الدراسات والبحوث

التَّعلُّم القائم علی احتياجات الإنسان من منظور مبادئ الحکمة المتعالية

التَّعلُّم القائم علی احتياجات الإنسان من منظور مبادئ الحکمة المتعالية

د. سيد مهران طباطبائي _ د. مهدي أمامي جمعة

 

1- الملخص:

التّعلّم القائم على احتياجات الإنسان([1]) منهج جديد يستند إلى مبادئ الحكمة المتعالية التي تحقق السعادة الأبدية للمتعلمين. ونحن في هذا المقال، وباستخدام المنهج الوصفيّ التّحليليّ، نسلط الأضواء علی التّعلّم المتمرکز على احتياجات الإنسان من منظور مبادئ الفلسفة الصّدريّة. فالتّعلّم علی ضوء مبادئ الحكمة المتعالية، يعني تحقيق علم علته المعدّة معلوم خارجيّ والنّفس المدرکة موجده وخالقه. والتّعلّم القائم على الحاجة يعني التّعلّم من أجل الحصول علی الحلّ الأمثل لتلبية الاحتياجات الوجوديّة للبشر حسب الظروف الحاليّة. يتضمن وجود الإنسان مراتب وقوى متعدّدة، مودعة في نفسها تلبية لاحتياجاته. بناء على ذلك يمكن تصنيف هرم الحاجات الفرديّة والاجتماعيّة للإنسان، إذ يتمحور عليها التعليم. حاجات مبنية على الفروق الفرديّة والتشكيكية، تستلزم بحثًا هادفًا متعدد التخصّصات ومتمركزًا على العلم الإلهي. يتمثل دور المعلم في تسهيل هذه العمليّة بالإنذار والتّبشير وإقامة علاقة قائمة علی المحبة مع المتعلمين. كما تتضمن عمليّة التّعلّم مراحل مختلفة منها: تحديد الحاجة، وتوضيحها، واقتراح الحلول، وجمعها وتصنيفها وتطبيقها ومراجعتها وتعديلها.

الكلمات المفتاحية: التّعلّم، الحاجة، الحكمة المتعالية، القوى الإنسانيّة

Need-based learning based on the principles of Transcendent wisdom

Abstract

Need-based learning is a new method based on the principles of Transcendent wisdom that can be used for the worldly and otherworldly happiness of educators. In this research, using descriptive-analytical method, need-based learning is explained from the perspective of the basics of Sadra philosophy. From the point of view of the principles of Transcendent wisdom, learning means the realization of a knowledge whose external known is preparatory cause and the soul of the perceiver is its creator. Need-based learning means learning in order to find the best solution to meet the existential needs of human beings according to the existing conditions. Human existence has different levels and powers, each of which corresponds to one of the needs of human existence. Based on this, it is possible to define the pyramid of individual and social needs of human beings, which is the center of educator learning. The need for something innate, based on individual differences, existential gradation, requires interdisciplinary research with a focus on divine science and purpose. The role of the educator in this process is to facilitate with evangelism and warning and to establish a loving relationship with educators. The learning process also includes various steps such as need identification, need clarification, solution proposal, composition and classification, solution application and review and modification.

Keywords: Learning, Need, Transcendent wisdom, Human powers

 

 

2- بيان المسألة:

محمد ­بن­ إبراهيم الشّيرازي الملقب بـ “ملا صدرا” من أبرز العلماء الإيرانيين في الفلسفة الإسلاميّة في القرن الـسّابع عشر الميلاديّ ومبدع النّظام الفلسفيّ المعروف بالحکمة المتعالية؛ وأکثر ما لفت انتباه العلماء واهتمام الفلاسفة في هذا النّظام الفلسفيّ هو المبادئ الوجوديّة والمعرفيّة والأنطلوجيّة للحکمة المتعالية ولکن غالبًا ما قد أهملت نتائجها التّربويّة والتّعليميّة. هذا ويبدو أنّه وفق مباني فلسفة ملا صدرا، يمكن تبيين طريقة جديدة للتّعلّم قائمة علی المعنى الجديد الذي يفسره هذا النّظام الفلسفيّ في الحقل التّعليميّ؛ طريقة فريدة لا تلبي حاجات الإنسان الدّنيويّة فحسب، بل تحقق سعادته الأخروية أيضًا. وبناءً على ذلك يمكن التّعبير عن قضايا البحث على النحو الآتي:

  1. ما معنى التّعلّم من منظور الحكمة المتعالية؟
  2. ما معنى التّعلّم القائم على احتياجات الإنسان؟
  3. ما هي مباني التّعلّم القائم على حاجات الإنسان؟
  4. ما هي خصائص الحاجة في التّعلّم القائم على احتياجات الإنسان؟
  5. ما هو دور المعلم في التّعلّم القائم على حاجات الإنسان؟
  6. ما هي عمليّة التّعلّم القائم على احتياجات الإنسان؟

* معنى التّعلّم:

لم يذکر ملا صدرا تعريف “التّعلّم” بشكل منفصل في ما ألّفه من الكتب وما ترکه من الآثار، ولكنه بما أن هذا المصطلح يعادل قسمًا خاصًا من “العلم”؛ يمكن تفسيره جيدًا باستخدام مبادئ الحكمة المتعالية. لذلك، سنبحث عن معنی “العلم” في آثاره أولًا ثم نستخرج منه معنى “التّعلّم” ثانيًّا. يذهب ملا صدرا إلی أنّ العلم من الحقائق التي يتطابق وجودها مع ماهيتها، لذا لا يمكن تعريفه بالحدّ والرّسم، وکما أنّه ليس هناك مفهوم أجلی وأعرف من الوجود حتی يؤخد في تعريف الوجود، کذلك ليس هناك مفهوم أجلی وأعرف من العلم حتی يؤخد في تعريف العلم([2]). تعني كلمة العلم أو الإدراك ما يکشف به المعلوم أو “ما به يعلم”([3]). وعليه، فإنّ حقيقة العلم ليست سوى “الموجود عند الشيء”. الموجود الذي يصدق عقلًا أنّ يوجد عند شيء ما، سواء أکان عنده أو عند غيره، ومثل هذه الحقيقة تکون معيارًا لإدراك الشي‌ء بحقيقته وعلمه بذاته؛ وهذا هو معنی العلم ولا غيره([4]). ونتيجة لذلك، فليس الحضور شرط العلم فحسب بل بعبارة أدقّ الحضور هو حقيقة العلم، وشرطه التّجرد من المادة([5])([6])؛ لأنّه يمكن إثبات أنّ الامتداديّة كخاصيّة للمادة تنافي مطلق الحضور.

يقسم ملا صدرا العلم باعتبارات مختلفة منها تقسيم العلم بالفعليّ والانفعاليّ. العلم الفعليّ هو ما يکون سبب وجود المعلوم في الخارج([7]) – عن مرتبة حضور علم الموجد في العقل – والعلم الانفعاليّ هو الذي يوجبه المعلوم الخارج – عن مرتبة حضور العلم الموجود -؛ سواء أكانت هذه السّببية مستقلة تامة أم غيرها. إنّ معرفة مهندس البناء بالمبنی الذي يريد بنائه، أو معرفة الله بعالم الخلق، هي أمثلة للعلوم الفعليّة([8]). کما أنّ علمنا بالأشياء والأحداث اليوميّة تعدُّ من العلوم الانفعاليّة. فبالنظر إلی کل ما تقدم، يمكن أن نعدُّ مصطلح “العلم الانفعاليّ” معادلًا لمصطلح “التّعلّم” في الحكمة المتعالية. فمتعلقات التّعلّم من وجهة نظر ملا صدرا يشمل الموجودات الماديّة والمثاليّة والعقليّة. لذلك، فإنّ التّعلّم لا يعني مجرد التأثر بالمحسوسات؛ بل يشمل أيضًا الموجودات غير الماديّة. هناك قضية أخرى مهمة للغاية تؤدّي دورًا في التعرّف على “التّعلّم” من منظور ملا صدرا؛ فإنّها الطريقة التي يتعلّم بها. منهج البنائيين للتعلم، بصرف النّظر عن مبادئهم الفلسفيّة واختلاف آرائهم في وجود العلم ومسألة تطابق العلم مع الواقع، يشبه إلى حد ما منهج الحكمة المتعالية؛ لأنّ كلاهما يعتقد أنّ الإنسان يبني المعلومات بنشاط، ويفهمها بالجمع بين المعرفة السابقة والبيانات الجديدة([9]). يرى ملا صدرا أن التّعلّم، خلافًا لما اشتهر، لا يعني انفعال الإنسان ومجرد تجريد الصورة المدركة للخصائص الماديّة؛ بل نفس الإنسان المجردة عن المادة توجد صورة الشيء المدرك وتخلقها([10]). وعلى هذا الأساس لا شكّ أنّ النّفس هي المبدأ الفاعلي للصور الموجودة فيها([11])([12]).

فموجز القول إنّ التّعلّم يعني «تحقيق علم علته المعدّة([13]) معلوم خارجيّ والنّفس المدرکة موجده وخالقه  شريطة أن تملك درجة عليا بالنسبة إلی الصورة المدركة».

من منظور الحكمة المتعالية، لا يتضمن التّعلّم رد الفعل السلبيّ للمتعلم تجاه العوامل البيئيّة والاعتماد على التّكييف؛ بل من خلال التمهيد وتسهيل مراحل التّعلّم، يمكن مساعدة المعلم في بناء المعرفة. لا تستنبط مراحل التّعلّم والإدراك من المباني الكمبيوتريّة أو ما شابه ذلك؛ بل تؤخذ من المبادئ الفلسفيّة والنّفسيّة. فالنّفس في عمليّة التّعلّم، توجد العلم وتخلقها بنشاط. وفي مراحل الإدراك، تستبعد إمكانيّة فهم الوجود المدرك الخارجيّ؛ لكن رابطة الصورة الذّهنيّة المخلوقة في النّفس بالشيء المدرك، تشبه رابطة الشّخص بصورته في المرآة، فلها رابطة الحاکي والمحکي والانطباق. في هذه الرؤية، على الرّغم من أنّ جميع الناس الذين هم في مرحلة التجرد الخياليّ، يتحدّدون بالزمان والمكان والتاريخ؛ لكن هذا ليس انحصارًا مطلقًا؛ لأنّ الرّوح البشريّة يمكن أن تتجاوز حدودها وتصل إلى مرحلة التّعلّم من العوالم ما وراء الطبيعة خارج حدود الزمان والمكان.

يحصل التّعلّم على أساس بناء النّفس الإنسانيّة وإبداعها، والمتوقع من نظام التّعليّم والمعلم هو تسهيل وتوجيه (التّبشيّر والإنذار) عمليّة التّعلّم هذه. فالإنسان مبدع کخالقه، ونفسه توجد العلم، وليس الأمر أن يُتَعلّم انفعاليًّا ومن دون بناء النّفس. وتتمثل مهمة المعلم في الإرشاد والمساعدة في تهيئة الظروف المؤاتية لتمرير عمليّة التّعلّم. والجدير بالذّكر أنّه بالإضافة إلى موضوع الإبداع الذاتيّ الذي يؤكد علی ضرورة توجيه المعلم وتسهيل عمله، واجتناب التّعلّم القائم علی المعلم في المنهج الصّدريّ، فإنّ مكتوبات ملا صدرا الصريحة عن ضرورة تجنب التّقليد وتشجيع التفكير دليل آخر علی هذا الموضوع([14]).

فالهدف من التّعلّم في المنهج الصّدريّ، هو تحقيق رؤية جمالية للوجود. وتحقيق المكوّنات الأربعة المتمثلة في الطبع الدّقيق، والقلب الرقيق، الذّهن الصافيّ والنّفس الطيّبة تعدّ غاية للبرنامج الدراسيّ وتمهيدًا للرؤية الجماليّة. فالإنسان بطبعه الدقيق يتذوق العالم بدقة النظر وحسن الذوق، وبقلبه الرقيق يستعد لقبول الحقائق الربوبيّة، بعقله الصافي يستخدم التّفكير الإبداعيّ والنّقدي والانتباهي، وبنفسه الطيبة يحب الوجود ويعشق الکون.

 

3- تعريف التّعلّم القائم على الحاجة:

التّعلّم القائم على الحاجة يعني التّعلّم من أجل إيجاد الحل الأفضل لتلبية الاحتياجات الوجوديّة للإنسان حسب الظروف القائمة. التّعلّم القائم على الاحتياجات هو تنظيم الجدول الدراسيّ، وتدريسه ونموذج التدريس بناءً على مستويات الاحتياجات الإنسانيّة، وأولوياتها إذ يتميز بها عن المناهج الأخری کالتعليم القائم على الموضوع، أو المحتوی، أو حلّ المشكلات. وإذا كان التّعلّم القائم علی حل المشكلات(PBL)  لجون ديوي يدور حول مشاكل العالم الطبيعي؛ يدور التّعلّم القائم على الحاجات حول الاحتياجات الأنطولوجيّة الماديّة وغير المادية الناشئة عن كيفية وجود الإنسان وخلقه.

والاهتمام باحتياجات الإنسان وتصنيفها، ودورها في عمليّة التّعلّم هي من القضايا التي درسها الباحثون؛ إذ إنّ معرفة الاحتياجات الإنسانيّة معرفة صحيحة دقيقة، ستؤدي إلى تحديد الأولويات اللازمة لإعداد البرامج الدّراسيّة والنمو الوجودي المتکامل للمتعلم نحو الکمال. ومن أبرز الأبحاث والدّراسات المتماسكة والمعروفة التي أجريت في هذا المجال هو ما قام به عالم النّفس الإنساني الإنجليزي أبراهام ماسلو([15])، وقد أدت نتيجة هذه الدراسات إلى تدوين هرم الاحتياجات الإنسانيّة. والواضح أنّه بالنّظر إلى الاختلافات الوجوديّة والمعرفيّة والأنثروبولوجيّة بين ملا صدرا وماسلو أو غيره من علماء النّفس الإنسانيين الغربيين، فمن الطبيعيّ أن يكون تصنيفهم للاحتياجات والأولويات الإنسانيّة مختلفة تمامًا.

من وجهة نظر الحكمة المتعالية، فإنّ الشّوق في قضاء الحاجة من مراتب محبة الفاعل لذاته([16]). فكل فاعل يتمتع بوجود مجرّد واعٍ يحبّ نفسه ذاتًا، ويحب آثاره ومتعلّقاته قوّة أو فعلًا، ومنها كلّ ما قد يعلق به ويضيف لوجوده، أو کل ما قد يلبي إحدی حاجاته. وفي الحكمة المتعالية، لدى الإنسان احتياجات وجوديّة مختلفة ومصنفة تتوافق مع هدف خلق الإنسان في کل مرتبة. فإذا لُبِّيت هذه الاحتياجات بالشّكل اللائق؛ سيصل الإنسان إلى أعلى مراتب الوجود في الخلق وأدنی مراتب القرب إلى الله([17])، وإذا لم يؤخذ في الحسبان تصنيف هذه الأولوية للاحتياجات في حياة الإنسان؛ سينزل بنفسه إلی مرتبة أقل من الحيوانات([18]). ونتيجة لذلك، فإنّ المعرفة الصحيحة بهذه الاحتياجات الوجوديّة، وترتيبها، وفي المرحلة التالية، إدراجها في المناهج الدّراسيّة هي إحدى أدوات المنهجيّة التّربوية للحكمة المتعالية.

نتيجة لذلك، وبناءً على مراتب النّفوس الإنسانيّة والأهداف السّاميّة التي تنطبق على كلّ من هذه المراتب، وكذلك احتياجات الجسم، يمكن استنتاج مراتب الاحتياجات الإنسانيّة وكيفيّة التقدم والتأخر فيها. والجدير بالذّکر أنه أفضل طريقة لتوضيح الاحتياجات الإنسانيّة هي رسمها مستوحاة من الشّکل الهرميّ؛ لأنّه حسب مبادئ الحكمة المتعالية، أولًا: مراتب الوجود والاحتياجات الوجوديّة للإنسان لها تقدّم وتأخر، وكلما نتقدّم نحو المراتب العليا منها، يتقلص أعداد المستفيدين منها. وثانيًا: وفقًا لأصلين فلسفيين أيّ تشکيك الوجود والوحدة في عين الکثرة في الحكمة المتعالية، إنّ مراتب النّفس واحتياجاتها كلما ارتقت نحو الکمال، تتحد الکثرات وتسمو الاحتياجات قيمة. وثالثًا: وفقًا لأصل أنحاء الوجود المختلفة للماهية، إن الحاجات والمراتب العليا للنفس تتضمن الحاجات والمراتب الدنيا بدرجة أعلى ونبيلة؛ إذ إنّ الإنسان النائل علی أشرف مراتب النّفس قد نال بطريق أولی علی سائر مراتب النّفس.

وفق مبادئ الحكمة المتعالية، تتضمن الاحتياجات الإنسانيّة علی الاحتياجات الفرديّة والاحتياجات الاجتماعيّة. وتشمل الاحتياجات الفرديّة للإنسان الفئات الست الآتية: 1- الحاجات المعدنية؛ 2- الحاجات الطبيعيّة؛ 3- الحاجات النباتيّة؛ 4- الحاجات الحيوانيّة؛ 5- الحاجات العقليّة؛ 6- الحاجات الالهيّة. يوضح الشكل 1 المستويات المتعدّدة للاحتياجات الإنسانيّة بما يتناسب مع المستويات المتعدّدة للقوى الإنسانيّة التي يشرحها ملا صدرا.

بالإضافة إلى الاحتياجات الفرديّة، يهتم ملا صدرا بالاحتياجات الاجتماعيّة للإنسان أيضًا. فيعدّ الإنسان موجوداً اجتماعيًا بطبيعته لا يمكن تنظيم حياته إلا بالتّعاون([19]). تلبية الاحتياجات الاجتماعيّة هي إحدى الأدوات الضرورية لتحقيق غاية النّظام الفلسفيّ. ولتبيين هذه الحاجة، يبدأ ملا صدرا بموضوع مختلف مراتب الإنسان الماديّة والمجردة وعليه، للإنسان بُعدين، مادي ومجرد. فالبعد النّفسي والتّجريديّ للإنسان لمعرفة الباري تعالی بوصفه غاية للخلق، يتطلب قوّة للتمييز والفهم والإدراك، ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون موضوع وموضع هذه القوى الإدراكية جسمًا مختلفًا عن الكائنات الحية الأخرى. ونتيجة لذلك، إنّ الإنسان من أجل تلبية احتياجاته المختلفة، يحتاج إلى المشاركة الاجتماعيّة في مختلف أشكالها کالأنظمة الزراعية والصناعية وغيرهما حتی يمهّد طريقه للاقتراب من غاية الوجود([20]). يعدُّ ملا صدرا النّطق والتّكلم الميزة الأولى والأكثر أهميّة للإنسان لتلبية حاجاته الاجتماعيّة؛ لأنّ تلبية حاجات أولية مثل الطعام والملابس وما إلى ذلك تتطلب الحوار وتبادل الآراء.

تتشكل احتياجات الإنسان الاجتماعيّة في الحكمة المتعالية للصورة العامة لاحتياجاته الفرديّة؛ لأنّ ما يجعل الإنسان يتعاون هو احتياجاته الفرديّة. وبناءً على ذلك، فإنّ بنية الاحتياجات الاجتماعيّة تشبه بنية الاحتياجات الوجوديّة الفرديّة للإنسان، والتي ذُكِرت في الشّكل 1. هذا ويمكن أيضًا تقسيم الاحتياجات الاجتماعيّة إلى احتياجات معدنية وطبيعية ونباتية وحيوانية وعلمية وإلهية.

أ. تشمل الاحتياجات المعدنيّة والطبيعيّة الاحتياجات الاجتماعيّة في مجال الصّحة البدنيّة لأفراد المجتمع وتوفيرها في الوقاية والتّشخيص والعلاج.

ب. وتشمل الحاجات النباتيّة الاجتماعيّة تقديم التّسهيلات وتشکيل المهن والوظائف والتخصصات في مجال الملابس والإسكان والزراعة والصناعة والتجارة، فضلًا عن تسهيل مستلزمات الزواج وتأسيس الأسرة. وبحسب ملا صدرا، يحتاج الإنسان إلى نوع من التّعاون والمشاركة الاجتماعيّة لتلبية احتياجاته الأساسيّة مثل توفير ملابسه وحماية نفسه من الحر والبرد والكوارث الطبيعيّة([21]).

ج. وتشمل الحاجات الحيوانيّة ما يلي: 1- تقوية ذاكرة وحساسيات الحواس الخمس لدى أفراد المجتمع في الإدراك؛ 2- الابتكار والإبداع والمبادرة في خلق الصناعات والفنون والعلوم؛ 3- إدراك المعاني والمفاهيم غير الملموسة. 4- القدرة على جلب النفع واللذة ودفع الضرر. يصف ملا صدرا الحاجة الاجتماعيّة بالإبداع والابتكار قائلًا إنّ الإيجاد والإيلاد يشبه الإنسان بالباري تعالی في صفة الخلق ويقربه منه سبحانه([22]).

د. كما تشمل الحاجات العقلية: 1. تهذيب الظاهر والباطن 2. والقدرة على التمييز والحكم على الأخلاق الاجتماعيّة من أجل تحقيق العدالة 3. والتفكير والاستدلال. يذهب ملا صدرا إلی أن أحد العوامل المهمّة في تلبية الاحتياجات العقلانيّة الاجتماعيّة هو تأسيس حكومة قائمة على القوانين الإلهية ونظرة جامعة متعددة التّخصصات للعلوم تتمحور حول العلوم الإلهية([23]). کما يری أنّ الاعتماد فقط على أيّ علم أو نظرة أحاديّة لأيّ تخصّص ستؤدّي من دون شك إلى الضلال([24])([25])([26]). هذا وبالطبع يؤكد أنّ كل العلوم لا قيمة لها إلا إذا تتجه نحو المعرفة الإلهيّة، والتّصوف العمليّ، والقرب من الله سبحانه وتعالى بوصفها الحاجة السّاميّة للإنسان؛ وإلا فلا قيمة لها ولا مصداقيّة([27]).

هـ. وتشمل الحاجات الإلهية أيضًا: 1- حب الطبيعة والبيئة والرؤية التوحيديّة لها. 2- الحبّ الاجتماعيّ غير النّفسانيّ ومودة البشر لبعضهم البعض. 3- التعاون الاجتماعيّ في محبة الله. الهدف النهائي للتعلم القائم على الحاجة هو “الحبّ”. فإن للحبّ والعاطفة المنشودة مستويات ودرجات مختلفة. أعلى مستوياتها هو الحبّ بالله سبحانه([28]). يتطلب إدراك هذا المستوى من الحبّ تحقق مرتبة وجوديّة خاصة من المعرفة والإدراك([29]). وبما أنّ غاية الوجود لا تتحقق إلا بواسطة هذا الحبّ، فقد وضع للأوسط والأصغر جسرًا ومعبرًا. فالمجاز قنطرة الحقيقة([30]). وفي الحقيقة فإنّ العشق والمحبة لجميع المخلوقات والعوالم کتجليات للجمال الإلهی يعني حب الجمال الإلهي وفي المحبة المفرطة للجمال الإنسانيّ للصبيان وحسّان الوجوه، شريطة أن لا يکون له دوافع نفسية، هو أداة لتلبية الحاجات الوجوديّة المتعالية للإنسان([31]).

4 أساس التّعلّم القائم على الحاجة:

وفقًا لمبادئ الحكمة المتعالية، ينشأ التّعلّم القائم على الحاجة من الاحتياجات الوجوديّة للقوى المختلفة للنّفس الإنسانيّة والخصائص الجسدية المرتبطة بهذه النّفس المجردة. تمتلك النّفس الإنسانيّة المراتب جميعها العقليّة والحيوانيّة والنباتيّة والطبيعيّة قوّة أو فعلًا([32]). ولكل مستوى من مستويات النّفس الإنسانيّة أيضًا قوى مختلفة لها مهمة خاصة ودور محدّد([33]). ويتكون جسم الإنسان أيضًا من عناصر يوجب ترکيبها تکوين الأمزجة([34]) في الإنسان([35]). وفقًا لملا صدرا، فإنّ النّفس الإنسانيّة المجردة لها مراتب متعدّدة من النّفس الناطقة والنّفس الحيوانيّة والنّفس النباتية. ومن بين هذه المراتب، تتمتع النّفس الناطقة والنّفس الحيوانيّة بقوی إدراكيّة وتحفيزيّة متعدّدة. ومعيار تعدد هذه القوى هو الفرق بين آثارها وأفعالها([36]). تتضمن النّفس الناطقة العقلين النظريّ والعمليّ. والنّفس لديها عقل نظري بوصف قبولها من عالم ما وراء الطبيعة وعقل عملي بوصف أداء الفعل في العالم الماديّ. يدرك العقل النّظريّ أشكال التّصورات والتّصديقات ويجد الحقيقة والباطل فيما يدركه ويعقله، والعقل العملي مسؤول عن إدراك الأفعال الإنسانيّة والاعتقاد بالقبيح والحسن في ما ترکه أو ما فعله([37]). إن جوهر النّفس الإنسانيّة، بوصف ذاتها وما فوق ذاتها، يستعدّ أن يسلك طريق الكمال بالعقل النّظريّ، کما أنه يستعدّ ليتخلص من الآفات والظلمات وما دون مرتبته بالعقل العمليّ([38]). والنّفس الحيوانيّة هي المرتبة الأخری من النّفس الإنسانيّة إذ تنقسم إلى قوتين رئيستين وأساسيتين. أحدهما القوّة المدرکة والأخرى القوّة المحرکة. القوّة المحرکة العاملة التي تدفع الإنسان نحو الحرکة وتحفزه، وهي ما تسمى بالقوّة الباعثة، أو فاعل الحركة نفسه، والذي يسمى القوّة الفاعلة([39]). تنقسم القوى المدركيّة إلى قسمين: الحواس الخمس الخارجيّة (البصر – السّمع – الشّمّ – الذّوق – اللمس) والحواس الخمس الباطنيّة (الحسّ المشترك – الخيال – المتصرفة – الواهمة – الذاكرة). هناك خمسة أنواع من المدركات الباطنيّة. يُطلق على أولى القوى الإدراكية التي تدرك الصور الجزئية اسم الحس المشترك أو بنطاسيا، أي لوح النّفس. هذه القوّة هي أحد مبادئ الأعصاب الحسية إذ تستقبل وتجمع كل صور المحسوسات التي تنعكس في القوى الخمس الظاهرة وتصل إليها عبر الأعصاب، لذلك فإنّ الحسّ المشترك هو حوض تصبب فيه خمسة روافد. وإذا لم تكن هذه القوّة فينا، فلن نستطیع أن نحكم على المحسوسات المختلفة في آن واحد؛ نحو الحكم على أنّ هذا السّكر مثلًا أبيض وحلو في الوقت نفسه. كما لم يمكننا أن نری النقطة الواحدة التي تدور حول نفسها على شكل دائرة أو قطرة مطر تسقط من السماء علی شکل خط مستقيم([40])([41]). والثاني من الحواس الخمس هو الخيال. الخيال هو القوّة التي تحفظ صور الأشياء الملموسة بعد غيابها([42]). فبعد مشاهدة النّفس الصور الخارجيّة المحسوسة تنقش صورة منها علی النّفس، والتي بعد غياب تلك الصور المدرکة الخارجيّة، النّفس قادرة علی تصورها. فقوّة الخيال تحافظ على الصّور التي سبقت مشاهدتها. هذا وكلّ إنسان يتمتع بقوّة الخيال، والصور المدركة التي ليست موادها في هذا العالم (بل تکون في عالم المثل وعوالم أخری) تحضر عندها؛ لأنّ تلك العوالم، لا تحددها الجهات والأشکال والأماکن شأن العالم الطبيعي هذا، وأيّ قوّة شأنها کهذه تتجرد من المواد الطبيعيّة في جوهرها وحقيقتها. إذًا، لكل إنسان قوّة خيال وصلت إلی الفعليّة، ولهذا السبب يحشر ويبعث في عالم آخر([43]). والقوّة المتصرفة هي القوّة الثالثة للحواس الباطنيّة. فمهمتها تتمثل في الجمع بين الصور بعضها مع البعض الآخر، أو الجمع بين بعض المعاني مع البعض الآخر، أو الجمع بين الصور والمعاني، فهي قوّة فاعلة مدركة ولكن ما يخصه هو الفاعليّة، وأمّا ما يخص بالإدراك فهي قوّة أخرى تسمى الوهم أو العقل عندما تستخدمه، وتسمى هذه القوّة القوّة التّخيليّة إذا كان عمله يتعلق بالمحسوسات، وإذا كان عمله يتعلق بالمعقولات وعلی ضوء القوّة العاقلة تسمى المفکرة([44]). والواهمة هي القوّة الرّابعة للحواس الباطنيّة. فهي رأس القوى الإدراكيّة الحيوانيّة وقائدها([45]). تفصل قوّة الوهم الصورة عن المادة وعن كل آثار المادة محافظة على نسبتها وإضافتها إلى المادة، وهذا كحكم السخلة بصداقة الأم وعداوة الذّئب وقد يطلق على القوّة التي تدرك هذا المعنى وهي الواهمة([46]). والحافظة هي الأخيرة بين قوی الحواس الباطنية. فتسمى بالحافظة لأنّها قادرة على احتفاظ بإدراكاتها؛ وتسمى المتذكرة أو الذّاكرة لأنّ لها القدرة على إعادة الصور المخفيّة. فتحافظ على ما تدرکها القوّة الوهميّة من المعاني الجزئيّة، أو بعبارة أخری تعدّ القوّة الذّاكرة خزانة القوّة الواهمة، ونسبة القوّة الذاكرة إلى القدرة الوهميّة تشبه نسبة الخيال إلى الحسّ المشترك. إذن هناك قوتان لإدراك صور المحسوسات، الأولی: الحس المشترك کمبدأ لإدراك الصور. والثانية خزانتها ما يسمى الخيال؛ کما أن هناك قوتان لتصديق المعاني الجزئية ما تسمى الحافظة والواهمة([47]). تنقسم القوى المحرکة للنّفس الإنسانيّة أيضًا إلى جزأين: القوّة الفاعلة والقوّة الباعثة، وتشمل القوّة الباعثة القوتين الشّهوانيّة والغضبيّة. فالشّهوانيّة لتّحصيل الملذات والمنافع، والغضبيّة لدّفع الآلام والأضرار. وبالإضافة إلى القوى المذكورة أعلاه، تمتلك النّفس الإنسانيّة قوی التنمية، والتّوليد، والتّغذيّة التي تقوم علی التوالي بالنّشوء والنّماء؛ والحفاظ على التكاثر وبقاء الجنس البشريّ من خلال فصل الكمية الضروريّة عن المستخلص الغذائيّ كمبدأ للتكوين والتّوليد؛ وهضم الطعام وحفظ وجذبه، وإخراج الفضلات. هناك أيضًا أربع کيفيّات للقوى المذكورة من قبل تخدمها وهي: الحرارة، والبرودة، والرّطوبة، واليبوسة. فتؤدي الحرارة دورها في التحليل والتّركيب، والبرودة في الإمساك والسّکون، والرّطوبة في التّخفيف والتّشکيل واليبوسة في حفظ الصور والتقويم([48]).

في الجملة؛ يمكننا القول إن الاهتمام بالاحتياجات الوجوديّة للإنسان وتلبيتها منطقيًّا يکون غاية المنهج الدّراسي في الحكمة المتعالية([49]). وباستخدام مبادئ الحكمة المتعالية وعلى أساس القوى التي يمكن استنتاجها من التّحليل العقلاني لوجود الإنسان، يمكن فهم الاحتياجات الوجوديّة المختلفة للإنسان. ضرورة الحاجة إلى التّعلّم لتلبية احتياجات المجتمع([50])، والحاجة إلى الحكم بين الحواس الظاهريّة([51])، والحاجة إلى تخزين وأرشفة المحفوظات الذّهنيّة([52])، والحاجة إلى إدراك المعاني الجزئية غير الملموسة([53])، والحاجة إلى تفکيك الصور والمعاني وترکيبهما([54])، والحاجة إلی اکتساب التّصورات والتّصديقات، والتّمييز بین الحقّ والباطل والارتباط بماوراء الطبيعة([55]) والحاجة إلی التمييز بين القبيح والحسن في القيام أو ترك الأفعال، والتفكر في الأفعال والأعمال([56])، والحاجة إلى تحصيل الّلذة أو رفع الألم والضّرر، والحاجة إلى التّحريك المناسب للعضلات([57])، والاحتياجات المعيشية الفرديّة([58])، والحاجة إلى العلم اللازم لإكمال ذات الإنسان([59])، والحاجة إلى سائر العلوم غير العلم المؤثر في استكمال الذات بقدر رفع الحاجة في المعاش والمعاد([60])، والحاجة إلى الدافع الإلهي في كل حركة وعبادة([61])، وحاجة المخلوقات وفقرها الذاتي إلى الله([62])، وأخيرًا الحاجة الأكثر أهمّيّة، والأسمى هي الحاجة إلى حبّ العالم، والإنسان والله سبحانه وتعالی([63]). وفي الواقع، فإنّ نقطة مهمّة يجب ألا نغفل عنها هي أنّه وفقًا للحكمة المتعالية، لا تعدُّ كل هذه الأشياء مجرد أهداف مرغوبة للإنسان بل تعدّ ضمن احتياجاته الوجوديّة الناشئة عن کيفيّة خلقه. الحاجات التي لا نستنتجها من خلال تحليل سلوك الإنسان وذهنه فحسب بل ندرکها عبر التحليل الوجودي للإنسان.

 

5- – ميزات الحاجة:

5-1- فطرية:

إنّ ما استُنتِج وعُبِر عنه مبنيًّا علی مبادئ الحكمة المتعالية بوصفها احتياجات الإنسان إنّما يقوم على خصائص الإنسان الفطرية. فيرى ملا صدرا أن للإنسان وجودًا مزيجًا من مرتبة المادة ومرتبة الرّوح. فيتمتع الإنسان بمختلف المراتب المعدنيّة والطبيعيّة والنباتيّة والحيوانيّة والنّاطقة التي يمكن استنتاجها من تحليل وجوده. هذا ويتطلب وجود هذه المراتب في وجود الإنسان تلبيّة حاجة تقتضيها كل واحدة منها.

5-2- – مبنية على الفروق الوجوديّة للأفراد:

من ميزات “الحاجة” المهمّة التي تعنيها الحكمة المتعالية هي اختلاف الحاجة بالشدّة والضّعف، والشّدّة والضّعف في الشّعور بها، وموقف الإنسان عند رفعها، والقدرة على استجابتها عند مختلف الأشخاص. هذا وعلى الرّغم من أن هذه الحاجات ممتزجة في وجود جميع الناس ولكنّها تختلف من إنسان لآخر حسب ظروفهم المختلفة کاختلاف المزاج، واختلاف حالات الأبوين، وطهارة الدم والنطفة، وطهارة اللبن والطعام في الطفولة، واختلاف حالات الوالدين في التعليم والتأديب والتّعويد على المحاسن أو المساوئ الخلقيّة، والاختلاف في اختيار الأستاذ أو القدوة المفضلة ومقدار جهد الإنسان في تهذيب النّفس وتزکيتها([64]). کما أن الإمكانيّة والقدرة على تلبية هذه الاحتياجات أيضًا تختلف من إنسان لآخر حسب الاختلافات الوجوديّة بينهم. وکذلك أنّ الاتجاه نحو تلبية هذه الحاجات يعتمد اعتمادًا تامًّا على الظروف والوضع الفعليّ للإنسان. وفي الواقع، إنّ الظروف الحاليّة للمتعلم تحدّد إلى حد كبير كمية الأنشطة والتّدابير اللازمة لتلبية الحاجة المطلوبة. إنّ مسألة الاهتمام بالاختلافات الوجوديّة للإنسان هي ما تتميز بها الحكمة المتعالية، إذ لم تعبر عنها بهذه الطريقة ولا واحدة من المناهج الفلسفيّة والتّربويّة. يذهب ملا صدرا إلی أن ما يشكل الهوية الإنسانيّة كلها هو أفعال الإنسان وأخلاقه ومعتقداته. واختلاف الناس في هذه الحالات يؤدي إلى أن يکون کل إنسان فريدًا في نوعه وشأنه يختلف شأن الحيوانات إذ لا تتشابه أفراده حتی تندرج تحت نوع واحد کالحيوانات([65]). وعليه، فإن ضرورة الاهتمام بالاختلافات الوجوديّة للإنسان ولحاظ هذا الأمر في طريقة تعلم المتعلم أمر لازم وضروريّ. والأكثر طرافة أنّه لا يُعدُّ کل إنسان فريدًا في نوعه بالنسبة إلی سائر الناس فحسب؛ بل كل إنسان، على الرّغم من وحدته الوجوديّة بالنسبة إلی ماضيه ومستقبله، بناءً على معتقداته وأخلاقه وأفعاله قد يتبدل من نوع لآخر؛ فربما يهبط حيث كالأنعام أو يصعد حيث  الملائكة! ووفقًا للمنهج الصّدريّ، فإن فرض التشابه بين المتعلمين بعضهم مع البعض وکذلك تجاهل التطورات الشخصية للأفراد عبر الزمن هو سمٌّ قاتل في العمليّة التّربويّة؛ لأنه يختلف مقدار ومستوى احتياجاتهم وفقاً لاختلافاتهم الوجوديّة.

5-3- – تشکيکيّة:

من وجهة نظر الحكمة المتعالية، فإنّ الاحتياجات الإنسانيّة مبنية على مراحل الإدراك ومراتبها تتضمن علی مستويات وقيم مختلفة. هذا وتعتمد مراتب الإدراك أيضًا على مراتب الكون وترتب كل مرتبة بالنسبة إلى الأخری. في الحكمة المتعالية، للوجود عوالم ثلاثة كليّة مترتبة طولاً وهي عالم المادة والمثال والعقل المجرد([66])([67]). وبناءً عليه، تختلف مستويات الاحتياجات الإنسانيّة ومستوياتها من المادية، إلی شبه المجردة فالمجردة، مترتبة بعضها علی بعض قيمة. فالاحتياجات العقلية تحتلّ أعلى مراتب الحاجات، وتليها الحاجات المثالية نحو ما يتعلق بتنمية الخيال والإبداع والابتكار، وأخيرًا الاحتياجات الماديّة مثل الحاجة إلى المأكل والملبس والمسكن.

5-4- – ارتباط النظر بالعمل:

فكما تقدم في ذكر مختلف مراتب الحاجات، فإن الاحتياجات الإنسانيّة القائمة على الحكمة المتعالية لا تقتصر على الاحتياجات النّظريّة أو الاحتياجات الأخرويّة؛ بل کما أنّ النّفس والبدن لا يعدَّان أمرين منفصلين ومتميزين، ويعرف أن للإنسان وجودًا واحدًا ومراتب مختلفة؛ فحاجات الإنسان الوجوديّة أيضًا، على الرّغم من وحدتها تتضمن المراتب المختلفة التجريدية والمادية والنظرية والعمليّة. إنّ اهتمام صدر المتألهين بالاحتياجات العمرانية واستعمار الدنيا وأهمية البناء والمهن المختلفة التي يعتبرها ظهوراً لخالقية الله هو مثال على الارتباط بين النظر والعمل([68])([69]).

5-5- – مسألة متعددة التخصصات تتمحور حول العلم الإلهي:  

تحليل کل حاجة لا يتطلب نهجًا متعدّد التخصّصات؛ بل إذا کانت الحاجة متعددة الأعراق يتطلب مثل هذا النّهج. فإنّ مثل هذه الحاجات بسبب تعدّد بطونها متجذّرة في علوم متعدّدة. فلا يمكن التخلّي عن النّهج الحصريّ، واتّخاذ النّهج المتعدّد التخصّصات إلا لمن يری الحقيقة ذات مراتب؛ إذ يكشف عن كلّ مرتبة منها بتخصص واحد. وملا صدرا فيلسوف يرى الحقيقة ذات مراتب مختلفة والمعرفة الإنسانيّة أيضًا ذات مستويات مختلفة للکشف عنها([70]). وحاجات الإنسان التي تتشكل على أساس حقائق وجوده؛ تتضمن مجموعة واسعة من المراتب المادية والمجردة التي لا تقتصر على علم معيّن. وعليه، فإنّ الاهتمام باحتياجات الإنسان والسّعي وراء تلبيتها يتطلب نهجًا متعدد التخصصات. ومن ناحية أخرى، وفقًا لهدف التّعلّم المتعالية الذي يهدف إلى القرب من الله تعالى، إنّما المطلوب فيه هو نهج متعدد التخصصات متمركز على العلم الإلهي ومتّجه نحو القرب من الله؛ وإلا فإنّ كلّ هذه العلوم تشبه قشر الحقيقة، ومن دون النّظر إلى باطنها، لا يمكن الحصول على لبّ الحقيقة والواقع([71]). وعليه، فقد اتخذ صدرالدين الشيرازي، نهجًا متعدد التخصصات، من التّصوف والفلسفة والکلام لتلبية الاحتياجات الفلسفيّة. إذ إنه لا يدُّ مجرد الاعتماد على علم واحد أو نظرة أحاديّة التخصص أو قائمة علی موضوع واحد في تلبية الاحتياجات الإنسانيّة ملائمًا لأسلوب الحكمة المتعالية([72])([73])([74]).

5-6- – ارتباط مراتب الحاجة بعضها ببعض:

في المنهج الصّدريّ، ليست الاحتياجات الإنسانيّة غير مرتبطة ومنفصلة عن بعضها البعض، بل يتشابك بعضها مع بعض. فالعناية الحصرية بحاجة من دون النّظر إلى مبادئ وسياقات تكوينها وتأثيراتها على احتياجات أعمق لن تؤدي دورها بفعاليّة في استجابة تلك الحاجة استجابة جامعة شاملة. وعلی هذا، ونظرًا إلی ارتباط مختلف القوى الإنسانيّة، يمكن رسم العلاقة الموجودة بين الحاجات الإنسانيّة على النحو التالي. والجدير بالذّكر أن المراد بحاجة الحواس الخمس هو حاجة الإنسان لإدراك الحساسية اللازمة لهذه القوى في الإدراکات المتعدّدة عن الأمور المحسوسة.

5-7- – ذات غاية:

والقصد وراء الحاجة هو الآخر من سماتها. فالإنسان يشعر بالحاجة فقط عندما عرف الغرض منها، وقد وصل إلى مرحلة من الإدراك تمكّنه من فهمها. فعلى سبيل المثال، لا يدرك المرء الحاجة إلی الحبّ الإلهي بوصفه المقصد الأقصى، والمطلب الأعلى من الحاجات الإنسانيّة إلا بعدما يتعرّف إليها کمال المعرفة ويهتمّ بمقدّمات تحقّقها، والوصول إليها کتلبية الحاجات التي تسبقها؛ وإلا فلن تعرف هذه الحاجة الوجوديّة ولن تحز علی أي اهتمام بتلبيتها.

 

6 – دور المعلم في التّعلّم القائم على الحاجة:

من وجهة نظر الحكمة المتعالية، التعليم هو عمليّة تبدأ من قبل الولادة حتى الموت([75]). وبناءً على ذلك، فإنّ “المربي” مصطلح لا يشمل فقط المدرسة والأوساط الاجتماعيّة، بل يشمل أيضًا الوالدين وأولياء الطفل. في التّعلّم القائم على الحاجة، يؤدي المتعلم دورًا فعالًا في التّعلّم إذ يتمحور حول احتياجاته ويؤدي المعلم دور الهادي والمنذر([76]). فيدرك المعلم احتياجات المتعلمين جيدًا، ويلاحظ اختلافاتهم الوجوديّة في نوع الحاجة والإحساس بها ووضعهم الحالي والاجتماعيّ، فيؤلف برنامجًا دراسيًّا متعدد التّخصصات متمحورًا على العلم الإلهي. ولزوم العناية بالاختلافات الوجوديّة تجعل نشاط المعلم صعبًا ومعقدًا؛ لأن احتياجات المتعلمين تختلف عن بعضها البعض، فتصعب مراعاة هذه الاحتياجات المختلفة، مع الالتفات إلى الاحتياجات الأساسيّة للمتعلمين. هذا وهناك ارتباط وثيق بين اهتمام المعلم بتلبية حاجات المتعلمين الاجتماعيّة وبعض حاجاتهم الفرديّة، ما يعدّ جزءًا مهمًّا من عمليّة التّعلّم القائم على الحاجة.

تصنيف احتياجات المتعلمين على أساس هرم احتياجاتهم الوجوديّة، والعلاقة القائمة على الحبّ، والاهتمام بالتعليم على أساس المراتب التّشكيكيّة للمحتوى التّعليميّ (المحسوس، والخيالي والمعقول)، وتسهيل خلق الاهتمام والشّعور بالحاجة لدى المتعلمين والعناية بمبدأ الحرية، وانتخاب المتعلم في اختيار نوع النشاط الذي يمكن القيام به في البرنامج الدّراسيّ تجعل عمليّة التّعلّم ممتعة للمتعلمين.

من الخصائص المهمّة المعلم ووظائفه هي: الاهتمام بتلبية احتياجات المتعلمين([77])، وتوجيههم نحو تحصيل المعرفة، والتعرف على الاحتياجات الوجوديّة، والسعي وراء تلبيتها، وتلخيص المتعلم من الصفات المذمومة والخصال السيئة([78])، وخلق علاقات ودية مع المتعلمين والاهتمام والعناية بهم مودة ورحمة([79])([80])، والدّاعيّ والهادي إلی الله([81])، والتّعرف على الآداب والتّمارين النّفسيّة والجسديّة والشّرعيّة والعقليّة اللازمة للمتعلمين([82])، وتجميع المحتويات التّربويّة بما يتماشى مع متطلبات المتعلمين. والعلاقة القائمة علی المحبة والعاطفة بين المعلم والمتعلمين من الأمور المهمّة التي إن تحققت بعيدة من الشّهوات والغرائز الحيوانيّة، فلا تؤدي إلى نمو المتعلمين وارتقائهم وإيجاد دافع إلهيّ في المعلم لتأديب المتدربين، وتهذيبهم واستكمال نفوسهم الناقصة فقط؛ بل سيؤدي إلى نمو المعلم نفسه وتعاليه نحو الکمال([83]).

7- – عمليّة التّعلّم القائمة على الحاجة:

تتضمن عمليّة التّعلّم القائم على الحاجة خطوات مختلفة نحو: تحديد الحاجة، وتوضيحها، واقتراح حلول مناسبة لاستجابتها، والجمع بين حلول الاستجابة وتصنيفها، وصياغة أهداف التّعلّم، وتطبيق الحل المناسب، وتقييم الحلّ، وتعديل الحل ومراجعته واختيار الحلول البديلة. وفي ما يلي، ستُشرح كل خطوة من هذه الخطوات منفصلة موجزة:

7-1- – تحديد الحاجة:

يمكن تحديد احتياجات المتعلم والمجتمع ومتطلباتهم بطرق شتّی. يشترك جميع المتعلّمين في احتياجاتهم الوجوديّة مثل تعزيز الحساسيّة الإدراكيّة للحواس الخمس، وتقوية الذّاكرة، وتهذيب الظاهر والباطن؛ لكن هذه الحاجات تشتدّ وتضعف عند بعضهم بناءً على اختلافاتهم الوجوديّة. إنّ الاهتمام بما يعبّر عنه المتعلم أو يكشف عنه من خلال تحليل سلوكه، وأدائه هو طريقة أخرى للتّعرف على احتياجات المخاطب؛ کما أن الأسرة ، وجماعة الأقران والأصدقاء تعدَّان من المبادئ الأخرى لتحديد الاحتياجات. وفي المجموع يمکن أن يتحقق تحديد وتلبية احتياجات المتعلم عن طريقين التّحليليّ والاستكشافيّ. تعتمد الطريقة التّحليليّة على النّص المقدس والحسابات الذهنية، والقواعد المنطقيّة وتقييم الاحتياجات الوجوديّة. يضمن استخدام هذه الطريقة الحصول علی الحل المناسب للحاجة. کما أنّنا قد استخدمنا في هذه الدّراسة نفس الطريقة لتصنيف حاجات الإنسان في التسلسل الهرميّ للاحتياجات. الطريقة الثانية لاكتشاف الحاجة ورفعها هي الطريقة الاستكشافيّة. تعتمد الطريقة الاستكشافيّة على التّحدث ومناقشة احتياجات المتعلّمين معهم ومع المجموعات المرتبطة بهم. وبناءً عليه، يؤخذ في الحسبان الاحتياجات التي تتماشى مع الاحتياجات الوجوديّة للمتعلمين والتي لا تتعارض معها. وجدير بالذّكر أن اهتمام الحکمة الصّدريّة الخاص بمبدأ الحرية وحق الاختيار الموجّه يؤكد ضرورة الاهتمام بالمتطلبات والاحتياجات التي يعبر عنها المتعلمين وتوجيههم بهذا الصدد([84])([85]). هذا ولا تكفي هذه الطريقة وحدها لاكتشاف احتياجات المتعلم؛ لأنّه لا يكفي البحث والمناقشة لاکتشاف الحقيقة؛ فإنّما يتحقق اكتشاف الحقيقة في ضوء العقلانية واتصال الإنسان بعالم القدس([86]). فإن اكتشاف الحقائق بالبحث وإثباتها بالبراهين ولا الظنّ والتقليد يؤدي إلى نظام عقليّ في معرفة الإنسان والتشبه بالباري تعالی([87]).

واللافت للنّظر أنّ الاحتياجات هذه تشمل الحاجات الفرديّة، والأسريّة، وبيئة التّعلّم والبيئة والمجتمعات الإنسانيّة الأخرى. وعليه، فإنّ الاهتمام بالمساعدة في تلبية الاحتياجات الاجتماعيّة تسبق الاحتياجات الفرديّة؛ لأنه تکمن تلبية العديد من الاحتياجات الفرديّة الوجوديّة للمتعلمين وراء تلبية الاحتياجات الاجتماعيّة.

7-2- – توضيح الحاجة:

إن الخطوة الآتية بعد تحديد حاجات المتعلمين هي توضيح الحاجة وتفسيرها، والکشف عن زواياها الخفيّة للمتعلمين والمعلم نفسه. فشرح الكلمات والمفاهيم الغامضة لتحصيل الفهم المشترك، وتوضيح أهمّيّة الحاجة ومكانتها في تلبية الحاجات الإنسانيّة المتعالية، وكذلك المقدمات المساعدة في الاستجابة لها، من العناصر التي يجب درسها وتحليلها جيدًا. تتميز الحاجة المحددة جيدًا بالميزات الآتية: 1- تحديد الموقف الأولي؛ 2- فهرسة الإجراءات، أو الاستراتيجيات المتاحة؛ 3- التّعريف الدقيق للهدف؛ 4- إمكانيّة ضمان تحقيق أو عدم تحقيق الهدف. في إيضاح الحاجة يری ملا صدرا أنّ الانتباه إلى التأثير الغريب والمدهش للمحتوى مهم للغاية في جذب المتعلمين([88]).

7-3- – اقتراح حلول للاستجابة:

الخطوة الثالثة هي اكتشاف حلول مناسبة لرفع الحاجة باستخدام النّهج القائم على المتعلم وبتوجيه من المعلم وتسهيل منه. يعارض ملا صدرا التعليم القائم على التقليد وتوجيه المعلم. فإنّ الطاعة العمياء والتقليد من دون التفکير ناتجان عن الاستبداد، ومن شِيّم السّفلة اللئام، والتقليد الذي لا يقوم علی الأدلة والبراهين يحجب سبيل الحقّ([89]). بناءً على ذلك، يُنصح باقتراح حلول قائمة علی المتعلمين لتلبية الحاجات.

7-4- – الجمع بين الآراء وتصنيفها لرفع الحاجات:

في هذه المرحلة، تناقش المجموعة الأفكار المقدمة في المرحلة السابقة، ويعطي المتعلمون الأولوية لنتائجهم حسب توجيهات  المعلم، وهرم الاحتياجات، وقدرتهم الإدراكية واهتماماتهم. في هذه الخطوة، يُحذف البيانات غير المرتبطة. کما يجب تسجيل الحلول الممكنة ومناقشتها لتحديد أولوياتها.

7-5- – صياغة أهداف التّعلّم:

بناءً على الخطوات السابقة، يتم تحديد أوجه القصور المعرفيّة أو احتياجات التّعلّم للمتعلمين وترتيبها حسب الأولوية. ففي هذه المرحلة، يجب أن تتفق المجموعة على أهداف التّعلّم والعلوم والأدوات المتعددة التخصصات.

7-6- – التّعلّم الذّاتيّ/ الدّراسة المستقلة:

في هذه المرحلة، يبحث المتعلمون بشكل منفصل للحصول على معلومات حول أهداف التّعلّم فيستخدمون مصادر متعدّدة نحو الكتب والمجلات وغيرهما للحصول على هذه المعلومات.

7-7- – استخدام الحلّ المناسب:

بعد تحديد الحل لتلبية الحاجة، حان الوقت لتنفيذه. فيمكن تنفيذ الحل بأشكال متعدّدة منفردة، أو جماعيّة، أو نظرية، أو عمليّة.

7-8- – تقييم الحلّ:

الخطوة الثامنة هي تقييم الحلّ من أجل تلبية الحاجة وبناءً على أهداف تعليميّة غير محددة.

7-9- مراجعة الحلّ وتصحيحه.

7-10- – اختيار الحلول البديلة.

 

8- – النتائج:

أسلوب التّعلّم القائم على المبادئ الفلسفية من الأدوات المهمّة في عمليّة التّعليم الدّينيّ؛ ما لم يُنظر فيه بجدية وعمليًا حتى الآن. هذا وفلسفة الحكمة المتعالية، باستخدام نصوص صريحة عن التعليم بالإضافة إلى المبادئ الفلسفيّة، تمتلك القدرة اللازمة لاستخراج طريقة تعلم قائم على الاحتياجات الوجوديّة والمتعالية للإنسان. يستلزم تحقيق هذه الطريقة، الإدراك التّحليليّ أو الاستكشافي لاحتياجات المتعلم والمجتمع، وتوضيح الاحتياجات، والاهتمام بالنّهج المتعدد التخصصات المتمركز على العلم الإلهي، والانتباه إلى العلاقة بين الاحتياجات الوجوديّة للإنسان، العمل الجماعي، والانتباه إلى الاختلافات الوجوديّة بين المتعلمين، إقامة علاقة قائمة علی الحبّ بين المعلم والمتعلمين، والاهتمام بمبدأ اختيار المتعلم وحريته وارتباط النّظر بالعمل. الطريقة التي تقود نظام التعليم التقليدي القائم علی الموضوع وغير الفعال وغير التفاعلي إلى نظام تعليمي تفاعلي، متعدد التخصصات متمحور على العلوم الإلهية، فعال، قائم علی التفاعل وفي كلمة واحدة، ما يلبي حاجات الإنسان الدّنيويّة والأخرويّة. کما أن نطاق استخدام طريقة التّعلّم هذه يغطي جميع الأعمار؛ لأن عمليّة التعليم من وجهة نظر ملا صدرا تستمر من الولادة حتى الموت.

 

 

المصادر:

‏‫1- طباطبايي، سيدمحمدحسين‏. نهاية الحکمة، الـ12، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، دون تاريخ.

‏‫2- ملا صدرا، محمدبن ابراهيم‏. أسرار الآيات وأنوار البينات‏، الأولی، طهران، الرابطة الإسلامية للحکمة والفلسفة الإسلامية‏، 1360.

‏‫3-‏ الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، الثالثة، بيروت، دار إحياء التراث العربي‏، ۱۹۸۱.

‏‫4- الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، الثانية، مركز النشر الجامعي‏، 1360.

‏‫5-العرشيه، طهران، منشورات مولی، 1361.

‏‫6-المبدأ والمعاد، الأولی، رابطة الحکمة والفلسفة الإيرانية‏، 1354.

‏‫7- تفسير القرآن الكريم‏، قم، بيدار، 1366.

‏‫8- رسالة سه اصل، طهران، جامعة علوم المعقول والمنقول، 1340.

‏‫9- شرح ألاصول الكافي، الآولي، ءهران، مؤسسه مطالعات و تحقيقات فرهنگى، ۱۳۸۳.

‏‫10- كسر أصنام الجاهلية، طهران، مرکز صدرا للحكمة الإسلامية، ۱۳۸۱.

‏‫11- مفاتيح الغيب‏، طهران، وزارة الثقافة والتعليم العالي، الرابطة الإسلامية للحكمة والفلسفة الإيرانية، معهد الدراسات والبحوث الثقافية‏‏، 1363.

-12Jordan, A et al. Approaches to Learning, A Guide For Teachers, London: Open University Press, 2008.

-13Maslow, H. Abraham. Toward a Psychology of Being, 2rd., New York: Van Nostrand, 1968.

 

 

الهوامش:

[1] . طالب ما بعد الدكتوراه في جامعة أصفهان   Email: mehran.tabatabaei@gmail.com

[2] . أستاذ مشارك في قسم الفلسفة الإسلامية في جامعة أصفهان (الکاتب المسؤول)     Email: m.amam@ltr.ui.ac.ir

[1] .Need Based Learning

[2] ‏. محمد بن ابراهيم ملا صدرا، رسالة سه اصل، طهران، جامعة علوم المعقول والمنقول طهران، ۱۳4۰. ج3ص278

[3]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3، بيروت، دار إحياء التراث العربي‏، ۱۹۸۱. ج6 ص150.

[4]. ‏نفس المصدر. ج3ص354و ج 6ص416

[5]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ والمعاد، الأولی، رابطة حكمة و فلسفي إيران‏، ۱۳54. ص135

[6]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج3صص298-299-313-448-449

[7]. مصطلح “الخارج” في الرؤية الصّدريّة مصطلح نسبي. وعليه فإن کل شيء يخرج عن مستوی الإدراك البشري يعدّ خارجيًا؛ على سبيل المثال، عندما يتخيل الإنسان شيئًا موجودًا من حوله؛ يعدُّ هذا الشيء خارجياً بالنسبة إلی ذهن الإنسان. فقد تتحصل مستويات مختلفة من الإدراك في ذهن الإنسان، يعدُّ بعضها خارجيًا بالنسبة إلی بعض الآخر. على سبيل المثال ، عندما نتخيل مفهوم الشجرة ونعيد تحليله، سنضعها في فئة النباتات. في الواقع، فإن اكتشاف أن الشجرة من النباتات ينبع من تحليل ثانوي للعقل. وعلی ذلك، فإن الشجرة الموجودة في الطبيعة بالنسبة إلی الشجرة الذهنية وکذلك مفهوم الشجرة الذهنية بالنسبة إلی مفهوم النبات يعدّ خارجياً.

[8].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج6ص189

[9] .‏A Jordan, O Carlile, and A Stack, Approaches to Learning, A Guide For Teachers (London: Open University Press, 2008.(

[10]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج3ص366

[11]. بالنسبة إلى الصور العقلية المجردة التي لا يمکن إيجادها تفيضها العلل المجردة بنفس الإنسان عندما تتوفر شروطها.

[12]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج8ص259

[13]. العلة المعدة تعني ما يُعدّ المادة لقبول الفيض من العلة الفاعلية ويقرّب المادة من إفاضة الوجود من الفاعل. ‏)سيدمحمدحسين طباطبايي، نهاية الحکمة، 12، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، دون‌تاريخ. ص 158) وعلی هذا فإن المعلوم الخارجي يمهد الأرضية اللازمة للنفس فقط حتی يخلق الإنسان الصور الإدراکية

[14]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا، العرشية، طهران، منشورات مولی، ۱۳6۱. صص118و119

[15]. ‏H. Abraham Maslow, Toward a Psychology of Being, 2rd (New York: Van Nostrand, 1968) p3

[16]. نعني بالفاعل هنا ما سوی واجب الوجود.

[17].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج6ص26و27

[18]. ‏المصدر نفسه. ج9ص248

[19].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا، المبدأ و المعاد، 1. ص488

[20]. ‏ ‏المصدر نفسه. ص259

[21]. ‏ ‏المصدر نفسه. ص 259

[22]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، الأول، طهران، الرابطة الإسلامية للحكمة والفلسفة الإسلامية‏، ۱۳6۰. ص 108

[23]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، 1. ص 490

[24].‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 1. ج7ص413

[25]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، رسالة سه اصل، صص73و74

[26]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، طهران، مؤسسة صدرا للحكمة الإسلامية، ۱۳۸۱. ص12و54

[27]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، رسالة سه اصل، ص80

[28]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص181و182

[29]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، ص165

[30]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص173

[31]. ‏ ‏المصدر نفسه. صص183و184

[32]. ‏ ‏المصدر نفسه. ج8ص223

[33].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، المقالة الأولى في كيفية تكون

[34] المزاج هو کيفية ملموسة من جنس أوائل الملموسات (الحرارة ، البرودة ، اليبوسة ، الرطوبة) تتوسطها (نفس المصدر: ص 225) يقول القدماء بأن ترکيب العناصر التي يتألف منها جسم الإنسان يؤدي إلی خلق کيفية خاصة فيه. وهذه الخاصية الخاصة الناتجة عن تأثير هذه العناصر على بعضها البعض تسمى المزاج.

[35]. ‏ ‏المصدر نفسه. صص240و241

[36]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، همان، سوم. ج8ص59و60

[37].‏  محمد بن ابراهيم ملا صدرا، مفاتيح الغيب‏، طهران، وزارة الثقافة والتعليم العالي، الرابطة الإسلامية للحكمة والفلسفة الإيرانية ، معهد الدراسات والبحوث الثقافية‏، ۱۳6۳. ص515

[38]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، 1. ص 261

[39]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، 2، مركز النشر الجامعي‏، ۱۳6۰. ص188

[40]. ‏‏المصدر نفسه. صص 193و194

[41].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، 1. ص 242

[42]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج8 ص211

[43]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص 142

[44]. ‏نفس المصدر. ص 194

[45]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، مفاتيح الغيب‏، همان. ص 507

[46].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، 1. صص208و209

[47].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، 1. صص 248و249

[48]. ‏همان.صص225-226

[49].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص173

[50].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص140

[51].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، المبدأ و المعاد، 1. ص242

[52]. ‏‏نفس المصدر. ص 244-248-249

[53]. ‏‏نفس المصدر. ص 248

[54]. ‏‏نفس المصدر. ص249

[55]. ‏‏نفس المصدر. ص258

[56]. ‏‏نفس المصدر. ص258

[57]. ‏نفس المصدر. ص233

[58].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص 140

[59].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج1ص2

[60]. ‏المصدر نفسه. ج1صص2

[61]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، ص 139

[62].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص163

[63]. ‏‏المصدر نفسه. ج7ص183و184

[64]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص 139

[65].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، مفاتيح الغيب‏، ص 478

[66]. محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، شرح ألاصول الكافي، 1، طهران، معهد الدراسات والبحوث الثقافية، ۱۳۸۳. ج1،صص216و217

[67]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، مفاتيح الغيب‏، ص454

[68]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، تفسير القرآن الكريم‏، قم، بيدار، 1366. ج4ص411

[69].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص110

[70]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج4ص3

[71]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، رساله سه اصل، ص80

[72]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، ص 54

[73].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، مفاتيح الغيب‏، ص142

[74].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، تفسير القرآن الكريم‏، ج۷ص۱۸۸

[75]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص41

[76]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج6ص3

[77]. ‏‏المصدر نفسه. ج7ص173

[78] . محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، ص153

[79]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، أسرار الآيات و أنوار البينات‏، 1. ص141

[80]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص173

[81]. ‏‏المصدر نفسه. ج6ص3

[82]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، كسر أصنام الجاهلية، ص53و54

[83].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج7ص173

[84] . محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، تفسير القرآن الكريم‏، ج2ص243و244

[85].  محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 3. ج6ص335, ج4ص114

[86]. ‏‏المصدر نفسه. ج1ص11

[87]. ‏‏المصدر نفسه. ص20

[88]. ‏‏المصدر نفسه. ج7ص173

[89]. ‏ محمد بن ابراهيم ملا صدرا ، العرشية، ص286

________________________________

*نقلًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى