طرق و مدارس

الطريقة البدويَّة : فروعها وأورادها

الطريقة البدويَّة : فروعها وأورادها

 

بعد وفاة سيدي أحمد البدوي وانتشار تلاميذه في كل مكان، تفرعت الطريقة البدوية إلى ست عشرة طريقة. وهي: المرازقة، الكناسية، الانبابية، المنايفة، الحمودية، السلامية، الحلبية، الزاهدية، العشيبية، البيومية، التسقانية، الشناوية، العربية، السطوحية، المسلمية البندارية، وهذه الفروع تسير في نهجها على طريقة البدوي فيتلو أهلها أحزابه وصلواته ويتدارسون تعاليمه ووصاياه.

تقوم الطريقة البدوية على لبس الخرقة، من شيخ عن شيخ والعهد بها والمبايعة والخرقة البدوية خرقة حمراء. وقد قال البدوي يوصي تلميذه الكبير عبد العال: «يا عبد العال اعلم أني اخترت هذه الراية الحمراء لنفسي في حياتي وبعد مماتي. وهي علامة لمن يمشي على طريقتنا من بعدي.. قال: فقلت له: يا سيدي فما شروط حملها؟.. قال: من شروطه أن لا يكذب ولا يأتي بفاحشة وأن يكون غاض البصر عن محارم الله تعالى طاهر الذيل عفوف النفس خائفا من الله تعالى عاملا بكتاب الله تعالى ملازما للذكر دائم الفكر»([52]).

ويقول ابن عبد الصمد: «اقتدى سيدي أحمد البدوي بجده رسول الله × في لبس الحلة الحمراء، روي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله × كان له حلة حمراء يلبسها في الأعياد والجمع([53]).

ذكر صاحب النفحات الأحمدية وصاحب الجواهر السنية([54]): أن الشيخ يونس بن أزبك الصوفي ذكر كيفية المتابعة على الطريقة البدوية فقال: اعلم أن المبايعة بالقدوة ومعناها الإرادة والتسليم من المريد. أما المراد هنا فهو الله سبحانه وتعالى. وتكون المبايعة على طاعة الله تعالى ومحبته لا على شيء من أمور الدنيا مطلقا فإذا اختار المريد أي رقعة كانت من رقع المشايخ فحينئذ يجب على الشيخ الواصل الموصل للمريدين أن يسأل عن حال المريد ثم يقول له: ما مرادك يا أخي؟ فإذا قال له: جئت إليك يا أستاذي لتعهد إلي بالقدوة وتسلكني بتسليك العارفين. فيقول له الشيخ: أنت اخترتني من دون الناس لأكون دليلك على الخير فأنا لا آمرك إلا بالمعروف ولا أنهاك إلا عن المنكر وسأكون لك بعون الله تعالى عونا على المعرفة والعلم الشريف النافع لعل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا وإياك علما نافعا وأن يجعل لنا من فضله قلبا خاشعا ونورا فيه ساطعا وأن يرزقنا من بحر كرمه رزقنا واسعا وأن يفتح علينا فتحا ربانيا وإلهاما صمدانيا وأن يحفظنا من إبليس وجنوده وأعوانه للنفس والهوى والغرور والباطل وأن يشفينا من كل داء لكي نخدمه ونوحده على الدوام متوسلين إليه بجاه حبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه صاحب الجاه العظيم ثم يقول: وأنت يا ولدي اخترت لنفسك الدخول في رقعة سيدي أحمد البدوي ت وأن يكون شيخنا شيخ الشيوخ أنس بن مالك صاحب رسول الله × رضي الله تعالى عنه (وكلهم من رسول الله ملتمس) ورضيت بأن تكون لي سميعا مطيعا محبا لي ولإخوانك فإذا أجاب المريد عن هذا كله وقال: نعم يا أستاذي وعمدتي وملاذي. قال الشيخ حينئذ: قبلتك قبلتك قبلتك يا أخي في الله تعالى من الأحبا. ثم يأمره الشيخ بالوضوء وأن يصلي لمولاه ركعتين بنية التوبة لله عن جميع الذنوب والخطايا سهوا أو عمدا خفية وجهرا لخبر: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له». ثم بعد السلام يأمره الشيخ بأن يقول بنية خالصة لمولاه المطلع على ظاهره وخافيه: تبت إلى الله توبة نصوحا وندمت على ما فعلت وعزمت على أن لا أعود أبدا وأشهد الله وجميع خلقه علي بذلك وأسأل الله الكريم بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وذريتهم من الصالحين أجمعين أن يتقبل مني توبتي. ثم يقول له الشيخ: قل([55]) الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهد علي (أي في جميع حركاتي وسكناتي كلها. ثم يقول للمريد: إنك يا ولدي ما دمت تلاحظ تفسير هذه الكلمات على الدوام ملازمة أذكارك كل يوم عقب كل صلاة فرض أو نفل عشر مرات يصحح الله توبتك وتكون من التائبين المخلصين ويرى الشيخ أن الله سبحانه وتعالى هو التواب على عباده في الحقيقة وإنما هو واسطة بين الله وبين عبده فقط فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل شيء سببا سبحانه مسبب الأسباب ومجري السحاب وجعل الشيخ سببا ظاهرا لأجل تسليك -أي توصيل- المريد إلى معرفة طرق القوم الموصل إلى محبة الله وملائكته وكتبه ورسله وإخوانه في الله أجمعين.

ويستحب للمريد من طلبة العلم النافع أن يصلى لله سبحانه وتعالى قبل الوصول بالعهد صلاة التوبة المذكورة في المطولات وصفتها أن يقوم المريد مبتغيا الوضوء الظاهر والباطن وهو أن يقول عند غسل الوجه: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة والنجاة من النار توبة عبد ظالم لنفسه معترف بذنبه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا (ثلاث مرات).. وبعد ختم الوضوء ودعواته المذكورة بكتب الفقه يقرأ آية الكرسي مرة وإنا أنزلناه في ليلة القدر (ثلاثا) ثم يقول: استغفر الله العظيم ألفا في آلاف في آلاف.. وأسألك اللهم ألطافا في ألطاف في ألطاف. اللهم بالبيت والمحراب وقبر نبيك سيدنا محمد × أن تلطف بي فيما سطرته علي في أم الكتاب يا كريم يا تواب يا مجيب يا وهاب. ثم يصلي على النبي × بما يلهمه الله من الصيغ عشر مرات فهذا وضوء الخواص فاختر لنفسك ما يحلو.

صلاة التوبة:

وأما صفة صلاة التوبة فهي أن يقوم مستقبلا للقبلة فيقول: أصلي لله تعالى خالصا مختصا ركعتين صلاة التوبة. الله أكبر.

ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ويقرأ الفاتحة وسورة إذا جاء نصر الله والفتح. وفي الثانية الصمدية ثم بعد السلام منهما يقول: استغفر الله العظيم لي ولوالدي ولأصحاب الحقوق علي وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. إنك سميع قريب مجيب الدعوات. يقول ذلك سبعة وعشرين مرة متوالية ثم يقول دعاء التوبة ثلاث مرات وهو هذا: اللهم صلى على سيدنا محمد صلاة موصولة بالمزيد وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم تب علينا قبل مرض موتتنا توبة ترضيك وترضى بها عنا يا رب العالمين. اللهم وفقنا لما يرضيك يا كريم. رب اغفر وارحم وتب واعف وتجاوز عما تعلم إنك سبحانك تعلم ما لا نعلم. إنك علام الغيوب وأنت الأعز الأكرم برحمتك يا أرحم الراحمين يا مجيب السائلين يا قابل التائبين

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.

ثم يقوم المريد من مكانه الذي صلى فيه ويدخل مع إخوانه حلقة الذكر لأجل تصفية قلبه للطريق الموصل لمحبة خالقه وأحبابه.

وبعد الانتهاء يجلس بين يدي شيخه ويكون الشيخ مستقبل القبلة بالخضوع والخشوع والوقار فإنه أمر عظيم. ثم يستغفر الله سبحانه وتعالى بهذا الاستغفار (أستغفر الله العظيم) الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. يقول ذلك ثلاث مرات. ثم يقول: وأسأله التوبة والمغفرة والنجاة من كل ذنب أذنبته عمدا أو خطأ، سرا أو علانية وأتوب إليه من الذنب الذي أعلم به والذي لا أعلم به إنه هو علام الغيوب وأسأله الجنة والنجاة من النار. اللهم إني أسألك يا غفور يا عفو عن المذنبين أن تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. ويقرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات ويقول بين كل قراءة شيء لله بعد البسملة الاستعاذة – يا سيدي وشيخي في الله. يا سلطان الأولياء يا سيدي أحمد يا بدوي مدد لله يا ساداتنا يا أشياخنا في القدوة، شيء لله يا رسول الله، شيء لله يا سيدي يا رسول الله شيء لله يا سيدي يا رسول الله. المقصود الله.

ثم بعد ذلك يضع المريد يده في يد الشيخ ويجعل إبهامه اليمني على إبهام الشيخ اليمني ثم يقول الشيخ للمريد: اسمع ما قال الله تعالى في العهد فإنه سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 10] ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:18].

ثم يقول الشيخ: اسمع يا أخي هذا عهد الله بيني وبينك على الكتاب والسنة ونحن إخوان في الله تعالى وفي رقعة قطب الزمان أبي العباس السيد أحمد البدوي ت وقدوتنا شيخ الشيوخ أنس بن مالك ت خادم رسول الله  . الناجي يأخذ بيد أخيه في يوم القيامة ونحن إن شاء الله تعالى من الآملين في رحمة الله سبحانه وتعالى.

وبعد هذا يقول الشيخ في سره اللهم خذ منه وتقبل منه وافتح عليه أبواب كل الخير كما فتحتها على أبنائك وأوليائك واجعلني وإياه من المقبولين الفائزين من أحبابك وأحباب حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأهل بيته أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

ثم بعد ذلك يقول المريد ويدعو الله سبحانه وتعالى في سره والشيخ وجميع الإخوان يؤمنون على دعواته.. ويختم دعاءه بقوله جهرا- أما هو وإن كان يحفظه أو يقول الشيخ نفسه والحاضرون يؤمنون وهو هذا: (يا مولانا يا مجيب أجب من يرجوك لا يخيب توسلنا إليك بجاه سيدنا محمد الحبيب أن تقضي حوائجنا قريب هذا وقت الحاجات يا حاضرا لا يغيب). ثم يقول الشيخ: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ثم يقرأ الشيخ والحاضرون الفاتحة الشريفة ويهبون ثوابها لأهل العهود ثم الفاتحة إلى شيخنا في الدنيا والآخرة السيد أحمد البدوي ت. ثم الفاتحة إلى أرواح الأشياخ في الطريق عموما وأرواح أموات المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أجمعين.

وهذه مفاتيح أوراد سيدي أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه لكل يوم من أيام الأسبوع كما أوصى ولده وخليفته سيدي عبد العال فقال له يا ولدي أوصيك بتقوى الله في السر والعلانية وعليك بملازمة السنة والجماعة في كل وقت.

وبعد السلام من كل فرض تقرأ آية الكرسي مرة وسبحان الله ثلاثة وثلاثين مرة والحمد لله كذلك والله أكبر كذلك أيضا ولا إله إلا الله محمد رسول اللمرة واحدة. والاستغفار مائة مرة والصلاة على النبي × مائة مرة وتذكر الله ثلثمائة مرة إن قدرت على تلاوة ذلك عقب كل فرض كان مفتاح كل خير

وإن لم تقدر فعقب الصبح والعشائين وإلا كل يوم مرة وهي المفاتيح، وكذلك مداومة قراءة الفاتحة الشريفة كل يوم مائة مرة على الدوام.. وإذا تأخرت عن التلاوة يوما تعيد ما فاتك كله وقت القضاء فإن الأوراد مطلوبة من المريد وكذا ملازمة صوم يوم الاثنين والخميس.. واعلم أن صلاة ركعتين في جوف الليل خير لك من صلاة ألف ركعة في النهار.

وأما ورد يوم الأحد: فتقول عقب المفاتيح السابقة: اللهم صلى على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم مائة مرة وخمسين مرة . ثم يقول الحمد لله والله أكبر من مائة إلا ما لا نهاية كل بثوابه.

يوم الاثنين: سبوح قدوس، من مائة إلى آخر جهدك.

يوم الثلاثاء: سبحان القادر المقتدر.

كذلك أيضا يوم الأربعاء: سبحان ذي الملك والملكوت.

كذلك يوم الخميس: سبحان الله وبحمده «ألف مرة» وهي بعتق رقبة كما ورد.

يوم الجمعة: الصيغة الأمية العدد السابق ثم سبحان ذي العز والجبروت من مائة إلى ألف.

يوم السبت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة مرة فقط.
____________________

المرجع : الطرق الصوفية في مصر، نشأتها ونظمها ، أ/د عامر النجار ، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ، (ص 147 – 180) .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى