فلسفة المادة والصورة والعدم عند ابن رشد
يوسف بن عدي
حرّر الباحث العراقي حسن مجيد العبيدي( 1) هذا النص الفلسفي الهام في سياق إنجازه لشهادة الدكتوراه في الفلسفة سنة 1993، والذي نُشر فيما بعد في دار الطليعة – بيروت بـ: “العلوم الطبيعية عند ابن رشد”(1995) وأعيدَ نشره من جديد بدار نينوى ـ دمشق بـ: “فلسفة المادة والصورة والعدم عند ابن رشد”(2007). وقد جاء هذا الأخير متضمناً مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، عدد الصفحات: 160.
أولاً: العلوم الطبيعية عند ابن رشد: نقد إيبستيمي أم نقد أيديولوجي
الحقُ، أنَّ الناظر في الدراسات الرشدية العربية المعاصرة لا سبيل له إلا الاعتراف بمدى شغف الباحثين والمفكرين بهذا الفيلسوف الأندلسي المغربي المسلم. إذ كانت أفكاره ومازالتْ خميرة النهضة والتنوير الحاصلين والمشهودين في هذا العصر. ومن المفيد القول أيضاً إنّ سمة الرشديات: العربية والوسطية واللاتينية والمحدثة هي قدرتها على التفكير في العالم والإنسان من جهة نظر مختلفة. من ذلك رصد الباحث العراقي كمسوغٍ منهجي ومدخل معرفي لبيان جدة موضوعه وقوة إشكاليته وحيويتها. إنّ الدراسات الرشدية العربية اليوم قد انحصر نظرها وتأملها في الآتي:
– التوفيق بين الحكمة والشريعة، أو صلة الجانب الديني بالفلسفي عند ابن رشد.
– البحث في الوجود ولواحقه: المادة ونظرية الصدور ومشكلة الخلود والقدم والحدوث.
– البحث في نظرية المعرفة عند ابن رشد ومصادرها وأصولها.
– التركيز على الجانب النقدي عند أبي الوليد: جدله مع أفلاطون والفارابي وابن سينا والإسكندر الأفرودسي وثامستيوس.
– البحث في الجوانب الفقهية والأصولية والتشريعية.
وينجمُ عن هذا غياب الجانب الطبيعي-الفلسفي في الدراسات الرشدية العربية المعاصرة. يقول الباحث في هذا المعرض: “وبعد الذي عرضناه من دراسات في فلسفة ابن رشد، فقد وجدنا أنّ الجانب الطبيعي الفلسفي من آرائه لم يخضع للدرس الفلسفي الأكاديمي، ولاسيما موقفه من الجسم الطبيعي ومبادئه المعروفة (الهيولى والصورة والعدم)، ممّا جعلَ ذلك دافعاً وحافزاً قوياً لدراسة الجانب الطبيعي من فلسفته وبيان الآراء التي خرج بها في هذا المجال لتشكل هذه الدراسة إلى جانب الدراسات الأخرى صورة متكاملة عن فلسفته”[2]. وهو المبرر العلمي والأكاديمي الذي دفع المؤلف إلى إنجاز هذا العمل الفلسفي، متوسلاً في ذلك برؤية منهجية ترجمت في أدوات التحليل والتركيب والمقارنة عن طريق العودة إلى النصوص الرشدية الأصلية في مجالات الطبيعية والميتافزيقية والمنطقية والأنطولوجية، بل والأكثر من ذلك استثمار مختلف أجناس الكتب الرشدية: التلاخيص والجوامع والتفاسير. من ثمّة، يكون الأمر أكثر صعوبة متى علمنا أنّ النظر الطبيعي الفلسفي وموضوعاته (الصورة والعدم والقوة والفعل والجسم والطبيعية والهيولى والفاعل…) ليس وحده الحاسم في بلورة رؤية ابن رشد الفلسفية. يقول الباحث: “بث آراءه التي تتصل بموضوع بحثنا في جلّ مؤلفاته الفلسفية، ولاسيما مؤلفاته لا في علم ما بعد الطبيعة. إذ أودعَ في هذه المؤلفات نظريته الفلسفية المتكاملة، فضلاً عن كتبه في العلم الطبيعي. ولهذا لا بدّ للدارس من أنْ يأخذ بنظر الاعتبار كتب ما بعد الطبيعة عند ابن رشد، ليطلع من خلاله إلى الجانب الفلسفي النقدي والبنائي الطبيعي”[3]، ممّا يطرح أكثر من تساؤل حول مبررات المؤلف ودوافعه في تحرير هذا النص بدعوى غيابه أو إهماله من قبل الدراسات الرشدية العربية اليوم؟[4]
والحال أنّ المطلع على نصوص ابن رشد الفلسفية المختلفة الأبعاد والأطوار والأجناس يخرجُ بفكرة راسخة تتمثلُ في أنّ النص الرشدي هو نص حيوي بدلالاته وتحولات أسمائه وطرق التأويل والتفسير، وقد يحس القارئ بالتوتر أو التناقض أو أحياناً بالتراجع عن موقف تأويلي معين.
وبهذا الاعتبار، يمكن القول إنَّ النظر الطبيعي الفلسفي لا يحيد عن دعامات الرؤية الميتافيزيقية الأرسطية التي تحكمتْ في فلسفة ابن رشد بجانب النظر الشرعي والديني. ولعل هذا ما ذهب إليه الباحث العبيدي حين قال: “لا فرق عنده بين مؤلف فلسفي بحث مثل تفسير ما بعد الطبيعة وبين مؤلف يعقد فيه الصلة بين الفلسفة والعقيدة. إذ أنّه يتكلم بلسان واحد في كلّ هذه المؤلفات..”[5].غير أنّ الاختلاف يكمن عند أبي الوليد بن رشد في جهة النظر للمبادئ والأوائل والعلوم وموضوعاتها.
ثانياً: في الطبيعة والصورة والعدم: إشكال طبيعي فلسفي أم نظر منطقي ميتافيزيقي؟
قام الباحث بتحديد مفهوم الطبيعة من خلال النظر الطبيعي والميتافيزيقي. فالعلم “الطبيعي ينظرُ في كليهما أيْ في المادة والصورة، إلا أنّ نظر العلم الطبيعي في المادة إنّما يكون لأجل الصورة، ونظره في الصورة إنّما هو من حيث هي في مادة وغير مفارقة لها بالقول والوجود”[6]. ومن ثمّة، فالمبدأ الأساس هو: “الطبيعة تفعل من أجل غاية هي الصورة”. فالصورة هي مبدأ الحركة بالذات لا بالعرض، بل الحركة هي الانتقال من الهيولى إلى الصورة.
لعل من خصائص الجسم الطبيعي وأبعاده: الاتصال والانفصال والتناهي واللاتناهي والتمام…، ممّا يطرح مشكلات فلسفية عويصة من قبيل: هل أبعاد الطول والعرض والعمق جواهر قائمة بذاتها أم هي أعراضٌ في الجسم[7]؟ وهل الجسم الطبيعي لامتناهٍ أم متناهٍ؟
يتصور ابن رشد أنّ “الأبعاد الثلاثة للجسم ليست بجواهر بل هي أعراض. ودليله على ذلك أنّه إذا كان السطح والخط واللفظ ليست بجواهر، وهي متقدمة على الأجسام التعليمية، فالأجسام التعليمية هي الأخرى ليست بجواهر”[8].كما أنّه رفض فكرة لاتناهي العلل واللاانقسام للجواهر والأجسام، وقد قدّم ابن رشد أدلة منطقية ورياضية وطبيعية على تناهي الجسم ثم تناهي العالم جملة[9].يقول الباحث: “وهذا الرأي الرشدي هو خلاف ما ذهب إليه بعض الفلاسفة الذين صرحوا بالقول بلاتناهي الجسم في الأبعاد. ذلك أنّ ابن رشد يرى أنه لو كان الجسم غير متناهٍ، فإنّه يستلزم حركة لامتناهية في زمان متناهٍ، وهذا الغرض ممتنع عند ابن رشد…”[10]. وهذا معناه أيضاً أنّ البسيط والمركب متناهٍ، لأنّ الجسم اللامتناهي هو غياب لوسيط يتحرك فيه ومنه وإليه الجسم. ويتحصل عن هذا، أنّ اللامتناهي يوجد في الذهن بالقوة، والمتناهي أو الانقسام يكون بالفعل عن طريق المتضادات والحركات والفساد والكون..[11]، وبالتالي، فوحدة الجسم الطبيعي هي أساسية لوحدة العالم ككل.
ومن البيّن أيضاً أنّ الفصل الثاني من هذا الكتاب قد تأسس على مفهوم الهيولى الذي يوجد من أجل الصورة. فمن الأمور التي يدافع عنها ابن رشد على خلاف ابن سينا، أنّ دراسة الهيولى يقوم بها العلم الطبيعي، وهي من مقدماته البيّنة بنفسها التي لا يستلمها من الفلسفة الأولى أو صاحب الميتافيزيقا.
وهكذا استطاع الباحث حسن مجيد العبيدي أنْ يرصد أحكام ولواحق الهيولى في المنظومة الطبيعية (الكون والفساد، السماع الطبيعي، السماء والعالم..) والميتافيزيقية والمنطقية…فمن “الجدير بالذكر أننا لا نجد مقالة من مقالات هذا العلم سواء التفسيرية أو التلخيص، إلا ويتناول ابن رشد بالإشارة والدرس والنقد والتحليل والتركيب مفهوم الهيولى والصورة والعدم وأحكامها”[12].
يطرح مفهوم الهيولى صعوبات فلسفية ومنطقية من قبيل علاقتها بالعدم المطلق، وهل الهيولى هي المادة الأولى أو المادة الخاصة؟ وهل تكون الهيولى من أجل الهيولى، أم من أجل الصورة، أم من أجل المركّب من المادة والصورة؟
يتضح أنّ الهيولى في العلم الطبيعي[13] تكون من أجل مادة فقط أو صورة مادية مخصوصة عن طريق مبدأ التغير والحركة. في الوقت الذي تحضر في حقل الميتافيزيقا الهيولى كجوهر بالقوة، أعني أنّ الهيولى من معانيها القوة والإمكان والاستعداد…، كما للهيولى معانٍ منها الهيولى غير المصورة، والتي هي المادة الأولى، وهي أقرب إلى العدم بالعرض[14]. وعليه، توجد في الهيولى القوة والإمكان لجميع الصور، وهي تتعرى من أيّ صورة أصلاً أو مادة. فـ “الإمكان والقوة ليستا في جوهرهما بل هي موضوعة لهما، لأنّ القوة والإمكان يحتاجان إلى موضوع، فالقوة تقال على الهيولى بالإضافة”[15]. لننعطف ونقول إنّ جوهرية الهيولى عند ابن رشد تصدر بإنشاء أدلة منطقية ورياضية[16]. ولعل دفاع ابن رشد عن جوهرية الهيولى هو، في العمق، رد على قول بعض فلاسفة اليونان الذين يعتبرون أنّ الهيولى جوهرية بالفعل[17]. ويترتب عن هذا، أنّ القوة والاستعداد من موضوعات المادة والهيولى وليسا من صلبهما. إذْ لو كانت كذلك لكان ما بالقوة هو الذي يكون بالقوة، وهذا محال. يقول الباحث في هذا السياق: “ويريد ابن رشد من ذلك كله صياغة حدّ حقيقي للقوة يبني على أساسه مفهومه العام للحركة بشكلها المتعارف عليه في العلم الطبيعي”[18]. وهذه الصياغة الفلسفية الأرسطية من قبل أبي الوليد هي ردود على المدرسة الميغارية والفرقة الكلامية الأشعرية[19].
وعلى هذا الاعتبار، يمكن القول إنّ النظر الطبيعي هو نظر في المادة والصورة. فالصورة هي الفعل والكمال والتمام، والمادة لا تتحقق وتتحصل بغير الصورة. أمّا في علم ما بعد الطبيعة فهو ينظر إلى الصورة الأولى لجميع الموجودات. ذلك هو موضوع الفصل الثالث: “الصورة” الذي خصصه الباحث حسن مجيد العبيدي لمقاربة أحكامها ولواحقها. فالصورة عند ابن رشد، إذن، لها مرادفات: الماهية والخلقة والسنخ والصفة النفسية والملكة والمبدأ والقوة والنهاية والذي بذاته والمثال والواحد والهويّة..، وهي أيضاً تقال على الطبيعة التي يتغير إليها الجوهر الذي هو العنصر[20]. من هنا، لا بدّ من القول إنّ وجود الشيء لا يكون إلا عن طريق الصورة المشار إليها، لأنّها الجوهر المعرف لذات الشيء من خلال تشخصه[21]. ومعنى هذا، أنّ الصورة تقال على القوة لأنّها بها يفعل الفعل ذو الملكة والصورة فعلاً جيداً[22]، وتصير الصورة فعلاً وكمالاً متى خرجتْ من الإمكان إلى الفعل.
وبهذا، يلفت الباحث النظر إلى وجود صعوبات كبيرة في مسألة جوهرية الهيولى وجوهرية الصورة، ومدى المزاوجة بين القول بالهيولى الموسومة بالتجزيئي والتكثير والتبعيض، والقول بالصورة الدالة على الوحدة والهويّة التامة[23]. وبالتالي، فلما كان المركب من الصورة والمادة، فإنّ الصورة هي أحق بالجوهرية من المركب. فكيف يمكن أن تكون الماهية جوهراً وهي بحكم حدّها الحقيقي مؤلفة من جنس وفصل؟[24]. ويتحقق عن هذا، أنّ الجواب لم يأتِ إلا من النظر الميتافيزيقي الذي يعمل على تفكيك العلاقة بين الجوهر وأقسامه والأعراض. فالأعراض على وجهين: أعراض بالعرض تكون في موضوعات مثل البياض للإنسان، وأعراض بالذات مثل الذكورة في الحيوان. الصنف الأول لا يكون له حدٌّ أصلاً، وأمّا الصنف الثاني من الأعراض فيكون له حدّ، لكن كيف يكون له حدٌّ؟[25]
نظر أبو الوليد بن رشد إلى الحد من خلال المساواة بين الجوهر[26] والماهية، فالحد المطلق يكون بدلالته على ماهية الشيء المؤلفة من الجنس القريب والفصل. وهذا ما دفع الشارح الأكبر إلى القول في معرض حدّ الجوهر: فالماهيات للأشياء إنّما صارت موجودة بوجود الأشياء ذوات الماهيات[27]. من ثمّة، فقد نبّه ابن رشد إلى مسألة مهمّة في نظرية الحد، حيث اعتبر أنّ الهيولى تجري مجرى الجنس، والفصل يجري مجرى الصورة، أمّا حدود المركبات من جواهر وأعراض فهي بخلاف ذلك[28]. فمن عيوب المدرسة الفيثاغورية أنّها لم توضح الماهية الرئيسة في الجوهر، وهي الصورة[29].
وهكذا، تكون الصورة هي مخرج المادة من القوة إلى الفعل عن طريق تغيير العنصر إلى أن يقبل الصورة، مثال ذلك صانع الخزانة، فإنه لا يصنع الخشب، كما لا يصنع الصورة، فالصورة تأتي عن طريق الحركة الواحدة والاتصال والتناهي. فضلاً عن ذلك، فالفعل والقوة يستمدان وجودهما من الحركة[30].
و جاء الفصل الرابع والأخير: “العدم” لبيان علاقته الجوهرية بالجسم الطبيعي والمادة والهيولى والصورة. فالعدم مقابل الملكة، وهما يكونان في الشيء الواحد بعينه مثال: البصر والعمى فهما يوجدان في العين[31]..فتحول العمى إلى بصر أو قلْ العدم إلى ملكة من المحالات. كما لا يعني العدم اللاوجود بل اللامحسوس أي الذي يفتقر وجوده إلى الوجود بالفعل، وهو بذلك يخالف بارمنيدس في فهمه بلا وجود ويتابع ما أكده أرسطوطاليس في هذا الرأي[32]. زد على ذلك أنّ العدم ليس هو القوة والاستعداد التي للهيولى، وعليه فالعدم ليس بالذات في الشيء بل هو عارض فيه. وينجم عن هذا أيضاً لا وجود للعدم المطلق، بل هناك العدم المضاف للشيء[33]، وهذا في مسار تفسير ابن رشد لحدوث الأشياء وحدوثها وصدورها على أساس: اثنان بالذات وواحد بالعرض، وهو العدم. وفي خاتمة الكتاب اعتبر الباحث العبيدي أنّ قراءة نصوص ابن رشد وشروحاته وتلاخيصه لا تتمّ إلا من خلال نظرة متكاملة غير تجزيئية، إذ أنّ هذه الأخيرة كثيراً ما تشوش المذهب الفلسفي كله، وتعطيه صورة غير الصورة التي أرادها ابن رشد له[34].
ويتحصل لنا ممّا تقدّم، أنّ دراسة المادة والعدم والصورة في فلسفة ابن رشد من جهة نظر العلم الطبيعي كما قدمها الباحث العراقي حسن مجيد العبيدي تتميز بالدقة الفلسفية والنظرية في تعقب المفاهيم ومجالاتها وحقولها. بيد أنّنا نحسبُ صعوبة تحقق هذه المقاربة الفلسفية بالصورة التي كان يتطلع إليها هذا الكتاب. إذ أنّ النظر الفلسفي في المادة والعدم والصورة يتداخل بصورة مهولة وقوية مع النظر المنطقي والميتافيزيقي، وآية ذلك اضطرار الباحث بين الفينة والأخرى إلى التوسل بمحددات منطقية للصورة، أو فحص هذه الأخيرة من حيث هي لها أسبقية على المادة…، والملاحظة الأخيرة التي نود سوقها في هذا المعرض هي غياب تام لفحص العلاقة بين المقابلات والضدية وأنواعها ومرتبتها وبين العدم وأنواعه. ونكاد نقول إنّ هذا الغياب البارز قد أضعف حلقة النظر في العدم.
الهوامش:
[1]– “أحد أساتذة الفلسفة في العراق، منذ عام 1987، تحصل على شهادة الماجستير في الفلسفة عام 1985، عن رسالته نظرية المكان في فلسفة ابن سينا، وقد طبعت بأكثر من طبعة عراقية وعربية، ونال الدكتوراه في الفلسفة عام 1993 عن أطروحته المادة والصورة والعدم في فلسفة ابن رشد، وقد طبعت هي الأخرى بعدة عناوين في دور نشر عربية، منها دار الطليعة تحت عنوان العلوم الطبيعية في فلسفة ابن رشد 1995، والمادة والصورة والعدم في فلسفة ابن رشد، دار نينوى، دمشق 2007، وما بعدها تمّ إنجاز عدة مشاريع فلسفية تحقيقية وترجمة، منها تحقيق كتاب ابن سينا، التعليقات، صدر أول مرة عن بيت الحكمة ببغداد عام 2002، وتلته عدة طبعات في دمشق، ومنها تحقيق كتاب الوجود والماهية للفيلسوف الإسلامي المحدث محمد مهدي النراقي (ت1798م)، ومنها تحقيق الأعمال الكاملة للفيلسوف العراقي المعاصر ياسين خليل (ت1986) وصدر منها خمسة أجزاء، الأجزاء الأربعة الأولى في التراث العلمي العربي، والخامس تحت عنوان الفيلسوف والتفلسف، عن المركز العلمي، العراق، عام 2011، كما صدرت لي عدة دراسات فلسفية، منها كتاب من الآخر إلى الذات، عن دار الطليعة، بيروت 2008، وكتاب جغرافية التفلسف، بيروت 2011، وكتاب آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي، قراءة من منظور مختلف، عام 2011، وهذا الأخير صدر عن المركز العلمي العراقي، بغداد، وقمت بالترجمة والتعليق على كتاب ابن رشد، تلخيص السياسة، صدرت طبعته الأولى1998 عن دار الطليعة بيروت، بمناسبة المئوية الثامنة لابن رشد، وقد نفدت وأعيد طباعتها بعد إصلاح بعض الهنات عام 2002، وأعيد طباعتها بأكثر من طبعة مع إضافات عن دور نشر دمشقية. ولي مشاريع بحثية كثيرة ومشاركات في مؤتمرات عراقية وعربية ودولية، والآن أنا متفرغ لإنجاز مشاريع بحثية منها في الفلسفتين اليونانية والإسلامية والفكر السياسي الإسلامي، وقد أنجزت تحقيق كتاب الفارابي آراء أهل المدينة الفاضلة مع دراسة موسعة جداً عن الكتاب وعن الفارابي العبري اللاتيني، وهو ينتظر النشر”، مقتبس من حوار فكري منشور بموقع مؤسسة مؤمنون بلا حدود بتاريخ 28 أغسطس 2014
[2]– العبيدي (حسن مجيد)، فلسفة المادة والصورة والعدم عند ابن رشد، منشورات دار نينوى- مدشق- سوريا، 2007، ص 8
[3]– ن.م، ص 9
[4]– من بين الصعوبات التي أحصاها الباحث حسن مجيد العبيدي في هذا الكتاب: “فلسفة المادة والصورة والعدم عند ابن رشد”:
أ- الصعوبة الأولى: “هل أنّ ابن رشد يسير في خط منهجي واحد أم له عدة آراء فلسفية تتناقض فيما بينها؟ أي هل لابن رشد أكثر من لغة خطاب فلسفي ومستوى معين في طبيعة التفلسف لديه؟”، ص 8: المرجع أعلاه.
ب- الصعوبة الثانية: “تمثلتْ في أنّ موضوع بحثنا هذا قد اختص بجانب معين في فلسفة ابن رشد ومؤلفاته أي هل نجد ذلك في الكتب الطبيعية أم غيرها؟”، ص ص 8-9: المرجع ذاته.
ج-الصعوبة الثالثة: “هل أنّ ابن رشد قد تجاوز ما جاء به أرسطو طاليس وسابقوه من الفلاسفة الشراح والعرب والمسلمين …”، ص 9: المرجع ذاته.
[5]– المرجع ذاته، ص 8
[6]– ن.م، ص 31
[7]– انظر التفاصيل: ص40
[8]– ن.م، ص45. انظر ايضاً: مقالة الباء، ص 283
– انظر: نقد ابن رشد لأفلاطون، ص 45
[9]– المرجع ذاته، ص 47
[10]– المرجع ذاته، ص 47
– يعبّر ابن رشد عن نقد الموقف “الذري اليوناني ومتكلمي الإسلام، هو رفضه الإقرار بوجود خلاء في العالم أو خارجه على خلاف ما ذهب إليه في تلك الآراء التي أقرتْ بوجود فراغ في العالم تتحرك فيه الذرات”، ص 47 وما بعدها.
[11]– “ويبين ابن رشد أنّ الانقسام للمادة إلى ما لانهاية بالقوة إنما هو انقسام في الذهن والتصور فقط، كما هو المقدار. أمّا الانقسام للأشياء بالوجود كالحركة والكون والفساد وسائر ما قال عليه غير متناهٍ فهي ممكنة الوجود..”، ص 51
[12]– المرجع ذاته، ص 61
[13]– كلّ تغيير أو حركة أو استحالة أو نمو أو نقصان، لا يكون إلا بوجود هيولى من حيث هي قوة وإمكان.
[14]– ن.م، ص 66
انظر أيضاً: مقالة الزاي، 779-780. مقالة اللام: ص 1407
[15]– ن. م، ص ص 67-66
انظر ايضاً: نقاش ابن رشد مع ابن سينا في القسمة الوجودية: ممكن الوجود له علة، وواجب الوجود لا علة له…، ليدافع عن القسمة للموجود: واجب ضروري وممكن حقيقي. الهامش 33 ص 62. والهامش 33 ص 62. انظر أيضاً: ص 90 من المرجع أعلاه.
[16]– انظر: ص 73
[17]– م.ن، ص ص 73-74
[18]– م. ن، ص 72
إنّ تعريف القوة عند ابن رشد يقابلها الفعل والكمال والتام. وللقوة معانٍ متعددة ومراتب مختلفة: القوة الفاعلة والقوة القريبة والقوة المنفعلة والقوة البعيدة. لمزيد من الاطلاع: مقال الدال ومقالة الطاء من تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد.
[19]– م.ن، ص ص 86-87-88-89
[20]– م.ن، ص ص 101-100
انظر أيضاً: مقالة اللام: 1477
[21]– م.ن، ص 102
إنّ النظر في الصورة الذي يفضي به إلى الصورة الأولى هو النظر فيها من حيث هي جوهر، وليس ينظر العلم الطبيعي في الاشياء من حيث هي جواهر.
[22]– م.ن، ص 103
[23]– م.ن، ص 105
[24]– م.ن، ص 106
[25]– م.ن، ص ص 107-108، انظر أيضاً: مقالة الزاي: ص ص869-815- انظر مقالة الهاء: 726 وما بعدها.
[26]– يقال الجوهر على ماهيّة الشيء. يقال على الكلي المحمول على الشيء من طريق ما هو جوهر. يقال على الجنس القريب المحمول على الشيء. ويقال أخيراً وهذا المهم على شخص الجوهر المشار إليه الذي هو لا في موضوع ولا على موضوع.
[27]– “فقد رفض ابن رشد الحد الأفلاطوني بشأن الماهية المطلقة بشكل كلي، وربط هذه الماهية بالجوهر المشخص الفردي وساوى بينهما، معتبراً أنّ المفرد ليس هو شيئاً آخر غير الجوهر الذي هو له (أي ماهيته). قولنا زيد حيوان ناطق، فإنّ زيداً ليس شيئاً غير الحيوانية والنطق، واللذين هما ماهيته، ولا الحيوانية والنطق ماهية الشيء إلا لزيد وخالد وغيرهما من الأفراد”. انظر مقالة الزاي: ص824. تلخيص ما بعد الطبيعة، ص 47
[28]– م.ن، ص 113
[29]– م.ن، ص 115
– “وابن رشد في دليله هذا إنّما يردّ على المدرسة الفيثاغورية التي تنظر إلى أنّ الجوهر المحسوسة مؤلفة من أعداد، وهي بهذا حسبما يقول ابن رشد أن يكون العدد الذي تركبتْ منه هو الجنس والفصل”، ص 114: المرجع أعلاه.
[30]– م.ن، ص ص 133-134
– “وبما أنّ الفعل والقوة من المضامين، ولأنّ حد الفعل يدخل في تركيبة القوة، وكذلك حد القوة يدخل في تركيبة حد الفعل، فإنّ ابن رشد يرى أنّ ذلك هو توضيح للعلاقة بينهما، وبيان أنّ نسبة الصورة والإمكان للشيء الهيولى إلى الفعل و(الكمال ليس الصورة) هو كنسبة الشمس إلى الظلام والساهر إلى النائم والبصير إلى المغمض، والعنصر إلى الصورة. وهذه النسبة إنّما هي لتأكيد أنّ القوة لا يمكن أن تخرج إلى الوجود إلا بالفعل. فالفعل هو تمام القوة وكمالها، لأنّ القوة إنّما هي محض إمكانية لا غير”، نقلاً عن ص 132: المرجع ذاته.
[31]– م.ن، ص ص 140-141
[32]– م.ن، ص 142
[33]– م.ن، ص 149
قسّم ابن رشد العدم إلى قسمين: العدم الطبيعي والعدم القسري، غير أنّه يسير إلى فائدته في كثير من المناسبات مع الضدية والعدم والملكة والقوة والإمكان.
[34]– م.ن، ص 154
________________________________________
*نقلًا عن موقع ” مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”.