الدراسات والبحوث

غوتلوب فريغه: من الرياضيات إلى المنطق، ومنهما إلى الفلسفة

نبيل الياسميني

غوتلوب فريغه: من الرياضيات إلى المنطق، ومنهما إلى الفلسفة

نبيل الياسميني

  1. مقدمة

تتقاطع مسارات البحث في مشروع مؤسس الفلسفة التحليلية الألماني غوتلوب فريغه بين عدة حقول معرفية، لكن اتصال الفلسفة والمنطق والرياضيات، في مجموع أعماله، يبقى أبرزها؛ إذ فريغه، إضافة إلى كونه من رواد فلسفة اللغة وواحد ممن وضعوا عناصرها المُوَجِّهة، هو من بين واضعي ومؤسسي مناهج وأنساق ومبادئ المنطق المعاصر، مثل ما كان جورج بول وإرنست شرودر ودي مورغان وشارل سندرس بيرس. وعموما لم تكن الرياضيات عبر العصور بمعزل عن التحقيق الفلسفي، بل إنهما تداخلا وتكاملا في مباحث تربط بين صرامة البرهان الرياضي وخصوبة القول الفلسفة، على الرغم من أن جواب الأول هو الـ “صادق” (Le Vrai) من الكاذب، وجواب الثاني هو الصواب (Justesse) من عدم الصواب.

اهتم فريغه هو الآخر بعلاقة الرياضيات والفلسفة وعلاقة كليهما بالمنطق، حينما أكد أن عالم الرياضيات الذي لا يتوفر على أي عنصر فلسفي ليس إلا نصف رياضي، وأن بحثا أساسيا حول العدد لا يمكن أن يكون بدون فلسفة. ولما اعتُبر تأسيس وإعادة بناء النظريات الرياضية مجالًا دراسيًا حصريًا للرياضيات، وعلى عكس البحوث التي قدمتها في الأغلب على أنها كتابات في فلسفة اللغة، يلاحظ من أعمال فريغه أن إعادة بناء نظرية رياضية وإمكانية التغلب على الصعوبات التي يطرحها أمامنا سؤال الأسس لم تعتمد على حل رياضي خالص، بل تكشف عن تحقيق منطقي واستفهام فلسفي يخص الكيان والقانون الرياضيين. لكن بأي عناصر يمكن تحقيق غايات البحث في مشروع فريغه؟ وبأي منهجية يمكن بلوغ هذه الغايات؟

يمكن تحقيق الغايات المذكورة بتوضيح علاقة التأثير المتبادلة بين الفلسفة والمنطق والرياضيات كل منها اتجاه الآخر استنادًا إلى أعمال فريغه وأنصار دعواه؛ وهذا ما يمكن تحقيقه، هو الآخر كهدف من البحث في مشروع فريغه، من خلال عرض الخصائص الأساسية التي تميز مشروعه، وافتحاص التحليل المنطقي الذي خضعت له التصورات الرياضية الأساسية إبانه، وتوضيح سيرورة نزوع فريغه إلى تبني المنهج الأكسيومي بتخليه عن نزعة الرد المنطقي في صورتها الأولى، ثم تأسيسه المنهج المابعد-أقليدي مما ساهم في التغلب على أزمة الأسس التي انبثقت عن “المفارقات” اللغوية و”النقيضات” الرياضية (paradoxes et antinomies). يخلص بنا تناول العناصر الأساسية لمشروع فريغه والتحقيقات في أسس المعرفة الرياضية وطبيعتها، إلى أنه بتحقيقاته في أسس الأعداد والحسابيات، أسس فريغه فلسفة جديدة سمتها الأساسية التحليل المنطقي للغة. لذلك، وللبحث في هكذا عمل فلسفي يمكن اتباع منهجية تعمد إلى نشاط التوضيح والتبسيط والتفسير للتصورات والفكر من خلال تحليل منطقي للغة قصد رفع كل التباس أو غموض محتمل. تستجوب هذه المنهجية دلالة وطبيعة الكيانات، والقوانين، والتصورات، وتحلل، وتوضح، وتبحث في أسس هذه القوانين وروابطها المشتركة مع حقول أخرى، كما يمكنها مقارنة بعضها ببعض في سياقها الفلسفي والمنطقي. وعليه، فمثل هذا المنهج لا يصبو إلى حل التناقض بواسطة برهان رياضي أو منطقي، بل يسمح بنظرة شاملة لحال الرياضيات، أو أي حقل آخر، والتي كانت تشغلنا قبل حل التناقض المقصود. وبتعبير آخر ما هو ممكن قبل أي اكتشاف أو ابتكار جديد، غير أن كل هذا يمكن توسيعه ليشمل نقدا، لا يهم اللغة فقط، بل كل قيود التفكير والفكر مهما كان مصدرها، ما سيتيح لنا النظر من زاوية جديدة وعلى نطاق أوسع كما عبر عن ذلك فريديريك فيزمان[1].

  1. المنطلقات الأساسية لمشروع فريغه

بدأ فريغه مساره رياضيا، لكن، حينما أراد تجاوز الصعوبات التي تفرضها اللغة على الفكر الرياضي وبراهينه، بسبب نواقص الالتباس والغموض والاطناب، توجه من الرياضيات إلى المنطق ومنهما إلى الفلسفة، لذا ينطلق البحث في مشروعه بما بدأ به فريغه وهو: الإيديوغرافيا أو الكتابة التصورية (([2]Begriffsschrift. نشرت الكتابة التصورية في المؤَلَّف الأول لسنة 1879، والذي تضمن أول نسق للحساب المنطقي، والتي كان يصبو من خلالها بلوغ الاختصار والوضوح والدقة والصرامة المطلوبة، عنده، لكل قول موضوعي. ولأنه كان مدركا للصعوبات والنواقص التي يطرحها أمامنا استخدام اللغة العادية في حقول مثل الحسابيات أو الهندسة، والذي لن يتم دون إطناب وغموض وغياب للصرامة البرهانية، لذا فإن الكتابة التصورية التي ألح فريغه على ضرورتها لكل نص، إن كان يتقصد موضوعية القول، هي لغة صورية برموز مكتوبة موحدة، بدلاً من المقاطع الصوتية المنطوقة، ولا بد لها أن تكون غير قابلة للتأويل الذاتي أو التّأوّل، ولا تتبع ظروف الزمان والمكان. وتقترب اللغة التصورية من تلك اللغة التي كان يحلم لايبنتس ببنائها، رغم أنه لم يحقق ذلك قبل فريغه بقرنين، والتي سماها لايبنتس: الكونية المميزة (Characteristica Universalis). تعد الكتابات في مجالات الفيزياء أو مختلف فروع الرياضيات أمثلة مصغرة عما كان يريده فريغه من لغته كما يؤكد في مقالاته[3] التي تلت نشر لغته التصورية. وهكذا فقد ارتبط اسم فريغه بـ “تحسيب الرياضيات (arithmétisation) وبـ “نزعة الرد المنطقي” (Logicisme). كان يطمح من “التحسيب” إلى اختصار كل كيان أو قانون رياضي إلى حسابيات الأعداد الصحيحة، ومن الرد المنطقي ردّ القوانين الرياضية إلى قوانين منطقية أو اشتقاق الأولى من الثانية، أي ردها إلى قوانين كونية وضرورية للفكر من دون تدخل لأي تمثل أو تجربة داخلية أو خارجية عن الإنسان.

لتطوير نسقه المنطقي استفاد فريغه من المنجز الرياضي لعصره، لذا يصير من اللازم وضع بحوثه في سياقها الرياضي. ومن بين ذلك أن تُستحضر مفارقات اللانهاية[4] لبولزانو (Bolzano)، ليتضح كيف أنه تأثر بأعماله المنطقية وفلسفته للرياضيات رغم أنه لم يذكره بصراحة وهو يتناول أسئلة الوجود الرياضي والمنطقي في اتجاهها الواقعي؛ ثم يأتي بعد ذلك اكتشاف الأعداد “المتعدية التناهي” (Transfinis)، وصياغة نظرية عامة للمجموعات النهائية واللانهائية، التي ميزت جورج كانتور[5]، والتي قد تتعارض قوانينها أحيانًا مع تلك الخاصة بالأعداد المتناهية؛ ثم بناء ديدكايند[6] للأعداد الحقيقية باستخدام الـ “تقطيعات” (Coupures). لقد ساعد كل هذا على تجاوز الدعوى (Thèse) التي ربطت تحقق العمليات الحسابية بوقائع جليّة، أو ملموسة، أو تعميما لظواهر الطبيعة؛ أو تلك الرؤى (Conceptions) التي رأت في الحساب والأعداد صنيعة لذهن الإنسان. وعليه، تم مثلا تحديد اللانهاية والاتصال والاستقراء الرياضي منطقيا باستقلال عن التمثل وعن وقائع العالم الخارجي، وبعيدا عن الماورائيات، من خلال التحسيب الذي يتوافق، في هذا، ونزعة الرد المنطقي.

صاغ فريغه في ثاني مؤلفاته الأساسية: “أسس الحسابيات”[7] والذي نشر سنة 1884، دعاواه الفلسفية الأساسية عن أسس المعرفة العلمية والفلسفية، متبعا في ذلك تحليلا منطقيا يتجاوز المنطقي الأرسطي ويطوره، والذي مكنه من نقد ونقض عدد من آراء سابقيه أو معاصريه. ومن بين نتائجه أن الأعداد ما قبلية والقوانين الحسابية تحليلية استنباطية، وليست تركيبية كما اعتقد إيمانويل كانت، أو استقرائية كما رأى جون ستيوارت ميل، وهو ما عبر عن رفض التجريبية “الساذجة، كما سماها، والتي تتجسد بالنسبة إليه مثلا في تجريبية ج. س. ميل كواحد من أبرز تجليات التجريبية التي سبقت فريغه، أو التي عبر عنها كذلك معاصره إدموند هوسرل عن القوانين الحسابية. وعليه كان من اللازم أيضا الاعتراض على “النزعة التجريدية (Abstractionnisme) التي ترى في الأعداد وقوانينها تجريدا لأشياء العالم الخارجي لتصير بذلك عمليات تعميم ينتجها الذهن. كانت هذه الرؤية هذه الرؤية مثلا في ما عبر عنه هوسرل[8] في بدايته قبل أن يتخلى عن هذا في تحقيقاته المنطقية بعد نقد فريغه له، ويقدم بعد ذلك حججا شبيهة بحجج مؤسس الفلسفة التحليلية؛ إذ ليس من مهمة المنطق ولا الرياضيات دراسة النفوس أو الوعي، أو تعميم ما ينبع من الوقائع وصياغة قوانينها باتباع القريحة أو الغريزة العقلية. كان كل هذا إعلانا صريحا عن نزعة ضد- نفسانية” (Antipsychologisme) لفريغه، والذي سيكون مقدمة للمنعطف الفلسفي المعاصر. فهل يمكننا، مثلا، إنشاء رموز جديدة اعتباطيا وإضافتها إلى البنيان الرياضي دون أساس منطقي! لا أبدا.

وعليه كان من الضروري عنده رفض “النزعة المواضعاتية (Postulationnisme) هي الأخرى. ومن تم اتضح أن هذه الرؤى لا تسمح بتعريف أعداد مثل الصفر أو الأعداد ذات المقياس الكبير والأعداد المتعدية التناهي أو حتى كيانات رياضية أكثر تعقيدا، فمن المستحيل تملك تمثل لعدد يتكون من ملايين الأرقام، ولا يمكن تشكيل صور داخلية للعمليات الخاصة بالأعداد المتعدية التناهي ارتباطا بواقعة ما، بل إن هذا ممكن في حالة الأعداد الصغيرة فقط. هكذا يتضح أن الأعداد موضوعية، لكنها ليست واقعية أو ملموسة أو جلية بالمعنى الفيزيائي، فليس لها من أبعاد فضائية أو زمنية. إن الموضوعية (Objectivité)، التي قصدها ووضعها فريغه، تؤكد أن الكيانات الرياضية موضوعية بما هي مستقلة عن وعينا الفردي ومستقلة عن العالم الخارجي، وليست إبداعا لعقل الإنسان فقط؛ لأنه يفكر فيها.

تتوافق هذه الدعوى، التي جاء بها فريغه عن الوجود الموضوعي المجرد، الرافضة للنفسانية والتجريدية والمواضعاتية مع الأفلاطونية الرياضية كما سماها مجازا بول برنايس[9]؛ لأن فريغه وأنصار نفس الدعوى نسبوا إلى الكيانات (entitités) الرياضية واقعها الخاص بها، الذي هو عالم ثالث غير عالم الذهن والعالم الخارجي. ما يتضمنه هذا العالم يتوافق والتمثلات في أنه غير مُدرَك بالحواس، لكنه يتوافق أيضًا مع أشياء العالم الخارجي في أنه لا يحتاج إلى حامل يكون محتوى لوعيه. يقول داميت عن الأفلاطونية الرياضية: «هي العقيدة التي بحسبها تُرَد النظريات الرياضية إلى أنساق مكونة من أشياء مجردة، حيث إن وجود هذه الأشياء، وصحة أو خطأ نظريات النسق مستقلة كلها تماما عن معرفتنا لها»[10]. ومثله في ذلك كمثل الفكر الذي عبّرت عنه مبرهنة فيثاغورس، حيث هي صحيحة لا تتأثر بالزمان أو المكان، وبغض النظر عما إذا كان أحدهم يعتبرها صحيحة أم لا أو بتعبير فريغه: «حتى إذا اضطر كل الناس للدخول في سبات شتوي فإنها لن تتغير خلال هذه الفترة. لا يكمن صدق قضية ما في كونها مُفَكّر فيها»[11]. ومنه، إذا كانت القوانين الحسابية فكرا[12] (Pensée)، والرياضيات ليست إبداعًا للذهن، فإن الإنسان لم يصنع هذا الفكر، بل إنه صنع اللغة التي تعبِّر عنه وتنقله، مثلما أبدع لغته المنطوقة على الرغم من الاختلافات الأساسية بينهما.

إضافة إلى ذلك، دحض فريغه في “أسس الحسابيات” الإمكانية الكانتية لمعرفة تجد تبريرها في “حكم تركيبي ماقبلي” (Jugement Synthétique A Priori). يرى كانت في “نقد العقل الخالص”[13] أن الرياضيات، خاصة الحسابيات والهندسة كما ورد في الأمثلة التي عرضها في مقدمة الكتاب، تتركب من معرفة ماقبلية في أحكام يكون فيها المحمول غير متضمن في الموضوع، يعني أنها أحكام غير تحليلية وبما أنها كذلك فهي إذن أحكام تركيبية. بين فريغه أن كانت انخدع في رؤيته لطبيعة المعرفة الرياضية ومرد ذلك إلى أخذه بالصورة الأرسطية للمنطق، والتي لم تعد آنذاك كافية لحل عدد من المسائل المنطقية- الرياضية العالقة. وهكذا فقد بين فريغه أن الأمر مخالف لما تمثله كانت تماما؛ إذ كل معرفة إما “تحليلية” (Analytique) أو “تركيبية مابعدية” (Synthétique A Posteriori)، ولا وجود لمعرفة تركيبية ما قبلية لا في الرياضيات ولا في غيرها من الحقول المعرفية الأخرى. بيد أن ما هو تحليلي، بمعناه المُستجَد منطقيا مع فريغه أو راسل أو حتى هلبرت وبيانو، يُستخلص من التعاريف والمسلمات وقواعد الاستنتاج حسب كل نسق نسق وفق اعتماد الصورة دالة-متغير للقضية المنطقية، وليس فقط حكما يكون فيه المحمول مُتضمَّنا في الموضوع تبعا للصورة الأرسطية للقضية، دون إضافة جديدٍ له حسب دعوى كانت. وهكذا يمكن القول إن فريغه، وغيره من الدعاوى الفلسفية التي اتبعته في ذلك، استخدم مصطلحات “التحليلية” لكانت (تحليلي- تركيبي- ماقبلي- مابعدي)، لكن بتجويدها على ضوء التطورات الرياضية والمنطقية المعاصرة.

في الفلسفة التي بدأها فريغه، يبدأ استعراض الفكر الرياضي بفحص اللغة التي تعبّر عنه، لهذا ينضاف هدفان آخران لمشروعه، وهما: تمييز التصور عن الشيء، والسياقية Contextualité. يمكن أن نخلص معه، من خلال دراسة الثلاثي تصور- شيء-علاقة (Concept- Objet-Relation)، إلى أن تعيين عدد في سياق ما، هو إعلان عن تحديد موضوعي لتصور وليس عن شيء، وأن معنى الكلمة-العدد لا يتأتى إلا في سياق، بما ليس إسنادا لخاصية من خواص العالم الخارجي مثل اللون أو الصلابة وهو ما بينه ما اكتشفه راسل أيضا وعبر عنه في “مبادئ الرياضيات” من خلال نظرية الأصناف. وقد وضع فريغه مبادئا لـحد التصورات، وهي ثلاثة: البساطة (Simplicité)، والاكتمال (complétion)، وفعل التجويد (acte de parfaire). وهو الأمر الذي يوجهنا أساسا في “حد تصور بمفهوم”. وهذا ما مكنه مثلا من تعريف كل “عدد رئيس نهائي” لكائن حسابي وحيد ومستقل ويُعرف، اتفاقيًا، بواسطة اسم علم منفرد أو سلسلة من الأرقام أو بكلمة مسبوقة بأداة للتعريف ولا يمكن قوله بصيغة الجمع ويقع تحت التصور: “عدد أصلي نهائي”، الذي له عدد أصلي لانهائي. إنه الجزء المشبع لفكر كما أكد كرناب وأيّد فيتغنشتاين ذلك بقوله: العدد هو عدد بدون قول ذلك أو تأكيده. فـ “الواحدية” خاصيته الأساسية. إذن، يحد فريغه الأعداد المنفردة باعتبارها “ماصدق لتصور”[14]، ويُقِيم التساوي بين الأعداد الأصلية من خلال علاقة “التساوي العددي” بين التصورات، التي هي علاقة “تطابق ثنائي”، وهو ما يشير إلى ما يُسمى مبدأ هيوم، مستدعيا قاعدة لايبنتس للاستبدال، لذلك صاغ التساوي، باعتباره علاقة تكافؤ منطقي. إذن، صار تطابق الأعداد على معبرا عنه على وفق الخاصية التالية: التصور G مساو عدديا للتصور F (أي أن نفس العدد الأصلي ينتمي لهما معا) إذا وفقط إذا وُجِدت علاقة تطابق ثنائي بين التصورين F وG. هذا الذي قاد إلى ما عُرِف بـمبرهنة فريغه.

بعد اكتشاف مفارقة راسل، التي نتجت عن القانون الخامس لفريغه[15]، وعدد من النقيضات الرياضية، صارت أسس الرياضيات موضع ارتياب. لهذا عمل المناطقة والرياضيون، من أمثال راسل ووايتهد وبيانو وزرميلو وهيلبرت، على تطوير نسق فريغه وقوانينه مع الحفاظ على الأساسي من خلاصات مشروعه. ويمكن تناول أمثلة لتجاوز هذا الوضع مثل نظرية الأنماط[16] لراسل، و”الأسس الجديدة للرياضيات” التي صاغها كواين[17]. أما فريغه، فقد تخلى عن محاولته لتأسيس الرياضيات بناءً على المنطق وحده ودمج الهندسي، مع المنطقي، كمصدر آخر للمعرفة الرياضية، وذلك بقبوله للحدس دون قبول الإدراك الحسي، وصار يتمسك تدريجياً بمنهج أكسيومي[18] مستوحى من منهج أقليديس، رغم أنه تجاوزه وقلب نظامه، لذا يمكن تسميته بالمنهج المابعد-أقليدي أو المنطقي-الأكسيومي والذي دعمه راسل ووايتهد أيضا في مشروعهما المشترك[19] عن أسس الرياضيات والمنطق.

  1. بعض النقد الموجه لفريغه:

من الثابت الآن، أن فريغه قد أثر على مؤسسي المنهج التسليمي المعاصر مثل ما هو حال هيلبرت، وبيانو وزرملو، حول أهمية البحث والوضوح الفلسفي وكذلك الصرامة المنطقية للغة الرياضيات. ويمكننا مشروعه من استخلاص بعض النتائج بهذا الخصوص والقول مثلا إن ما سمي مُسلّمات بيانو[20]، وهو الذي كان على وفاق مع فريغه حول مبادئ التعريف الرياضي وضرورة صورنة مسلمات الحسابيات في نسق واحد، هي مسلمات صاغها فريغه. أما هيلبرت[21] وأكيرمان، فقد أخذا بنتائج بحث فريغه وعرضا الميتا-رياضيات وفحص السياق الذي يتضمن تسمية عددية على طريقة فريغه. من جهة أخرى، حل زيرميلو(Zermelo)، إلى جانب آخرين، أزمة نظرية المجموعات بفضل نسق زرميلو-فرانكل (Le Système ZF)، قبل أن تتبن محدودية هذه الأنساق نفسها من خلال مبرهنات كورت غودل (Gödel) الذي وافق فريغه في ماقبلية الكيان الرياضي (Apriorisme de l’entité mathématique). بعد ذلك، تجلى تأثير الأسس المنطقية-الأكسيومية للرياضيات في أعمال بورباكي (Bourbaki)، فضلاً عن تأثير هذا المشروع على نظرية الحساب (Théorie de la Calculabilité) والمعلوميات النظرية. كان الهدف إجمالا هو جعل البراهين الرياضية قابلة للتحقق منها من خلال صيغ حسابية نسقية، وهو ما تحقيق ذلك في أعمال فون نويمان (Von Neumann) وتورينغ (Turing) من خلال الآلات المنطقية.

وعلى الرغم من هذا كله، لم يكن فريغه بمنأى عن كل نقد، فكتاباته تُثير العديد من الدعاوى المتعارضة أحيانا. مثلا بالنسبة لــإدموند هوسرل، فمحاولة فريغه لتعريف العدد منطقيا هي محاولة غير مجدية ولن تؤدي إلى أي شيء مهم؛ وتخلى برتراند راسل لفترة عن اعتقاده في وجود واقعي للعدد على صورة أفلاطونية فريغه؛ وانتقده هيلبرت لاستخدامه لمنطق أرسطي لم يكن كافيًا للصرامة الرياضية؛ ورفض بيانو لغته التصورية لأسلوبها المعقد وصعوبة استخدامها الرياضي؛ وآخذ عليه تلميذه فيتغنشتاين، رغم أنه استعان بالجزء الأكبر من أعماله المنطقية والفلسفية، استخدامه الزوائد اللغوية في لغته؛ كما لم يؤخذ بنظريته للأعداد الحقيقية في الأدبيات الرياضية إلى الآن لعدم اكتمالها بعد نشر مفارقة راسل ولصعوبة تطبيقها في البراهين الرياضية.

أما عن دعوى فريغه الخاصة بتحليلية القضايا، فقد انتقد كواين[22] الإقرار بالثنائية تحليلي-تركيبي عبر نقده تلاميذ فريغه من أنصار التجريبية المنطقية الذي أخذوا عنه ذلك. بالنسبة له: «هي نزعة لا تجريبية للتجريبية المنطقية». أما مايكل داميت، الفيلسوف الذي كرس الجزء الأكبر من أعماله لفلسفة فريغه في الرياضيات واللغة[23]، واعتبره، مثل ما اعتبره موريس شليك[24]، المنعطف الفلسفي لعصرنا، فيرى أن العيب في فلسفته للحسابات، وهو العيب الذي أدى به إلى الفشل، في نظره، كان تبريره الخاطئ لوجود الكائنات المنطقية، وبالتالي الرياضية أيضًا. أما ياكو هينتيكا، على الرغم من أخذه بأعمال فريغة في بصيغة راسل في مؤلفه عن النظر مرة أخرى في أسس الرياضيات[25]، فيؤكد أن «فريغه لم ينجح، كما ادعى، في تأسيس الرياضيات على المنطق الخالص»[26].

  1. خاتمة

وعلى الرغم من كل النقد الموجه لنظريات فريغه المنطقية ودعاويه الفلسفية، فلا يمكن أن تخفي عدم قدرته على الاستمرار في مشروعه جميع الجوانب الأخرى لفلسفته. وعلى الرغم من أن العديد من الحلول المنطقية والرياضية التي اقترحها فريغه قد تجووزت اليوم، فإن أعماله ساهمت في إعادة تأسيس الرياضيات بأكملها وصياغتها بلغة تمتاز بالبساطة والصرامة والوضوح، كما تمكّننا من استخلاص دروس حين تدعونا للتساؤل عن الآفاق التي قد يفتحها مثل هذا الاستقصاء في علم صارم وموضوعي مثل الرياضيات. وبالقدر الذي تم بناء منطق رمزي في هذه المؤلفات، فقد أعلنت عن انبثاق فلسفة جديدة، و”سمح، بالإضافة إلى بيرس وشرودر وراسل وبيانو، بصعود نوع جديد من الفلاسفة إلى خشبة المسرح التاريخية، وهو الفيلسوف المنطقي الرياضي كما أكّد ذلك ريشنباخ”[27]. إذن من خلال تحليله للفكر الرياضي، كان فريغه يؤسس أسلوبا جديدا للتفلسف، حيث جعل من التوضيح الفلسفي للأعداد وقوانين الحسابيات تحليلاً للغة التي تعبّر عن المضمون الفكري لقوانينها، وهو ما صار المسلمة الأولى للفلسفة التحليلية فيما بعد، لكن، قبل استخدام اللغة، يجب فحصها درءا للأخطاء المنطقية التي قد تقع فيها. ولهذا، كان من الضروري إخضاعها لمنهج التحليل المنطقي الذي شكل المنعطف الفلسفي لعصرنا مع فريغه والذي أكدته دعوى فيتغنشتاين في رسالته وفي تحقيقاته الفلسفية: «كل فلسفة نقد للغة»[28].

وعليه، بعد عقود، سيتم إحياء المشروع الفريغي في البحث عن أسس موثوقة للرياضيات، حيث تصير الأعداد والحسابات مجرد جُزيْرات مترابطة بعضها ببعض من الرياضيات ككل، وتتطلب بكاملها أساسًا موضوعيًا مثل ما هو عمل مجموعة بورباكي (Bourbaki) في هذا الخضم، وهذا الأساس لن يكون إلا منطقيا. وبعد أن تم التفكير في التخلي عن نزعة الرد المنطقي ككل، والتشكيك في ضرورتها الفلسفية والعلمية، انبثقت في العقود الأخيرة نزعة الرد المنطقي الجديدة (Néologicisme) من خلال أعمال مناطقة وفلاسفة معاصرين، من بينهم شارل بارسونز C. Parsons، وكريسبين رايت C. Wright، أو حتى ما سمي بالنزعة الفريغة الجديدة في السنوات الأخيرة (Néo-frégéannsime) مع جورج بولوس G. Boolos، وبوب هال B. Hale، أو جون بيرغس John Burgess، وهذا انبعاث لفريغه من خلال تصحيح ومراجعة نسقه. لكل ما سبق تتضح أهمية مشروع فريغه ونقطة الانعطاف التي رسمها في لعصرنا الفلسفي، لذا تبقى دراسة العناصر الأساسية لمشروعه ذات أهمية للدارسين للفلسفة المعاصرة.

 

المراجع:

Ayer, Alfre—. Tractatus Logico-philosophicus. Traduit par Gilles Gaston Granger. Paris: Gallimard, 1922

d Jules. Language, truth, and logic. London: Penguin Books, 1936

—. Logical positivism. The Free Press, New York, 1959

Bernays, Paul. «On platonism in mathematics.» Dans Philosophy of mathematics Selected readings, de Paul Benacerraf et Hilary Putnam, 258–271CAMBRIDGE UNIVERSITY PRESS 1983, 1935

Bolzano, Bernard. Paradoxes Of The Infinite. Traduit par Translated From The German Of The Posthumous Edition By Dr. Fr. Prihonsky And Furnished. London: ROUTLEDGE And Kegan Paul 1950, 1851

Cantor, Georg. «Fondements d’une théorie générale des ensembles.» Dans Oeuvres Traduites en français, édité par BNF. 1883

—. Oeuvres Traduites en français introduction de Pierre Gugac. 1845-1918

—. «Sur les fondements de la théorie des ensembles transfinis.» Dans Oeuvres traduites en français, édité par BNF. 1895

Dedekind, Richard. “Continuity And Irrational Numbers.” In Essays On The Theory Of Numbers, by Wooster woodruff beman, 1-27. Zürich: Dover Publications, INC, 1872

—. Was sind und was sollen die Zahlen? The Nature And The Meaning Of Numbers. In Essays On The Theory Of Numbers, by Wooster woodruff beman, translated by Wooster woodruff beman, 31-115. Harzburg: Dover Publications, INC, 1887

Dummett, Michael. Frege and Other Philosophers. Oxford: Clarendon Press, 1991

—. Frege Philosophy of Language. First. New York, Evanston, San Francisco, London: Harper & Row, Publishers, 1973

—. Frege Philosophy of Mathematics. London: Gerald Duckworth & Co. Ltd, 1991

—. The interpretation of Frege’s philosophy. Cambridge: Harvard University Press, 1981

Frege, Gottlob. Begriffsschrift (Idéographie). Paris: Vrin1999, 1879

—. Grundgesetze der Arithmetik I. In Basic Laws of Arithmetic. Derived using concept-script, by Philip A. Ebert, Marcus Rossberg and Crispin Wright. OXFORD University Press 2016, 1893

—. Grundlagen Der Arithmetik (Les Fondements de l’arithmétique). L’ordre phislosophique. Traduit par Claude Imbert1969. Paris: Seuil, 1884

—. «La pensée.» Dans Gottlob Frege écrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, traduit par Claude Imbert, 170–195. Seuil 1971, 1918–19a.

—. «Logic.» Dans Frege,G(1979), 126-151. 1897a.

—. «Que la science justifie le recours à une idéographie.» Dans Gottlob Frege Ecrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, 63-69. Paris: Seuil, 1882a.

—. «Sur le but de l’idéographie.» Dans Gottlob Frege Ecrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, traduit par Claude Imbert, 70-79. Paris: Seuil, 1882/83

Gödel, Kurt. «The Completeness of the calculus of logic.» Dans Gödel, K. (1986). 1929

Gödel, Kurt. «The Completeness of the axioms of the functional calculus of logic.» Dans Gödel, K. (1986). 1930

BIBLIOGRAPHY Ayer, Alfred Jules. Language, truth, and logic. London: Penguin Books, 1936.

—. Logical positivism. The Free Press, New York, 1959.

Bernays, Paul. «On platonism in mathematics.» Dans Philosophy of mathematics Selected readings, de Paul Benacerraf et Hilary Putnam, 258–271. CAMBRIDGE UNIVERSITY PRESS 1983, 1935.

Bolzano, Bernard. Paradoxes Of The Infinite. Traduit par TRANSLATED FROM THE GERMAN OF THE POSTHUMOUS EDITION BY DR. FR. PRIHONSKY AND FURNISHED. London: ROUTLEDGE AND KEGAN PAUL 1950, 1851.

Cantor, Georg. «Fondements d’une théorie générale des ensembles.» Dans Oeuvres Traduites en français, édité par BNF. 1883.

—. Oeuvres Traduites en français introduction de Pierre Gugac. 1845-1918.

Cantor, Georg. «Sur les fondements de la théorie des ensembles transfinis.» Dans Oeuvres traduites en français, édité par BNF. 1895.

Dedekind, Richard. “Continuity And Irrational Numbers.” In Essays On The Theory Of Numbers, by Wooster woodruff beman, 1-27. Zürich: Dover Publications, INC, 1872.

Dedekind, Richard. “Was sind und was sollen die Zahlen? The Nature And The Meaning Of Numbers.” In Essays On The Theory Of Numbers, by Wooster woodruff beman, translated by Wooster woodruff beman, 31-115. Harzburg: Dover Publications, INC, 1887.

Dummett, Michael. Frege and Other Philosophers. Oxford: Clarendon Press, 1991.

—. Frege Philosophy of Language. First. New York, Evanston, San Francisco, London: Harper & Row, Publishers, 1973.

—. Frege Philosophy of Mathematics. London: Gerald Duckworth & Co. Ltd, 1991.

—. The interpretation of Frege’s philosophy. Cambridge: Harvard University Press, 1981.

Frege, Gottlob. Begriffsschrift (Idéographie). Paris: Vrin1999, 1879.

Frege, Gottlob. “Grundgesetze der Arithmetik I.” In Basic Laws of Arithmetic. Derived using concept-script, by Philip A. Ebert, Marcus Rossberg and Crispin Wright. OXFORD University Press 2016, 1893.

—. Grundlagen Der Arithmetik (Les Fondements de l’arithmétique). L’ordre phislosophique. Traduit par Claude Imbert1969. Paris: Seuil, 1884.

Frege, Gottlob. «La composition des pensées.» Dans (Frege 1971), 214–234. 1923–26.

Frege, Gottlob. «La négation.» Dans (Frege 1971), 195–213. 1918–19b.

Frege, Gottlob. «La pensée.» Dans Gottlob Frege écrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, traduit par Claude Imbert, 170–195. Seuil 1971, 1918–19a.

—. Les Fondements de l’arithmétique. L’ordre phislosophique. Traduit par Claude 1969 Imbert. Paris: Seuil, 1884.

Frege, Gottlob. «Logic.» Dans Frege,G(1979), 126-151. 1897a.

Frege, Gottlob. «Que la science justifie le recours à une idéographie.» Dans Gottlob Frege Ecrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, 63-69. Paris: Seuil, 1882a.

Frege, Gottlob. «Sur le but de l’idéographie.» Dans Gottlob Frege Ecrits logiques et philosophiques, de Claude Imbert, traduit par Claude Imbert, 70-79. Paris: Seuil, 1882/83.

Gödel, Kurt. «Some metamathematical results on completeness and consistensy.» Dans Gödel, k.(1986). 1930a.

Gödel, Kurt. «The Completeness of the calculus of logic.» Dans Gödel, K. (1986). 1929.

Gödel, Kurt. «The Completeness of the axioms of the functional calculus of logic.» Dans Gödel, K. (1986). 1930.

Heijenoort Jean, van. From Frege to Gödel: A Source Book in Mathematical Logic. Cambridge: Harvard University Press, 1967.

Hilbert, David. Les principes fondamentaux de la géométrie. Traduit par L. Laugel. Paris: Gauthier-Villars Imprimeur Libraire. 1900, 1899b.

Hilbert, David. «On the Concept of Number.» Dans Ewald, W. (1996), 1089–1095. 1899a.

Hilbert, David. «The Foundations Of Mathematics.» Dans Heijenoort 1967, 464-479. Cambridge: Harvard University Press, 1927.

Hilbert, David. «The Logical Foundations of Mathematics.» Dans Ewald, W. (1996), 1134–1148. 1923.

Hilbert, David, and Wilhelmen Ackermann. Principles of Mathematical Logic. New York: Chelsea Publishing Company 1950, 1928.

Hintikka, Jaakko. The principles of Mathematics Revisited. Cambridge: Cambridge University Press, 1996.

Husserl, Edmund. Philosophy of Arithmetic – Psychological and Logical Investigations. Translated by DALLAS WILLARD. Springer Science+Business Media Dordrecht 2003, 1891.

—. Recherches logique, tome 1: Prolégomènes à la logique pure. Traduit par Hubert Élie, Arion L. Kelkel et René Scherer. Presses Universitaires de France 2003, 1900.

Kant, Emmanuel. Critique de la raison pure. Traduit par Alain Renaut2006. Paris: Flammarion 2006, 1784-87.

Quine, Willard Van Orman. «New Foundations for Mathematical Logic.» Dans Quine, w.v. (1953), 80–101. 1937.

Quine, Willard Van Orman. “TWO DOGMAS OF EMPIRICIS.” In Quine, W.V. (1953), 20–46. 1951.

Reichenbach, Hans. THE RISE OF SCIENTIFIC PHILOSOPHY. Berkeley and Los Angeles: UNIVERSITY OF CALIFORNIA PRESS 1968, 1951.

Russell, Bertrand. Principles of Mathematics. Routledge Classics in 2010. London: Routledge Classics 2010, 1903.

Russell, Bertrand, and Alfred North Whitehead. Principia Mathematica I. London: Cambridge at University Press1963, 1910a.

Schlick, Moritz. «The Turning Point in Philosophy.» Dans Ayer, A.J. (1959), 53-59. 1930.

Waismann, Friedrich. “How I See Philosophy.” In A, J. Ayer (1959), 345 –380. 1956.

Wittgenstein, Ludwig. Recherches Philosophiques. Paris: Gallimard, 2004.

—. Tractatus Logico-philosophicus. Traduit par Gilles Gaston Granger. Paris: Gallimard, 1922.

Zermelo, Ernst. Ernst Zermelo Collected Works. Springer-Verlag Berlin Heidelberg, 2010.

Hilbert, David. «On the Concept of Number.» Dans Ewald, W. (1996), 1089–1095. 1899a.

—. «The Foundations Of Mathematics.» Dans Heijenoort 1967, 464-479. Cambridge: Harvard University Press, 1927

—. «The Logical Foundations of Mathematics.» Dans Ewald, W. (1996), 1134–1148. 1923

Hintikka, Jaakko. The principles of Mathematics Revisited. Cambridge: Cambridge University Press, 1996

Husserl, Edmund. Philosophy of Arithmetic – Psychological and Logical Investigations. Translated by DALLAS WILLARD. Springer Science+Business Media Dordrecht 2003, 1891

—. Recherches logique, tome 1: Prolégomènes à la logique pure. Traduit par Hubert Élie, Arion L. Kelkel et René Scherer. Presses Universitaires de France 2003, 1900

Kant, Emmanuel. Critique de la raison pure. Traduit par Alain Renaut2006. Paris: Flammarion 2006, 1784-87

Quine, Willard Van Orman. «New Foundations for Mathematical Logic.» Dans Quine, w.v. (1953), 80–101. 1937

Quine, Willard Van Orman. “Two Dogmas Of Empiricis.” In Quine, W.V. (1953), 20–46. 1951

Reichenbach, Hans. The Rise Of Scientific Philosophy. Berkeley and Los Angeles: University Of California Press 1968, 1951

Russell, Bertrand. Principles of Mathematics. Routledge Classics in 2010. London: Routledge Classics 2010, 1903

Russell, Bertrand, and Alfred North Whitehead. Principia Mathematica I. London: Cambridge at University Press1963, 1910a.

Schlick, Moritz. «The Turning Point in Philosophy.» Dans Ayer, A.J. (1959), 53-59. 1930

Waismann, Friedrich. “How I See Philosophy.” In A, J. Ayer (1959), 345 –380. 1956

Wittgenstein, Ludwig. Recherches Philosophiques. Paris: Gallimard, 2004.

—. Tractatus Logico-philosophicus. Traduit par Gilles Gaston Granger. Paris: Gallimard, 1922

 

[1] (Waismann 1956)

[2] (Frege 1879)

[3] انظر مثلا مقالين له بهذا الخصوص (Frege 1882a) و(Frege 1882/83)، يدافع فيهما فريغه، بالإضافة إلى مقالات نشرت بعد وفاته، عن لغته التصورية في الأوساط العلمية، ويبين من خلالها أن لغته ليست مجموعة من القواعد الحسابية أو الخوارزميات لحل مسائل تتعلق بالحساب المنطقي، مثلما فعل قبله جورج بول، كما يبين كيف أن هذه اللغة لا تحل محل اللغة العادية لكن نسبة هذه الأخيرة إلى اللغة التصورية هي كنسبة المجهر إلى العين وكنسبة يد الإنسان إلى ما تصنعه هذه اليد. فلا عمل المجهر يحل محل أدوار العين، بالسهولة والخفة التي تمتاز بها طبيعيا، ولا العين بقادرة على إنجاز مهمات بالدقة والفعالية المطلوبتين في عمليات محددة مثلما يفعل المجهر.

[4] (Bolzano 1851)

[5] صاغ كانتور بعضا من نظريات في مؤلفاته الواردة في الكتاب الذي تضمن ترجمة فرنسية لعدد من كتاباته (انظر (Cantor 1845-1918))، أو في المؤلفين (Cantor 1883) و(Cantor 1895).

[6] هي النظريات التي صاغها في مؤلفيه (Dedekind 1872) و(Dedekind 1887)

[7] (Frege 1884)

[8] صاغ هوسرل دعواه الأولى الذي يتسم بميول نفسانية في الجزء الأول من مؤلفه (انظر (Husserl 1891))، ولم ينشر جزءا آخر منه بعد تخليه عن هذه الدعوى، وسيصير هو الآخر بعد ذلك معارضا للنفسانية منذ الـ “مقدمات للمنطق الخالص” التي نشرت في الجزء الأول من “التحقيقات المنطقية” (انظر (Husserl 1900)).

[9] تعود تسمية تلك الرؤى التي تعتبر الكيان الرياضي معطى ماقبليا، قبل اكتشافه أو صياغة القانون حتى، باستقلال عمن يفكر فيه، بـ «الأفلاطونية الرياضية» إلى بول برنايس (Paul Bernays) وبرتراند راسل. يقول برنايس بهذا الخصوص: ’’ إنها أفلاطونية لأنها تتحقق بالأساس في فلسفة أفلاطون‘‘ (Bernays 1935, 259). وسماها راسل في مقدمة الطبعة الثانية الصادرة سنة 1937 من “مبادئ الرياضيات بـ ’’ الواقع الأفلاطوني للأعداد‘‘ (Russell 1903)

[10] هناك مزيد من التفصيل عن الأفلاطونية الرياضية لفريغه في جزء من كتاب مايكل داميت “فلسفة الرياضيات لفريغه” (Dummett 1991, 301–305)

[11] (Frege G. , 1884, p. 203)

[12] المقصود من “الفكر”، مفردا أو جمعا، هو ما جاء في الأبحاث المنطقية لفريغه. والفكر هو كل مضمون يمكن الحكم عليه بالصدق أو الكذب، والقول بنفيه، وتركيبه مع بعضه البعض من خلال العمليات المنطقية. يقول فريغه في إحدى الأبحاث المنطقية التي نشرت بعد وفاته: ’’ من بين الفكر نحصي القوانين الرياضية، والقوانين الطبيعية، والوقائع التاريخية، إذ تجد هذه كلها تعبيرها في جمل خبرية‘‘ (Frege 1897a, 131)

[13] (Kant 1784-87)

[14] نظرية الأصناف: Théorie des Classes؛ حد التصورات: Définition des Concepts؛ عدد رئيسي نهائي: Nombre Cardinal Fini؛ الواحدية: Unicité؛ ماصدق لتصور: Extension D’un Concept؛ تطابق ثنائي: Correspondance Biunivoque؛ التساوي العددي: équinuméricité؛ قابلية الاستبدال: Substituabilité

[15] خامس قانون من بين القوانين الستة الأساسية التي وضعها فريغه لنسق قوانين الفكر في كتابه “القوانين الأساسية للحسابيات” (Frege 1893)

[16] نظرية الأنماط: Theory of Types

[17] وهو النسق الوارد في مقال كواين (Quine 1937)

[18] تسليمي أو أكسيومي: Axiomatique

[19] المؤلف المنشور في ثلاثة أجزاء تحت عنوان “المبادئ الرياضية Principia Mathematica”

[20] المقصود هو المسلّمات الخمس لبيانو الخاصة بالأعداد الصحيحة الطبيعية.

[21] (Hilbert and Ackermann 1928)

[22] لمزيد من التفصيل حول ما سماه كواين “عقيدتا النزعة التجريبية” انظر (Quine 1951)، وهو مقاله التي تضمن نقدا موجها في أغلبه لدعاوى كارناب ورفض حلقة فيينا لإمكانية وجود معرفة تركيبة ماقبلية.

[23] خصص داميت مؤلفات عدة لتوضيح وتفسير فلسفة فريغه، وعرضها للعالم الأنجلوسكسوني خاصة البريطاني منه. وقد دافع عن كون فلسفة فريغه هي المنعطف الفلسفي الرئيسي لعصرنا. ومن أبرز هذه المؤلفات: “فلسفة فريغه للرياضيات” (Dummett 1991)؛ و”فلسفة فريغه للغة” (Dummett 1973)؛ و”فريغه وفلاسفة آخرون” (Dummett 1991)؛ و”تأويل فلسفة فريغه” (Dummett 1981).

[24] (Schlick 1930)

[25] (Hintikka 1996)

[26] (Hintikka 1996, 200)

[27] انظر (Reichenbach 1951, 218)

[28] تعد هذه الدعوى من بين الأمور التي لم يتخل عنها فيتغنشتاين، على عكس أمور أخرى، بين الرسالة (Wittgenstein 1922) والتحقيقات (Wittgenstein 2004)، والتي يتشبث فيها برؤيته لمهمة الفلسفة بما هي مجموع الأعمال التي لا تسعى إلى إنتاج النظريات أو العقائد أو التصورات، بل إلى تحليل كل هذا تحليلا منطقيا لرفع الالتباس والغموض، وهي الدعوى التي صاحبت مشروع واحد من فلاسفة بريطانيا في القرن العشرين وهو ألفريد جول آير (أنظر الأجزاء الخاصة بمهمة الفلسفة ومنهج التحليل المعتمد فيها في مؤلفيه (Ayer 1936)، وكذا كتابه (Ayer 1959) الذي جمع فيه عددا من مقالات بعض أعلام الفلسفة التحليلية).

________________________________

*نقلاً من موقع ” مؤمنون بلا حدود”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى