فنون و آداب

قصيدة “النادرات العينية” للشيخ عبد الكريم الجيلي

قصيدة “النادرات العينية” للشيخ عبد الكريم الجيلي

فؤاد به شمس المحبة طالع * * * وليس لنجم العزل فيه موانع
صحا الناس من سكر الغرام وما صحا * * * وافرق كل وهو في الحان جامع
حمي هواه غير قهوة غيره * * * مدام دواما تقتنيها الأضلع
هوى و صبابات ونار محبة * * * وتربة صبر قد سقتها المدامع
أولع قلبي من زرود بمائه * * * ويا ولهى كم مات ثمة والع
ولى مطمع بين الإرجاع عهده * * * قديم وقد خابت هاك المطامع
أيا زمان الزند الذي بين لعلع * * * تقضى لنا هل أنت يا عصر راجع
لقد كان لي في ظل جاهك مرتع * * * هني ولي بالرقمتين مراتع
أجر ذيول اللهو في ساحة اللقا * * * و اجني ثمار القرب وهى ايانع
واشرب كأس الوصل راحا براحة * * * تصفق بالرايات منها الأصابع
تصرم ذلك العمر حتى كأنني * * * أعيش بلا عمر وللعيش مانع
مذ أغبر خضر العيش وابيضت لمتى * * * تسود صبحى فالدموع فواقع
وسرب من الغزلان فيهن فتية * * * لنا منهن في سقط الغوير روائع
غفرن بدورا مذ قلمنا عقاربا * * * من الشعر خلنا أنهن براقع
رعى الله تلك السرب ورعى الحمى * * * ولا صنعت سربا و أى صنائع
صليت بنار أضرمتها ثلاثة * * * غرام وشوق والديار الشواسع
يخيل لي أن العذيب وماءه * * * مدام ومن فرط الغرام الأجارع
فلا نار إلا ما فؤادى محله * * * وما السحر إلا ما الجفون تدافع
ولا وجد إلا ما أقاسيه في الهوى * * * ولا موت إلا ما إليه أسارع
فلو قيس ما قاسيته بجهنم * * * من الوجد كان بعض ما أنا جارع
جفونى بها نوح فطوفانها الدما * * * ونوحى رعد والزفير اللوامع
وجسمى به أيوب قد حل للبلا * * * وإن مسنى ضر فما أنا جازع
وما نار إبراهيم إلا كجمرة * * * من الجمرات قد حوتها الأضالع
نرى في بحر الصبابة يونس * * * تلقمه حوت الهوى وهو خاشع
وكم في فؤاد شعيب كآبة * * * تشعب إذا شطت مزارا مراتع
حكى زكريا وهن عظمى من الضنا * * * ايحى اصطباري وهو في الموت واقع
أيا يوسف الدنيا لفقدك في الحشا * * * من الحزن يعقوب فهل أنت راجع
أتينا تجار الذل نحو عزيزكم * * * وأرواحنا المزجاة تلك البضائع
فإن تكُ عطفا أنت أهل لأهله * * * أما أن يكن دون اللقا موانع
تحكم بما تهواه في فإننى * * * فقير لسلطان المحبة طائع
فكل الذي يقضيه في رضاكم * * * مرامى وفوق القصد ما أنت صانع
حببتك لا لي بل لأنك أهله * * * ومالي في شيء سواك مطامع
فَصِل وإن تُرِد ودع وعدا عن اللقا * * * واوعد وعد وعدا فما أنا قانع
وأشغلنى شغلى بها عن سوائها * * * وأذهلنى عن الهوى والجوامع
وقد فتكت روحى بقارعة الهوى * * * وأفنيت عن نحوى بما أنا قارع
تلذ لي الألام إذا أنت مسقمى * * * وإن تمتحنى فهى عندى صنائع
مقام الهوى عندى مقامى فكننته * * * وغيبت عن كوني فعشقى جامع
غرامى غرام لا يقاسى بغيره * * * ودون هيامى للمحبين مانع
فؤادى والتبريح للروح لازم * * * وسقمى والألام للجسم تابع
وبصري و أشجاني وشوقي ولوعتي * * * لجوهر ذاتي في الغرام طبائع
وشوقي نار والهوى فهو الهوى * * * وتربى والماء ذلتي والمدامع
يلوم الورى نفسى لفرط جنونها * * * وليس بأذنى للملامة سامع
ومذ أودعت أحشائي حبك إنني * * * لسهم قسي النائبات مواقع
ومالي إن حل البلا التفاتة * * * ومالي وإن جاء النعيم مراتع
ولاأنا من يسلو ببعض غرائب * * * عن بعض بل بالكل ما أنا قانع
وشوقي ما شوقي وقيت فإنه * * * جحيم له بين الضلوع فراقع
وبي كمد لو حملته جبالها * * * لدكت برضواها وهدت صوامع
يخيل لي أن السماء على الثرى * * * طباقا وأنى بين ذلك واقع
ولى كبد حراء من جزع بها * * * عليك ولم تبرد عليك مصالع
ونفسي نفس أى نفس أبيه * * * ترى الموت نصب العين وهى تسارع
فهمي وفهمي ذا عليك وفيك ذا * * * وجدى ووجدى زائد ومتابع
وعزمى زعمى أنه فوق كلها * * * تَرائى ودمعى إنما هو نافع
تسامر عين المدى لسهادها * * * وتسأل بل ما سال إلا المدامع
ويطرق منك الطيف جفني بغيبتى * * * وكم زاره طيف وما هو هاجع
يخبرني عنك الصبا وهو جاهل * * * فتلتذ من أخباركم المسامع
إذا أزمر من ورق على غصن بانه * * * وجاوب قمرى على الأيل ساجع
فأذنى لم تسمع سوى نغمة الهوى * * * ومنكم فإني لا من الطير سامع
وعن أى أمن كان إن هب ضائع * * * لكم فيه من عطر الغرام بضائع
وإن زجر الرعد الحجازي بالصفا * * * وابرق من شعب الجياد لوامع
يصور لي الوهم المخيل أن ذا * * * ثناك وهذا من ثناياك ساطع
فاسمع عنكم وكم أخرس ناطقا * * * وأشهدكم في كل شيء أطالع
إذا شاهدت عينى جمال ملاحة * * * فما نظرى إلا بعينك واقع
وما هز من غصن فتى تحت طلعة * * * من البدر أبدت ما خفتها الأضالع
ولا سلسلت أعناقها بغرامها * * * تصافيق جهد حطهن وقائع
ولا نقطت خال الملاحة بهجة * * * على وجنة إلا وحرقك طالع
فأنت الذي لي فيه يظهر حسنه * * * به لا بنفس ما له من ينازع
وإن حس جلدي من كثيف خشونة * * * فلي فيه من ألطاف حسنك دارع
تخذتك وجها والأنام بطانة * * * فأنجمهم غابت وشمسك طالع
فديني وإسلامي وتقواي إنني * * * بحبك فان لا تتمارك طائع
وإذا قيل قل لا قلت غير جمالها * * * وإن قيل إلا قلت حسنك شائع
أصلى إذا صلى الأنام وإنما* * * صلاتي بأني لاعتزازك خاضع
أكبر في التحريم ذاك عن السوى * * * و باسمك تسبيحي إذ أنا خاشع
أقوم أصلى أي أقوم على الوفا * * * بأنك فرد واحد الحسن جامع
وأقرأ في قرآن حسنك آية * * * فذلك قرآني إذا أنا راكع
فاسجد كي أفنى وأفنى عن الفنا * * * وأسجد أخرى والمتيم و الع
وقلبي مذ أبقاه حسنك عنده * * * تحياته منكم إليكم تسارع
صيامي هو الإمساك عن رؤية السوي * * * وفطري أنى نحو وجهك راكع
وبذلي نفسي في هواك صبابة * * * زكاة جمال منك في القلب ساطع
أرى مزج قلبي مع وجودي جنابة * * * فماء طهورى أنت والغير مائع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى