فنون و آداب

قصائد لابن الفارض في مدح الرسول(ص)

سمر سدر

قصائد لابن الفارض في مدح الرسول(ص)

سمر سدر

يعدّ ابن الفارض واحدًا من الشعراء الذين أرسوا قواعد الشعر الصوفي، إذ حقق مكانة أدبية وصوفية مميزة، فكان شعره نموذجًا جليًا للتعبير عن العشق الإلهي والزهد في الحياة الدنيا، كما وردت بعض الأشعار له في مدح الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- وآل بيته.

في هذا المقال أوردنا لكم أمثلة عليها، إلى جانب مجموعة من النماذج الشعرية الأخرى.

 

قصيدة زدني بفرط الحب فيك

زِدْني بفَرْطِ الحُبّ فيك تَحَيّرا

وارْحَمْ حشىً بلَظَى هواكَ تسعّرا

وإذا سألُتكَ أن أراكَ حقيقةً

فاسمَحْ ولا تجعلْ جوابي لن تَرى

يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبّهمْ

صَبراً فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا

إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ

صَبّاً فحقّك أن تَموتَ وتُعذرا

قُل لِلّذِينَ تقدَّموا قَبلي ومَن

بَعدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى

عني خذوا وبي اقْتدوا وليَ اسمعوا

وتحدّثوا بصَبابتي بَينَ الوَرى

ولقد خَلَوْتُ مع الحَبيب وبَيْنَنَا

سِرٌّ أرَقّ منَ النسيمِ إذا سرى

وأباحَ طَرْفِي نَظْرْةً أمّلْتُها

فَغَدَوْتُ معروفاً وكُنْتُ مُنَكَّرا

فَدُهِشْتُ بينَ جمالِهِ وجَلالِهِ

وغدا لسانُ الحال عنّي مُخْبِرا

فأَدِرْ لِحَاظَكَ في محاسنِ وجْهه

تَلْقَى جميعَ الحُسْنِ فيه مُصَوَّرا

لو أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورةً

ورآهُ كان مُهَلِّلاً ومُكَبِّر.

 

قصيدة أنتم فروضي ونفلي

أنْتُم فُرُوضي ونَفلي

أنْتُم حَديثي وشُغْلي

يا قِبْلَتِي في صلاتي

إذا وَقَفْتُ أُصلّي

جَمالُكُمْ نَصْبُ عَيني

إليهِ وجّهْتُ كُلّي

وسِرّكُمْ في ضَميري

والقلبُ طُورُ التّجَلّي

آنسْتُ في الحَيّ ناراً

لَيْلاً فَبَشّرْتُ أهلي

قُلْتُ امْكُثُوا فَلَعَلّي

أجِدْ هُدايَ لَعَلّي

دَنَوْتُ مِنها فكانَتْ

نارُ المُكَلَّمِ قَبلي

نودِيتُ مِنها جِهاراً

رُدّوا لَياليَ وَصلي

حتى إذا ما تَدَانَى ال

ميقَاتُ في جَمْعِ شملي

صارَتْ جِباليَ دكاً

منْ هَيْبَةِ المُتَجَلّي

ولاحَ سرٌ خَفيٌ

يَدْريهِ مَنْ كَانَ مِثْلي

وصِرْتُ مُوسَى زَمَاني

مذ صارَ بَعْضِيَ علّي

فالموتُ فيهِ حياتي

وفي حَياتيَ قَتلي

أنا الفقيرُ المُعَنّى

رِقُوا لِحَالي وذُلّي.

 

القطعة الشعرية أهوى قمرًا

أَهْوَى قَمَراً له المعاني رِقُ

منْ صُبْحِ جَبيِنِه أَضاءَ الشرقُ

تدري باللِه ما يقولُ البرقُ

ما بينَ ثَنَايَاهُ وبَيْنِي فرقُ.

 

 

 

 

من الأشعار الصوفية التي نظمها ابن الفارض في الحب الإلهي ما يأتي ذكره:

 

قصيدة قلبي يُحدثني

قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي

روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ

لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي

لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي

ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ

في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف

فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني

يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ

يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي

ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ

عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي

منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ

فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي

والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي

لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ

سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ

واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى

جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ

لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها

عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ

وبما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ

ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ

إن لم يكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به

أَمَلي وَمَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تفي

فالمَطْلُ منكَ لدَيّ إنْ عزّ الوفا

يحلو كوَصَلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ

أهْفُو لأنفاسِ النّسِيمِ تَعِلّةً

ولوَجْه مَن نقَلَتْ شَذَاهُ تشوّفي

 

 ما بين معترك الأحداق

ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ

أنا القَتِيلُ بلا إثمٍ ولا حَرَجِ

ودّعتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ

عينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ

للَّهِ أجفانُ عَينٍ فيكَ ساهِرةٍ

شوقاً إليكَ وقلبٌ بالغَرامِ شَجِ

وأضلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها

من الجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ

وأدمُعٌ هَمَلَتْ لولا التنفّس مِن

نارِ الهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ

وحَبّذَا فيكَ أسْقامٌ خَفيتَ بها

عنّي تقومُ بها عند الهوى حُجَجي

أصبَحتُ فيكَ كما أمسيَتُ مكْتَئِباً

ولم أقُلْ جَزَعاً يا أزمَةُ انفَرجي

أهْفُو إلى كلّ قَلْبٍ بالغرام لهُ

شُغْلٌ وكُلِّ لسانٍ بالهوى لَهِجِ

وكُلِّ سَمعٍ عن اللاحي به صَمَمٌ

وكلِّ جَفنٍ إلى الإِغفاء لم يَعُجِ

لا كانَ وَجْدٌ بِه الآماقُ جامدةٌ

ولا غرامٌ به الأشواقُ لم تَهِجِ

عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ عنكَ تجدْ

أوفى محِبّ بما يُرضيكَ مُبْتَهجِ

وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَقٍ

لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ

مَن لي بإتلاف روحي في هوَى رَشَإٍ

حُلْوِ الشمائل بالأرواحِ مُمتَزِجِ

مَن ماتَ فيه غَراماً عاشَ مُرْتَقِياً

ما بينَ أهلِ الهوَى في أرفع الدّرَجِ.

___________________________________

*نقلًا عن موقع “بيت القصيد”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى