الدراسات والبحوث

مفهوم الولاية عند العُرفاء

د. محمد محمود مرتضى

مفهوم الولاية عند العُرفاء

د. محمد محمود مرتضى

باحث في التصوُّف الإسلامي وأستاذ الفلسفة في جامعة المعارف – لبنان.

لا شك في أن مفهوم الولاية قد أخذ حيزاً واسعاً ودوراً محورياً في الفكر الصوفي والعرفاني؛ لذلك يصعب الحديث عن الولاية من دون التعرُّض والتطرُّق لهذا المفهوم عند هذه الفئة.

 

أولاُ: الولاية على لسان أهل التصوُّف         

يبدو جلياً، من جملة آراء أعلام التصوف والعرفان، أن الطريق إلى الولاية هو «العلم اللدني» باعتباره أصح وأحكم من العلوم الكسبية. وموضوع الولاية هو الفيض والتجلي والكشف والكرامات، فكل ما يتجلى لهم وينكشف يسمّونه «فتوحات العارفين والواصلين» إلى مقام الولاية المحمدية، الواسطة في حقيقة الطاعة والقرب من الحق، فيكون الولي عندهم هو من توالت طاعته وتحقق قربه واتصل مدده، لذا ورد في كتب محققيهم أن «معنى الولي يُحتمل أمران:

الأول أن يكون فعيل مبالغة من الفاعل، ويكون معناه: مَن توالت طاعته من غير تخلل معصية. والثاني: يجوز أن يكون بمعنى مفعول، وهو الذي يتولى الحق حفظه على الإدامة والتوالي.. يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة قال تعالى ﴿وهو يتولى الصالحين﴾([1]).. ومن جملة كرامات الولي أن يعلم أنه مأمون العاقبة»([2]).

وكلا الوصفين واجب حتى يكون الولي ولياً، ومحفوظاً مثلما أن النبي معصوم. وعند بعضهم «لا يكون الولي ولياً حتى يثبت لأشد الأهوال وأعظمها خطراً.. لأن الولي يجلسه الله على كرسي التوحيد ويرفع عنه الحجب، ويدخله دار الفردانية، ويكشف له عن الجلال والعظمة، فإذا وقع بصره عليهما يبقى بلا هو ويفنى في الله»([3]).

وبهذا التقرير، اتسعت دائرة الولاية عند المتصوفة لتشمل دائرة النبوة، وظهرت النسبة بينهما، كما ذكرنا أنها المحيطة العامة، ونظير هذا المعنى تكرر بتعبير آخر وهو «أن فلك الولاية هو الفلك المحيط الأعم الأتم الأكمل العقلي، وفلك النبوة هو الفلك الأتم النفسي، وفلك الرسالة هو الفلك القريب المثلث الهيولى»([4]).

وبناءً على محيطية الولاية تميز الأولياء بأربعة مقامات:

الأول: مقام خلافة النبوة. الثاني: مقام خلافة الرسالة. الثالث: مقام خلافة أولي العزم. الرابع: مقام خلافة أولي الاصطفاء. فالمقام الأول للعلماء، والثاني للأبدال، والثالث للأوتاد، والرابع للأقطاب. والوالي الذي يصلح أن يكون مربياً هو الوالي السالك؛ لأنه تام التصرّف والتدبير على نفسه، وولاية التصرّف في غيره، وهو الولي بالفعل، فمن «له الولاية على نفسه يجوز له الولاية على غيره، وإذ جاز ذلك في عرف الشرع، جاز في عرف الحقيقة، فإن الحقيقة على وزن الشريعة. وأما مظاهر الأولياء ومراتبهم في جميع الأسماء الإلهية [منها]: عبدالله، هو العبد الذي تجلى له الحق بجميع أسمائه، فلا يكون في عباده أرفع مقاماً وأعلى شأناً منه لتحققه باسمه الأعظم واتصافه بجميع صفاته، ولذا خصّ (ص) بهذا الاسم في قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ ﴾([5]). فلم يكن هذا الاسم إلا له وللأقطاب من ورثته وتبعيته، وإن أطلق على غيره مجازاً لاتصاف كل اسم من أسمائه جميعها بحكم الواحدية»([6]).

وهكذا تتضح أهمية مكانة الإنسان- الولي في أدب التصوف، وأشرفية مقامه بالولاية، وتمحّضه في الأسماء الإلهية، حتى نال لقب عبدالله المختص بخاتم النبوة، بحيث يكون اللاهوت والناسوت وجهين لحقيقة واحدة([7])، وليسا طبيعتين منفصلتين([8])، بمعنى أن هناك حقيقة واحدة، لكن لها باطن وظاهر، الأول اللاهوت، والثاني الناسوت، ويُطلق عليهما أحياناً: الربوبية والعبودية. فاتخذ الإنسان الولي في عباراتهم أوصافاً عاليةً مثل: هو صورة الهية، وشريف المنزلة، والمرتبة، والعالم الأصغر الذي هو روح العالم الأكبر وعلته وسببه وأكمل الموجودات، وأنه خلق وحق؛ لأن كل ما سوى الإنسان خلق فقط، والمختصر الشريف الجامع لجميع معاني العالم الكبير، والنسخة الجامعة لجميع الأشياء الموجودة في العالم الكبير، ولجميع الأسماء الكائنة في الحضرة الإلهية، والكون الجامع، وكل ما في عالم الأكوان مسخّر له، وملخّص فيه، وأكمل مجالي الحق، والحضرة الإلهية الأسمائية والصفاتية. ولهذا أصبح خليفة الله في الأرض وأبناؤه خلفاءه، بل ويفوق الملائكة؛ لأنهم مظهر صفات مجال الحق، في حين أن الإنسان الولي مظهر صفات الجمال والجلال معاً([9]). وإذا كان هذا مقام الولي، فيصح القول بأن الإنسان الكامل أو الأكمل ليس أمراً ممكناً فحسب، بل واجب أيضاً نظراً لتحققه بالاسم الأعظم الجامع لجميع الأسماء والصفات الإلهية. فللأسم الأعظم مظهر متحقق يمثله الإنسان الكامل المتعيّن في الحقيقة المحمدية، والنور المحمدي ونور أوليائه وأوصيائه مصاديق له؛ لأنهم أول حقيقة ظاهرة، وأكمل أفراد النوع الإنساني، بل الحقيقة المحمدية أزلية بناء على حديث: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». والمراد بالحقيقة المحمدية عند اهل العرفان، الموجود الماوراء طبيعي «والمفعولي الإبداعي» المساوي للعقل الأول في اصطلاح الحكماء، والحقيقة الكلية، ليس بمعنى كلية منطقية أو مفهومية أو ذهنية، بل كلية إحاطية انبساطية، وحقيقة عينية ذات مراتب مضاعفة، أي مرتبة النبوة ثم الرسالة ثم الولاية الكلية. وهكذا يكون جميع الأنبياء والرسل من آدم إلى عيسى (ع) مظاهر هذه الحقيقة([10]).

وهذه العناية بأدب الولاية في المنظور الصوفي السني، تتطابق مع الولاية في عالم العرفان الشيعي؛ بحيث وصل بها المتصوفة إلى أعلى مقاماتها، لإحاطتها بالوجود وعدم انقطاعها بعد النبوات والرسالات، لذلك سمّى الله نفسه باسم الولي فقال ﴿الله ولي الذين آمنوا﴾([11]). بحيث يجري اسمه في العباد في الدنيا والآخرة، ويظهر في أولياء الله الذين لا يمكن خلو العالم منهم ما دام الله الولي([12]) باقياً.

وبهذا المعنى المطلق لمقام الولي، ينسجم الكلام عنده المتصوفة في ترجيح الولاية على النبوة، بما امتازت به من الفناء في الحق. ويؤيد هذه القيومية للولاية تعريف بعض أعلامهم لها بأنها «قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه، وذلك بتولي الحق إياه حتى يبلغه غاية مقام القرب والتمكين. والولي هو العارف بالله وصفاته بحسب ما يمكن. [أو] من تولى الحق أمره، وحفظه عن العصيان، ولم يخله ونفسه بالخذلان، حتى يبلغه في الكمال مبلغ الرجال»([13]).

وأفضلية الولاية، هي من جهة استمرارها في إيصال الخلق إلى القرب التام من الحضرة الإلهية في الدنيا والآخرة، لكن ومع ذلك تبقى النبوة فوق الولاية من جهة استمرار الرسالة؛ لأن مقامها لا يمكن أن يعلو عليه أحد من الناس، سوى من اصطفاهم الله لها؛ ولأن الرسالة باقية مع الولي وحاكمة عليه، وطاعة الرسل واجبة على الأولياء؛ لأنهم تحت لواء الأنبياء، بل وكراماتهم ملحقة بمعجزات الأنبياء ومؤكدة لها ومصدقة للنبي. وصِدق الولي في ولايته، وإيمانه بالإسلام حقيقة وشريعة، يدلان على أن ما يحدث على يديه هو كرامة للنبي ظهرت كرامته على واحد من أمته، تكون داخلة في جملة معجزات النبي([14])، ويؤيده قوله بالعصمة للأنبياء والحفظ للأولياء، وهو واضح في كون العصمة فضيلة ترجيح على الولي؛ لأنها واجبة في الأنبياء وليست كذلك في الأولياء، وإنما يكفيه الحفظ «حتى لا يصرّ على الذنوب إن حصلت آفات وزلات، فلا يمتنع ذلك في وصفهم»([15]). لكن المفارقة أن الولي رغم أنه محفوظ وليس معصوماً، إلا أن له الولاية التكوينية وقدرة التصرف في الكون لدى القشيري([16])(376 هـ – 465 هـ) وأتباعه، مع أنه يُعد في معتدلي المتصوفة([17]) ولم تمنع وسطيته في التنظير لفضيلة التصرف في الموجودات لدى الولي، بل والتنظير للأوتاد الذين يحفظون نظام العالم، وغير ذلك من مصطلحات القطب والغوث والابدال، المتمثلين لكبار الأولياء في كل زمان، وهذا ما يفهم من نصه بأن «الأرض تنقص بموت العلماء، وعند الصوفية بموت الأولياء… (فـ) إذا أصاب الناس بلاء ومحنة فزعوا إليهم»([18])، فإن قوله تعالى ﴿أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها﴾([19]). فيها إشارة إلى أن النقصان في الأطراف هو موت أولياء الله. أما الأوتاد فهم: «الرجال الأربعة الذي هم على منازل الجهات الأربع من العالم، أي: الشرق والغرب والشمال والجنوب بهم يحفظ الله تلك الجهات، لكونهم محال نظره تعالى. أما القطب فهو الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان»([20]).

 

ثانياً : الولاية والإنسان والكامل

وقد أعطى هذا التأويل للآيات، ولمقامات الأولياء وأحوالهم، تسويغاً معرفياً وافياً للقول بنظرية الإنسان الكامل، الذي يدور مدار الحقيقة المحمدية، السائدة في مؤلفات التصوف باعتباره حائزاً على أعلى مقامات التمكين، ومشمولاً بالعناية الإلهية، فتكون نفسه نفساً كاملة، وتصح له الوراثة، وهو مقام ليس بعده غاية، حيث يصل الولي إلى حال يتجلى الله بذاته على العبد، بحكم فيضه الدائم، وهذه التجليات الإلهية لا يملك فيها العبد شيئاً إلا قبوله لها من حيث كونه (ذات صرف) لها استعداد للانطباع من جهة ما تعاينه من تجليات الحق على أوليائه بأفعاله، فيشهد الولي قدرة الله في الأشياء، ثم تجليه في أسمائه، فإذا تجلى على عبده باسمه «اصطلم([21]) العبد تحت أنوار ذلك الاسم، فإذا ناديت بهذا الاسم أجابك العبد، لوقوع ذلك الاسم عليه»([22]).

والتجلي بالأسم الأعلى على الولي، هو تجلي الله باسمه (الله)، حينئذ يصطلم الولي لهذا التجلي ويندك جبله، ويمحو اسم العبد، ويبقى اسم الله، وهو مقام البقاء في الباقي حيث يفنى العبد عن وجوده، ثم يبقى في الباقي، أي في الاسم الإلهي، فيرتفع الولي من مقام الإجمال كتجلي الحق في اسمه (الله)، إلى مقام التفصيل كتجليه تعالى في اسمه (العليم)، ويستمر الولي في الارتقاء إلى أن ينتهي إلى اسمه (القيوم)، عندها ينتقل الولي به من تجليات الأسماء إلى تجليات الصفات، فإذا تجلى عليه بصفة «سبّح العبد في تلك الصفة وكان موصوفاً بها»([23]) وهذا معنى قولهم إن الله قد تجلى لنفسه، أي حين ينتفي هنا وجود العبد تماماً، فيكون الولي في مرتبة حضرة الإنسان الكامل، أو مرتبة تجلي الذات الإلهية، والانفتاق عن المنظر الأعلى، فيحل الولي في مقام اللطيفة الذاتية بدل اللطيفة الصفاتية، فيكون (عبد ذاتي) مقابل (العبد الصفاتي). فالإنسان الكامل هو هذا العبد الذاتي. أو هو (الفرد المصطفى) في اصطلاح آخرين؛ لأن الاصطفاء هو المبدأ الذي تبدأ مسيرة الولاية نحو مرتبة الإنسان الكامل حيث يبدأ الحق بمخاطبته «يا عبد، أخلصتك لنفسي يا عبد، إن نوري طلع عليك فجئت به إلي. إن ربّك الذي سوّاك لنفسه واصطفاك لمحادثته، وأشهدك مقام كل شيء منه، لتعلم أن لا مقام لك في شيء من دونه، إنما مقامك رؤيته، وإنما إفرادك حضرته»([24]).

وبهذا الخطاب بين الحق والولي، يبلغ المعنى الصوفي تمام اكتماله، فالاصطفاء للمحادثة والمخاطبة شرط في السير إلى الكمال، ولا يمكن بلوغه إلا إذا كان الولي في حضرته حصراً. وهذا هو معنى مقولة «الفرد المصطفى» التي تأسست في نصوص هذا التصوف، ولعلها كانت توطئة لمقولة (الإنسان الكامل) التي شهدت مداها عند صاحب الفتوحات المكية ومدرسته، حيث نطالع في بعض متونه قوله: «فأوجد في هذا المختصر الشريف، الذي هو الإنسان الكامل، جميع الاسماء الإلهية، وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحاً للعالم، فسخّر له العلو والسفل لكمال الصورة، فكما أنه ليس بشيء من العالم إلا وهو يُسبّح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلاّ وهو مسخّر لهذا الإنسان، لما تعطيه حقيقة صورته»([25]). والنص ظاهر في البناء على ما سبقه من مصطلح (الفرد المصطفى)، وهذا يؤكد دعوى أن ظاهر الولاية والولي في المنظور الصوفي هي امتداد مباشر لنظرية الولاية والمهدوية عند الشيعة الاثني عشرية([26]).

لهذا المعنى، يقرر بعض المحققين أن إمكانية خلافة الله لا تتحقق إلا في الإنسان الكامل، الحقيقي المتجلي فيه الاسم الأعظم، معلّلاً بأن الغاية القصوى في إيجاد هذا العالم الكوني ومكوناته الحسّية هي خلقة الإنسان، وغاية خلقة الإنسان مرتبة العقل المستفاد، أي مشاهدة المعقولات والاتصال بالملأ الأعلى، بعدما «يترقى إلى عالم الإنسانية فيدرك الأشياء التي لا تدخل في حس ولا تخيل ولا هم. ويطلب الآخرة والبقاء الأبدي، ومن ها هنا يقع عليه اسم الإنسانية بالحقيقة، وهي الروح المنسوبة إلى الله. وفي هذا الباب يفتح له باب الملكوت فيشاهد الأرواح المجردة.. وأعني بها الحقائق المحضة المجرّدة عن كسوة التلبيس وغشاوة الأشكال.. ثم يترقى إلى درجة العشاق، العاكفين حول جنابه، المقتصرين على ملاحظة جمال الحضرة الإلهية، يسبّحون الوجه ويقدسونه لا يفترون، وهذا غاية الكمال الإنساني وهو مقام يشترك فيه الأنبياء والأولياء»([27]). حيث يحظى الإنسان بمقام الخلافة، ويصبح محلاً لشوق الكائنات إلى كماله الذي وصل إليه، بتكامل القوتين النظرية والعملية لديه، فهما يمثلان كمال الاستعدادات الإنسانية([28]).

من هنا يمكن القول : إن الإنسان الكامل هو حقيقة واحدة لها مراتب متعددة كائنة في الإنسان، وهي: النفس، والقلب، والعقل، والروح، والسرّ، والخفي، والأخفى([29]).

وبالعودة إلى أدب الولاية في العرفان الشيعي، نلاحظ أن موضوعها ومباحثها مؤسسة سلفاً في مباحث أعلام التشيّع، ومبسوطة بنحو واف؛ حيث يمكن القول إن هذه النظرية تشكل مذهباً عرفانياً له أصالة تميّزه. فنطالع مثلاً أن الولاية هي: «حقيقة كلية وصفة الهية، وشأن من الشؤون الذاتية التي تقتضي الظهور، ويظهر حكمها من جميع الأشياء، من الواجب والممكن، فهي رفيق الوجود يدور معه حيثما دار»([30]).

وموضوع هذه الولاية الخاصة، تمثلت في أصدق مثال لها وهو الإنسان الكامل، فهو عندهم «مجلى تام للحق، يظهر الحق به من حيث ذاته، وجميع أسمائه وصفاته وأحكامه واعتباراته على نحو ما يعلم نفسه بنفسه في نفسه، وما ينطوي عليه من أسمائه وصفاته، وساير الأحكام والاعتبارات وحقائق معلوماته التي في أعيان مكوّناته دون تغيير يوجبه نقص القبول، وخلل في مرآتيته يفضي بعدم ظهور ما ينطبع فيه، على خلاف ما هو عليه في نفسه.. فإن آخر مراتب كمال المطاوعة هو مقام الإنسان الكامل»([31]).

كما يمكن فهم معنى الولاية والإنسان الكامل عند أحد أهم المؤلفين في العرفان الشيعي، أعني السيد حيدر الآملي([32]) (720 هـ- بعد سنة 782ه) من محاولة المقارنة والتوليف الذي نظر له بين التصوف والتشيع، والاستفادة ما أمكن من تأملات المذهبين في مسائل النبوة والولاية([33]).

وهذه الحقيقة المشتركة بينهما لا يتم الوصول إليها، بنظر الآملي، إلا بإلهام ربوبي ولطف إلهي بعد «مشاهدة حقيقة الطائفتين وتوجه كل واحدة منهما إلى النقطة الحقيقية التوحيدية» كتوجه الخطوط من الدائرة المحيطة إلى النقاط المركزية»([34])

ويمكن الاستنتاج مما تقدم، بأنّ هذه المقامات للولاية التي قررت في متون التصوف والعرفان، تعود في منشئها إلى معنى القرب أو القربة التي هي غاية سر الولي، وشاعت في شروح المدرستين، بل نجدها حتى في بعض دراسات المستشرقين، حيث استفادوا أنّ الولاية في حقيقتها تعني القرب وإن لم يكن هؤلاء الأولياء المقرّبين على مظهر وشخصية واحدة، وإنما يظهر كل ولي بشخصية وعلم وعمل وحال مختلفة عن غيره من الأولياء، ويعود سبب اختلافهم إلى اختلاف شخصية الأنبياء بناء على أنّ الولي هو وارث لنبي معين في نمط علمه وحاله. كما استنتجوا أنّ الولي هو إنسان أولاً وآخراً، في مشاعره، وفي هذه الحال يكون في أعلى درجات القرب من الله ومن الناس في الوقت ذاته، اقتداءً بسيرة الأنبياء بين أقوامهم([35]).

 

ثالثاً: الولاية المحمدية ( الانسان الكامل ) وأقسامها

ولهذا قرّر أهل العرفان بشكل عام، في هذا المقام الشهودي، أن للنبوة والولاية اعتبارين: «اعتبار الإطلاق واعتبار التقييد، والنبوة المطلقة هي الحقيقة الحاصلة في الأزل الباقية في الأبد، ولسانها (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين)… وهي اطلاع النبي المخصوص بها على استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهيتها وصاحب هذا المقام هو الموسوم بالخليفة الأعظم وقطب الأقطاب والإنسان الكبير والآدم الحقيقي… وباطن هذه النبوة هي الولاية المطلقة، وهي عبارة عن حصول مجموع هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل وبقائها إلى الأبد، ويرجع إلى فناء العبد في الحق وبقائه به.

والنبوة المقيّدة هي الإخبار عن الحقائق الإلهية، أي معرفة ذات الحق وصفاته وأحكامه.. وقس عليها الولاية المقيّدة.. وهذه المرتبة من حيث جامعية الاسم الأعظم لخاتم الأنبياء ومن حيث ظهورها في الشهادة بتمامها لخاتم الأولياء، فصاحبها واسطة بين الحق وجميع الأنبياء والأولياء… ثم المراد بخاتم الأولياء ليس من لا يكون بعده ولي في الزمان، بل المراد به من يكون أعلى مراتب الولاية وأقصى درجات القرب مقاماً له، بحيث لا يكون من هو أقرب منه إلى الله، ولا يكون فوق مرتبته في الولاية مرتبة»([36]).

والمشار إليه في هذا النص الأخير هي الولاية الخاصة، التي تتعلق بأهل الله الفانين في ذاته، والباقين ببقائه، والمتلبس بهذه الولاية هو صاحب قرب الفرائض، ولها جهتان: جهة مقام يختص بمحمد وآله، وجهة حال يختص بالأنبياء السابقين وأوصيائهم. والبحث عند الشيعة الاثني عشرية يدور حول ولاية المقام، حيث الولاية الخاصة الظاهرة في الولاية المحمدية، قد تظهر مقيّدة باسم من الأسماء وحد من حدودها، وقد تظهر مطلقة عن الحدود ومجرّد في القيود، فتبدو جامعة لظهورات جمع الأسماء والصفات، حائزة على جهات تجليات الذات المقدسة.

والحاصل أن الولاية المحمدية قسمان: مطلقة وكلية باعتبار كلية روحه المسمى بالعقل الأول، ومقيّدة وجزئية باعتبار روحه الجزئي المدبّر لبدنه صلى الله عليه وآله وسلم، وكلّ من القسمين له مراتب: للمقيدة بالعدة، وللمطلقة بالشدة، ولعل عالماً من علماء أمة محمد يكون خاتماً لولايته المقيّدة، ويكون وصيّ من أوصيائه خاتماً لولايته المطلقة. وقد يسمّون الولاية العامة بالمطلقة، ويطلقون على الولاية الخاصة الولاية المقيّدة المحمدية.

وفي فتوحاته، اعتبر ابن عربي أن كل نعت إلهي يكون عام التعلّق بالضرورة، ما عدا بعض النعوت مثل «نعت الولاية لا ينسبه الله لنفسه إلا بتعلق خاص للمؤمنين خاصة والصالحين من عباده وهو ذو النصر العام في كل منصور. ولما كان نعتاً إلهياً هذا النصر المعبّر عنه بالولاية وتسمى سبحانه به وهو اسمه الولي، وأكثر ما يأتي مقيّداً ﴿والله ولي المؤمنين﴾([37]).. هذا لسان الخصوص [أما] لسان العموم، فالولاية من الله عامة في مخلوقاته من حيث هم عبيده، وبهذه الولاية تولاّهم في الإيجاد..»([38]). كما تولاهم بإنزال الشرائع المبينة لمصالح عالمي الشهادة والغيب، وهذا معنى أن ولاية الله عامة التعلق. وهي ولاية الحق أو ولاية الولاية الكونية على الخلق، والولاية البشرية، وقسم من هؤلاء لهم ولاية النصرة التي هي «قبول بعض أحكام الأسماء الإلهية.. بمجرّد أفعالهم وما يظهر في أكوانهم، لكونهم قابلين لآثار الأسماء فيهم فينزلون بهذه الولاية منازل الحقائق الإلهية، فيكون الحكم لهم مثل ما هو الحكم للأسماء بما هم عليه من الاستعداد، وهذه الولاية في أصحاب الأحوال أظهر في العامة من ظهورها في أصحاب المقامات، وهي في أصحاب المقامات في الخصوص أظهر من ظهورها في أصحاب الأحوال، ولكن مدركها عسير.. فالحق لأصحاب المقامات من الأولياء مطيع ولكلامهم سميع لهم جميع المقامات والأحوال»([39]).

وعلى هذا الفهم، بنى بعض أهل المعرفة فذلكة هذا التقسيم بأن «الولاية تنقسم إلى المطلقة والمقيدة، لأنها من حيث هي صفة إلهية مطلقة، ومن حيث استنادها إلى الأنبياء والأولياء مقيّدة، والمقيّد متقوم بالمطلق، والمطلق ظاهر في المقيّد. فولاية الأنبياء والأولياء كلهم جزئيات الولاية المطلقة، كما أن نبوة الأنبياء جزئيات النبوة المطلقة. وتنقسم [الولاية] بالعامة والخاصة:  والأولى: هي التي تعم جميع المؤمنين بأصنافهم…

والثانية: وهي الخاصة تختص بالسالكين عند فنائهم في الحق وبقائهم به علماً وشهوداً وحالاً لا علماً فقط، فالخاصة عبارة عن فناء العبد في الحق ذاتاً وصفة وفعلاً المعبّر عنه بالمحق والطمس والمحو، إشارة إلى توحيد الذات والصفات والأفعال ـ بل أثراً أيضاً… »([40]).

وهكذا يظهر من تحقيقات الشيعة الاثني عشرية، أن الولاية هي المحور الذي تدور حوله معاني الميثاق والعهد والطاعة والبراءة، والموالاة التي لا يتم إيمان العبد إلا بامتثالها والمعرفة بأنهم أفضل الخلق حدوثاً وبقاء كما اقتضته الإرادة الإلهية وحكمة الوجود، فهم «شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم… »([41])؛ وعلة ذلك «لأنهم الآخذون بالعهد والمأخوذ بهم في كل عالم، وكل نبي وغيرهم شروط لهم ومقدمات ظهورهم… لأن الله نشر أفعاله التي أودعها فيهم منهم وبهم، وهو جميع تفاصيل الوجود ففيهم صفاته ظهوراً ودلالة، وهو الأصل والعود لهم، وكلّ في مقامه من غير اتحاد ولا حلول.. بل كصورة المرآة …فليست حقيقتها ولا جزءها، ولكن بتجليها لظهورها لها، بها ظهرت وتميّزت..»([42]).

لذلك ورد في بعض التعريفات أن «الولاية استعملت في القرب على اختلاف مفهوماته النّسبي منه والحقيقي، وفي لسان التحقيق هو بمعنى كون الولاية عبارة عن التحقق بحقيقة النقطة الاعتدالية المنسوبة إلى كليات الأسماء والحقائق الإلهية… حيث كان لكل اسم وحقيقة من الحقائق والأسماء الكلية نقطة اعتدال جامعة لجميع ما هو تحت حيطة ذلك الاسم الكلي الجامع… فتلك النقطة الاعتدالية هي نقطة الولاية لقربها من أحدية العين المطلق.. والتي هي عين الولاية، حينئذ يكون ذلك الإنسان المتحقق بتلك النقطة [الاعتدالية الوحدانية] ولياً مقرّباً.. وبقدر قربه من تلك النقطة يكون حظّه من الوراثة المحمدية»([43]).

وعلى هذا، فالولاية هي قطب رحى التكوين والتشريع، وحبل الله الممدود إلى جميع خلقه، والعروة الوثقى العاصمة من سوء العاقبة، وهي من حقيقة التشريع وعلته المبقية؛ لأن بها تظهر حقيقة الدين، وعندها يختم مقام الاصطفاء والخُلّة وكل المقامات.

وبهذا التنظير، يظهر سبب كون النبي محمد (ص) بأنه أفضل الخلق؛ لأنه جامع للحقيقتين النبوة والولاية. ومعنى كونه أفضل الأنبياء من جهة ولايته التي هي دائرة الباطن الأوسع من النبوة، فتشمل أفضليته جميع الأولياء؛ لأنه من حيث ولايته مطّلع على الحقائق والمعارف فينبئ عنها، وهذا المقام للولاية، كنبوته، اختصاص إلهي، فاستحق قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «ما خلق الله خلقاً أفضل مني» بفضل الولاية، فهو يشير إلى «مقام تعيّنه الخلقي، فإنه في الخلقية أول التعيّنات وأقربها إلى الاسم الأعظم، إمام أئمة الأسماء والصفات، وإلا فهو مقام ولايته الكلية العظمى وبرزخيته الكبرى والهيولوية الأولى، المعبّر عنها بـ(دنا فتدلى) و(الوجود الانبساطي الإطلاقي) و(الوجه الدائم الباقي) المستهلك في كل الموجودات والتعيّنات والمضمحل لديه جميع الرسوم لا نسبة بينه وبين شيء لإحاطته القيّومية بكل ضوء وفيء.»([44]).

وبحسب التحقيق الشيعي الامامي للولاية المحمدية، فرّع أهل المعرفة عندهم مقامات أربعة لأوصيائه:

أ ـ مقام البيان: هو المثال الملقى في هويات الخلائق المظهر للتوحيد، بمعنى يجعل الله من خلقه مثالاً يدل عليه، وهم محمد وآله باعتبار كونهم أفضل خلق وأقربهم إلى الحق، وبهم يعرف الخلائق الحق لأنهم الأعراف الذين لا يعرف الله إلا عن طريق معرفتهم، وجعلهم الله معادن لكلماته وأركاناً لتوحيده، لأن المقام الذي فرق بينه وبين الله إلا أنه عبده، هو ظهوره للعبد بالعبد وهم (ع) تلك المظاهر، والمثال الأكبر الذي ظهر به الحق لخلقه كي يعرفوه ويعبدوه، فمن عرف هذا المثال فقد عرف الله ووصل إلى اليقين. فمقام البيان لأهل البيت يعني ظهور الله للخلائق جميعها بهم (ع)، لأنهم كلمته التامة، وأسماؤه الحسنى، والمثال الأعلى الذي ليس كمثله شيء.

ب ـ مقام المعاني: بمعنى أنهم معاني فيوضات الحق في الأمور الشرعية والوجودية ويقومون مقام علمه وكرمه، وقدرته، ورحمته، وعينه، كما ورد في الدعاء «السلام عليك يا عين الله الناظرة ويده الباسطة وأذنه الواعية، وحكمته البالغة، ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة… واسم الله الرضى ووجهه المضيء وجنبه العلي»([45]). وهذا المقام هو باطن الباطن، وسر السر، وسر على سر، وحق الحق باعتبار، أي أنهم معاني علمه تعالى، وحكمه وأمره، فقولهم (ع) نحن معانيه([46])؛ لأن هذه المعاني بالنسبة إلى الذات ليست شيئاً إلا بالذات، فهي بالنسبة إلى الذات أسماء معان، وبالنسبة إلى آثارها أسماء أعيان، وذوات قائمة على آثارها وأعراضها بما قبلت من إمداداتها، فمقام المعاني يشبه عالم المصادر بالنسبة لمشتقاتها، أي إن مقام المعاني هو أصل لجميع ظهورات الحق، ومعاني ظهوراته تعالى هم أولياؤه من أهل البيت.

ج ـ مقام الأبواب: هو مقام ترجمة الفيوضات الربانية والسبحات الإلهية لجميع الخلق؛ فيكون أهل البيت (ع) باباً لكل ما تحتاج إليه المخلوقات([47]). وهذا المقام هو باطن الظاهر، وسفارة الله وترجمة وحيه. فهم مدد الله للسائلين على أبوابه، فهم (ع) الأبواب، والسائلون هم جميع درجات الوجود من السلسلة الطولية، الطالبون للفيض والمدد من الله عبر بابه، وهو محمد وآله لذا قال تعالى، ﴿وأتوا البيوت من أبوابها﴾([48]).

د ـ مقام الإمامة: هو مقام الحجة البالغة وآية الله الكبرى الدالة على الحق، ومقام خليفة الله في عالمي الشهادة والآخرة، فأمرهم ونهيهم هما أمر الله ونهيه نظراً لعصمتهم في العلم والعمل. فالإمام في هذا المقام يكون موضع الرسالة، بمعنى أنه مستودع لجميع ما أوحاه الله إلى رسوله بل هم (ع) في المقامات الثلاثة موضع الرسالة ما عدا الأول فلا يصلح للوضعية إذ لا يوجد قبله إرسال، فنور ولايتهم منتشر في هذه المقامات.

 

رابعاً: الولاية المحمدية وتجلي الاسم الجامع

بحسب التجليات الاسمائية، وفق الادبيات العرفانية، كما مرّ في الفصل الاول من الباب الاول، فان الانسان الكامل هو التجلي الإلهي بإسمه الجامع. من هنا كان الإرتباط بين الحديث عن الولاية المحمدية بوصفها ولاية الانسان الكامل وبين تجلي الاسم الجامع.

بهذا المعنى، نرى أن بحث الحقيقة المحمدية الكاملة سوف نجده في تقرير آخر تحت صورة الاسم الجامع الإلهي؛ حيث «كل اسم من أسماء الإلهية صورة باطنة في العالم تسمّى الصورة العينية، ولكل اسم من الأسماء ربّ هي مربوبة له، والحقيقة المحمدية هي صورة الاسم الجامع الإلهي الذي منه استعداد جميع الأشياء، تلك الحقيقة هي التي تربّي صورها العالم بالربّ الظاهر فيها، وهو رب الأرباب، لأنها هي الظاهر في تلك المظاهر، فبصورتها الظاهرة التي هي مظهر الاسم الأعظم المتناسبة لصور العالم تربّي باطن العالم؛ لأنه صاحب الاسم الأعظم وله الربوبية المطلقة،… »([49]) فالولاية تسري في العالم كسريان الحق تعالى في العالم، وهذا معنى أو الولاية هي الكلمة الجارية السارية في نقاط الوجود، حيث كل موجود تكون الولاية مولاه ومعناه، «لأن المولى هو الاسم الأعظم المتقبّل لأفعال الربوبية والمظهر القائم بالأسرار الإلهية والنقطة التي أدير عليها بركار النبوة في حقيقة كل موجود، فهي باطن الدائرة، والنقطة السارية السايرة التي بها ارتباط سائر العوالم…فهو قطب الولاية، ونقطة الهداية وخطة البداية والنهاية»([50]).

فظهر بهذا المعنى للولاية، أن الولي هو المحيط بكل شيء ﴿والله من رائهم محيط﴾([51]) ﴿وكل شيء أحصيناه في إمام مبين﴾([52]) والمعنى في الآيتين أن جميع ما جرى به قلمه تعالى وخطّه في اللوح المحفوظ يحيط به الولي، ومحفوظ ومحصى في الولي الإمام؛ لأنه متقدم على العالم، والمتصرف فيه بالنسبة إلى الخلق. والسبب في تقدمه هو أن الولاية علة غائية في كمال الأصول والفروع، والمعقول والمشروع، فللولاية التقدم بالفرض، والتأخر بالحكم «لأن الولي المطلق هو الإنسان الذي يلبسه الله خلعة الجمال والكمال، ويجعل قلبه مكان مشيئته [وعلمه] ويُلبسه قباء التصرّف والحكم، فهو الأمر الإلهي فهو الأمر الإلهي في العالم البشري، وإليه الإشارة بقولهم (ع): (مقاماتك وآياتك وعلاماتك، لا فرق بينها وبينك إلاّ أنهم عبادك)([53]).. فوجب له بهذه الولاية العامة التقدم والعلم والتصرّف والحكم والعصمة. أما التقدم فلأن الولي حجة والحجة يجب أن يكون قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق. أما العلم فلأن الولي هو المحيط بالعالم.. دليله ما رواه عنه (ع) (إن العالم منّا يعلم حتى تقلّب جناح الطير في الهواء)([54]). وهذا يشهد للولي أنه عالم بكل العالم.. ووال على سائر العالم»([55]).

وسر هذه الولاية، عند بعض العرفاء، انتشر في الأئمة الاثني عشر؛ حيث ذكر «إن الله أمر أن يولّى على عالم الخلق اثنا عشر والياً، يكون مقرهم الفلك الأقصى في البروج، فقسّم الفلك الأقصى اثني عشر قسماً، جعل كل قسم منها برجاً لسكنى هؤلاء الولاة.. ورفع الحجاب الذي بينهم وبين اللوح المحفوظ، فرأوا فيه مسطوراً أسماؤهم ومراتبهم، وما يشاء الحق أن يُجريه على أيديهم في عالم الخلق إلى يوم القيامة. فارتقم كل ذلك في نفوسهم.. وجعل الله حجاباً لهؤلاء الولاة (وهم) هؤلاء الملائكة في الفلك الأقصى.. فيدور كلهم في خدمة هؤلاء الولاة الاثني عشر»([56]) لكمال إنسانيتهم؛ ولأنهم وجه الله، فمن يريد التوجه إلى الله ينبغي أن يتجه إلى وجهه المتمثل في الإنسان الكامل حتى يتحقق معنى التوحيد بالفعل، وإلا يبقى توجّه العبد مجرد خيال ووهم، لذلك ورد في دعائهم: «أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء»([57]).

وعلى اي حال، فقد نظّر بعضهم مثلاً لمسألة الولاية الأسمائية، وظهورها في خاتم الأنبياء انطلاقاً من قصة آدم وسبب تقدمه على الملائكة بالقول: «إن الله قد بيّن ذلك بقوله: ﴿وعلّم آدم الأسماء كلّها﴾([58]) يعني الأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاد حقائق الأكوان، ومن جملتها الأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاد الملائكة، والملائكة لا تعرفها، ثم أقام المسمّين بهذه الأسماء وهي التجليات الإلهية التي هي للأسماء كالمواد الصورية للأرواح، فقال للملائكة ﴿أنبئوني بأسماء هؤلاء﴾([59]) يعني الصور التي تجلى فيها الحق، فقالت ﴿لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا﴾([60]).. فقال لآدم ﴿أنبئهم بأسمائهم الذين عرضناهم عليهم﴾، فأنبأ آدم الملائكة بأسماء تلك التجليات.. فأؤلئك هم عالم آدم كلهم.. ثم قال لهم ﴿اسجدوا لآدم﴾([61]) سجود المتعلمين للمعلم.. فلآدم هنا لام العلة والسبب، أي من أجل آدم سجود شكر.. فنال التقدمة عليهم.. فما ظهرت هذه الحقيقة في أحد من البشر إلا في محمد(ص).

فقال عن نفسه: إنه أوتي جوامع الكلم، وهو قوله في حق آدم ﴿الأسماء كلها﴾. و«كلها» بمنزلة الجوامع، و«الكلم» بمنزلة الأسماء، ونال التقدمة بها وبالصورة التي خلقه الله عليها»([62]).

وبهذا المعنى تولّى الله آدم بثلاث مواهب: الأولى توليّته بأن صنعه بيديه، والثانية: تعليمه الأسماء ومسمّياتها التي لم تعلم بها الملائكة، والثالثة: بأن جعله خليفة.. والمقصود النيابة عن الحق في أرضه، وهذا المقام الولايتي لا يكون إلا لمن وُهب مرتبة التقدم وإنفاذ الأمر([63])، فيكون حينئذ، ولياً نبياً بعد أن يعرف الله ويعلم الأسماء، فكانت سيرة الأولياء في ذرية آدم على هذا النهج من العلم الشهودي المأخوذ من الأسماء والصفات الإلهية، لذلك ذكروا في توصيف الأولياء بأنهم «الذين تولاهم الله بنصرته في مقام مجاهدتهم الأعداء الأربعة: الهوى، والنفس، والدنيا، والشيطان.. إن أنبياء الأولياء مقامهم من الحضرات الإلهية الفردانية، والاسم الإلهي الذي تعبّدهم الفرد، وهم المسمّون الأفراد، فهذا هو مقام نبوة الولاية لا نبوة الشرائع»([64]).

ثم إن كمال هذا المقام هو السبب في خاتم النبوة، وغايته استمرار الولاية في ختم يشبهه. أما السبب؛ فلأن الدنيا لها ابتداء وانتهاء، فاقتضى ذلك أن الأشياء المتصفة بها لها بدء وختم، منها ختم الله لتنزيل الشرائع بشرع محمد، فهو خاتمهم، ومنها الولاية العامة، بدأت في آدم وختمت بعيسى، فأشبه الختم حينئذ البدء لقوله تعالى ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾([65]). لكن «لما كانت أحكام محمد عند الله تخالف أحكام سائر الأنبياء والرسل في البعث العام.. وأوتي جوامع العلم.. ومفاتيح خزائن الأرض، وختمت به النبوة عاد حكم كل نبيّ بعده حكم وليّ، فأنزل في الدنيا من مقام اختصاصه، واستحق أن يكون لولايته الخاصة ختم يواطئ اسمه اسمه (ص) ويحوز خلقه وما هو بالمهدي المسمّى المعروف المنتظر، فإن ذلك من سلالته وعترته، والختم ليس من سلالته الحسية ولكنه من سلالة أعراقه وأخلاقه (ص)» ([66]). وهذه الموهبة التي أعطيت لخاتم النبوة وتمظهرت في ولاية ختمه المسمى عند الشيعة الاثني عشرية بالمهدي، هي السبب في سيادته على الأنبياء والأولياء. واستحق به وصف الحقيقة المحمدية، وجوامع الكلم والمقام المحمود الذي ترجع إليه جميع المقامات والأسماء في الدنيا بنعمة الولاية، وفي الآخرة بنعمة الشفاعة لذا قال «أنا سيّد الناس يوم القيامة» وكان «قد أقيم فيه [المقام المحمود] آدم لما سجدت له الملائكة فإن ذلك المقام اقتضى له ذلك في الدنيا، وهو لمحمد في الآخرة، وهو كمال الحضرة الإلهية، وإنما ظهر به أولاً أبو البشر لكونه كان يتضمن جسده بشرية محمد (ص) وهو الأب الأعظم في الجسمية، والمقرّب عند الله وأوّل هذه النشأة الترابية الإنسانية، فظهرت فيه المقامات كلها حتى المخالفة، إذ كان جامعاً للقبضتين: قبضة الوفاق وقبضة الخلاف»([67]). لذلك كان الفرق بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين جميع الأنبياء هو «عين الجمعية» لما تفرّق فيهم، فتكون نبوة الكل راجعة إليه؛ لأن كل واحد منهم بُعث بعثاً خاصاً، أما البعث العام فلم يكن إلا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وهكذا في جميع الأولياء فإن مقامهم من الولاية، والولاية منه صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا له الخلافة على الجميع في الدنيا باطناً وفي الآخرة ظاهراً؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم حائز على ولاية لواء الحمد وهي أتم المحامد وأسناها وأعلاها مرتبة([68])؛ لأن الحمد لا يكون إلاّ بالأسماء، وآدم عالم بجميع الأسماء كلها، «فلم يبق إلاّ أن يكون من هناك تحته ودونه في الرتبة… ولما كانت الدولة في الآخرة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم المؤتى جوامع الكلم، وهو الأصل، فإنه أعلم بمقامه. فعلِمه وآدم بين الماء والطين لم يكن بعد، فكان آدم لما علمه الله الأسماء في المقام الثاني من مقام محمد (ص)، فكان قد تقدم لمحمد (ص) علمه بجوامع الكلم والأسماء كلها من الكلم، ولم تكن في الظاهر لمحمد (ص) عين فتظهر بالأسماء؛ لأنه صاحبها فظهر ذلك في آدم، فكان هو صاحب اللواء في الملائكة بحكم النيابة عن محمد (ص) لأنه تقدم عليه بوجود الطينة، فمتى ظهر محمد (ص) كان أحق بولايته ولوائه، فيأخذ اللواء من آدم يوم القيامة بحكم الأصالة، فيكون آدم فمَن دونه تحت لوائه فتظهر في هذه المرتبة خلافة رسول الله (ص) على الجميع»([69]).

وتقرير معنى الظهور والبطون للولاية المحمدية، يبدو أنه موافق لتعريف ابن عربي لاسم الولي، وهو عنده « الذي يتولى عباده الصالحين بأمور خاصة فيختص بها المولى عليه فيسمّى ولياً. وقد جعل الله هذه اللفظة لعباده المختصين به، فسمّاهم أولياء الله، وهم الذين أحبهم الله واصطفاهم ونصرهم باطناً حقاً، وظاهراً قد يكون وقد لا يكون. والوالي يندرج (فيه) استعمال جميع الأسماء المتعلقة بالكون، [فهو] من ولاّه الحق أمر نفسه وأمر غيره، فأسبغ عليهم فضله، وأقام فيه وفيهم عدله، فحينئذ يكون متخلّقاً بهذا الاسم… فإن الغرض من التخلق بهذه الأسماء [هو] أن تُنسب إليك على حدّ ما نُسبت إلى الحق، ولكن من الوجه الذي يليق بك»([70]).

 

خامساً : الولاية ومقام القطب

ومن هذه المقامات النبوية والأحوال الأسمائية للحق، خلص ابن عربي إلى «أن الولاية هي المحيطة العامة، وهي الدائرة الكبرى، فمن حكمها أن يتولى الله مَن شاء من عباده بنبوة، وهي من أحكام الولاية، وقد يتولاه بالرسالة وهي من أحكام الولاية…»([71]).

وهذا الاعتقاد بالولي الإمام شبيه بالمرشد والقطب عند أهل التصوف والسير والسلوك، بل هو الأصل في تطور بذرته العلمية والعملية كما هو ملاحظ في كتب أعلامهم، وأثر ظاهرة الولاية ومفهوم الولي عند الشيعة الاثني عشرية على أدب التصوّف واهتمامه بمحورية الإنسان الكامل وبركاته، ظاهر في عالم السلوك والقرب من الله.

ومن خلال محورية ولاية النبوة والرسالة، ظهر في أدب التصوف ما سمّي بالقطب، وهو منزل موزع بين الأنبياء والأولياء على حسب مرتبتهم من الإمامة، وقد تحقق القطب، وفق رؤية ابن عربي، في أربعة من الأنبياء وهم «محمد وابراهيم واسماعيل واسحق ومن الأولياء اثنان وهما: الحسن والحسين سبطا رسول الله، وإن كان لمن عدا هؤلاء المذكورين منه شرب معلوم على قدر مرتبته من الإمامة. وما من قطب إلا وله اسم يخصه زائد على الاسم العام الذي هو عبدالله، سواء كان القطب نبياً في زمان النبوة، أو ولياً في زمان شريعة محمد (ص).. وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما، أمكن الناس في هذا المقام من غيرهما ممّن اتصف به»([72]). فأولى مراتب الولاية، بمنظور المتصوفة وابن عربي، هي مرتبة القطب، وتليها الإمامة، ثم مرتبة الأوتاد ثم الأبدال([73]).

فيظهر من خلال ما تقدم أن الولاية، من حيث كونها واسطة ورابطة بين عالمين، هي ضرورة وجودية كونية، بحيث أن العالم لا يحتمل عدم وجود وليّ، والا لساخت الارض([74])، وهذا المعنى للولاية هو عين ما ذهب اليه ابن عربي من وجهة نظر احد شراحه، من أن الارض اذا خلت من الوليّ « تضمحل وتفنى كل رابطة تصل الأرض بالسماء، ويغدو العالم جامدا مخبولا، مختل الفكر، مبلبل الشعور، وسرعان ما يأخذ خطوته الأخيرة- بعد ذلك- نحو هاوية الفناء»([75]) وبتعبير آخر: « إن نهاية الأولياء ليست أمراً أخر وراء نهاية العالم»([76]).

 

______________________________________

الهوامش:

 

[1]- سورة الأعراف: الآية 196.

2- القشيري، أبو القاسم عبد الكريم بن طلحة، الرسالة القشيرية، تح: نواف الجرّاح، بيروت، دار صادر، ط2، 2006م، ص 239 ـ 241.

3 – الزين، سميح عاطف، الصوفية في نظر الإسلام، م .ص، ص 171 ـ 172.

وراجع: أبو خزام، أنور فؤاد، معجم المصطلحات الصوفية، ت: جورج متري عبد المسيح، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1993م، ص 188.

4- ابن عربي، محي الدين، تنزّل الأملاك في حركات الأفلاك، تح، نوّاف الجراح، بيروت، دار صادر، ط1، 2003م، ص 36.

5- سورة الجن، الآية: 19.

6- الخالدي، أحمد النقشبندي، الأولياء وأوصافهم، ت: أديب نصرالدين، بيروت، الانتشار العربي، ط1، 1997م، عدد1، ص 27 ـ 30وص 215 ـ 222.

7- كما في مدرسة ابن عربي وأتباعه.

8- كما في مدرسة الحلاج القائل بالثنوية ولم يذهب إلى الوحدة بينهما رغم اعتقاده بالحلول.

9- راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س.، ج1، ص 216.

10- راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، ج10، ص 94.

11- سورة البقرة، الآية 257، وسورة الشورى: الآية 28.

12- راجع: قيصري، محمد داود ، شرح فصوص الحكم، تح: جلال الدين آشتياني، طهران، شوكت انتشارات علمي وفرمنكي، ط3، 1386هـ ، ص 413 ـ 419 [الفص الشيتي]. وص 813 ـ 825 [الفص العزيري].

13- عبدالله، إمام حنفي، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية، ط/2006م، مج2، ص 709.

14- راجع: القشيري، الرسالة القشيرية، م.س.، ص 235 ـ 238.

15- الرسالة القشيرية، م.س.، ص 240.

16- هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة أبو القاسم القشيري إمام الصوفية، وصاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف، ومن كبار العلماء في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر، (376 هـ – 465 هـ).

17- راجع: عبد الله، امام حنفي، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، م.س.، ص 724.

18- م. ن، ص 728 ـ 729.

19- سورة الرعد، الآية 41.

20- عبد الله، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، م.س.، ص 729.

21- الاصطلام: الوله الغالب على القلب والقريب من الهيمان.

22- الجيلي، عبد الكريم، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، القاهرة، مطبعة صبيح بالأمر، ط1، 1960م، ج1، ص 36.

23- م. ن ، ج1، ص 37.

24- اليوسف، يوسف سامي، مقدمة لعبد الجبار النفري، دمشق، مؤسسة علاء الدين، ط2، 2004م، ص 67 ـ 68.

25-اشتياني، شرح فصوص الحكم للقيصري، م.س.، ص 127 ـ 137.

26- راجع: م.ن.، ص 1154 ـ 1156.

27- الشيرازي، صدر الدين محمد، الشواهد الربوبية، ت: ملا هادي سبزواري، جلال الدين الآشتياني، قم، مؤسسة بستان كتاب، ط1، 1382هـ، ص 406 ـ 408.

28- راجع: الشيرازي، صدر الدين، المبدأ والمعاد، م.س، ص 352 ـ 357، ص 311.

29- راجع: الشيرازي، صدر الدين محمد، مفاتيح الغيب، ت: نجفقلي حبيبي طهران، بنياد حكمت اسلامى صدرا، ط1/1386هـ ج2، ص 825.

30- الآشيتياني، أحمد، رسالة في الإنسان الكامل والولاية التكوينية، بيروت، دار الهادي، ط1، 2002م، ص 58.

31- القونوي، صدر الدين، رسالة النصوص، ت: حامد ناجي أصفهاني، قم آيت إشراق،  1390ه، ص 131 ـ 133.

32- فقيه ، عارف، متكلّم ، مفسّر. وهو من شراح ابن عربي لكنه خالفه في موارد عدة اهمها ختم الولاية.

33- راجع: Corbin.H, Histoire de la philosophie islamique, v1, p275, Paris, Gallimard, 1986.

Et: Corbin.H, em islam iranien, v3, p197. Paris, Gallimard, 1979, et t3, Ch1, p 178 – 190.

34- الآملي، حيدر، جامع الأسرار ومنبع الأنوار، تد: سيد جواد طباطبائي، تقديم: هنري كوربان وعثمان يحيى، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 2005م، ص7 وص611 ـ 615. وراجع : الآملي، حيدر، تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم، ت: محسن الموسوي التبريزي، قم، المعهد الثقافي نور على نور، ط1، 1422هـ، مج3، ص24 ـ 25. وكذلك : الآملي، حيدر، نص النصوص في شرح الفصوص، ت: هنري كوربان، وعثمان يحيى، طهران، المعهد الثقافي، ط2، 1988م، ص167.

35- راجع:  Chodkiewich, Michel, Le sceau des saints, khatm-al-awliya’, traduit intégralement et présenté par slimane Reyki, beyrouth [Heritate spirituel] ed : al bouraq, 2005, ch : 3-0, 8-9.

36- الآشيتاني، رسالة الولاية، م.س.، ص 358 ـ 359.

37- سورة البقرة، الآية 257.

38- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س.،ج2، ص 243 ـ 244.

39- ابن عربي، الفتوحات المكية. م.س، ج2، ص 249 ـ( الباب 153).

40- الآشتياني، الميرزا أحمد، رسالة الولاية (ضمن الرسائل الأربعة عشر) ، ت: رضا الأستادي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط2، 1423هـ، ص 350 ـ 356.

41- م.ن.، ص 87 ـ 88.

42- القطيفي، محمد علي آل عبد الجبار، ثلاث رسائل، ت: حلمي السنان، قم.، اسماعيليان، ط1، 1416هـ، ص 77 ـ 79.

43- الكاشاني، لطائف الأعلام في إشارات الإلهام، م.س.، ص 564و 569.

44- الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، م.س.، ص 75.

45- القمي، عباس، مفاتيح الجنان، م.س، ص 401 الزيارة السادسة لأمير المؤمنين.

46- أنظر حديث جابر بن عبدالله عن أبي جعفر (ع) قال: «يا جابر عليك بالبيان والمعاني..»( الزيارة الجامعة).

47- راجع: مفاتيح الجنان، م.س.، دعاء شهر رمضان (الرابع عشر) ، ص 222، «إلهي وقف السائلون… ببابك».

48- سورة البقرة، الآية 189.

49- البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 44 ـ 45 و 266 ـ 267 [فصل 189 في أن الحضرة المحمدية ليس كمثلها شيء].

50- البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 57.

51- سورة البروج، الآية 20.

52- سورة يس، الآية 12.

53- القمي، مفاتيح الجنان،  م.س، (دعاء شهر رجب).

54- الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، م.س.، ج2، ص 32، ب 31.

55- البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 170، 182 ـ 185.

56- الاحسائي، جمع الجمع، م.س.، ص 478 ـ 481.

57- مفاتيح الجنان، م.س.، ص 578، [دعاء الندبة].

58- سورة البقرة، الآية 31.

59- سورة البقرة، الآية 31.

60- سورة البقرة: الآية 32.

61- سورة البقرة: الآية 34.

62- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج2، ص 71 ـ 72.

63- راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س ،ج2، ص67، 68.

64-الفتوحات المكية، م.ن.،ج2، ص 54.

65- سورة آل عمران: الآية 59.

66- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص 51 ـ 52.وراجع،  م.ن.، ج3، ص 319، [باب 366، في معرفة منزل وزراء المهدي].

67- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص  86.

68- راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص 88.

69- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن، ج2، ص 88.

70- ابن عربي، محي الدين، كشف المعنى عن سر أسماء الله الحسنى، تح: بابلو بينيتو، بيروت، مؤسسة العروى الوثقى، ط1، 2008م، ص 127، 168 ـ 169.

71- ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س ، ج2، ص 256 ـ 257 (الباب 158).

72- م.ن.،ج2 ص 571 ( الباب 270). وراجع : مواقع النجوم، لابن عربي، ت محمد خواجوى، طهران، انتشارات مولى، ط1، 1433هـ، ص7.

73- راجع: الزين، سميح عاطف، الصوفية في نظر الإسلام، القاهرة، دار الكتاب المصري، ط5، 2003م، ص 173 ـ 174.

74- راجع : الكافي، م.س، ج1، ص201،  كتاب الحجة، باب أن الارض لا تخلو من حجة، حديث رقم : 453،454،455،456.

75- شودكوفيتش، ميشال، الولاية والنبوة عند محي الدين ابن عربي، تر: أحمد الطيب، المغرب، دار القبة الزرقاء، دون طبعة وتاريخ، ص172.

76- م.ن، ص172.

 

 

 

([1]) سورة الأعراف: الآية 196.

([2]) القشيري، أبو القاسم عبد الكريم بن طلحة، الرسالة القشيرية، تح: نواف الجرّاح، بيروت، دار صادر، ط2، 2006م، ص 239 ـ 241.

([3]) الزين، سميح عاطف، الصوفية في نظر الإسلام، م .ص، ص 171 ـ 172.

وراجع: أبو خزام، أنور فؤاد، معجم المصطلحات الصوفية، ت: جورج متري عبد المسيح، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1993م، ص 188.

([4]) ابن عربي، محي الدين، تنزّل الأملاك في حركات الأفلاك، تح، نوّاف الجراح، بيروت، دار صادر، ط1، 2003م، ص 36.

([5]) سورة الجن، الآية: 19.

([6]) الخالدي، أحمد النقشبندي، الأولياء وأوصافهم، ت: أديب نصرالدين، بيروت، الانتشار العربي، ط1، 1997م، عدد1، ص 27 ـ 30وص 215 ـ 222.

([7]) كما في مدرسة ابن عربي وأتباعه.

([8]) كما في مدرسة الحلاج القائل بالثنوية ولم يذهب إلى الوحدة بينهما رغم اعتقاده بالحلول.

([9]) راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س.، ج1، ص 216.

([10]) راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، ج10، ص 94.

([11]) سورة البقرة، الآية 257، وسورة الشورى: الآية 28.

([12]) راجع: قيصري، محمد داود ، شرح فصوص الحكم، تح: جلال الدين آشتياني، طهران، شوكت انتشارات علمي وفرمنكي، ط3، 1386هـ ، ص 413 ـ 419 [الفص الشيتي]. وص 813 ـ 825 [الفص العزيري].

([13]) عبدالله، إمام حنفي، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية، ط/2006م، مج2، ص 709.

([14]) راجع: القشيري، الرسالة القشيرية، م.س.، ص 235 ـ 238.

([15]) الرسالة القشيرية، م.س.، ص 240.

([16]) هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة أبو القاسم القشيري إمام الصوفية، وصاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف، ومن كبار العلماء في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر، (376 هـ – 465 هـ).

([17]) راجع: عبد الله، امام حنفي، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، م.س.، ص 724.

([18]) م. ن، ص 728 ـ 729.

([19]) سورة الرعد، الآية 41.

([20]) عبد الله، الآراء الكلامية والصوفية عند القشيري، م.س.، ص 729.

([21]) الاصطلام: الوله الغالب على القلب والقريب من الهيمان.

([22]) الجيلي، عبد الكريم، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، القاهرة، مطبعة صبيح بالأمر، ط1، 1960م، ج1، ص 36.

([23]) م. ن ، ج1، ص 37.

([24]) اليوسف، يوسف سامي، مقدمة لعبد الجبار النفري، دمشق، مؤسسة علاء الدين، ط2، 2004م، ص 67 ـ 68.

([25]) اشتياني، شرح فصوص الحكم للقيصري، م.س.، ص 127 ـ 137.

([26]) راجع: م.ن.، ص 1154 ـ 1156.

([27]) الشيرازي، صدر الدين محمد، الشواهد الربوبية، ت: ملا هادي سبزواري، جلال الدين الآشتياني، قم، مؤسسة بستان كتاب، ط1، 1382هـ، ص 406 ـ 408.

([28]) راجع: الشيرازي، صدر الدين، المبدأ والمعاد، م.س، ص 352 ـ 357، ص 311.

([29]) راجع: الشيرازي، صدر الدين محمد، مفاتيح الغيب، ت: نجفقلي حبيبي طهران، بنياد حكمت اسلامى صدرا، ط1/1386هـ ج2، ص 825.

([30]) الآشيتياني، أحمد، رسالة في الإنسان الكامل والولاية التكوينية، بيروت، دار الهادي، ط1، 2002م، ص 58.

([31]) القونوي، صدر الدين، رسالة النصوص، ت: حامد ناجي أصفهاني، قم آيت إشراق،  1390ه، ص 131 ـ 133.

([32]) فقيه ، عارف، متكلّم ، مفسّر. وهو من شراح ابن عربي لكنه خالفه في موارد عدة اهمها ختم الولاية.

([33]) راجع: Corbin.H, Histoire de la philosophie islamique, v1, p275, Paris, Gallimard, 1986.

Et: Corbin.H, em islam iranien, v3, p197. Paris, Gallimard, 1979, et t3, Ch1, p 178 – 190.

([34]) الآملي، حيدر، جامع الأسرار ومنبع الأنوار، تد: سيد جواد طباطبائي، تقديم: هنري كوربان وعثمان يحيى، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 2005م، ص7 وص611 ـ 615. وراجع : الآملي، حيدر، تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم، ت: محسن الموسوي التبريزي، قم، المعهد الثقافي نور على نور، ط1، 1422هـ، مج3، ص24 ـ 25. وكذلك : الآملي، حيدر، نص النصوص في شرح الفصوص، ت: هنري كوربان، وعثمان يحيى، طهران، المعهد الثقافي، ط2، 1988م، ص167.

 ([35]) راجع:  Chodkiewich, Michel, Le sceau des saints, khatm-al-awliya’, traduit intégralement et présenté par slimane Reyki, beyrouth [Heritate spirituel] ed : al bouraq, 2005, ch : 3-0, 8-9.

([36]) الآشيتاني، رسالة الولاية، م.س.، ص 358 ـ 359.

([37]) سورة البقرة، الآية 257.

([38]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س.،ج2، ص 243 ـ 244.

([39]) ابن عربي، الفتوحات المكية. م.س، ج2، ص 249 ـ( الباب 153).

([40]) الآشتياني، الميرزا أحمد، رسالة الولاية (ضمن الرسائل الأربعة عشر) ، ت: رضا الأستادي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط2، 1423هـ، ص 350 ـ 356.

([41]) م.ن.، ص 87 ـ 88.

([42]) القطيفي، محمد علي آل عبد الجبار، ثلاث رسائل، ت: حلمي السنان، قم.، اسماعيليان، ط1، 1416هـ، ص 77 ـ 79.

([43]) الكاشاني، لطائف الأعلام في إشارات الإلهام، م.س.، ص 564و 569.

([44]) الخميني، روح الله الموسوي، مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، م.س.، ص 75.

([45]) القمي، عباس، مفاتيح الجنان، م.س، ص 401 الزيارة السادسة لأمير المؤمنين.

([46]) أنظر حديث جابر بن عبدالله عن أبي جعفر (ع) قال: «يا جابر عليك بالبيان والمعاني..»( الزيارة الجامعة).

([47]) راجع: مفاتيح الجنان، م.س.، دعاء شهر رمضان (الرابع عشر) ، ص 222، «إلهي وقف السائلون… ببابك».

([48]) سورة البقرة، الآية 189.

([49]) البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 44 ـ 45 و 266 ـ 267 [فصل 189 في أن الحضرة المحمدية ليس كمثلها شيء].

([50]) البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 57.

([51]) سورة البروج، الآية 20.

([52]) سورة يس، الآية 12.

([53]) القمي، مفاتيح الجنان،  م.س، (دعاء شهر رجب).

([54]) الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، م.س.، ج2، ص 32، ب 31.

([55]) البرسي، مشارق أنوار اليقين، م.س.، ص 170، 182 ـ 185.

([56]) الاحسائي، جمع الجمع، م.س.، ص 478 ـ 481.

([57]) مفاتيح الجنان، م.س.، ص 578، [دعاء الندبة].

([58]) سورة البقرة، الآية 31.

([59]) سورة البقرة، الآية 31.

([60]) سورة البقرة: الآية 32.

([61]) سورة البقرة: الآية 34.

([62]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س، ج2، ص 71 ـ 72.

([63]) راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س ،ج2، ص67، 68.

([64]) الفتوحات المكية، م.ن.،ج2، ص 54.

([65]) سورة آل عمران: الآية 59.

([66]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص 51 ـ 52.وراجع،  م.ن.، ج3، ص 319، [باب 366، في معرفة منزل وزراء المهدي].

([67]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص  86.

([68]) راجع: ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن.، ج2، ص 88.

([69]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.ن، ج2، ص 88.

([70]) ابن عربي، محي الدين، كشف المعنى عن سر أسماء الله الحسنى، تح: بابلو بينيتو، بيروت، مؤسسة العروى الوثقى، ط1، 2008م، ص 127، 168 ـ 169.

([71]) ابن عربي، الفتوحات المكية، م.س ، ج2، ص 256 ـ 257 (الباب 158).

([72]) م.ن.،ج2 ص 571 ( الباب 270). وراجع : مواقع النجوم، لابن عربي، ت محمد خواجوى، طهران، انتشارات مولى، ط1، 1433هـ، ص7.

([73]) راجع: الزين، سميح عاطف، الصوفية في نظر الإسلام، القاهرة، دار الكتاب المصري، ط5، 2003م، ص 173 ـ 174.

([74]) راجع : الكافي، م.س، ج1، ص201،  كتاب الحجة، باب أن الارض لا تخلو من حجة، حديث رقم : 453،454،455،456.

([75]) شودكوفيتش، ميشال، الولاية والنبوة عند محي الدين ابن عربي، تر: أحمد الطيب، المغرب، دار القبة الزرقاء، دون طبعة وتاريخ، ص172.

([76]) م.ن، ص172.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى