الدراسات والبحوث

الحروف المقطعة من وجهة نظر المستشرقين

د. محمد جواد اسكندرلو

الحروف المقطعة من وجهة نظر المستشرقين

د. محمد جواد اسكندرلو

المقدمة:

الحروف المقطعة والتي تسمى   (فواتح السور)  و (اوائل السور) والمستشرقين يسمونها الحروف الغامضة، وهي عبارة عن حروف عربية مقطعة مثل سائر الحروف، اذا وضعت الى جنب بعضها البعض لم تكون كلمة، بل  (حروف منفردة لوحدها) تقع في بداية   29 سورة من القرآن مثل كاف، راء، هاء، ياء، عين، صاد، (كهيعص) .وعدد هذه الحروف مع حذف الحروف المكررة يكون 14حرف وتشكل النصف من الحروف الهجائية وتوجد في نوعي السوريعني المكية والمدنية.

حول مدلول السور المقطعة وحكمة افتتاح السور بهذه الحروف تباينت آراء المفسرين في هذا الموضوع. فالحروف المقطعة وكشف معانيها من الأبحاث التي جلبت انتباه المستشرقين ولكن الى الآن لم يتفقوا على رأي موحد  وواضح . ويمكن دراسة هذه النظريات والمواقف من عدة جوانب. فعدة من هؤلاء المستشرقين تطرقوا الى بحث الحروف المقطعة على أنها وحي الهي ام لا، لأن الحروف المقطعة احد ادلة اصحاب توهم دخول العناصر البشرية في القرآن.

البعض الآخر يتحدث عن إمكان فهم هذه الحروف أو عدم إمكان فهمها، وبعض ذكر وجوه مختلفة لهذه الحروف.

يختص موضوع المقالة هذه بترجمة ونقد ودراسة مدخل  (الحروف المقطعة) mysterious  letters-   في المجلد الثالث من دائرة معارف القرآن ليدن .

دائرة معارف قرآن ليدن، احدث اثر علمي ـ ثقافي وضع من قبل  المستشرقين ونشرته مؤسسة برلين في مدينة ليدن الهولندية.

وبمشاركة عدد كبير من الباحثين المسيحيين واليهود وبعض من الكتاب المسلمين مثل حامد نصر ابو زيد ومحمد آركون، نجحوا باصدار هذا الأثر الكبير في خمس مجلدات ويشتمل على الف مدخل. تترأس كادر التحرير في هذه الموسوعة القرآنية السيدة (جين دمن ماك أوليف)  الأستاذة في جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، الهدف من تأليف دائرة المعارف إيجاد مؤلف ومصدر يحقق أفضل نجاحات القرن في مجال الدراسات القرآنية، توجد هذه الموسوعة في العقود القادمة حافزا نحو دراسات أوسع بشأن القرآن.

تشتمل هذه الموسوعة على حوالي ألف مدخل مرتب على أساس الحروف الهجائية المعروفة، وإنّ تلك المداخل على نوعين:

الف) المداخل التي تتعلق بالاشخاص، المفاهيم،،  والأماكن، والقيم، والأعمال والوقائع التي يمكن العثور عليها في نصّ القرآن، أو التي لها ارتباط وثيق بالنصّ القرآني.

ب)  المداخل ذات الصلة بموضوعات مهمة في مجال الدراسات والأبحاث القرآنية، من قبيل: الفن والعمارة في القرآن، العلم والتاريخ في القرآن(3).

 

 

 

الفصل الأول:

                              ترجمة المقالة

 

الحروف الغامضة: 

هذه الحروف تطلق على مجموعة من الحروف في اللغة العربية التي جاءت بشكل تركيب غير كلامي في بداية سور خاصة في القرآن الكريم بعد  (بسم الله) .هذه الحروف دخلت في شبه الجزيرة العربية تزامنا مع التكامل التدريجي للخط والكتابة  (راجع المصاحف العربية، الخط،كيفية البيان الكتابة في الجزيرة العربية) وعلى الرغم من التعقيد في تطبيق هذه الحروف 28الصامتة بشكل متصل، فقد استخدام القرآن هذه الحروف، وهي ناشئة من نوع من المصاحف  (النباتية) و لها جذور في اللغة السريانية واللغة الآرامية.

(راجع اللغة السريانية والقرآن) وفي النتيجة ان الحروف السريانية والعربية نابعة من جذور لغوية مشتركة، واخترعت منذ 1500سنة قبل الميلاد تقريبا، وساهمت في ابتداع اللغة العبرية والحروف التي تستعمل في جنوب شبه الجزيرة العربية. استعملت هذه اللغة لأول مرة في توثيق الاحداث والبطولات التي يقوم بها ملوك بلاد  (سبأ) وحضرموت. (راجع، الجزيرة العربية قبل نزول القرآن الملوك والقادة العسكريين) في الواقع لو استثنينا عدة امور من علائم  اللغة الهجائية التي تستعمل في دول الشرق البعيد  مثل الصين واليابان، اليوم جميع اللغات التي تستعمل في هذه الكرة الأرضية تكتب بأشكال مشابهة بنحوما بنموذج الفباء.

وعليه نادراً ما يمكن اعطاء نظرية صريحة ومفصلة  في مجال التأثير الثقافي والأدبي للقرآن على الأمم العربية. (راجع العرب :اللغة وطريقة القرآن) القرآن يمثل النموذج الأكمل للغة العربية، ومؤلفات المتخصصين في علم قواعد اللغة والمفسرين الذين بحثوافي عدم وجود مشابه لكلام القرآن. مهدوا الأرضية لإستخدام قواعد اللغة العربية. ان اعتبار القرآن الناشئ من الثبات الكلامي والكتابي، الذي من شأنه ايجاد لغة واسعة وفي نتيجة الامر يمهد لتطور التعليم. (راجع العلم والتعليم)  وعلى هذا الأساس، يجب الإلتفات الى نقطة ضرورية وهي ان القسم الأساس من آثار المتخصصين القدماء في قواعد اللغة اختص بتوضيح ذلك القسم من النصوص القرآنية وهي خارجة عن حدود القواعد المعمول بها في اللغة العربية. في المراحل الاولى كتب املاء القرآن  بطريقة قديمة، وفي الواقع لايمكن اعتبارها كتابة معيارية. من الأسرار المكنونة في القرآن والتي لم يكشف عنها الغطاء الى الآن، هي تركيب الحروف الغير مفهومة بحسب الظاهر، التي تقع في بداية 29سورة من القرآن. هذه الحروف تسمى  (الحروف المقطعه) أو  (الحروف الافتتاحية) .وهنا نذكر الحروف الغامضة مع رقم سورها:

(الر)  في السور: 10، 11، 12، 14، 15،  (الم)  في السور: 2، 3، 29، 30، 31، 32،  (المر)  في سورة 13،  (المص)  في السورة 38،  (طس)  في السورة 27،  (طسم)  في السور 26و 28،  (طه)  في السورة 20،  (ق)  في السورة 50،  (كهيعص)  في السورة 19،  (ن)  في السورة 68،  (يس)  في السورة 36.

قبل الادلاء بأي توضيح في خصوص تعاريف هذه الحروف في الحاضر والماضي، من المهم الإلتفات الى طرق كتابة هذه الحروف ذات الأسرار  في النصوص العربية، خاصة في المصاحف المتعلقة بالقرن السابع. الحروف العربية الـ (18) عبارة عن: (أ، ب،ج، د، ر، س، ص، ط، ع، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي)، ومن بين هذه الحروف هناك (15) حرفا لم يقع في آخر الكلمة، مثل ب، ن، ي، ف، و، ق.وسائر الحروف كلها تشكل 28حرفا من الحروف الأبجدية  العربية. (راجع الاملاء العربي)  في النصوص العربية القديمة، لم يستعمل  التنقيط للتمييز بين الحروف ذات الشكل الواحد، والطريقة الوحيدة  لتمييز الحروف هو الصوت، مثل ب (بصوت باء) وط (بصوت طاء) وبهذا الترتيب مع عدم وجود أي نقطة تحت الحروف المنحنية أو نقطتين في الاعلى لايمكن تشخيص هذه الحروف. الحروف14 التي هي مظهر الحروف ذات الأسرار، تبين كل واحد من الأشكال الصامتة المستخدمة في النصوص العربية القديمة  (التي تتضمن حروف  (و)، (ف) و (ق) لها ابجدية متساوية وهذا الوضوع يصدق على الحروف  (د)، (ذ) و (ك) .وعلى هذا، بصورة كلية هذه الحروف ذات الأسرار التي تشكل حروف الهجائية العربية في القرن السابع، وخمسة حروف منها تشمل  (الالف)، (اللام)، (م)، (ن) و (ح)، تمثل حرفا واحدا، و9حروف اخرى تشمل  (ي)، (هـ)، (ر)، (ز)، (س)، (ص)، (ط)، (ع)، (ق) و (ك) تمثل حرفا آخر وعلى هذا الترتيب فهذه الفرضية لم تكن بعيدة عن الذهن أن الهدف من استعمال حروف ذات الاسرار هو اظهار الحروف العربية وهذا نفسه دليل وبرهان قاطع آخر لتفسير سور 16و103من القرآن، الذي عرف كلام القرآن بأنه  (كلام عربي مبين). ولكن هذه النظرية لم توضح سبب مجئ هذه الحروف في بداية سور خاصة من القرآن. (راجع انسجام النصوص القرآنية) في الوقت الذي طرح علماء المسلمين، شروحات مختلفة حول هذه الحروف، كذلك بعض علماء الغرب سعوا ان يدلوا بارآء حول معنى ومفهوم هذه الحروف وسبب تصدرها بعض السور .

التفاسير الكلاسيكية:

من وجهة نظر المسلمين المؤمنين، هذه الحروف تعد جزء من الوحي الالهي القرآني  (راجع الوحي والالهام) عند قراءة القرآن، تتلى هذه الحروف  (الافتتاحية) في بداية السورة بعنوانها من الحروف الهجائية  (مثل سورة 2،الآية 1  (الم) الف،لام، م)  ذكرت التفاسير القديمة عدة تفاسير مختلفة لهذه الحروف، وعلى اساس واحدة منها، فإن هذه الحروف تظهر اسم السور أو فاصلة السور أو اختصار احد اسماء الله تعالى (مثل  (الر) تستعمل للرحمن، (الم)  للرحيم أو الله اللطيف والمجيد  (الله الرحيم العلي)  وأن الله سبحانه وتعالى باستخدام هذه الحروف أنزل الوحي  (راجع القرآن وعلاماته)  وجاء في بعض المصادر القديمة ان هذه الحروف رموزعرفانية ومملوءة بالاسرار مع مفاهيم رمزية، وعلى اساس قيم عددية تختص بهذه الحروف يمكن معرفة معانيها، أو هذه الحروف اسلوب لجلب انتباه النبي  9 وامته لاستماع القرآن.

من  النظريات التي جلبت الانتباه في الوقت الحاضر ولها مؤيدين في العالم الاسلامي هي فيما يتعلق ويقال بوجود مضاعفة للعدد (19) الذي هو مستتر في النص القرآني،وقيل ان هذا النموذج مختص بالقرآن ولايمكن تكراره من قبل الغير،  وبعض التفاسير كما انها تحمل معان لطيفة، فی الوقت نفسه يبدو انها قد اعدت من قبل، على سبيل المثال هذه النظرية التي تقول  يمكن العثور على عدد 19 في هذه الحروف الغامضة، لأن 29 سورة في القرآن تبدأ بهذه الحروف، و14حرف من الحروف الهجائية مختلفة استخدمت في هذه الحروف  (في حالة اذا ضممنا اليها حروف  (ص)، (ق) و (ن) التي جاءت في بداية السور)  ويوجد 14تركيب مختلف من هذه الحروف المقطعة في بداية السور .في النتيجة مجموع هذه الاعداد هو العدد57 وهو يعد مضاعف من العدد 19. (57=14+14+29،57=19*3).

كما اشرنا اليه فيما تقدم، بان المفسرين للقرآن قدموا تفاسيرا كثيرة بخصوص هذه الحروف ذات الأسرار واشهرها، على الرغم من شهرتها لكنها فاقدة للإجماع،وهي ان هذه الحروف  مخففة أو مختصرة من الكلمات و عبارات خاصة، وعلى هذا الحال فالكثير من علماء المسلمين المعاصرين والماضين يعتقدون بأن مفهوم الكامل لهذه الحروف لا يعلمه الا الله .

النظريات الحالية في الأبحاث الغربية:

امتازت النظريات الغير اسلامية في هذا المجال بتنوع خاص، ويمكن تقسيمها الى قسمين مهمين يعني  (أصحاب نظرية الإختصار) و (أصحاب التحقیق) .{باقي الآراء الجديدة التي قليلا ما تحظى بتأييد، تشمل النظريات التي تبين بأن هذه الحروف رموز عرفانية وذات اسرار أو انها اذعان القتال، أو عباراة مختصرة التي لخص فيها المعنى الكلي للسور. وهي آراء، روبينسون، واط، وبيل) يعتقد مؤيدوا نظرية  (التلخيص)  ان هذه الحروف مستقلة عن النص القرآني .و يعتقد هانس بور وهو ان هذه الحروف تمثل كلمات توجيهية مختلفة، وادارود كوسنس يعتقد ايضا ان هذه الحروف قبل هذا كانت خلاصة سورة واليوم قد نسخت .وطرح جيمس بيلامي نظرية  (التلخيص )، لها جانب اعتباري اقل نسبة بسائر النظريات .وتعاقباً للنظريات التي ادلى بها المفسرون القدامى للقرآن في هذا المجال وعمدة فكرتها أن هذه الحروف الغامضة هي تلخيص أسماء  (الرحمن) و (الرحيم)، ويعتقد بيلامي ان اكثر هذه الحروف الذات اسرار مبينة لأسماء الله في  (بسم الله) والحروف المقطعة الاخرى  (التي ذكرها في الاصلاحات في مقالته الأخيرة)  هي ملخص  (بسم الله). وعلى حد رأيه ان هذه الاختصارات كانت في زمن النبي 9 في مصاحف تلك الفترة  (السور المكية) كتبت بدلا من  (بسم الله) في بداية 29 سورة، وفيما بعد لم يدرك الكتّاب معنى هذه الحروف، وعلاوة الى هذه الحروف المقطعة ادرجوا  (بسم الله) في بداية هذه السور. وعلى هذا الأساس، يعتقد  (ويلش)  ان نظرية بيلامي لم تكن مطابقة نظرا وجود الشواهد النصية في مجال التطابق الزماني لسور القرآن التي تظهر ان اكثر هذه الحروف تقع في بداية السور المدنية، وفي الوقت نفسه العلاقة المباشرة بين هذه الحروف مع النصوص المرتبطة بها، ولم يشخص سبب لماذا هذه الحروف تقع في بداية 29 سورة ولم تذكر في باقي السور.

القسم  الاخر من هذه النظريات وهو  (أصحاب التحقیق) يقوم بدراسة هذه الحروف الغامضة على انها وسيلة لتنظيم النصوص القرآنية، ويعتبرون هذه الحروف الافتتاحية على انها جزء من النص الاصلي  (راجع قالب وبنية القرآن) كما أشرنا سابقاً  أن بور يعتقد  بان هذه الحروف ملخص لكلمات توجيهية، و ادلى هناك بشواهد عددية في ما يتعلق بالدفاع عن هذه النظرية، التي تظهر مدى تأثير هذه الحروف في التركيب النهائي للقرآن  (راجع مبحث دفاع لوث وشوالى عن هذه النظرية) من وجهة نظر  (بيل)  ان الحروف ذات الأسرار و  (بسم الله)  تعد على انها بعض من النص الاصلي، وكما انه قد تراجع مؤخراً عن أراءه وقال ان هذه الحروف  موجودة في النسخ الخطية الأصلية الاولى في السور المدنية. (ولش،القرآن، واط- بيل، مدخل على القرآن)  ان النموذج الفعلي لنظرية  (المحررين)  قائم على هذه الملاحظة، بأن ترتيب السور القرآنية ماعدا سورة الفاتحة وسورتين من آخر القرآن ليس بالضرورة تبدأمن اكبر سورة الى اصغر سورة. كذلك هذه النظرية تعنونت على انه يوجد استثناء بخصوص عملية تناقص طول مجموعة من السور التي تبدأ بالحروف المقطعة بصورة موازية. وعلى هذا الأساس  ذكر نيل روبينسون في بحوثه الاخيرة بوضوح اشكالات هذه النظرية وهي:

1- هناك استثناءات بخصوص قانون  (عملية التناقص الطولي للسور) والتي لايمكن احتسابها حتى في مورد السور المتوسطة التي هي تبدأ بالحروف ذات الأسرار.

2- جميع السور التي تبدأ بحروف متساوية، لم تكن جميعها متناسقة ومتساوية.

روبينسون وان لم ينف  تماما قيمة نظرية  (طول السورة) ووجود هذه الحروف في ترتيب هذه السور، لكنه مع هذا يقول ان هناك اسباب اخرى  (مثل تكرار المصطلحات أو العبارات الرئيسية في السور المتتالية) لفتت انتباه  المنقحين للنصوص القرآنية .مع هذا الحال، ان مريدي هذه النظرية لم يكن سعيهم يقتصر فقط على بيان المغايرة الموجودة في الترتيب النزولي لطول السور، بل سعوا ان يبينوا مفهوم كل واحد من هذه الحروف. ثيودور نولدكه في تحقيق جديد يقول ان هذه الحروف مخفف لاسماء اشخاص اللذين توافق معهم  (زيد بن ثابت) على قراءة وجمع السور  (راجع الى قراءة القرآن، وقراء القرآن) وبعد ذلك يعتقد ان هذه الحروف لم تكن سوى علامات ذات رموز لا تحمل أي معنى، وتقليداً للكتب السماوية الاخرى التي شاهد فيها النبي التي جاءت الحروف في بداية السور. (للتعرف اكثر على سبب تغيير رأي نولدكه، والتي اكثرما كانت  تحت تأثير ابحاث لوث في مجال تأثير تفاسير توراة اليهود على النبي محمد  (ص) في أواخر فترة المكي والمدني لنزول القرآن، راجع كتاب  (القرآن)  واليهود واليهودية لولش .) هارتويك هيرشفلد ضمن بسط النظرية الاولى لنولدكه، سعى فيها ان يتعرف على المصادر ذات الصلة واعلن ان هذه الحروف تشير الى الأشخاص ادناه :

م=مغيرة              ص=حفصة      ر=الزبير              ك=ابوبكر

هـ=ابو هريرة     ن=عثمان             ل=طلحة            س=سعد (ابن وقاص)

ح=حذيفة         ع=عمر،علي،ابن عباس، عائشة     ق=قاسم بن ربيعة

ابرز نقاط  ضعف تضمنتها نظرية نولدكه – هيرشفلد حالها حال سائر النظريات التي طرحت في هذا المجال، وهي ان هذه النظرية من جهة التجربة غير قابلة للإثبات. عدم القدرة على معرفة هذه الحروف سواء كانت عنوان الاسم أو جميع المصطلحات، وسوف لن تكون مؤيدة صحة المفاهيم التي تم التعرف عليها .فهرس المفاهيم التي تم التعرف عليها قبل ان تكون مصدر موثق للمعلومات، مأخوذة من افكار الباحثين في هذا المجال.

التحقيق الذي طرح هنا في هذاالخصوص يكشف عن الجزئيات التي لم يتعرف عليها سابقاً، ويحظى بأهمية في مجال هذه الحروف الغامضة .وعلى اساس الأفكار التي ابديت، والنماذج اعطت امكانية تصنيف الحروف.فان مقارنة 11تركيب مختلف من هذه الحروف تبين ان ترتيب هذه الحروف لم يكن على وجه الصدفة أو اعتباطيا .اذا كانت هذه الحروف كاشفة عن جمل أو كلمات، لا يمكن ان نتوقع ان تأتي بهذا التركيب، وعلى هذا الترتيب لم نتوقع ايضا عدم  حدوث خلل في تصنيف هذه الحروف .وبناء على هذا فعلى سبيل المثال فإن  (م)  لن تأتي قبل  (س) أو  (ع) أو  (ل)  وقبل  (الالف). (لتوضيح اكثر راجع ترتيب الحروف، ميسي) وعلى هذا الأساس لإثبات صحة هذه النظرية، يجب ان نأتي بتوضيحات بخصوص نموذج الحروف  (ح م ع س ق) التي جاءت في بداية سورة 42. في نظرة اولية يبدو ان هذا النموذج لا يخضع لقانون ترتيب الحروف. (بعبارة اخرى حرف  (الميم) استخدم قبل حرف  (س)) ولكن في تقسيم ايات هذه السورة، انفصل تركيب (حم)  عن  (عسق) .في الواقع يوجد في هذا الجانب نموذجين منفصلين .وعلى اساس احتمال آخر، ان هذه السورة وقعت بين 6 سور وبدأت بالحروف المقطعة  (حم) وتركيب حروف  (حم) اضيف الى قياس هذه السورة.

النقطة التي تحظى بأهمية في خصوص ترتيب الحروف، اوسع من الاحتمالات الاحصائية في ما يتعلق بتركيب هذه الحروف بالصدفة، ففي حالة وجود حرفين فان حساب الأعداد الفردية يظهر أن اختيار الاعتباطي للأعداد الفردية يساوي النموذج الصحيح  (في حقيقة الامر 156 نموذج محتمل لتركيب هذه الحروف وما يعادل نصف هذه الحروف  (78) لم تكن على خلاف قانون النموذجات)  وفي الوقت الذي يكون فيه تركيب هذه الحروف ثلاثي، ستضمحل فرصة اعتباطية هذه الحروف سريعا.يوجد  (1716نموذج محتمل لهذه الحروف، وتقريباً سدس من هذه الحروف يعني  (286) لم يكن على خلاف قانون اي من النماذج )، في ما يتعلق بهذه الحروف ذات الأسرار يوجد اربع نماذج، 4 نماذج ذات حرفين، و4نماذج ذات ثلاثة حروف، و 4نماذج ذات اربعة حروف، ونموذج واحد بخمسة حروف. في هذا المورد الخاص، التحاليل الاحصائية ترفض بقوة قضية الصدفة في نماذج هذه الحروف . وعلى هذا، ففي حالة عدم تصادفية  تركيب هذه الحروف، كذلك يمكن رفض احتمال ان تكون هذه الحروف كلمة أو جملة  .على الرغم من أن هكذا بنية تحمل معنى كبيرا ولكن هذه الحروف لم تكن على اساس ابجدية الحروف. وعلى هذا الاساس، ويمكن رد هذه النظرية القائلة بأن هذه الحروف لم تكن الا تقليدا من النماذج الالهية أو الحروف التي ليس لها معنى .وهذا البحث يؤيد نظرية نولدكه – هيرشفلد .وعلى هذا الترتيب، في حال ان نجعل هذه الحروف على انها فهرس ترتيبي، فافضل نتيجة نحصل عليها هي ان هذه الحروف تشير الى اسماء الافراد، وطبقاً للأدلة هؤلاء كانوا ضمن الاشخاص الذين وضعوا هذه الحروف .

إذن هذه الحروف تشكل نوع من ادوات النص الإنتقادي.  (راجع نقد النص القرآني) وعلى اساس السوابق الوثائقية من بداية تاريخ الإسلام، في الوقت الذي امر زيد بن ثابت من قبل عثمان بجمع القرآن، استخدم مختلف المصادر والمراجع. (راجع جمع القرآن وتدوينه) اما فيما يتعلق بطائفة من السور التي يكون لقراءتها أو تفسيرها اكثر من مصدر واحد  (أو لعل  قراءتها و تفسيرها يكون قد اختير من بين اكثر من مصدر واحد)  فإن زيد بن ثابت عن طريق فهرس مخفف لحروف هذه السور ومع الإلتفات الى مدى اهميتها واعتبارها طبقاً لتشخيصه، ارجعها الى مصادر المعلومات. وهو تصنيفه للمصادر لم يقع بتناقض، لذا فكل ما يعرف اليوم بالحروف ذات الأسرار  تم ايجادها بهذه الطريقة . وان هرشفلد قد شخص العلاقة بين هذه الحروف والاسماء جيداً، ولا يُعلم هل انه قد اوجد  بدقة العلاقة الموازية بين هذه الحروف والشخصيات البارزة في تلك الفترة، ولكن يحتمل ان تكون هذه العلاقة خاطئة . ويحتمل ان تكون جميع هذه الأسماء هي للكتبة الذين ليس لهم أي دور في التقاليد والأدب الماضي .ولكن كشف وجود سلسلة مراتب في هذه الحروف يسوق بنظرية المحققين الى الفهرس الترتيبي للأسماء .اذا كانت هذه الحروف تمثل المصادر التي على اساسها كُتب قرآن عثمان، يمكن القول ان استخدام هذه الحروف عمل لجلب اطمئنان القراء من اعتبار النص الذي يقرأونه .وطبقاً لعقيدة البعض الآخر يحتمل ان هذه الحروف التي استخدمت لوحدها  (مثل  (ص)، (ق) و (ن))  لها مفهوم خارج عن تركيب الحروف .فحرف الـ (ن) يشير الى مفهوم خاص يتعلق بقصة النبي يونس والحوت، و تعد هذه القصة توضيحا مقنعا لحرف  (ن) .

النتيجة :

ان الشروحات الوافية حول مفهوم الحروف المقطعة واسباب وجودها في بداية  29سورة من القرآن لا زالت لحد الأن محط اهتمام، على الرغم من  وجود نظريات منطقية كثيرة بخصوص أهمية تركيب الحروف ذات الأسرار  (مثل نظرية  أن الحروف مخفف لأسم  (بسم الله) أو سائر اسماء الإلهية، أو الحروف على انها اختصاراً لمختلف اسماء الاشخاص وتشمل قرآء القرآن)، لكن لم تكن واحدة من هذه النظريات قطعية .الجوانب المتناقضة في وجهات النظرالتي تبين ان وجود هذه الحروف في بداية السور تتنافى مع البنية  (عملية التناقص الطولي للسور)  والتي يجب ان توضع موضع البحث وإعطاء توضيح قانع في هذا المجال .واخيرا، اتضاح هذه الحقيقة بان هذه الحروف تمثل حروف المصاحف العربية  القديمة ، يستلزم دراسات وتحقيقات اكثر في هذا الجانب .

 

 

                                        الفصل الثاني

           خصائص الحروف المقطعة وآراء علماء الإسلام في دلالاتها

 

خصائص الحروف المقطعة :

قبل الخوض في آراء المفسرين يجب التعرف على خصائص حروف المقطعة :

1-هذه الحروف من مختصات القرآن الكريم ولم تكن لها سابقة في الكتب السماوية القديمة مثل التوراة والإنجيل.

2- توجدهذه الحروف في السور المكية والمدنية  (27سورة مكية وسورتين مدنية) .

3- السورالتسع والعشرين التي توجد فيها حروف مقطعة بالترتيب هي:

سور: البقرة، آل عمران، الاعراف، يونس، هود، يوسف، الرعد، ابراهيم، الحجر، مريم، طه، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، يس، ص، المؤمن، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الاحقاف، ق، القلم.

4- هذه الحروف بعضها حرف واحد، مثل:  (ص)، (ن) والبعض الآخر حرفين :مثل:  (طس)، (يس) والبعض الآخر ثلاث حروف،مثل:  (الم) والبعض الآخر اربعة حروف مثل :  (المص) والبعض الآخر خمسة حروف،مثل:  (كهيعص).

5- البعض من الحروف المقطعة في تعداد الآيات، تعد آية واحدة من سورة، والبعض آيتين وفي سائر الموارد تعد جزء من اول آية في السورة .

6- في بيان خصائص الحروف المقطعة يقول بعض المفسرين :بهذه الحروف من بعد حذف المكررات فيها التي هي 14حرف يمكن استخراج جمل مثل  (صراط علي حق نمسكه)  وفي مقابل هذا، قال احد علماء اهل السنة اعتمادا على الذوق والقريحة – في رد الرأي المتقدم الذي ذكرنا يقول:

بهذه الحروف يمكن ان نستخرج عبارات مثل (صح طريقك مع السنة) {روح المعاني،1، 172 } .وهناك جمل اخرى أُلفت من هذه الحروف و ذكرت في كتب علوم القرآن.6{البرهان في علوم القرآن ج1، 167}.

آراء علماء الاسلام حول مدلول حروف المقطعة :

منذ عقود سابقة طرحت بين علماء المسلمين مباحث مختلفة حول هذه الحروف، من قبيل:هل ان  هذه الحروف هي آيات مستقلة أم لا ؟السر في كتابة هذه الحروف على اساس شكل الكتابة لا على اساس شكل القراءة، والسر في كتابة البعض متصلة وكتابة البعض الآخر منفصلة،  والسر في مجيء هذه الحروف في اوائل السور، …يعتبر موضوع التفسير وحقيقة معنى هذه الحروف من اهم الأبحاث الذي تُرجع بعض الروايات تاريخه الى صدر الاسلام،. يعتقدالمحققون واصحاب التخصص القدامى ان هذه الحروف من جملة الآيات المتشابهة التي يرجع علمها الى الله وليس من الصواب ان يتحدث حولها الشخص برأيه .ومن ابرز الأدلةعلى هذا  اقوال البعض من الصحابة والتابعين الذين يعرفون هذه الحروف بالحروف ذات اسرار. من جملة هذه الأقوال الروايات الآتية :

ابوبكر: لكل كتاب سر وسر القرآن اوائل السور .7 (الحروف النورانية في فواتح السورالقرآنية،ص37) .

الشعبي: ان لكل كتاب سراً وأن سر القرآن فواتح السور .8 (نفس المصدر)

وعلى هذا، سر وجود هذه الحروف في القرآن مثل الآيات المتشابهة، اختبار لعباد الله وبلوغهم مقام الخشوع والخضوع، لأن المؤمنين مع انهم جاهلين بسرهذه الآيات، لكن من باب التسليم والخضوع ويؤمنون بها . وقال آخرون ان فهم هذه الحروف سلب من عموم الناس، لكنهم يعتقدون اذا تقرب الانسان بالنوافل يجد الطريق،ويفهم ما توصل اليه اولياء الله عن طريق الاخلاص.

المجموعة الاخرى من المفسرين وهي تعد اكبر مجموعة، يعتقدون ان هذه الحروف مثل باقي الآيات القرآنية قابلة للفهم والدرك والتفسير، وإن كان لايعلم تأويلها الا الله .و دليلهم ان الامر في تدبر القرآن جاء بصورة مطلقة ولم يكن فيه تخصيص او استثناء وحتى اذا كانت من المتشابهات يرجعن الى محكمات القرآن  لأن شأنهن شأن المصدر والمرجع فيكونن قابلات للفهم.

وعلى هذا الترتيب فمن هذه المجموعة تبرز فئتين من المحققين، فئة من هؤلاء يعتقدون ان هذه الحروف لا تدل على معنى مستقل، بل علامة واشارة الى معنى آخر، والفئة الثانية يعتقدون ان هذه الحروف بالاستقلال لها مفهوم ومعنى خاص. وعلى هذا، فمنذ القدم ذكرت اقوال ونظريات كثيرة و مختلفة  من تفسير هذه الحروف بين الباحثين بلغت نحو عشرين نوعاً.9[البرهان في علوم القرآن]. وبعض من هذه الآراء والنظريات كما ما يلي :

1-:كل واحد من هذه الحروف، اسم من اسماء القرآن (10) {مجمع البيان،1، 112}،  او سوره.  (11)   {تفسير المنار ج1،  122}. وان لم يكن دليل على نفي هذا القول، كذلك لاحجة على اثباته .

2-البعض الآخر يعتقد، بعد جمع هذه الحروف نحصل على اسم الله الأعظم.  (12) {تفسير التبيان،1، 47}  ولكن يجب العلم ان الإسم الاعظم الذي يتحدث عنه العرفان، ليس من سنخ الألفاظ، بل هو من المقامات .لأن الأشياء التكوينية، لحقيقة أسماء لله والمعاني الحاصلة في الذهن اسماء الأسماء والالفاظ كذلك اسماء الاسماء، الاسماء والآثار المترتبة من ذكر الاسم الأعظم لم تترتب على  هذه الالفاظ. في غير هذه الصورة كل واحد يقرأ القرآن الذي فيه اسم الله الأعظم ولو مرة واحدة يجب ان تحصل له بركاته.  (13) {تفسير تسنيم،2، 76-83}.

3- الحروف المقطعة هي قسم من قبل الله(14).   لكن اولاً  لا يوجد دليل نقلي على ذلك ثانياً: مفهوم المقسم به لم يكن واضحاً(15).

4- ان هذه الحروف مع احتساب الجمل تبين فترة  عمر اقوام .ولكن، اولاً الرواية الواردة في هذا القول ضعيفة.ثانياً: بتصريح الآيات القرآنية لا يتسنى لأحد ان يعلم نهاية مدة عمر الاشخاص والأمم(16).

5-:القصد من هذه الحروف جلب انتباه المشركين واسكاتهم(17). ولكن اذا كان كذلك لماذا في السور المدنية التي لم تتحدث عن ضجيج من المشركين نجد هذه الحروف موجودة كذلك .

6-  نظرية الاعجاز العددي في القرآن(18):أن هذه الحروف تظهر كثرة استعمالها في السورة .ولكن في تحقيق بسيط وعابر يبطل هذه النظرية، كما في سورة يس يظهر استعمال حرف الالف أكثر من  (الياء) و  (السين) (19). ولو انها ثبتت حتى ولو بصورة موجبة جزئية، لا تثبت أي معنى فيه حكمة أو أمرعقلائي .ان بحث هذا العالم المصري هو تحقيق لفظي صرف، وحسن التعبير وإن كان الحجر الاساس للبلاغة والفصاحة ولكن اللفظ وسيلة لا هدف .اذا كان هذا العالم عثر على اعجاز فهو لم يكن الا اعجاز لفظي وصوري، ولا علاقة له بمعنى ومفهوم وتفسيرذلك .

و قد قام بعمله علی أساس الکومبیوتر واستخدام الحاسبة بحث واستطاع ان يكتشف العلاقة الرياضية بين السور التي جاءت على رأسها  الحروف المقطعة وعرف عدد 19على انه القاسم  المشترك بين هذه الحروف .

رشاد الخليفة في الجداول الخاصة به وضح  وفي 28سورة التي توجد فيها الحروف المقطعة من دون استثناء عدد الحروف التي تم ذكرها هي مضاعف العدد 19(20).

هكذا كشف يدهش الكثير وكذلك يزداد ايمان الكثير من المسلمين بعدم بشرية القرآن .ولكن في ايران بسبب السابقة الذهنية للناس من ادعاء الفرقة البهائية في ما يتعلق باعداد 9و19،منذ الأول لاقى مخالفة ونفي وانكار وكتبت مقالات عديدة في رده .التحقيقات التي اجراها رشاد تظهر هناك نظم حقيقي  بين هذه الحروف والسور .ولكن ان ما هو المفهوم والمعنى الذي يدل عليه وما هو البيان الذي يراد القاؤه فلم يتحدث عنه(21).

7- كل واحد من هذه الحروف هو رمز لمعنى خاص، مثل ان قالوا،  (الم) يعني انا الله أعلم(22)، ولم يكن هناك دليل معتبر على اثبات ذلك .

8-الاحتمال الآخر هو وجود علاقة مباشرة مع نظرية البنية الهندسية للسورة، هي نظرية تتطرق الى وجود العلاقة بين الحروف المقطعة وبين المواضيع التي تم طرحها في السور ذات الصلة .وعلى هذا الاساس فهذه النظرية تتضمن السور التي تبدأ بالحروف المقطعة واحدة شبيهة للأخرى وفي السور التي تكون الحروف المقطعة من نوع واحد لها شباهة اكثر والأغراض متقاربة للاخرى. العلامة الطباطبايي هواحد المفسرين الذين طرح هذه النظرية  حيث يقول :

(إنك إن تدبرت بعض التدبر في هذه السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها مثل الميمات و الراءات و الطواسين و الحواميم، وجدت في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين و تناسب السياقات ما ليس بينها و بين غيرها من السور.

و يؤكد ذلك ما في مفتتح أغلبها من تقارب الألفاظ كما في مفتتح الحواميم من قوله: “تنزيل الكتاب من الله” أو ما هو في معناه، و ما في مفتتح الراءات من قوله: “تلك آيات الكتاب” أو ما هو في معناه، و نظير ذلك واقع في مفتتح الطواسين، و ما في مفتتح الميمات من نفي الريب عن الكتاب أو ما هو في معناه.

ويمكن أن يحدس من ذلك أن بين هذا الحروف المقطعة و بين مضامين السور المفتتحة بها ارتباطا خاصا، و يؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة بالمص في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات و ص، و كذا سورة الرعد المصدرة بالمر في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات و الراءات.

و يستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه و بين رسوله  (صلى الله عليه وآله وسلم)  خفية عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها و بين المضامين المودعة في السور ارتباطا خاصا.

و لعل المتدبر لو تدبر في مشتركات هذه الحروف و قايس مضامين السور التي وقعت فيها بعضها إلى بعض تبين له الأمر أزيد من ذلك.

و لعل هذا معنى ما روته أهل السنة عن علي  (عليه السلام)  على ما في المجمع،: أن لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي) (23).

ان مسئلة بأن الحروف المقطعة  (صفوة وخلاصة)  واشتراك مضامين السور التي تشتمل على هذه الحروف كانت  محور دراسة  تحقيق أحد الباحثين المعاصرين في علوم القرآن. وهو يؤكد على الدور رمزية هذه الحروف والتي تعد خلاصة  لمضامين السورة،توصل الى ان السور التي تبدأ بحروف مقطعة لها اربعة خصائص اساسية :

* الغالب في اول الآية من هذه السور تشير الى نزول كتاب القرآن والوحي وتلاوة الآيات .

* مقدمة السورة تظهر اهداف اغلب الناس  وعدم تصديقهم  وتكذيبهم.

* مخاطب السورة يكون شخص النبي 9 وغالبا مانشاهد ضمير  (ك) يكون في بداية السورة .

* في اغلب  السورالتسع والعشرين التي توجد فيها الحروف المقطعة ذكر فيها برسالة واحد أو بعدة من الرسل، فحينما يشاهد النبي إعراض وتكذيب الناس والصبر وثبات هؤلاء الرسل يعرف سر النصر المحتم لهؤلاء الانبياء واتباعهم ويقف صابراً وقوي في مقابل المشاكل العظمى التي تواجهه كما سلفه من الانبياء  .

وعلى هذا فكل حرف من هذه الحروف عادة تشير الى احداث رسالة أحد الأنبياء أو تجربة أو عبرة من التاريخ وما جرى على الاقوام الماضية(24).

9- النظرية الأخرى ان هذه الحروف وعلى اساس حساب الابجد تشير الى مدة بقاء أقوام و شعوب واجلهم والنعم والبلاء.

يقول العلامة الطبرسي : يروى أن اليهود لما سمعوا « الم » قالوا مدة ملك محمد  (صلى الله عليه وآله وسلّم)  قصيرة إنما تبلغ إحدى و سبعين سنة فلما نزلت الر المر و المص و كهيعص اتسع عليهم الأمر(25). ولكن يجب القول ان الروايات التي تؤيد هذا القول، لا يُعلم مدى اعتبارها، والمفسرون امثال الطبري في جامع البيان قام بدراسة بعض الاحاديث ويعتبرها ضعيفة وفاقدة للإعتبار (26).

10- واما الرأي الآخر الذي يقع في مقابل الآراء السابقة، وهو ان الحروف المقطعة فيها رموز وسر بين الله سبحانه وتعالى و حبيبه النبي محمد  (ص)  ولا يتسنى لآخرين أن يتوصلوا اليها ولا يمكنهم فهما. وهورأي آية الله معرفت(27).

 

 

                                    الفصل الثالث

                دراسة ونقد بعض نظريات وآراء المستشرقين

في هذا الجزء نتطرق الى نقاط القوة والضعف في مقالة المؤلف ومن ثم نقوم بنقد ودراسة نظريات المستشرقين .

كاتب المقالة علاوة على بلاغة قلمه، فقد استند الى مصادر عربية اصلية وهي اللغة المتخصص بها، وقد راعى  االمراحل المنطقية للكتابة لحد ما في تبيين المسئلة، وذكر النبذة التاريخيه والسابقة.

ب) نقاط الضعف :

اعتمد المؤلف لتبيين نظرية المسلمين على مصدر واحد من مصادر اهل السنة وهو (ألف) نقاط القوة:

الاتقان) ولم يرجع الى آراء ومصادر الشيعة. والضعف الآخر الموجود عند كاتب المقالة انه كثيراً ما  استند في بحثه الى المؤلفين الغربيين و اقتصر على ذكر آراء المستشرقين فقط.

ج) نقد ودراسة بعض آراء المستشرقين:

1-“ثيودور نولدكه “في كتاب  (تاريخ القرآن) ارتكب خطأ كبير وهو انه اعتقد ان  (الحروف المقطعة) في بداية بعض السور تشير الى اسماء الصحابة !

بهذه الحالة بتصور نولدكه ان كل واحد من اصحاب النبي  9  كتب مصحفاً لنفسه  وتم ذكر اسماءهم بصورة رمز في بداية السور القرآنية حتى تتميز مصاحفهم عن المصاحف الاخرى، ولكن مدوني  القرآن عن طريق الغفلة ادخلوا هذه الرموز في نص الكتاب. وإن كان من بعد ظهور نظرية  (لوث) قد تراجع عن هذه النظرية، ولكن تلامذته مثل (بوهل)، (شوالي) و (هرشفلد) اصروا على هذه النظرية ويعتقدون ان هذه النظرية قادرة على ان تثبت عدم وحيانية القرآن(28).  في سنة 1901 هرشفلد اختار فرضية نولد كه في ابحاثه الجديدة(29)  (ص141-143) ودافع عنها.

بناء على هذا فهو يعد جميع الحروف المذكورة، حروف  بداية الكتابة، أو رمز لصاحب المصحف. مثلاًحرف (الراء) يشير الى الزبير وحرف (الميم) يشير إلى المغيرة وحرف  (الحاء) يشير الى حذيفة . كما ان قبل انتشار كتاب هرشفلد، تراجع ثيودور نولدكه عن نظريته .

ودليل هرشفلد انه اذا كان مصدر هذه الحروف هوالنبي محمد 9  فلابد ان يكون له سهم في ترتيب السور، وكل ما توصلنا اليه من جمع القرآن يتعارض مع هذه النظرية(30).

ولكن هذه الفرضية لم ترض المسلمين و لم تقنع المستشرقين .

لدرجة ان  (لاث) ومن ثم  (بوير) قالوا لايعقل مطلقاً أن كتّاب المصاحف يعرفون جيداً بأن الحروف المقطعة هي الحرف الاول لأسماء بعض معاصريهم، ويضعونها في نسخ مصاحفهم(31).

(بلاشير)، (لاث) في انتقاد صريح قللوا من اهمية نظرية نولد كه، وقالوا من البعيد ان يقوم مثل هؤلاء الصحابة الذين عرفوا بالورع والزهد  بمراتبه العالية  بوضع ما ليس  من القرآن ويجعلوه في القرآن.وهذا العمل لا يصدر الا من ضعيفي الايمان(32).

الاشكال الاخر الذي يرد على هذه النظرية انه لحذف  (ل)، (ي) و (الالف) لم تذكر اصحاب المصاحف .

الاشكال الآخر الذي يرد على نولدكه، انه من اين جاء بهذه الاسماء  (المغيرة)، (قاسم بن ربيعة) و (سعد بن ابي وقاص) في حين انها لم تذكر في الإتقان للسيوطي الذي يعد من احد مصادره(33)!

كذلك لابد ان نسأل نولدكه في الوقت الذي امر عثمان زيد بن ثابت ومعاونيه بكتابة عدد  من نسخ القرآن ويرسلوها الى المدن الاسلامية كيف لم يعرف احد ان هذه العلائم العجيبة  ليست من السور القرآنية ؟اليس اصحاب المصاحف معاصرين لتلك الفترة واذا ارتكبوا هكذ خطأ الم ينبهوا على ذلك، وفي الوقت نفسه لم يكن عند البروفسور نولدكه  دليل على اثبات هذا الظن الباطل والنظرية الخاطئة، ولم يكن هناك من الروايات ما يؤيد هذا المعنى ولو رواية واحدة(34).

2-بلاشير من بعد بيان ودراسة النظريات المختلفة لعلماء الاسلام والمستشرقين، يعتقد انه  لم يكن بالوسع اعطاء معنى واضح وتام لهذه الحروف .وهذا كله لعب بالمعاني(35).

هذه النظرية تشابه آرآء الباحثين المسلمين الذين يقولون ان الحروف المقطعة هي من متشابهات القرآن، وليس من المتيسر فهم الآيات المتشابهة .

القضية المهمة التي طرحت من قبل المفسرين .هي كيفية فهم الآيات المتشابهة .انهم يعتقدون بانه ليس فقط الحروف المقطعة بل جميع المتشابهات هن في حدود فهم الانسان، وطريقة فهمها الرجوع الى محكمات القرآن، وبناء على ذلك حتى اذا لم يستطيعوا ان يجدوا مفهوم قطعي ويقيني للحروف المقطعة، يمكن ترجيح بعض الاحتمالات على النظريات الأخرى، كما توصل المرحوم العلامة الطباطبائي الى هذه النظرية  في هذا المجال(36).

3-نظرية المستشرقين في ما يتعلق بالحروف المقطعة التي تم الادلاء بها من قبل  (موريس سيل)، (لوث) و (بوير) المشابهة لإحدى نظريات المحققين المسلمين. فهم يعتقدون ان كل واحدة من هذه الحروف فيها اشارة خاصة لما تحتويه السور .

يعتقد (لوث) بأن هذه الحروف المقطعة نزلت فقط في اواخر الفترة المكية واوائل الفترة المدنية وفي نفس الوقت الذي كان النبي يعيش بقرب اليهود.وهو يعتقد ان هذه الحروف علامة لما تحتويه السور قبل نزولها.حرف (طس) يشير الى طور وسيناء، لأن في هذه السور تحدث عن قصة النبي موسى  (ع) (38). من بعد تحقيق  (لوث)، طرح (هانس بوير) (39)  نظرية تشبه نظريته. وهو يعتقد ان هذه الحروف تشير الى بعض الالفاظ والمعاني الموجودة في السور، كما ان  (يس) تشير الى الفعل  (يسعى) في الآية 20 من سورة يس و (ص) تشير الى  (الصافنات) في آية 23من سورة (ق)(40).

كل مايمكن ذكره في نقد هذه النظرية هو:

1-لا يمكن فهم العلاقة بين الحروف المقطعة والمجاورة لليهود .فاذا كان المقصود من هذا الكلام التأثر باليهود لابد من الاشارة الى ان مثل هذه الحروف فقط تختص بالقرآن ولا يوجد مشابهة لها لا في العهد القديم ولا في الجديد.

2-قسم من هذه النظرية الذي يتعلق بما تحتويه  السور يمكن قبوله إلى حد ما، ولكن ليس له عمومية  ولايصدق على جميع الموارد.

4- (كوسنس)  كذلك قدم  نظرية مشابهة لإحدى نظريات المسلمين، فهو يعتقد ان هذه الحروف اشارة الى الأسماء المهجورة للسور. كما ان  (ق) تعني سورة القرآن و (نون) يعني  نون أو ذو النون .وهو يسمي السور التي فيها  (الر) الرسل والسور التي فيها  (الم) المثل وهو كذلك يقول بعض اسماء السور في طول التاريخ فقدت حروفها و بقى البعض منها فقط فعلى سبيل المثال: هو يعتقد ان  (يس) الحرفين الباقين من  (الياس) أو  (الياسين) و (ص) الحرف الباقي من  (الصافات).

احد الفوارق الموجودة بين نظرية كوسنس مع المسلمين، في ان المسلمين نظرياتهم تبتني على الروايات وأقوال الماضين، ولكن هو فقط يعطي فرضياته وتخميناته .كما ان مجمع البيان ينسب هذا القول الى حسن البصري وزيد ابن اسلم(42) وفخر الرازي وينسب هذه الفرضية الى الكثير من المتكلمين القدامى(43)، والفرق الآخر الموجود عندهم يكمن في نتائج هذه النظرية .فعلماء المسلمين قبلوا بأن هذه الحروف اسماء للسور وعدد محدود من هذه الاسماء جاءت عن طريق الروايات ونسبوها الى النبي محمد  (ص)، ولكن كوسنس يعتقد ان هذه الحروف جزء من اسماء السور.

وفي نقد هذه النظرية نقول:

ان اسماء السور جاءت بما يتناسب مع  المواضيع والمفاهيم الرائجة فيها، ومع هذا التوضيح فما هو الدليل على تسمية سورة يس  بالياس في حين انه لاتوجد اشارة الى النبي الياس في هذه السورة .

الاشكال الآخر الذي يرد على هذه النظرية لم يتحدث حول جميع الحروف المقطعة بالاشارة الى اسماء خاصة والعدد من السور المتشابهة بعضها البعض مثل السور التي فيها  (الم)، (حم) و (طس) اذا جميع هذه الحروف لها اسم اشارة واحد تشخيص السور من بعضها البعض يكون صعباً وكذلك اذا كل واحد من هذه الحروف تشير الى اسم يختلف عن الآخر، ولم يكن هناك دليل على هذا الاختلاف.

5-اخيراً جيمس اي، بيلامي(44) في سنة 1973م.نشرمقالة تحت عنوان  (الحروف ذات الأسرار القرآنية علامات اختصار للبسملة)(45) ولديه  رأي حول علائم الاختصار وبزعمه سعى ان لا يكون رأيه كالآخرين من دون دليل و اجتهاد شخصي. بيلامي يعرف آراء المفسرين كلاسيكية  تبتني على ان  الر، الم، المر، حم ونون مظهر  (الرحمن)  أو (الرحيم) أو كلاهما (انظر: الطبري و الطبرسي،)  يجعله ثمن لعمله ويعرف هذه  الحروف معادلة لهذه المصطلحات في  (البسملة) وكذلك يعتبر الحروف المقطعة الأخرى اختصارا لهذه الجملة .وفي استدلاله على فرضيته قدم عدة  اصطلاحات .وحسب ما طرحه فهذه الحروف تكون  :ط و ك< ب،ص و ق < م، و ع< يس، أو س .وعلى هذا فكما يعتقد بتغيير حرف واحد من تركيب طسم، طس، طه، يس، المص، ص وق تتبدل الى بسم، بس، الى، بس، الم، م، و م، ويمكن ان تكون علامة اختصار مناسبة للبسملة .

واما الاشكالات الواردة على هذه النظرية فهي عبارة عن :

*في هذه القاعدة لم يدرج حرفين من الحروف المقطعة  (حمعسق) و (كهيعص).

*هذه النظرية في الخطوة الأولى لابد ان تثبت دخول العناصر الغير الهية في القرآن وبعدها تدعي ان النبي أو الصحابة وضعوا هذه الحروف لتخفيف البسملة.

*ماعدا الظن والوهم لم يأتوا بدليل على اثبات هذا المدعى ويبقى هذا السؤال على أي دليل و مصدر استندوا ووقفوا على هذه الأسرار.

*لم يكن واضحاً هل أن اصحاب المصاحف القدامى بالتنسيق مع بعضهم البعض وضعوا هذه الرموز، أم ان كل واحد منهم على حد وضع له رمز من هذه الحروف، اذا كان بالاجماع كذلك لم يتضح بعد لماذا تم الاجماع فقط على 29سورة من القرآن و تركت باقي السور من دون رموز وكما فعل بعض الصحابة، وكيف ينتقل رمزا واحدا من كل سورة الى الاجيال القادمة .

*اذا كان الصحابة أو النبي  (ص)  ارادوا ان يخففوا البسملة لماذا في بداية 29 السورة وضعوا البسملة .

*أي دليل على تغيير بعض الحروف على البعض الآخر لظهور بعض حروف البسملة، في حين يمكن العمل بشكل آخر ونأتي بكلمة مخففة ومختلفة .

الشيء الآخر ما هي الضرورة لتخفيف البسملة وعلى الفرض هناك ضرورة لماذا لم يوضع مخفف واحد للبسملة .

الكلام الأخير يجب ان لا نجعل هذه الفرضية مشابهة للنظرية التي سبقتها، ويعتقد كل واحد من هذه الحروف يشير الى معنى ممتزجا، على سبيل المثال على حسب تلك النظرية  (الر) تشير الى الرحمن أو الرحيم أو انا الله اعلم وارى، و لا يقال ابداً ان المسلمين لإظهار المعنى اضافوا هذه الحروف الى أوائل السور، ولكن اعتبر بيلامي في نظريته اضافة هذه الحروف من قبل المسلمين هو امر قطعي.

يقول بلاشير في كتابه في رحاب القرآن، ان اسبرنكر لكونه لم يجد معادل واضح للحروف المقطعة  (طسم) طرح هذه القضية، وهي لابد من عكس الحروف حتى نحصل على حروف بالقوة  (اساسية)  (لا يمسه الا المطهرون)  (الواقعة،79) .

يذكر بلاشير في كتابه ان  (لوث) المستشرق المشهور، بالرغم من امتلاكه العزم والاحتياط اتبع اسبرنكر في دراساته .

وان بلاشير لم يقتنع بمختلف الفرضيات التي طرحها علماء الغرب فيقول :من الأفضل ان نرجع الى فرضيات المسلمين(47).

6-رشاد خليفة و مصري الأصل متخصص في الكيمياءالحيويي واستاذ الحاسوب في جامعات امريكا في سنة 1974م، ادعى انه كشف علاقة الرياضيات  في عدد السور،الآيات، الكلمات، الاعداد وحروف القرآن ولها علاقة مع رقم 19الذي تم ذكره في سورة  74 الآية 30. وهو يعد هذا العدد مضاعف للقرآن، وادعى في كتابه انه لايمكن كتابة القرآن من قبل البشر مع وجود هذه العلاقة المعقدة للرياضيات.في فرضيته بسم الله الرحمن الرحيم 19حرف وكلمة الاسم 19مرة جاءة في القرآن وكلمة الجلاله الله 2698مرة وهو مضاعف من 19.

يعني  (142ضرب19) والرحمن 57مرة  (19ضرب3) والرحيم 114مرة (9مضاعف16) استخدمت في القرآن .

ولكن لابد من القول نظريته من عدة جوانب تسببت بضجة، اولاً ان عدد 19في القرآن رقم حراس جهنم  (عليها تسعة عشر) والآخر ان عدد 19عدد مقدس يشير الى اصحاب الباب أو البهائية، يعني الحروف الحية أو الأصحاب المقربين من الباب، ولذلك المسلمين اشمأزوا من هذه النظرية، و من بعد ادعاءه النبوة حدثت هناك اضطرابات ادت في نهاية الأمر الى اغتياله.

الاشكال الآخر الذي يرد على هذه النظرية هو انه يلاحظ فيها الى حد ما عمليات حسابية .من بين ذلك ما ذكره احد كبار باحثي القرآن الإيرانيين، الأستاذ د.محمود روحاني  صاحب المعجم الاحصائي لالفاظ القرآن الكريم  (ثلاث مجلدات، طباعة مشهد، طباعة ونشر معهد الحضرة المقدسة للإمام الرضا  (ع)  حيث اجرى دراسة جديد ودقيقة حول احصاء كلمة الجلالة  (الله) في القرآن وعنده اطلاع على نظرية د. رشاد، وبجزم  ان جميع احصاءات هذه الكلمة تشير الى وجود اختلاف مع احصاء رشاد خليفة ويختلف مع المعجم المفهرس المعروف لفؤاد عبد الباقي .48

وخادم القرآن الاخ محمد سهيلي بور، على رأس فريق وهذا الفريق يعمل على البحث التخصصي والتعليق في مجال القرآن وتم بحث ودراسة آخر كتاب من النسخة النهائية لنظرية رشاد خليفة، فمن جهة الإحصاء الابتدائي ونوع التعليق توصل الى النتائج التالية :

مع الأسف على الرغم مما كنا ننتظر ان نتقدم في اثبات النظرية، ومع استخدام هذه النظرية في جميع انواع الكتابة من القرآن توصلنا الى هذه النتيجة، لم تكن تحاليل رشاد خليفة غير صحيحة فحسب، بل الاحصاء الابتدائي الذي تقدم به، كان خطأ ونظريته كذلك من جهة الاحصاء و من جهة نوع التعليق تواجه عدة اشكالات.49

النتيجة :

على الرغم من أن آراء المستشرقين تضمنت نقاط مهمة ، ولكن اغلب فرضياتهم فيها ضعيف، وغير علمية، و لم تكن مقنعة حتى لبعض من المستشرقين. من بين هؤلاء المستشرقين بلاشيرالذي اختار  افضل نظرية، وكما اشرنا اليه من قبل يعتقد أن:  (كل هذا التلاعب بالمعاني والافضل الرجوع الى نظريات المسلمين).

وعلى هذا يمكن ان تكون الحروف تحمل اسرارا، وهذه الاسرار بقيت مكتومة بين الله سبحانه وتعالى والرسول 9  واذا كان من المقرر ان يطلع عليها جميع الناس، فمنذ البداية لم توضع على شكل رموز .

 

 هوامش البحث:   

القرآن الكريم.

1- الآلوسي،روح المعاني في تفسير القرآن العظيم،القاهرة.

2- ابوخلیل شوقی، غوستاولوبون فی المیزان، دارالفکر، بیروت 1990.

3- اسكندرلو،محمد جواد،القرآن من وجهة نظر المستشرقين، دروس جامعة الدراسات  الاسلامية قم.1388 ه ش.

4-   بارت رودی، الدراسات العربیة و الاسلامیة فی الجامعات الآلمانیة، تعریب دکتر مصطفی ماهر، دار الکتاب العربی، قاهره، 1967.

5-البازركان،عبد العلي، نظم القرآن، طهران، منشورات القلم،الطبعة الثانية، 1371ش.

6- بستانی، کرم، المنجد فی اللغة و الأعلام، المطبعة لکاتولیکیة، 1973.

7- بعلبکی، منیر، المورد، قاموس الانجلیزی، دارالعلم للملایین، بیروت، 1994.

8-  جوادي آملي،عبد الله، التسنيم،قم،مركز نشر اسراء، الطبعة الثانية، 1379ش.

9-   حجتي،سيد محمد باقر،بحوث في تاريخ القرآن الكريم، طهران،مكتب نشر الثقافة الإسلامية، 1360ش.

10-الحسيني الطباطبايي، مصطفى، استعراض عمل المستشرقين،منشورات الطباعة والنشر،الطبعة الاولى 1375 ه ش.

11- حمد شرارة، عبد الجبار،الحروف المقطعة في القرآن الكريم، قم،مكتب الاعلام الاسلامي، 1414ق.

12- حسین ممدوح، الحروب الصلبیة فی شمال افریقیة، دار عمان، اردن 1998.

13-   التوحيد،فرج الله، ثقافة المعارف،طهران،نشر الثقافة العصرية، الطبعة الاولى،1384 ه ش.

14-  خرمشاهي، بهاء الدين،ثقافة الاصطلاحات للعلوم والحضارة الاسلامية، منشورات العتبة المقدسة الرضوية .

15-  دسوقی محمد، الفکر الاستشراقی، تاریخه و تقویمه، دارالوفاء، موسسة التوحید، بیروت، 1416.

16- رجي بلاشير،في رحاب القرآن، ترجمة محمود راميار،طهران،مكتب نشر الثقافة الاسلامية، الطبعة الثانية، 1365 ه ش.

17- رشاد الخليفة،اعجاز القرآن، التحليل الإحصائي للحروف المقطعة في القرآن، ترجمة وضمائم:سيد محمد تقي آيت اللهي، جامعة شيراز،الطبعة الاولى،1365 ه ش.

18- رضوان، عمربن ابراهیم، آراء المستشرقین حول القرآن الکریم و تفسیره، دار طیبة، ریاض، 1413.

19-  زقزوق، محمود، الاستشراق و الخلفیة الفکریة للصراع الحضاری، کتاب الامة، قطر، مکتبة الرسالة، بیروت 1405.

20-  ساسی سالم، الظاهرة الاستشراقیة و اثزها علی الدراسات الاسلامیّة، مرکز دراسات العالم الاسلامی، لیبی، 1991.

21-  ساسی سالم، نقد الخطاب الاستشراقی، دارالمدار الاسلامیة، طرابلس، دارالفکر، بیروت و دمشق، 2002.

22-  سباعی، مصطفی، الاستشراق و المستشرقون، ما لهم و علیهم، المکتب الاسلامی، بیروت 1405.

23-   سعید ادوارد، الاستشراق، المعرفة، السلطة، الانشاء، تعریب کمال ابو ادیب، دارالکتاب الاسلامی، قم، 1413.

24-السيوطي، جلال الدين، الاتقان في علوم القرآن،قم،منشورات الرضى،واعي،1363 ه ش.

25- الصغیر، محمدحسین علی، المستشرقون و البحوث القرآنیة، ترجمة محمدصادق شریعت، موسسة مطلع الفجر، تهران، 1372.

26-  الطباطبائي،سيد محمد حسين،الميزان في تفسر القرآن،بيورت،منشورات الاعلمي للمطبوعات،1393 ه ق.

27-  الطباطبائي،سيد كاظم، حروف المقطعة من وجهة نظر باحثي القرآن الغربيين، جريدة الدراسات الاسلامية جامعة فردوسي،العدد60.

28-  الطبرسي،امين الاسلام ابي علي الفضل بن الحسن،مجمع البيان في تفسير القرآن.

29- الطبريمحمد بن جرير،جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الكتب العلمية،بيوت،1412 ه ق.

30- الطوسي،ابوجعفرمحمدبن الحسن،التبيان في تفسير القرآن، داراحياء التراث العربي،بيروت.

31- غزالی، محمد، دفاع عن العقیدة و الشریعة، ضد مطاعن المستشرقین، نهضة مصر للطباعة، قاهره، 1999.

32- الفخر الرازي،محمد بن عمر الخطيب، التفسير الكبير.

33- فواد، عبد المنعم، من افترائات المستشرقین علی الاصول العقدیة فی الاسلام، مکتبة العبیطان، ریاض، 2001م.

34-  فوک یوهان، تاریخ حرکة الاستشراق، الدراسات العربیة و الاسلامیة فی اروبا حتی بدایة قرن العشرین، تعریب عمر لطفی العالم، دار قتیبة، دمشق، 1417.

35-  قطب، محمد، المستشرقون و الاسلام، مکتبة وهبة، قاهره، 1999.

36-   لابوم ژول، تفصیل آیات القرآن الکریم، تعریب محمد فواد عبد الباقی، کتابفروشی اسلامیة، تهران 1335.

37-  محمد رشيد رضا،تفسير المنار.

38-  محمد منصور، عبد القادر، الحروف النورانية في فواتح السور القرآنية، دار الفرقان،دمشق،1417 ه ق.

39-  فصلين من القرآن والمستشرقين،مركز تحقيقات القرآن الكريم المهدي، 1385 ه ش.

40-    نملة، علی بن ابراهیم الحمد، الاستشراق و الدراسات الاسلامیة، مکتبة التوبة، ریاض 1418.

41-   نملة، علی بن ابراهیم الحمد، المستشرقون و التنصیر، مکتبة التوبة، ریاض 1418.

42-   23-the encyclopaedia  of  islam. New edition  leiden 1954.

43-    www. Peiknet.net

44-   www.idna.ir- (قناة الاخبار القرآنية في إيران).

_________________________

*نقلًا عن “المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية “- بيروت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى