الدراسات والبحوث

الأشاعرة

الشيخ حسن بدران

الأشاعرة

الشيخ حسن بدران

ظهر الأشاعرة، وهم فرقة من متكلّمي السنّة، في بداية القرن الثالث الهجري، ويعتبر علي بن إسماعيل الأشعري المؤسّس لهذا المذهب الذي احتّل مكانة مرموقة في أوساط المسلمين حتى صار مذهبًا رسميًا للسنّة في جميع الأقطار بعد القرن السادس الهجري.

وقد ساعدت عوامل كثيرةً على استمرار هذا المذهب فيما بعد ورواجه بقوّةٍ بين الناس، ويعزو سبب نشوئه إلى الإختلاف الفكري والعقائدي الذي وقع بين أبي الحسن الأشعري وأستاذه الجبائي إثر مناظرةٍ تغلّب فيها الأشعري على أستاذه. وسواء كان ذلك صحيحًا أم لا، فإنّه ممّا لا شك فيه أنّ دعم السلطة العباسيّة للأشاعرة في وقوفهم بوجه التّيار المعتزلي ساهم في ميل أغلب الناس إلى المذهب الأشعري، الذي يحظى بدعم الخلفاء العباسيين. كما أنّ سقوط الدولة البويهيّة المناصرة للاعتزال، ومجيء الدولة السلجوقيّة المساندة للمذهب الأشعري واحتضانها له، وتأسيس الدوائر العلميّة لنشره وتدريسه، كل ذلك شكّل محطاتٍ رئيسيّة أعطت زخمًا قويًا لدفع المذهب أشواطًا إلى الأمام، وعلى حساب المذاهب الأخرى. ومهما يكن، فإنّ ما يفسّر لنا بقاء هذا المذهب دون غيره من المذاهب المنقرضة كالمذهب الاعتزالي هو أنّ المذهب الأشعري مذهب الدولة السائد على تعاقب الأجيال وإلى يومنا هذا. وبهذا، استطاع المذهب الأشعري تولّي الصّدارة بين المذاهب السنيّة والانتشار في بلدانٍ إسلاميّةٍ عديدة كالعراق، إيران، الشام والمغرب، بل إنّ آراء الفرقة وصلت الى أقصى القارة الأفريقيّة.

أهمّ رجالها:

  • – الأشعري.
  • – إمام الحرمين الجويني.
  • – أبي حامد الغزالي.
  • – أبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني.
  • – القاضي أبي بكر الباقلاني.
  • – أبي منصور عبد القاهر البغدادي.
  • – فخر الدين الرازي.
  • – الإيجي.
  • – التفتازاني.

 

أهمّ المعتقدات:

  • صفات الله تعالى: إنّ الله تعالى عالمٌ بالعلم، قادرٌ بالقدرة، حيٌّ بالحياة، مريدٌ بالارادة، متكلمٌ بالكلام، سميعٌ بالسمع، بصيرٌ بالبصر،[1]وهذه صفات أزليّة قديمة قائمة بذاته تعالى، لا هي هو ولا هي غيره، وأنّه تعالى متكلّم بكلام قديم ومريد بإرادة قديمة. وأنّه تعالى ليس بجسم ولا يشبه الأشياء، وأنّه على العرش. ولا نقول فيه إلّا ما وجد في الكتاب أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
  • رؤية الله تعالى: يجوز رؤية الله سبحانه في الآخرة، وأنّ كل موجود يصحّ أن يرى، فإنّ المصحّح للرؤية هو الوجود، وإنّ الرّب سبحانه موجود وكل موجود مرئيّ.
  • أفعال العباد: إنّ الله خالق أفعال العباد، وهو مريد كلّ ما يصدر منهم من خير أو شرّ، فعلمه وقدرته وإرادته متعلّقة بجميع أفعال العباد، ولا مانع من تكليفهم بما لا يطاق، وإنّ الله تعالى أجرى سنّته أن يخلق الشيء عند القدرة الحادثة من العبد، فإذا أراد العبد شيئاً وعزم عليه وتجرّد له خلقه الله، غير أنّ للعبد شيئًا سمّي «كسبًا» وهو الاقتران العاديّ بين قدرة العبد والفعل فالله يخلق الفعل، عند قدرة العبد وإرادته لا بقدرة العبد وإرادته، وهذا الاقتران هو الكسب.
  • الشفاعة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يشفع لأهل الكبائر من أمّته، وإنّ الله تعالى يخرج أهل القبلة الموحّدين من النار ولا يخلدهم فيها ولا يخلد إلاّ الكفار، والله قادرٌ على أن يغفر لمن يشاء، ولو أدخل الخلائق أجمعهم الجنّة لم يكن حيفا، ولو أدخلهم النّار لم يكن جورًا وظلمًا، لأنّ الله مالك لخلقه. فالظلم والجور يتحقّقان فيما إذا كان التصرّف لا يملكه المتصرّف. ويقبح منّا إذا تجاوزنا به ما رسم لنا، وليس هناك من رسم له الرسوم وبيّن الحدود.
  • خلقالقرآن وقدّمه: إنّ الألفاظ المنزّلة على لسان الملائكة إلى الأنبياء عليهم السلام دلالات على الكلام الأزلي، والدلالة مخلوقة محدثة والمدلول قديم أزلي.
  • الإيمان: هو التصديق بالله فقط، ولهذا يرون الفاسق من أهل القبلة مؤمنًا بإيمانه فاسقًا بعمله ولا يجوز القول بأنّه لا مؤمن ولا كافر، لأنّه لو كان الفاسق غير مؤمن وغير كافر، لم يكن منه كفر ولا إيمان، ولا كان موحّدًا ولا ملحدًا ولا وليًّا ولا عدوًّا، فلما استحال ذلك كان الفاسق مؤمنًا قبل فسقه بتوحيده.
  • الإمامة: تثبت الإمامة بالاّتفاق والاختيار دون النص والتعيين، فمن اختارته الأمّة صار إمامًا واجب الطاعة،  ولا يشترط أن يكون معصومًا ولا أفضل أهل زمانه، ولا نقول في حقّ معاوية وعمرو ابن العاص إلّا أنّهما بغيا على الإمام وخرجا عن الحق فقاتلهم علي عليه السلام مقاتلة أهل البغي، وأمّا أهل النهروان فهم الشراة المارقون عن الدّين بخبر النبي صلّى الله عليه وآله. وإنّ عثمان كان مصيبًا في أفعاله، وإنّ قتله كان ظلمًا وعدوانًا، وقال آخرون بخلاف ذلك. وإنّ يزيد بن معاوية من العشرة (إشارة إلى حديث العشرة المبشّرة بالجنّة) وهم في الجنّة لا محالة.
  • الحسن والقبح: الواجبات كلّها سمعيّة، والعقل لا يوجب شيئًا ولا يقتضي تحسينًا ولا تقبيحًا، فمعرفة الله تعالى بالعقل تحصل وبالسّمع تجب، والإيمان والطاعة بتوفيق الله، والكفر والمعصية بخذلانه.

 

خلاصة الآراء:

  • – أنّ صفات الله زائدة على ذاته.
  • – أنّ أفعال العباد خيرها وشرّها مخلوقة لله سبحانه.
  • – أنّ رؤية الله في الآخرة جائزة.
  • – إنكار التحسين والتقبيح العقليّين.
  • – أنّ الإمامة بالاتّفاق والاختيار دون النص والتعيين.
  • – الواجبات كلّها سمعيّة.
  • – الإيمان: هو التصديق بالله فقط.

[1] خالفوا في ذلك المعتزلة القائلين بأنّه عالم بذاته بصير بذاته متكلّم بذاته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى