أعلام وأقطاب

عمر الخيام الفيلسوف العالم الشاعر

عمر الخيام الفيلسوف العالم الشاعر

غِيَاث الدِّين أبو الْفُتُوح عُمَر بن إِبْرَاهِيْم بن صّالحَ الخَيّام النَيْسَابُوْرِيْ(1048- 1131م)   والخيّام هو لقب والده، (حيث كان يعمل في صنع الخيام، هو عالم فلك ورياضيات ولغة وفقه وتاريخ وفيلسوف وشاعر فارسي، وُلِدَ في مدينة نيسابور، خراسان، إيران ما بين 1038 و 1048 م، وتوفي فيها ما بين 1123 و 1124 م، بعمر 83 عامًا. وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، كما أنه صاحب الرباعيات المشهورة.

كان يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يواتيه الحظ الآخرَينِ، وهذا ما كان. فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيراً للسلطان ألب أرسلان ثم لابنه السلطان ملكشاه، خُصِّصَ له مائتان وألف مثقال يتقاضاها من بيت المال كل عام من خزينة نيسابور، فضمن له العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة. وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند. وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخارى وبلخ وأصفهان رغبة منه في التزود من العلم وتبادل الأفكار مع العلماء. وهكذا صار لعمر بن الخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور وأسرار الحياة.

 

حياته

ولد عمر الخيّام بن إبراهيم بن صالح خيّامي في 18 مايو 1048 في مدينة نيسابور التي كانت إحدى المدن الرائدة في خراسان خلال العصور الوسطى التي وصلت إلى ذروتها من الازدهار في القرن الحادي عشر في عهد الدولة السلجوقيّة ، وكانت كذلك مركزاً رئيسيّاً للديانة الزرادشتية. يُعتقد أنّ والد عمر الخيام كان من أتباع الديانة الزرادشتيّة الذين اعتنقوا في ما بعد دين الإسلام.

 أمضى الخيّام طفولته في مدينة نيسابور ، وتمّ تقدير مواهبه من قبل أساتذته الأوائل الذين أرسلوه للدراسة عند أعظم معلّم في منطقة خراسان وهو الإمام موفّق نيسابوري، الذي كان يُدرّس أولاد النبلاء ، سافر بعد دراسة العلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك في مدينة نيسابور، إلى مدينة بخارى في عام 1068، حيث كان يتردّد إلى مكتبة الفلك المرموقة، وانتقل في عام 1070 إلى مدينة سمرقند، حيث كان يعمل «أبو طاهر» حاكم ورئيس القضاة في المدينة.

كتب الخيّام خلال عام 1070، أعماله الجبريّة الأكثر شهرة، وأطروحته (رسالة في براهين الجبر والمقابلة) التي كانت مكرّسة لمعلّمه القاضي أبو طاهر

عندما أصبح في سنّ السادسة والعشرين عام  1073 دخل في خدمة السلطان ملك شاه الأوّل مستشاراً، فقد دُعي إلى أصفهان من قبل الوزير نظام الملك عام 1076 بهدف الاستفادة منه في المكتبات ومراكز التعليم هناك. بدأ في ذلك الوقت بدراسة أعمال عالم الرياضيات اليونانيّ إقليدس وأبولونيوس عن كثب. وشرع – بناءً على طلب الوزير نظام الملك- في إنشاء مرصدٍ فلكيّ في أصفهان، حيث قاد مجموعةً من العلماء لإجراء عمليّات رصد فلكيّة دقيقة تهدف إلى مراجعة التقويم الفارسي. أنهى في عام 1079 مع فريقه عمليّات قياس طول السنة بدقّة مذهلة، حيث عبّروا عنها بـ 14 خانة: 365.24219858156 يومًا. في الواقع، ووفقًا لأكثر القياسات الحديثة دقّة، كان ذلك الرقم دقيقاً في خاناته الثمانية الأولى، ويحدث الاختلاف من سنة إلى أخرى في الخانة الثامنة، ممّا يجعل التقويم الذي ابتكره النظام الأكثر دقّة على الإطلاق.

بعد وفاة مالك شاه ووزيره فقدَ عمر التأييد الذي كان يضمنه من المحكمة، وسرعان ما انطلق – نتيجةً لذلك – في رحلة حجّ إلى مدينة مكّة. كان أحد الدوافع الخفيّة المحتملة لذهابه إلى الحجّ التي أوردها القفطي، هو إظهار إيمانه للعامّة بهدف تهدئة حالات الاشتباه حول اتّباعه لمذهب الشكّ، ودحض مزاعم التهجّم غير الأخلاقي الذي وجّهه إليه رجل دين معادٍ.   تمّت دعوته بعد ذلك من قبل السلطان الجديد سنجار إلى مدينة مرو الشاهجان للعمل كمنجّم للبلاط الملكي. سُمح له لاحقًا بالعودة إلى نيسابور بسبب تدهور حالته الصحية. وقيل إنّه قد عاش حياته – بعد عودته إلى مسقط رأسه – في عزلة عن البشر.

توفي عمر الخيام عن عمر يناهز 83 عامًا في مدينة نيسابور في الرابع من ديسمبر عام 1131، ودُفن في قبر كان قد تنبأ بموقعه في شعره، في بستان تسقط فيه الأزهار مرتين في السنة، ويطلق على ذلك المكان الآن ضريح عمر الخيّام.

ضريح الخيام في نيسابور- إيران.

 

في الرياضيات

رغم شهرة الخيام شاعراً، فقد كان من علماء الرياضيات، حيث اشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، والذي صار التقويم الفارسي المتبع إلى اليوم. وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وأول من استخدم الكلمة العربية «شيء» التي تكررت في القرآن الكريم وقد استخدمها  للدلالة على الكلمة التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية (Xay) وما لبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها “x” الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول.

ترجع شهرته إلى عمله في الرياضيات حيث حلَّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية.  كما نظم المعادلات التكعيبية وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها. وقد بحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحاً موجباً، ووضع طرقاً لإيجاد الكثافة النوعية.

 

في نظرية المستقيمات المتوازية

انظر أيضاً إلى تاريخ الهندسة غير الإقليدية وإلى تاريخ مسلمة التوازي.

جزء من رسائل الخيام حول كتاب العناصر لإقليدس تتطرق إلى مسلمة التوازي. ويعتبر عمله على هذا الموضوع أول عمل من نوعه، لا يعتمد على مبدأ مصادرةٍ على مطلوب.

انظر إلى هندسة زائدية وإلى هندسة ريمانية وإلى هندسة إقليدية.

 

في الجبر الهندسي

مخطوطة من كتاب المعادلة التكعيبية وتقاطع المجالات المخروطية لعمر الخيام في طهران.

 

إنشاء قام به عمر الخيام من أجل حلحلة المعادلة التكعيبية x3 + 2x = 2x2 + 2. تقاطع الدائرة والقطع الزائد يحدد القطعة المُراد البحث عنها.

ويعتبره بعض المؤرخين، نظراً إلى مقاربته الهندسية من أجل حلحلة معادلات جبرية، رائداً في اختراع الهندسة التحليلية، قبل رينيه ديكارت بحوالي خمس قرون.

 

نظرية ذات الحدين وحساب الجذور

تاريخ نظرية ذات الحدين

يعتقد بعض مؤرخي الرياضيات أن عمر الخيام علم بصيغة عامة لنشر ذات الحدين {\displaystyle (a+b)^{n}}, حيث n عدد صحيح طبيعي.

في بعض الأحيان، يُشار إلى مثلث باسكال باسم مثلث الخيام.

 

في علم الفلك

برع عمر الخيام في الفلك أيضاً. طلب منه السلطان ملكشاه سنة 467 هـ/1074م إنشاء مرصد في مدينة إصفهان. وطلب منه أيضاً تعديل التقويم الفارسي القديم. ويقول المؤرخ جورج سارتن إن تقويمه كان أدق من التقويم الغريغوري. وقد وضع تقويما سنوياً بالغ الدقة، وتولى الرصد في مرصد أصفهان.

 

مؤلفاته باللغة العربية

  • شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس.
  • الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية.
  • رسالة في الموسيقى.

 

رباعيات الخيام

كان الخيام في أوقات فراغه يتغنى برباعياته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد  ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن. ويرى البعض أنها لا تدعو إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس.  وقد ترجمها إلى الإنكليزية إدوارد فتزجيرالد في عام 1859، فعرفت هذه الترجمة نجاحاً كبيراً لدى مستشرقي نهاية القرن.

 

 

                يقول عمر الخيام في رباعياته:

أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء

وكشف ما يحجبـه في الخـفاء

فلم أجـد أسـراره وانقضـى

عمري وأحسست دبيب الفـناء

 

ويقول:

لبستُ ثوب العمر لـم أُسْتَشَـرْ

وحرت فيه بيـن شتّـى الفكـر

وسوف أنضو الثوب عني ولـم

أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر

 

ويضيف:

لـم يبرح الداء فؤادي العليـل

ولـم أنل قصدي وحان الرحيـل

وفـات عمـري وأنا جاهـل

كتاب هذا العمر حسم الـفصول

 

    وهو يعجب لهذا الفناء السريع للشباب والحياة فيقول:

تناثرت أيّـام هـذا العـمر

تناثـر الأوراق حول الشـجر

فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا

من قبل أن تسقيك كفّ القدر

أطْفِئْ لظى القلب ببرد الشراب

فإنمـا الأيام مثــل السحاب

 

وفي موضع آخر يتدارك نفسه فيقول:

يا عالم الأسرار علـم اليقين

يا كاشف الضرّ عن البائـسين

يا قابـل الأعذار فئنــا إلى

ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن

 

   

ومن رباعياته أيضاً ما يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي وتقويم النفس البشرية حيث يقول:

صاحب من الناس كبار العقول

واترك الجهال أهل الفضول

واشرب نقيع السمِّ من عاقلِ

واسكب على الأرض دواء الجَهول

 

ومن الرباعيات ذات الدلالة إلى اتجاهه الديني أيضاً تلك التي ينشدها قائلاً:

إن لم أكن أخلصت في طاعتك

فإني أطمع في رحمتك

وإنما يشفع لي أنني

قد عشت لا اشرك في وحدتك

 

لم يفكّر أحد ممن عاصر الخيام في جمع الرباعيات، فأوّل ما ظهرت سنة 865 هـ، أي بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف قرن، وأوّل ترجمة لها كانت للغة الإنكليزية، وظهرت سنة 1859، أما الترجمة العربية من الفارسية فقام بها الشاعر المصري أحمد رامي، وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي، كما ترجمها كذلك الشاعر الأردني عرار.

 

 

   

مراجع:

 

___________________

*نقلًا عن موقع ” ويكيواند” – بتصرُّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى