فنون و آداب

تطوُّر الفن الصوفيِّ على مرِّ العصور

إيمان مجدي _ آيات زينهم

تطوُّر الفن الصوفيِّ على مرِّ العصور

إيمان مجدي _ آيات زينهم

يرى البعض أن أول من وضع نظام الطرق الصوفية، الإيراني محمد أحمد الميهمي، والمعروف باسم أبي سعيد‏، فبنى حانة بجوار منزله للدراويش لتنتقل من إيران إلى المشرق العربي فظهرت الرفاعية والقادرية في العراق، والأحمدية والشاذلية في مصر ثم الدسوقية، وتعددت الطرق الصوفية من جديد وقديم لتصل بالآلاف.‏

انتشر التصوف في العالم الإسلامي بالقرن الثالث الهجري، ولكنه جاء بشكل فردي كرغبة في الزهد في الدنيا والبحث عما يقام به من أعمال للتقرب لله سبحانه وتعالى، وتربية النفس وكبت شهواتها ثم تطورت تلك الأشكال الفردية لتصبح طرقا منتشرة باسم الصوفية.

وهناك من انحرف عن ذلك المسار وبحث بطرق ووسائل جديدة غير شرعية فتداخلت فلسفتهم مع غيرها من الفلسفة الوثنية من الهندية والفارسية واليونانية المختلفة.

وهناك طرق وأنواع مختلفة من الفن الصوفي، وكل شيخ وله طريقته في حلقة التصوف الخاصة به والتابعين له، فهناك من يطول ويزيد في النوافل والصلاة فيقوم رواده مثله وهناك من يقيم الليل وآخر في التسابيح وقراءة القرآن وغيره بالصوم وهكذا وكل شيخ وطريقته الصوفية، وبالنهاية الغرض واحد وهو التقرب لله عز وجل بحالة روحية يخلقها كل فرد وشيخ له.

ولكن هناك تناقضات لدى الكثير من الناس، فمنهم من يرى أن التصوف طريق للتدين والتقرب لله تعالى بصورة صحيحة، وبالمقابل يراه آخرون أحد أبواب الإلحاد والخروج عن الشريعة بأفعال تسئ للدين الإسلامي.

فيما عرف عن بداية الفن الصوفي أنه بدأ بالمساجد عن طريق القصائد والأناشيد الادينية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وتواشيح وإبتهالات ثم تتطور لينتقل من المساجد لخارجها من حفلات وموالد وغيرها ويتردد عليه أنواع كثيرة من الناس الراغبين في رضا الله يطلبون قربه ومحبته وعفوه متمنين الموت شوقًا للقائه تاركين الدنيا وملذاتها.

“الفن الصوفي توصل الكلام عن عشق لله من خلال الموسيقى وكالكلمات فأنت تخاطب روح الناس ووجدانهم،  فالفن الصوفي يأثر ويسمع في قلب الناس اكثر من عقلهم” هكذا عبر “عبد الرحمن رشدي” أحد المنشدين الصوفيين الشباب عن الفن الصوفي.

أشكاله

وهناك باحثون قسموا الفن الصوفي لعدة أشكال، فالشكل الأول هو “الشعبي” والموجود بالموالد التي ينظمها الناس بالشوارع وهو عبارة عن قصائد مدح وأناشيد ومنها  “محمدنا هو سيدنا، نور على نور.. ” وغيرها من أناشيد مدح النبي صلى الله عليه وسلم.

والشكل الثاني هو المولوية المصرية الموجودة بالمسارح ومؤسس المولوية جلال الدين الرومي، أنما مؤسس المولوية المصرية عامر التوني الذي أكد أن المولوية المصرية فن من فنون الصوفية التي تدعو للتسامح والزهد في الدنيا والتقرب لله وتخلق حالة روحانية للإنسان تجعله يرتقي بروحه بعيدا عن شهوات الدنيا ومغرياتها مستخدمين أغاني التراث مع خلق الحان جديدة ومتطورة للهروب من الملل.

والشكل الثالث هو ما يعبر عنه الشباب اليوم من موسيقى وإنشاد ديني والكلمات واحدة لها علاقة بالعشق الالهي ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، مستخدمين آلآت موسيقية حديثة قريبة للشباب حتى يندمجوا معها دون التخلي عن أصل الإنشاد وكلماته والحالة الرحية التي يخلقها مع بداية الموسيقى وغناء المنشد وحتى النهاية، وذلك لأن الإنشاد الديني ييتطور مع تطور الزمن من استخدام موسيقى جديدة والحان مختلفة.

 

مشاهير الصوفية

من أشهر الصوفيين والذين تركوا علامة واضحة في هذا الفن وأثروا بالناس وتأثروا بهم  “سيد النقشبندي وياسين التهامي وأحمد التوني وأمين الدشناوي”، ومن أشهر أعمالهم “مولاي” لسيد النقشبندي “والله ما طلعت شمس ولا غربت” لياسين التهامي.

الموسيقى الصوفية في الدراما المصرية

تطور الفن الصوفي والموسيقى الصوفيه ليستخدمها ويستعين بها في الأعمال الدرامية والسينمائية، فستخدمت كموسيقى تصويرية لعدد من المسلسلات منها “السبع وصايا”، بجانب الاستعانة بها في السينما مثل فيلم “الفيل الازرق” والتي كانت  كل الموسيقى التصويرية الخاصة بالفيلم عبارة عن حاضرة.

ولا أحد يستطيع أن ينسى مسلسل “الخواجة عبد القادر” والذي أشاد به الجميع ومنهم عامر التوني مؤسس المولوية المصرية حين قال:” هو المسلسل الوحيد الذي تناول الفن الصوفي والصوفية بصورة ممتازة وصحيحة وفي سياق العمل الدرامي بخلاف غيره من المسلسلات الذى اظهر الموسيقى الصوفية والفن الصوفي بصورة سيئة وهادمة خاصة بالسحر وغيره”.

وأوضح التوني في تصريح خاص للوفد :”أنه لا يمانع من مشاركة المولوية في الدراما والسينما والأعمال الفنية بشرط توضيح السياق الدرامي والذي لا يسئ أو يتناولها بشكل خاطئ فنحن نريد بنائها ووصولها للناس بصورة صحيحة محببة لهم وليس العكس”.

_____________________

*نقلًا عن موقع جريدة ” الوفد ” المصرية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى