دور الطرق الصوفيَّة في صحوة المسلمين بالاتحاد السوفياتي
عبد القادر القادري
في شهر مارس الماضي1988 توجه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري إلى موسكو على رأس وفد من العلماء المغاربة للقيام بزيارة للإتحاد السوفياتي استغرقت بضعة أيام تلبية لدعوة الدكتور شمس الدين ابن إيشان بابا خانوف رئيس الإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وكزاخستان فزار السيد الوزير رفقة الوفد المرافق له مدينتي بخارى وسمرقند وخلال جولتهم أجروا محادثات مع ممثلي سكان عز بكستان وأدوا فرائض الصلاة بمساجد هذه المنطقة وعقد السيد الوزير خلال هذه الزيارة التي استغرقت عشرة أيام عدة لقاءات مع العلماء المسلمين بالاتحاد السوفياتي وكانت هذه الزيارة مناسبة للتذكير بالأخوة الإسلامية التي تربط بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وبما أن كثيرا من أبناء إفريقيا المسلمين لا يكاد يعرف شيئا عن الشعوب الإسلامية بالاتحاد السوفياتي فأحرى الطرق الصوفية بهذا الاتحاد ارتأينا أن نعرف بهذه الطرق وبالصحوة الإسلامية التي تقوم على أكتافها، ومما شجعنا على ذلك الزيارة المذكورة للسيد الوزير المذكور وحضور وفد من علماء طشقند الدروس الحسنية الرمضانية التي تلقى في حضرة جلالة الملك بالقصر الملكي العامر بالرباط وإلقاء الوفد المذكور ممثلا في العالمين عبد الرشيد بهرا موفى ورحمة الله عبيدون في يوم الخميس 25 رمضان 1408 موافق 12 ماي 1988 عرضا عن حياة المسلمين بالاتحاد السوفياتي بالمركز الثقافي السوفياتي تحت إشراف “جمعية الصداقة المغربية السوفياتية” وصدور كتاب لأليكس بنغيسين وشانطال لومرسييه كيلكوجاي Alexendre Bennigsen et chantal Le mercier – Quelquejay الأستاذين بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريز والمختصين في تاريخ الشعوب الإسلامية بالإتحاد السوفياتي يحمل عنوان:” الصوفي والكوميسير” « Le soufi et Le Commissaire » ووصول هذا الكتاب من حسن الصدف إلى المغرب في رمضان الفائت وتأكيد صاحبي الكتاب المذكور بأن الصحوة الإسلامية بالجمهوريات بالاتحاد السوفياتي إنما تقوم اليوم على أكتاف الطرق الصوفية وعلى رأسها النقشبندية والقادرية.
يخطئ من يتصور أن الصحوة تقتصر اليوم على الأقطار العربية والإسلامية التي كانت خاضعة للاستعمار الإنجليزي والفرنسي والإسباني والبرتغالي والهولاندي والبلجيكي والتي لم تخضع
لهذا الاستعمار كأفغانستان وإيران والعربية السعودية واليمن… ولا تتعداها إلى غيرها من الأقطار الإسلامية الأخرى.
والحقيقة أن تيار هذه الصحوة قد امتد أخيرا من أفغانستان إلى الجمهوريات الإسلامية بالاتحاد السوفياتي عقب غزو الروس لأفغانستان في دجنبر 1978. ويتابع الخبراء الأمريكيون بكثير من الانتباه الصحوة الإسلامية داخل الاتحاد السوفياتي نفسه حيث يقطن في آسيا الوسطى وما وراء القوقاز نحو سبعين مليون مسلم وحيث وقعت أحداث إسلامية لا تخفى دلالتها في حسابات واشنطن مما دفع أحد الأساتذة الأمريكيين إلى التأكيد على أن النظام الاشتراكي هو أيضا لا يملك مناعة ضد التحدي”الإسلام الشعبي.”
1) فما هو سر هذه الصحوة بالجمهوريات الإسلامية بالإتحاد السوفياتي؟
2) كيف بدأت؟
3) ما هي الطرق الصوفية القائمة بها هناك؟
4) ما هي التنظيمات السرية لهذه الطرق؟
5) ما هو مستقبلها؟
6) هل أضرحة الأولياء والصالحين ما زالت قائمة وتزار هناك؟
عن كل هذه الأسئلة يمكن الجواب عنها فيما يلي:
1- سر هذه الصحوة أنها بدأت في الخمسينات حينما شرعت الشعوب الإفريقية والأسيوية تحصل على استقلالها وخصوصا بعد وفاة ستالين عام 1953 وتنديد خلفه نيكيتا خروتشوف في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي بموسكو بالأعمال الشنيعة التي ارتكبها ستالين في حق شعب التتار بجزيرة القرم وشعب الشاشان والانغوش بالقوقاز بنفيهم إلى سبيريا عقب الحرب العالمية الثانية باتهامه إياهم بالتعاون مع الجيوش الألمانية أثناء غزوها الاتحاد السوفياتي ووعد خروتشوف المنفيين بالعودة إلى أوطانهم. فكان ذلك الوعد سببا في دب النشاط والأمل في نفوس المسلمين في آسيا الوسطى وما وراء القوقاز بالاتحاد السوفياتي و بدأوا يبحثون عن ذاتهم. (انظر خريطة شمال القوقاز كوطن شعب شاشان انغوشيا).
2- بدأت هذه الصحوة وبالذات منذ الغزو الروسي السوفياتي لأفغانستان في دجنبر 1979 وبدء دخول المجاهدين الأفغان إلى جمهوريات تاجيكستان وعز بكستان وتركمنستان لأفغانستان واتصالهم بإخوانهم هناك الذين تربطهم بهم علاقة عرقية مع الشعب الأفغاني وبدأ إدراكهم لحجمهم وقوتهم البشرية والاقتصادية يزداد حيث سيبلغون عام2000 مائة مليون نسمة.
3-الطرق الصوفية القائمة بهذه الصحوة هي: النقشبندية والقادرية الرئيسيتان والطريقتان الأصغر حجما منهما وهما: الياسونية المنتشرة في قزاخستان والكبروية المنتشرة في خوارزم.
وتقدر المصادر السوفياتية أن عدد المنتمين لهذه الطرق زاد منذ السبعينات وتكونت طرق جديدة مثل الأشندرية المتفرعة عن الياسوية و التشينشينة المنبثقة عن القادرية.
أ- الطريقة النقشبندية وأبطالها في الجهاد والسياسة في آسيا الوسطى والقوقاز:
الطريقة النقشبندية غير معروفة عندنا في المغرب قديما وحديثا… بيد أننا لا نعرف عنها إلا ما كتبه بعض المستشرقين والفرس والترك بالعربية بل إن العلماء والمؤرخين المغاربة لم يكتبوا عنها لأنهم اكتفوا بالطرق الصوفية المعروفة التي تستمد أصولها من أبي الحسن الشاذلي، ويكفي للدليل على ذلك ما كتبه أبو سالم العياشي في رحلته المسماة:” ماء الموائد” حيث قال: ” ولما كانت طريق ساداتنا النقشبندية مع نفاستها وظهور محاسنها ولطيف أسلوبها وجيرانها مع الكتاب والسنة قلما توجد في أرض المغرب بل لا يعرفها أهله حتى بالاسم لبعد بلاد مشايخها فلم تصل تئالفهم إليه ولا دخل هذه البلاد أحد من أهلها فيما نعلم مع اكتفاء أهل المغرب عنها وعن غيرها من الطرق بالطرق التي بان رشدها واتضح أمرها وأمنت غائلها واستقامت أصولها وجرت مع ظواهر الكتاب والسنة فضولها طريق القطب الجامع، وشمس المحافل والمجامع الإمام أبي الحسن الشاذلي وأتباعه أئمة الهدى والحق وأصحاب الإخلاص والصدق رضي الله تعالى عن فريقهم وجعلنا من سالكي طريقهم. ولعمري وما عمري عي بهين، ما طريق ساداتنا البنقشبندية منها ببعيد وما أصولها إلا كأصولها عند كل موقف سعيد.
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانــها
ومن تأمل رشحات النقشبندية وحكم الشاذلية لم يجد بينهما اختلافا إلا في بعض الاصطلاحات الراجعة إلى الأعمال الظاهرة. وأما الأعمال القلبية والمنازلات العرفانية فلا فرق أصلا…
ولقد تأسست هذه الطريقة على يد الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند في بخارى المزداد عام 718هـ1318م بقرية عريفان قرب بخارى والمتوفى بها عام 792هـ 1389م بعد أن ترك أتباعه ينشرون طريقته في آسيا الوسطى والقوقاز والفولغا La valga والأورالLoural والداغستان وأذربيجان ووصلت طريقته إلى الهند والصين ثم امتدت إلى الشرق الأوسط ذاته. ولقد شكلت الطريقة النقشبندية المحرك الرئيسي لقوى الجهاد في وجه الغزو الروسي في عهد قياصرة روسيا وامتد جهاد شيوخنا ةمريدها عبر مئات السنين وعلى وامتداد الأراضي الواسعة من القوقاز في جبال الداغستان والشاشان غربا إلى بخارى وقرغيزيا على حدود الصين شرقا.
ولقد أدخل الشيخ منصور أشرمة الطريقة النقشبندية إلى القوقاز في القرن الثاني عشر الهجري(الثامن عشر الميلادي) وكان هذا الشيخ هو أول من قاوم الغزو الروسي على القوقاز وقام مع مريديه بإفناء فرقة روسية كاملة على نهر سويخا عام 1206هـ1785م ثم أودع السجن في قلعة “شلوسلبرغ” وهناك وافته المنية عام 1308هـ 1793م… ثم ظهر بعد ذلك الشيخ النقشبندي خاص محمد البرغلاي فتولى الجهاد ضد الروس حتى استشهد ثم تولى بعده الجهاد تلميذه الشيخ جمال الدين الكزكومخي وكان جمال الدين هذا أستاذا ومرشدا للإمامين العظيمين الملا الغازي محمد الكمراوي والإمام شامل القوقازي اللذين قاما بثورة الداغتان الشهيرة مع تلميذهما الأمير حمزة الخنزاجي والتي استقرت من سنة 1246هـ 1830م إلى عام 1276هـ 1859م فاستشهد الملا الغازي محمد والأمير حمزة في ميدان الشرف وأسر الإمام شامل القوقاز عام 1859م ثم أودع في السجن في كالوجا فمكث فيها خمس سنين سمح له بعدها قيصر روسيا إسكندر الثاني عام 1863م بالذهاب إلى مكة المكرمة ولقي هذا البطل في عبوره قنال السويس الأمير عبد القادر وهو في طريقه إلى فرنسا معتقلا.(انظر ما كتبناه عن هذين البطلين في مجلة دعوة الحق العدد 5 السنة 8 مارس 1965). ومع إطلالة القرن الرابع عشر الهجري قامت مرة أخرى ثورة المريدين من الطريقة النقشبندية ومع معارك طاحنة مع القوات الروسية تم إخضاعها عام 1305هـ1887م. أما في بلاد الشاشان والإينغوش فقد دخلت الطريقة النقشبندية أثناء إمامة الشيخ محمد شامل في الدغستان على يد أحد نوابه وهو الشيخ ناشوحاجي وذلك سنة1246هـ1830م واشتهر هذا الأخير بأعماله البطولية الباهرة في مقاومة الغزو الروسي القيصري.
وفي بطولة وشبابية البطل الإمام الشيخ شامل القوقازي بطل الثورة القوقازية، نظم الشاعر المغربي المبدع الأستاذ السيد المدني الحمراوي قصيدة تمجد فيها بطولاته الخالدة، ولا بأس من إيراد بعض أبياتها التي تحيي أولئك الأبطال الشباب الذين خاضوا معارك ضاربة، وقادوا معركة جهادية مومنة ضد الاستعمار الروسي، مغتنمين فرصة إصدار وزارة الأوقاف المغربية لعدد خاص من مجلتها الراقية: “دعوة الحق” بمناسبة ذكرى ميلاد سيد البلاد مولانا الحسن الثاني، حفظه الله، قال السيد المدني الحمراوي:
ذكــروا الجيل أنه كاد ينسى كـل ذكرى لزمـرة الأبطال
ذكروا هذه الشبيـبـة حـتى تبصر النـور في سلوك الرجال
وتحيي ذكراهمـــو ثم تحيي منهمــــو كل همة و فعال
إنهم قدوة الشباب ومــرمى كل فكر لنــــا وكل خيال
اذكروا”شاملا” فقد كاد يردي دولة”الروس” في حروب الجبـال
بطل” القوفز” الذي قاتل القـ ـصر كي تستقل أرض”الهـلال”
فقضى خمسة وعشرين عامـا حاملا في الوغى لواء النضــال
إنه الشهم قد سعى لعظيــم يتخطــــى بالحق كل ضلال
قام يحيى للمسلميـــن بعزم دولـة ذات صولــة ومعــال
ترك”الشيخ شامل” حلقة الذكـ ـر إلى حومة الوغى والنـــزال
ترك الدرس والمحابر دهـــرا وارتمـى في معامــع الأهــوال
إنها همة الرجــال إذا مــا صممـوا لا يردهــم أي حــال
***
وفي آسيا الوسطى كان النقشبنديون يقول صاحبا كتاب:”الصوفي والكوميسير” الطرق الصوفية بالاتحاد السوفياتي: هم المسؤولون عن ثورة المسلمين ضد الروس في وادي فرغانة سنة1316 هـ1898م وكان زعيم هذه الثورة الشيخ النقشبندي الإيشان(وهو لقب بمعنى الشيخ) مداليIshan madali ، وفي قرغيزيا قاد رجال النقشبندية الجهاد ضد الغزاة البوذيين”الأويروتي” Les oirotes وذلك في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين كما كان لهم دور بارز في الجهاد ضد الروس أثناء الحكم القيصري. ويقول الأستاذان إيليكس بنغيسين وشانطال لومرسييه كيلكوجاي في كتابهما:” المسلمون المنسيون بالاتحاد السوفياتي”Les musulmans oubliés en U.RSS سنة 1981 في مطابع ماسبرو maspero بفرنسا” إن معظم قادة الثورة البصمتشية Les Basmackis كانوا من المريدين الصوفيين واشتهر من هؤلاء القادة إسلام قرباشي والملا دهقان وكرشرمات ومادامين ودجانيك، وعندما احتلت جيوش قيصر روسيا القوقاز عام 1859م بعد أسرها الإمام شامل القوقازي قام الشيخ تاجو حاجي بالجهاد إلى أن استشهد في ميدان الوغى ثم قام بعده بالجهاد الشيخ بشير إلى أن أسر ونفي إلى سيبريا حيث وافته المنية هناك. ولكن سلالته المعروفة باسم سلالة إكُتاَيْ تولت بعده الطريقة النقشبندية في القوقاز وواصلت الجهاد ضد جيوش قيصر روسيا.
ولقد اكتسبت هذه الطريقة سمعة كبيرة بجهادها ضد لكالموك البوذيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين من سنة 1783م إلى سنة1917 وضد جيوش قياصرة روسيا بقيادة شيوخ طريقتها. وفي سنة 1917 وروسيا القيصرية على عتبة ثورة أكتوبر أعلى الشيخ نجم الدين غوطنسكي نفسه إماما على داغستان والشاشان فانضم إليه الشيخ أورون حاجي الذي كان على رأس جيش من المجاهدين بلغ عشرة الآخر مجاهد فاستطاع بهذا الجيش أن يصد هجمات الوحدات البيضاء التي كان يقودها الجنرال القيصري دانكين Denkine وكان من بين قادة المجاهدين سعيد بك حفيد الإمام شامل القوقازي والكولونيل علي خان وضباط الجيش القيصري وسراج الدين حاجي. وفي أعوام1879م و1880و1881م قام شيخ النقشبندية قربان مراد بثورة ضد قيصر روسيا في التركستان وما زال ضريح هذا الشيخ يعد من المزارات الكبرى في دنلي قلعة، وظهر في أتباع النقشبندية عظماء في السياسة أمثال الشيخ عبد الرحمان روسولوفي ورضاء الدين أوغلو وكان هذا الأخير رئيسا للإدارة الروحية لمسلمي أورنبورغGrembong وبهاء الدين فاسيلوف مؤسس”حزب الله” بقزانKazan سنة 1862م. ويشير صاحبا كتاب:” الصوفي والكومسير” المذكوران إنه في سنة 1877م قامت ثورة بالداغستان كان على رأسها الشيخ أوزون حاجي ولما انتهت هذه الثورة قام قيصر روسيا بنفي هذا الشيخ النقشبندي هو وأتباعه إلى مجاهل سيبريا وبقي الشيخ المذكور في السجن زهاء خمسة عشر عاما إلى أن أفرج عنه عند نشوب ثورة أكتوبر عام 1917م أما الشيخ النقشبندي مدالي إيشانMadali Ishan الذي قاد ثورة أندجان Andijan عام 1896م فقد قبضت عليه سلطات روسيا القيصرية وشنقته.
وليس من شك في أن الرئيس الحالي للإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وقزخستان الدكتور شمس الدين ابن إيشان بابا خان الذي استدعى السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لزيارة الاتحاد السوفياتي هو من أحفاد الشيخ مد إلى إيشان المذكور ومن الطريقة النقشبندية.
ومما جاء في كتاب “الرحلة العياشية” الآنفة الذكر قول صاحبها أبو سالم العياشي: ” فلما كان يوم الأربعاء اجتمعت بالشيخ جمال الدين الهندي بالمدرسة الداوودية جمعني بها شيخنا وصاحبنا الشيخ علي باحاج اليمني بعدما سألته عمن هو اليوم في الحرمين أفضل هذه الطائفة النقشبندية فدلني على الشيخ جمال الدين وعلى رجل آخر من أصحاب الشيخ تاج الدين إلا أن الشيخ جمال الدين أكثر منه عبادة وزهادة وإقبالا على الطريق وكنت كثير التشوف إلى لقيا أحد من هذه الطائفة لما كنت أرى من محاسن أصحابها وجدهم من هذه الطائفة لما كنت أرى من محاسن أصحابها وجدهم واجتهادهم في الكتب المؤلفة في طريقهم فلما اجتمعت بالشيخ جمال الدين أخذت عنه طريق السادات النقشبندية ببيته وذلك ظهر يوم الأربعاء المذكور وشيخنا هو من أعبد أهل زمانه مقبل على شأنه مراقب للحق في سره وإعلانه منقطع بالحرمين الشريفين لعبادة ربه لا مال ولا أهل إلا أصحابه المشتغلون بالطريق على يديه ولهم سيما وبهجة لا تخفى على ذي بصيرة وطريقهم طريق جد واجتهاد قريب فتحها كثير خيرها بعيدة عن الرياء والسمعة إلا أنها تحتاج كغيرها من الطرق إلى مرشد عارف ناصح وسنذكر بعد هذا نبذة من اصطلاح أهلها لغرابتها بمغربنا… إلى أن قال ولما كان يوم السبت لقيت شيخنا زين العابدين الطبري بالمسجد الحرام بإزاء باب السلام ولقنني الذكر وأجازني الخرق الثلاث: القادرية والسهر وردية والكبروية وفي يوم الجمعة لقيت شيخنا عيسى الثعالبي بمنزله بباب مزورة وتلقيت منه الذكر على طريق السادات النقشبندية رضي الله عنهم وألبسني الخرق الثمانية التي ضمنها الشيخ أحمد بن أبي الفتوح رضي الله عنه كتابه المسمى” جمع الفرق لرفع الخرق” وهي ثمانية وهو لبسها من شيخنا صفي الدين القشاشي المدني رضي الله عنه… وهاهي إجازة في النقشبندية:” أما طريق ساداتنا النقشبندية فقد رواها شيخنا الثعالبي عن الشيخ محمد المعصوم العمري الهندي وقد كتب للشيخ عيسى إجازة مشتملة على إسنادها فلنكتبها بجملتها ونصها: باسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله الذي خلق آدم على صورته وكرمه بخلافته وأجرى تلك السنة بين أنبيائه وأوليائه وقدم إحسانه على منبته وأخر شكره على نعمته وهو الأول والآخر والظاهر والباطن لا مؤخر لما قدم ولا مقدم لما أخر ولا معلن لما أبطن ولا مخفي لما أظهر وسمت همم أوليائه عن الركون إلى الأكوان عارا وتعلقت جنابهم بالله تعالى بارا فدارت عليهم بكرة وعشية كؤوس المحبة من كوثر محبوبهم دارا كلما جن عليهم الليل جعل قلوبهم من شوق ولقاء الخليل ثارا أو تفيض أعينهم من الدمع مدرارا ليلا ونهارا ويشتغلون بذكره سرا وجهارا ويتمتعون بمناجاة المحبوب إعلانا وإسرارا ويطوفون حول سرادقات الوحدة أفكارا لا يزال منهم في كل زمان من يعرف في وجهه نضارة العرفان وهو عطشان وحيران له في فضاء العشق والوله طيران غاية مطلوبه لقاء الرحمان ونهاية مقصوده رضا المنان فيظهر في أقطار الأرض آثاره ويظهر في الآفاق أنواره لسانه ناطق بالحق وهو داع إلى رب الخلق ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويقربهم ويحببهم إلى الله الغفور والصلاة والسلام على من هو خير خلقه وأحبابه وخاتم أنبيائه وأصفيائه وهو رسول لرحمة وصاحب الشريعة الغراء والطريقة الزهراء والحنفية البيضاء وعلى خلفائه الأربعة وأصحابه الكرام البررة. أما بعد فإن الدعوة إلى الله العلام من أوثق عالم الإسلام وأكرم مناهج العمل والإحسان على ما ورد في الخبر عنه عليه الصلاة والسلام. والذي نفس محمد بيده إن أحب عباد الله إلى الذين يحبون الله إلى عباده ويحبون عباد الله إلى الله ويمشون في الأرض بالموعظة والنصيحة كما قال تعالى:(قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) واتباعه إنما يكون برعاية أقواله وأفعاله وأحواله ثم إن أخانا العالم الشيخ عيسى بن محمد المالكي دخل يتوسط العبد المفتقر إلى رحمة الله الملك القيوم محمد المعصوم العمري غفر الله تعالى ذنوبه وستر عيوبه في سلك إرادة الشيوخ النقشبندية الذين هم أحقاء للاقتداء وأخذ الوسيلة لما أنهم أدرجو النهاية في البداية والتزموا متابعة السنة وجنبوا عن ارتكاب البدعة كثر الله تعالى سوادهم ودمر سبحانه وتعالى حسادهم وكان شيخه والده القطب الرباني والمجدد للألف الثاني قدوة الأولياء والمحققين ووارث علوم الأنبياء والمرسلين الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الأحد قدس الله تعالى سرهما وشيخه ومعلم طريقه مريد الدين الرضي الشيخ محمد الباقي وشيخه مولانا خواجكي الامكنكي وشيخه مولانا محمد درويش وشيخه مولانا محمد الزاهد وشيخه قدوة الأحرار عبيد الله وشيخه مولانا يعقوب الجرجي وشيخه قبلة هذه الطريقة وأمامها بهاء الحق والدين المشتهر بنقشنبند وشيخه ومعلم طريقته الأمير كلال وشيخه مولانا محمد باباد السماسلي وشيخه علي الواحثني المشتهر بعزيزار وشيخه محمود اقحيرا الفقنوي وشيخه مولانا عارف الربوكي وشيخه رئيس هذه الطريقة عبد الخالق العجدواني. وقد ربي بالروحانية هذا الرئيس الشيخ النقشبندي وشيخه الإمام الرباني الشيخ أبو الحسين الخرقاني وشيخه ومربيه روحانية الإمام الأجل جعفر الصادق وشيخه وجده من قبل الإمام قاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو من كبار التابعين ومن فقهائهم السبعة المشتهر فيما بين التابعين وشيخه سلمان الفارسي الذي شرفه الرسول عليه الصلاة والسلام بتشريفّ”سلمان منا أهل البيت” وشيخه مع درك فضيلة صحبة خير البشر عليه وعلى آله الصلوات والتسليمات أمير المؤمنين أبو بكر الصديق وشيخه وإمامه أفضل الأنبياء وقدوة الرسل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله انتهى نص الإجازة في النقشبندية كما جاء في الرحلة العياشي لصاحبها أبي سالم العياشي المتوفى عام1697م.
ب- الطريقة القادرية وأبطالها في الجهاد بآسيا الوسطى والقوقاز: مؤسس هذه الطريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني نسبة إلى جيلان المزداد سنة 470هـ 1077م بمدينة رشت Rashtبإقليم جيلان أحد أقاليم إيران الواقع على ساحل بحر قزوين (بحر الخزر) وجيلان إقليم من الشمال الغربي من بلاد إيران يحده شمالا ناحية تاليس الروسية وجنوبا سلسلة البرز الفاصلة بينهما. ولقد ألفت في مؤسس هذه الطريقة عدة مؤلفات بالعربية والفارسية والتركية والأردنية والفرنسية والإنجليزية سبق أن ذكرناها هي ومؤلفات مؤسس الطريقة المذكورة وفروعها في العالم الإسلامي في العدد السابق من مجلة دعوة الحق رقم 269 الصادر في رمضان الفائت 1408 أبريل ماي 1988 والخاص بإفريقيا.
دخول الطريقة القادرية إلى آسيا الوسطى وما وراء القوقاز:
دخلت هذه الطريقة إلى آسيا الوسطى وما وراء القوقاز في مرحلتين:
*المرحلة الأولى على يد تجار بغداد في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي إلى مملكة البلغار في الفولغا Volgo وفي مدن التركستان.
*والمرحلة الثانية: على يد حاجي كشيف كونتا في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي. وعلى يد القادرية أسلم شعب الإينغوش من سنة 1850م إلى سنة 1865م الذي بقي وثنيا إلى هذا العهد في شمال القوقاز وسرعان ما انضم مريدو القادرية إلى مريدي النقشبندية في مواجهة جيوش قيصر روسيا واشتركوا معهم في معاركهم الجهادية فقامت السلطات الروسية باعتقال كونتا حاجي من شد القادرية عام 1864م وأدخلته السجن إلى أن توفي فيه عام1867م. ويقول صاحب كتاب:”الصوفي والكوميسير” اشتركت الطريقتان الكبريان النقشبندية والقادرية في الثورة الكبرى في الداغستان والشاشان خلال عامي 1877 و1878 وواجه أتباع هاتين الطريقتين أشد أنواع البطش القيصري وسبي آلاف المريدين… والغريب في الأمر أن محنة 1878م بدلا من أن تشكل بداية انحطاط الطرق الصوفية في القوقاز شكلت نقطة انطلاق لبعثها ومد نفوذها”.
وتشعبت الطريقة القادرية بعد موت”كونتا حاجي”إلى أربعة فروع(ورد) وهي:
1)الورد النظامي الذي يحمل اسم”كونتا حاجي”وانتشر هؤلاء في الشاشان وإينغوشا والداغستان.
2) طريقة”بطل حاجي بلهورييف “ومركزها في بلاد الإينغوش ثم انتشرت في الشاشان والداغستان، وهي تطبق حرفيا أحكام الجهاد ومثله العليا ولذا قتل معظم قادتها في المعارك أو نفذت فيهم السلطات القيصرية أحكام الإعدام … وهم شديد والتمسك بالشريعة وآدابها وبروح الجهاد، ويتحاشون الاختلاط بغير المسلمين…
3) طريقة(بامات حاجي ميتانيف) ومركزها أيضا بلا الإينغوش.
4) طريقة”شيم ميرزا” وترتكز في مقاطعة شالي Shali في بلاد الشاشان وفي سنة 1955 تكونت طريقة عويسر حاجي القادرية أثناء العيش في مجاهل سيبيريا وكانت عاملا مهما في إذكاء الروح الدينية والمحافظة على العقيدة الإسلامية وروح الإخاء بين الشعوب المسبية في فيافي سيبريا Sibérie. وقد عرفت هذه الطريقة في الأدب السوفياتي باسم”أخوية القلنسوات البيض”.
« La Tariqa des bonnets blancs »(Beloshaposhniki) لأن رجال هذه الطريقة يلبسون قلنسوات بيضاء من الفراء أثناء الذكر الجماعي ولم يكن تأثير هذه الطريقة مقصورا على شعوب الشاشان وإينغوش ولكن أثرها امتد إلى شعوب قازخستان وقير غيزيا الشمالية.
وترتكز الطريقة القادرية في عدة مناطق في القرقاس وآسيا الوسطى… وتختلف الطريقة القادرية عن الطريقة النقشبندية بأن القادرية يعتمدون الذكر العلنيى بينما يعتمد النقشبنديون الذكر القلبي الخفي مما جعل الروس يطلقون عليهم اسم”شيبتوني” أي المنتمين بينما يطلق الروس على القادرية اسم ذكر يستى” أي أصحاب الذكر العلني”.
وفي سنة 1877 قامت ثورة بداغستان كان على رأسها شيخ نقشبندي وشيخ قادري ولما انتهت هذه الثورة قام قيصر روسيا بنفي مريدي النقشبندية والقادرية إلى مجاهل سبيريا وهاجر نحو خمسة آلاف من مريدي القادرية إلى تركيا. ثم قامت ثورة أخرى في بلاد إينغوش قامت بها الطريقة وتسعة من أحفاد وهم يحملون السلاح وبقيت حرب العصابات مستمرة من سنة1940 إلى سنة 1947 حيث قبض على الشيخ قريش بلهورييف آخر فرع من سلاله بطل حاجي بلهورييف ونفي إلى سيبريا. وفي سنة 1957 أفرجت السلطات الروسية عن شيخ القادرية السيد “متريش بلهورييف” فعاد هذا الشيخ إلى بلاد “الشاشان” لرئاسة مشيخة الطريقة القادرية على حد قول”إليكس بنغيسين” ولو مر سيرية”صاحب كتاب”: “الصوفي والكوميسير”.
ويقول الخبراء السوفياتيون إن خبرة الطريقة النقشبندية وإليها يعزى استمرار معارضة شعب الشاشان ومقاومته الإجراءات التعسفية بين أعوام 1920 و1943. وجاء في “مجلة العالم” التي تصدر في لندن في عددها رقم57 الصادر في مارس 1985 تحت عنوان: “ثورة المسلمين الصامتة” بالاتحاد السوفياتي”: “إنه على الرغم من أن القانون الروسي يمنع أداء الزكاة إلا أن أعدادا من المسلمين يقدمون الزكاة ويسهمون في إعمار المساجد ويشير تقرير سوفياتي إلى أن الطريقة القادرية في شمال القوقاز مستمرة في استيفاء الزكاة من أعضائها” . وصرح سيد أحمد الكيلاني شيخ الطريقة القادرية بأفغانستان، وصهر محمد ظاهر خان ملك أفغانستان السابق وهو في الوقت نفسه زعيم” مجاز ميللي إسلامي” أي الجبهة الوطنية الإسلامية التي تعد من الحركات السبع للمجاهدين الأفغان أن أتابع طريقته القادرية يخلدون إلى جمهوريات تاجكستان، وعز بكستان وتركمنستان بالاتحاد السوفياتي ويتصلون بأتباع القادرية في هذه الجمهوريات.
وجاء في كتاب:”المسلمون المنسيون السبي والعيش في المنفى السبيري المتجمد حافظ الشاشان والإينغوش على البنية التقليدية لمجتمعهم وترك عمل القادرية وشما عميقا في طابع الإسلام عندهم. ويقر كل المراقبين السوفييت أن جمهورية الشاشان إينغوش هي الحصى الأكثر صلابة للإسلام في الاتحاد السوفياتي”.
د- الطريقة الكبروية:
مؤسسها هو الشيخ الدين أحمد الكبرى الخيوي نسبة إلى مدينة “خيوه”عاصمة خوارزم في العصور المتأخرة المزداد سنة 540هـ(1145م) بهذه المدينة والمتوفى سنة 616هـ(1220م) بكوهل وأرجنس عند استيلاء المغول على قلعة كوهل وقد كان لهذه الطريقة دور بارز في تعميق الإسلام في المناطق الواقعة شمال خوارزم. كما كان لهم دور بارز في نشر الإسلام بين القبائل التركمانية. وتنتشر هذه الطريقة في منطقة خوارزم الواقعة حاليا في جمهورية تركمنستان.
وهناك طريقة صغيرة تسمى القلندرية وهي طريقة جوالة انتشرت منذ القرن الخامس الهجري في الهند والتركستان وتضم أتباعا في كل أرجاء عزبكستان.
4-التنظيمات السرية للطرق الصوفية تقوم على التعتيم وعلى السرية التامة بين أتباعها وتنتشر أماكن العبادة السرية، وهناك عدد من الشباب المنخرط في الحزب الشيوعي اكتشف وهو يؤدي الصلاة ويتعلم القرآن ولهم محاكم سرية يحاكمون بها أتباعهم عندما يفشون سر تعاليم الطريقة بالجلد والمشي أياما فوق الجبال. وقد سجل أحد أتباع طريقة صوفية وردها في الإذاعة الرسمية على كاسيطات خفية عن أعين الرقباء ولا تخلو كتب السيد قطب من بيت صوفي. وقد ضبطت السلطات السوفياتية أحد الأساتذة وهو يعطي في النهار دروسا ضد الدين وفي الليل يجتمع مع اتباع الطرق الصوفية ويتلو ذكرهم ووردهم. ويقول الأستاذان أليكس بنغيس ولومرسيه في كتابهما:” الصوفي والكوميسير” إن الطريقة القادرية بالقوقاز ما هي إلا منظمة سياسية سرية ويمكن أن تصير جمعية سرية مغلقة ويعتقد كثير من الملاحظين السوفياتيين أن الطرق الصوفية لها محاكمها الخاصة السرية ونظامها الجبائي ومدارسها السرية، وتشير المصادر السوفياتية أن هذه الطرق معروفة رغم طابعها شبه السري.
وتوجد في أرمينيا وأذربيجان فرقة غلاة الشيعة الذين يؤللهون سيدنا علي كرم الله وجهه بقولهم:” علي إلاهي” والعياذ بالله. وهي فرقة صغيرة لا يتعدى أفرادها عشرين ألف سنة.
ج-الطريقة الياسوية:
مؤسسها هو أحمد اليسوي أحد كبار العلماء ورجال الطرق الصوفية وأحد فحول الشعراء وهو مغولي الأصل وقد أسلم على يديه مئات الآلاف من الماغول واستطاع بفضل الله وجهوده المباركة أن ينشر الإسلام في مناطق واسعة في التركستان كما استطاع أن يجذر الإسلام ويعمقه لدى القبائل الهمجية التي دخلت في الإسلام، وقد توفي أحمد اليسوي في منطقة تشيمنقد بمدينة ياسي Yasy بالتركستان وأمر السلطان تيمور ببناء ضريح له . وفي منطقة فيرغيزيا قاوم أصحاب هذه الطريقة الروس القياصرة، ويتهم مريدوها بالتعصب الديني. ويعتبر مركز الطريقة الياسوية الأساسي في جنوب كازخستان ومنها انطلقت إلى مختلف مناطق التركستان، وفي عام1963 اكتشفت السلطات السوفياتية تنظيما سريا لهذه الطريقة.
وكان لتلاميذ و أتباع أحمد الياسوي تأثير قوي على الأتراك والمغول لدى القرون. وكان لهم دور كبير في انتشار الإسلام بين المغول والقبائل التركية والقازاخية كما كان لهم دور كبير في انتشار الإسلام بين الماغول والقبائل التركية والقازاخية كما كان لهم دور كبير في تجذير الإسلام وتعميقه في نفوسهم. وفي العصور الحديثة قام شيوخ هذه الطريقة ومريدوها بمقاومة قياصرة روسيا بعنف في منطقة فرغيزيا وقزاخستان مقاومة شديدة ولا يزال أتباع هذه الطريقة ينتشرون سرا في جنوب قازخستان وقرغيزيا وبعض مناطق عز بكستان وانقسمت هذه الطريقة إلى فرقتين فرقة تعرف باسم لاشي وفرقة تعرف باسم الإيشان أصحاب الشعورJshans chevelus وهم يعتمدون على الذكر القلبي الخفي. وقد أسس فرقة لاشي L’ordre des laachis في عام 1870 الشيخ سنيوار الياسوي Sanivar ثم خلفه في الطريقة الشيخ بابا جان خلفة رحما نكلوف القيرغيزي، وتاريخ هذه الفرقة يحيط به الظلام حيث إن أتباعها يعيشون بعيدين عن إخوانهم المسلمين حيث اعتبر مؤسسها من الخوارج وشارك أتباعها في ثورة البصماتشيينLa révolte des basmachis عام 1920 تحت قيادة أبو المطلب ساتيبالدييف أحد شيوخ الطريقة الياسوية ثم اختفت الطريقة بعد ذلك ثم ظهرت سنة 1963 ثم اختفت ثم ظهرت سنة 1959.
وتشير الأستاذة هيلين كارير دانكوسHélène carrere d’Encausse في كتابها:” الإميراطورية المتفجرة” الذي ترجمه من الفرنسية إلى الأنجليزية الأستاذان مارتن سكولنسكي وهزي لافارج سنة1982 بنيويورك بعنوان Traslated by martin Sokolinsky 8 henri A lafesge (declinofan Empire)(new sweck book, new york , sixth printig 1982)
إن الاحتفال بالمولد النبوي في آسيا الوسطى والقوقاز يجري في المنازل ويستعاض عن الحج إلى الحجاز إلى الأماكن المحلية المقدسة. ويحتفل الشيعة بعاشوراء وتمارس الطرق الصوفية- وأهمها النقشبنديةوالقادرية- طقوسها واحتفالاتها خاصة وأن التصوف يستند ساعده لدى مسلمي الاتحاد السوفياتي”.
ولقد كتب الأستاذ محمد بنعبد الله مدير مجلة دعوة الحق الذي كان ضمن الوفد المغربي الذي وجهه – جلالة الملك سنة 1968 لزيارة الاتحاد السوفياتي ارتساماته في حلقات عن تلك الزيارة. ومن المؤسف إنه لم يتممها في هذه المجلة.
5-جغرافية مزارات الأماكن المقدسة في آسيا الوسطى والقوقاز: توجد في آسيا الوسطى والقوقاز عدة مزارات للأولياء والصالحين يفوق عددها ألف مزار يؤمها مسلمو الاتحاد السوفياتي في المناسبات الدينية وأهمها مسلمو الاتحاد السوفياتي في المناسبات الدينية وأهمها هي:
أ- في جمهوريات الشاشان والانغوش.
* ضريح الشيخ النقشبندي أورون حاجي.
* ضريح كونتا حاجي مؤسس الطريقة التي تحمل اسمه وهي فرع من القادرية.
* ضريح طاشو النقشبندي.
*ضريح الشيخ أومال حاجي أخاد ويجتمع فيه عادة أتباع القادرية والنقشبندية.
ب- في جمهورية داغستان.
* ضريح الشيخ عبد الرحمان سقراط المتوفى مسجونا بسيبريا عام 1890م.
*ضريح الشيخ بشير وولديه عبده وعرب.
ج- جمهورية اذربجان:
* ضريح محمد أفندي.
*ضريح إمام زاد.
د- في آسيا الوسطى.
* ضريح يوسف الحمداني.
*ضريح يوسف خوجا بابا.
*ضريح نجم الدين كبرى مؤسس الطريقة الكبروية.
*ضريح قربان مراد.
*ضريح زنجي بابا.
*ضريح فجر الدين الرازي.
*ضريح فاضل شاه.
*ضريح إيشان قالة.
* ضريح خوجة أبي كرم.
*ضريح خوجة تاج الدين.
* ضريح الشيخ بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية.
* ضريح الشيخ أحمد الياسوري مؤسس الطريقة الياسوية.
* ضريح الشيخ علي أبو الدقاق(توجد عندنا بالرباط عائلة قديمة تحمل لقب الدقاق)
*ضريح الشيخ ياقوت الشرخي الخ…
انظر خريطة المزارات في القوقاز وخريطة المزارات في آسيا الوسطى.
6- مستقبل الطرق الصوفية بالجمهوريات الإسلامية بالاتحاد السوفياتي رهين يقول صاحب كتاب:”الصوفي والكوميسير” الآنف الذكر- بتطور الأحداث في أفغانستان وإيران وباكستان المتاخمة لهذه الجمهوريات. ففي بعض الأحيان تتصل جماعة من القادرية والنقشبندية الأفغانيين بأتباع هاتين الطريقتين بالاتحاد السوفياتي كما تتصل بهم جماعة من العلماء الباكستانيين وتروج بينهم كتب السيد قطب والمودودي والندوي.
ونلخص مما سبق بيانه وإيضاحه أن صحوة المسلمين بالاتحاد السوفياتي ليست حركة جيوش تسعى إلى القتال وإنما هي وعي شعوب إسلامية تبحث عن ذاتها بواسطة الطرق الصوفية. والمؤمل أن عصر”العلاسنوت” Glasnot والبوريسترويكاPerestroika عنصر التحديث والتغيير الذي أدخله الرئيس غورباتشوف إلى الاتحاد السوفياتي سيعطي نفسا جديدا للمؤمنين في هذا الاتحاد لفتح مساجد وزوايا وكنائس وبيع للقيام بعباداتهم.
وقد ظهر هذا الانفتاح الغورباتشوفي جليا بإنشاء شباب روسيا حزب ديموقراطي أثناء انعقاد مؤتمر قمة موسكو بين غورباتشوف وريغان فاتح يونيو 1988 وطواف الحزب المذكور في أهم شوارع موسكو حيث رأى سكان الرباط ذلك رأي العين في القناة الخامسة للتلفزة الفرنسية فالسباب رجال الغد كما يقال.
المراجع
*) توفي في باريس ليلة الثالث من يونيو 1988 الكسندر بينغيسن المتخصص في شؤون الإسلام في الاتحاد السوفياتي.
وقد ولد بينغيسن عام 1913 في بيترسبروغ وهو من أحفاد الجنرال الروسي بينيغسن والتجأ إلى فرنسا مع عائلته عام 1924 وكان أحد كبار المتخصصين في تاريخ الشعوب الإسلامية السوفياتية وتدريس هذا التاريخ في معهد الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية في باريس وابتداء من عام 1955 بدأ تأصير دروسه كبيرا في فرنسا وفي الولايات المتحدة وأنجلترا.
ومارس بينغسن التدريس ابتداء من نهاية الستينات في عدة جامعات أمريكية وكان” أستاذا زائرا” في جامعة شيكاغو وتتلمذ على يده عدد كبير من المتخصصين ونشر مؤلفات عدة تعتبر مرجعا في تاريخ العالم الإسلامي والحركة الوطنية الإسلامية في الاتحاد السوفياتي.
وخلال السنوات الأخيرة ساند بقوة قضية المقاومة الأفغانية.
أولاً: المراجع العربية للكتب:
1) فتحي يكن : العالم الإسلامي والمكائد الدولية 1981
2) محمود شاكر قفقاسيا 1972
3) محمد سامي عاشور المسلمون 1959
4) الدكتور حسن أحمد محمود: الإسلام في آسيا الوسطى 1972
5) عبد الله القادري: الشعوب الإسلامية في الاتحاد السوفياتي 1963.
6) الدكتور جمال حمدان: العالم الإسلامي المعاصر 1971.
7) أحمد عطية: القاموس الإسلامي 1970.
8) شكيب أرسلان: تعليقات على كتاب حاضر العالم الإسلامي 1968.
9) عمر رضا كحاله: العالم الإسلامي 1985.
10) الموسوعة العربية الميسرة 1969.
11) المفتي ضياء الدين بابا خان: الإسلام في البلاد السوفياتية. طبع طشقند 1980.
12) عبد الكريم غلاب: من موسكو إلى مكة 1970.
13) عباس محمود العقاد: الشيوعية والإنسانية 1964.
14) فرج جبران: ستالين 1958.
ثانياً: المجلات العربية:
• الهلال(القاهرة) مايو 1948
• *المصور(القاهرة)
• الكاتب المصري(القاهرة)
• *العالم(لندن) العدد 57/16/3/85
• منار الإسلام ؛
• *التضامن (الرباط) دجنبر 1973
• كل العرب(باريز)
• * المجلة (لندن) 1987
• الحوادث(لندن)
• * الوعي الإسلامي(الكويت)
• الإيمان (الرباط) مايو 1967
• *العربي ع 347(الكويت) 1987
• الدستور(لندن)
• الدوحة(الدوحة)
• الأمة( أبو ظبي) يونيه 81
• اللطائف المصورة (القاهرة ) 1939
• دعوة الحق (الرباط) ع6س12مايو1959
• الجيل(نيغوسيا)
• الفيصل (الرياض)
• الوطن العربي(باريز)
• المسلمون سعيد رمضان (جنيف)
• العصر الحديث (موسكو)
• الشؤون السوفياتية(ميونيخ)1970
ثالثاً: الجرائد العربية:
• العلم. الرباط 24 غشت 1987
• الشرق الأوسط(الدار البيضاء)
• المسلمون(لندن)
• أخبار اليوم(القاهرة) 11 أبريل 1959
• الأهرام(القاهرة)
• المدينة(المدينة)
• القبس(الكويت)
• السياسة(الكويت)
• الرائد(الهند)
* أنباء موسكو (موسكو)
* البيان (الرباط) 14 ماي 1988
رابعا: المراجع الفرنسية للكتب:
1971- vincent montell , les musulmans sovietique
1978- hellène carrère d’encause, l’empire éclatee
1981- amexandre bennisea et chantal lemercier, les musulmans oubliés
1963- gustave welter, histoire de russie
1987- alexandre bennigsen et chantal lemercier, le soufl et le commisaire
1977- bernard lewis, le monde de l’islam
خامساً : الجرائد الفرنسية:
– le monde –année 1987
– le figaro – année 1987
سادساً:الجرائد والمجلات الروسية:
1987 pruvda (journal)
1987 temps nouveaux(revue)
Asie et afrique aujourd’hui
سابعاً: المجلات الفرنسية:
Atlas n° 39 octobre 1969
Paris match
Le point n° 776 /3 aout 1987
L’expresse 14 aout 1987
Jeune afrique
ثامنا: المجلات الأمريكية
– Newsweek21 janvier 1980
– Time august 10-1987
________________________
*نقلًا عن موقع ” دعوة الحق” التابع لوزارة الأوقاف في المملكة المغربية.