مشاهد ومراقد

مقام السيدة رقيَّة بنت الإمام الحسين في دمشق

مقام السيدة رقيَّة بنت الإمام الحسين في دمشق

 

يقع مزار السيدة رقية بنت الحسين(ع) في أحد أحياء مدينة دمشق المعروف بحيّ العمارة إلى جنب باب الفراديس، الملاصقة أزقّتها لجدران الجامع الأموي الكبير.
وللمرقد بناء كبير ذو أروقة وأعمدة مزخرفة بروعة الفنّ القاشاني (البلاط المزجج)، والاحتراف والإبداع الإيراني والإسلامي الممزوجين، نُقشت عليها آيات قرآنية وأحاديث نبوية في ولاء ومودّة أهل البيت.

تاريخ المقام

ورد في المصادر التاريخية أن المقام كان مشيَّدًا من قِبَل الأيوبيين سنة 526 هـ، كما يُذكر بناء قبة على المزار سنة 768 هـ.

وتحدّث الميرزا هاشم الخراساني (1352 هـ) في كتابه “منتخب التواريخ” أنه حوالي سنة 1280 هـ، ظهر جثمان المقام سليمًا إثر تسرّب المياه إلى القبر وحفره ومباشرة ترميمه وإعادة بنائه.
وقال: ثم إن الوالي أخبر السلطان عبد الحميد العثماني فعيّنوا السيّد ابراهيم بن مرتضى الدمشقي على المقام، وهو الذي كان قد تولّى أمر الحفر والترميم بحضور جمع من علماء الطوائف ووجهائهم بدمشق.
وذكر السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي الشافعي المصري في كتابه “نور الأبصار” في مناقب آل النبي المختار:
“قد أخبرني بعض أهل الشّوام أنّ للسّيدة رقية بنت الإمام علي كرّم الله وجهه ضريحًا بدمشق الشّام، وأنَّ جدران قبرها كانت قد تعيّبت، فأرادوا إخراجها منه لتجديده، فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة، فحضر شخص من أهل البيت يُدْعى السّيد بن مرتضى، فنزل في قبرها، ووضع عليها ثوبًا لفّها فيه وأخرجها، فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ، وقد ذكرتُ ذلك لبعض الأفاضل فحدّثني به ناقلًاً عن أشياخه”.

وذكر عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري المعروف بالشعراني (973 هـ) أنّ بقرب جامع دمشق مزارًا يُعرَف بمزار السيدة رقية منقوش على كتيبة بمدخلها:

“هذَا البَيْتُ بُقْعَةٌ شُرِّفَتْ بِآلِ النّبِيّ صلی الله عليه وآله وسلم وَبِنْتُ الحُسَيْنِ الشَّهيد، رُقَيَّة عليها السلام”.

 

سيرة وحياة السيَّدة رقيَّة:

 

السيّدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام). والدتها السيّدة أُم إسحاق بن طلحة تاريخ ولادتها(عليها السلام) ومكانها عام 57ﻫ أو 58ﻫ، المدينة المنوّرة. حضرت  واقعة كربلاء، وهي بنت ثلاث سنين، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه من القتل، ثمّ أُخذت أسيرة مع أُسارى أهل البيت(عليهم السلام) إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام. وفي إحدى الليالي قامت السيّدة رقية فزعة من نومها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطربًا شديدًا، فلمّا سمعت النساء بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال، فانتبه يزيد  من نومه وقال: ما الخبر؟ فأخبروه بالواقعة، فأمر أن يذهبوا إليها برأس أبيها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّىً بمنديل، فوُضِع بين يديها، فلمّا كشفت الغطاء رأت الرأس الشريف نادت: «يا أبتاه مَن الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه مَن الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه مَن الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه مَن بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه مَن لليتيمة حتّى تكبر»؟ ثمّ إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديدًا حتّى غشي عليها، فلمّا حرّكوها وجدوها قد فارقت روحها الحياة، فعلى البكاء والنحيب، واستجدّ العزاء، فلم يُرَ ذلك اليوم إلّا باكٍ وباكية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى