا للمشكلات بحكم طبيعتها الجمالية التي ليست نفعية أو تبشيرية أو تعليمية.
هذه الدوافع الفنية الشبيهة في طقسها بطقس الصلاة هي التي يحفر فيها التصوف داخل الإنسان، بوصفها أجنحة للطيران في سماء الجمال بنسبيته ومطلقيته، ولو لم يفعل هذا لما كان تصوفًا من أجل الإنسان، ولما كان قلبًا يعكس نظام العالم.
الإسهامات الإبداعية للصوفيين
الفنون لمسات من لمسات الإبداع الجمالي، تعبر عن أحاسيس المبدع وخلجاته التقديرية والعرفانية نحو عظمة الكون الذي يعيش فيه، وقد بلغت هذه الأحاسيس والانفعالات أوجها وقمتها في الموسيقا، والأدب، والزخارف، وفي نماذج الكتابة والخطوط العربية، وفي مختلف الحرف اليدوية، حيث أصبحت معينًا لا ينضب للجمال، يوظفه الفنان بمهارة فائقة في التعبير عن إحساسه بالجمال في تجميل المساجد والقصور، وفي إخراج قطع فنية من الأثاث والسجاد والنسيج والخزف، وفي التألق في كتابة المصاحف والكتب وتجليدها وتذهيبها، وفي إبداع الثريات والمشكاوات والشمعدانات والقناديل، وفي إنتاج التحف المعدنية والمصنوعات الزجاجية والبلورية، وفي المشغولات الفضية والصناعية الخشبية والجبصية متمثلة في الخرط والحشو والتطعيم والتكيف والتعشيق وغيرها.
اعتنى المتصوفة بجمال القول وجمال اللحن، وعُرِفَ التصوف بوصفه ظاهرة فنية وموسيقية. بالنسبة إلى دارسة التصوف من وجهة فنية، لاعتبار الفن عند المختصين من أسرع طرق التواصل بين الخلق، ذلك أن البصر يعشق المظهر الجميل والقلب يعشق السمت الجميل، كما تعشق الأذن الصوت الجميل واللفظ الجميل والعبارة الجميلة والموسيقى الجميلة، ولكنها عند المجتمع ليست مطلوبة لذاتها؛ بل لها وظيفة مستقلة يعبر عنها بمقصد المقاصد في درس جماليات التصوف، ذلك أن النظر الجمالي يعد وظيفة تربوية تساعد الناظر على حمله إلى الجمال وفق مسلكهم على الترقي سلم الأحوال والمقامات، وبهذا تجاوزوا مرحلة عبثية النظر إلى الجمال لأنه جمال، ذلك أنه ينظر إليه عند القوم في دلالته على مانح الجمال، والجمال عند القوم في عباراته وإشاراته وصوره مرايا الجمال المطلق. والجمال، بهذه الصفة، لغة مشتركة بين جميع أفراد المجتمعات الإنسانية. وبهذا، يمكن أن تكون لغة الجمال والنظر الجمالي أداة للتواصل الإنساني؛ ذلك لأن العقلاء – وعلى رأسهم المتصوفة – مشتركون في النظر الإجمالي للجمال، وإن اختلفوا في وظائف النظر الجمالي. وقد اهتم الأدباء والفلاسفة والفنانون بدراسة التصوف من وجهة جمالية، وظهر هذا المسعى في بحوث كثير من الغربيين .
ومذ عُرِفَ التصوف، كان معظم الصوفيين حرفيين معروفين بسمو الذوق، ونضارة الخيال، ومهارة اليد، وأناقة المسعى، ديدنهم في ذلك ديدن الأنبياء الذين كانوا يمارسون حرفًا يدوية شتى، ويصبون فيها من الجمال أروحهم وعقولهم ما يجعلها منهجًا في الحياة محببًا ومتبعًا. ويذكر تاريخ الصوفية أسماء دالة في هذا السياق كالنساج، والعطار، والجصاص، والزجاج، والحرار، والدباغ، والحلاج، وما إلى ذلك من أسماء الحرف التي اشتغل بها الصوفية فأثروا الحياة، وعلموا الناس كيف يكون العيش بكرامة. وصارت هذه الحرف في ذروة قدسية، ونظر الناس إلى أصحابها نظرة إجلال وتكريم، ولانزال نتذكر ذلك الاحترام الذي كان يكنه عامة الناس للخطَّاط الذي يكتب لهم بماء الذهب وبألوان مختلفة كتاب “دلائل الخيرات”، أو للسفار الذي يسفره الجلد، أو للصانع الذي يصنع له حقيبة زاهية صغيرة من الجلد ذات حمالة، فيتقلدونه بفرح وازدهار، يحملون أبهج مباهج الحياة وأسناها وأقدسها، هكذا كان الناس إلى عهد قريب ينظرون إلى هذه الحرف في بعدها الصوفي والجمالي، لا يشذ كبيرهم عن صغيرهم.
ومن أشهر هذه الحرف التي رادها المتصوفة، المجسدة للجمال في تسمياتها، وللروعة في إنتاجها، الحرف التالية :
1- البُسط: وتنقسم إلى: أ- بسط ملونة ذات أشكال هندسية. ب- بسط ملونة مزدانة بالكتابة. فالأولى تمتاز بموضوعاتها الزخرفية والألوان والصبغات، والأشكال الهندسية المتشابكة والزخارف النباتية، والفروع والبراعم المزهرة، والطيور والحيوانات المتحورة، والثانية تمتاز بالكتابات الكوفية التي تنسق بطريقة زخرفية على هيئة أشرطة.
2- التحف المعدنية: كالأباريق ذات المقابض الطويلة المصنوعة من البرونز والمُكَفَّتَة بالذهب والفضة، والشمعدانات، والكراسي، وصناعة المصاحف، والمحابر، والأبواب، والحُلي كالعقود والخواتم والأقراط، والأطباق، والأمشاط، والأقفال، والمفاتيح، والمصابيح، والأوسمة، وصنابير المياه، والخناجر، والسيوف، والقدور، والخوذات. وكل هذه التحف كانت تزخرف بالذهب والفضة ونباتات وحيوانات، وترصع بالأحجار الكريمة وبالمينا، والتكفيت، والتعشيق، والترصيع.
3- التذهيب: زخرفة المخطوطات باستخدام المداد الذهبي منفردًا أو مع غيره من الألوان، وهو مرتبط بالخط وتطور أساليبه تطورًا يهدف إلى تجميله، ولم يقتصر التذهيب على الكتب فحسب؛ وإنما استخدم في المصورة منها، كالشاهنامه ومقامات الحريري وكتب الطب التشريحي والتاريخ الطبيعي من حيواني ونباتي. وتستعمل في التذهيب التشكيلات الهندسية أو التكوينات الزخرفية والتفريغات الورقية والزهرية والمراوح النخلية، حيث تمتد الزخارف فتشمل الصفحة كلها.
4- التزجيج: التدقيق والتطويل، ويقصد به الاشتغال على الزجاج والبلور، خاصة تلك التي عالجت الزجاج ذا البريق المعدني، والزجاج الملون من طبقتين. فقد كان الصناع يشكلون الأواني الزجاجية بنفخ الزجاج المصور في قالبيه الواحد بعد الآخر، ويطعمونها بالمينا الجميلة.
5- التطعيم: التقوية والتحسين والتركيب للزخرفية والزينة، ويتمثل في تطعيم الخشب بالعاج أو الكراسي أو الدواليب أو إطارات الصور والمرائي كالبرونز والنحاس والفضة، لإنتاج الصحون والأطباق والثريات والأباريق والمباخر.
6- التكسية: استخدام لوحات القيشاني لكسوة الجدران، أو تغطيتها بالرخام المجزَّع أو الأبيض، وتطلق كذلك على تكسية المحاريب في المساجد بالرخام المحلي بالنقوش الذهبية، وقد تستعمل الأحجار الملونة من الداخل أو الخارج في تكسية أسطح القباب والمآذن، وكذلك الحفر والنحت والتكسية بالبلاط الخزفي الملون، وأحيانًا الطوب غير المطلي في تقسيمات هندسية رائعة.
7- التكفيت: الجمع والضم والتقليب والتعليق ظهرًا لبطن وبطنًا لظهر، ويكون بالحفر في المعادن، ثم ملء الفراغ في بالذهب والفضة. وقد استخدم في تزيين الصواني المعدنية والأباريق والشمعدانات والصناديق والمحابر بالأشرطة الذهبية والفضية وبالزخارف والكتابات.
8- النحفرة: عملية متداخلة تجمع بين الحفر والنحت، يعتمد فيها الصانع الفنان على أدوات خاصة، فإذا كان همه إزالة أكبر قدٍر من الأرضية حول الشكل سمى النحت نحتًا بارزًا، لأنه يبرز الصورة أو الشكل الأرضية ليعالجه بالتهذيب أو التلوين، وإذا كان همه أن يحفر الشكل على الأرضية الملساء من خشب أو صخر أو معدن أو رخام سمى النحت غائرًا لأنه يبرز الشكل محفورًا غائرًا على الأرضية. وقد تكون الأشكال المنحفرة حشوات للأبواب والشبابيك والمنابر والمحارب والصناديق والعقود والمقرنصات، تأتي في وحدات هندسية نجمية الشكل أو سداسيته أو مضلعته، أو تأتي على شكل زخارف نباتية أو حيوانية محورة تحويرًا هندسيًّا، وغالبًا ما تكون الحشوات مطعمة بالعاج أو الفضة أو الذهب أو الصدف. ويتجلى هذا في الأبواب والنوافذ والكراسي والصناديق والمقاعد والفتحات الجصية ذات التخاريم المطعمة بالزجاج الملون.
9- الخراط: تدوير الخشب ليأخذ أشكالًا صغيرة أو متوسطة، تركب على بعضها لتدخل في تطعيم المشربيات والكراسي والنوافذ والمنابر بطريقة التعشيق.
10- الخزف: يطلق على ما يصنع من الأواني وغيرها من الطين، ثم يشوى في النار فيصير خزفًا، وهو نوعان: الخزف ذو الزخارف المحفورة البارزة، والخزف ذو البريق المعدني الذي يتميز بصناعته وطلائه وزخرفته. والنوعان معًا يتميزان بالرسوم والزخارف ذات الدقة والمهارة الفائقة الدالة على التجريد والتبسيط والانفتاح على اللانهائي. كما يشملان كل أنواع الأواني من فناجين وأقداح وأباريق وصحون وكؤوس وقوارير وقدور ومسارج (=مصابيح) وأحباب (=أزيار) وشمعدانات ومزهريات.
11- الزخرفة: تطريز الأشياء وتطعيمها وتحسينها وتوشيتها، وقد انصبت في أول الأمر على المصحف فزخرفت غلافه، ثم تطورت بعد ذلك أساليبها فصارت تشمل الترصيع والتذهيب والتلوين والتخريم في أغلفة الكتب وفي السجاد، وفي أبواب المساجد والمباني المصنوعة من الخشب المصفح بالنحاس.
12- التوريق: يعرف بـ الأرابيسك، ويعني استخدام الأوراق النباتية في زخرفة أعمال النحت على الرخام والمرمر والحجر والخشب، أو في الرسوم الحائطية، أو في تذهيب الكتب وجلودها، أو في الرسوم على الورق، أو في الحشوات الجصية. وأكثر أوراق النباتات استخدامًا في أعمال التوريق هي المراوح النخيلية وأوراق النباتات العنب، تتكون الوحدة من الزخرفية من تفريغات نباتية تنبثق منها أشكال المراوح والنخيل أو أنصافها متجمعة أو متداخلة، وتستعمل هذه الزخارف المكونة من فروع نباتية وجذوع مثبتة ومتشابكه ومتتابعة، وتبدو بسبب شدة بعدها عن الطبيعة كأنها رسوم زخرفية.
على سبيل الختام
ليس بالوسع فهم الفنون في العالم الإسلامي من موسيقا وإنشاد وأدب وخط ورسم ورقش (زخرفة) ومنمنمات ونحت وعمارة ونجارة وتشكيل وحياكة.. إلخ، دون التعمق في فهم الروح الجمالية للشخصية الصوفية، حيث يمثل تجسيد هذه الروح، في مجمل الأجناس الفنية والأدبية، موضوعًا تُعْوِزُه أعمالٌ استقصائية وتأويلية. ويجاوز المقصود بالروح الصوفية التي اكتست بها الرؤية الجمالية للفنون إطارَ العبادات، والتمسك بالسائد من القواعد المنغلقة، ليسمو إلى آفاق روحية أرحب تجعل منه موقفًا ماورائيًّا من الوجود والكون. فلا يعود الجمال مجرد لذة عابرة تتأتى من المشاهدة أو السماع، وتزول بزوال موضوعها؛ بل يصبح الجمال صفة ثابتة للطبيعة برمتها والوجود بأسره. وفي هذه النظرة تسامحٌ وتَفَتُّح يعكسان روحًا من الصفاء والرضا، هذه الروح التي طالما حَمَت الاجتماع الأهلي، في مصر وغيرها، من الوقوع في شَرَك التطرف، وما ينجم عنه من إرهاب وإرعاب وتهديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائمة المراجع:
1. إِتيان سوريو، الجمالية عبر العصور، ترجمة: د. ميشال عاصي، منشورات دار عويدات، بيروت– باريس، 1982.
2. أحمد بلحاج آية وارهام، الرؤية الصوفية للجمال: منطلقاتها الكونية وأبعادها الوجودية، منشورات ضفاف-دار الأمان-منشورات الاختلاف، طبعة منشورات ضفاف الأولى، بيروت، 2014.
3. أنور فؤاد أبي خزام، الروح الصوفية في جماليات الفن الإسلامي، دار الصحافة العربية، بيروت، 1995.
4. بولعشار مرسلي، الشعر الصوفي في ضوء القراءات النقدية الحديثة، أطروحة دكتوراه، إشراف: أ. د. أحمد مسعود (قسم اللغة والأدب العربي، كلية الآداب والفنون، جامعة وهران)، الجزائر.
5. جميل علي السورجي، مفهوم الجمال في الفكر الإسلامي، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية (جامعة صلاح الدين الأيوبي، أربيل، العراق)، العدد 20، أغسطس 2012.
6. حسن مشهور، الإسثيتيكا: موضوعية المنحى وتجذر النص، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2015، �.
7. سليمة محفوظي، أبعاد التصوف، عود الند (لندن)، العدد 69، آذار/ مارس 2012: http://www.oudnad.net
8. سمير محمود، الجماليات في الدين الإسلامي: مقدمة موجزة واقتراحات، ترجمة: أحمد البكري، الثقافة العالمية (الكويت)، العدد 185، سبتمبر-أكتوبر 2016.
9. الشيماء محمد سعيد أبو الغيط، المقرنصات: دراسة تحليلية تطبيقية، أطروحة ماجستير، إشراف: أ. د. عمر صلاح الدين النجدي، (قسم الزخرفة، كلية الفنون التطبيقية، جامعة حلوان)، القاهرة، 2009.
10. عبدالعزيز بوجيل، القيم الجمالية عند أبو حامد الغزالي: دراسة تحليلية، مذكرة تخرج لنيل درجة الماستر تخصص دراسات في الفنون التشكيلية، إشراف: أ. بهيجة بن عامر (جامعة تلمسان كلية الآداب واللغات، قسم الفنون)، الجزائر، 2017.
11. عبدالفتاح رَوَّاس قلعه جي، مدخل إلى علم الجمال الإسلامي، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1991.
12. كريمة محمد بيشوة، أعلام الفن في الفكر الغربي المعاصر، المجلة الجامعة (طرابلس الغرب)، العدد15، 2013.
13. عبدالمنعم تليمة، مداخل إلى علم الجمال الأدبي ومقدمة في نظرية الأدب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2013.
14. عماد فوزي شعيبي، إبستمولوجيا الجمال والتناظر كأساس في الفيزياء عمومًا والفيزياء الكمومية خاصة، مجلة جامعة دمشق (دمشق)، العدد 4+3، ﺍﻟﻤﺠﻠ�، 2013.
15. محمد خطاب، ميتافيزيقا الخيال عند ابن عربي: بحث في الصورة والمعرفة، جماليات (جامعة محمد بن باديس، مستغانم، الجزائر)، العدد2، شتاء 2015.
16. محمد علي أبو ريان، فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية د.ت.
17. محمد عمارة، الإسلام والفنون الجميلة، دار الشروق، القاهرة، 1991.
18. موسوعة ويكبيديا العربية، ميدوزا: https://ar.wikipedia.org/wiki
19. موسى بن موسى، ظاهرة التصوف ودورها في صقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، مجلة البحوث والدراسات الاجتماعية (جامعة الوادي- الجزائر)، العدد8، سبتمبر 2014.
20. نجاة الزباير، الرؤية الصوفية للجمال، http://www.diwanalarab.com/spip.php?article18290 .
21. هيام مهدي سلامة، التصوف وأثره على الفن الإسلامي، المنهل: https://platform.almanhal.com/Reader/2/104500
22. ولتر ت. ستيس، معنى الجمال: نظرية في الاستطيقا، ترجمة: إمام عبدالفتاح إمام، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2000.
___________________________________
*نقلًا عن موقع ” الحوار المتمدن”.