أعلام وأقطاب

العارف بالله أبو العباس السبتي في مصر

علاء شريف

العارف بالله أبو العباس السبتي في مصر

علاء شريف

هو أحمد أبو العباس السبتي، ولد في مدينة “سبته” بالمغرب في زمن دولة الموحدين والمرابطين، وهو من ذريَّة الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، عن طريق الإمام صالح، وقد تمّ العثور على نسبه في كتاب ” الوعد الوافي لأنساب الأشراف” في الجزء الخامس، وهو من جماعة الطاهرين المغاربة التي مازالت موجودة حتى الآن ومنها في صنهاجة وصقلية.

حياته:
كان ولي عهد الإمارة في سبته ومن أسرة الملك في دولة الموحدين والمرابطين، وقد نشأ منذ صغره على حب العلم وحب الزهد والتصوُّف، كما كان هادئ الطباع دمث الخلق يحب الفقراء والمساكين، حتى أحبه عامة الناس في سبته، وآثروه على غيره من بيت الإمارة، مما أوغر صدر أخيه عليه، فخاف من ضياع الإمارة منه، فدبّر له مكائد لكي يتخلص منه، مما دعاه إلتى ترك البلاد والهجرة إلى مصر فارًّا بعلمه ونفسه من زيف المُلك والإمارة .

لدى وصول “أبو العباس ” إلى مصر سكن في أورقة الأزهر الشريف، وفي إحدى الليالي وهو نائم جاءه جده رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرًا في المنام يوصيه بقوله “عليك بصعيد مصر”، فاستيقظ وراح يفكر في الرحيل إلى الصعيد، ولكنه أجّل فكرته فجاءه الرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في منامه قائلًا له :”عليك بصعيد مصر، عليك بصعيد مصر، عليك بـ”صدفا”! فقام أبو العباس يعد للرحيل مجهّزًا متاعه مصطحبًا كتبه يرافقه خاله وابن عم أبيه محمد بن عبد الحق المغربي الموجود ضريحه الآن بقرية مجريس بصدفا “. وقد ورد هذا في كتاب ” المشجر في أنساب أولياء الله الوافدين لمصر من المغرب”.

 

وصوله إلى مدينة “صدفا”:
وصل العارف بالله إلى مدينة “صدفا” في القرن السادس الهجري، وأقام بقصبة المغاربة التي سميت في ما بعد بقصبة أبي العباس، وكان يسكن المدينة جماعة من عرب الحجاز من قبيلة صدف بن سعد وهم سبب تسميتها باسم صدفا إذ كان اسمها قبل قدومهم “مرجليوس” وهو اسم روماني بمعنى الجزيرة الخضراء.
بعدما  استقر المقام بسيدي السبتي عين قاضيًا شرعيًا على صدفا، كما اشتغل بعلوم كثيرة منها تحفيظ القرآن وتفسيره، كما نبغ في علوم اللغة، حتي أن لسان الدين بن الخطيب كان ممن تأثروا به وتعلموا عنه. وكان أبو العباس خير من يقرض الشعر كما كان عالمًا متصوّفًا يعمل بالفلسفة وعلوم التربية وبعلم آخر كان يطلق عليه في عصره علم “الزايرجه”، وقد ذكر هذا في كتاب “بهجة الأسرار ودرة الأنوار” للشطنوفي الذي شهد له بالعلم والتصوُّف. كذلك اشتهر بعلم الفلك والتاريخ، وكان أستاذًا لجيل من العلماء ومؤسسًا لمركز علمي كبير في “صدفا” أهم علومه هي القرآن الكريم.
وقد عقَّب سيدي أبو العباس ذرية كبيرة انتشرت في مصر بطولها فمنهم من هو باق حتى الآن في طنطا والمنصورة وفي قلب القاهرة في منطقة السبتية، ومنهم من اشتغل بالعلم واشتهر به ودرس علوم الدين في الأزهر الشريف. ومنهم من يتولى نقابة العلويين بمصر من هؤلاء السيد محمد الأمين، والسيد محمد المهدي العباسي، والسيد أحمد بن عبد الله العباسي، والسيد مصطفي بن أحمد بن عبد الله العباسي. وله ذرية من أحد أبنائه الذي آثر العودة إلى المغرب، وأسس عائلة تحمل الإسم نفسه.  ومن أبنائه أيضًا من هاجر إلى ليبيا وأسس ايضًا عائلة إلى هناك. كما كان لديه ابن عقيم لقب بمحمد الزير، وقد ذكر هذا في كتاب “الخطط التوفيقية” لعلي مبارك في الجزء الأول منه. وتجدر الإشارة إلى  أن أبا العباس السبتي الموجود ضريحه في “صدفا” بصعيد مصر، هو غير أبي العباس السبتي أحمد بن جعفر الوجود ضريحه بالمغرب وهو من أبناء عمومته.

 

صاحب مدرسة في الزهد والتصوف:
تتلمذ على يدي أبي العباس الشيخ عبد العال بن بشيش الذي أخذ عنه أبو الحسن الشاذلي والذي تتلمذ على يديه، وأخذ عنه أبو العباس المرسي الموجود ضريحه في الإسكندرية. وقد قال عنه الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في كتابه “الفتوحات المكيَّة”:”ليس أرفع منزلة في ميزان القطبية من أبي العباس السبتي؛ لأنه وصل مقام الإحسان إلى أرفع درجة”. وشهد له الإمام الصياد في كتابه “قلادة الجواهر” كما شهد بفضله وعلمه الإمام عبد الوهاب الشعراني في كتابه “اليواقيت والجواهر عن شرح الفتوحات المكية “للشيخ محيي الدين بن عربي، فيما شهد له بالولاية السيد الشريف عبد القادر الجيلاني في كتابه “فتوح الغيب”، وكذلك ذكر فضله السيد السراج الطوسي في كتابه “اللمع”، كما أشار إلى علمه وأستاذيته الشطنوفي في كتابه ” بهجة الأسرار ودرة الأنوار”.

__________________

*عن موقع ” أعلام صدفا ” في مصرعلى الفايسبوك – بتصرُّف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى