المؤثّرات الأجنبية في التصوّف الإسلامي من منظور استشراقي
أ.د. طالب جاسم حسن العنزي_ م.د. سلمى حسين علوان
المؤثّرات الأجنبية في التصوّف الإسلامي من منظور استشراقي
أ.د. طالب جاسم حسن العنزي_ م.د. سلمى حسين علوان
المقدّمة:
إنّ فهم العلاقة التي ربطت التصوّف الإسلامي بالثقافات والديانات الأخرى مسألة إشكالية، وقضية فكرية ماتزال مطروحة إلى الآن، ينشغل بها الباحثون في الدراسات الصوفيّة وتاريخ الأفكار وعلم الأديان المقارن. كلّ يتناولها من الزاوية التي توافق سياق عنايته وتساعده على تحصيل نتائج ذات جدوى في حقل بحثه.
سنسعى في هذا البحث إلى تحديد طبيعة الوشائج وأنظمة العلائق التي ربطت التصوّف الإسلامي بالأنساق الثقافية والفكرية والدينية الناشئة في حضارات الأمم الأخرى، تلك العلائق التي يمكن أن نختزل الكلام عن ماهيتها بقولنا: إنّها لم تكن رفضاً مطلقاً، كما لم تكن قبولاً أو محاكاةً باهتة، إنّما كانت تواصلاً جدلياً يقوم على التفاعل المثمر، وهي عادة اقتضاها منطق الفكر الصوفي في الإسلام ذاته لكونه يلتقي مع سائر الثقافات في العالم. ومقصده خلاص النفس والتحقق من حقيقة الذات الإلهية. محاولين في ذلك تأسيس أرضية معرفية ننظر من خلالها إلى علاقة هذا الموروث بثقافة الآخر فلا نرفض مبدأ التأثير والتأثر، ونعد هذا البحث بمنزلة الأدب المقارن أو الدين المقارن، ونعني به دراسة خصوصية الفكر الصوفي في ثقافة ما من خلال أوجه التماثل أو المشاكلة أو الاختلاف بين فكرة أو مقولة ونظيرتها في ثقافة الآخر أو حضارة سابقة ومن خلال ما طرحه المستشرقون.
وقد اقتضت طبيعة البحث أن يقسّم على مبحثين، ومقدمة، ومدخل، وتلتهما خاتمة ذكرت فيها أهمّ نتائج البحث، تلتها قائمة بمصادر البحث ومراجعه. وأما المبحثان فقد تناولت في المبحث الأول أنواع المؤثّرات الأجنبية في التصوّف الإسلامي، وتناولت في المبحث الثاني: نقد التصورات عن المؤثرات الأجنبية في التصوّف الإسلامي.
مدخل:
عنى الباحثون الغربيّون في القرن التاسع عشر وأوائل القرن الماضي ببيان ما أسموه بالمؤثّرات الأجنبية في نشأة التصوّف الإسلامي وتطوّره. وكانت دوافعهم إلى تلمّس هذه المؤثرات المزعومة عديدة. وحقيقة القول، أنّ وضعهم هذا وضعٌ خاطئ حينما أرجعوه إلى العوامل الأجنبية، فنشأة التصوّف الإسلامي قطعاً داخلية ضمن المناخ العام وداخل الإطار العقيدي والاجتماعي للإسلام، استغرق قرنين من الزمان «الأول والثاني الهجريين» وخلالهما أصبح المصطلح الدالّ على هذه الظاهرة الروحية التصوّف يغلب على تسمية الزهد. وأصبح علماً متميزاً ومستقلاً عن سائر العلوم من ناحية الموضوع والمنهج والغاية. إذ كانت له لغته الخاصة به وله مصطلحاته بعضها حصراً بالصوفيّة وبعضها يشاركهم بها آخرون(1).
وإنّ كلّ الآراء التي قيلت غير وجيهة ولم تثبتها الوثائق والنصوص التي عرفت في كتاباتهم إلاّ أنّه في الآونة الأخيرة عدل الكثير من المستشرقين في آرائهم. مثلاً نرى غولدتسهير(2) ذكر: إنّ ما اعترى حركة التصوّف من تطور داخلي، فإنّ رد الفعل الخارجي والمؤثّرات التاريخية التي غلب أثرها في البيئات الصوفيّة المختلفة أدّى إلى اختلافات وتفريعات لاتحصى، وانقسامات في الأساس النظري لهذا النظام، بل تظهر هذه الاختلافات في كيفية النظر إلى فكرة التصوّف نفسها.
أما ماسنيون(3) قال: إنّ في القرآن البذور الحقيقية للتصوف عامة. وهذه البذور كافية لتنميته في غير حاجة إلى أيّ غذاء أجنبي. ويضيف: كلّ بيئةٍ دينيةٍ يتوافر لتقوى أبنائها الإخلاص والتفكير، تصلح لأن يظهر فيها روح التصوّف. فليس التصوّف إذن من خصائص عنصر أو لغة أو أمّة، بل هو مظهر روحي لا يحدّه مثل هذه الحدود المادية، فمن القرآن ـ يردّد المسلم تلاوته ويتأمل في آياته ويقوم بفرائضه ـ انبثق التصوّف الإسلامي ونما وتطوّر(4).
يبدو أنّ ملامح صوفية إسلامية مبكّرة سبقت هذه الفكرة نتيجة الشرح والتأويل، ونتيجة التفاعل الفكري بين الثقافات الأجنبية والثقافة الإسلامية بسبب انسياح المسلمين واختلاطهم بالأمم المختلفة. ولكن المرجّح كما قال نيكلسون(5): إنّ كثيراً من الخصائص الإسلامية للتصوّف عند المسلمين وليدة البيئة المحلية، وهذه الخصائص المحلية أصبحت من التقاليد التربوية المعروفة بحيث طبقت على وجهة متكاملة في سائر الأمصار الإسلامية، كما ذكر(6): وبما أنّ نهاية القرن الثاني الهجري تقترب حين ظهرت في بلاد ما بين النهرين لأوّل مرة كلمة (الصوفي) التي سرعان ماعرفها متصوّفة الإسلام على العموم.
أمّا إذا ثبت أنّ التصوّف كان نتيجة لتطوّر ولتفكّك الحياة الروحية في الحضارة الإسلامية، وإنّ نشأته كانت لاحقة لحركة الزهد و الفرق الإسلامية وعلم الكلام. وكان جزءاً من ذلك اللّقاء التاريخي بين لحظة الاكتئاب في الحضارة الإسلامية وخبرات الحضارات السابقة في ذات الشيء، فلابدّ أن ننظر بعين الريبة والحذر للمصادر التي تؤرخ التصوّف بظهور الإسلام، وتقبل الأحاديث النبوية في ذلك دون أن تنظر في شروط الإسناد. إنّ الآراء التي تجعل من الأيام الأولى للإسلام منشأ للتصوف تجهل أو تتجاهل التعارض التامّ بين أسباب التصوّف وروح الأيام الأولى للإسلام. إنّ تربة القرن الأول الهجري هي ثائرة، ولا تستدلّ الثورة عليها بلغة العصر.
فالمجاهدون الأوائل ينكرون ذواتهم، ولكنّه نكران من أجل غيرهم. أمّا الصوفي فهو وحداني الذات لايقبل أحداً، حينما بدأ المسلم يتّجه نحو ذاته في القرن الثاني الهجري، ازدهرت شجرة التصوّف، وكما قال ماسنيون(7): وقيل لم يعرف هذا الاسم «الصوفيّة» إلى المائتين من الهجرة النبوية. لأنّ في زمن رسول الله 9 كان أصحابه يسمّون الرجل صحابياً لشرف صحبته، وكون الإشارة إليها أولى من كلّ إشارة. وبهذا نجد أنّ الثورة السياسية التي نقلت مركز الخلافة الأموية من الشام إلى بغداد، أدّت بالإسلام إلى التماس المباشر والاصطدام بالأفكار والمدنيات التي نشأت قبل الإسلام.
وبهذا أكّد نيكلسون(8): إنّ التصوّف هو البقعة المشتركة التي تلتقي فيها نصرانية القرون الوسطى بالدين الإسلامي وتقتربان كثيراً. وبهذا الواقع الاجتماعي وليس ظاهرة نفسية منعزلة «المثالي والميتافيزيقي، للظاهرات النفسية والروحية. ولكن الملحوظ أن كثيراً من الباحثين الغربيين يقعون في تناقض مباشر وهم يعالجون هذه المسألة. أي أنّه يمكن أن تقول: إنّ التصوّف قد اتخذ اتجاهين متمايزين؛ أحدهما عقلي أدّى إلى تصوّفٍ يمكن أن نسمّيه عرفانياً، والآخر ذو اتجاهات شعبية اتخذت شكلاً ملموساً يتمثل في الطرق الصوفيّة»(9).
سوف نتناول هذه المؤثرات الأجنبية في نشأة التصوّف الإسلامي وتطوّره على أساس مصادرها، وهو أمر كبير الصعوبة؛ لأنّ البحث عن مصادر كلّ وجه من وجوه النشاط الإنساني في مظهره الروحي يجب أن يرقى في الحقيقة إلى مبدأ الوجود الإنساني نفسه حينما بدأ الإنسان يعبّر عن خلجات نفسه كإنسان. ويجب هنا أن نعلم أنّ هذه العناصر المختلفة لم تكن الأساس الذي قام عليه التصوّف الإسلامي، ولا أنها دخلت في التصوّف مرّة واحدة، ولكنّها تسرّبت إلى المتصوّفين شيئاً فشيئاً في أزمنة متطاولة حتى تجمعت على ما سنراه في البحث.
المبحث الأول
أنواع المؤثرات الأجنبية في التصوّف الإسلامي
1 – الأثر الأفلاطوني:
إنّ المصدر اليوناني يتمثّل في الأفلاطونية المحدثة والمصدر المسيحي وتأثير الرهبان المسيحيين. ومن الذين يذهبون إلى هذا الرأي من المستشرقين فون كريمر، غولدتسهير، نيكلسون، هاملتون جب، آسين بلاثيوس، اوليري(10).
نحن لاننكر تأثير بعض الصوفيّة المتفلسفين بالمسيحية على نحو ما نجد عند الحلاّج الذي استعمل في تصوفه اصطلاحات مسيحية كالكلمة واللاهوت والناسوت وغيرها(11). نعم إنّ للفلسفة اليونانية عامّة والأفلاطونية المحدثة خاصّة أثراً على التصوّف الإسلامي، إلا أنّنا لانرد التصوّف كله إلى مصدر يوناني، فالصوفيّة الأوائل لم يقبلوا على هذه الفلسفة إلاّ في وقت متأخّر حينما عمدوا إلى مزج أذواقهم القلبية بنظراتهم العقلية، وذلك منذ القرن السادس الهجري وما بعده(12). ويتسع مجال الحديث عن التأثير اليوناني ولاسيما الهلينستي، أي يوناني بعد دخول الاسكندر للشرق سنة (331 قبل الميلاد حتى القرن السادس الميلادي) وكما يسمّيها ماسنيون: الأفكار الميتافيزيقية والغنوصية(13)، والأفكار الأفلاطونية المحدثة مما يجمع أحيانا تحت اسم «التوفيق الهلينستي« Syncretisme hellenistque » أو التوفيق الشرقي(14).
إذا كانت البنية الأولى للتصوّف الإسلامي عربيّة بوجه خاص، فإنّه من المفيد تحديد العناصر الأجنبية التي استطاعت الالتصاق به والانتشار فيه. وهكذا أمكن العثور أخيراً على عناصر تقوية عدّة مستمدة من متخصّصين في دراسة التصوّف الإسلامي كالمستشرق ارنولد توماس نيكلسون، الذي ذكر: بعد السنة الألف للميلاد بدأ التصوّف يمتصّ الفلسفة اليونانية ويتشرّبها، فالدلائل التي توفّرت حتى الآن تدلّنا على أنّ أصولها قد تأثّرت بالزهد المسيحي والتصوّف اليوناني(15).
أمّا دي لاسي اوليري(16)، فإنّه يرى أنّ أصوله قد تأثّر بالغنوصية. الأثر الغنوصي الذي وصل بوساطة الصابئة الذين كانوا يقطنون منطقة المستنقعات ما بين واسط والبصرة. وهؤلاء كانوا يسمّون المندائيين، وذلك لتميزهم من صابئة حرّان. والمتصوّف معروف الكرخي(17) (ت200هـ) نفسه كان إبناً لوالدين من هؤلاء الصابئة. ويعارضه نيكلسون(18) بالقول: لم يكن ـ معروف ـ من أصول صابئية، لكنه كان على علم بمذهبهم.
أما المستشرق غولدتسهير(19) ذكر: إنّ الباحثين الانكليز ولاسيّما هوينفيلد وبراون ونيكلسون، الذين قاموا أخيراً بدراسة التصوّف الإسلامي، قد أبرزوا بطريقة دقيقة طابع الفلسفة الأفلاطونية الحديثة في التصوّف الإسلامي. وعند إلقاء نظرة عامة على تاريخ التصوّف الإسلامي، لا يمكن أن نتجاهل المؤثرات الأخرى التي تحاكي حياة الرهبان السائدين، وهذا يجعلنا نؤكّد أنّ أثر الأفلاطونية الحديثة وحدها لايكفي لتفسير الممارسة العملية لشعائر الزهد الصوفي فيه. فهو يلتقي مع اوليري(20) في قوله: ليس من شك في أنّ هذا التيار الافلاطوني المحدث كان جزءاً من الأثر الذي أحدثه في الإسلام ونقل الفلسفة اليونانية إلى العربية في العصر العباسي.
وقد يشار لبعض المشاهير الصوفيّة الذين كان لهم أثر في التصوّف الإسلامي بالآراء الأفلاطونية المحدثة ومنهم: ذو النون المصري الذي عاش في القرن الثالث الهجري، ذكر نيكلسون (21): إنّ ذا النون قد نهل من الثقافة اليونانية، فضلاً عن أنّ المعاني التي تكلّم فيها هي في جوهرها كتابات يونانية ككتابات «ديو نيسيوس»، وتلك مقدّمة توصل إلى نتيجة لازمة، وهي إنّه لابدّ من وجود صلة تاريخية بين التصوّف والفلسفة الأفلاطونية الحديثة. وعن (ذو النون) ذكر المستشرقون(22) «انّه يعبّر عن عقيدة اتحاد النفس النهائي بالله بطريقة تشبه التعاليم الأفلاطونية المحدثة إلى حد كبير باستثناء بلاثيوس»(23)، فإنّه: «يعدّ ابن عربي (ت638هـ/1240م) أكثر المتصوّفة الإسلاميين تأثراً بمذهب الأفلاطونية العميق المتغلغل في كلّ مذهبه وبخاصة في تصوّفه». ولكن الدكتور أبو العلا عفيفي(24)، يرى أن ابن عربي وإن كان يستعمل كلمة الفيض وما يتصل بها من اصطلاحات، وقد ذكر فيوضات أفلوطين بأسمائها وعلى النحو الذي عند أفلوطين، ولكن الفيض عنده ـ أي ابن عربي ـ معنى يختلف تماماً عن معنى أصحاب الأفلاطونية الحديثة.
هذا حال التصوّف الإسلامي، فأصله وتطوّره ناتج عن إدامة تلاوة القرآن الكريم والتأمّل فيه وممارسته وفق سنة رسول الله 9، وليس كما يحاول المستشرق تور اندريه(25) الذي يردّه إلى التأثير المسيحي حين قال: هناك احتمال في أنّ هذا التطور ربما لايكون قد تم دون التأثر بأفكارٍ مسيحية مستترة عاشت بصورة متميزة كجزءٍ من التقليد الإسلامي، حياة خاصة بها، شأنها في ذلك شأن إشراقات فاضت عن ينبوعها النوراني فانفصلت عنه واتخذت سبيلها. ومهما كان الأمر فقد تحوّلت هذه الزهديّة إلى عبادة صوفيّة اقتربت من حيث الروح ومن حيث الجوهر من الإنجيل أكثر من أية صيغة دينية أخرى غير نصرانية نعرفها، وقد نقل لنا الرفاعي أقوال مارتن لنجر في الردّ على هذه المزاعم بقوله: لقد جذبني التصوّف الإسلامي، جذبني بما فيه من مثل إنسانيّة وآداب ذوقيّة، وفهم صحيح واضح لله وللإنسان، والعلاقة بينهما وهي علاقة لم ترتسم في أيّ ثقافة أو عقيدة، كما حددت ورسمت في التصوّف الإسلامي(26).
وفي السياق نفسه ذكرت شيمل(27): وكثيراً ما ذكرت الأساطير الصوفيّة رهباناً مسيحيين كانوا يعيشون في العراق وفي جبل لبنان. وقد وردت في الشعر الجاهلي تعليمات عن نور كان يلوح عن بعد من خيمة راهب مسيحي، وإنّ الالتقاء مع ناسك مسيحي أو راهب أو حكيم يعدّ مظهراً من مظاهر الأساطير الصوفيّة في عصرها المبكر. ومثل هذه المظاهر غالباً ما تأتي لتوضيح بعض الحقائق الصوفيّة للمريد، أو يستفيد منها المريد نداء ربانياً بأنّ كلّ هذه الطقوس النسكية لم تكن لتنقذ صاحبها ذلك بأنّه لا يؤمن بمحمّد.
أمّا سبنسر ترمنجهام(28)، فإنّه يؤكّد أنّ التصوّف وليد أفكار اختلطت بالفكر الإسلامي، وذكر: كانت الصوفيّة تطوراً طبيعياً بداخل الإسلام تدين بالقليل لمصادر غير إسلامية، على الرغم من استقبالها إشعاعات من الحياة المتصوّفة الزاهدة والفكر الكهنوتي الناسك للمسيحية الشرقية، وكانت الحصيلة هي الصوفيّة الإسلامية التي تلتزم بخطوط التطور الإسلامي المميز، وبالتالي فإنّه قد تكوّن نظاماً واسعاً صوفياً راقياً، والذي مهما كان ينطوي على الأفلاطونية المحدثة أو الغنوصية. والصوفيّة المسيحية والأنظمة الأخرى، فإنّنا يمكن أن نعده وكما فعل الصوفيّة أنفسهم العقيدة الداخلية الباطنية للإسلام، والسرُّ الكامن من وراء القرآن.
2 – الأثر الفارسي:
بدأت ملامح التصوّف الإسلامي تظهر خارج نطاق المحيط العربي نتيجة للفتوحات التي قام بها العرب المسلمون ومنها إقليم فارس. ومن أشهر مدنه خراسان والتي استطاع فيها الإسلام أن يدخل إلى قلوب أهلها ويستقرّ فيها. وبدأ نوره يظهر في قلوبهم فتفجّرت ينابيع الحكمة منهم وصار واحدهم مدرسة يقصدها طلاب العلم لنهل المعارف(29). تميّزت مدرسة خراسان من غيرها بخصائص معرفة إرادة النفس ومعالجتها، والبحث في آفاق النفس الإنسانية، وشدّة مجاهدة النفس والحزن الدائم، وكثرة الهمّ، واحتقار الدنيا وكرهها، والهروب إلى الله تعالى والأنس به، وعدّ التوبة أساس العبادة(30).
وفي منتصف القرن الثالث الهجري انتقل مركز التصوّف من بلخ ـ أقدم مركز في خراسان ـ إلى نيسابور، وفيها ظهرت فرقة الملامتيّة التي تنفرد بطابع خاص يتمثّل في الاهتمام الزائد بالمظاهر النفسية. أي أنّ مدرسة نيسابور تقوم على أساسين هما: الملامتية والفتوة، فالملامة، هي: كبح النفس واتهامها وتأنيبها على ما فرط منها. أما الفتوّة فمعناه الإيثار والتضحية وكفّ الأذى(31).
إنّ أمامنا من العلاقات الكثيرة الواضحة مواد تاريخية تتمثّل فيها العناصر المكوّنة للتصوف الإسلامي عند الزهّاد الخراسانيين منذ منتصف القرن الثاني الهجري. ويمكن عدّ البيئة الخراسانية مصدر هذه الظاهرة التي حرّكت تاريخ الزهد، وتكاد تدفعه إلى خارج إطاره الضيق المغلق حتى يبلغ مستوى تحوّله واندماجه في حلبة الصراع الإيديولوجي المتصاعد. وذكر المستشرق دي بور(32): إنّ عناصر الزهد الخراساني فيها أثر من المذاهب والعقائد التي نشأت فيها. ومنه انتشرت في بلاد فارس خلال تاريخها القديم والإسلامي ولا سيما المذاهب العرفانية.
ومنذ بدء الفتح العربي الإسلامي، أصبحت البيئة الخراسانية بؤرة الصراع ضد الفاتحين العرب بمختلف أشكال الصراع ومستوياته(33). أي أنّ الواقع الاستبدادي للنظام الاجتماعي والسياسي الذي تقوم به الدولة، كان عاملاً في اتّباع خط الزهد الصوفي، وهذا رأي المستشرق المجري غولدتسهير الذي يؤكّده في قوله: إنّ الميل إلى الزهد كان مرتبطاً بالثورة على السلطة القائمة وإن كثيراً من المسلمين لجأوا احتجاجاً على ما ينكرون من الحكومة والانضمام إلى الاعتكاف والزهد(34).
أمّا برمنجهام(35)، فإنّه هو الآخر يرجع الأثر الفارسي في التصوّف الإسلامي باستنتاجه إلى حدوث تطور في التصوّف الإسلامي في المناطق الإيرانية، وذلك لارتباطه بحياة الناس العاديين خلال الدراويش المتجوّلين. وحين بدأت الحركات المغولية داخل خراسان (616-692هـ / 1219-1292م ) أزيح الإسلام من وضعه كدين للدولة، وظهر المتصوّفون وقد حلّوا محلّ العلماء كأوصياء للإسلام عند المغول وكممثّلين مهمّين للدّين.
أمّا نيكلسون فإنّه اتّجه إلى منحى آخر حول الأثر الفارسي فقال: إنّ الصوفيّة المسلمين أخذوا لفظ صديق الذي أطلقوه على شيوخهم من المانويّة(36). وفي مكان آخر يرجعه إلى الغنوصية، ذكر: ويشبه قول إبراهيم بن أدهم لرجل رآه في الطواف: اعلم انّك لاتنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات أوّلاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدّة..، أي بإصلاح الأبواب السبعة عند الغنوصيين(37).
وقد عرف الإسلام المانوية التي تبشر بالزهد والانقطاع عن الخمر وترك الزواج والصوم والصلوات الكثيرة، كلّ ذلك يوضح الأثر الفارسي في التصوّف الإسلامي، وقد أهمل ذلك الباحثون لقلّة المصادر وصعوبة العثور عليها. ولمزجهم حكمة الإشراق الفارسية بالإشراق الأفلاطوني. وأكّد جب(38) هذا بقوله: وقد وجد انبعاث النزعة الطبيعية ما يعبّر عنه في أعلى مستويات الحركة بالفلسفتين الصوفيتين: الفلسفة الاشراقية المنبثقة عن العقائد الأسيوية القديمة، وفلسفة الحلول المنبثقة من الفلسفة الهيلنستية الشعبية. وليس لهاتين الفلسفتين قيمة بذاتها بقدر قيمة تأثيرهما ونتائجها على الرغم من شهرتهما على انفراد، أو شعبيتهما الحاصلة عن امتزاج إحداهما بالأخرى أو مزجهما بالعلوم السرية، وعلى الرغم من اشتهار الشعر الصوفي الرائع الصادرعن وحيهما.
إنّ الاهتمام في دراسة التصوّف الإسلامي يعني دراسة الأصول الحقيقية لتاريخ شعوب ومدنيّات أخرى، وهذا يقتضي الاستعانة بما انتهى إليه من نتائج، وهذا التاريخ يبيّن كيف تكوّنت تلك الأمم والشعوب في عهود التاريخ، وماهيّة العناصر التي كوّنتها وأين نشأت منابتها، وكيف تنقلت في البلاد وما مدنيتها المتعاقبة، وما أثرها في التطوّر العام للإنسانية.
لقد اعتنى الكثير من المستشرقين بالعنصر الآري، وجعلوه الأساس في تطوّر الدين الأول في بلاد المشرق، ومنهم المستشرق برهية (39) الذي قال: إنّ العنصر الآري نجد فيه أن كلّ الأمم التي هي من الأسرة الآريّة صيغت من خليط من عناصر الأجناس، الأولى وما يكون لأمّة أن تعد بأنّ لها من النقاء حظّاً أكبر من حظّ غيرها، على أنّ هذا النقاء ليس مما يستطاع تحديده. أي المدنيّة الآرية هي أثر مشترك لجميع العناصر.
وقد عقبت شيمل(40) على رأي المستشرق أ.هـ. بالمر «.H.Palmer A» في كتابه Oriental Mysticism أي «التصوّف في المشرق» الذي نشره في عام (1867) ذكر أنّ التصوّف هو نتاج تطوّر دين المغول لدى الجنس الآري، قالت شيمل: لم يكن هذا الطرح مستهجناً لدى بعض العلماء الألمان في العصر النازي، كما ساد الرأي القائل بأنّ التصوّف هو تطوّر للفكر الفارسي في الإسلام، وبلا شك كانت بعض أفكار التصوّف الفارسي سائدة لقرون عدّة. والتي صاغت بدورها بعض أنماط الحياة في الجانب الشرقي من بلاد الإسلام بصفة خاصّة. وقد ذكر كلّ من هنري كوربان وس.ح.نصر(41)، ذلك أيضاً. ونحن نؤكّد على إثبات أصالة الأفكار والنظريات الصوفيّة في الإسلام، مبيّناً كيف أنّها تطوّرت نتيجة للتحوّلات الداخلية التي عرفتها الثقافة العربية الإسلامية، وما رافقها من إيثار وميل إلى التأمّل في النفس والكون. ويبيّن ماسنيون كيف أن مثل هذا المنحى دفع إلى البحث في أسرار لغة القرآن ودلالاته الروحية، والكونية الميتافيزيقية، باتجاه بناء فهم ذوقي روحي للتعاليم والحقائق الواردة في القرآن(42).
إنّ من اعتقد من المستشرقين بالمصدر الفارسي وأثره بالتصوّف الإسلامي وأنه ردّة فعل العقل الآرية ضد الدين السامي، هذا الرأي راجع إلى تعصب لفكرة الآرية ضد السامية وادعاء من جهة المتعصبين بأن العقلية السامية دون مستوى التصوّف والعلوم والفنون. أي أن البشر ليسوا على حد سواء من حيث قدراتهم العقلية الفطرية. إنما هذه القدرات ـ كما يزعمون ـ متفاوتة من جنس إلى آخر وهذه النظرية المتعصبة تمس الكرامة البشرية. أما تعقيب المستشرقة شيمل في هذه الفكرة حصراَ فإنّه يصدر عن نظرة عامة للأثر الفارسي، وهو ممزوج بحب المؤلّفة الشخصي للشعر الصوفي الذي كان ينشد في بلاد فارس متأثراً بالحضارة الفارسية.
أمّا المستشرق كوربان، الذي حلّق مع خيال الصوفي الإسلامي في بلاد فارس، والذي قال: لهذا يتعلّق الأمر بظواهر اتصلت أساساً بالإسلام غير العربي، وبظواهر تتعلّق بهذه الطريقة أو تلك وبالتشيع، ومن ثم تؤدّي إلى التفكير بمفاهيم جديدة في دلالة التصوّف في الإسلام. إنّ هذا لايعني المساس بأولوية وصدارة اللّغة العربية بعدّها لغة الشرع والفقه، بل علينا هنا الإلحاح على عظمة مفهوم العروبة حين نربطه بالرسالة النبوية. لكن علينا أن نلاحظ أنّ هذا المفهوم يختار اليوم أن يمر بامتحان وله آثار متوقعة(43). وفي مكان آخر يرى كوربان (44): إنّ شرط فهم فلسفة النور المدار الأساسي لفكر السهروردي، مرتهن بمعرفة الفكرة العميقة التي تشير إليها تسميته لكتابه الرئيسي حكمة الإشراق، وهي في نظره «فكرة حكمة لدنية مشرقية سيتابعها بتصميم واضح كإحياء لحكمة فارس القديمة، والوجوه الكبيرة التي تتحكّم في سير المذاهب هي هرمس وأفلاطون وزرادشت»(45).
أمّا اوليري، فإنّه يعدّ الأثر الفارسي ثانوي قال: الأثر الفارسي من العوامل الثانوية في التصوّف الإسلامي وثمّة عوامل أخرى ذات صفة ثانوية تعمل عملها في العراق وفارس اللذين تظهر أهميتهما عندما نتذكّر أن عامة الشعب في هذين البلدين حلّوا محلّ المسلمين إلى حد كبير كقادة للإسلام خلال مدّة الحكم العباسي. وحين نتحدث عن الصوفيّة ربما لانستطيع أن نعزوا أي أثر للدين الزرادشتي الأصل الذي هو ذو صبغة قومية بعيدة عن الزهد. في حين أنّ الديانتين المانوية(46)، والمزدكية(47) ـ وهما الديانتين غير الرسميتين في بلاد فارس ـ تظهر فيهما آثار زهدية واضحة.
وحين نجد ـ وهذا واقع الحال ـ أنّ الكثير من المتصوّفين الأوائل كانوا ممّن انقلبوا إلى الإسلام عن الزرادشتية، أو أبناء الزرادشتيين دخلوا الإسلام، هذا أمر طبيعي إذ انتقل قسم من اعتقاد إلى اعتقاد إلاّ أنّه أقام في الإسلام طويلاً حتى أظهر التصوّف وذلك موقفه من انحراف الواقع، مع أنّ بعضهم تزندق(48). أو بكلمة أخرى، أولئك الذين تزندقوا كانوا ممّن أدخل أخلاطه الاعتقادية السابقة للإسلام على اعتقاده الجديد(49). ويعترف اوليري أنّ المؤثّرات الفارسية دفعت العرب إلى الوراء كثيراً (50).
لقد استمرّ النزاع بين الإسلام والعقائد السابقة مدّة طويلة، واتخذ النزاع أشكالاً متعددة، كان الصراع الفكري أمضاها سلاحاً وأكثرها خطراً وأشدها مواصلةً على القتال. ذكر اوليري: لكن الغنوص بقي كاملاً بما له من طبيعة غامضة وقوة على الشخص، فإذا ما هدأت الفتوح بعد قليل قام الغنوص بل قامت غنوصيات متعددة لتقوض عقائد الإسلام وكان أشدها مجاهدة ومعاناة للإسلام غنوص المذاهب الفارسية الثنوية وعلى الأخص المانوية(51).
ونخلص من هذا أنّ الصلات الثقافية والدينية التي نشأت بين الفرس والعرب وقد انضووا جميعا تحت لواء الإسلام، وقد ترتب عليها أن اختلطت الأفكار والعقائد واحتكّت التعاليم والمذاهب.. وشارك العرب من ناحية، والفرس من ناحية أخرى في دعم هذه الحياة الروحية الإسلامية في مختلف صورها التي وجدت بذورها الأولى في الجزيرة العربية. إنّ تأثير المصدر الفارسي في التصوّف الإسلامي كان ثانوياً للغاية، وهو وإن بدا ظاهرياً فإنه لايدل دلالة كافية لكبر حجمه. بل أن الأصوب وكما يعتقده حلمي(52) أن نبحث عن تأثيرات متصوّفة العرب في نظرائهم الفرس.
3- الأثر الهندي:
حاول بعض المستشرقين الرجوع بالتصوّف إلى أصول لا تمت إلى الإسلام بصلة، فيخضعه إلى التأثّر الأجنبي لجعله دخيلاً على الإسلام. ويرد على هذه المزاعم المستشرق مارتن لنجز، الذي هداه الله إلى الإسلام بقوله: لقد جذبني التصوّف إلى الاسلام، جذبني بما فيه من مثل إنسانية وآداب ذوقية، وفهم صحيح واضح لله وللإنسان والعلاقة بينهما، وهي علاقة لم تحدّد ولم ترسم في أيّ ثقافة أو عقيدة. كما حُدّدت ورُسمت في التصوّف الإسلامي(53).
أمّا قولهم: إنّ هناك مؤثّرات هندية، فقد ذكرت شيمل: مال بعض العلماء إلى الاعتقاد بوجود تأثيرات هندوسيّة في بدايات التصوّف. وقد كان أ. فون، كريمر ور.ب.دوزي أوّل من قال بهذا الرأي، ثمّ تبعهما في ذلك ماكس هورتن في القرن العشرين. غير أنّ أبحاثه على كثرتها لم تثبت قطعاً إمكانيّة وجود مثل تلك التأثيرات في بدايات التصوّف، كتلك التي نراها في أطواره اللاحقة(54).
فعلينا أن لا نتجاهل وجود تأثيرات هندية في التصوّف الإسلامي؛ لأن الدارسين العرب والمسلمين القدامى قالوا بذلك، وأوّل من قال بالتأثير الهندي في التصوّف الإسلامي وبحث لذلك عن أدلة من نصوص الصوفيّة هو البيروني(55). إنّ صوفية الإسلام أخذوا عن الهند حكمتها وفلسفتها وعقائدها الروحانية ذات المناحي الإشراقية الصوفيّة. واقتبسوا من معارفها ما اتصل بفهم ماهية الإنسان، ومكانته في الكون بعدّه كائناً قادراً على التسامي الروحي ومعرفة الله معرفة مباشرة. وكذلك ذكر الكتّاب المحدثون مدى تأثير الثقافة الهندية في كلّ مناحي التصوّف الإسلامي، فقد أكّد علي زيغور على أنّ: العرب كانوا يعدّون الهند بلاد الحكمة والرياضيات والصناعة المزدهرة والفكر المثمر، لقد عرفت الحضارة العربية ثروات الهند الفكرية قبل أوربا، وتأثر العرب والمسلمين بالعقائد الدينية الهندية، وبالعلوم والتجارب الهندية في مجالات كثيرة(56).
ويمكن عدّ (علم التصوّف) أكثر العلوم العربية الإسلامية تأثراً بالثقافة الهندية، وذلك بدليل قوله: تأثّر المتصوّفة بالهنود عميق وواسع، فقد كان يسهل بينهما الانتقال فوجد تشابه وتوافق، نذكر الحلاج (ت301هـ/922م) المتأثّر بالهنديات، بل والمبشر بالإسلام في الهند، البسطامي (ت269هـ،/874م) ثم هناك ابن سبعين (ت668هـ/1229م) الذي كان يريد الذهاب إلى الهند، والذي كان يقول: (إنّ أرض الإسلام لا تسعه)(57).
ولا نغفل ذكر ابن عربي (ت638هـ/1240م). ولا الفكر الصوفي عموماً، ولا السلوكيّات الصوفيّة في حلقات الذكر، أو محاولات التغلّب على شهوة الجنس والطعام، ونظريات مثل الفناء، ووحدة الوجود، والتجسّد، والحولية، والتناسخ وغيرها من العقائد والأفكارالدينية التي اقتبست أو هاجرت من الهند إلى الثقافة الإسلامية وتبنّاها أرباب التصوّف، هي ذاتها عُدّت مما اقتبسه متصوّفة الإسلام عن الثقافات والديانات التي تمّت مقاربة علاقتها بالتصوّف الهندي. إنّه إشكال محيّر وتناقض مسكوت عنه، وقعت فيه الدراسات العربية، وكذلك بعض البحوث الاستشراقية، من دون انتباه، أو من دون ردّ للمبادئ التأسيسية التي انبنى عليها الفكر الديني والفلسفي القديم وهو ما أدّى بالتالي إلى وحدة النماذج الأولية أو كلمات البدء والمعاني الأولى المؤسسة للأديان(58). تلك التي جاء بها كلّ من هنري كوربان عند تناوله مشكلة المعرفة والتعبير عن المعالم المتعالية ضمن الأنساق الصوفيّة، أو أنا ماري شيمل(59) التي تذهب إلى عد التصوّف بما هو فكر وأخلاق أكبر تيار يسري في الأديان جميعاً.
ومنذ القرن التاسع عشر ذهبت أغلب الدراسات الاستشراقية إلى وجود علاقة بين الصوفيّة المسلمين والحكماء الهنود على سبيل ذلك أن فون كريمر و دوزي أكّدا الأصل الهندي لمقولة الحلاج المشهورة «أنا الحق» أمّا ماكس هورتن أراد إيجاد تشابه بين تلك المقولة وبين «انابراهما» في كتب البوذي، وكذلك وليم جوناس وغولدتسهير وغيرهم والتي أكّدت على قضية مهمة وهي إنّ أبرز ما أجمع عليه هؤلاء كان قولهم بالتأثير الهندي في التصوّف الإسلامي.
إنّ القول بوجود تأثيرات بوذية كانت نشطة في زمن ماقبل الإسلام في شرق البلاد . الفـارسية وفي خراسان . كما أن الأديرة البـوذية كانت منتشرة في بلخ . وهذا ما استنتجه المستشرق اوليري ذكر: إن الزاهد إبراهيم بن أدهم (ت162هـ/778م ) يوصف عادة بأنّه كان أميراً على بلخ، ثم تنازل عن العرش ليصبح درويشا(60). ولكن الفحص الدقيق للجذور الهندية، تظهر أنّ التأثير البوذي لا يمكن أن يكون قوياً جداً، إذ أنّ ثمة خلافات أساسية بين النظريات الصوفيّة والبوذية، وما يجب معرفته إن الديانة البوذية كانت قد انتشرت في شرق إيران وفي ماوراء النهر قبل الإسلام بقرون، وكانت لها معابد كثيرة في بلخ وغيرها. وذكر سيتس: إن البوذية والصور العليا من الهندوسية هي أسس صوفية في جوهرها؛ لأن تجربة الاستنارة هي محورها ومركزها. لكن التصوّف المكون الرئيسي في ديانات الهند لم يكن سوى تيار صغير في المسيحية والإسلام واليهودية. ولكن الشبه الظاهري موجود بين «النرفانا»(61) Nirvana البوذية وفناء النفس في الروح الإلهي عند الصوفيّة ـ ولكن العقيدة البوذية تمثل النفس على أنها تفقد ذاتها في الطمأنينة اللاعاطفية ـ التي هي السكينة المطلقة. في حين أن المذهب الصوفي يعتقد بأنّ الحياة اللامتناهية موجودة في التأمل الزهدي للجمال الإلهي.
أمّا الشبه الهندي للفناء فليس موجوداً في البوذية، بل في وحدة الوجود الفيدانتية(62) «Vidantic» وطابق نيكلسون هذا الرأي في قوله: ربما بتأثير عقيدة الواحدية «Monism» الهندية تقدم بعقيدة »الفناء« أي زوال النفس وضدها المباشر »البقاء« أي اتحاد الحياة بالله(63). فهو يعتقد بأنّ طريق الصوفيّة من ناحية كونها تثقيفاً خلقياً للنفس، وتأمّلاً زهدياً، وتحرّراً عقلياً مدينة بالكثير للبوذية. ولكنّه يبيّن أنّ هناك فرقاً بين الطريقتين من حيث الجوهر. إذ إنّ البوذي يقوّم نفسه بنفسه، أمّا الصوفي يقوّم بنفسه لمعرفة ربه وحده. ولكن غولدتسهير يشبه المراحل التي يسلكها البوذي في طريقة البلوغ «النيرفان» السابق ذكرها بالمقامات: التي يترجى فيها الصوفي للوصول إلى مقام الفناء. وذكر غولدتسهير: إنّ قصة إبراهيم بن أدهم الذي كان أميراً ثم تخلّى عن الإمارة وآثر حياة الزهد، هي بعينها قصة بوذا، وإنّ استعمال المسبحة والخرقة عند الصوفيّة هما عادتان هنديتا الأصل(64).
إذا أردنا استخلاص بعض الأسباب التي تضطرّنا إلى نهج رؤية أكثر تركيبا من تلك التي يتم الاكتفاء بها عند الحديث عن الإسلام بفلسفة روحانية استقطبت عناصر لايمكن تمثلها، وهذا أمر أكثر من كاف لكي ندرك أن بعض توجهاتنا المعرفية لايمكنها أن تستغني عن هذا الوسيط بين الإسلام العربي والعالم الروحاني للهند. وإن الأفكار والمعتقدات الهندية ظهرت حين بدأ المسلمون بنقل كتب الشعوب الأخرى وترجمتها إلى العربية، إذ ترجموا بعض كتب البوذية والهندوسية. فضلاً عن الصلات التجارية التي كانت بين المسلمين والهنود في أوائل الخلافة العباسية، وكذلك الرهبان والسياح الهنود الذين ذكرهم الجاحظ وسمّاهم رهبان الزنادقة(65). ويعلّق غولد تسهير على التسمية بقوله: هي غير دقيقة وهو إن هؤلاء الرهبان السائلين كانوا لايقومون بأسفارهم إلا أزواجاً، وعرفوا بالملاحظة الدقيقة أنّه عند رؤية أحدهما، فمن اليسير دائماً أن يكتشف زميله على مقربة منه. وتنحصر طريقتهم في أن لا يقضوا ليلتين متواليتين في مكان واحد، وإنّهم يقرنون حياتهم البدوية بصفات أربع: وهي القدس، والطهر، والصدق، والمسكنة(66).
اختلف الدارسون من المستشرقين الذين قالوا بالتأثير الهندي في التصوّف الإسلامي، وذكر الكحلاوي(67): إنّ وليم جوناس وفون كريمر أكّدا إمكان وجود علاقة بين الصوفيّة المسلمين والحكماء الهنود، وكذلك غولدتسهير وماكس هورتن وهارتمان، ولكن هذه الدراسات لم توسّع دائرة البحث بخصوص التأثير الهندي مقارنة بتأكيدها تأثّر التصوّف الإسلامي بالثقافة الفارسية أو الفلسفة اليونانية، أي الأفلاطونية المحدثة.ولكن طعيمة (68) ذكر: المستشرق جونسون يرده إلى «فيدا» الهنود لكن نيكلسون قال: إنّه وليد الاتحاد للفكر اليوناني والديانات الشرقية.
إنّ تصوّف الفكر الهندي وتطوّره يمتدّ لعصور طويلة، تختلف باختلاف الأزمنة، فالفكر القديم محصور في ذاته من قبل أن تؤثّر فيه الحضارة الغربية، وقد ناقش هذا المستشرق برجسون(69) من خلال موضوع اليوغا وهل هي من الصوفيّة فذهب إلى أنّها: ليست هي من الحالات التنويمية بذاتها شيء من الصوفيّة، ولكنها قد تصبح كذلك أو على الأقلّ قد تؤذن بالصوفيّة الحقة أو تمهّد لها بالإيحاء الذي يندرس فيها، قد تصبح كذلك بسهولة، وتكون صورتها مستمدّة؛ لأن تمتلئ بهذه المادة، إذا كانت، بوقفها وظيفة العقل النقدية، ترسم رؤى، وتبعث على حالات من الوجد. وذلك كان معنى تلك الرياضيات التي انتظمت في اليوغا أو ذلك أحد معانيها على الأقل، ولم تكن الصوفيّة فيه إلاّ خطوطاً أولية، لكن الصوفيّة الحقّة التي هي تركيز روحي صرف، كان في وسعها أن تستعين باليوغا بما فيه من مادية وتجعله بذلك روحياً، والواقع أنّ اليوغا كانت تبعاً للأزمنة والأمكنة شكلاً شعبياً للتأمّل الصوفي أو نظاما ينطوي عليه.
إنّ فكرة الصوفيين في فناء الشخصية هي التي تقترب وحدها من فكرة الجوهر الذاتي الهندية «النرفانا» وإن لم تكن تتفق معها تماماً، ويطلق الصوفيون على هذه الحالة لفظ الفناء والمحور أو الاستهلاك، وهي حالة يتعذّر تعريفها بل يزعم الصوفيون أنّها لاتحتمل تعريفاً واحداً يمكن الاقتصار عليه دون غيره، ويرون أنّها تتجلّى كمعرفة لدنية، أمّا كلام الصوفيّة في الفناء فالمرجح أنّه مستند إلى مذهب النرفانا البوذية(70).
ويبدو أنّ الإسلام في الهند كان في جوهره إسلام الرجل المقدّس، وعنه ذكر سبنسر: إنّ هؤلاء المهاجرون في البيئة الهندية، اكتسبوا هالة القداسة، وكانت هالة القداسة هذه جاذبة لهم أكثر من الإسلام الرسمي، وهي التي وجدت فئتان من الصوفيّة وهما المرتبطون بالخانقاهات والمتجولون(71). أمّا إذا اقتصرنا على ذكر المحدثين محبة وتصوّفاً والمعروفون بـ«أحباب الدين الإسلامي» وتأثيرها في الهند، ذكر اوليري: إنّ تأثيرهم كان سطحياً في النفوس المهيأة لمثل هذا ويكفيها الإيحاء البسيط والإشارة الخفيفة من حيث هي عقيدة، وهي بالتالي لم تؤثّر في الهند تأثيراً مباشراً. ولكن تنسّم الناس عطرها في كلّ ما تأتي به هذه الحضارة (72).
ويمكن أن نخلص بأنّ التصوّف بالهند نشأ على البيئة الثقافية القائمة على المنظومة الفكرية الدينية التي تأسست منذ القديم على ارتباط بين الدين والفلسفة وبين الروحانية والحكمة، وهو ارتباط يبدو بمثابة التوليف الشعري بين منطق الفكر ونداء الروح (73). وتطور وفق خطوات في فناء النفس الفردية في الوجود الكلي، وهو بالتأكيد ذو أصل هندي ارتبط بالبرهمية (74) نسبة إلى الإله برهمان روح العالم من جهة، والاتمان الروح الفردي من جهة ثانية، وحصيلة البرهمية مانتج عن ذلك من قول بخلود الروح التي تتناسخ من جديد أو لحساب: العقاب والثواب، وقد بدأت هذه العقائد في التشكل منذ حوالي القرن الخامس عشر قبل الميلاد(75). وتأثر به بعض المتصوّفة المسلمين ، ومنهم أبو يزيد البسطامي، الذي تلقاه عن أستاذه أبي علي السندي.
أمّا التأمّل الصوفي وعلاقته بالصوفيّة، فالأمر من طلب المعرفة هو الفرار من هذه الحياة، وإنّ النفس تنتقل بعد الموت إلى جسد آخر. هذا يعني استئناف الحياة والعذاب والوصول إلى الخلاص يكون بوساطة الزهد. والمستشرق أ.ف.توملين(76) تحدث عن التأمل البوذي قال: والبوذية التي تنبه إلى أن تفريعات الثقافة الهندية القديمة متعددة وموزعة على الكثير من تيارات الفكر التي لها صلة بالتعاليم والمعارف الصوفيّة، تمحورت أساساً حول التوق إلى التحرّر من أسر المادة وحاجات الجسد بنور البصيرة، واعتماد التأمّل للوصول إلى درجة النرفانا التي يعرّفها بوذا على أنها «حالة السعادة الكاملة الخالدة»(77).
وقد رسم بوذا معالم المنهج الموصل إلى ذلك واصطلح عليه بـ«الطريق ذي الشعب الثمان»، وتتمثل هذه الشعب في: النظريات الصائبة، الأفكار الصائبة، الرؤيا الصائبة(78). وتذكر شيمل(79): إن البوذية والبراهمية نادتا بإطفاء إرادة الحياة. لذا أكثر الصوفيّة تعني بالنفس هي حالة فوق السعادة وفوق الألم بل وفوق الشعور والوصول إلى النرفانا، أي مثل الرغبة أثناء الحياة وإبادة الروح الكرما(80) بعد الموت، وينبغي أن لا ننسى أن من ينابيع رسالة بوذا ذلك الإشراق الصوفي الذي وقع في صباه، وبسلوك صوفي طويل يصل إلى ذلك الكشف النهائي، إنه اليقين يحصل بالتدريج ثم يتم فجأة فينتهي الألم وهو كلّ ما في الوجود من محدود وبالتالي من موجود.
لم نتردّد في أن نعدّ البوذية من الصوفيّة ولكنها ليست صوفية كاملة؛ لأنّ التصوّف الإسلامي عمل وخلق وحب. وأكّدت شيمل(81) ذلك حين أوضحت قول غولدتسهير: وقد أثّرت العقائد الهندية في الآراء الصوفيّة الإسلامية، فاكتسبت بفضل هذا التأثير قوّة وعمقاً ونفاذاً، ففكرة الاتحاد أو وحدة الوجود تخطّت الصورة التي انتحلتها الصوفيّة من الأفلاطونية الحديثة، غير أنّ نظرية الصوفيين في فناء الشخصية هي التي تقترب وحدها من فكرة الجوهر الذاتي الهندية «النرفانا» إذ لم تكن تتفق معها تماماً.
وإذا أردنا أن نبحث عن مدى صدق الأقوال التي ترى أنّ التصوّف الإسلامي قد أخذ في مسائل الفناء وفهم حقيقة الوجود عن الثقافة الهندية، ألفينا الكثير من الدراسات والبحوث وضعت في سبيل نقد التأليف المتعلّقة بالمطابقة بين التجربة الصوفيّة والأثر الخارجي، إذ عمل الكثير من الباحثين الأوربيين المتأخرين من مستشرقين وغيرهم على نقد تلك التصوّرات وتجاوزها، وهو ما نلمسه في بعض أعمال لويس ماسنيون (82)، الذي لاحظ أنّ وثنيّة الأديان الهندية وتعدّد آلهتها كانا سبباً لتراجع تأثيرها في الفكر الإسلامي، ابتداءً من القرن الثالث للهجرة.
كذلك لويس غارديه(83) وآنا ماري شيمل(84)، إذ تم الكشف من قبلهما عن خصوصية التجربة الصوفيّة في الإسلام، وتفرّدها في نسج منوالها حول القرب من الله والتحقق به والفناء فيه من دون التماهي معه، وانّه يتجلّى في كلّ الوجود، والموجودات كائنة به معدومة بذاتها من دون أن يكون هو العالم ويكون الكون هو الله(85).
4 – الأثر الصيني:
فضلاً عن المؤثّرات السابقة التي تحدّثنا عنها، نشاهد بعض العرب والمستشرقين من يضيف مؤثّراً أجنبياً آخر هو المصدر الصيني، لا لشيء سوى لمجرّد وجود مشابهة بين التصوّف الإسلامي والتصوّف الصيني ومنهم صهيب الرومي(86)، الذي ذكر: إنّ المصدر الصيني أشدّ المصادر الأجنبية أثراً في التصوّف الإسلامي. وقد علّل ذلك نتيجة الصلات التجارية بين بلاد العرب وبلاد الصين القديمة جداً، والتي ترجع إلى بضعة قرون قبل الميلاد(87).
أمّا عن عناصر التصوّف الصيني، فترجع إلى فكرة «تأو»(88) البعيدة العهد في الثقافة الصينية، والذي أخذ شكله قبل النصف الثاني من القرن الثالث ق.م.، ويستشهد صهيب في حديث المستشرق باركر الذي ذكر: (إنّهم يزعمون أنّها ترجع إلى عهد هوانغ تي أو الإمبراطور الأصغر. في الألف الثالث ق.م. وكانت تطلق على مبادئ في الأخلاق والحكومة وفلسفة الحياة عرفت قديماً، ثم نضّمها «لاؤتسو»(89)، وشرح معانيها في كتاب صغير وحيد مؤلّف من خمسة آلاف حرف عنوانه «طاو تي شينغ Tao Te Ching أو الطريق وقوّته»، وهو شهادة لحالة كينونة البشرية في وطنها أو بيتها، ويمكن أن يقرأ هذا الكتاب بنصف ساعة، ويمكن أن يقرأ خلال الحياة بأكملها، وقد ظلّ هذا الكتاب النصّ الرئيسي للفكر الطاوي حتى اليوم.
وكلمة (تأو) اتجهت بعد لاؤتسو وفي أيّامه اتجاهاً أشد ميلاً إلى الصوفيّة، وقد وضع لاؤتسو نظرية ترك الاهتمام والعمل كي يصبح الفرد خالياً من شهواته فيستطيع عندها ترك المادة الجسد، واجتياز حواجز المكان والزمان. وقد يبلغ «التاوي» غايته إذا مرّ بالمراتب «المقامات» الثلاث التالية: تزكية النفس وتطهيرها، الإشراق، الاتصال والاتحاد. وهذا الأثر واضح في التصوّف الإسلامي خاصة من جهة أفكار الشهوات والتحرر من المادة، ثم الاتصال بالله والفناء فيه. وذلك لأنّ التصوّف من حيث هو رياضة للنفس الإنسانية التي هي خط مشترك بين الأفراد جميعاً، يصحّ أن ينتهي عند المعتنقين لدين من الأديان إلى عين النتائج التي ينتهي إليها عند المعتنقين لدين آخر من هذه الأديان(90).
ونرى المستشرق جب(91) قد شخّص التصوّف الصيني بالقول: إنّ الدين في التصوّر الصيني عالم ذاتي شخصي يقوم على تشخيص الطبيعة؛ لأنّه لايخضع لعلم عقلي موضوعي. وكان التصوّف يدعم حق العقل التخيلي في نطاق الدين، ويؤيّد مطلب الوثبة البديعية الحدسية في البحث عن متنفّس يخرجها من كبت المنظومة السنية.
أمّا شيمل(92)، فإنّها تعقّبت آراء الكتاب حول التصوّف الصيني وتوصلت إلى: إمكانية إثبات ما إذا كان الشرق الأقصى له تأثير على الإسلام، وقد كان عمر فروخ أوّل من أراد أن يثبت الآثار الطاوية، كما تكلّم العالم الياباني ت. ازوتسوT. Izutsu ) ) عن تشابهات بين البناء الفكري للعقيدة الطاوية وبين نظام ابن عربي، وإنّ الشعراء الصوفيّة المسلمين مثل ابن الفارض والغزالي قد استعملا لعبة الظل رمزاً، ومثل تلك الاستعارات لها حضور وفير في شعرهم. إذ إنّ لعبة الظل التي كانت قد أتت من الصين كانت في الأجزاء الشرقية من العالم الإسلامي تسلية محبوبة، فقد بدأ اللعب بها في بغداد في القرن العاشر الميلادي. ونخلص إلى أن هناك مقاربات للفكر الطاوي والتصوّف الإسلامي يمكن أن ندرجها بما يأتي:
– طاو، تعني طريق الحقيقة المطلقة، وإنّ طاوتي تشينغ يعلن في السطر الأول من كتابه أنّ الكلمات التي يتحدّث عنها ليست مساوية له: الطاو الذي يمكن التكلّم عنه ليس هو الطاو الحقيقي إنّ هذا الطاو فوق كلّ شيء، وخلف كلّ شيء، وتحت كلّ شيء، وهو السرّ الأساسي للحياة، ولغز كلّ الألغاز، وكم هو واضح، كم هو هادئ، إنّه بالضرورة موجود دائم منذ الأزل(93).
– وطاو يعدّ القانون الأزلي الذي ينظم بناء العالم فهو منهج الكون، النظام، الإيقاع، القوة المحرّكة في كلّ الطبيعة، مبدأ الأمر خلف كلّ الحياة، ولكنّه في وسط كلّ الحياة أيضاً، قال(94): يكيف جوهره الحيوي ويوضح كماله وملأه المتعدد المضاعف، ويخضع رونقه اللامع، ويأخذ شكل التراب، فهو حميد لطيف، إنّه ليس بالقاسي بل رحيم، وليس متردّد بل متدفّق دون توقّف، إنّه كريم بلا حدود.
ومن تأمّلاته(95):
هناك كائن، رائع، وكامل،
وجد قبل السماء والأرض
كم هو هادي؟
وكم هو روحي؟
يبقى وحيداً لايتغيّر
يوجد قريباً وبعيداً، هنا وهناك، ومع ذلك فهو لايعاني من هذا التواجد
يلف كلّ شيء بحبه كثوب يغطي كلّ شيء
ومع ذلك فلا يدعي شرفاً أو مقاماً، ولا يطلب أن يكون سيداً
أنا لا أعرف اسمه، ولذلك اسمّيه طاو «Tao»، الطريق، وابتهج بقوّته.
ـ وثالثاً إنّ طاو وضع منهج الحياة الإنسانية عندما تنطبق مع طاو الكون أي إنّه الذاتي الكامن بدون وسيلة وهو يتدفّق تدفقاً هادفاً. إنّ الصوفيّة الطاوية تقول بما معناه: لكي تكون شيئاً، ولتعرف شيئاً، ولتكون قادراً على شيء، عليك أن تصعد وتسمو فوق الشيء السطحي. تملك الحياة جوهراً يصل إلى درجة دمج أعماق التصوّف اليوغا الطاوية مع الحكمـة المباشرة للغنوصـية و العرفان مع القدرة الإنتاجيـة للسحر الطاوية الدينية. عندما توضع هذه الأشياء الثلاثة إلى جوار بعضها تكون هناك طاوياً (96).
ونقل لنا سميث (97) من أقواله:
إنّ الخير الأسمى مثل الماء،
يغذّي كلّ الأشياء دون عناء
إنّه يكتفي ويقنع بالأماكن الدنيا التي يزدريها ويترفّع عنها الناس
لذلك فإنّه مثل “الطاو”.
5 – الأثر اليهودي:
بما أنّ التصوّف الإسلامي يمتاز بنزعة إنسانية عالمية منفتحة على سائر الأديان والأجناس، وإذا كان الإسلام في جوهره ديناً منفتحاً على كلّ الأجناس لافرق عنده بين مسلم ومسلم يختلفان جنساً أو لغةً أو مكاناً أو زماناً. كان الصوفيّة المسلمين قد وسعوا من الآفاق التي يستشرف إليها الإسلام. فامتدّوا بها إلى الأديان الأخرى، وذكر بدوي(98): كثيراً ما ردّد جلال الدين الرومي هذا المعنى في قصائده وترجمتها:
أيّها المسلمون، ليت شعري ما التدبير ؟ أنا لا أدري من أنا
فلا أنا مسيحي ولا يهودي ولا زرادشتي ولا مسلم
ولا شرقي ولا غربي ولا علوي ولا سفلي
ولا أنا من عناصر الطبيعة، ولا أنا من الفلك الدوّار
ولا أنا هندي ولا صيني ولا بلغاري ولا من سقسين
ولا عراقي ولا من أرض خراسان
علامتي بلا علامة، مكاني بلا مكان
ولا أنا جسم ولا روح، فنفسي روح الأرواح
لما لفظت الاثنينية رأيت العالم واحداً
إنّي أرى واحداً، وأنشد واحداً وأعلم واحداً وأقرأ واحداً
فهو يجمع بين تجارب النصارى واليهود والبراهمة ويرى فيها فروعاً لينبوع واحد، هو التقوى الكاملة المبنية على أساس وحدة الوجود. وكذلك كوربان ذكر أبيات ابن عربي(99) الذي يعدّ الحياة في تناسب مع الموجودات القادرة على منح وجودها وجمالها وأشكال معتقدها و بعدها الماورائي التي تجعل من الروحاني رحماناً، وتحقّق من خلاله النفس الرحمان الذي يعني رحمة الحب الخلاّق، ويستشهد بهذه الأبيات:
ومرعاه ما بيـن الترائب والحشا
ويا عجباً من روضة وسط نيران
لقد صار قلبي قابلاً كلّ صـورة
فمـرعى لغزلان وديــر لرهبـــان
وبيـت لأوثـان وكعبـــة طائـف
وألــواح توراة ومصحــف قــرآن
أدين بدين الحب أنّــى توجــهت
ركائبـــه فالحـب دينــي وإيمانــي
نجد أمثلة كثيرة لهذا النوع من الأفكار شبهاً عند الصوفيّة. وإن جاءت عندهم ـ أي الصوفيّة ـ بأشكال أخرى مؤسّسة على نظرٍ فلسفي له منطقه ونظامه غير العفويين، ولكن قبل العودة إلى سياق موضوعنا «الأثر اليهودي» لانستطيع أن نمرّ مروراً عابراً بتلك النظرات ذات الشكل المادي التي لاحت لنا في التصوّف اليهودي. هكذا حقق الصوفيّة المسلمون ـ والى أعلى درجة ـ ذلك المجتمع المفتوح الذي تحدّث عنه برجسون في كتابه المشهور (منبعا الأخلاق والدين )؛ لأنّهم منفتحون على كلّ التجارب الدينية الإنسانية متعاطفون مع سائر التيارات الروحية، مستشعرون للإخوة الإنسانية الجامعة بين الناس جميعاً على اختلاف الأزمنة والأمكنة.
نعود إلى تأثّر الصوفيّة باليهودية في بعض النواحي العقلية، وكما ذكرها بعض المستشرقين وكذلك قسم من الكتّاب العرب. ذلك أنّ اليهود بطبيعتهم مادّيون وهم يميلون إلى التجسّد أكثر منهم إلى التجرّد، وذلك كلّه يجعل أمر تأثّر الصوفيّة باليهود أمراً غاية البعد. ولكنّنا حين نحمل أنفسنا على شيء من التأمّل والأناة تطالعنا مواضيع عدّة للتأثير والتأثّر، ولعلّ تأويلات ابن عربي تعد أوضح مثال.. فأيّ مصدر يمكن أن يكون الصوفيّة قد رجعوا إليه انّه وبدون شكّ فيما نتصوّر المصدر اليهودي، فقد لجأ اليهود إلى التأويل لمحاولة تصحيح ما في العهد القديم مما ينافي مبادئ العقل وأصول الذوق العام، ويعدّ فيلون(100) (20 أو 30- 54 ق. م) أكبر ممثلي هذا الاتجاه(101).
أمّا المستشرق سيتس(102) فذكر: إنّ ماهية التصوّف اليهودي المبكّر هي إدراك ظهور الله على العرش؛ و هناك خاصية مشتركة بين جميع أنواع التصوّف انّه الاتصال المباشر بين الفرد والله، وهو يستشهد بأحد أنبياء اليهود «حزقيال بن بوزي»(103) ويؤكّد على أنّ الرؤى والاتصال المباشر بالله لا تعدّ ظواهر صوفية في أية ثقافة دينية خارج اليهودية، ولكنّ يقرّ أن متصوّفة الحسدية(104) المتأخرين كثيراً ما نجد عندهم بما فيه الكفاية، نوع التصوّف الذي يشتمل على الاتحاد، لكن من الواضح أن ذلك انحراف عن قاعدة الأنواع اليهودية ويبدو غريباً عن الثقافة اليهودية. ويصدق ذلك على الإسلام فهو يجعل التشابه في فكرة الاتحاد بين التصوّف الإسلامي والحسدية إذ يظنّ سيستي انّ هذا الأمر موجود في الإسلام أيضاً من خلال وجود هوّة بين الله والإنسان. ربما كانت اليهودية أقلّ ديانة من ديانات العالم الكبرى في جانبها الصوفي، أعني أنّها أقلّ ديانة تطمس جميع التمايزات وجميع الكثرة، بما في ذلك التميّز بين الذات والموضوع، والثنائية بين الذات الفردية والذات الكلية، وهو جزء من تعريف الصوفيّة.
ونحن نجد أنّ مؤرّخ التصوّف اليهودي ج. ج. شوليم قال: إنّ الوحدة ليست أساسية في التصوّف اليهودي(105)، ولنأخذ مثلاً المتصوّفة الأوائل في عصر التلمود(106). وما بعده كانوا يتحدّثون عن صعود الروح إلى عرش السماء حيث تنعم بنظرة نشوانة بعظمة الله(17). يتضح أنّ العنصر الصوفي في اليهودية يتضاءل إلى أقصى حد، فإنّ المرء قد يتوقّع أن لايجد هنا أيضاً أيّ شواهد على مفهوم الخواء ـ الملاء. وإن كان لايوجد في الواقع الكثير منها، ويعتقد شوليم أنّ هناك تمييزاً بين الله على نحو ماهو عليه في ذاته، وبين حالة التجلّي.
أمّا المستشرقة شيمل(108) فقد أرجعت التأثير اليهودي في التصوّف الإسلامي إلى الموسيقى الشعبية قالت: ولا يجوز لنا أن ننسى تطوّراً آخرَ حدث بدون تخطيط في الموسيقى الشعبية، وقد بيّن جير شوم شوليم إنّ يهود الدونمة(109)، وهم اليهود المتأسلمين ظاهرياً ـ أتباع الحاخام الميسياني ساباطاي في القرن السابع عشر ـ كانت لهم علاقة قوية بمجموعات من الصوفيّة، وكانوا ينشدون أشعاراً صوفية في لقاءاتهم، ومن المفروض أنّ ساباطاي نفسه كان صديقا لنيازي المصري.
إنّ أكثر الباحثين يرون التصوّف اليهودي لايرقى إلى ما قبل القرن السابع الهجري، حتى أنّ كلمة «قبالة» ـ هم يشتقونها من الجذر لكلمة قبل ـ ويعنون بها عقيدة صوفية تتعلّق بالله والعالم ، انحدرت عن طريق الوحي إلى خواص الأحبار ، ولاتزال في بقية من الصالحين فيهم ، فهي ليست قديمة، لا في لفظها، ولا معناها(110).
ومن المستشرقين من تأثّر بأصوله ونزعاته الدينية اليهودية، فراح يتلمس المشابهة الظاهرية أو الخفيّة ليثبت وجود تأثير وتأثّر، ومنهم جيجر، كوفمن، مركس، وفنسنك، هرشفلد، غولدتسهير وغيرهم كثيراً.
جميع هؤلاء تحدّثوا عن إضفاء القداسة على الحياة اليهودية والعودة لقناعتها. إنّ كلّ حياة وحتى أصغر عنصر من عناصرها، إذا تمّ التعامل معه ومقاربته بنحو صحيح يمكن أن يرى كانعكاس للمصدر اللامتناهي للقداسة الذي هو الله، وهذه هي التقوى الحقيقية والتي يجب أن نميّزها من التقوى الظاهرية عن طريق المغالاة فيها، واليهودية عن طريق التقوى لقدوم مملكة الله إلى الأرض، أي كما استشهد سميث(111) بقول أبراهام ميشل: (بالنسبة للإنسان المتدين تقف جميع الأشياء وكأن ظهرها نحوه ووجهها متجه نحو الله).
المبحث الثاني
نقد التصورات عن المؤثرات الأجنبية في التصوّف
لقد نقد الكثير من الباحثين العرب آراء ونظريات المستشرقين في نشأة وتطوّر التصوّف الإسلامي وخاصّة للقرون القريبة الماضية ببيان ما سمّوه بالمؤثرات الأجنبية في نشأة التصوّف(112). وعند دراستنا لما اعتقدوه من المؤثرات، يمكن أن نستنتج أن أكثر الآراء التي قيلت في هذا الصدد غير وجيهة ومع ذلك لم تعارضها الوثائق الكثيرة والنصوص التي نشرت أو عرفت. وكانت دوافعهم إلى تلمّس هذه المؤثرات المزعومة عديدة ومتنوّعة المصادر والاتجاهات.ولكن في القرن السابق نشاهد تحوّلاً في الدراسات الاستشراقية في هذا المجال.
وقد أوضح بدوي ذلك في القول: بدأت موجة القول بتأثّر التصوّف الإسلامي في نشأته بعوامل أجنبية تنحسر من بعد سنة (1920م). فحتّى الذين قالوا بذلك مالبث بعضهم أن عدل عن رأيه (113). مثلاً نرى المستشرق نيكلسون(114) ذكر: لو أنّ المعجزة وقعت وانقطع الإسلام تماماً عن كلّ سبله بالأديان والفلسفات الأجنبية، لكان من المحتّم أن يقوم فيه لون من التصوّف ذاك لأن فيه بذوره.
أما المستشرق ماسنيون(115) فقد أكد في أكثر من موقف على رأيه في نشأة التصوّف الإسلامي وبيئته مثلاً قوله: إنّ القرآن ينطوي على البذور الحقيقية للتصوف، وإنّ تلك البذور كافية لتنميته في غير حاجة إلى أيّ غذاء أجنبي. ويسترسل في ذلك قائلا: كلّ بيئة دينية يتوفّر لتقوى أبنائها الإخلاص والتفكير، تصلح لأن تظهر فيها روح التصوّف. فليس التصوّف إذن من خصائص عنصر أو لغة أو أمّة. بل هو مظهر روحي لايحدّه مثل هذه الحدود المادية، فمن القرآن ـ يردد المسلم تلاوته ويتأول في آياته بفرائضه ـ انبثق التصوّف الإسلامي ونما وتطور(116).
وفي هذا المجال يمكن أن نقول: إنّنا حين نبحث أصل التصوّف الإسلامي من خلال آراء ونظريات المستشرقين التي عادة ما ترجع التصوّف إلى مؤثّرات أجنبية. «فمنذ أوائل القرن التاسع عشر إلى اليوم، وآراء المستشرقين الذين عنوا بدراسة التصوّف مختلفة في مسألة المصدر الذي يمكن أن يردّ إليه هذا التصوّف»(117).وهي نظرة عامة عند المستشرقين الذين أنكروا على الإسلام مافيه من نزعة روحية. ويرى بسيوني: إنّ في الإمكان استبعاد كلّ المؤثرات الأجنبية لكي يصل التصوّف إلى ما وصل إليه في القرن الثالث، معتمداً على قوى الدفع الإسلامي خلال العصور، وعلى عوامل داخلية في بيئة المسلمين(118).
ويرد عرفان عبد الحميد فتاح(119) على نظرية المؤثّرات الأجنبية عند المستشرقين بأنّ: جملة هذه النظريات بعيدة في الصدور عن حقيقة موضوعية بقدر ماهي تفسيرات جزئية تنظر إلى مجمل الحركة الروحية في الإسلام من خلال ربطها بجهة دون أخرى أو بعامل واحد فحسب، من غير اهتمام بالدوافع الذاتية للحركة والمتمثلة في الحوادث والوقائع التاريخية التي تعاقبت على المجتمع الإسلامي نتيجة تطوّره الذاتي، فضلاً عن ذلك فإنّ هذه النظريات كانت نتيجة حتمية تولّدت عن الموقف العام للمستشرقين القدامى ممن انطلقوا في تقييمهم للتراث العربي الإسلامي عموماً في نقطة بدء خاطئة تجانب أصل الموضوعية وتقوم على التنكّر التام لماضي الأمة، والاستخفاف بمقوّماتها الحضارية ومنجزاتها الفكرية، وذلك بسبب سيطرة نظرية رينان على مجمل دراساتهم، تلك النظرية التي سيطرت على حقل الدراسات الشرقيّة ردحاً من الزمن، والتي اتهمت العنصر العربي بالقصور الذاتي الموروث المتأصّل بالفطرة والغريزة في العربي، مما يحول بينه وبين الإنتاج الأصيل.
من آراء الباحثين العرب في نقد نظريات المستشرقين في نشأة التصوّف الإسلامي وتطوّره. علينا أن لانصدق كلّ الآراء الخاصة لوجود آثار أجنبية في كلّ ناحية من نواحي التصوّف الإسلامي، وإنّنا لو صدّقنا هذا لخرجنا بهذه النتيجة المضحكة والمزرية معاً، وهي إنّ التصوّف الإسلامي قصاصات ملتقطة من كافة الأرجاء والأنحاء والأديان، تمّ لصقها وإظهارها ككلّ مجمَّع ـ وهذا كلام غير مقبول ـ ولو رأينا فعلاً وجود بعض مظاهر تشابه لدى صوفية الإسلام، هؤلاء قد اقتبسوا بعض الأقوال الأجنبية استئناساً للرأي الإسلامي، لا لتأسيس رأي أجنبي في الإسلام(120).
الخاتمة:
من خلال دراستنا لمحاور المستشرقين، تراءى لنا أنّ الذات الصوفيّة في الإسلام وصلت إلى مستوى عميق من التروحن والتأمّل والإخلاص لتجربة العرفان والاشراق، وإنّها أمست مشابهة لتجارب روحية وثقافات دينية اشراقية لدى أمم أخرى تتواشج معها بالتماهي والاختلاف لاسيما من جهة الرغبة في ادراك الحق الأوحد إدراكاً مباشراً يحصل بموجبه برد اليقين.
وهو ما يعني أنّ السير الصوفي والسفر الروحي يرتبطان بالقلق المعرفي والوجودي الذي يدفع بدوره بالمتصوّف إلى نوع من الاغتراب والسياحة في الأمكنة والبلدان والفيافي بحثاً عن تجلّيات الحق في الوجود. وبهذا فإنّ التصوّف ينشد التناغم مع ذاته ومع المختلف الآخر، ويرى ذاك التناغم ضرورياً لاستمرار الوجود، بل أساس صدور الكائنات وخلق العالم إذ الكل يدور في فلك التماثل وينشد التناغم في حركة عشق تجاه الخالق الأوحد الذي يتجلى جلاله وجماله في الكون والإنسان.
* قائمة المصادر والمراجع *
■ المصادر القديمة:
1 ـ البيروني، أبو الريحان محمد بن أحمد (ت440هـ/1049م):
ـ تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أم مرذولة، (حيدر آباد، 1958).
2 ـ التفتازني، أبو ألوفا الغنيمي:
ـ مدخل إلى التصوّف الإسلامي، ط3(القاهرة،1988).
3 ـ الجاحظ، أبو عثمان عمر بن بحر(ت255هـ/889م):
ـ الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون،(القاهرة،1355هـ).
4 ـ الدينوري، أحمد بن داود (ت282هـ/895م):
ـ الأخبار الطوال،تحقيق عبد المنعم عامر،(القاهرة،1960).
5 ـ ابن سبعين، عبد الحق:
ـ رسائل ابن سبعين، تحقيق عبد الرحمن بدوي، (بيروت، 1966).
6 ـ السلمي، أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى (ت412هـ/ 1021م):
ـ طبقات الصوفيّة، تحقيق محمد عبد المنعم شربيه،(مصر،1953).
7 ـ الشعراني، عبد الوهاب (ت973هـ):
ـ الطبقات الكبرى، المسمى«بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار»، ضبطه وصححه خليل المنصور،(بيروت،1997).
8 ـ الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم (479-548هـ):
ـ الملل والنحل،(بيروت،1402هـ).
9 ـ الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير(ت310هـ/922م):
ـ تاريخ الرسل والملوك،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،(مصر، 1979).
10 ـ طعيمة، صابر:
ـ التصوّف والتفلسف الوسائل والغايات،(القاهرة،2005).
11 ـ ابن عربي، محي الدين الحاتمي الطائي (ت638هـ):
ـ ترجمان الأشواق، ترجمة هنري كوربان،(بيروت، 1312هـ).
12 ـ لآوتسو:
ـ كتاب التاوتي- تشينغ أنجيل – الحكمة التاوية في الصين، تقديم وشرح وتعليق وصياغة عربية للنص فراس السواح،ط2(دمشق، 2000).
13 ـ المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي (ت346هـ/957م):
ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر،(القاهرة، 1346هـ).
14 ـ ابن النديم، أبو الفرج محمد بن أسحق (ت385هـ/995م):
ـ الفهرست، (مصر، 1348هـ).
■ المصادر والمراجع الحديثة:
1 ـ أرنولد، توماس:
تراث الإسلام، ترجمة جرجيس فتح الله، (بيروت، 1972).
2 ـ آل جلوي، سارة عبد المحسن:
نظرية الاتصال عند الصوفيّة،(جدة، 1991).
3 ـ العريني،محمد:
الديانات الوضعية الحية في الشرقيين الأدنى والأقصى، (بيروت،1995).
4 ـ أوليري، دي ساسي:
الفكر العربي ومركزه في التاريخ، ترجمة أسماعيل البيطار، (بيروت،1082هـ).
5 ـ بدوي، عبد الرحمن:
تاريخ التصوّف الإسلامي من البداية حتى نهاية القرن الثاني الهجري، (الكويت، 1975).
تاريخ التصوّف الإسلامي،ط3(مصر، 2008).
موسوعة الفلسفة،(بيروت،1984)، جزءان.
6 ـ برغسون،هنري:
منبعا الأخلاق والدين ترجمة سامي الدروبي وعبد الله عبد الدائم،ط2(القاهرة،1984).
7 ـ بريهية،أميل:
الآراء الدينية والفلسفية لفيلون الاسكندري، ترجمة محمد يوسف موسى، (القاهرة،1954).
الفلسفة اليونانية،تعريب جورج طرابيشي، (بيروت،1982).
8 ـ بسيوني، إبراهيم:
نشأة التصوّف الإسلامي،(القاهرة، 1969):
9 ـ بلاثيوس،آسين:
ابن عربي حياته ومذهبه،ترجمة عبد الرحمن بدوي،(بيروت،1979).
10ـ ترمنجهام، سبنسر:
الفرق الصوفيّة في الإسلام، ترجمة عبد القادر البحراوي، (بيروت، 1997).
11ـ تور، أندريه:
التصوّف الإسلامي، ترجمة عدنان عباس علي،(ألمانيا،2003).
12 ـ توملين، أ.ف:
فلاسفة الشرق، ترجمة عبد الحميد سليم، مراجعة علي أدهم،ط2(القاهرة، 1994).
13 ـ جب، هاملتون:
علم الاديان وبنية الفكر الإسلامي، ترجمة عادل العوا، ط2(بيروت، 1989).
14 ـ جعفر، محمد كمال إبراهيم:
التصوّف طريقا وتجربة ومذهبا، (الإسكندرية، 1980).
15 ـ جفري، بارندر:
المعتقدات الدينية لدى الشعوب، ترجمة أمام عبد الفتاح أمام، سلسلة عالم المعرفة « ع173»، (الكويت، 1993).
16 ـ جودة،ناجي حسين:
التصوّف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجاً، (بيروت، 2006).
17 ـ جيفرسون، توماس جينس:
موسوعة أديان العالم، ترجمة مركز دافنشي،(القاهرة، 2008).
18 ـ حسن، جعفر هادي:
الدونمة بين اليهودية والإسلام، (بيروت، 1993).
19 ـ حلمي، محمد مصطفى:
الحياة الروحية في الإسلام،(القاهرة، 1970).
20 ـ حميش، سالم:
الاستشراق في أفق انسداده،(الرباط،1991).
21 ـ دي بور، ت.ج:
تاريخ الفلسفة في الإسلام، نقله إلى العربية محمد عبد الهادي أبو ريده، ط2 (القاهرة، د.ت).
22 ـ الرفاعي،منى ياسين طه:
علم التصوّف وأثره في العبادات،(بغداد،2009).
23 ـ الرومي، صهيب:
التصوّف الإسلامي،(بيروت، 2007).
24 ـ ريتشل،ك.ل:
التأمل والتقوى في الشرق الأقصى،(نيويورك،1954).
25 ـ زيغور،علي:
الفلسفة في الهند ن(بيروت، 1993).
26 ـ السامرائي،عبد الله سلوم:
الغلو والفرق الغالية في الحضارة الاسلامية،بغداد،1988).
27 ـ ستيس، ولتر:
التصوّف والفلسفة، ترجمة وتقديم أمام عبد الفتاح أمام، (مصر،1999).
28 ـ سميث،هوستن:
أديان العام، ط3 (سوريا،2007).
29 ـ شوليم،ج.ج:
تيارات رئيسية في التصوّف اليهودي،مجموعة محاضرات، (نيويورك،1954).
30 ـ شيمل،آنا ماري:
الأبعاد الصوفيّة في الإسلام وتاريخ التصوّف،(ألمانيا، 2006).
31 ـ الطرابيشي،جورج:
معجم الفلاسفة، (بيروت، 1078هـ).
32 ـ عفيفي أبو العلا: التصوّف الثورة الروحية في الاسلام،(القاهرة د.ت).
كتاب فصوص الحكم لابن عربي، تحقيق أبو العلا عفيفي،ط2(نينوى،1989).
التصوّف الثورة الروحية، القاهرة، (د.ت).
33 ـ غولد تسهير،أجناس:
العقيدة والشريعة في الإسلام تاريخ التطور العقدي والشريعي في الديانة الإسلامية، ترجمة محمد يوسف موسى،(بغداد – بيروت، 2009).
34 ـ فتاح، عرفان عبد الحميد:
نشأة الفلسفة الصوفيّة وتطورها،(بيروت،1974).
35 ـ فروخ، عمر:
تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون،(بيروت، 1972).
التصوّف في الإسلام،(بيروت، 1937).
36 ـ فلهاوزن،يوليوس:
الدولة العربي وسقوطها، ترجمة يوسف العش،(دمشق،1056هـ).
37 ـ قنواتي،جورج شحاته:
الفلسفة وعلم الكلام والتصوّف،(الكويت،1988).
38 ـ الكحلاوي،محمد:
مقاربات وبحوث،التصوّف المقارن،،(بيروت، 2008).
39 ـ كريستينسن،آرثر:
إيران في العهد الساساني،(القاهرة، 1957).
40 ـ كوربان،هنري:
تاريخ الفلسفة الإسلامية،نقله إلى العربية نصير مروة وحسين قبيسي،ط2(بيروت،د.ت).
الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي،ترجمة فريد الزاهي،ط2(ألمانيا،2008).
41 ـ ماسينيون، لوي:
دراسة عن المنحنى الشخصي لحياة حالة الحلاج الشهيد الصوفي في الاسلام ، مجلة (الله حي)، ع4، السنة1945.
مادة التصوّف، دائرة المعارف الإسلامية، م5.
42 ـ متز،آدم:
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الاسلام، نقله إلى العربية محمد عبدالهادي أبو ريدة، ط4، (بيروت، 1967).
43 ـ مروة،حسين:
النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية،ط2 (الجزائر، 2002).
44 ـ ميرتون،توماس:
طريق تشوانغ، تسو، نيويورك- نيودايراكشن،1965).
45 ـ النشار،علي سامي:
نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام،ط2 (مصر،1964).
46 ـ نغرين،جيووايد:
الزندقة، ماني والمانوية،نقله إلى العربية سهيل زكار،(دمشق،2005).
47 ـ نور الدين،عبد السلام:
العقل والحضارة، (بيروت، 2007).
48 ـ نيكلسون، رينولد الين:
في التصوّف الإسلامي وتاريخه، ترجمة أبو العلا عفيفي، (القاهرة،1947).
الصوفيّة في الإسلام، ترجمة نور الدين شربيه، ط2 (القاهرة، 2002).
49 ـ هالم، هانس:
الغنوصية في الإسلام، ترجمة رائد الباش،(كولونيا- ألمانيا،2003).
50 ـ ويلهام، ريتشارد وك.غ يونغ:
سر الزهرة الذهبية،القوى الروحية وعلم النفس التحليلي،ترجمة نهاد خياطة،(اللاذقية، 1988).
■ المراجع الأجنبية:
– L. Gardet, Les homes de I Islam;Appoche des mentalites,3eme parte.
* هوامش البحث *
(1) فروخ، عمر، تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون، (بيروت، 1972)،ص379- 380.
(2) غولدتسهير، العقيدة والشريعة في الإسلام، ص216.
(3) ماسنيون، لوي، «دراسة عن المنحنى الشخصي لحياة حالة الحلاج الشهيد الصوفي في الإسلام»، مجلة «الله حي»، ع4، السنة 1945، ص103. دائرة المعارف الإسلامية، مادة « تصوف»، 5، ص28. فتاح، عبدالحميد، نشأة الفلسفة الصوفيّة وتطورها،(بيروت، 1974)، ص41.
(4) الرومي، التصوّف الإسلامي، ص78.
(5) في التصوّف الإسلامي وتاريخه، ص102- 108.
(6) توماس، أرنولد، تراث الإسلام، ص306.
(7) التصوّف، ص26.
(8) الصوفيّة في الإسلام، ص19-20.
(9) قنواتي، جورج شحاتة، الفلسفة وعلم الكلام والتصوّف، (الكويت، 1988)،ج2، ص107.
(10) التفتا زني، أبو ألوفا الغنيمي، مدخل إلى التصوّف الإسلامي، ط3(القاهرة، 1988)،ص27.
(11) نيكلسون، تراث الإسلام، ص315- 316.
(12) جودة، التصوّف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجا، ص29.
(13) الغنوصية: كلمة يونانية الأصل، تعني « العرفان » ثم أخذت بعد ذلك معنى اصطلاحيا، التوصل بنوع من الكشف إلى المعارف العليا، هي فلسفة صوفية باطنية غايتها معرفة الله بالحدس لا بالعقل أو يتناقلها المريدون سرا، وظهر الغنوص أولا في الأديان الفارسية التي عرفها المسلمون باسم المجوسية ). للمزيد ينظر: هالم، هانس، الغنوصية في الإسلام، ترجمة رائد الباش (كولونيا- ألمانيا، 2003)، بدوي، عبد الرحمن، موسوعة الفلسفة، (بيروت، 1984) جزءان، ج2، ص86. النشار،على سامي، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، ط2 (مصر، 1964)، ص44- 45.
(14) بدوي، تاريخ التصوّف الإسلامي من البداية حتى نهاية القرن الثاني، ص49.
(15) نيكلسون، تراث الاسلام، ص309.
(16) الفكر العربي ومركزه في التاريخ، ص163.
(17) معروف الكرخي: هو أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخي، من جلّة المشايخ وقدمائهم ورعا وتقوى، صحب داود الطائي، وكان أتاذ السري السقطي، ينظر: السلمي، عبد الرحمن (ت412هـ)، طبقات الصوفيّة، تحقيق نور الدين شربيه ط3 (مصر، 1986)، ص83. الشعراني، عبد الوهاب (ت973هـ) الطبقات الكبرى، (بيروت، 1997)، ج1، ص72.
(18) في التصوّف الإسلامي، ص17- 18.
(19) العقيدة والشريعة في الإسلام، ص208-214. طعيمة، صابر، التصوّف والتفلسف الوسائل والغايات (القاهرة، 2005) ص40.
(20) الفكر العربي ومركزه في التاريخ العربي، ص161.
(21) نيكلسون، في التصوّف الإسلامي وتاريخه، ص16.
(22) اوليري، الفكر العبي..، ص164. شيمل، الإبعاد الصوفي..، ص53.
(23) ابن عربي حياته ومذهبه، ص260.
(24) فصوص الحكم والتعليقات عليه، ج2، ص178- 179.
(25) أندريه، تور، التصوّف الإسلامي، ترجمة عدنان عباس علي (ألمانيا- كولونيا، 2003) ص 243.
(26) الرفاعي، منى ياسين، علم التصوّف وأثره في العبادات، (بغداد، 2009) ص77.
(27) الأبعاد الصوفي وتاريخ التصوّف في الإسلام م، ص43.
(28) ترمنجهام، سنسر،الفرق الصوفيّة في الإسلام، ترجمة عبد القادر البحراوي، (بيروت، 1997)، ص24.
(29) حلمي، محمد مصطفى، الحياة الروحية في الإسلام، (القاهرة،1970)، ص39.
(30) الرفاعي، علم التصوّف وأثره في العبادة، ص86-87.
(31) شيمل، الأبعاد الصوفيّة في الاسلام وتاريخ التصوّف، ص100-101. عفيفي، أبوالعلا، التصوّف الثورة الروحية، (القاهرة، د. ت)، ص96. برمنجهام، فرق الصوفيّة في الاسلام، ص39.
(32) تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص12.
(33) المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص237.
(34) غولدتسهير، الاسلام بين العقيدة والشريعة، ص222-223.
(35) الفرق الصوفيّة في الإسلام، ص119.
(36) نيكلسون، الصوفيّة في الاسلام، ص19، في التصوّف الإسلامي وتاريخه، ص12.
(37) نيكلسون، في التصوّف الإسلامي، ص17-18.
(38) علم الأديان، ص143-144.
(39) برهية،أميل،الفلسفة اليونانية، تعريب، جورج الطرابيشي، (بيروت، 1982)، ص61.، ص61.
(40) الأبعاد الصوفيّة..، ص14-15.
(41) هو S.H.Nasr كتابه (Ideais and Realities of Islam , 1966) يعطي فكرة رائعة عن تاريخ الصوفي الفارسين وحياتهم الفكرية، وجذور معتقداتهم، ويتضمن بعض الملاحظات الهامة عن الجوانب الفارسية الصوفيّة.
(42) الكحلاوي، مقاربات وبحوث..، ص103.
(43) كوربان الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي، ص33.
(44) كوربان، هنري، تاريخ الفلسفة الإسلامية، نقله إلى العربية نصير قبيسي وحسين مروة، ط2 (بيروت، د. ت) ص304.
(45) الزرادشت: ابن اسفيمان ولد في ميديا (شمال غربي إيران، في منتصف القرن السابع قبل الميلاد الذي ظهر أيام الملك بشتاسف، وادّعى النبوة ووضع أسس الديانة الزرادشتية في كتاب الافستا الذي في يد المجوس، وأمست الزرادشتية الديانة الرسمية أيام الساسانين واستمرت حتى الفتح الإسلامي.، وأتباعه اليوم هم من يدعون بالبرسيين ويعيش أغلبهم في الهند وإيران ويظن أن اليزيدية في العراق هم طائفة منحرفة منهم للمزيد انظر: الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير(ت310هـ/922م)، تاريخ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل أبراهيم، ط4 (مصر، 1979)، ج1، ص293. الدينوري،احمد بن داود(282هـ/895م)،الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر (القاهرة، 1960)، ص25. المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1،ص37. ارنولد، سير توماس، تراث الإسلام، ترجمة جرجيس فتح الله، (بيروت، 1972) ص309. كريستيسن، آرثر، إيران في عهد الساسانين، (القاهرة، 1957)، ص1030.
(46) المانوية: أتباع ماني بن فتق بن بابك بن أبي برزام (215-276م) وهو فارسي أظهر دين المنانية وزعم انه نبي،وكان ظهور ماني زمن الملك سابور ابن اردشير الذي تولى الملك سنة 242م وركز ماني العقيدة الثنوية فأكد أن العالم مركب من أصلين قديسين أحدهما نور والآخر ظلمة وأنهما أزليان واضطهد الساسانين المانوية وتحولت إلى حركة سرية وبقيت كذلك في الفترة الإسلامية. للمزيد انظر: ابن النديم، الفهرست، ص470. الشهرستاني،محمد بن عبد الكريم (479-548هـ) الملل والنحل، (بيروت، 1402هـ)، ج1، ص195- 196. ارنولد، تراث الاسلام، ص309. جيو وايد نغرين، الزندقة، ماني والمانوية، ترجمة الدكتور سهيل زكار، (دمشق، 2005)، ص149- 168.
(47) المزدكية: وضع أساسها مزدك الذي ظهر أيام الملك قباذ بن فيروز وذلك في أواخر القرن الخامس الميلادي، وهي من العقائد الثنوية، وأحدثت المزدكية انقلابا عنيفا في النظام الاجتماعي الإيراني وذلك لأنّ مزدك دعا إلى مشاركة في الحرم والأهل فلا يمتنع الواحد منهم من حرمة الآخر ولايمنعه. للمزيد ينظر: تاريخ الطبري، ج2، ص88. ابن النديم، الفهرست، ص493. الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص86. كريستنسن، إيران في عهد الساسانيين، ص345-346.
(48) الزنادقة: جمع زنديق، وهوالذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، والاسم منه الزندقة،وهي ظاهرة قديمة تجدد ظهورها بشكل معين في الفترة الإسلامية فهم من أبرار المانوية. وقد عاقبتهم السلطة العباسية. للمزيد انظر:اوليري، الفكر العربي، ص163. فلهاوزن،يوليوس، الدولة العربية وسقوطها، ترجمة يوسف العش (دمشق،1056)، ص533. السامرائي، عبدا لله سلوم، الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية، (بغداد، 1988)، ص79-82.
(49) اوليري، الفكر العربي ومركزه في التاريخ، ص162.
(50) المصدر نفسه، ص201.
(51) النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، ص44-45.
(52) الحياة الروحية في الإسلام، ص42.
(53) الرفاعي، علم التصوّف..، ص77.
(54) شيمل، الأبعاد الصوفيّة، ص15-16.
(55) البيروني، أبو الريحان محمد بن احمد (ت440هـ/ 1049م)، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أم مرذولة،(حيدر آباد، 1958)،ق1، ص24-32. ابن النديم، الفهرست، ص246.
(56) زيغور، علي، الفلسفة في الهند، (بيروت، 1993)،ص385.
(57) ابن سبعين،عبد الحق، رسائل ابن سبعين، تحقيق عبد الرحمن بدوي، (بيروت، 1966)،ص15.
(58) الكحلاوي، محمد، مقاربات وبحوث في التصوّف المقارن، (بيروت 2008)، ص121.
(59) الابتعاد الصوفيّة، ص7.
(60) اوليري، الفكر العربي..، ص163.
(61) النرفانا: كلمة سنسكريتية تعني حرفياً الانطفاء» و الإخماد أو الأنفس، وهي الهدف الأسمى في الفكر الديني الهندي من تأملات التلاميذ ويميز البوذيون أكثر من غيرهم بين هذه الحالة وغيرها من الحالات الروحية. فهي تعني عندهم الوصول إلى حالة سامية من التحرر عن طريق إخماد رغبات الفرد. للمزيد ينظر(سيتس، التصوّف والفلسفة، ص85).
(62) الفيدا: كتاب مقدس مكتوب باللغة السنسكريتية، معناها « معرفة المجهول » عن طريق الدين،ويشتمل على أوردة تعبدية وأناشيد دينية ورقى سحرية. للمزيد ينظر: اندريه، التصوّف الإسلامي، ص12.
(63) نيكلسون، تراث الاسلام، ص313-314.
(64) غولدتسهير، العقيدة والشريعة..، ص161- 163.
(65) الجاحظ، أبو عثمان عمر بن بحر (ت255هـ)، الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون، (القاهرة،1355)، ج4،ص147.
(66) غولدتسهير، العقيدة والشريعة في الإسلام ن ص210.
(67) مقاربات وبحوث في التصوّف المقارن، ص122.
(68) طعيمة، التصوّف والتفلسف، ص105.
(69) برجسون، منبعا الأخلاق والدين، ص- 234 – 235.
(70) نور الدين، عبد السلام، العقل والحضارة، (بيروت، 2007)، ص50-68.
(71) برمنجهام، الفرق الصوفيّة..، ص49.
(72) اوليري، الفكر العربي..، ص238.
(73) الكحلاوي، مقاربات..، ص123.
(74) البرهمان (Brahman): كلمة سنسكريتة استعملت في اللغة الانكليزية منذ سنة 1481م وتعني الاسم الذي أطلقه حكماء الاوبانيشاد على الموجود الاسمي، وهم يجسدونه في الإله الخالق براهما، ووضع في مثلث مقدس أضلاعه برهمان (الخالق) فشنو(الحافظ) وشيف(المدمر) أما اتمان Atman فهي كذلك كلمة سنسكريتة يراد بها في الأدبيات الهندوسية روح العالم، أو مبدأ الحياة، أو الروح المطلقة، أو نفس الكون الفعلية التي تتخلل كلّ شيء، للمزيد انظر: جفري، بارندر، المعتقدات الدينية لدى الشعوب، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام (الكويت، 1993) سلسلةعالم المعرفة، ع 173، ص384-385.
(75) الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوّف المقارن، ص124. دوملين، ا.ف، فلاسفة الشرق، ترجمة عبد الحميد سليم، ط2(مصر،1994)، ص169.
(76) توملين، فلاسفة الشرق، ص 211- 249.
(77) العريبي، محمد « الديانات الوضعية الحية في الشرقين الأدنى والأقصى»، من موسوعة الأديان السماوية والوضعية (بيروت، 1995)، م3، ص135.
(78) بارندر، المعتقدات الدينية لدى الشعوب، ص225- 226.
(79) شيمل، الأبعاد الصوفيّة..، ص163.الكحلاوي، مقاربات..، ص139.
(80) وهو مبدأ وضعه بوذا يتحدث به عن نظام الكون بطريقة تختلف في أساسها عن تلك التي كان مسلما بها في الهند منذ أقدم العصور وهي نظرية سلوكية غير عادية وأكثر شمولا من أي نظرية سبق وضعها، ولقد تقبلها فحسب كحقيقة لا تقبل أي نقاش. للمزيد: انظر توملين، فلاسفة الشرق، ص237- 241.
(81) الأبعاد الصوفيّة، ص163. الكحلاوي، مقاربات، ص139.
(82) ماسنيون، دائرة المعارف الاسلامية، (مادة التصوّف)، ص49.
(83) L. Gardet, Les homes de Islam;Appoche des mentalites,3eme parte ,p.264et suivant.
(84) الأبعاد الصوفيّة، ص9.
(85) الكحلاوي، مقاربات وبحوث..، ص138.
(86) الرومي، التصوّف الإسلامي، ص68-69.
(87) المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1، ص139. متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، م2، ص415-416.
(88) تأو: التاوية هي أحد فروع الكونفوشية، والتاوية اصطلاح ينتمي إلى الثقافة الصينية يعني في جوهره الطريق أو المنهج أو السبيل، ويقصد به الطريق الصحيح، طريق السماء الذي أسس له قبل الميلاد لاوتسو. وتقوم تعاليم هذا المذهب على مخالفة ملذات الحياة والنزوع إلى التأمل الصوفي. وقد حاول أنصار هذا المذهب لاحقا البحث عن إكسير الحياة من خلال هذا الطريق. للمزيد ينظر: سميث، هوستن، أديان العالم،ط3(سوريا، 2007) ص300- 333.
(89) لاؤتسو: رجل اسمه (لي اره) أو لاؤتسو، ولي اسم أسرته واره اسمه هو، ومعناه الأذان، لاؤ معناها الشيخ أو الرجل القديم، قيل انه ولد حوالي 604ق. م. وهو شخصية غامضة، عمل مسؤولاً في حفظ السجلات في ولايته الغربية من الصين وامضي حياته بسيطا، وانه كان ناسكا منعزلا وحيدا مستغرقا في تأملات سرية غامضة وللاسم الأصلي أشكال مختلفة للقراءة مذكورة في مظانها، وللمزيد ينظر: سميث، أديان العالم، ص300 – 306.
(90) حلمي، محمد مصطفى، الحياة الروحية في الإسلام،ص 64.
(91) علم الأديان، ص16-143.
(92)الأبعاد الصوفيّة….، ص 16 و ص312.
(93) لآوتسو، كتاب التاو تي ـ تشينغ إنجيل الحكمة التاوية في الصين، تقديم وشرح وتعليق وصياغة عربية للنص فراس السواح، ط2(دمشق،2000) ص109-110.
(94) هوستن سميث، أديان العالم، ص303.
(95) ريتشل، ك. ل، التأمل والتقوى في الشرق الأقصى، (نيويورك، 1954) ص104.
(96) ويلهام، ريتشاد. وك. غ. يونغ، سر الزهرة الذهبية، القوى الروحية وعلم النفس التحليلي، ترجمة نهاد خياطة (اللاذقية، 1988)، ص20.ميرتون، توماس،طريق تشوانغ تسو،(نيويورك- نيو دايركشن،1965) ص45-47.
(97) أديان العالم، ص319.
(98) بدوي، عبد الرحمن، تاريخ التصوّف الإسلامي، ص37-38.
(99) ابن عربي، ترجمان الأشواق، ترجمة هنري كوربان، (بيروت، 1312هـ)، ص39.
(100) فيلون الاسكندراني: من مفكري اليهود، كان يرى أن التوراة فيها أفكار فلسفية لاتقل مكانة وسموا عن خلاصة التفكير الإغريقي وكتب فيلون ما كتب من مؤلفاته باللغة الاغريقية، ولم يقدر أن تكون لآرائه وطريقته في البحث عرق راسخ في اليهودية، ولقد بقيت الطائفة اليهودية الاسكندرانية مجهولة. أن أفكاره تكون امتزاج لهاتين العقليتين اليهودية والنصرانية واتحادهما. للمزيد ينظر: بريهية، أميل، الآراء الدينية والفلسفية لفيلون الاسكندري، ترجمة محمد يوسف موسى،(القاهرة، 1954) ص1- 5. الطرابيشي، جورج، معجم الفلاسفة، (بيروت، 1078)، ص490- 491.
(101) أل جلوي، سارة عبد المحسن، نظرية الاتصال عند الصوفيّة (جدة، 1991) ص319- 320. النشار، الفكر الفلسفي في الإسلام، ج1، ص71- 74.
(102) التصوّف والفلسفة، ص198.
(103) حزقيال بن بوزي: (أحد أنبياء اليهود، روى في سفره كيف انه كان في أرض الكلدانين وكانت عليه يد الرب،ثم يستمر فيصف ظهور الله.. وكيف رأى منظرا يشبه مجد الرب فخر على وجهه.للمزيد ينظر(التوراة، سفر حزقيال،الإصحاح الأول).
(104) الحسدية: الحسديم هو جمع عبري للفرد «حسيد» ومعناه «التقي والورع» وقد ظهرت مجموعات من هؤلاء في تاريخ اليهود ولكن أشهرها وأكثرها بقاء هي المجموعة التي تعيش في عصرنا هذا والتي أنشأها يسرائيل بن اليعازر في القرن الثامن عشر. وهي اليوم شريحة كبيرة من اليهود الارثودكس للمزيد ينظر: (حسن،جعفر هادي،الدونمه بين اليهودية والإسلام، (بيروت، 1993)، ص21.
(105) شوليم،ج.ج، تيارات رئيسية في التصوّف اليهودي، مجموعة محاضرات (نيويورك، 1954)، محاضرة (1)، ص5.
(106) التلمود Talmud)): كلمة عبرية معناها الدراسة، أو التعليم وهي مجموعة من الشرائع اليهودية القديمة جمعت على فترتين – فترة الأسر البابلي في فلسطين – وهي تتألف من قسمين (المشتا) أو الأصول ثم (الجيمتا) وهي تطوير وشرح على المشتا، وهي مكملة للكتاب المقدس عند اليهود (العهد القديم ) وهي الجهد البشري الموازي للجهد الإلهي المتمثل في الكتاب المقدس. للمزيد انظر: سيتس، التصوّف والفلسفة، ص7 .
(107) سيتس، التصوّف والفلسفة، ص197.
(108) شيمل، الأبعاد الصوفيّة، ص383.
(109) الدونمه: فرقة نشأت أساسا على الأيمان بفكرة المسيح المخلص في اليهودية. وسيطرة فكرة المسيحانية على اليهود، ادعى الكثير من اليهود بأنهم المسيح المخلص أو الممهدون له، وكانت بعض الظروف الخاصة كالاضطرابات العالمية والنكبات التي تصيب اليهود تدفع هؤلاء لهذا الادعاء. للمزيد ينظر: جعفرهادي حسن، الدونمة بين اليهودية والإسلام، ص1- 35. جيفرسون، موسوعة أديان العالم، ص287.
(110) القباله: أصحاب مذهب موضوعه القضايا الصوفيّة والتأويلات الباطنية المعتمدة على المعتقدات اليهودية وللحروف والأرقام ودورهم مهم فيه، ولإتباع القبالة نظرة خاصة إلى الكون ونشوئه. وقد تطور علم القبالة كثيرا منذ ظهور كتاب الزهر في القرون الوسطى وأصبحت فيه أكثر من مدرسة، ومعنى الاسم هو القبول والتسليم وهو من الجذر العبري قبل ومعناها الحرفي هي السنة أو التقليد الصوفي للعبريين، وتدور مجمل أفكارها ومبادئها على معرفة العلم: أصله، تكوينه، نشأته وإسراره وحكمته وتدبيره ونهايته وهذه المعرفة هي معرفة تتعلق بما وراء العقل، طريقها التأمل ومنهجها الإشراق. للمزيد ينظر: جعفر هادي حسن، الدونمة بين اليهودية والإسلام،ص19- 20. فروخ، عمر، التصوّف في الاسلام، ص35. الكحلاوي، مقاربات وبحوث في التصوّف المقارن، ص61.
(111) سميث، أديان العالم، ص378.
(112) بدوي، تاريخ التصوّف الإسلامي، ص40-50. جودة، التصوّف عند فلاسفة المغرب، ابن خلدون أنموذجا، ص20-57. مروة،حسين، النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، ط2 (الجزائر، 2002)، ج3، ص81.
(113) بدوي، عبد الرحمن، تاريخ التصوّف الإسلامي من البداية حتى نهـاية القرن الثاني (الكويت،1975)، ص31.
(114) في التصوّف الإسلامي وتاريخه، ترجمة أبو العلا عفيفي (القاهرة، 1956) ص43.
(115) ماسنيون، لوي، في أصول المصطلح التقني للتصوف الإسلامي، (باريس، 1968) ص53- 83. حميش، سالم، الاستشراق في أفق انسداده، (الرباط، 1991) ص75- 80. الرومي،التصوّف الإسلامي، ص88.
(116) ماسنيون، بحث في أصول المصطلح التقني للتصوف الإسلامي، ص30- 83.
(117) التفتا زني، مدخل إلى التصوّف الإسلامي، ص25.
(118) بسيوني، إبراهيم، نشأة التصوّف الإسلامي، (القاهرة، 1969) ص88.
(119) فتاح، نشأة الفلسفة الصوفيّة وتطورها، ص35. بدوي، تاريخ التصوّف الإسلامي، ص40-41.
(120) جعفر، محمد كمال إبراهيم، التصوّف طريقا وتجربة ومذهبا، (الإسكندرية، 1980) ص111-112.
___________________________________
*نقلًا عن موقع “المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية”.